بسم الله الرحمن الرحيم. احمد الله تعالى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. واصلي واسلم على الهادي البشير والسراج المنير سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله. وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. وبعد فهذا بفضل الله وتوفيقه هو مجلسنا العشرون. الذي لا يزال يتتابع معنا بحمد الله تعالى في شرح متن جمع الجوامع في اصول الفقه للامام تاج الدين السبكي رحمة الله عليه. ودرس الليلة بعون الله في باب جديد ودلالة جديدة من دلالات الالفاظ التي لها صلة وثيقة في ما يهتم به الاصولي والفقيه وهي دلالة العام. وقبل ان نبتدأ في كلام المصنف رحمه الله تعالى بدءا بتعريف وما يلعب تعلق به من مسائل ينبغي ان نفهم جيدا ان الحديث عن دلالة العام اكتسب اهميته في الفقه والاصول لامور عدة. اهمها ان صيغة العام ولفظه واسلوبه الذي به العرب دارج في اللغة ولا تخلو منها الجمل. فاذا هو اسلوب وصيغة ذات انتشار عريض في اساليب العرب وكلامها والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هي من هذا الباب الذي جرى على طريقة العرب واساليبها في الاستعمال. فاذا النصوص الشريعة مليئة للغاية. بهذه الصيغة وهي صيغة العموم فالعناية بهذا الباب في اللغة والالمام به وحسن فهمه والتعامل معه هو في الحقيقة تكن بصلب اللغة وعموم ما يجري في الفاظها ففهمه وادراكه وفقه ما يتعلق به من مسائل هو الحقيقة ركب او ركوب على متن الشريعة في الفاظها. واستمساك بباب كبير من ابواب الالفاظ التي تستخدم في نصوص الشريعة وتأتي في عباراتها. وسبب اخر يا كرام او اه منطلق اخر وهو عن ارتباط هذه الصيغة ودلالاتها اعني العموم والخصوص وما يتعلق بها ارتباطها الارتباط الوثيق بما سبق ان فرغنا منه في المجالس السابقة وهو الحديث عن دلالة الامر والنهي. ووجه الارتباط ان الامر والنهي لما انا لما كان قاعدة التكليف لان التكليف امر او نهي. كان العموم والخصوص متعلق الامر والنهي يعني اذا فهمت ان صلب الشريعة في التكليف في النصوص الشرعية قائم على الامر والنهي فادركت عندئذ اهمية العناية بفهم الامر والنهي. لانك اذا فهمت الامر وفهمت النهي وادركت الدلالة متعلقة بكل واحد منهما عند الاطلاق وعند التقيد بالقرائن وعند احتفافه بما يؤثر على دلالته في السياق. فكان نوعا من الادراك المهم لاصل التكليف وهو الامر والنهي. اقول اذا فهمت هذا فافهم انه لا يتم لك فهم الامر والنهي لاستنباط الحكم الا اذا فهمت متعلق الامر والنهي. اقصد ان قوله تعالى مثلا اقيموا الصلاة قوله ولا تقربوا الزنا ونحو ذلك هذا امر وهذا نهي. انت تعلمت ان الامر له دلالة وانه قد تتأثر دلالته هل هي للوجوب ام للاستحباب وهل يسبقه حظر ونحو هذا؟ هذا وحده غير كاف في استنباط الحكم. لان متعلق هذا الوجوب في قوله اقيموا ما هو هو الصلاة وهذه صيغة عموم. قوله تعالى ولا تقربوا الزنا. لا تقربوا هذا نهي. ودرست وتعلمت انت في دلالته وما يتعلق به وما يؤثر على معناه هذا لا يتم لك به استنباط الحكم وحده حتى تفهم متعلق النهي بماذا تعلق النهي هنا بقوله الزنا. وهذا ايضا صيغة عموم. فمثل ذلك تجد ان العموم بالفاظه صيغه يأتي متعلق الامر والنهي. فاذا كان الامر والنهي قوام التكليف. واساسه فان متعلقه العموم ففهمه هو تتمة لادراك مقتضى التكليف. ولا يتم استنباط الاحكام من النصوص الشرعية الا باحسان فهم هذا الباب في اصول الفقه. من اجل ذلك ايها الاخوة الكرام صارت عناية الاصوليين فائقة بهذا الباب من علم اصول اعني باب العموم والخصوص. وافردوا له الفصول والابواب المتسعة