السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله. اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته. ومن باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الاخوة المباركون. فلا يزال حديثنا موصولا في هذه السلسلة من مجالس علم اصول الفقه ولا يزال حديثنا عن البدايات والنشأات والتمهيد لظهور هذا العلم علما مستقلا قائما بذاته يصنف فيه اهل العلم ويدرسه الطلبة ويتعلمون مسائله ويترقون في دراسة قواعده حتى يصلوا الى ما كان عليه فقهاء الصحابة الله عنهم ومن بعدهم في ملكة الاستنباط وقواعد الاستدلال والتعامل مع الادلة الشرعية. وليكون حديثنا موصولا ما سبق فان المجالس الثلاثة الماضية كانت تتحدث عن اهمية هذا العلم. وعن كونه موجودا مستعملا مركوزا في وبالملكة بالدرجة الاولى عند الصحابة رضي الله عنهم وبين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. شأنه في ذلك شأن العلوم الشرعية الاخر التي كانت مستقرة في النفوس وكانت متكررة ايضا في علمهم الذي يتلقونه من رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلم الاصول بهذه الدرجة التي يعنى بها او التي يقصد به المسائل والقواعد والمناهج التي يتعامل بها فالناظر في الادلة والمتأمل لها والمستنبط من احكامها فان هذا اقصى ما يكون في بلوغ درجاته المثنى في زمن الصحابة رضي الله عنهم وبين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. ومر ذكر شواهد لهذا في تطبيقات هذه المناهج في الفهم والاستنباط في زمن النبوة والوحي ينزل وكان ذلك اكبر اية على ان الوحي مع تنزله ومع توفر آآ السؤال بين يدي للصحابة بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الا انهم لم يكونوا عالة في تعلم الاحكام واستنباطها واللجوء اليه كلما نزلت به الناس او حدثت حادثة. فكان عليه الصلاة والسلام ينمي فيهم ملكة الفهم ويفتح لهم ابواب النظر والاستنباط. وكان قرر الصحابة رضي الله عنهم ومر بذلك شواهد في مثل تطبيقه القياس عليه الصلاة والسلام في السائل له عن المرأة التي ولدت غلاما اسود هل لك من ابل؟ الى قال وهذا ايضا لعله نزعه عرق وكان يخطئ ويصوب الصحابة رضي الله عنهم في فهمهم اذا رفعوا اليه النازلة والمسألة كما في قوله لا يصلين احد منكم العصر الا في بني قريظة. فصلت طائفة منهم في الطريق واخرى اجلت الصلاة حتى وصلت قريظة وصوب النبي عليه الصلاة والسلام تلك الطائفتين. حتى انتهى زمن الوحي وقد ملك الصحابة رضي الله عنهم من قواعد النظر دقائق الاستنباط ومناهج التعامل مع الادلة ما خولهم وهيأ لهم ان يكونوا قادة للامة بعد نبينا عليه الصلاة والسلام. وكانت توازنوا امام قامات من فقه الصحابة التي تسع النظر في تلك النوازل واستخراج الاحكام المناسبة لها وباختصار فقد قادوا سفينة الامة نحو منهج السلامة والاستمرار على شريعة الله التي تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على محجتها البيضاء ليلها كنهارها فاستطاعوا رضي الله عنهم بما ملكوا اقول من قواعد النظر والاستنباط والتعامل مع الادلة مع ان يكونوا مجتهدين غاية جهاد واذا ما ضرب المثل بدقة النظر وبلوغ الغاية في الاجتهاد فانها رتبة الصحابة رضي الله عنهم بلا منازع. فكانت النوازل استخلاف خليفة بعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ومسألة تأجيل ذلك او تقديم ذلك على دفنه عليه الصلاة والسلام ثم قتال المرتدين وجمع المصحف ثم الة المسائل في زمن عمر رضي الله عنه الى مسائل اكثر توسعا اقتضت تنظيم الدولة وتدوين الدواوين وترتيب مصالح الحياة بما يسير للناس معايشة الزمن الذي جد والفتوحات التي اتسعت دخول الناس في دين الله افواجا. وتنام الامر حتى تقرر عندنا ان تطبيقهم في مسائل النوازل بالاجتهاد والنظر. وتقرير الاحكام المصالح ومع عماد القواعد كل ذلك كان دليلا على ما بلغه اولئك الكبار رضي الله عنهم في النظر والاستنباط والتعامل مع الادلة ثم كان مجلسنا الاخير الحديث عن زمن ما بعد الصحابة رضي الله عنهم. وكيف انتقل هذا العلم من كونه علم صدور وقدرة على الاستنباط وفهما دقيقا في النظر والادلة كيف انتقل هذا العلم ايضا بالتوريث والتلقين والنقل الى اجيال الاخذين عن الصحابة رضي الله عن الجميع. فكانت ايضا مجالس الصحابة وبمصطلح الذي درج عليه بعض من يدرس تاريخ العلوم يسمونه المدارس فكانت مدرسة ابن عباس بمكة ومدرسة ابن مسعود بالخوفة ومدرسة انس بالبصرة ومدرسة ابن عمر بالمدينة. رضي الله عنهم اجمعين كانت تلك المدارس لا بمصطلح المدارس المعاصرة لكن بمعنى تكوين نخبة من الطلبة والتابعين ومن ابنائهم الآخرين عنهم فيتلقون فقه الرجل وحديثه وطريقته في الاستنباط ومنهجه في التعامل مع الاحكام. وطريقته ايضا في النظر في الادلة والتعارض بينها وكيف الجمع وكيف الترجيح وكانت تلك المناهج تنتقل الى الآخرين عنهم ولم يزل هذا العلم علم صدور يتلقاه الرجال ويأخذه الفقهاء ويتلقاه طلبة العلم المجالسة والممارسة والاخذ والافادة. وانتهينا اخر ما انتهينا اليه الى الى ان اصبح هذا العلم كغيره من العلوم بحاجة الى كتاب وتدوين ووقف بنا الحديث تحديدا عند اوائل التدوين في هذا العلم على يدي الامام القرشي محمد ابن ادريس الشافعي رحمة الله عليه صاحب المذهب المعروف. وكتبه الرسالة يعد اول كتاب صنف في علم الاصول في تاريخ الاسلام ولتأليفه قصة مضت الاشارة اليه على عجالة ومجلسنا الليلة ان شاء الله تعالى فيه التفصيل لكتاب الرسالة للشافعي باعتباره اللبنة الاولى في بناء مصنفات علم الاصول. وفهم الكتاب مدخل مهم ومنطلق يجب ان يصير من خلاله الدارس لعلم الاصول وان يكون على بينة ودراية كافية وافية بنشأة هذا العلم في كتاب الرسالة للشافعي رحمه الله وطريقته ومنهجه فيه ومحتواه وكيف اصبح العلم من بعد الرسالة علما مصنفا وكتبا تؤلف ثم تطورت الى اصبحت مناهج اتبع ومدارس ومذاهب تشق طريقها في بنيان هذا العلم شيئا فشيئا. كتاب الرسالة للشافعي وهو الذي بين يدي وسأقرأ لكم بعض النماذج منه. كان بداية امره رسالة توجه بها الإمام عبد الرحمن ابن مهدي رحمة الله عليه. الإمام المحدث الثقة السبت توجه برسالة للامام الشافعي عبدالرحمن بن مهدي امام عالم جليل من اجلة السلف رحمة الله عليهم. فكتب رسالة للشافعي يطلب فيها منه ان يضع له جملا تعينه على النظر. فيما يحتاج اليه الفقيه والعالم والناظر في الادلة. وكانت رسالته التي صل بها الى الامام الشافعي يطلب فيها ان يضع له كتابا فيه معاني القرآن يجمع قبول الاخبار فيه وحجة الاجماع وبيان الناسخ والمنسوخ. قبل الحديث عن هذا الطلب الذي تقدم به الامام عبدالرحمن ابن مهدي رحمه الله لك ان تتأمل في حيثيات هذا الطلب وكتابة الرسالة وما جد بعدها. نحن في زمن نتكلم فيه على او في منتصف القرن الثاني الهجري ما بعد المئة والخمسين وهو الزمن الذي قلنا فيه من الفتوحات الاسلامية قد امتدت ورفعت فالبلاد قد اتسعت ودخل الناس في دين الله افواجا ضعفت فيه لغة العرب ودخل الاعاجم في الاسلام وكان دخولهم مع شيء من الشوائب التي يحملها اللسان العجمي وشيء من العقائد التي كانوا عليها قبل الاسلام. بما يعني ان البيئة لم تكن كما كانت زمن الصحابة رضي الله عنهم في اوائل الخلافة الراشدة حيث اللغة العربية السائدة والناس تفهم القرآن والسنة بمقتضى اللسان الى درجة كبيرة هذا الامر اعني الفجوة التي بين الناس وبين النصوص الشرعية. ثم ازداد الامر يعني حاجة الحاحا بظهور بعض الفرق المنتسبة للاسلام التي ادخلت شيئا من المخالفات الشرعية. مثل الفرق التي ظهرت اول ما ظهر كالجهمية والقدرية والمعتزلة والشيعة والخوارج. فكانت كل طائفة تؤسس لمذهبها على شيء من دلالات النصوص وكان ولابد بما انها مخالفة للمنهج السوي فكان لها شيء من التأويل والتكلف في تنزيل دلالات النصوص على ما ذهبوا اليه وقرروه فكان في هذا استخدام غير رشيد لدلالات النصوص الشرعية فتفاقم الامر حاجة الى وضع منهج صحيح يتعامل به الفقيه وطالب العلم مع الدليل الشرعي. ليستنبط الحكم الصحيح الذي يتضمنه النص ليكون استودعت سليما والحكم صحيحا وليكون ايضا التعامل مع الدليل بطريقة منهجية شرعية صحيحة. عبدالرحمن بن مهدي رحمه الله في مثل هذه الظروف وجهت رسالة للامام الشافعي. الحيثية الاخرى ان اماما كالشافعي في هذه المرحلة من حياته يقال انه ارسل اليه الرسالة سنة مئة وثمانين. مئة وثمانين يعني كم عمر الشافعي؟ ثلاثون سنة فقط ثلاثون سنة. ثلاثون سنة في سن طلبة العلم اليوم تعتبر بدايات للتمكن. لكنها عند امام كالشافعي كانت قمة في الرسوخ العلمي. وبلوغ الغاية. والسبب في ان الشافعي رحمه الله لما تربى بمكة فكان نشأ فيها يتيما وتعلم وتفقه في بدايات اسنان الطلب وبداية او حداثة العمر لم يبلغ رحمة الله عليه سن السابعة عشرا حتى اجاز له شيوخ الحرم وعلماؤه انذاك بالجلوس في الحرم المكي في سن السابعة عشرا. فنبوغ وامامة مبكرة وحداقة وجودة فهم وذكاء. ثم اذن له من شيوخه واساتذته وعلمائه ان يكون شيخا معلما ومفتيا. ولما تقول معلما ومفتيا في مكة وفي الحرم وهذا يعني بين الحجيج ووجموع المعتمرين وامة الاسلام كلها التي تخدم مكة وتدخل بيت الله الحرام. ثم ارتحل رضي الله عنه الى المدينة والتحق للامام مالك وطلب عنده العلم وقرأ عليه الموطأ وحفظه فاخذ من مالك رحمه الله الفقه والحديث هذا مما اه قوى عود الامام الشافعي ايضا في الفقه والحديث والدراية وهو لا يزال في سن مبكرا. فلما ان بلغ الثلاثين قد بلغ مبلغا عظيما رضي الله عنه في الامامة والنظر في الادلة وكانت نشأته العلمية التي جمعت بين الاخذ عن شيوخ مكة والفقهاء ثم الاتحاد الى المدينة واذ اخذ عن الامام مالك فلك ان تقول اخذ فقه اهل المدينة فقه الفقهاء السبعة الذين كان عليهم المعول في فقه الاسلام في على رأس السنة المئة الاولى الى الاربعة والتسعين من الهجرة. هذا كله هيأ للشافعي بيئة خصبة ان على ذكائه وفطنته ونبغو المبكر رحمه الله صاحب شأن في العلم واي شأن. ثم لما ارتحل الى بغداد والتقى باصحاب ابي وكبار تلاميذته كمحمد بن الحسن والقاضي ابي يوسف. اخذ ايضا بالمجالسة والمناظرة والمدارسة اخذ اصول المذهب وطريقتهم في الفكر ومنهجهم في النظر في الادلة. فتلاقح فتلاقح في في فقه الشافعي رحمة الله عليه. فقه المذاهب بالسائدة انذاك والفقهاء القائمين بالعلم وبالفقه والنظر في الدليل انذاك. على كل عبد الرحمن بن مهدي وهو شيخ ائمة في الاسلام يعني شيخ علي ابن المديني وشيخ احمد وشيخ اسحاق يكتب رسالة الى الشافعي يطلب فيها منه ان يضع له كتابا ان يضع