بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا هو مجلسنا التاسع عشر بحمد الله وفضله وتوفيقه في مجالس شرح متن جمع الجوامع للامام تاج الدين بن السبكي رحمة الله عليه وهذا المجلس يأتي بعد انقضاء مسائل الامر في المجلس السابق ومجلس الليلة بعون الله تعالى مجلس التي يتناول النهي تعريفا ومسائل وعلى موجز ما اورده المصنف رحمه الله في مسائل النهي الا ان اراده عقب الامر كما هي عادة الاصوليين تختزل كثيرا من القضايا والمسائل التي يقال فيها في النهي ما يقال في الامر على وجه مقابل له تماما وكثير من الاصوليين يوجز كثيرا مسائل النهي مقتصرا على قوله ان مسائل النهي تأتي على وزان مسائل الامن يعني بميزانها وعلى وفقها بقدر ما يفهم من التضاد الواقع بين الامر والنهي. عرف المصنف رحمه الله جعل النهي ابتداء ثم اورد مسائل معدودة منها مقتضى النهي ومعاني صيغة النهي المستخدمة بالنصوص الشرعية وذكر انواع النهي في دلالاته ثم ختم في مسألة اقتضاء النهي الفساد ومذاهب الاصوليين فيها والفقهاء. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا وللسامعين. النهي اقتضاء كف عن فعل لا بقول لا بقول كف وقضيته هذا تعريف النهي قال المصنف رحمه الله النهي اقتضاء كف عن فعل لا بقول كفا وكثير من الاصوليين يقتصر في التعريف على شطره الاول. اقتضاء الكف عن الفعل اقتضاء الكف عن الفعل يعني هو القول الذي يوجب او يقتضي في فهمه ودلالته يقتضي الكف عن الفعل وهذا انما يأتي في اللغة بصيغة يتقدمها اداة النهي فاذا قلت لشخص لا تفعل صار قولك هذا مقتضيا ها الكف عن الفعل. فاذا قلت له لا تسافر كان قولك هذا مقتضيا له الكفة عن السفر اذا قلت له لا تضحك اذا قلت له لا تفطر اذا قلت له لا تصم لا تصلي لا تتكلم لا تجلس هذا اذا تعريف النهي اقتضاء كف عن فعل والذي يقتضي الكف هنا ما هو الذي يقتضي الكف هنا ما هو صيغة اذا هو قول فالنهي قول وكل هذا بناء على ان النهي المراد ها هنا كما تقدم في الامر هو الامر اللفظي والنهي اللفظي وهذا التنبيه الذي اوردناه على قول المصنف رحمه الله تعالى هناك ابتداء في مسائل الامر لما ابتدأ بتعريف الامر وقال حقيقة في القول المخصوص واول مسائله التي اوردها قال القائلون بالنفس اختلفوا هل للامر صيغة تخصه الى اخر ما هنالك فهنا لا نتحدث عن النهي النفسي كما يقرره الماتوردية والاشاعرة لكن الامر الذي يتحدث عنه في النصوص الشرعية هو النهي اللفظي النهي الوارد في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. وهذه النواهي الواردة في الكتاب والسنة نواه لفظية يعني لها صيغة لفظية نحن نتعامل معها. هذا النهي تعريفه هو اقتضاء او هو القول المقتضي. اقتضي ماذا؟ يقتضي الكفة عن الفعل فلماذا ذيل المصنف رحمه الله التعريف بقوله لا بقول كفا لان قوله كف مع انه يقتضي الكف عن الفعل لكنه ليس نهيا مع ان قوله كف قول يقتضي الكف عن الفعل لكنه ليس نهيا. فلو اقتصر في التعريف على قوله اقتضاء الكف عن الفعل لدخل فيه قوله كف لكنه تقدم معكم في تعريف الامر ان صيغة كف واخواتها ها صيغة امر ليش؟ وهي تقتضي الكفة لان صيغتها لان لفظها لفظ امر. كف وكذلك اخواتها لما تقول دع وذر وحاذر واياك. هذه لفظها لفظ امر لكن معانيها لكن معانيها معاني نهي. فنحن على اي اساس نتعامل معها؟ على صيغتها ام على معناها على الصيغة واللفظ. فاذا كف هو سبق له ان اوردها هناك. في تعريف الامر وجعلها ضمن دلالة الامر بتعريفه الذي ساقه وهناك ابتداء لما قال رحمه الله وحده اقتضاء فعل غير كف مدلول عليه بغير كفة اقتضاء فعل غير كف. اما اقتضاء الكف فليس بامر. قال الا المدلول عليه بغير كف. هذا المستثنى في التعريف. فتبين ان عليه بكف داخل في الامر هناك. المدلول عليه بكف واخواتها وهي كثيرة. يعني مثلا الم ترى الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم هذا امر او نهي امر امر بماذا؟ امر بكف امر بكف الايدي. مثله ايضا قول الله سبحانه وتعالى ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم هذا امر بالانتهاء والانتهاء كف هذه اوامر صيغتها صيغة امر. المطلوب فيها الانكفاف عن الفعل. الصيغة صيغة امر والمعنى معنى نهي. فالى اي القسمين يصنف؟ يصنف في الامر اجراء له او اعتبارا له بصيغته. يقول عليه الصلاة والسلام كما في حديث مسلم كف اذاك عن الناس. قال كف فامر بالكف والكف انتهاء. الكف اقتضاء الكف واقتضاء الكف نهي لكن الصيغة صيغة امر بقوله كف اذاك عن الناس. الحديث ايضا او الاية في قوله سبحانه وتعالى يا ايها والذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه. الامر بالاجتناب امر لكن معناه الكف والترك وهكذا ستقول في كثير من النصوص الشرعية امسك عليك لسانك الامساك هو امر يعني الكلام الصيغة صيغة امر وذروا البيع ذر ودع واحذر واياك وقف هذه كلها يختصرها الاصوليون لما يقولون كف لا تظن ان المراد به لفظة كف وحدها او الكف لكن ما يندرج فيه من هذا الباب الذي يكون صيغته صيغة امر ومعناه معنى نهي فانه يصنف في الامر لا في النهي. فاحتاج الى الاحتراز عنه في التعريف فقال اقتضاء كف عن فعل ها لا بقول كف. لم يرد المصنف هنا علوا ولا استعلاء كما صنع في الامر. واورد هناك من يشترط العلو وحده ومن يشترط الاستعلاء وحده ومن يشترط الاثنين معا. اما هنا فسكت عنه ترجيحا منه الى ان نهي لا يشترط فيه العلو والاستعلاء مع ان بعض الاصوليين يصرح به. فيقول كثير منه في التعريف مثلا طلب الكف عن فعل على جهة الاستعلاء وبعضهم يورد هذا على ان غالب الاصوليين اذا جاء الى النهي لا يعرفه ويقتصر فيه على قوله النهي خلاف الامر. ولا يوجد تعريفا اصطلاحيا مصيرا منهم الى انه يفهم تعريفه ومسائله بكثير مما جاء في الامر فيختصرون حتى في التعريف. وبالتالي اذا فهمت ان النهي اقتضاء الكف عن الفعل ما صيغته لا تفعل كل لا ناهية يأتي بعدها فعل مضارع هي صيغة النهي. وهذا كثير جدا في القرآن وفي السنة. اعبدوا الله ولا تشركوا به لا تقربوا الزنا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل. ومثله ايضا في نصوص السنة كثير قوله الصلاة والسلام لا تحلفوا بالطواغي ولا بابائكم كما في مسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم من النساء الى اخره. كل هذا هو اه كما يقولون في النهي هي ام الصيغ. لا الناهية اذا سبقت الفعل المضارع. على ان النهي يمكن ان يستفاد بصيغ اخرى. منها ما مضى قبل قليل كف واخواتها هي ايضا يستفاد منها النهي عن الشيء. فلذلك يصح للفقيه اذا قال مثلا ان ان بعد النداء الثاني يوم الجمعة محرم يقول والدليل قوله تعالى وذروا البيع. كيف يقول الحرام والحرام دلالة نهي ثم يستدل باية في فيها صيغة امر انه سبق ان قلنا قبل قليل وان كانت صيغة امر لكن المعنى نهيا. المعنى نهي والكف. اذا هذه ايضا نوع من صيغ النهي كف واخواتها كف وذر ودع واحذر واترك وامثالها فانها ايضا مما يستفاد منها دلالة النهي. ايضا من صيغ النهي صريح النهي او التحريم ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. ان الله ينهاكم عن كذا عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم يعني في النكاح. فصريح التحريم صريح لفظ النهي ايظا مما يستفاد منه النهي في نصوص الشريعة. الوعيد ايظا على الفعل. قد لا تجد لا ناهي ولا تجد صريحا بالتحريم. ولا تجد لفظا صريحا بالنهي لكنك تجد وعيدا. ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انما يأكلون ففي بطونهم نارا وسيصلون سعيرا هذه صيغة تحريم وهي ايضا مستفادة من الوعيد المذكور في هذا النص الشرعي من شرب في انية الفضة فانما يجرجر في بطنه نار جهنم. هذا ايضا صيغة الوعيد التي يستفاد منها التحريم عند الفقهاء هذه وامثالها تجاوزها المصنف كما صنع في الامر فانه لم يورد هناك صيغ الامر على انها مما لا تحتاج الى تنصيص في كتب الاصول اذا فهمت المعنى الذي يستفاد منه الامر فان الصيغ يأتي بعضهم على التوسيع اتي في ذكر معانيها. لما انتهى من التعريف انتقل الى مقتضى دلالة النهي. نعم وقضيته الدوام ما لم يقيد بالمرة. وقيل مطلقا. وقضيته الظمير يعود الى ماذا؟ الى النهي اذا قضية النهي الدوام ايش يعني الاستمرار على ماذا على الترك على الامتناع على الكف. ايش يعني قضيته مقتضاه دلالته يعني؟ لأ دلالة النهي ليست دوام دلالة النهي طلب الترك لكن مقتضى طلب الترك في الامتثال يتحقق بالامتناع. طيب هل الامتناع في النهي يصدق او على الدوام يعني لما يقول الله عز وجل ولا تقتلوا النفس التي حرم الله وجئنا الى مكلف امتثل هذا النهي سنة من حياته وسنتين وثلاثة وخمس وعشر ثم قتل مرة واحدة في حياته. هل يصدق انهم امتثل النهي؟ الجواب لا. اذا ينخرب الامتثال في النهي بمرة. وهذا معنى قولهم قضيته الدوام يعني قضية النهي وقصد بقضيته مقتضى الامتثال الذي هو ملزوم الدلالة في النهي. مقتضاه ان العبد على مقام الامتثال على الدوام في البعد والترك عما تضمنه النهي. قال وقضيته الدوام ما لم يقيد بالمرة. ايش يعني ما لم يقيد بالمرة ايوا ما لم يقيد النهي بمرة فان مقتضاه المرة كأن يقول لك لا تسافر اليوم لا تصم غدا اذا نهيه عن السفر نهيه عن الصوم مقيد مقيد بمرة بصوم الغد وبسفر اليوم مثلا هذا التقييد اذا لحق بالنهي جعل مقتضى النهي ليس الدوام بل جعله مقيدا بالمرة الى هنا مفهوم لكن ما الذي تفهم من قوله بعد ذلك وقيل مطلقا يعني القول الاخر ان مقتضى النهي الدوام مطلقة. ايش يعني مطلقة؟ سواء قيد بالمرة او قيد كيف يفهم هذا اذا لم يقيد ففهمنا كيف يكون المقتضى الدوام لكن لو قيد بمرة لو قال لا تسافر اليوم لا تصم غدا كيف يكون مقتضاه الدوام مطلقا هو لا يقصد المعنى يقصد تحليل اللفظ وكيف وكيف يؤخذ منه المعنى. القول الثاني هذا يقول ان مقتضى النهي الدوام مطلقا القول الاول يقول مقتضى النهي حالتان مقتضى النهي مقتضيان ان كان مطلقا فمقتضاه الدوام وان كان مقيدا فمقتضاه التقييد. القول الثاني يقول لا النهي مقتضاه الدوام مطلقا. طيب واذا جاء التقييد يقول يصبح التقييد قرينة والا فمقتضى النهي شيء واحد. هو نوع من الخلاف في في تكييف المسألة وتصويرها شكلا. لكن النتيجة واحدة عند الجميع انه اذا قيد النهي بمرة فان الامتثال يكون بالمرة. لا تسافر اليوم لا تصم غدا. هذا مفهوم تماما. لكن ان لما يقوله الاول هذه القرينة في قوله اليوم وغدا هي التي صرفت النهي عن مقتضاه والا هو باق. والثاني قال لا القرينة هنا حددت للنهي مقتضى اخر غير الدوام. المؤدى واحد ان الامتثال فيه سيكون الانكفاف عن اليوم وصوم الغد عمليا لا خلاف انما الخلاف في تنزيل هذا النهي على مقتضاه هل هو الدوام؟ او التقييم بعيدا عن هذا الخلاف الشكلي اللفظي في هذه المسألة المهم ها هنا ان تفهم ما يعنيه الاصوليون بقولهم ان النهي اقوى من الامر واحد معانيه هذه الجملة. النهي عندهم اقوى من الامر. حتى سيأتيك في باب التعارض والترجيح لاحقا ان شاء الله ان احد وجوه الترجيح عندهم اذا تعارض امر ونهي يقدم الحاضر. يقدم التحريم يقدم النهي فيعتبرون انه اقوى في الدلالة ووجه القوة ان مقتضاه الدوام. وان مقتضاه الفوري ومقتضاه التكرار بخلاف الامر وقد تقدم معك. فانه اذا اطلق فالراجح عند كثير من المحققين عدم التكرار عدم الفور ودلالة الامر تتناول ايجاد الفعل وطلبه بغض النظر بخلاف النهي. ناهيك عن ان الامتثال في الامر يصدق بمرة والامتثال في النهي لا يصدق الا بالدوام. وانخرام الامتثال يحصل في النهي بمرة بخلاف الامر. هذا وجه من وجوه تقوية النهي على الامر عند الاصوليين والفقهاء في تطبيقات كثيرة ينظر بعضهم في مثل هذه النصوص ويرى ان النهي في دلالته اقوى من هذه كيفية