في المدونات والمصنفات الاصولية. وخصوه كثير من الاطالة في بحث مسائله وذكر قضاياه والتفنن في ذكر فروعه التي في هذا الباب بدءا من تعريفه ومرورا بدلالاته صيغه دخول التخصيص عليه وكل مسألة يقع فيها الخلاف يفيضون الحديث عنه. ادراكا منهم لاهمية هذا الباب. ولانه لا تخلو منه النصوص الشرعية. ولو استعرظت ايات القرآن مثلا لوجدت انه لا تكاد تخلو اية من صيغة عموم. ولان العموم نسبي فهو عام من جهة خاص من جهة. فالعموم الخصوص اذا متواردان في كل النصوص. وخذ مثالا بسورة الفاتحة الحمد لله رب العالمين. هذه فيها اكثر من صيغة عموم في هذه الاية وحدها وحدها قولك الحمد سيأتيك في صيغته يعني تقصد كل الحمد بصوره واشكاله ما ظهر وما بطن ما عظم وما دق وجل كل ذلك داخل في الحمد. قولك رب العالمين فالله رب كل العوالم. صيغة الاظافة تقتضي العموم والعالمين ايضا صيغة تقتضي العموم والاستغراق. هذه في اية واحدة. فاذا انتدت في استعراض الايات وتتبعت لالفيت ذلك كثيرا جدا في كل النصوص الشرعية ايات واحاديث نبوية. فلما كانت هذه الصيغة عامة منتشرة كثيرة الورود في نصوص الكتاب والسنة خصها الفقهاء والاصوليون بمزيد بحث وعناية واهتمام. فلا جرم ان طالب العلم في دراسة الاصول وقتا كافيا في هذا الباب على وجه الخصوص. اعني العام والخاص. بل ان الاصوليين بلغت عنايتهم بهذا الباب ان يفردوه بمصنفات مستقلة. وجعلوا مسائله مبحوثة باسهام واطناب واستطراد شيء من التوسع في بحث قظاياه لعظيم ما يتعلق به من مسائل وكثرة ما يتفرع عنه ايظا من جزئيات وفرعيات فافردوا له الكتب المصنفة. صنف القرفي رحمه الله العقد المنظوم في الخصوص والعموم صنف الحافظ العلائي رحمه الله تلقيح الفهوم في صيغ العموم. هذا فضلا عن الابواب الواسعة التي يصنفونها يقصونها داخل كتب الاصول متونا وشروحا وحواشي. هذا اذا وقوف على اهمية هذا الباب فهو متعلق الامر والنهي ولا يتم استنباط الاحكام من النصوص الشرعية الا بالادراك الجيد الكافي الواعي بدلالة مثل هذا النوع من الصيغ في الالفاظ نصوص الشرعية وهو العموم والخصوص. فهذا مدخل لما نحن بصدده والعام والخاص هو كعنق الزجاجة بالنسبة صوص لا تكاد تمر اية او حديث الا من خلاله. ولا تخلو اية او حديث من صيغة عموم او خصوص. فاذا هو مهم وادراكك آآ له ووقوفك عليه هو الحقيقة اشراف على ما لا يخلو من النصوص الشرعية منه صيغة او لفظ باطلاق عندئذ سنشرع بعون الله عز وجل في كلام المصنف مبتدئين في هذا المجلس بتعريفه والمسائل المتعلقة به ويبقى للصيغ والكلام عنها مجلس ات لاحقا ان شاء الله تعالى. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا وللسامعين العام لفظ يستغرق الصالح له من غير الصالح له. العام لفظ يستغرق الصالح من الصالح له من غير حصر طيب ابتدأ رحمه الله بتعريف العام والعام لغة العام لغة هو اسم فاعل من اللفظ عما وعم الشيء بمعنى شمله وانتشر فيه. فالعموم هو الشمول هو الانتشار. وعما اسم فاعل واصله عامم. وهو بهذه الطريقة صيغة عموم. عفوا يدل على انه مأخوذ من الفعل عما اسم فاعل واصله عام ادغمت الميم في الميم. والفعل عم ياتي بمعنى انتشر وشمل. يقول فارس العام الذي يأتي على الجملة لا يغادر منها شيئا العام الذي يأتي على الجملة لا يغادر منها شيئا. يقول الخليل ابن احمد الفراهيدي ايضا عم الشيء بالناس يعم عما فهو عام. قال اذا بلغ المواضع كلها. فاذا هذا رجوع الى اصل اللفظ في وانه يدل على الشيوع والانتشار الذي يبلغ كل مبلغ. من هذا اللفظ في معناه اللغوي في الاصل جاء معنى الاصطلاحي لهذا اللفظ. فلما يقول الاصوليون والفقهاء