له ان يكتب له رسالة فيها معاني القرآن. ويجمع قبول الاخبار فيه وحجة الاجماع وبيان الناسخ والمنسوخ. هذه اركان للمسائل التي يحتاج اليها الاصولي والتي تعتبر اركان هذا العلم ومسائله الكبار حجية القرآن ومعانيه حجية السنة الاجماع والنسخ الناسخ والمنسوخ. فما كان من الامام الشافعي رحمه الله الا ان سطر رسالة ليست هي هذا الكتاب. سطر رسالة يحملها البريء وكتب لعبدالرحمن ابن مهدي زملا من اصول العلم في حدود ما طلبه رحمه الله فجمع له صفحات وكتب له جملا كما قلت هي من مسائله التي اشار اليها ابن مهدي في حاجته اليها. ثم ارسلها اليه. قيل كان بمكة وقيل كان ببغداد. فارسلها اليه وحملها الحارث بن سريج. حمل الرسالة والطريف ان الحارث ابن سري لقب فيما بعد بالنقال. وليس ذلك الا لنقله رسالة الشافعي الى عبدالرحمن بن مهدي. فكان حدثا تاريخيا الذي اكتسب به لقبا واضيف اليه فعرف به. فحدث ابن سريج حمل الرسالة. ثم بدا للشافعي رحمه الله بعدما فتح له هذا الباب اعني باب كتابة هذه المسائل ولم تكن مستورة من قبل. فبدا له مشروع علمي ضخم يستحق ان يتفرغ له الامام الشافعي وان ينتصب له وان يكتب فيه ما يصلح ان يكون كتابا علميا يرجع اليه طلبة العلم ويستفيدون منه فبدأ مشروعه الكبير في تأليف الكتاب الرسالة. لم يسم الشافعي كتابه بالرسالة. هو سماه الكتاب واذا احال اليه في بعض كتبه كالام او آآ او خبر الاحاد مثلا او جماع العلم ونحوه يقول قلنا في الكتاب واشرت في الكتاب ولم يشبه الرسالة لكن الناس سمته بالرسالة. فالشافعي لم يسمي كتابه بالرسالة انما يسميه الكتاب. او كتابي هذا او كتابنا هذا من يضع له عنوانا محددا لكنه لما نظر الناس الى ان الكتاب كان في اصله رسالته التي بعث بها الى عبدالرحمن ابن مهدي والرسالة التي بعث بها العبد الرحمن ابن مهدي كانت قد وقعت عند اهل العلم بموقع الحسد وتلقوها بقبول وصاروا يطلعون عليها ويطلبونها نعم ويمسخونها فلما كانت كذلك الشأن نقل الناس اسم الرسالة من ذلك الى الكتاب الذي الفه الامام الشافعي الف الامام الشافعي رحمه الله كتابه هذا بمصر بعد ان نزل بها واستقر بها اخر عمره. وذلك فان الشافعي رحمه الله في رحلته العلمية كان قد تنقل بين مكة والشام وبغداد واليمن وبغداد مرة ثانية ثم منها الى مصر واستقر به المقام بها حتى مات رحمه الله سنة مئتين وكم؟ اربعة اذا الكتاب في الاربع السنوات الاخيرة من حياته. وهذا بالصلاح اه مؤرخين للعلم كما يقولون هو يعني بعد ان بلغ النبض العلمي وتمام اكتمال الملكة التي ملكها رحمه الله في هذا العلم. وهذا ان دل فانما يدل على مكانة وجلالة قدره لما يؤلفه الشافعي رحمه الله في هذه المرحلة من العمر. الف الكتاب ووضع فيه مسائله وبوبه وصنفه فكان الكتاب فكان الكتاب بهذه المثابة اللبنة الاولى التي وضعها علماء الاسلام في التأليف في اصول الفقه على الاطلاق. ثمة من يزعم في بعض الكتب ان هناك صدقا على الشافعي في تأليف رسائل في علم الاصول لقد كتبها بعض اهل العلم فنسب شيء منه الى القاضي ابي يوسف او الى الامام محمد ابن الحسن او الى جعفر الصادق وغيرهم لكنه وليس بين ايدينا شيء لا قصاصة ولا رسالة ولا مسألة ولا كتاب ولا اشارة ولا نقل حتى الى شيء من تلك الكتب لما يثبتها حقيقة العلمية فلم نعد الا ان نقول ان رسالة الشافعي تاريخيا من سنة مئتين واربعة لم نجد بين ايدينا معشر المسلمين في المكتبات ولا في المخطوطات ولا حتى ثمن نقل عن الكتب التي نقلت انذاك شيئا ما يثبت ان هناك مدونا علميا في مسائل اصول كان قبل الشافعي رحمه الله فكان للشافعي بهذه المثابة قصد السبق في التدوين في علم الاصول. وضعه لكتاب الرسالة اكتسب اهمية من جهة هات متعددة اجملها فيما يلي. اولها ان المؤلف هو الامام الشافعي نفسه وحسبك به. ولما يكون مصنف او المؤلف او الكتاب خرج من بين يدي عالم الامام ثقة يعرف الناس علمه وانتشرت الامة فضله وكان له ما كان. من القبول والاخذ والرواية وتلقي الامة له. فهذا يدل على شأن عظيم للكتاب. فانت تتكلم مصنف لا كالمصنفين وعن مؤلف لا كالمؤلفين والامام الشافعي رحمه الله. ولما نتكلم ايضا عن الامام الشافعي باعتباره مؤلفا هذا الكتاب ومنه اكتسب الكتاب اهميته ومنزلته ومكانته فانه فوق فوق علم الشافعي وفوق امامته في الدين وفوق ما ذكرته من بعض الصفات التي خولت له وهيأت له ان يكون اماما يأخذ الناس عنه علما ظخما كبيرا دقيقة كالاصول فان الشافعي رحمه الله صاحب لسان عربي فصيح. وهذا له دلالة كبيرة في علم كالاصول لانه سبق وان اشر في مجلس سابق ان من اهم اركان علم الاصول هو الالمام والدراية التامة بلسان العرب لانك تتعامل في علم الاصول مع نصوص شرعية مع الكتاب والسنة مع القرآن والاحاديث. وهذه نزلت بافصح ما يكون عليه لغة العرب. فالمتأمل في تلك الادلة. والمتعامل معها والمستنبط للاحكام منها. يحتاج اول كل ما يحتاج اتقانا كبيرا للغة العرب. ودراية كافية بها. وامامة بالغة القصوى في مسألة العلم. بطرق استعمال ودلالات الالفاظ والتراتيب والسياق وما الى ذلك. الشافعي رحمه الله ليس لانه ليس لانه قرشي مطلبي فقط لكنه مع ذلك اعتنى كثيرا في نشأته في بداياته بتعلم اللغة. وهو عربي. الشافعي رحمه الله ولد في غزة ثم انتقل يتيما الى مكة وتربى بها التي ربته ويذكر لها فضل عظيم في تربيته وتوجيهه لطلب العلم ويذكر انه في بداية الصباه لم يكن مقبلا على العلم. وكان يشتغل بالخروج الى البادية وتعلم الصيد. وتعلم الرمي رمي السهام حتى انه كان حاذقا فيها. ويذكر انه اذا رمى السهام وتبارز فيها او تنافس كان يصيب عشرة من عشرة او تسعة من عشرة. هذا اقل نتيجة يحقق تسعة من عشرة اذا حدد هدفا ورمى بالسهام فانه اذا اخطأ من العشرة يخطئ واحدا والا يصيب العشرة من عشرة فكانت هذه نشأته يخرج من من اول النهار ويعود اليها في اخرها ويحمل على عاتقه قوسه متقلدا اياها داخل مكة مع اخر النهار. ويذكر في شأنه انه دخل فذات مرة مكة فلقيه بعض اخواله فاذا به يضع يده على كتفه وقال مثلك ما ينبغي له ان يكون مشتغلا بهذه الامور لان هذه امور تافهة ونسبك ينبغي ان يكون شأنه اعظم. فوقعت الكلمة موقعها في قلب الامام الشافعي فاتجه لطالب العلم. والتحق بمسلم بن خالد ينزيل غيرهم من علماء مكة لم يحدثون الفقهاء واكب على طلب العلم فاصبح كذلك. كان خروجه ذاك للبادية يحرص فيه على الخروج الى قبائل هدية فكان يأخذ عنها اللغة ويحفظ اشعارها ويعد الامام الشافعي في تاريخ دواوين الشعر احد رواة شعر هذين راوية للشعر يعني يحفظه تماما يعرف ديوانها واخبار شعرها فبلغ بذلك درجة عالية من اتقان اللغة. وحفظ الاشعار والدواوين. وانت تجد حتى في كتاب حتى هنا في الرسالة اذا روى بيتا ناقشه وصححه واوله وفهم معناه وذكر اصول اللغة في لفظة ما واستعمالها اقول امامة الشافعي حتى في اللسان العربي ليست لانه عربي فقط. لكنه اعتنى ايضا بدراسة اللغة واللسان وحفظ الاشعار. وكانت هذه النشأة اكسبته رحمة الله عليه اكسبته ايضا امامة كبيرة في الدراية. بل بلغ بالامام الشافعي ان رجل كالاصمعي. امام اللغة في عصر بلا منازع يذكر للشافعي امامة في اللغة. وانه يحضر مجالسه يتعلم منها فيه. فكان الاصلح هي احد مجالس الشافعي ما يريد الفقه للفقه ولا اريده ما يقربه الشافعي في مجالس المسائل يتعلم منه اللغة. يقول فما جلست في مجلس عالم ارى فيه من الفصاحة وقوة وعدم اللحن كالشافعي. ويذكر انه جلس وتعلم عنده بل اذا اشكل على الاصمعي شيء من اشعره دين على وجه الخصوص سأل عنه الشافعي وتثبت منه وتعلمه منه. بل يقول انه جلس مجالس متعددة للشاة يقول فلم احفظ عليه لحنة ولا خطأ في اللغة ولا كلمة هذه الامامة الكبيرة في لغة الشافعي رحمه الله التي كانت كان يمتلكها هيأت له هيأت له عناية كبيرة بالتعامل مع قواعد الاستنباط من النصوص. لانها قواعد لغة. ودلالات لغوية. فبلغ في ذلك رحمة الله عليها بلغ المبلغ الكبير الذي هيأ له الامامة بها منازع. فنقول من اجل من اجل ما اكتسبه كتاب الرسالة وهو اول مصنف الاصول ان مؤلفه الامام الشافعي فحسبك به. وعندما تتكلم عن الامام الشافعي بخصائصه ومزاياه وامامته وعلمه رضي الله عنه فكل ذلك سينعكس اثره على الكتاب. الامر الاخر اما ان من اجل مزايا الرسالة للشافعي قوله اول مصلى الريادة والصدق الذين الريادة والسبق اللذان برزا في كتاب الرسالة ينبغي ان تقف ايضا وتأمل وافد. ما معنى ان يؤلف كتاب لم يسبق صاحبه اليه؟ وان يضع اصولا لعلم لم يسبق في تاريخ في الدنيا ان اهل العلم كتبوا فيه ماذا يعني هذا؟ يعني يعني عبقرية ويعني ذكاء متفردا يعني تميزا في القدرة والملكة لانه من اصعب ما يمكن ان يكون في حياة البشر على مستوى العباقرة والاذكياء وجهاة البشر اصعب ما ان يخرج فكرة مكنونة في الفؤاد فيستطيع ان يعبر عنها بعبارات يفهمها الاخرون. اذا كانت مجرد فكرة تلوح في في ذهن صاحبها ويستطيع ان يعبر عما في نفسه الفكرة تلك الجائلة والدائرة وهي شيء يعني لا تدري من اين يبدأ من اين ينتهي فاذا استطاع صاحب الفترة امساكها ثم استطاع اخراجها واستطاع صياغتها وتدوينها فان هذا غاية في العجب. ثم ان يكون هذا علما ليست مجرد اذكار وخيالات ولا خواطر بل هي مسائل علم. وكما قلت لك ما قبل الشافعي كان العلم يتلقى استنباطا تتلقاها الاجيال. اخذها الصحابة فكانت عندهم ملكة. جلس اليهم التابعون. فتفقهوا عنهم واخذوا منهم وسمعوا ومنهم الفتاوى وكان يتشرب منهج الصحابي عن طول الممارسة. فاصحابه ابن مسعود تشربوا منهجه ليس على طريق الدروس كان يلقنهم قواعد الاصول ولا على مجالس قد يقرأ عليهم كتابا يدرسون فيه كيف دلالة الامر ودلالة النهي وكيف يعمل بما تتعارض الادلة وما هي طرق اثبات الناسخ المنسوخ ما كان هذا علما مقرر على هيئة رسائل لكن كانت كان حديثا عن ايات كانت فتاوى فكان الرجل من طول الصحبة للصحابي والمجالسة له والاخذ عنه يتشرب منهجه ويأخذ طريقته في الاستنباط لكن ما يستطيع ان يعبر. لماذا قلت ان الاية هذه تفيد كذا والحديث لا يفيد ما الفرق بينهما شيء ما هي ملكة لا يستطيع ان يعبر عنها. تماما كسائر الملكات التي يمتلكها اصحابها فيبلغون فيها لو قلت له علمني من يعلمك جملا؟ يقول لك اصحبني وكن معي ولازمني وستتعلم. واللي ما يستطيع ان يخرج لك شيئا محصوصا على هيئة صارت المفهومة يعطيك اياها فتتعلم. لكن العلم في مسائل الاصول لما استحال كذلك الى مسائل مقروءة وعبارات وقواعد تكتب فهذا غاية ما يكون كما قلت في العبقرية والقدرة العقلية. وهذا احد جوانب الابداع في كتاب للشافعي هو تماما كما تذكر الامامة مثلا في في في تقنين علم العروض. لما كان الشعر على لسان عرب ملكة كان احدهم اذا اراد ان ينشد بيتا جمع الفترة او المعنى الذي يريد ان يتكلم فيه ثم قال البيت انشده بيتين اربعة اصبحت قصيدة يتفاوتون في جزالة اللفظ وقوة السبق وفصاحة الالفاظ فتفاوت فيه لكن ما عندهم بيت مكسر لا عندهم قوافل معدومة. كان من كان البيت سليم. وكانوا يقيمون الوزن اقامة سليمة. ومع هذا لما كانوا ينشدون الشعر على مختلف ابحره واختلاف في اوزانه وقوافيه ما كان عندهم ان الشعر يأتي على انحاء وان اوزانه تأتي على مجموعة من الانواع ما كان عندهم فكان هذا ملكا كان العرب وهذا لسانه فلما يأتي امام ويحاول ان يصبر غور تلك الابيات كلها وقصائد العرب ثم يستطيع ان يحصرها باستقراء ويجد انها لا تخرج على اوزان محددة. ثم يستطيع ان يمسكها ويصوغها ويقننها في قواعد ويسميها باسماء. هذه عبقرية لما كان علمي النحو واللغة كلاما تتلفظ به العرب فكانوا يرفعون الفاعل وينصبون المفعول يرفعون المبتدأ واذا دخل احد النواسخ خيرة المرتدى والخبر الى اخره. فكان كلاما يتكلم به الناس. فان تجعل ذلك على شكل قوانين وقواعد. وتقسم الكلام الى انواع والجمل الى ان ثم تعطي كل شيء طريقته وحكمه واعرابه. هذا ايضا ليس بالصنيع السهل. ولما يقال في الخليل ابن احمد وبالاسود الدؤلي وغيرهم ممن قنن العلوم بعد ان لم تكن واخرجوا تلك الامور التي كانت ملكات على شكل قواعد وعلى شكل كتب تصنف على شكل علوم تدرس هذه امامة ولما تقرأ تفسير هؤلاء ابو الاسود الدؤلي والخليل ابن احمد والامام الشافعي تجد انهم خسوفا بذكاء كانوا يتميزون به على على باقي طبقتهم واقرانهم. هذا الذكاء والفهم والاستنباط بعد توفيق الله جل جلاله هو الذي هيأ لاحدهم العبقرية التي نتحدث عنها. فامامة الشافعي رحمه الله هيأت له ان يكتب الرسالة فيضع فيها قوانين بعد الاستنباط ويقسم العبارات بكلام لم يسبق. من درس منكم الاصول. اذا فتح كتاب الرسالة وسبق نماذج منه الان. ويتكلم عن الصيغ العام والخاص ويقول عام من هو عام يراد به العموم ثم يخصص منه عام يراد به في ظاهره اللفظ العام لكنه الحقيقة المراد به الخاص. ستقول هذا نعم اعرفه لانك تتكلم على الف واربع مئة وثلاثين سنة درسته في كتب لكن قبل ان يكون هذا مكتوبا في كتاب وقبل ان يخرج على شكل مسألة مكتوبة ثم يأتي بها الشافعي ويكتب ليست مسألة ولا مسألتين ولا خاطرة بل علم قائم في رأسه بدأ يصنفه ويرتبه. ليس العجب في مجرد الفكرة وان يجمع بينها لا هو نظر كامل في الشريعة وابواب الاحكام وابواب الفقه ثم يستخرج من تلك المسائل قواعد ويرى انه تستطيع ان تطبقها على كل ابواب الفقه ثم يخرجوا على شكل تطبيقات ويضرب لك امثلة. ثم بعد ذلك كله جودة الترتيب وحسن التنظيم لمسائل الكتاب التي تجعل هو متعلمه يبدأ من خطوة ثم ينتقل الى الثانية كالتي تليها فيتم الكتاب وقد تسلسل بمنهجية منطقية مرتبة استطاع الاخوة خطوات للامام وان يفهم ما يراد في مسائل هذا العلم. فهي نصيحة اللفظ قوية المبنى مستوفية المسائل. على كل فالتصنيف المبكر عادة في العلوم يشوبه كثير من النقص والخلل. هذا في كل علم. بدايات التصعيد في العلو وشبهة نقص يشوبها خلل يشوبها شيء من عدم الاكتمال. وهذا طبيعي جدا. باعتباره الخطوة الاولى. ثم تتوالى خطوات التحسين على ايدي العلماء جيلا بعد جيل حتى يكتمل هذا العلم. لكن رسالة الشافعي جاءت على نحو مغاير ليس فيها الخلل بمعنى الخلل بمعنى انه يمكن ان يستدرك عليه اشياء وينتقد في اشياء وتسد من خلال الممارسات في التأليف حتى فسوى فيها جوانب خلل في الكتاب لا. وليس فيها جوانب النقص بمعنى ان ابوابا من علم الاصول ومهماته لم تكن موجودة في الرسالة نحن لا نزعم ان رسالة الشافعي حوت كل القواعد التي يحتاج اليها الاصوليين الاصوليون. لكنها في الجملة جمعت اصول هذا العلم فجاءت المسائل من بعده وجاءت مناهج التهديف من بعدي تأخذ منحى التوسع والانتشار والتجويد والتفريع ليس الا لكن الجملة استوت مسائل هذا العلم في كتاب الرسالة للشافعي رحمه الله فكان كما قلت سبقا وامامة وريادة وشيئا ما الاكتمال شبه التام الذي هيأ لان يكون كتاب الرسالة كان ولا يزال الى اليوم بين ايدي طلبة العلم وعند الاصوليين على وجه الخصوص مرحلة لا يحسن تجاوزها. ومن الخطأ المنهجي البالغ واقولها بكل صراحة. من الخطأ المنهجي فادح عند طلبة العلم والمتخصصين على وجه الخصوص ان يعتنوا بدراسة علم الاصول ويهتموا به ويدركوا اهميته ثم يقبلوا على تعلمه وحفظ بعض المتون فيه ودراسة بعض الكتب. ولا يكون بخلد احدهم يوما ما ان يقرأ رسالة الشافعي او يدرسها ولا يمر بها اطلاقا. بل بعضهم ما اقتناها اصلا وليست في مكتبته. واذا رجع اليها رجع اليها رجوع الباحث. الذي يرجع الى المسألة ماذا قال فيها الشافعي؟ حق من اراد ان يكون متبحرا وان شئت فقل بمصطلح اليوم متخصصا في علم في الاصول ان يكون اولى مهماته قراءة الرسالة للشافعي. قراءة فيها درس وتأمل وفهم واستنباط. لانك ترسم الخط من البداية في اول كتاب صنف لو كان الكتاب كثير الخلل عظيم النقص قليل الجدوى غير مهم ولو كان المؤلف ليس في كالشافعي لكان يحق لنا ان نزهد في الرجوع اليه والبدء به. اما ان يبلغ طالب العلم درجة متقدمة في الدراسة في اقسام الشريعة مثلا او الفقه والاصول او في طلب العلم جملة حتى لو في غير الدراسات الرسمية او المنهجية المرتبة. ثم يرتقي الى درجة البحث في مسائل العلم او يتخصص فيعد فيها رسائل علمية لمراحل الدراسات العليا. وايضا لم يكتب له ان يقرأ كتاب الرسالة. ولا يبدأه من اوله الى اخره ويدرس دراسة متأنية فاحصة فهذا خلل. ما معنى ان يحفظ بعض طلبة العلم بعض البطون فيحفظ الورقات او متنها او يحفظ مختصر ابن الحاجب او جمع الجوامع للسبكي ويكون قد درس له شرحا وشرحين. وهذا في في عرف المتخصصين اتقان لا بد منه ان يكون له له عناية ودراية بموتون هذا العلم ومسائله وشروحه وان يكون على معرفة بما يقوله الاصوليون في تلك المسائل. لكن اقول اذا كان هذا على العناية بالرسالة للشاب كيف هو خلل ينبغي التنبيه عليه والوقوف عنده. موضوعات الرسالة التي وضعها الامام الشافعي في عناوينها يعني يمكن يجملها كالتالي بعد المقدمة ذكر البيان انواعه تحدث عن القرآن ومكانته في التشريع ثم تناول مسائل العموم والخصوص وبعض صيغه انتقل للحديث عن السنية وحجيتها ثم تحدث عن النسخ وانواعه عن بيان السنة للكتاب ثم انتقل الى ما اسماه بعلل الاحاديث تكلم بعدها عن بيان السنة للسنة ثم انتقل في الدلالات الى النهي بعده عن خبر الاحاد وحجيته تناول بعده مسائل الاجماع ثم تكلم عن القياس والاجتهاد والاستحسان والاختلاف في الاحاديث ختم ذلك بحجية اقوال الصحابة والعمل عندما تنقل الرواية عن بعض الصحابة اجتهادا لا في مسألة لا نص فيها هذا الترتيب المجمل وضعه الامام الشافعي رحمه الله لكتابه الرسالة. وقد سار فيه على ترتيب منهجي وتقسيم كما قلت منطقي مقبول جدا لمباحث الكتاب عادة يترجم بعنوان للباب والمسألة التي يتكلم فيها. يقول باب كذا باب كذا وعلى طريقة واضحة يفهمها طلبة العلم من غير حاجة الى شرح يستشهد كثيرا وهذه اهم مزايا الكتاب اذا ذكر قاعدة او مسألة مثل لها بتطبيقات وامثلة من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة اشتماله على جل ابواب الاصول طريقتها التي استخدمها في التصنيف فيها اسلوب الحوار. قال كذا فقلت له كذا قيل اما انه كان يحكي مدارسة ومناظرة مع شخص كان يجلس وياها ويتكلم معه وقيل انه يصوغها على طريقة المحادثة والحوار لتكون اقرب الى الفهم. الان ساقرأ على مسامعكم مقطعا من مقدمته رحمة الله عليه في الرسالة مبحثا او مبحثين من مسائل الكتاب لتقف فقط على لغة الشافعي ومنهجه. واعينكم بالله ان فهذه اول واخر كلمات تسمعونها من الرسالة هي اوائل لكن ينبغي ان يكون بعدها دراسة وعناية به. قال رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم يقول تلميذه الربيع بن سليمان وهو يروي هذا الكتاب عنه اخبرنا ابو عبد الله محمد ابن ادريس ابن العباس ابن عثمان ابن شافع ابن السائب ابن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبين ابن عم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. قال الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. والحمدلله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه الا بنعمة منه. توجب على مؤدى على مؤدي ماضي نعمه بادائها نعمة حادثة يجب عليه شكره بها. واضح صح؟ جدا هي لغة عربية فصيحة جزلة. اعيد العبارة لانك لم تتكلم الا في متابعة عود الضمير وربط الجمل بعضها ببعض. لكن العبارات المنطقية والجمل غير العربية خالية تماما. وليس فيها اي لفظة على الاطلاق لان الزمن متقدم على زمن ترجمة الكتب المنطقية ودخولها في تصانيف علماء المسلمين. قال رحمه الله الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه الا بنعمة منه. يعني انت لما تشكر الله على نعمة شكرك لله هي نعمة ساقها الله اليك ولولا ان انعم عليك بالشكر ما شكرته. قال الا بنعمة منه توجب على مؤدي ماضي نعمه بادائه نعمة حادثة يجب عليه شكره بها. قال ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته. الذي هو كما وصف نفسه ما يصفه به خلفه احمده حمدا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله واستعينه استعانة من لا حول له ولا قوة قوة الا به واستهديه بهداه الذي لا يضل من انعم به عليه. واستغفره لما ازلفت واخرت استغفارا فمن يقر بعبوديته ويعلم انه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه الا هو. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله بعثه والناس صنفان. احدهما اهل كتاب بدلوا من احكامه وكسروا بالله فاستعذوا كذبا صاغوه بالسنتهم فخلطوه بحق الله الذي انزل اليهم. فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم فقال وان منهم لفريقا يلون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب. وما هو من الكتاب. ويقولون هو من عند الله وما ومن عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. ثم قال فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم. واستمر في بعدد من الايات التي تذكر كفر اهل الكتاب. قال وصوف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ونصبوا بايديهم جارة وخشبا وصوا وصورا استحسنوها ونبزوا اسماء افتعلوها ودعوها الهة عبدوها. فاذا استحسنوا غير ما عبدوا منها القوه ونصبوا بايديهم غيره فعبدوه. فاولئك العرب. وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا وفي عبادة ما استحسنوا من ودابة ونجم ونار وغيره. فذكر الله لنبيه جوابا من جواب بعض من عبد غيره من هذا الصنف. فحكى جل ثناؤه عنهم قولهم انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون. وذكر ايضا عددا من الايات التي فيها هذا المعنى. قال رحمه الله فكانوا قبل انقاذه اياهم بمحمد صلى الله عليه اهل كفر في تفرقهم واجتماعهم معهم اعظم الامور الكفر بالله. وابتداع ما لم يأذن به الله تعالى عما يقولون علوا كبيرا لا اله غيره. وسبحانه وبحمده رب كل شيء وخالقه. من حي منهم فكما وصف حاله حيا عاملا قائلا بسخط ربه مزدادا من معصيته ومن مات فكما وصف قوله وعمله صار الى عذابه. فلما بلغ الكتاب اجله فحق قضاء الله باظهار دينه الذي اصطفى بعد عصيته التي لم يرضى فتح ابواب سماواته برحمته. كما لم يزل يجري في سابق علمه عند نزول قضائه في القرون الخالية قضاؤه فكان خيرته المصطفى لوحيه المنتخب لرسالته المفضل على جميع خلقه بفتح رحمته وختم نبوته واعم ما ارسل به مرسل قبله المرفوع ذكره مع ذكره في الاولى. والشافع المشفع في الاخرى افضل خلقه نفسا واجمعهم لكل خلق رضيه في دين ودنيا. وخيرهم نسبا ودارا محمدا عبده ورسوله. وعرفنا وخلقه نعمه الخاصة العامة النفع في الدين والدنيا. فقال لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عريفا بالمؤمنين رؤوف رحيم. وذكر عددا من الايات منها وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون. قال الشافعي اخبرنا ابن عيينة عن ابن ابي نجيح عن مجاهد في قوله وانه لذكر لك ولقومك قال من القائل مجاهد يقال ممن للرجل فيقال من العرب فيقال من اي العرب فيقال من قريش. قال الشافعي وما قال مجاهد من هذا بين في الاية مستغنى فيه بالتنزيل عن التفسير. هذا الاثر الذي ساقه الشافعي يبين لك احد طرقه ومنهجه. اذا ساق حديثا او اثرا فانه يسوقه بسنده على طريقة السلف. لا يسوق حديثا ولا يذكر اثرا الا بسنده عمن حدثه به فخص جل ثناؤه قومه وعشيرته الاقربين في النذار وعم الخلق بها بعدهم ورفع بالقرآن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وخص قومه بالنذارة اذ بعثه فقال وانذر عشيرتك الاقربين. قال الشافعي اخبرنا ابن عيينة عن ابن ابي نجيح عن مجاهد وفي قوله ورفعنا لك ذكرك. قال لا اذكر الا بفضل معي. اشهد ان لا اله الا الله. واشهد ان محمدا رسول الله والله اعلم ذكره عند الايمان بالله والاذان. ويحتمل ذكره عند تلاوة الكتاب. وعند العمل والوقوف عن المعصية. فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون. وغفل عن ذكره الغافلون. هذه الصيغة المشتهرة يقال ان اول من تلفظ بها الشافعي رحمه الله في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون صلى عليه في الاولين والاخرين افضل واكثر وازكى من صلى على احد من خلقه. وزكانا واياكم بالصلاة عليه افضل ما زكى احدا من امته بصلاة عليه. والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. وجزاه الله عنا افضل ما جزى مرسلا عمن ارسل اليه. فانه انقذنا به من الهلك وجعلنا في خير امة اخرجت للناس دائنين بدينه الذي ارتضى واصطفى به ملائكته ومن انعم عليه من خلقه فلم تمسي بنا نعمة ظهرت ولا بطنت. ملنا بها حظا في دين او دنيا. او دفع بها عنا مكروه فيهن وفي واحد منهما الا ومحمد صلى الله عليه وسلم سببها. والقائد الى خيرها والهادي الى رشدها الزائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرشد المنبه للاسباب التي تورد الهلكة القائم بالنصيحة في الارشاد والانذار فيها فصلى الله على محمد وعلى ال محمد كما صلى على ابراهيم وال ابراهيم انه حميد مجيد عبارات فصيحة والفاظ جزلة وسياق مسترسل سلس لا يمله السامع ولا يظهر منه القارئ وما تقرأه الا وتستلذ بذلك الاسلوب في العربي الفصيح السلس العذب. ويستمر الكتاب حتى في عرض المسائل العلمية على هذا النهج. فانا انتقل الى ختام مقدمته رحمه الله يقول فكلما انزل سبحانه في كتابه جل ثناؤه رحمة وحجة. علمه من علمه وجهله من جهله لا يعلم من جهله ولا يجهل من علمه. قال رحمه الله والناس في العلم طبقات موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به. فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في اكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه. واخلاص النية لله في استدراك نصا واستنباطا والرغبة الى الله في العون عليه فانه لا يدرك خير الا بعونه ثم من ادرك علم احكام الله في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه. وانتفت عنه الريظ ونورت في قلبه الحكمة. واستوجب في الدين موظعة الامام فنسأل الله المبتدأ لنا بنعمه قبل استحقاقها. ان نديمها علينا. مع خير ما في الاتيان على ما اوجب به من شكره بها الجاعلنا. هذا اسلوب غير مستعمل. قال اي علينا قبل استحقاقها ان جاعلنا في خير امة اخرجت للناس ان يرزقنا فهما في كتابه ثم نبيه وقولا وعملا يؤدي به عنا حقه. ويوجب لنا نافلة مزيده. قال الشافعي فليست باحد من اهل دين الله نازلة الا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها. قال الله تبارك وتعالى كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد. وقال وانزلنا اليك الذكر بين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. وقال ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. وهدى ورحمة وبشرى وبالمسلمين وقال وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان. ولكن جعلناه نورا نهدي به لمن نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم. انتهت مقدمته رحمة الله عليه. ثم شرع بعد في تبويب ابواب قال باب كيف البيان والبيان اسم جامع لمعان المجتمعة الاصول متشعبة الفروع ثم ذكر في في البيان عدة ابواب انا سانتقل الى بابل يكون واضحا عند طلبة العلم ممن درس بعض مسائل الاصول لترى طريقة الشافعي رحمه الله في ذكر هذه المسائل واسلوبه وعبارته والفاظه ثم هو يذكر في هذه المسائل تطبيقات عملية من خلالها يوضح القاعدة يقول مثلا جمع عدة اي عدة النساء. قال الله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا وقال والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون. وقال واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. ماذا صنع؟ جمع الايات التي تبين العدد على اختلافها. ذكر اولا العدة التي فيها اربعة اشهر وعشرة عدة الوفاة. ثم ذكر عدة مطلقات ثلاثة قرون. ثم ذكر عدة المرأة التي لا تفيض وهو الثلاثة اشهر وعدة الحامل بوضع الحمل. قال فقال بعض اهل العلم قد اوجب الله على المتوفى عنها اربعة اشهر وعشرة صح؟ والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يدخل فيها المتوفى عنها بكل بانواعها قال وذكر ان اغل الحامل ان تضع. في قوله وولاة الاحمال. فاذا جمعت ان تكون حامل متوفى عنا هل تعطيها عدة الحامل او عدة المتوفى عنها؟ هل هو ماذا يصنع؟ يجمع الايات التي ربما كان خيرا ظاهرها شيء من التعارف ثم هي اورثت خلافا عند بعض الفقهاء. يعني هذه المرأة مات عنها زوجها وهي حامل. فان نظرت الى كونها انا زوجها ينطبق عليها قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجه. واذا نظرت الى انها حامل ينطبق عليها قول الله تعالى وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. هل تلحقها بهذه الاية او بتلك؟ او تجمع بين الايتين كما روي عن ابن عباس في رواية ثم رجع عنها انها تعتد بابعد الاجلين. ان كانت حاملا تنظر كم شهرا مضى من حملها. فان مضى منها شهران وبقي سبعة. السبعة اكثر من اربع اشهر اذا بعدة الاجل لوضع الحمل. وان كان بقي لها من حملها شهر وهو اقل من اربعة اشهر يعطيها حكم الاربعة اشهر. يقول تعتد بابعد هذا القول الذي يروي عن ابن عباس وثبت عنه الرجوع عنه رضي الله عنهما هو عمل بالجمع بين الدليلين. يقول الشافعي اذا جمعت ان تكون حاملا متوفا عنها اتت بالعدتين معا. كما اجدها في كل فرضين جعلا عليها اتت بهما معا فلم يعني يقول المفترض ان تعتد بالعدتين. هذا فرض وهذا فرض تجمع العدتين معا. يقول فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصبيعة بنت الحارث وقد وضعت بعد وفاة زوجها بايام قد حللت تتزوجي دل هذا. على ان في الوفاة والعدة في الطلاق بالاقراء والشهور انما اريد به من لا حمل به من النساء وان الحمل اذا كان عدة سواه ساقطة. وعلى هذا الطريق بوضوح وعدم التكلف بالعبارة والفهم الواضح من الالفاظ والدلالات كان يسير رحمه الله في سياق تلك التقريرات التي ذكرها اذكر مثالا اختم به قال وجه اخر يعني من الجمع بين النصوص وكيف يكون الحديث في مسألة واحدة له اكثر من وجه. قال وجها اخر يتحدثنا في باب النسخ. اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن انس ابن مالك. ان النبي صلى الله عليه وسلم وفرسا فصرع عنه فزفش شقه الايمن يعني اصيب في جانبه الايمن عليه الصلاة والسلام. فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا. فلما انصرف قال انما جعل الامام ليؤتم به. فاذا صلى قائما فصلوا قياما واذا ركع فاركعوا واذا رفع فارفعوا. واذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد. واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا اجمعون. هذه رواية وانتهت. قال اخبرنا مالك عن هشام ابن عروة عن ابيه عن عائشة انها قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فاشار اليهم ان اجلسوا. فلما انصرف قال انما جعل الامام ليؤتى به فاذا ركع فاركعوا واذا رفع فارفعوا. واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا. قال وهذا مثل حديث انس وان كان حديث انس مفصل واوضح من تفسير هذا اخبرنا مالك عن هشام ابن عروة عن ابيه ان رسول الله خرج في مرضه فاتى ابا بكر وهو قائم يصلي بالناس هذا متى؟ في مرض وفاته قبل وفاته بايام انه خرج في مرضه فاتى ابا بكر وهو قائم يصلي فاستأخر ابو بكر فاشار اليه رسول الله انت كما انت. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الى جنب ابي بكر فكان ابو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الناس يصلون بصلاة ابي بكر به يأخذ الشافعي يعني يأخذ بهذا الحديث ويصرح بمذهبه الان. ليش اخذ بهذا الحديث؟ لان الحديث الاول قال اذا صلى جلوسا نهاهم لما صلوا خلفه عن قيام نهاهم قال صلوا جلوسا. وفي هذا الحديث صلى جالسا وهم يصلون قياما. قال وبه يأخذ الشافعي. قال وذكر ابراهيم النخاعي عن الاسود بن يزيد عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر فمعنى حديث عروة ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى قاعدا وابو بكر قائما يصلي بصلاة النبي وهم وراءه قياما. قال ان يناقش فقه الحديث فلما كانت صلاة النبي في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما استبدلنا على ان امره الناس بالجلوس في سقطته عن الفرس قبل مرضه الذي مات فيه. فكانت صلاته في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما ناسخة بان يجلس الناس بجلوس الامام من اين استنبط النسخ من تأخر الحديث يقول هذا في اخر الوقائع وذاك كان قبل. واستدل بذلك على ان الحديث الاخير هذا ناسخ لقبل وكان في ذلك دليل بما جاءته بالسنة واجمع عليه الناس من ان الصلاة قائما اذا اطاقها المصلي وقاعدا اذا لم يطق هو ان ليس للمطيق القيام منفردا ان يصلي قاعدا. فكانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم او صلى في مرضه قاعدا ومن خلفه قياما مع انها ناسخة بسنته الاولى قبلها موافقة سنته في الصحيح والمريض واجماع الناس ان يصلي كل واحد منهما فضله ما يصلي المريض خلف الامام الصحيح قاعدا والامام قائما. وهكذا نقول يصلي الامام جالسا ومن خلفه من الاصحاء قياما فيصلي كل لواحد فرضه ولو وكل غيره كان حسنا. يعني الامام اذا كان مريض وما يستطيع يقف وسيصلي جالس الامام يوكل غيره يصلي قائما من احسن؟ قال وقد اوهم بعض الناس فقال لا يؤمن احد بعد النبي صلى الله عليه وسلم جالسا. واحتج بحديث رواه منقطع عن رجل مرغوب الرواية عنه لا يثبت بمثله حجة على احد فيه لا يؤمن احد هذه جالسة فضعف الحديث وذكر عدم صحة الاحتجاج به ثم استمر رحمة الله عليه في سرد طريقته. هذه طريقة الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة من اوله الى اخره يسوق المسألة الحديث يصدق القاعدة يشير لك الى المأخذ في النسخ ان كان نسخا في الجمع في الترجيح في قول بصيغة العموم وما الى ذلك كلها مشت على طريقة واضحة سهلة الاسلوب تنبئك عن ان كتاب الرسالة للشافعي مدير العناية عند من يدرس علم الاصول او من يختص به على وجه الخصوص. وبعده كان هذا الحديث سلسلة لاستمرار حديثنا عنه مسيرة علم الاصول في تاريخ المسلمين. بعد ان كان علما متوارثا مأخوذا بالتلقي والمشافهة. اضحى الان مستورا ومصنفا بعد الرسالة اتجه اهل العلم الى جمع مسائل وكتابة قواعد وبدأ بنيان علم الاصول يزداد شيئا فشيئا وهكذا استمر العمل في مصنفات علم الاصول حتى اضحى علما كبيرا ضخما وله المناهج والمذاهب المختلفة وله المصنفات المتعددة كل ذلك سنأتي على ذكره تباعا بمشيئة الله تعالى. ووقف بنا الحديث تحديدا عند اوائل التدوين في هذا العلم على يدي الامام القرشي محمد ابن ادريس الشافعي رحمة الله عليه صاحب المذهب المعروف. وكتابه الرسالة يعد اول كتاب صنف في علم الاصول في تاريخ الاسلام. ولتأليفه قصة مضت الاشارة اليه على عجالة. ومجلسنا الليلة ان شاء الله تعالى فيه بالتفصيل لكتاب الرسالة للشافعي باعتباره اللبنة الاولى في بناء مصنفات علم الاصول. وفهم الكتاب مدخل مهم ومنطلق لكن يجب ان يصير من خلاله الدارس لعلم الاصول وان يكون على بينة ودراية كافية وافية بنشأة هذا العلم في كتابة رسالتي للشافعي رحمه الله وطريقته ومنهجه فيه ومحتواه وكيف اصبح العلم من بعد الرسالة علما مصنفا وكتبا ثم تطورت الى اصبحت مناهج تتبع ومدارس ومذاهب تشق طريقها في بنيان هذا العلم شيئا فشيئا كتاب الرسالة للشافعي وهو الذي بين يدي اليوم وسأقرأ لكم بعض النماذج منه. كان بداية امره رسالة توجه بها الامام عبدالرحمن ابن هذه رحمة الله عليه. الامام المحدث الثقة الثبط توجه برسالة للامام الشافعي عبدالرحمن بن مهدي امام جليل من اجلة السلف رحمة الله عليهم. فكتب رسالة للشافعي يطلب فيها منه ان يضع له جملا تعينه على النظر فيما يحتاج اليه الفقيه والعالم والناظر في الادلة. وكانت رسالته التي صل بها الى الامام الشافعي يطلب فيها يضع له كتابا فيه معاني القرآن ويجمع قبول الاخبار فيه وحجة الاجماع وبيان الناسخ والمنسوخ. قبل الحديث عن الطلب الذي تقدم به الامام عبدالرحمن ابن مهدي رحمه الله لك ان تتأمل في حيثيات هذا الطلب وكتابة الرسالة وما جد بعدها نحن في زمن نتكلم فيه على اوائل او في منتصف القرن الثاني الهجري. ما بعد المئة والخمسين. وهو الزمن الذي قلنا فيه ان فتوحات الاسلامية قد امتدت ورقعة البلاد قد اتسعت ودخل الناس في دين الله افواجا ضعفت فيه لغة العرب ودخل الاعاجم في الاسلام وكان دخولهم مع شيء من الشوائب التي يحملها اللسان العجمي وشيء من العقائد التي كانوا عليها قبل الاسلام بما ان البيئة لم تكن كما كانت زمن الصحابة رضي الله عنهم في اوائل الخلافة الراشدة حيث اللغة العربية السائدة والناس تفهم القرآن والسنة بمقتضى اللسان الى درجة كبيرة هذا الامر اعني الفجوة التي بين الناس وبين النصوص الشرعية ثم ازداد الامر يعني حاجة والحاحا بظهور بعض الفرق المنتسبة للاسلام التي ادخلت شيئا من المخالفات الشرعية مثل الفرق التي ظهرت اول ما ظهرت كالجهمية والقدرية والمعتزلة والشيعة والخوارج فكانت كل طائفة تؤسس على شيء من دلالات النصوص. وكان ولابد بما انها مخالفة للمنهج السوي فكان لها شيء من التأويل في تنزيل دلالات النصوص على ما ذهبوا اليه وقرروه. فكان في هذا استخدام غير رشيد لدلالات النصوص الشرعية تفاقم الامر حاجة الى الى وضع منهج صحيح يتعامل به الفقيه وطالب العلم مع الدليل الشرعي. ليستنبط الحكم الصحيح الذي يتضمنه النص ليكون الاستنباط سليما والحكم صحيحا وليكون ايضا التعامل مع الدليل بطريقة منهجية شرعية صحيحة عبدالرحمن بن مهدي رحمه الله في مثل هذه الظروف وجه الرسالة للامام الشافعي. الحيثية الاخرى ان اماما كالشافعي في هذه المرحلة من حياته يقال انه ارسل اليه الرسالة سنة مائة وثمانين. مائة وثمانين يعني كم عمر الشافعي؟ ثلاثون سنة فقط ثلاثون في ثلاثون سنة في سن طلبة العلم اليوم تعتبر بدايات للتمكن. لكنها عند امام كالشافعي كانت امة في الرسوخ وبلوغ الغاية والسبب في ذلك ان الشافعي رحمه الله لما تربى بمكة وكان قد نشأ فيها يتيما وتعلم في بدايات اسنان الطلب وحداثة العمر لم يبلغ رحمة الله عليه سن السابعة عشرة حتى اجاز له شيوخ الحرم وعلماؤه انذاك بالجلوس والافتاء في الحرم المكي. في سن السابعة عشرة فنبوظ وامامة مبكرة وحداقة بفهم وذكاء ثم اذن له من شيوخه واساتذته وعلمائه ان يكون شيخا معلما ومفتيا ولما تقول معلما مفتيا في وفي الحرم وهذا يعني بين الحجيج ودموع المعتمرين وامة الاسلام كلها التي تخدم مكة وتدخل بيت الله الحرام. ثم رضي الله عنه الى المدينة والتحق بالامام ما لك وطلب عنده العلم وقرأ عليه الموطأ وحفظه وتلقى عنه فاخذ من مالك رحمه الله الفقه والحديث فكان هذا مما اه قوى عود الامام الشافعي ايضا في الفقه والحديث والدراية وهو لا يزال في سن مبكرا فلما ان بلغ الثلاثين فقد بلغ مبلغا عظيما رضي الله عنه في الامامة والنظر في الادلة وكانت نشأته العلمية التي جمعت بين الاخذ عن شيوخ مكة وفقهائها. ثم الارتحال الى المدينة. واذ اخذ عن الامام ما لك فلك ان تقول اخذ فقه اهل المدينة الفقهاء السبعة الذين كان عليهم المعول في فقه الاسلام في في على رأس السنة المئة الاولى الى الاربعة والتسعين من الهجرة وكله هيأ للشافعي بيئة خصبة ان يكون على ذكائه وفطنته ونبغو المبكر رحمه الله صاحب شأن في العلم واي شأن ثم وارتحل الى بغداد والتقى باصحاب ابي حنيفة وكبار تلامذته كمحمد بن الحسن والقاضي ابي يوسف. اخذ ايضا بالمجالسة المناظرة والمدارسة اخذوا اصول المذهب وطريقتهم في الفكر ومنهجهم في النظر في الادلة تتلاقح تتلاقح في في فقه رحمة الله عليه فقه المذاهب السائدة انذاك والفقهاء القائمين بالعلم وبالفقه والنظر في الدليل انذاك. على يقول لي عبد الرحمن بن مهدي وهو شيخ ائمة الاسلام. يعني شيخ علي ابن المديني وشيخ احمد وشيخ اسحاق. يكتب رسالة الى الشافعي يطلب فيها منه ان له كتابا ان يضع له كتابا ان يكتب له رسالة فيها معاني القرآن. ويجمع قبول الاخبار فيه وحجة اجتماع وبيان الناسخ والمنسوخ. هذه اركان للمسائل التي يحتاج اليها الاصولي. والتي تعتبر اركان هذا العلم ومسائله الكبار حجية القرآن ومعانيه حجية السنة الاجماع والنسخ الناسخ والمنسوخ. فما كان من الامام الشافعي رحمه الله الا ان سطر رسالة ليست هي هذا الكتاب سطر رسالة يحملها البريء. وكتب لعبدالرحمن ابن مهدي هملا من اصول العلم في حدود ما طلبه رحمه الله. فجمع له صفحات وكتب له زملا كما قلت هي من مسائلها التي اشار اليها ابن في حاجته اليها ثم ارسلها اليه. قيل كان بمكة وقيل كان ببغداد. فارسلها اليه وحملها الحارث بسريج حمل الرسالة. والطريف ان الحارث بن سرير لقب فيما بعد بالنقال. وليس ذلك الا لنقله رسالة الشافعي الى عبدالرحمن بن مهدي فكان حدثا تاريخيا اكتسب به لقبا واضيف اليه فعرف به. فحدث ابن سريج حمل الرسالة. ثم بدا شافعي رحمه الله بعدما فتح له هذا الباب. اعني باب كتابة هذه المسائل ولم تكن مستورة من قبل فبدا له مشروع علمي ضخم كبير يستحق ان يتفرغ له الامام الشافعي وان ينتصب له وان يكتب فيه ما يصلح ان يكون كتابا علميا يرجع اليه طلبة العلم ويستفيدون منه. فبدأ مشروعه الكبير في تأليف الكتاب الرسالة. لم يسمي كتابه بالرسالة هو سماه الكتاب. واذا احال اليه في بعض كتبه كالام او آآ او خبر الاحاد مثلا او جماع العلم ونحوه يقول قلنا في الكتاب واشرت في الكتاب ولم يشبه الرسالة لكن الناس سمته بالرسالة. فالشافعي لم يسمي كتابه بالرسالة انما يسميه الكتاب او كتابي هذا او كتابنا هذا لن يضع له عنوانا محددا. لكنه لما نظر الناس الى ان الكتاب كان في اصله رسالته التي بعث بها الى عبد الرحمن بن مهدي. والرسالة التي بعث بها لعبد الرحمن بن مهدي كانت قد وقعت عند اهل العلم بموقع الحسد وتلقوه بقبول وصاروا يطلعون عليها ويطلبونها وينسخونها. فلما كانت بذلك الشأن نقل الناس اسم الرسالة من ذلك الى الكتاب الذي الفه الامام الشافعي. الف الامام الشافعي رحمه الله كتابه هذا بمصر بعد ان نزل بها استقر بها اخر عمره. وذلك ان الشافعي رحمه الله في رحلته العلمية كان قد تنقل بين مكة والشام وبغداد واليمن بغداد مرة ثانية ثم منها الى مصر واستقر به المقام بها حتى مات رحمه الله سنة مئتين و وكم اربعة اذا الف الكتاب في الاربع السنوات الاخيرة من حياته. وهذا باصلاح آآ مؤرخين للعلم كما هو يعني بعد ان بلغ تمام النضج العلمي