بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على امام الانبياء وخاتم المرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد. فهذا هو المجلس التاسع والخمسون بعون الله تعالى. وآآ في في مجالس شرح متن جمع الجوامع للامام تاج الدين بن السبكي رحمة الله عليه. وهذا المجلس يأتي في كتاب الاجتهاد وهو الكتاب السابع اخر كتب هذا المتن. وقد تقدمت فيه مجالس وتبين لنا في المجلس السابق ان مسائل الاجتهاد والتقليد قد تمت في ذلك المجلس وبقيت المسألة التي سنصدر بها مجلس الليلة وما عداها من المسائل التابعة التي ساقها المصنف فليست من مسائل الاجتهاد والتقليد بل هي تتمة اوردها في جمل من مسائل الاعتقاد ساقها على غير مثال سبق في كتب الاصول لكن اوردها في خاتمة الكتاب. نعم بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. وعلى اله وصحبه ومن والاه. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والسامعين. قال الامام السكي رحمه الله تعالى مسألة اختلف في التقليد في اصول الدين وقيل النظر فيه حرام. وعن الاشعري لا يصح ايمان المقلد. وقال قشيري مكذوب عليه. والتحقيق ان كان اخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك او وهم فلا يكفي. وان كان جزما فيكفي خلافا لابي هاشم. نعم. بعدما فرغ المصنف رحمه الله من ذكر التقليد في مسائل الفروع في الفقه وذكر مسائله. ومر بكم الخلاف هل يجب على مستفتي او على المقلد النظر في الدليل ام تكفيه فتوى مفتيه؟ والراجح الثاني وساق ايضا هل يجب عليه تكرر السؤال اذا تكررت به الواقعة؟ وساق لكم ايضا قول التفصيل الذي رجحه ابو الحسين والرازي المصنف كذلك. لما فرغ من التقليد في الفقه ختم بهذه المسألة وهي التقليد في العقيدة في اصول الدين. هل يجوز التقليد في اصول العقائد ها هنا اقوال ساقها المصنف على ما جرت به العادة عند الاصوليين. وهذا القدر الذي قرأناه الان في صدر المسألة هو خاتمة مسائل الاجتهاد والتقليد وما عداه الى اخر المتن فخارج عن جملة عن العلم الاصول جملة وتفصيلا لك ان تقول تم الكلام على المتن في هذه المسألة ما حكم التقليد في اصول الدين؟ وان شئت ان تسوق المسألة بصيغة اخرى فتقول هل يصح ايمان المقلد ام يجب عليه النظر في الدليل لماذا يفرقون بين العقيدة والفقه بين اصول الدين وفروعه لان الفروع وهي الفقه يكتفى فيها بالظن ويجزئ فيها المكلف العمل بما غلب على ظنه. بخلاف العقائد فينبغي فيها الجزم وحقها اليقين وما كان مأخوذا بتقليد من غير نظر لن يكون يقينا فمن هنا جاءت المسألة هل يكتفى في المقلد في العامي في غير المجتهد هل يكتفى في اعتقاده الاكتفاء بما يسمعه من اهل العلم وما يستفتي فيه ويكون هذا في حقه صحيحا يجزئ فيه ايمانه والمسائل الواجبة عليه في المعتقد ام لابد عليه من النظر قال رحمه الله اختلف في التقليد في اصول الدين فاوجز الخلافة هنا في جملة ليذكر لك ان ها هنا قولين شهيرين في كتب الاصول الاول والذي عليه الكثير من الاصوليين والمتكلمين ان التقليد في اصول الدين حرام ولا يصح للمقلد ايمان بهذا التقليد ويجب عليه النظر في الدليل ولا يتحقق ايمان في قلب عبد بمجرد التقليد بل تقليده حرام وبالغ بعظهم فحكى فيه اجماعا. ولا يصح وهو حكاية الاجماع في هذه المسألة التي حكاها غير واحد مثلما قال الزركشي في البحر والمختار انه لا يجوز تقليد بل يجب تحصيلها يعني مسائل اصول