بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي الى رضوانه صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم الدين اما بعد فهذا هو مجلسنا الثالث والعشرون بفضل الله تعالى ومنته وتوفيقه في سلسلة دروس شرح متن جمع الجوامع للامام تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى حديثنا توقف بنا في ليلة الاسبوع المنصرم عند بداية التخصيص. وحتى يكون كلامنا اللاحق متصلا بالسابق فاننا منذ ليال بدأنا الحديث عن العموم وصيغه وبعض مسائله المهمة عندها وقف الحديث عن التخصيص لشدة تعلقه به سيظل حديثنا عن التخصيص في كلام المصلي فرحمه الله ممتدا الى درسين وربما ثلاثة او اربعة او اكثر الحديث عن التخصيص سيتناول بعد تعريفه مسائل متعلقة به ثم الشروع مباشرة في المخصصات بنوعيها المتصل والمنفصل وتحت كل من النوعين ذكر صور للتخصيص المتصل واخرى للمنفصل معرفة صور التخصيص تتناول مسائله وبعض الخلاف الواقع في تلك الصور الحديث عن التخصيص والمخصصات طويل ممتد لانه شديد الصلة بالعموم واذا كنت لا تزال متذكرا ما قدمنا به الحديث عن اهمية مبحث العموم في اصول الفقه وانه من الاهمية بما كان بحيث لا تخلو منه نصوص الشريعة اولا وبحيث انه متعلق الامر والنهي الذي هو مدار التكليف ثانيا ومن حيث انه لا يزال بين يدي الدارس وطالب العلم والمتفقه والناظر في الادلة الشرعية لا يزال مواضع عموم امامه في كل نص يقف فيه فشدة الاهتمام بالعموم تتناول التخصيص لانه جزء منه. كيف هذا كل ما تقدم في الحديث عن اهمية العناية بالعموم وتتبع صيغه والانتباه الى مراتبه وما تقدم من الخلاف فيه لا ينفك عن المخصصات والتخصيص لما لانه ما من عام الا وقد خص كما يقولون وبالتالي في ظل التخصيص المرتبط بالعموم جزءا منه لا ينفك فمن اعتنى بالعموم كان عنايته بالخصوص تخصيص مكملا لذلك فاذا قررنا ان صيغ العموم يغلب عليها في النصوص الشرعية ويكثر فيها التخصيص تبين لك اهمية العناية هذه العبارة التي يقول فيها الاصوليون او كثير منهم ما من عام الا وقد خص تلد هكذا في كثير من كتب الاصول اشارة الى انه لا تكاد تجد نصا من نصوص الشريعة فيها صيغة عامة الا ودخلها التخصيص فيقولون في التعبير عن هذا المعنى ما من عام الا وقد خص ثم يزيدون هذا المعنى تقريرا في القاعدة فيقولون ما من عام الا وقد خص حتى هذه القاعدة بصيغته العامة هي مخصوصة ويدخلها استثناءات فيقولون ما من عام الا وقد خص حتى ان علم الدين العراقي رحمه الله وهو من تلامذة العز ابن عبد السلام والحافظ المنذر وهو شيخ لوالد المصنف الامام تقي الدين السبكي نقل عنه رحمه الله انه يقول كل عمومات القرآن يقول ليس في القرآن عام غير مخصوص يقول ليس في القرآن عام غير مخصوص الا خمسة مواضع ثم ذكر فقال الاول حرمت عليكم امهاتكم فيقول كل ام بالنسب او بالرضاعة فانها لا يستثنى منها شيء وذكر ثانيا قوله تعالى كل من عليها فان وكل نفس ذائقة الموت في وجوب الموت والفناء على كل نفس خلقها الله. انسانا كان او حيوانا وانه لا خلود ولا بقاء لمخلوق خلقه الله سبحانه. وثالثها والله بكل شيء عليم يعني ونحوها في ان علم الله عز وجل لا يستثنى منه شيء ورابعها نحو على كل شيء قدير ان قدرة الله عز وجل ايضا لا يستثنى منها شيء وانها تنال كل شيء. وخامسها وما من دابة في الارض الا على الله رزقها فيقول هذه الخمسة العمومات هي المحفوظة وما عداها فمخصوص زاد الشاطبي رحمه الله في ذكر هذا المعنى ان من العمومات التي بقية محفوظة في نحو قوله تعالى ولا تزر وازرة وزر اخرى ونحو قوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى هذا التقرير تعقبه مثل شيخ الاسلام رحمه الله ابن تيمية بانه لا يسلم على الاطلاق ولا يصح ان تقول ان عمومات القرآن يغلب عليها التخصيص او تقول ان ما من عموم الا وقد خص وان هذه الخمسة المواضع يلحق بها شبيهاتها كثير جدا في القرآن وشيخ الاسلام لما جاء ينتقد هذه القاعدة ويناقشها يقول تعالى وتصفح من اول القرآن فانت تجد في البداية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحمد صيغة عموم ولا شيء منها مستثنى بكل صوره قولا وفعلا قلبا وجوارحا لله عز وجل مستحق رب العالمين وهذه صيغة عموم كلمة رب اضيفت الى العالمين والعالمين ايضا هي صيغة اسم جمع محلى بالف الله رب العوالم كلها علويها وسفليها عجبيها وناطقها الى اخره. وهكذا ذلك الكتاب لا ريب فيه. فلا ريب باي صورة من صوره في كتاب الله عز وجل وامثلة هذا كثير تجدها في القرآن الكريم لو تصفحت وهكذا النصوص العامة يا ايها الناس اعبدوا ربكم يا ايها الناس اتقوا ربكم هذه النداءات العامة وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون لا يستثنى من هذا احد فالصواب اذا في هذا يعني حتى لا تكون العبارة تنحى منحى المبالغة ان تقول لا يصح ان تقول ما من عام الا وقد خص. لكن تقول من صيغ العموم يدخلها التخصيص. والكثرة فعلا غالبة. بمعنى انك يعني يتوجب عليك ويتعين عليك العناية بالتخصيص من حيث ان غالب العمومات يدخلها التخصيص فمن رام فهم العموم وضبطه وحسن ادراكه لا يستغني عن العناية بباب التخصيص بحال من الاحوال هذا المبحث الذي سنبدأ به الليلة بعون الله تعالى يبتدأ من تعريف التخصيص ثم ينتقل الى بعض مسائله ونشرع في المجلس المقبل ان شاء الله الحديث عن المخصصات نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا وللحاضرين التخصيص قصر العام على بعض افراده. ابتدأ المصنف رحمه الله بتعريف التخصيص فقال قصر العامي على بعض افراده التخصيص مصدر للفعل خصص يخصص تخصيصا وبعيدا عن الاصطلاح فالمعنى المقصود بالتخصيص هو ان يرد على اللفظ العام ما يخصصه بمعنى يضيق من عمومه ويحد منه فاذا ضيق العموم فكيف يضيق لن يكون لفظه متناولا لجميع افراده الم يمر بكم ان العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له فاذا دخل التخصيص اخرج بعض ما يصلح له اللفظ من اللفظ فاذا نظرت فاذا اللفظ لم يعد يتناول كل ما يصلح له بل نقص منه بعض افراده نقص واحد نقص اثنين نقص كثير النصف الاكثر هذا لا يعنينا الان الذي يعنينا ان اللفظ لم يعد متناولا لجميع ما يصلح له بل خص منه بعض افراده. لقول الله تعالى. ان الانسان لفي خسر تقدم معكم ان صيغة العموم هنا هي الانسان. هذا حكم من الله. ان الانسان بكل ما يتناوله اللفظ هذا من افراد محكوم عليه بالخسارة هذا عموم ثم خصص هذا العموم بقوله سبحانه الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر فالمتصف بهذه الاربع الصفات المذكورة في السورة اخرج من ذلك العموم فلا يحكم عليه بالخسران فالانسان جنس الانسان كله خاسر بنص القرآن وبقسم ربنا سبحانه الموصوف بهذه الصفات الاربعة سيخرج فاذا خرج لن يحكم عليه بالخسران. طيب وما بقي بعد هذا الفرد او الافراد التي خرجت ما بقي تحت العموم؟ ما حكمه يجري عليه حكم العموم ان الانسان لفي خسر. فمن لم يكن مؤمنا فهو داخل في الانسان الذي حكم عليه في خسر ومن كان مؤمنا ولم يعمل صالحا فكذلك هكذا كل من نقص عن هذه الصفات هذا معنى التخصيص وبالتالي اصبح لفظ الانسان هل بقي متناولا لجميع افراده؟ الجواب لا. ما الذي حصل؟ تظيقت دائرة الافراد التي يتناولها اللفظ هذا التضييق ولما يأتي اللفظ العام فيخرج بعض افراده عنه ولن يشملهم حكمه يسمى تخصيصا فالمصدر اذا للفعل خصص فمن الذي خصص العام الذي عممه اولا من الذي عمم العام اللفظ الشرعي اذا هو المتكلم فاذا كان القرآن فالله سبحانه وتعالى واذا كانت السنة فنبينا عليه الصلاة والسلام ولهذا يقول الاصوليون المخصص في الحقيقة هو الشارع والادلة نحن نسميها مخصصة مجازا هذا الدليل مخصص لذلك العمر. فهمت هذا اذا عرفوا التخصيص كما صنع هنا مصنف ماذا قال؟ قال قصر العام على بعض افراده وفهمت ان المعنى اجمالا بعيدا عن التطبيق منهج صناعة الحدود يراد به اخراج بعض افراد العام عن دلالة العام قصر العام على بعض افراده. طيب فاذا قصرنا العامة على بعض افراده ما شأن البعض الباقي خرج هيا ركز معي هل التخصيص اخراج بعض الافراد او حصر اللفظ في بعض افراده يعني ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا. الاستثناء هنا ماذا فعل اخرج بعض الافراد او ابقى دلالة الانسان على غير المستثنى طيب هذه مسألة خلافية هل التخصيص بيان او هو اخراج والاستثناء وحده في تعريفه في خلاف سيأتيكم لاحقا. هنا قال المصنف قصر اللفظ على بعض افراده بمعنى اننا ابقينا تحت دلالة العام بعض الافراد بسبب التخصيص. وخرجت بعض افراده الاخرى ابن الحاجب عرف التخصيص فقال قصر العام على بعض مسمياته لماذا عدل المصنف عن تعريف ابن الحاجب؟ واستبدل واستبدل مسمياته بافراده او بعض افراده ابن الحاجب يقول قصر العامي على بعض مسمياته من السبكي كغيره يرى ان العام من حيث هو لفظ ليس له مسميات له مسمى واحد افراده مسماها العموم وبالتالي فهو مسمى واحد وليس مسميات. هي افراد فالادق اذا ان تقول قصر العام على بعظ افراده وليس على بعظ مسمياته لان اللفظ العام ليس له مسميات له افراد تختلف حقائقها لكن مسماها واحد وهو تناول لفظ العام لها على كل اه قبل ابن الحاجب وقبل المصنف رحمه الله السمعاني قال تمييز بعض الجملة بالحكم. تمييز بعض الجملة بالحكم وينتقد التعريف من ناحية ان ليس كل تمييز لبعض الجملة يعتبر تخصيصا. بالاضافة الى انه قال بعض الجملة وقد يكون اللفظ العام مفردا وليس جملة فعلى كل كشأن تعريفات يدخلها شيء من التنقيح والتهذيب. لما جاء ابن الحاجب قال قصر العامي على بعض مسمياته قال السبكي قصر العام على بعض نعم والقابل له حكم ثبت لمتعدد. والقابل له لاي شيء للتخصيص اذا عن ماذا يريد ان يتكلم عن محل التخصيص. او ما الذي يدخله التخصيص ليش ما نقول العام وخلاص فاذا قلت لك التخصيص على اي شيء سيدخل؟ تقول على اللفظ العام هو عرف فقال قصر العام. الكلام ليس في تحديد مسمى اللفظ الذي يدخل عليه التخصيص لا الكلام على ما الذي يكون محلا صالحا لدخول التخصيص عليه؟ قال كل حكم ثبت لمتعدد فهو قابل التخصيص طيب هذا الحكم الذي ثبت لمتعدد قد يكون لفظا وقد يكون معنى قد افلح المؤمنون المؤمنون هذا عام اين عمومه جمع مذكر السالم المحلى بال وبالتالي فقد ذكر الله عز وجل وحكم بالفلاح لكل موصوف بالايمان لكل طيب بعدها قال الله سبحانه الذين هم في صلاتهم خاشعون هذا وصف اخص من وصف الايمان. فخصص المؤمنين المحكومين بالفلاح فليس كل مؤمن فالح. المؤمن الذي هو في صلاته خاشع اذا هذا اقل دائرة من الاول ليس كل مؤمن بل المؤمن الموصوف بهذا الوصف والذين هم عن اللغو معرضون كلما تعددت الصفات التي يوصف بها اللفظ العام كثرت التخصيصات. واذا كثرت التخصيصات تضيقت دائرة العموم ولا يستوي عام