لفظ عام يريدون مي لفظ يتناول كل الافراد الصالحة لدخولها في هذا اللفظ. اعلم رعاك الله ان الالفاظ كما يقولون قوالب المعاني فاللفظ قالب ومحتواه وما في داخله هو المعنى. فانت تقول جبل هذا لفظ وداخل هذا اللفظ من المعنى ما يطلق عليه اسم جبل. وكذلك الشأن في كتاب وسماء ونجم ورجل وطفل لاحظ معي كلما قلت لفظة من هذه تبادر الى ذهن السامع معنى ان قدح عنده وتصوره وذهنه هذا اللفظ مرتبط بالمعنى فلا لفظ الا بمعنى. ولا يستعمل المتكلم في لغة العرب ولا غيرها من اللغات لا يستخدم كلاما الا بالفاظ ذات ذات معان لها دلالاتها. اللفظ اذا مرتبط بالمعنى اللفظ هو الحروف التي تتكون منها الكلمة. والمعنى هو ما في داخل هذا اللفظ من المعاني التي جيء باللفظ للتعبير عنها. بعض هذه الالفاظ شائع منتشر يتناول افرادا كثيرين. لما يقول الله جل جلاله ان الانسان في خسر. اي انسان هو المقصود في الاية؟ كل انسان لاحظ معي انتم تقولون كل انسان. اذا قوله سبحانه وتعالى ان الانسان هو بمعنى الانسان المسلم. والانسان الكافر والانسان والانسان المرأة والانسان العربي والانسان الاعجمي والانسان والانسان والانسان وستعدد ما شاء الله من صور وانواع وافراد هذا الانسان. كل هذه الافراد المتسعة على انتشارها وتعددها كلها انطوت ودخلت تحت لفظة الانسان هذا معنى العموم فاضحى هذا اللفظ الانسان عاما بمعنى انه تناول من الافراد تناول من الافراد كل ما يشمله لفظة الانسان. وتحته من الافراد في معنى الانسان ما لا حصر له. وهذا مقصودهم بلفظ العام. العام اذا كل لفظ يتناول جميع الافراد الصالحة. اي صلاحية يقصد التي يصلح اللفظ لتناولها. التي يصلح اللفظ لتناولها. ماذا قال المصنف هنا؟ قال العام لفظ يستغرق الصالح له. ايش يعني يستغرق الصالح له؟ ما يصلح لدخوله تحت اللفظ. فالانسان في قولك ان الانسان لن يتناول البهيمة. لان اللفظ لا يصلح لها. ولم يتنامل تناول الجمادات لان لفظ لا يصلح لها والعجماوات نحو ذلك. فالانسان لفظ يصلح لجملة افراد كل ما يطلق عليه لفظ انسان يدخل في الاية ان الانسان لفي خسر وهكذا. فهذا اذا لفظ يستغرق جميع ما يصلح له من الذي يصلح له اين الفاعل؟ قال لفظ يستغرق الصالح له. من هو الذي يستغرق؟ اللفظ. اللفظ الذي يستغرق كل ما يصلح له يعني كل ما يطلق عليه هذا اللفظ ليخرج ما لا يستغرقه اللفظ ولا يصلح لتناوله اضاف قيدا فقال من غير حصر. اضافة هذا القيد من غير حصر لاخراج تلك الالفاظ التي تتناول افرادا كثيرين مهما بلغت الكثرة الا انها مقيدة بحد ومحصورة بعدد فانها لا تدخل تحت مصطلح العام. اذا ليس مصطلح العام ولفظ العام فقط يراد به الكثرة في انما هي كثرة مشروطة بعدم الحصر. فلو حصرت ولو بالف او مائة الف او والف الف اذا صار لهذا اللفظ افراد محصورة بعدد لم يعد عاما. وهذا هو اسماء الاعداد العشرة والمئة والالف والمئة الف ونحوها ومضاعفاتها فانها تتناول افرادا قال الله فارسلناه الى مئة الف او يزيدون. مئة الف هذا لفظ كثير ويستغرق افرادا كثيرين. لفظ يستغرق افرادا كثيرين ويتناولوا في في عمومه وشموله عددا كبيرا جدا. لكنه لا يدخل في مصطلح العام لانه قصور بينما يصبح العام عاما اذا تناول عددا كبيرا ولو لم يبلغ مئة الف بشرط الا يحصى فلو قلت مثلا هؤلاء مسلمو البلد او المسلمون في هذا البلد فالمسلمون احصيناهم فما وجدناهم يبلغون الفا فضلا عن عشرة الاف ومئة الف فهذا لفظ عام لانه تناول بلا حصر كون ما يصدق عليه اللفظ في النهاية انتهى الى عدد لكن انه لا يمنع غيره اذا جاء. اذا هو صالح للتناول ممتد بلا انتهاء. ومن هنا اصبح عاما. فقولوا من