الدين بالنظر الى ان قال وحكاه الاستاذ ابو اسحاق عن اجماع اهل العلم من اهل الحق وغيرهم من الطوائف وقال ابو الحسين ابن القطان لا نعلم خلافا في امتناع التقليد في التوحيد وحكاه ابن السمعاني عن جميع المتكلمين وطائفة من الفقهاء هذا القول ينصره الاصوليون ويذكرونه راجحا وعليه عامة الاصوليين كما جزم به الرازي ونسبه ايضا لبعض هذا القول المرجوح يتبناه كثير من الاصوليين على قاعدة المتكلمين. ان العقائد يقينية واليقيني لا يجوز بناء على ما يحصل الظن وهو التقليد. فلابد له من يقين بالنظر في الدليل اما القول الاخر الذي اشار فيه السبكي هنا الى الخلاف لما قال واختلف في التقليد في اصول الدين فهو القول بجواز التقليد والاكتفاء بالنسبة للعوام ومن لا يبلغون درجة العلم والنظر الاكتفاء بالتقليد في مسائل العقائد ويكتفى من احدهم ما يسمعه من شيوخه واهل العلم في زمنه في مسائل الاعتقاد فما قرروه وما سمعه منهم وما درسه على ايديهم كاف في تحصيل معتقده ولا يجب عليه النظر ولا الدليل فيه. هذا القول بالجواز منسوب للائمة الاربعة وهذا هو الاليق بهم لان الاربعة رحمهم الله ما ادركوا زمن تقعيد مسائل الكلام وهذه القضايا المفصلة التي جاءت بعدهم هم منها براء وان قال بها ونصرها جملة من اتباعهم في المذاهب الاربعة لكن الاربعة انفسهم ليس في كلام واحد منهم شيء من هذه الجمل ولا تقريره ولا ايجابه. وان حكيت بعض عبارات تنسب الى ابي حنيفة تارة والى الشافعي تارة. لكنه يظهر لك من الجمل واسلوبها وصياغتها انها ليست من كلامهم وربما ساقها بعضهم بالمعنى فنسبها اليهم ولا يصح ذلك عليهم اطلاقا. يقول شيخ الاسلام ابن تيمية اما في المسائل الاصولية فكثير من المتكلم يقصد المسائل في اصول الدين. اما في المسائل الاصولية فكثير من المتكلمة والفقهاء من اصحابنا وغيرهم من يوجب النظر والاستدلال على كل احد الى ان قال واما جمهور الامة فعلى خلاف ذلك. فانما وجب علمه انما يجب على من يقدر على تحصيله للعلم وكثير من الناس عاجز عن العلم بهذه الدقائق فكيف يكلف العلم بها ويقول السمعاني كذلك ايجاب معرفة الاصول على ما يقوله المتكلمون بعيد جدا عن الصواب. ماذا يقصد بالاصول اصول الدين العقائد الى ان قال ومتى اوجبنا ذلك فمتى يوجد في العوام من يعرف ذلك ويصدر عقيدته عنه كيف وهم يعني العوام لو عرضت عليهم الادلة لم يفهموها وانما غاية العامي ان يتلقى ما يريد ان يعتقده ويلقى به ربه من العلماء. ويتبعهم في ذلك ويقلدهم وهكذا ستجد في جملة من كلام اهل العلم على التحقيق ان القول بوجوب النظر والاستدلال على العوام فيما يقرره الاصوليون والمتأخرين منهم خاصة وينسبون ذلك الى قول جمهور العلماء بل وينسبونه حتى الى وبعضهم نسب ذلك الى المحدثين وانهم يفسقون من العوام من لا يبني عقيدته على نظر واستدلال يجعلونه داخلا في جملة اهل الايمان لكنه يفسق بذلك وهذا كله لا يقوله المحدثون. ولا يصح نسبته عن احد من الائمة على الاطلاق لما علمت من تقدمهم على احداث مثل هذه العبارات والكلام الذي ينسب اليهم لا يصح في شيء منه نسبته كذلك يقول السمعني ايضا في كلامه نحن لا ننكر من الدلائل العقلية بقدر ما ينال المسلم به رد الخاطر شوفوا يريد ان يحرر النظر الذي ننفيه ما هو؟ يعني يقول هل يجب على العامي النظر على العامي؟ هل يجب عليه النظر؟ يعني البحث في الادلة والاستقراء فاذا قلت لا ليس معنى هذا انك تريد من العامي ان يغلق عينيه واذنيه عن كل الدليل بكل درجاته. لكن ثمة تقدم من الدليل يتأتى للعامية تحصيله يقول رحمه الله ونحن لا ننكر من الدلائل العقلية بقدر ما ينال المسلم به رد الخاطر وانما المنكر ايجاب التوصل الى العقائد في الاصول بالطريق الذي اعتقدوا. وساموا به الخلق وزعموا ان من لم يفعل ذلك لم يعرف الله تعالى ثم ادى بهم ذلك الى تكفير العوام اجمع وهذا كلام صحيح يقول الحافظ العلائي كما نقله عنه الحافظ بن رجب رحمه الله في اخر فتح الباري يقول من لا اهلية له لفهم شيء من الادلة اصلا وحصل له اليقين التام بالمطلوب. كيف؟ ليس له اهلية للنظر وحصل له اليقين التام كيف مما تلقاه في زمنه وفي طلب العلم. يقول من لا اهلية له لفهم شيء من الادلة اصلا وحصل له اليقين التام بالمطلوب. اما بنشأته على ذلك. او لنور يقذفه الله في قلبه. فانه يكتفى منه يكتفي او يكفي منه ذلك. ومن فيه اهلية لفهم الادلة لم يكتف منه الا بالايمان عند لي. ومع ذلك دليل كل احد بحسبه ومن حصلت له شبهة وجب عليه التعلم الى ان تزول عنه الى ان قال اما من غلا فقال لا يكفي ايمان المقلد فلا يلتفت اليه. لما يلزم منه القول بعدم ايمان اكثر المسلم مين وكذا من غلا فقال لا يجوز النظر في الادلة. لما يلزم منه من ان اكابر السلف لم يكونوا من اهل النظر مر قبل قليل ما ذكره الزركشي عن الاستاذ ابي منصور في حكايته الاجماع. بل وحكى ايضا عنه الزركشي ونقل ايضا عنه ابي منصور انه ينسب الى اهل الحديث انهم لا يقولون بصحة ايمان المقلد وانه ان صح منه الايمان فانه يعد في عداد الفساق. لتركه واجبا وهو النظر في الدليل فان لقي الله مؤمنا بمجرد ما حصل من سماع اهل العلم واستقر في معتقده فهو مؤمن دخل في جملة اهل الايمان. لكنه فاسق لتركه واجبا نسب الاستاذ ابو منصور البغدادي هذا المذهب عن المحدثين. فشنع عليه الشوكاني رحمه الله لما قال فيا لله العجب من هذه المقالة التي تقشعر لها الجلود وترجف عند سماعها الافئدة. فانها جناية على جمهور هذه الامة المرحومة. وتكليف لهم بما ليس في وسعهم ولا يطيقونه وقد كفى الصحابة الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد ولا قاربوها الايمان الجملي ولم يكلفهم قال ولم يكلفهم الاجتهاد ولم يكلفهم الله تعالى ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اخر ما قال ان هذا لا يصح نسبته ولا عن المحدثين. اردت ان اقول ان ما ساقه المصنف رحمه الله تعالى هنا اراد به ذكر هذا الخلاف وان كان الاصوليون في الجملة ينصون على وجوب النظر وتحريم التقليد في اصول الدين قال رحمه الله تعالى مختصرا هذه القضية اختلف في التقليد في اصول الدين على مذهبين الجواز والتحريم جواز النظر او عدم جواز عدم ايجابه وايجابه فقولان متقابلا ايجاب النظر في الدليل والقول الاخر عدم الايجاب والاكتفاء بالتقرير ثم قال وقيل النظر فيه حرام هذا طرف اخر ايضا من المبالغة في المسألة والغلو فيها ان النظر في الادلة لطلب الاعتقاد حرام ويكتفى فيه بمجرد ما يقع في القلب فهذان قولان متقابلان ثم قال وعن الاشعري لا يصح ايمان المقلد وقال القشيري مكذوب عليه هذا من الغلو اشتراط النظر بصحة الايمان والقول ها هنا منسوب الى الامام بالحسن الاشعري انه لا يصح ايمان المقلد يعني متى مات العامي وعنده من العقيدة ما بناه على التقليد فهذا ايمان غير صحيح. طيب ماذا يلزم من هذا تكفير العوام في الامة لان ايمانهم مبني على غير نظر ولهذا تجد ان الزركشي كما قلت لك نسب الى ابي منصور قوله فلو اعتقد من غير معرفة بالدليل فقال اكثر الائمة انه مؤمن من اهل الشفاعة وان فسق بترك الاستدلال وبه قال ائمة الحديث هذا القول هو الايسر والاخف ثم قال وقال الاشعري وجمهور المعتزلة لا يكون مؤمنا حتى يخرج فيها من جملة مقلد هذا يلزم منه التكفير ولما يلزم من هذا القول من الشناعة رأيت هنا ان القشيري ينفي هذه المقالة عن ابي الحسن الاشعري لما يلزم منها من تكفير عوام المسلمين قال وهذا مكذوب عليه انتهى المصنف الى ما رجحه قائلا والتحقيق ان كان اخذا لقول الغير بغير حجة مع احتمال شك او وهم فلا يكفي وان كان جزما فيكفي اراد ان يتوسط المصنف ان الماء المعتقد الذي يحصله العامي يكفي فيه الجزم به ولو لم يحصله بالنظر يعني حتى لو حصله سماعا وتقليدا لاهل العلم لكن المطلوب ان تكون عقيدة مستقرة راسخة يجزم بها. لا ان تكون على الشك والتردد وعدم اليقين. قال يكتفى فيه بالجزم وان كان بغير حجة مع احتمال شك او وهم فلا يكفي. وبعض الشراح ما ارتضى هذا القول وقد تقدم معك ان الذي عليه جمهور اهل الاسلام من زمن الصحابة والتابعين فمن بعدهم عدم التأكيد على هذه المسائل بل ولا الحديث عنها بالله عليكم كم من في زمن التابعين فمن بعدهم ثم في زمن القرون الفاضلة ثم الذين يلونهم في صدر الاسلام. اين تجد من كلام الائمة انهم يأتون بالعوام ويلقنونهم ادلة النظر في العقائد ويعتبرون هذا من المهمات وينصبون له المجالس بل ما يقررونه في الخطب اجامع والجمع والمجالس الوعظية هو القدر الذي يكفي العوام ان يعرف من هو الله. ومن نبي الله صلى الله عليه وسلم واصول اعتقاد في اركان الدين ايمانا واسلاما واحسانا هذا القدر كافي يحصله العوام. الفلاح في مزرعته والصانع في مصنعه والطبيب في عيادته وكل في مجاله لكن يعرف حق الله عليه. هذا القدر هو الواجب. وهو الذي جاءت به الشريعة لتكون في متناول كل فئات البشر ولا تقتصروا على اهل العلم واهل النظر ومن يحصل الادلة ويناقش. على ان بعض الشراح ايضا وحكي هذا حتى عن كبار الائمة كالعضد عضد الدين الايجي وغيره ان المقصود بالنظر في هذا السياق الذي يترتب عليه تحصيل العلم عند العوام ليس المقصود به النظر في الدليل لكن النظر في خلق الله وايات الكون. فانه يحصل يقينا عند العوام. فاذا رأى السماء وافلاكها ونجومها ابراجها والارض جبالها وسهولها والبحر وماءه وعجائب خلق الله فيه. بل اذا نظر العبد العامي فضلا عن المتعلم في نفسه وعجائب خلق الله فيه حصل له من العلم بالله وبعظمته وبالاذعان له ما هو المقصود هنا في النظر وكانهم يريدون تقرير او تخريج وجه من قال بايجاب النظر على العوام. وان النظر المقصود ليس هو الادلة المعقدة ولا هو بناء واستنتاج النتائج بل هو النظر والتفكر على حد ما جاءت به النصوص. افلا ينظرون افلا يتدبرون افلا يتفكرون ونحوها هذا وهو محاولة تسويغ القول بايجاب النظر والصحيح كما عرفت انه يكتفى فيه من العوام ما يستقر في قلوبهم من قائدي في معرفتهم باصول الدين. قال رحمه الله خلافا لابي هاشم. اراد هنا ان يذكر ان ما ينسب الى ابي هاشم من ايجاب النظر يترتب عليه ما نسب الى الاشعري وجمهور المعتزلة. من عدم صحة ايمان المقلد. وانه يجب عليه النظر. وهذا ليس خاصا بابي ماشي؟ بل يقوله هو وغيره من رؤوس المعتزلة وهو منسوب ايضا لابي الحسن الاشعري كما عرفت