خصص بلفظ وعام خصص باثنين وثلاثة واربعة واكثر وهكذا ولذلك جاء في الايات في سورة المؤمنون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون ثم قال والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم مجموعة صفات ثم جاء الجزاء اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون فالمحكوم بهذا والموصوف بذلك والموعود بالجزاء ليس المؤمن بوصفه مؤمنا فحسب بل من استجمع هذه الصفات وهو اخص وصفا من الايمان دائرة منه كما ترى لم يتقدم بنا في كلام المصنف في الدرس الماظي ولا في هذا ولا في الاتي مسألة يذكرها بعض الاصوليون من باب التصور لاتمام التصور كامل العموم والخصوص وهي مسألة نسبية العموم والخصوص. وان كل عام هو عام باعتبار خاص باعتبار اخر. يعني قد افلح المؤمنون المؤمنون ها هنا عام. لانها تناولت كل مؤمن جميع المؤمنين. لكن هي بالنسبة للانسان خاص هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن فالمؤمن خاص بالنسبة للانسان عام بالنسبة لاهل الايمان فاذا جئت الى الانسان الانسان عام بالنسبة الى كل انسان من بني ادم خاص بالنسبة الى المكلفين الثقلين الجن والانس فالانسان خاص واذا جئت الى الثقلين المكلفين جنس التكليف الذي اتجه اليه الانس والجن هو عام يشمل الجن والانس منذ ان خلقهم الله الى قيام الساعة. لكن الثقلين ايضا باعتباره عاما من هذه الجهة هو خاص من جهة اخرى. باعتبار مخلوقات الله عز وجل ففيها انس وفيها جن وفيها نبات وشجر وحجر الى اخره. وبالتالي فكل عام تحته خاص وفوقه ما هو اعم منه فاذا نظرت اليه من اعلى باعتبار ما تحته وجدته عاما. واذا نظرت اليه من اسفل باعتبار ما فوقه وجدته خاصة فهذا معنى قولهم ان العموم والخصوص نسبي بمعنى انه ما من لفظ الا وهو عام باعتبار خاص باعتبار اخر ثم جلسوا يتناقشون في اعم العموم واخص الخصوص فمن قائل اعم العموم الموجود ومنهم من قال المعلوم ومنهم من قال لفظة شيء ولعل هذا ادق فلفظة شيء هي اعم العموم لانها تطلق حتى على الذات الالهية على الخالق والمخلوق وعلى الموجود والمعدوم وعلى المعلوم والمجهول. الكل يصلح ان يلفظ او يوصف بشيء ودليل ذلك قوله سبحانه قل اي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم. واخص الخصوص هو اسماء الاعلام فزيد ومحمد ومدينة كذا وبلدة كذا الى اخره اذا فهمت هذا فيأتي التخصيص الى اللفظ العام فيجعله اكثر تخصيصا وان كان خاصا باعتبار. قال رحمه الله والقابل له القابل تخصيص حكم ثبت لمتعدد قلنا سواء كان هذا الحكم لفظا او معنى. قد افلح المؤمنون هذا لفظ ثبت فلما دخله التخصيص وجد حكما قابلا له لانه ثابت لمتعدد عام وكذلك المفهوم وهو المقصود بالمعنى اذن حكم يثبت لمتعدد لا باللفظ بل بالمعنى وهي المفاهيم. تقدم بكم ان مثل قوله سبحانه وتعالى فلا تقل لهما اف مفهومه النهي عن جميع صور الايذاء للوالدين فالتأفف وما هو اعلى منه داخل طيب بالتالي فكل اذى يصيب الوالدين من تصرفات الاولاد فهي ممنوعة بهذا العموم فلا تقل لهما اف فشمل بعموم مفهومه وهو عموم معنوي. شمل بعمومه كل صور الايذاء اليس هذا حكما ثابتا لمتعدد وان لم يكن لفظا طالما هو حكم ثابت لمتعدد اذا هو قابل للتخصيص ولذلك يستثنى او يخصص منه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فلو امر الوالد ولده بالكفر بالشرك بالمعصية فلا طاعة ومتى امتنع الولد عن طاعة والديه في المعصية فحصل له ما تأذن بذلك فانه غير مشمول بهذا النهي اطلاقا فهذا نوع من التخصيص وهو حكم قد ثبت لمتعدد ليس باللفظ ولكن بالمعنى