وتمام اكتمال الملكة التي ملكها رحمه الله في هذا العلم. وهذا ان دل فانما يدل على مكانة الكتاب وجلالة قدره لما يؤلفه الشافعي رحمه الله في هذه المرحلة من العمر. الف الكتاب وقع فيه مسائله وبوبه وصنفه. فكان الكتاب فكان الكتاب بهذه المثابة اللبنة الاولى التي وضعها علماء الاسلام في التأليف في اصول الفقه على الاطلاق. ثمة من يزعم في بعض الكتب ان هناك سبقا على في تأليف رسائل في علم الاصول كان قد كتبها بعض اهل العلم فنسب شيء منه الى القاضي ابي يوسف او الى الامام محمد بن الحسن ابن جعفر الصادق وغيرهم لكنه ليس بين ايدينا شيء لا قصاصة ولا رسالة ولا مسألة ولا كتاب ولا اشارة ولا نقبل حتى الى شيء من تلك الكتب بما يثبتها حقيقة علمية. فلم نعد الا ان نقول ان رسالة الشافعي تاريخيا من سنة مئتين واربعة لم نجد بين ايدينا معشر المسلمين في المكتبات ولا في المخطوطات ولا حتى ثمن نقل عن الكتب التي نقلت انذاك شيئا ما يثبت ان هناك فمدونا علميا في مسائل الاصول كان قبل الشافعي رحمه الله. فكان للشافعي بهذه المثابة قصد السبق في التدوين في علم الاصول وادعوا لكتاب الرسالة اكتسب اهمية من جهات متعددة اجملها فيما يلي. اولها ان المؤلف والامام الشافعي وحسبك به. ولما يكون المصنف او المؤلف او الكتاب خرج من بين يدي عالم امام ثقة يعرف الناس علمه وانتشر في الامة فضله وكان له ما كان. من القبول والاخذ والرواية وتلقي الامة له هذا يدل على شأن عظيم للكتاب فان تتكلم عن مصنف لا كالمصنفين وعن مؤلف لا كالمؤلفين والامام الشافعي رحمه الله لما نتكلم ايضا عن الامام الشافعي باعتباره مؤلف هذا الكتاب ومنه اكتسب الكتاب اهميته ومنزلته ومكانته فانه فوق فوق الشافعي وفوق امامته في الدين وفوق ما ذكرته من بعض الصفات التي خولت له وهيأت له ان يكون اماما يأخذ الناس عنه علما ضخما كبيرا دقيقا كالاصول. فان الشافعي رحمه الله صاحب لسان عربي فصيح. وهذا له دلالة كبيرة في علم كالاصول. لانه سبق وان اشرت لمجلس سابق. ان من اهم اركان علم الاصول هو الالمام والدراية التامة بلسان العرب. لانك تتعامل في علم الاصول مع نصوص شرعية مع الكتاب والسنة مع الاحاديث وهذه نزلت بافصح ما يكون عليه لغة العرب. فالمتأمل في تلك الادلة والمتعامل معها تستنبط بالاحكام منها. يحتاج اول ما يحتاج اتقانا كبيرا للغة العرب. ودراية كافية بها. وامامة بالغة القصوى في مسألة العلم بطرق الاستعمال ودلالات الالفاظ والتراتيب والسياق وما الى ذلك. فالشافعي رحمه الله ليس لانه ليس لانه قرشي مطلبي فقط. لكنه مع ذلك اعتنى كثيرا في نشأته في بداياته بتعلم اللغة. وهو الشافعي رحمه الله ولد في غزة. ثم انتقل يتيما الى مكة وتربى بها. نشأ امه التي ربته لها فضل عظيم في تربيته وتوجيهه لطلب العلم. ويذكر انه في بداية صباه لم يكن مقبلا على العلم. وكان يشتغل بالخروج الى البادية وتعلم الصيد وتعلم الرمي رمي السهام حتى انه كان حاذقا فيها. فيذكر انه اذا رمى السهام وتبارز فيها او تنافس كان يصيب عشرة كم من عشرة او تسعة من عشرة هذا اقل نتيجة يحققها تسعة من عشرة اذا حدد هدفا ورمى بالسهام فانه اذا اخطأ من العشرة يخطئ واحدا والا يصيبه عشرة من عشرة فكانت هذه نشأته يخرج من مكة الى اول النهار ويعود اليها في اخرها ويحمل على عاتقه قوسه متقلدا اياها داخل مع اخر النهار يذكر في شأنه انه دخل ذات مرة مكة فلقيه بعض اخواله فاذا به يضع يده على كتفه وقال مثلك ما ينبغي له ان يكون مشتغلا بهذه الامور. لان هذه امور تافهة ومثلك ينبغي ان يكون شأنه اعظم. فوقعت الكلمة موقعها في قلب الامام الشافعي تتجه لطالب العلم والتحق بمسلم بن خالد الزنزي وغيرهم من علماء مكة لم يحدثون الفقهاء واكب على طلب العلم فاصبح كذلك. كان خروجه ذاك للباب يحرص فيه على الخروج الى قبائل هبي. فكان يأخذ عنها اللغة ويحفظ اشعارها. ويعد الامام الشافعي في تاريخ دواوين الشعر احد رواة شعر هذيلة راوية للشعر ان يحفظه تماما ويعرف ديوانها واخبار شعرها. فبلغ بذلك درجة عالية من اتقان اللغة. وحفظ الاسعار والدواوين وانت تجد حتى في كتاباته حتى هنا في الرسالة اذا روى بيتا ناقشه وصححه واوله وفهم معناه وذكر اصول اللغة في لفظة ما واستعمالها ودلالاتها اقول امامة الشافعي حتى في اللسان العربي ليست لانه عربي فقط لكنه اعتنى ايضا بدراسة واللسان وحفظ الاشعار. وكانت هذه النشأة اكسبته رحمة الله عليه. اكسبته ايضا امامة كبيرة في الدراية. بل بلغ بالامام الشافعي ان رجلا كالاصمعي امام اللغة في عصر بلا منازع يذكر للشافعي امامة في اللغة. وانه يحضر مجالسه يتعلم منه فكان الاصمعي احد مجالس الشافعي ما يريد الفقه للفقه. ولا يريد ما يقربه الشافعي في مجالسهم مسائل يتعلم منه اللغة. يقول فما جلست في مجلس ارى فيه من الفصاحة وقوة اللغة وعدم اللحن كالشافعي. ويذكر انه جلس وتعلم عنده بل اذا اشكل على الاصمع شيء من اليهودية على وجه الخصوص سأل عنه الشافعي وتثبت منه وتعلمه منه. بل يقول انه جلس مجالس متعدد للشاة يقول فلم احفظ عليه لحمة ولا خطأ في اللغة ولا كلمة. هذه الامامة الكبيرة في لغة الشافعي رحمه الله التي كانت كان يمتلكها هيأت له هيأت له عناية كبيرة بالتعامل مع قواعد الاستنباط من النصوص لانها قواعد لغة دلالات لغوية فبلغ في ذلك رحمة الله عليها بلغ المبلغ الكبير الذي هيأ له الامامة بلا منازع. فنقول من اجل من اجل ما اكتسبه وكتاب الرسالة وهو اول مصنف في الاصول ان مؤلفه الامام الشافعي. وحسبك به. وعندما تتكلم عن الامام الشافعي بخصائصه مزاياه وامامته وعلمه رضي الله عنه فكل ذلك سينعكس اثره على الكتاب. الامر الاخر اما ان من زي ما زي الرسالة للشافعي كونه اول مصنف الريادة والصدق الذين الريادة والسبق اللذان برزا في كتاب ينبغي ان تقف ايضا عندها بتأمل وافد. ما معنى ان يؤلف كتاب لم يسبق صاحبه اليه. وان اصولا لعلم لم يسبق في تاريخ الدنيا ان اهل العلم كتبوا فيه. ماذا يعني هذا؟ يعني يعني عبقرية. ويعني ذكاء المتفردا يعني تميزا في القدرة والملكة. لانه من اصعب ما يمكن ان يكون في حياة البشر على مستوى العباقرة والاذكياء ووجهاة البشر اصعب ما يكون ان يخرج فكرة مكنونة في الفؤاد فيستطيع ان يعبر عنها بعبارات يفهمها الاخرون اذا كانت مجرد فكرة تلوح في ذهن صاحبها ويستطيع ان يعبر عما في نفسه الفكرة تلك الجائلة والدائرة وهي شيء يعني لا تدري من اين يبدأ ومن اين ينتهي؟ فاذا استطاع صاحب الفترة امساكها ثم استطاع اخراجها واستطاع صياغتها وتدوينها فان هذا غاية العجب اما ان يكون هذا علما وليست مجرد افكار وخيالات ولا خواطر بل هي مسائل علم وكما قلت لك ما قبل الشافعي العلم يتلقى استنباطا ووراثة تتلقاها الاجيال. اخذها الصحابة فكانت عندهم ملكته. جلس اليهم التابعون فتفقهوا عنه واخذوا منه وسمعوا منهم الفتاوى. وكان يتشرب منهج الصحابي عن طول الممارسة. فاصحابه ابن مسعود منهجه ليس على طريق الدروس كان يلقنه فيها قواعد الاصول. ولا على مجالس ان يقرأ عليهم كتابا يدرسون فيه كيف دلالة الامر ودلالة النهي وكيف يعمل تتعارض الادلة؟ وما هي طرق اثبات الناسخ لمعرفة المنسوخ؟ ما كان هذا علما مقرر على هيئة مسائل. لكن كانت كان حديثا عن ايات كانت فتاوى فكان الرجل من طول الصحبة للصحابي والمجالسة له والاخذ عنه يتشرب منهجه ويأخذ طريقته في الاستنباط لكن ما يستطيع ان يعبر لماذا قلت ان الاية هذه تفيد كذا والحديث لا يفيد؟ ما الفرق بينهما؟ شيء ما هي ملكة لا يستطيع ان يعبر عنها. تماما كسائر الملكات التي يمتلكها اصحابها فيبلغون فيها الحلم فلو قلت له علمني من يعلمك جملا يقول لك اصحبني وكن معي ولازمني وستتعلم. واللي ما يستطيع يخرج لك شيئا محوسا على هيئة عبارة مفهومة يعطيك اياها فتتعلم. لكن العلم في مسائل الاصول لما استحال ذلك الى مسائل مقروءة وعبارات وقواعد تكتب فهذا غاية ما يكون كما قلت في العبقرية والقدرة العقلية وهذا احد جوانب الابداع في كتاب الرسالة للشافعي. هو تماما كما تذكر الامامة مثلا في في في تقنين علم العروض لما كان الشعر على لسان العرب ملكة. كان احدهم اذا اراد ان ينشد بيتا جمع الفترة او المعنى الذي يريد ان يتكلم فيه ثم قال البيت انشده بيتين ثلاثة اربعة اصبحت قصيدة يتفاوتون في جزالة اللفظ وقوة السبق وفصاحة الالفاظ فتفاوت لكن ما عندهم بيت مكسر ولا عندهم قوافل معدومة كان من كان البيت سليم وكانوا يقيمون الوزن اقامة سليمة ومع هذا لما كانوا دون الشعر على مختلف ابحره واختلاف اوزانه وقواصيه ما كان عندهم ان الشعر يأتي على انحاء وان اوزانه تأتي على مجموعة من الانواع ما كان عندهم فكان هذا ملك كانت هذه صنعة العرب وهذا لسانه. فلما يأتي امام ويحاول ان يصبر غور تلك الابيات كلها وقصائده العرب ثم يستطيع ان يحصرها باستقراء تام ويجد انها لا تخرج على اوزان محددة. ثم يستطيع ان يمسكها ويصوغها ويقننها ما في قواعد ويسميها باسماء هذه عبقرية. لما كان علم النحو واللغة كلاما تتلفظ به العرب. فكانوا يرفعون الفاعل وينصبون المفعول يرفعون المرتدى واذا دخل احد النواسخ غير في المبتدأ والخبر الى اخره. فكان كلاما يتكلم به الناس. فان تجعل ذلك على شكل قوانين وقواعد وتقسم الكلام الى انواع والجمل الى انواع ثم تعطي كل شيء طريقته وحكمه واعرابه. هذا ايضا ليس بالصنيع السهل. فلما يقال في ابن احمد وبالاسود الدؤلي وغيرهم ممن ممن قنن العلوم بعد ان لم تكن واخرجوا تلك الامور التي كانت ملكات على شكل قواعد وعلى شكل كتب تصنف على شكل علوم تدرس هذه امامة ولما تقرأ تفسير هؤلاء ابو الاسود الدؤلي ابن احمد والامام الشافعي تجد انهم موصوفين بذكاء كانوا يتميزون به على على باقي طبقتهم واقرانهم. هذا الذكاء والاستنباط بعد توفيق الله جل جلاله هو الذي هيأ لاحدهم العبقرية التي نتحدث عنها. فامامة الشافعي رحمه الله هيأت له يكتب الرسالة فيضع فيها قوانين وقواعد الاستنباط ويقسم العبارات بكلام لم يسبق. من درس منكم الاصول اذا فتح كتاب الرسالة وسنقرأ منه الان ويتكلم عن الصيغ العام والخاص ويقول العام من هو عام يراد به العموم ثم يخصص منه عام يراد به في ظاهره اللفظ العام لكنه الحقيقة المراد به الخاص وتقول هذا لها ما اعرفه لانك تتكلم على بعد الف واربع مئة وثلاثين سنة درسته في كتب. لكن قبل ان يكون هذا مكتوبا في كتاب. وقبل ان يخرج على شكل المسألة مكتوبة ثم يأتي بها الشافعي ويكتب ليست مسألة ولا مسألتين ولا خاطرة بل علم قائم في رأسه بدأ يصنفه ويرتبه ليس العجب في الفكرة وان يجمع بينها. لا هو نظر كامل في الشريعة. وابواب