وذو النفس الابية يربأ بها عن سفساف الامور ويجنح الى معاليها. من هنا بدأ رحمه الله في جمل التزكية. والحق كما قلت لكم يا كرام ان هذا وان لم يكن من علم اصول الفقه لا صلبه ولا ولا ملحقاته لكنه مما يتعين على طالب العلم في الجملة العناية به. فالتزكية قرينة العلم في كتاب الله وفي رسالات الانبياء. وابراهيم عليه السلام لما بنى الكعبة قال ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك. ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم فقد ذكر في دعوته ان تكون التزكية قرينة العلم وتلاوة الوحي على الامة. وقد استجاب الله عز وجل فبعث نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام. ثم جاءت المنة به في كتاب الله الكريم. لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم ايات ذاته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين. فجمل التزكية ومعانيها مطلوبة لاهل الاسلام عموما ولطالب العلم خصوصا. فاذا انفكت التزكية عن طلب العلم افرز نتاجا سيئة. فلما اوغل بعض طوائف الاسلام في التزكية على حساب العلم. كان الايغال كان الغلو كانت البدع والمحدثات كانت الخرافات التي لا يضبطها في العلم ضابط ومن اوغل في العلم جملة على حساب التزكية وهو علم وشريعة واحكام وحلال وحرام اورث قسوة في القلب وقحطا في العين عفافا فيما يتعلق بواجبات القلب التي هي عبودية يتعبد المرء بها لربه كما يتعبد ببدنه وجوارحه. فكان الشريعة مستقيما بين رح العبد وبدنه. بين ظاهره وباطنه. فاذا كان العلم يهذب الظاهر فاولى ان يهذب الباطن. وذلك هو الذي اصطلح عليه بتزكية النفوس. قال رحمه الله وذو النفس الابية يربأ بها عن سفساف الامور يعني التفاهات والمحقرات وما لا يصلح ان يرقى الى همته طالب العلم. ويجنح الى معاليها. يشير في هذا الى الحديث الذي اخرج الطبراني والبيهقي وصححه الالباني بمجموع الطرق ان الله يحب معالي الامور ويكره سفسافها. فاذا كان هذا من محبوبات الله تعلقت به طالب العلم قال الجنوح الى المعالي البحث عنه الطموح اليه وشد الهمة ورفع العزائم الى مستواه. اما فلا تليق بطالب العلم. سواء كانت سفاسف اخلاق او سوفاسف تصرفات وسلوك. وكل شيء دنيء قولا وفعلا وطعاما وشرابا وهيئة ولباسا ما يليق بطالب العلم ان يقع فيه