ومن عرف ربه تصور تبعيده وتقريبه فخاف ورجى فاصغى الى الامر والنهي فارتكب واجتنب فاحبه مولاه. فكان سمعه وبصره ويده التي يبطش بها واتخذه وليا ان سأله اعطاه وان استعاذ به اعاذه. نعم هذا ايضا من لطيف الجمل والعبارات. من عرف ربه يعني من استقر في قلبه معرفة الله. المعرفة التي تستوجب تعظيما لله. ومحبة لله وخوفا من الله رجاء صادقا وحسن ظن بالله وصدق توكل عليه سبحانه. من تحققت فيه معرفة الله اثمر ذلك في في حياته به وسلوكه شيئا عجيبا هو اسمى ما يتمناه عبد في الحياة. قال من عرف ربه تصور تبعيده وتقريبه يعني ادرك ووقع عنده التصور التام الصحيح معرفة ان الله عز وجل يمكن ان يجعل الى العبد تبعيدا وتقريبا يبعده باظلاله. ويقربه بهدايته سبحانه فاذا استقر في قلب العبد ان الله يقرب بعض عباده ويبعد اخرين. انه يضل خلقا ويهدي اخرين. طمحت نفسه وجنحت الى الطمع في الهداية. ولهذا قال فاصغى فخاف ورجى. فاصغى الى الامر والنهي فارتكب واجتنب يعني ارتكب الامر واجتنب النهي فما الذي يثمره ذلك؟ قال فاحبه مولاه وليس الشأن ان تحب للشأن ان تحب. فاذا احبك الله بلغت الغاية في العناية الله عز وجل وتوليه لمن شاء من عباده لما يتولى الله بعض عباده فهو كما في الحديث القدسي ولا يزال يتقرب الي عبدي بالنوافل حتى احبه. فاذا احببته كنت سمعا او الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. وان سألني لاعطينه ولئن استعاذني لاعيذنه كما اخرج البخاري في الحديث القدسي ومنها ساق المصنف رحمه الله هذه الجملة ومعنى فكان سمعه وبصره ويده التي يبطش بها انه يحب ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه الله ويرضى فيما يرضاه الله ويبغض ما يبغضه الله يحب لله ويعادي ففي الجملة لا يقع منه الا فيما هو في محام الله عز وجل وينأى ما يكرهه ربه سبحانه وتعالى