الاحكام وابواب الفقه ثم يستخرج من تلك المسائل قواعد تستطيع ان تطبقها على كل ابواب الفقه. ثم يخرجوا على شكل تطبيقات ويضرب لك امثلة. ثم بعد ذلك كله جودة الترتيب ضمن مسائل الكتاب التي تجعل قارئه ومتعلمه يبدأ من خطوة ثم ينتقل الى الثانية كالتي تليها فيتم الكتاب وقد تسلسل بمنهجية منطقية مرتبة استطاع ان يخطو خطوات للامام وان يفهم ما يراد في مسائل هذا العلم فهي فصيحة اللفظ قوية المبنى مستوفية المسائل على كل فالتصنيف المبكر عادة في العلوم يشوبه كثير من النقص والخلل. هذا في كل علم بدايات التصعيد في العلوم وشبهة نقص وشبهة خلل وشوبها شيء من عدم الاكتمال وهذا طبيعي جدا باعتباره الخطوة الاولى. ثم تتوالى خطوات التحسين على ايدي العلماء جيلا بعد جيل حتى يكتمل هذا العلم. لكن رسالة الشافعي جاءت على نحو مغاير فليس فيها الخلل بمعنى الخلل بمعنى انه يمكن ان يستدرك عليه اشياء وينتقد في اشياء وتسد من خلال الممارسات في التأليف حتى تسوى فيها جوانب خلل في الكتاب لا. وليس فيها جوانب النقص بمعنى ان ابوابا من علم الاصول ذماته لم تكن موجودة في الرسالة. نحن لا نزعم ان رسالة الشافعي حوت كل القواعد التي يحتاج اليها الاصوليين. الاصوليون لكن جملة جمعت اصول هذا العلم. فجاءت المسائل من بعده وجاءت مناهج التهديف من بعده تأخذ منحى التوسع. والانتشار والتفريع ليس الا لكن في الجملة استوت مسائل هذا العلم في كتاب الرسالة للشافعي رحمه الله فكان كما قلت سبقا وامامة وريادة وشيئا ما من الاكتمال شبه التام الذي هيأ لان يكون كتاب الرسالة كان ولا يزال الى اليوم بين ايدي طلبة العلم وعند الاصوليين على وجه الخصوص مرحلة لا يحسن تجاوزها. ومن الخطأ المنهجي البالغ اقولها بكل صراحة من الخطأ المنهجي الفادح عند طلبة العلم والمتخصصين على وجه الخصوص ان يعتني بدراسة علم الاصول ويهتم به ويدرك اهميته ثم يقبل على تعلمه وحفظ بعض المتون فيه. ودراسة بعض الكتب. ولا يكون بخلد احدهم ايضا ما ان يقرأ رسالة الشافعي او يدرسها. ولا يمر بها اطلاقا. بل بعضهم ما اقتناها اصلا وليست في مكتبته. واذا رجع اليها رجع اليها رجوع الباحث الذي يرجع الى المسألة فينظر ماذا قال فيها الشافعي. حق من اراد ان يكون متبحرا وان شئت فقل بمصطلح اليوم متخصص في علم يمكن اصول ان يكون اولى مهماته قراءة الرسالة للشافعي. قراءة فيها درس وتأمل وفهم استنباط لانك ترسم الخط من البداية في اول كتاب صنف. لو كان الكتاب كثير الخلل عظيم النقص قليل الجدوى مهم ولو كان المعلق ليس في امامتك الشافعي لكان يحق لنا ان نزهد في الرجوع اليه والبدء به. اما ان يبلغ هو طالب العلم درجة متقدمة في الدراسة في اقسام الشريعة مثلا او الفقه والاصول او في طلب العلم جملة حتى لو في غير الدراسات الرسمية او منهجية المرتبة ثم يرتقي الى درجة البحث في مسائل العلم او يتخصص فيعد فيها رسائل علمية لمراحل الدراسات العليا وايضا لم يكتب له ان يقرأ كتاب الرسالة ولا يبدأه من اوله الى اخره ويدرس دراسة متأنينة فاحصة فهذا خلل. ما معنى ان يحفظ بعض طلبة العلم بعض المتون فيحفظ الورقات او متنها او يحفظ مختصر ابن الحاجب او جمع الجوامع للسبكي ويكون قد درس له شرحا وشرحين وهذا في في عرف متخصصين اتقان لا بد منه ان يكون له عناية ودراية بمتون هذا العلم ومسائله وشروحه وان يكون على معرفة بما يقوله الاصوليون وفي تلك المسائل لكن اقول اذا كان هذا على حساب العناية بالرسالة للشاق فهو خلل ينبغي التنبيه عليه والوقوف عنده موضوعات الرسالة التي وضعها الامام الشافعي في عناوينها يعني يمكن ان يجملها كالتالي بعد مقدمة ذكر البيان انواعه تحدث القرآن ومكانته في التشريع. ثم تناول مسائل العموم والخصوص وبعض صيغه. انتقل الى الحديث عن السنية وحجيتها ثم تحدث عن النسخ وانواعه تكلم عن بيان السنة للكتاب ثم انتقل الى ما اسماه بعلل الاحاديث تكلم بعدها عن بيان السنة للسنة ثم انتقل في الدلالات الى النهي وتحدث بعد عن خبر الاحاد وحجيته تناول بعده مسائل الاجماع ثم تكلم عن القياس والاستحسان والاختلاف في الاحاديث ختم ذلك بحجية اقوال الصحابة والعمل عندما تنقل الرواية عن بعض الصحابة اجتهادا لا في مسألة لا نصفيها. هذا الترتيب المجمل وضعه الامام الشافعي رحمه الله لكتابه الرسالة. وقد سار فيه على ترتيب منهجي وتقسيم كما قلت منطقي مقبول جدا لمباحث الكتاب. عادة يترجم بعنوان للباب والمسألة التي يتكلم فيها. يقول باب فدى باب كذا وعلى طريقة واضحة يفهمها طلبة العلم من غير حاجة الى شرح يستشهد كثيرا وهذه اهم مزايا الكتاب اذا ذكر قاعدة انه مسألة مكن لها بتطبيقات وامثلة من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة اشتماله على جل ابواب الاصول طريقتها التي استخدمها التصنيف فيه اسلوب الحوار. قال كذا فقلت له كذا. قيل اما انه كان يحكي مدارسة ومناظرة مع شخص كان يجلس انه يتكلم معه قيل انه يصوغها على طريقة المحادثة والحوار لتكون اقرب الى الفهم. الان ساقرأ على مسامعكم مقطعا من رحمة الله عليه في الرسالة ومبحثا او مبحثين من مسائل الكتاب لتقفوا فقط على لغة الشافعي ومنهجه واعينكم بالله ان تكون هذه اول واخر كلمات تسمعونها من الرسالة هي اوائل لكن ينبغي ان يكون بعدها دراسة وعناية به قال رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم يقول تلميذه الربيع بن سليمان وهو يروي هذا الكتاب عنه اخبرنا ابو عبد الله محمد ابن ادريس ابن بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن مطلب بن عبد مناف المطلبي ابن عم رسول الله صلى الله عليه اله وسلم قال الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون والحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه الا بنعمة منه. توجب على مؤدى على في ماضي نعمه بادائها نعمة حادثة يجب عليه شكره بها. واضح صح؟ جدا هي لغة عربية فصيحة الجزم اعيد العبارة لانك لم تتكلف الا في متابعة عود الضمير وربط الجمل بعضها ببعض. لكن العبارات المنطقية والجمل غير العربية خالية تماما وليس فيها اي لفظة على الاطلاق لان الزمن متقدم على زمن ترجمة الكتب المنطقية ودخولها في تصانيف علماء المسلمين قال رحمه الله الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه الا بنعمة منه. يعني انت لما تشكر الله على نعمة شكرك لله هي نعمة ساقها الله اليك ولولا ان انعم عليك بالشكر ما شكرته. قال الا بنعمة منه توجب على ماضي نعمه بأدائها نعمة حادثة. يجب عليه شكره بها. قال ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه به خلفه. احمده حمدا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله واستعينه استعانة من لا حول له ولا قوة الا به. واستهديه بهداه الذي لا يضل من انعم به عليه. واستغفره ما ازلفت واخرت استغفار من يقر بعبوديته ويعلم انه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه الا هو اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله. بعثه والناس صنفان. احدهما اهل كتاب بدلوا من احكامه وكفروا بالله فابتعدوا كذبا صاغوه بالسنتهم فخلطوه بحق الله الذي انزل اليهم فذكر وتبارك وتعالى لنبيه من كفرهم فقال وان منهم لفريقا يلون السنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من كتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله. ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. ثم قال فويل للذين يقصدون الكتاب بايديهم. واستمر في سرب عدد من الايات التي تذكر كفر اهل الكتاب. قال وصنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ونصبوا بايديهم حجارة وخشبا وصورا استحسنوها ونبذوا اسماء افتعلوها ودعوها الهة عبدوها فاذا استحسنوا غير ما عبدوا منها القوه ونصبوا بايديهم غيره فعبدوه. فاولئك العرب. وسلكت طائفة من العجم سبيلهم هم في هذا وفي عبادة ما استحسنوا من حوت ودابة ونجم ونار وغيره. فذكر الله لنبيه جوابا من جواب بعض من عبد غيره من هذا الصنف فحكى جل ثناؤه عنهم قولهم انا وجدنا ابائنا على امة وانا على اثارهم مقتدون. وذكر ايضا عددا من الايات التي فيها هذا المعنى. قال رحمه الله فكانوا قبل انقاذه اياهم بمحمد صلى الله عليه اهل كفر في تفرقهم واجتماعهم يجمعهم اعظم الامور الكفر بالله. وابتداع ما لم يأذن به الله تعالى عما يقولون علوا كبيرا وان لا اله غيره وسبحانه وبحمده رب كل شيء وخالقه. من حي منهم فكما وصف حاله حيا عاملا قائلا بسخط ربه مزدادا من معصيته. ومن مات فكما وصف قوله وعمله صار الى عذابه. فلما بلغ الكتاب اجله فحقق والله باظهار دينه الذي اصطفى بعد استعلاء معصيته التي لم يرضى فتح ابواب سماواته برحمته كما لم يزل يجري في سابق انه عند نزول قضائه في القرون الخالية قضاؤه. فكان خيرته المصطفى لوحيه المنتخب لرسالته. المفضل على جميع خلقه بفتح رحمته وختم نبوته واعد ما ارسل به مرسل قبله المرفوع ذكره مع ذكره في الاولى. والشافع المشفع في الاخرى افضل خلقه نفسا واجمعهم لكل خلق رضيه في دين ودنيا. وخيرهم نسدا ودارا محمد ندم عبده ورسوله وعرفنا وخلقه نعمه الخاصة العامة النفع في الدين والدنيا فقال لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم. حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. وذكر عددا من الايات منها وانه لذكر لك ولقومك فتسألون قال الشافعي اخبرنا ابن عيينة عن ابن ابي نجيح عن مجاهد في قوله وانه لذكر لك ولقومك قال من القائل مجاهد يقال ممن للرجل فيقال من العرب فيقال من اي العرب فيقال من قريش قال الشافعي وما قال مجاهد من هذا بين في الاية مستغنى فيه بالتنزيل عن التفسير. هذا الاثر الذي ساقه الشافعي بين لك احدى طرقه ومنهجه اذا ساق حديثا او اثرا فانه يسوقه بسنده على طريقة السلف لا يسوق حديثا ولا يذكر اثرا الا بسنده عن من حدثه به فخص جل ثناؤه قومه وعشيرته الاقربين في النذار وعم الخلق بها بعدهم ورفع بالقرآن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خص قومه بالنذارة اذ بعثه فقال وانزل عشيرتك الاقربين. قال الشافعي اخبرنا ابن عيينة عن ابي نجيح عن مجاهد في قوله ورفعنا لك ذكرك. قال لا اذكر الا بصدق معي. اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله يعني والله اعلم ذكره عند الايمان بالله والاذان ويحتمل ذكره عند الكتاب وعند العمل بالطاعة والوقوف عن المعصية. فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره هذه الصفة المشتهرة يقال ان اول من تلفظ بها الشافعي رحمه الله