غير حصر اخرج العدد هذا التعريف يا اخوة هو مستقى من تعريفات كثيرة للاصوليين وهم يخوضون كثيرا في تعريف العام ويناقشون حدوده ومحترازاته ولهم فيها نقاش طويل. ولفظ ما اللفظ الذي يستغرق الصالح له مأخوذ من تعريف بالحسين البصري قديما ثم عدل عليه الكثير من الاصوليين ممن جاء بعده كاب المعالي والغزالي والرازي وصار فيه تعديلات كثيرة اهم القيود عندهم في تعريف العام ربما كانت ثلاثة اشياء. الاول الشمول والاستغراق حتى لا يكون محصورا. الثاني ما تقدم الان الا يكون هذا الشمول محصورا بعدد بل يكون مفتوحا بلا تقييد. والقيد الثالث ان يكون هذا التناول على سبيل الشمول دفعة واحدة. بمعنى ان اللفظ عندما يصلح لتناول الافراد الكثيرين التي تندرج تحت هذا اللفظ فان الافراد والانواع التي تدخل تحت هذا اللفظ تدخل دفعة ان الانسان بمجرد لفظة الانسان دخل فيه كل افراده لا يدخل تلك الالفاظ التي تتناول الافراد على سبيل البدل. كالمطلق سيأتيكم. او تلك الالفاظ التي تتناول على سبيل الترادف والتعاقب فلو قلت لك اعطي الصغير والكبير والمتعلم والجاهلة والرجل والمرأة انا شملت الجميع ولكن ليس بلفظ واحد فحتى ادخل الجميع بلفظ واحد يشترط في التناول في هذا اللفظ ان يكون لفظا واحدا يتناول الجميع دفعة واحدة فهذه قيود العام وهذا اهمها ولن نطيل عندها لك في ان تعرف ان قوله لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر ها هنا ثلاث تنبيهات ايضا على هذا التعريف الاول قوله لفظ يستغرق لما صدر تعريف العام وصيغة بانه لفظ خرج بك عن الاشكال المتقدم سابقا في الامر والنهي. لما يعرفون صيغة الامر والنهي بانه معنى فيقولون ما يدل على كذا او ما يقتضي ولا يرتضون هناك تعريفه باللفظ يقول ما اقتضى الفعل كونه ما هناك اشارة الى مأخذ عقدي تقدمت الاشارة اليه ان الكلام النفسي عند من يقول به ويثبت هم الاشاعرة يجعلون الصيغة التي يقوم معناها في النفس عندهم هي صيغة فحتى يدخلونها ليست لفظا اذا كانت معنى داخل النفس. فيقولون ذلك في الامر والنهي لكنهم يصرحون هنا في العام كما ترى فيقولون لفظ فيصرحون بان العام لن يكون الا لفظا. طيب وهل المعنى يكون عاما؟ فيه خلاف سيأتي بعد قليل. كونه حل خلاف وتصريح المصنف هنا بقوله لفظ يستغرق يشير مباشرة الى ترجيحه في المسألة وان العموم من صفات الالفاظ لا من صفات المعاني والخلاف ات بعد قليل. التنبيه الثاني في قوله يستغرق الصالح له. قلنا ما معنى الصالح له ما يصلح لدخوله تحت اللفظ. هذا قيد في التعريف لكنه ليس للاحتراز. يعني هل يمكن ان تقول انه للاحتراز عن ذلك اللفظ الذي لا يستغرق ما يصلح له لا ليس هناك لفظ يستغرق ما لا يصلح له. فهذا قيد كما يقولون لبيان الماهية لا يعني سقطوا للتوضيح وليس قيدا يخرج افرادا لا يمكن دخولها في التعريف. اخيرا قوله رحمه الله لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر وقد تقدمت الاشارة ان قوله من غير حصر ليخرج اسماء الاعداد ومن يرى ان العام يتناول الالفاظ والمعاني لن يصدر التعريف بقوله لفظ فماذا سيقول؟ يقول قل ما تناول او يقول امر شامل ونحو هذا. وهذا موجود عند ارباب المعاني او يقولون ان العموم يدخل في كما يدخل في الالفاظ تجدهم لا يعرفون العام بقوله لفظ. ومن اولئك مثلا القاضي ابو بكر فانه آآ وقف عند هذا ويقول كيف تقول العموم من صفات الالفاظ؟ يقول والكلام في النفس وليس في النفس الا المعنى كالامر والنهي تماما. فاذا حصرت الوصف العمومي بالالفاظ اخرجت المعاني وحقيقة الكلام كما هو مقتضى عقيدتهم ليس الا معنى قائما في النفس ومثل هذا قدمت الاشارة اليه