في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. فصلى الله على نبينا كلما ذكر والذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. وصلى عليه في الاولين والاخرين افضل واكثر وازكى ما صلى على احد من خلقه. وزكانا واياكم بالصلاة عليه افضل ما زكى احدا من امته بصلاته عليه. والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. وجزاه الله عنا افضل ما جزى مرسلا عمن نسب اليه فانه انقذنا به من الهلكة وجعلنا في خير امة اخرجت للناس دائنين بدينه الذي ارتضى واصطفى به ملائكة ومن انعم عليه من خلقه فلم امسي بنا نعمة ظهرت ولا بطنت. ملنا بها حظا في دين او دنيا او دفع بها عنا مكروه فيهما. وفي واحد منهما الا ومحمد صلى الله عليه وسلم سببها صائدوا الى خيرها والهادي الى رشدها. الزائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرشد. المنبه للاسباب التي يريد الهلكة القائم بالنصيحة في الارشاد والانذار فيها فصلى الله على محمد وعلى ال محمد كما صلى على ابراهيم ابراهيم وال ابراهيم انه حميد مجيد. عبارات فصيحة والفاظ جزلة وسياق مسترسل سلس لا يمله السامع ولا يظهر منه وما تقرأه الا وتستلذ بذلك الاسلوب العربي الفصيح السلس العذب. ويستمر الكتاب حتى في عرض المسائل العلمية على هذا النهج فانا انتقل الى ختام مقدمته رحمه الله يقول فكل ما انزل سبحانه في كتابه جل ثناؤه رحمة وحجة علمه من علمه وجهله من جهله. لا يعلم من جهله ولا يجهل من علمه. قال رحمه الله او الناس في العلم طبقات. موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به. فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه. والصبر على كل عارض دون طلبه لا سنية لله في استدراك علمه نصا واستنباطا. والرغبة الى الله في العون عليه فانه ولا يدرك خير الا بعونه. فان من ادرك علم احكام الله في كتابه نصا واستدلالا. ووفقه الله بالقول والعمل بما علم منه فاز بالفظيلة في دينه ودنياه. وانتفت عنه الريظ ونورت في قلبه الحكمة واستوجب في الدين موضع الامامة. فنسأل الله المبتدأ لنا بنعمه قبل استحقاقها. المدير علينا مع تقصيرنا في الاتيان على ما اوجب به من شكره بها الجاعلنا هذا اسلوب غير مستعمل قال ايديمها علينا قبل استحقاقها الجاعلنا في خير امة اخرجت للناس ان ارزقنا فهما في كتابه ثم سنة نبيه وقولا وعملا يؤدي به عنا حقه ويوجب لنا نافلة مزيده. قال الشافعي فليست تنزل باحد من اهل دين الله نازلة الا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها قال الله تبارك وتعالى كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد وقال وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. وقال ونزلنا عليك الكتاب تبيانا بكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. وقال وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم. انتهت مقدمته رحمته الله عليه ثم شرع بعد في تبويب الابواب قال باب كيف البيان؟ والبيان اسم جامع لمعان مجتمعة الاصول متشعبة الفروع ثم ذكرت الباب في في البيان عدة ابواب انا سانتقل الى باب يكون واضحا عند طلبة العلم ممن درس بعض مسائل الاصول لترى طريقة الشافعي رحمه الله في ذكر هذه المسائل واسلوبه وعبارته والفاظه ثم هو يذكر في هذه المسائل تطبيقات عملية من خلال يوضح القاعدة يقول مثلا العدد جمع عدة اي عدة النساء قال الله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصون بانفسهن اربعة اشهر وعشرة. وقال والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون. وقال يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن ماذا صنع؟ جمع الايات التي تبين العدد على اختلافها. ذكر اولا العدة التي فيها اربعة اشهر وعشرة عدة الوفاة. ثم ذكر عدة مطلقات ثلاثة قرون ثم ذكر عدة المرأة التي لا تحيض وهو الثلاثة اشهر وعدة الحامل بوضع الحمل. قال فقال بعض اهل العلم قد اوجب الله على المتوفى عنها زوجها اربعة اشهر وعشرة. صح؟ والذين يتوفون منكم ازواجا يدخل فيها المتوفى عنها بكل انواعها. قال وذكر ان اغلى الحامل ان تضع. في قوله وولاة احمد فاذا جمعت ان تكون حاملا متوفى عنها. هل تعطيها عدة الحامل او عدة المتوفى عنها؟ اذا هو ماذا يصنع يجمع الايات التي ربما كانت في ظاهرها شيء من التعارف. ثم هي اورثت خلافا عند بعض الفقهاء. يعني هذه المرأة مات عنها زوجها وهي فان نظرت الى كونها فتوفى عنها زوجها ينطبق عليها قوله تعالى والذين يتوفون منكم يذرون ازواجه. واذا نظرت الى ان ما حابب ينطبق عليه قول الله تعالى وولاة الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن. هل تلحقها بهذه الاية او بتلك؟ او تجمع بين الاية كما روي عن ابن عباس في رواية ثم رجع عنها انها تعتد بابعد الاجلين. ان كانت حاملا تنظر كم شهرا مضى من حملها؟ فان مضى منها شهران قال وبقي سبعة والسبعة اكثر من اربعة اشهر اذا ابتعدت بعدة الاجل لوضع الحمل. وان كان بقي لها من حملها شهر وهو اقل من اربعة اشهر يعطيها من اربعة اشهر يقول تعتد بابعد الاجلين. هذا القول الذي يروي عن ابن عباس وثبت عنه الرجوع عنه رضي الله عنهما هو عمل بالجمع بين يقول الشافعي فاذا جمعت ان تكون حاملا متوفا عنها اتت بالعدتين معا كما اجدها في كل فرضين جعل عليها اتت بهما معا. فلم يعني يقول المفترض ان تعتد بالعدتين. هذا فرض وهذا فرض تجمع العدتين معا. يقول فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصبيعة بنت الحارث وقد وضعت بعد وفاة زوجها بايام قد حللت دل هذا على ان العدة في الوفاة والعدة في الطلاق بالاقراء والشهور انما اريد به من لا حمل به من النساء وان الحمل اذا كان فالعدة سواه ساقطة. وعلى هذا الطريق الوضوح وعدم التكلم في العبارة والفهم الواضح من بعض الدلالات كان يسير رحمه الله في سياق تلك التقريرات التي ذكرها اذكر مثالا اختم به قال وجه اخر يعني من الجمع بين نصوص وكيف يكون الحديث في مسألة واحدة له اكثر من وجه؟ قال وجها اخر يتحدث الان في باب النسخ اخبرنا ما لك عن ابن شهاب عن انس ابن ما لك اما النبي صلى الله عليه وسلم ركب فرسا فصرع عنه فزحش شقه الايمن يعني اصيب في جانبه الايمن عليه والسلام. فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا. فلما انصرف قال انما جعل الامام ليؤتم به فاذا صلى قائما فصلوا قياما واذا ركع فاركعوا واذا رفع فارفعوا. واذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا اجمعون. هذه رواية وانتهت. قال اخبرنا مالك عن هشام ابن عروة عن ابيه عن عائشة كأنها قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاة فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فاشار اليهم ان اجلسوا فلما انصرف قال انما جعل الامام ليؤتم به فاذا ركع فاركعوا واذا رفع فارفعوا. واذا صلى جالسا فصلوا جلوسا. قال وهذا حديث انس وان كان حديث انس مفسرا واوضح من تفسير هذا اخبرنا مالك عن هشام ابن عروة عن ابيه ان رسول الله خرج في مرضه فاتى ابا بكر وهو قائم يصلي بالناس هذا متى؟ في مرض وفاته قبل وفاته بايام انه خرج من فاتى ابا بكر وهو قائم يصلي بالناس فاستأخر ابو بكر فاشار اليه رسول الله انك ما انت. فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الى جنب ابي بكر. فكان ابو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الناس يصلون بصلاة ابي بكر وبه يأخذ الشافعي. يعني يأخذ بهذا الحديث ويصرح بمذهبه الان. ليش اخذ في هذا الحديث ان الحديث الاول قال اذا صلى جالسا فصلوا جلوسا. نهاهم لما صلوا خلفه عن قيام نهاهم قال صلوا جلوسا. وفي هذا الحديث صلى جالسا وهم يصلون قياما. قال الشافعي وبه يأخذ الشافعي. قال وذكر ابراهيم النخاعي عن الاسود بن يزيد عن عائشة عن الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر مثل معنى حديث عروة ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى قاعدا وابو بكر قائما يصلي بصلاة النبي وراءه قياما. قال والان يناقش فقه الحديث. فلما كانت صلاة النبي في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما استدللنا على ان امره الناس بالجلوس في سقطته عن الفرس قبل مرضه الذي مات فيه فكانت صلاته في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما ناسخة. بان يجلس الناس بجلوس الامام من اين استنبط النسخ؟ من تأخر الحديث يقول هذا في اخر الوقائع وذاك كان قبل فاستدل بذلك على ان الحديث الاخيرة هذا ناسخ لقبل. وكان في ذلك دليل بما جاءت به السنة واجمع عليه الناس. من ان الصلاة قائما اذا المصلي وقاعدا اذا لم يطق وان ليس للمطيق القيام منفردا ان يصلي قاعدا. فكانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه قاعدا ومن خلفه قياما مع انها ناسخة لسنته الاولى قبلها موافقة سنته في الصحيح والمريض واجماع الناس ان يصلي كل واحد منهما فضله. كما يصلي المريض خلف الامام الصحيح قاعدا والامام قائما. وهكذا نقول يصلي الامام جالسا خوفه من الاصحاء قياما فيصلي كل واحد فرضه ولو وكل غيره كان حسنا. يعني الامام اذا كان مريض وما يستطيع يقف سيصلي جالسا يوكل غيره يصلي قائما احسن. قال وقد اوهم بعض الناس فقال لا يؤمن احد بعد النبي صلى الله عليه وسلم مجالسه واحتج بحديث رواه منقطع عن رجل مرغوب الرواية عنه لا يفرط بمثله حجة على احد فيه لا يؤمن احد بعدي جالسا. فضعف الحديث وذكر عدم صحة الاحتجاج به. ثم استمر رحمة الله عليه في سرد في طريقته هذه طريقة الشافعي رحمه الله في كتابه الرسالة من اوله الى اخره يسوق المسألة الحديث يستنبط القاعدة يشير لك الى المأخذ في النسخ كان نسخا في الجمع في الترجيح في القول صيغة العموم وما الى ذلك كلها مشت على طريقة واضحة سهلة الاسلوب ثم عن ان كتاب الرسالة للشافعي جدير العناية عند من يدرس علم الاصول او من يختص به على وجه الخصوص. وبعده كان هذا الحديث سلسلة في استمرار حديثنا عن مسيرة علم الاصول في تاريخ المسلمين. بعد ان كان علما متوارثا مأخوذا والمشافهة اضحى الان مسخورا ومصنفا. بعد الرسالة اتجه اهل العلم الى جمع مسائل وكتابة قواعد. وبدأ بني علم الاصول يزداد شيئا فشيئا. وهكذا استمر العمل في مصنفات علم الاصول حتى اضحى علما كبيرا ضخما وله المناهج مختلفة وله المصنفات المتعددة كل ذلك سنأتي على ذكره تباعا بمشيئة الله تعالى. اسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح وان يغفر لي ولكم ويرزقني واياكم فهما وسدادا وتوفيقا ورضا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين