الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعده. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فهذا هو ثاني المجالس في هذا الدرس الذي افتتح في الاسبوع المنصرم. وموضوعه تدارس علم اصول الفقه. والمجلس السابق قد اشتمل على مقدمة فيها الحديث عن فضل العلم جملة ومرتبة علم الاصول من علوم الشريعة ومكانتها وشيء ما عن التصور العام بحدود هذا العلم وابعاده وماهيته واثاره ايضا في اختلاف الفقهاء. ولا يزال حديثنا موصولا في هذه المقدمات التي اتفقنا ان تستمر في مداخل وتمهيدات حتى منتهى هذا الفصل الدراسي ثم نستأنف بعده كتابا نتفق عليه ليكون محل درس ونقرره فيما بعد ان شاء الله. فاستكمالا لحديثنا الليلة بما سبق نحن نتحدث عن نشأة هذا العلم وتاريخه وكيف كان هذا علما قائما بحد ذاته؟ وهذا يستدعي الى ان نذكر باخر ما مضى في الجلسة السابقة. وهو الحديث عن محوري علم اصول الفقه وصلبيه وهما الحديث عن الادلة الشرعية والدلالات. فهذان هما صلب علم اصول الفقه وهما المحوران ايران الرئيسان لعلم الاصول. الحديث عن الادلة الشرعية بمعنى البحث عن الدليل الذي هو مصدر للتشريع. وهنا تنقسم الادلة عند ارباب الاصول الى ادلة متفق عليها وادلة مختلف فيها. فالمتفق عليها الكتاب والسنة والاجماع والقياس والمختلف فيها ما عدا ذلك ويدخل فيه جملة من الادلة كقول الصحابي وشرع من قبلنا وسد الذرائع والمصالح المرسلة ونحو ذلك من الادلة المختلفة فيها. هذا هو المحور الاول من محوري علم الاصول. اما المحور الثاني فهو كيفية الاستنباط من الدليل. وكيفية استنباط الحكم وكيفية الاستفادة من الدليل وقواعد الاستنباط وطرق الاستدلال بدلالات الالفاظ الواردة في نصوص الكتاب والسنة فهذان المحوران الكبيران تدور عليهما مسائل علم الاصول. ثم يأتي في ختام مباحث علم الاصول ما يعنون له الاصول بقولهم الاجتهاد والتقليد او الاستفتاء والافتاء والمفتي فهي كالتتمات والتبعات وليست من صلب علم الاصول لكنها ادرجوها باعتبار ان المشتغل بعلم الاصول هو المجتهد وهو وظيفته الاشتغال بالادلة والنظر فيها فجعلوا كت تتم الحديث عن الاجتهاد والتقليد ومسائل الافتاء او الاستفتاء وصفة المفتي وما الى ذلك وليست من صلب علم الاصول لكنها لما كانت تتعلق بالمجتهد استدعى ذلك حديثهم عن وشروطه والمسائل المتعلقة به. نحن نشرع الليلة بعون الله ايها الاخوة الكرام. في الحديث عن نشأة هذا العلم كيفية تحوله من ملكة كان يتعامل بها الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين الى ان اصبح علما مستورا في الكتب مدونا في المؤلفات يدرس في الحلق ويتلقى عن اهل العلم. فاول ذلك حسبكم الله الحديث عن هذا العلم كسائر العلوم الشرعية زمن الصحابة في عصر النبوة لما كان الصحابة يعيشون صدر الاسلام والوحي ينزل والنبي صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم عنه الشريعة والعقيدة والاداب والاخلاق والاحكام وسائر ابواب الاسلام والديانة. فكانوا يتلقون هذا الدين منهم مباشرة عليه الصلاة والسلام ولم يكن بينه وبينهم واسطة. فكانوا يأخذون الدين غظا طريا. وكانوا في ذلك كله منظبطين بجملة من القواعد ثم استحالة تلك فيما بعد الى علوم. واستحالت الى مصنفات واخرجت في شكل مدونات ومؤلفات اهل العلم ويحرصون على تحصيلها. الشأن في ذلك كله شأن الفقه. هل ترى كتابا من كتب الفقه كان مدونا زمن الصحابة او كانوا يتعاطونه في مجالسك هذه او حلقات يحضرون فيها ليطلبوا مسائل الطهارة والصلاة والصيام والزكاة؟ الجواب لا. لكنه كان علما مبسوطا في خطوة من خطواتهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. يسافرون معه فيعرظ لهم مسألة في الصلاة واخرى في الطهارة وثالثة في الصيام. ورابعة وخامسة وعاشرة حجوا معه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. فعرض له من المسائل في كل ابواب الشريعة تقريبا بالاستثناء وهم في ذلك كله يتلقون احكام الدين وينقلونها للاجيال اللاحقة بعدهم. قل مثل ذلك في علم التفسير وهو المعرفة دلالة الايات القرآنية ومراد كلام الله عز وجل في كتابه العظيم ما كان ايضا درسا يحصل ولا حلقة يحضرها الصحابة ليتلقوا فيها اصول التفسير او قواعده ولا حتى تفسير الايات لكن الوحي ينزل والقوم عرب فيفهمون دلالة الاية فان اشكل عليهم سألوا وربما افتدرهم النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال وربما جاء الوحي مبينا معنى اية او فسر عليه الصلاة والسلام الدلالة من اية ما وهكذا فكانت حصيلة علمهم بالتفسير المجالس المتتابعة هي صحبتهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام جملة وتفصيلا في سفره وحضره في حربه وسلمه هكذا القول ايها الكرام في شأن علم اصول الفقه. كان علما مبثوثا يحصله الصحابة رضي الله عنهم وكانوا في كل شؤونهم واحوالهم ودخولهم وخروجهم وقيامهم وقعودهم. مع النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يحصلون ذلك العلم كله خطوة بخطوة. غير انه يمكن ان تقول ان علم الاصول لما كان علم الة لما كان علما يحصله الناس من خلال الاستناد والرجوع الى قواعد طريقة الفهم والاستنباط وتضبط طريقة اخذ الحكم من الدليل وكيفية التعامل مع النص ربما ما كان هذا بشكل واضح لكنه ايضا موجود. اريد القول اريد القول ان الصحابة رضي الله عنهم في تعاملهم مع مسائل هذا العلم الذي ندرسه في الكتب وفي والذي دونه اهل العلم كان حاضرا في حياة الصحابة رضي الله عنهم. وكان موجودا بينهم رضي الله عنهم اجمعين على مستويين اثنين الاول كان شيئا يتلقونه من رسول الله عليه الصلاة والسلام يدلهم فيه على شيء من مسائل هذا العلم الذي طلب له العلماء فيما بعد كان يلقنهم كان يضرب لهم مثالا كان يعلمهم عليه الصلاة والسلام كيف يتعاملون مع ادلة الاحكام او مع قواعد الاستنباط والضرب الثاني او المستوى الثاني الذي كان الصحابة يعيشون فيه علم الاصول زمن حياتهم مع النبي عليه الصلاة والسلام في عصر التشريع فهي المحاولات التي كانوا يجتهدون فيها في فهم النص. فمنهم مصيب ومنهم مخطئ. والنبي عليه الصلاة والسلام يقوم ذلك كله يصوب ويخطئ ويبين لهم الراجح والمرجوح ويدلهم على الطريق المسبوق فكانوا في ذلك ايضا يمارسون ما نسميه بعلم الاصول قبل ان اضرب الامثلة على هذا المقام. يجب ان نقول ايضا حتى تتضح الصورة بتمامها. الحديث عن علم الاصول كما قلت يشتمل على محورين اثنين ادلة ودلالات الادلة الحديث فيها عن مصادر اخذ الاحكام هل يمكن ان تقول ان الصحابة رضي الله عنهم زمن النبي عليه الصلاة الصلاة والسلام ما كانوا يحتاجون الى البحث والنظر والعمل في مجالات الادلة الشرعية يمكن ان تقوم الى حد كبير لان الادلة ما كانت في عصرهم اربعة ما كان الا كتاب وسنة. اين الاجماع؟ لا محل له زمن النبوة. لم؟ لان الاجماع انما محله انعقاد اتفاق بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام. اما ان تقول ان الاجماع اتفاق الناس والنبي عليه الصلاة والسلام حاضر. وهو موجود بين اظهرهم والوحي ينزل ثم انت تبحث عن شيء يجمع عليه الناس والوحي ينزل؟ ابدا الاجماع انما محله بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام. سقط دليل اذا من الادلة زمن الصحابة فاين القياس؟ هل كانوا يقيسون او هل كان القياس دليلا والوحي ينزل؟ الجواب ايضا لا. كيف تستخدم القياس والوحي ينزل يعني غاية ما يمكن ان يعجز عنه احدهم او يستفسر اذا اشكل عليه امر ان يذهب الى رسول الله عليه الصلاة والسلام او يسأله وربما بادر فقام بامر ما ثم ياتي فيسأل النبي عليه الصلاة والسلام وهذا ايضا امثلته كثيرة. نأخذ لها مثالين اثنين الاول الصحابي الذي فهم من قول الله عز وجل فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر. ثم اتموا الصيام الى الليل. فاتخذ عليهم احدهما اسود والاخر ابيض فجعلهما تحت وسادته. فكان اذا امسى في ليلة من ليالي رمضان ينتظر حتى يتبين له لون الابيض من الاسود فيعتبر هذا انتهاء بجواز الطعام والشراب لان الله قال فكلوا واشربوا حتى بين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر. فكان اجتهادا منه رضي الله عنه. فلما اخبر النبي عليه الصلاة والسلام بين له عدم صحة طريقته في الفهم ونوليس المراد الخيط الخيط الحسي ان تأتي بخيط ابيض واخر اسود وتجعلهما بجوار بعض فاذا تبين احدهما لونا عن الاخر اعتبرت هذا منتهى الليل انما المراد طلوع الفجر. فقال له مداعبا عليه الصلاة والسلام ان وسادك اذا لعريض. يعني اذا كانت وسادتك تحتمل ان تجعل تحتها عقالين واحد اسود وواحد ابيض اذا وسادتك عريضة. نوع من المداعبة فيها الاشارة الى عدم صحة الطريقة في الاستنباط. هذا مثال كان الصحابة رضي الله عنهم احيانا كما قلت لك يمارسون شيئا من محاولة الفهم للنص او محاولة التطبيق للدليل فيعلم النبي عليه الصلاة والسلام بذلك فيصوب او يخطئ هذا مثال. وامثلة ذلك ايضا متعددة في في طريقتهم رضي الله عنهم في التعامل مع الادلة الشرعية اقول هذا هو تطبيق عملي لما يقرره علماء الاصول في كتب الاصول. الحديث عن الادلة الشرعية والحديث عن الدلالات اذا ان زمن الصحابة لم يكن من الادلة الا كتاب وسنة. واما ما عداه فالاجماع ليس محله زمن التنزيل. ولا القياس كذلك فان قال قائل وقد قاس الصحابة او قاس بعض الصحابة زمن النبي عليه الصلاة والسلام فالجواب ان القياس وان وقع منهم فانهم يعرضونه على رسول الله عليه الصلاة والسلام فما اقره وما وافقه فهو المقبول وما رفضه فهو مرفوض فلم تعد الحجة في القياس لانه قياس بل بل في موافقة النبي عليه الصلاة والسلام وموافقته اقرار والاقرار حجة لانه لون من الوان السنة نعود فنقول اذا كانت الادلة في زمنهم دليلان التي يأخذون منها الاحكام اما كتاب واما سنة واحدهما اذا اشكل عليه شيء وسأل هذه الادلة فهل يمكن ان تقول ان الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يجتهدون ولا كان لهم محاولة وانهم كانوا عالة على رسول الله عليه الصلاة والسلام وكلما وجدوا شيئا او يحتاجوا الى حكم اتوه فاستفسروا وسألوا او بعثوا من يسأل؟ الجواب لا ليس كذلك لانهم كانوا ايضا يجتهدون المحور الاخر وهو الدلالات طريقة الاستنباط من النص التعامل مع الالفاظ الشرعية في الادلة من كتاب وسنة ما موقف الصحابة؟ هل كانوا يتعاملون وفق قواعد منضبطة الجواب نعم هي ملكات. لاحظ معي ان الصحابة قوم عرب والقرآن نزل بلغتهم. وايات القرآن تشير بوضوح الاعتبار وجانب اللسان العربي في التعامل مع الادلة انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. بلسان عربي مبين فالقوم عرب والقرآن عربي فكان ينزل باللغة التي يستعملون فاذا نزل الوحي وفهموا النص عملوا به فهموه طبقوه سلبطوا الحكم نفذوه فكانوا ما يحتاجون الى شيء من العنت في فهم النص او التعلم لقواعد في جزء من هذا كان ملكة اذا بحكم طليقتهم العربية الفصيحة التي ما كانوا يحتاجون فيها الى ما يقعد لهم طرق الاستنباط. فكانت هذه بطبيعة اللغة التي يمتلكونها وهم ارباب الفصاحة وقمة اللسان فيها فكانوا لا يجدون عنتا في هذا. ومع ذلك كانت هناك امور النبي عليه الصلاة والسلام كان يدلهم فيها على بعض طرق الاستنباط ودلالات الالفاظ. فكانت جزءا منها ملكة اقصد الان علم الاصول في حياة الصحابة. جزء منه ملكا لانه لسان عربي ودلالات الالفاظ عام وخاص وامر ونهي ومطلق ومقيد كل هذا يعود الى قواعد العرب في استعمالها ولغتها الصحابة رضي الله عنهم اصحاب هذه اللغة وجزء منه من علم الاصول الذي كان موجودا لدى الصحابة رضي الله عنهم هو شيء من الممارسة العملية وتلقين النبي صلى الله عليه وسلم لهم اياها وتصحيح وتصويب وتخطئة وبيان ما يصح وما لا يصح. اكتمل معك الجزء الان اكتمل معك الجانبان اللذان يقومان وجود علم الاصول في حياة الصحابة رضي الله عنهم. اذا ثبت انهم كانوا ستأتيك الامثلة عما قريب وانهم كانوا يطبقون عددا من القواعد التي جعلها العلماء فيما بعد على شكل مسائل في علم الاصول يبوبون لها يفرحونها ويضربون لها الامثلة. ما ما مدى قول بعضهم؟ يعني نحن نقول الصحابة في زمن التنزيل والوحي ينزل. القرآن ينزل والنبي عليه الصلاة الصلاة والسلام بينهم هل كانوا مع ذلك في غير حاجة الى الاجتهاد؟ ما كان بهم حاجة يعني قارن بين هذا وبين المقولة السائدة مشهورة لا اجتهاد مع النص. هل الصحيح ان الصحابة بحكم توفر النص الحاضر بين ايديهم؟ بنوعي الكتاب والسنة. النبي عليه الصلاة والسلام والقرآن ينزل هل كانوا لا يجتهدون لانه لا اجتهاد مع النص؟ بعض الناس يفهم من قولنا لا اجتهاد مع النص انه يعني انت تبقى مكتف اليدين وطالما النص موجود وحاضر فاذا لا دور لك ولا حاجة الى عقلك ولا اجتهادك ولا فكرك. قول لا اجتهاد مع النص هو لون خاص من الاجتهاد. ويريدون به القياس لا اجتهاد مع النص يعني لست بحاجة ان تبحث عن دليل والنص موجود. لكن مع وجود النص فنحن بحاجة الى اجتهاد اي اجتهاد اجتهاد لفهم النص اجتهاد لاستنباط الحكم من النص وهذا ما كان واقعا في حياة الصحابة. كانوا يجتهدون في فهم النصوص. وربما تفاوتوا في فهم النص الواحد تفاوت فهمهم واستنباطهم وتعاملهم لاختلاف انظارهم وموقفهم من النص. الا سنضرب امثلة لواقع تطبيق رضي الله عنهم بشيء من هذه الاستنباطات والقواعد التي كانوا يمارسون بها تطبيق فهمهم رضي الله عنهم لتلك النصوص الشرعية لما نزل قول الله سبحانه وتعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره شق ذلك فعلى الصحابة ووجه المشقة فيه ما يمكن ان تعبر عنه باللغة الاصولية المعاصرة كالتالي. الايتان فيهما عموم في قوله من يعمل؟ يعني اي انسان يعمل؟ وفيه ايضا صيغة عموم اخرى في قوله مثقال ذرة مثقال ذرة والذرة اصغر ما يعبر عنه في الجرم المحسوس في لغة العرب فاي انسان يعمل اي شيء قليل صغير جدا مثقال الذرة من الخير ومن الشر كذلك. ومثقال ذرة جاءت في في سياق الشرط فهي تفيد العموم ايضا. هذه الان قواعد اصولية معاصرة يعنون لها هكذا ويعبر عنها هكذا فكانت حاضرة عندهم. شق ذلك عليهم لانهم فهموا هذا الفهم. ان الاية فيها صيغة عموم في في جنس المكلفين. من يعمل؟ وفيها علوم في جنس العمل ايا كان صغيرا او كبيرا. وان الجزاء مترتب عليه ولذلك شق عليهم. شق عليهم لانهم رضي الله عنهم مع بالغ تقاهم وعظيم صلاحهم وقوة ايمانهم الا انهم كانوا يهضمون انفسهم في جنب الله ويحتقرونها في ذات الله. واحدهم كان يأخذ نفسه مأخذ الجد والعزم باعلى الرطب ويرى نفسه مقصرا فخافوا على انفسهم وهم من يصدق فيهم قول الله تعالى والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجليلة انهم الى ربهم راجعون. شق ذلك فلما فلما عرضوا ما شق عليهم على النبي عليه الصلاة والسلام فرحوا بالنزول اية اخرى تخفف عنهم ذلك الحرج والمشقة التي ومنها خوفا شديدا وهي ختام سورة البقرة لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت. ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا الى اخر الاية. فوجدوا في الاية متسعا لان الله تجاوز عن الخطأ وتجاوز عن النسيان. وان الله غفر وعفا ولم يؤاخذ واستجاب لهم دعائهم لا تحملنا ما لا طاقة لنا به. لا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا. قال الله قد فعلت كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم. فخفف ذلك عليهم. فهل ترى مثل هذا الفهم وتعاملهم مع النبي عليه الصلاة والسلام الا تطبيقا عمليا لجملة من قواعد الاصول اليوم الاصولين يعنون لها ويضربون لها امثلة هذا مثال مثال اخر ايضا في ذات السياق فيما يتعلق بفهم لنصوص القرآن. لما نزل قوله تعالى فاي الفريقين احق بالامن ان كنتم تعلمون الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. ايضا شق ذلك عليهم الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن فهم مهتدون. فقالوا يا رسول الله لم يظلم نفسه قبل ان تقرأ سؤاله حاول ان تقف على الفهم الذي فهموه من الاية فوجهوا من خلاله السؤال. هم فهموا كالتالي الذين امنوا بصيغة العموم باسم الموصول. كل من دخل في الايمان ولم يلبسوا ايمانهم بظلم والظلم ها هنا نكرة ووقع في سياق النفي فافاد العموم يعني لم يشمل ايمانهم ان اي صورة من صور الظلم قليلا كان او كثيرا. عظيم كان او حقيرا. هذا القيد الذي خصص به الذين امنوا هذا قيد الان اذا الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن. لو كانت الاية الذين امنوا اولئك لهم الامن لطاروا يا فرحا لانها تشمل كل مؤمن فلما جاء القيد وخصص ذلك العمر الذين امنوا وقيده بصنف من اهل الايمان وهو من اتصف بوصف ها ولم يلبسوا ايمانهم بظلم. كان الوصف هذا اولا مضيقا لدائرة العموم من جهة ومشتملا على وصف دقيق حساس من جهة اخرى. وهو انتفاء انتفاء التباسه بالظلم في اي صورة من صوره قليلا كان او كثيرا فخشي الصحابة رضي الله عنهم الا يدخلوا في الاية. فاذا ما دخلوا في الاية خسروا ما فيها الامن المرتب عليها التي وصف الله بها اصحابها فشق ذلك عليهم قالوا يا رسول الله واينا لم يظلم نفسه؟ فرأيت كيف فهموا؟ هذا هو الذي يقال باللغة هو تطبيق عملي لا زلت اقول القوم عرب ويفهمون اللغة اكثر مما نتعلمه نحن بالقواعد وبالاساليب وبالدراسة فهموا الاية مراد النص منها وان المراد به العموم وان الظلم المراد انتفاؤه بكل صوره. فقالوا يا رسول الله واينا لم يظلم نفسه فقال عليه الصلاة والسلام مجيبا لهم ليس ذلك. يعني ليس المراد ما فهمتم من عموم الظلم بكل صوره وانه يشترط في من يريد وتحصيل الامان المذكور في الاية الا يكون قد وقع شيئا من الظلم بمفهومه العام الواسع الذي فهموه. ثم صرفهم الى نص اخر فسر فيه الظلم وهو قول لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. فمعنى الاية الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بشرك لان الظلم هو الشرك. ففسر لهم الظلم الواردة في النص بالظلم الوارد في اية اخرى فسر لهم قرآنا بقرآن وانزال عنهم الاشكال وزاح عنهم الغم الذي اعتراهم من خشية ما فهموا من النصح عمومه اذا فهمهم في البداية قبل الجواب كان شديدا او خطأ كان صوابا ما خطأهم عليه الصلاة والسلام لكنه بين لهم ان المراد بالظلم ليس العموم الذي تبادر الى اذهانهم لكنه جنس من الظلم. وانه حمل الظلم لا على مفهومه العام بل على جنس وعلى نوع منه وهو الظلم الذي يظلم فيه العبد نفسه بالشرك. بالشرك مع الله سبحانه وتعالى. وهذا الظلم الذي هو الشرك يقابل الايمان الوارد في الاية الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اي بشرك. فجعل الظلم الوارد في الاية في مقابل الايمان والذي يقابل الايمان هو الشرك وليس المراد الاعتداء على الحقوق. او اكل اموال الناس بالباطل او الاعتداء على اعراض الناس او اموالهم او دمائهم كل ذلك ظلم. لكن الاية كما فسرها النبي عليه الصلاة والسلام يراد بها الشرك. اذا هذا تطبيق عملي والصحابة رضي الله عنهم فهموا نصا ثم انظر كيف جاء فعرضوا اشكالهم وعرضوا اه على النبي عليه الصلاة والسلام ما فهموا وصوب لهم الفهم وابان لهم المحمل الصحيح النص ما هذا؟ هذا تطبيق عملي. اذا هل درس الصحابة اصول الفقه؟ هل تعلموا؟ الجواب لا. كان سليقة. كان ملكة. كان شيئا يعاملونا كما لو سأل مبتدئ في طالب في في في علم النحو طالب علم فقال هل كان الصحابة يعرفون النحو؟ وهل كانوا يقيمون الاعراب اقامة سليمة لا ينحنون؟ الجواب نعم انهم عرب اقحاح فصحاء فكانوا اذا تكلموا تكلموا بلا تكلف وكان احدهم يقيم اللغة فما كان علما يتعلم ولكنه كان شيئا يعيشونه. فالصحابة اصحاب لغة ثم اكتسبوا مع ذلك معاصرتهم للوحي. ومعايشتهم للنبي عليه الصلاة والسلام فماذا يعني هذا؟ يعني هذا مزيدا من الفهم في النصوص الشرعية والتعامل مع كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام. فكما قد يفهمون شيئا فيصوب لهم الفهم. قد يبادرون الى معنى فيصرفهم الى معنى اخر. كل هذا مع قوة لسانهم العربي الذي يفهمون به النص العربي كان مزيدا في تنمية الملكة عندهم في فهم والاجتهاد. فهذا قوى فهمهم رضي الله عنه وتعامله مع النصوص الشرعية وتمكنهم من قواعد الاستنباط وبلغوا فيه الغاية. من الامثلة ايضا على ذلك في فهم رضي الله عنهم حديث عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح لما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم من نوقش الحساب عذب من نوقش الحساب عزبة قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله اوليس قد قال الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا اليس ذلك؟ ليس ذلك انما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك. تعال معي الى عائشة رضي الله عنها لما سمعته صلى الله عليه وسلم يقول يقول من نوقش الحساب عذب فهمت عموما يشمل كل من يتعرض للحساب يوم القيامة انه صاحب عذاب. كل من يتعرض للحساب يوم القيامة فهو هو معذب من نوقش الحساب عذب. صيغة العموم كما يقولون باللغة الاصولية المعاصرة من اسم مبهم. يفيد العموم ان كل من اتصف بمناقشة الحساب ترتب عليه الجزاء في الشرط. فعل الشرط من نوقش والجواب عذب فيترتب الجواب في الشر على كل من اتصف بمناقشة الحساب. فهمت هذا العبور. فاستشكلت معارضته لنص اخر في كتاب الله. فاما من كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا. رأت رضي الله عنها ان صنفا من الحساب في كتاب الله موصوف انه يسير والحساب اليسير هل يسمى عذابا؟ فهذا منشأ الاشكال عندها رضي الله عنها. اذا هذا فهم وهذا فهم في درجة راقية من درجات الفهم عند الاصوليين وهو الجمع بين النصوص ومقابلة نص بنص اخر يبدو في ظاهره التعارض ولا يقوى العالم ولا الفقيه ولا المجتهد الوصول الى هذه الدرجة الا اذا استجمع النصوص وتصفحها واحتواها وقلبها ثم عرف كيف ينزل كل نص منزلته اذا الاستشكال عائشة رضي الله عنها ليس قلة فهم بل قوة في الفهم وبلوغ للدرجة العالية فيه. ثم استشكلت هذا فعرضت اشكالها قال النبي عليه الصلاة والسلام قائلة يا رسول الله اوليس قد قال الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ طبعا هي ما تكلمت ولا شرحت ولد الاسلام لانها فاهمة والنبي عليه الصلاة والسلام يفهم وجه الاشكال. فاختصر في هاتين الجملتين في سماعها للحديث. وفي قراءته للاية اختصر وجه الفهم وطريقة الاستنباط ووجه المعارضة والاشكال. وفهم النبي عليه الصلاة والسلام الاشكال الواردة عندها. فالخلاصة ان كل من نوقش فالحساب يعذب مع ورود نص اخر يقول ان صنفا من اهل الحساب يوم القيامة حسابهم يسير. فكيف تعمل بالحساب اليسير مع العلوم في قوله من لوطش الحساب عذب؟ فاجاب عليه الصلاة والسلام بقوله انما ذلك العرض يعني الاية التي قرأتيها افادت العرض الذي يعرض العباد على عرض الاعمال على العباد يوم القيامة. عرض الصحائف. فمجرد العرض ان تعرض عليك صحيفتك وترى ما فيها من غير نقاش ان تعرض عليك صحيفتك فترى ما فيها ثم يعفو الله عنك ويأذن لك بالانصراف الى الجنة فهذا هو الحساب اليسير قال انما ذلك العرض ان يكرمنا الله عز وجل فيكون حسابنا يوم القيامة مقتصرا على عرض العمل دون المناقشة. يعني دون ان يسألك الله يا عبدي فعلت كذا واحصيت عليك كذا واقترفت كذا ووقعت كذا وصنعت كذا اذا وفيت من هذا النقاش واقتصر امرك على عرظ العمل فهذا هو الحساب اليسير. نسأل الله تعالى ان نكون من اهله. اما النقاش يعني من دخل دائرة النقاش وجاء السؤال عنه فذاك العذاب كما قال عليه الصلاة والسلام من لوقي في الحساب عذب ثم اكد لها ذلك بقوله انما كذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك. ليش يهلك؟ لم يهلك؟ لانه لا حجة خلاص لا اجر اليوم. الكلام على وقائع اقترفها العبد ثم هي مثبتة في صحيفته يعني انه لم يمحوها باستغفار ولا توبة انه لم يكفرها بعمل صالح. اذا لقي الله في صحيفته قبائح وذنوب ومعاصي لا عذر له فيها. ولو كان له عذر لمحيت. ولتجاوز الله عنها فالمناقشة عندئذ عسيرة وذاك الهلاك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام. اه خذ مثالا اخر من لون اخر في تطبيق هذه الامثلة التي في تطبيق القواعد في الفهم والاستنباط مع النبي عليه الصلاة والسلام بين يدي الصحابة رضي الله عنهم. جاء اعرابي يحمل هما الى النبي عليه الصلاة والسلام يشكو ان امرأته ولدت له غلاما اسود فاستشكل ذلك وتعاظم الامر في نفسه والامر منطوي في طياته على شيء من التهمة انه ابيض وزوجته بيضاء فكيف اتاه الولد الاسود؟ فهو متضمن شيء من التهمة التي ما اباح بها الرجل ولا صرح لكنه اقتصر على قوله يا رسول الله ان امرأتي ولدت غلاما اسود. نقطة انتهت الجملة والكل يفهم والصحابة فهموا والنبي عليه الصلاة والسلام فهم. فاراد ان يجيبه بمسألة بسيطة جدا وسهلا وواضحة ان اختلاف الالوان في الانساب وارد ان اختلاف الالوان في الانساب وارد وانه قد يكون اختلاف لون احد الاولاد اختلاف احد الاولاد في الاسرة بسبب وجود شيء من ذلك في السلالة في الاجداد قريبا كانوا او بعيدين وان هذا ثابت والناس متعارفة على هذا ويفهمونه ويجدون هذا لكن بعض الناس يتقبل بعضهم لا يقبل خصوصا اذا كان الجد الذي يحمل هذا اللون جد بعيد ما ادركته يعني لاجئين الابناء ولا الاباء فربما كان هذا خفيا فاستشعروا ذلك واستبشعوه. قال يا رسول الله ان امرأتي ولدت غلاما اسود اختصارا يقول النبي عليه الصلاة والسلام له ربما نزعه عرق وكان هذا كافيا في الجواب. لكنه عمله بطريقة اخرى ان يكون ادعى لفهمه. قال له محاورا هل لك من ابن؟ قال نعم. قال فما الوانها؟ قال حمر. والحمر عند العرب هو البياض شديد يعني ابنه بيض. قال هل فيها من اورق؟ هل فيها في اذن هل فيها جمل؟ فيه سواد مختلف اللون؟ قال نعم يا رسول الله قال اما اتاه ذلك؟ من اين جاء هذا الجمل الاسود؟ من بين هذا القطيع الذي ليس فيه الا الجمال البيض. قال لعله نزعه عرق ففهم الرجل ان هذا في الطبعة مركوز والناس تدرك هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ايضا لعله ونزعه عرق. هذه الطريقة الاستدلال مشابهة بالشيء واعطاؤه حكمه لاستوائهما في الوصف. هو عند الاصوليين هو القياس. القياس ان تسوي بين اصل وفرع في حكم لوصف مشترك بينهما. سوى النبي صلى الله عليه وسلم بين الانسان والابل. سوى بين الانسان والابل في اعطائه حكم جواز اختلاف اللون من باب لعله ونزعه عرظ والوصف المشترك كونه هذا كون هذا واردا في السلالات في الكائنات الحية انتقال الصفات الوراثية ويقول ارباب الطب وعلم الاحياء صفات سائدة وصفات متنحية قد تكون الصفة غائبة فتحظر في جيل وتغيب في اجيال لكنها تكون موجودة بمعنى انها محمولة عند عند جيل الابناء وان لم تظهر فربما يأتي في جيل الاحفاد واحفاد الاحفاد فتظهر هذه الصفة ليس لانها جاءت من فراغ هي محمودة في الجينات كما هذا هو القسم المشترك بينها لكون السلالات الكائنات الحية في الانسان والحيوان تحمل الوصف ذاته في طريقة التلقيح الذكر والانثى وانتقاد الصفات وتكوين النطفة الى اخره. هذا هو القدر المشترك فسوى بينهما في الحكم. هذه الطريقة ممكن ان تقول كان النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب الرجل على قدر عقله وفهمه فيما يعيش في باديته من تربية الابل وضرب له مثالا قريبا يقول ادعى لازالة الشك الذي علق في قلبه فجاء يشتكي ويمكن ايضا ان تقول وكان ايضا تقريرا شرعيا لمبدأ من مبادئ التعامل مع النصوص وهو اعمال العقل في اعطاء الاحكام في اعطاء الاشياء المستوية في اوصافها احكاما متفقة. هذا الذي قرره الاصوليون ثم شرعه الحديث عن باب القياس. واذا الاصوليين يتكلمون في القياس ويضربون له امثلة يستدلون بوقوع القياس زمن النبي عليه الصلاة والسلام بل منه مباشرة عليه الصلاة كما في مثل هذا الحديث فيقولون هذا تطبيق عملي للقياس. تماما لما قال لهم عليه الصلاة والسلام وهو يعدد لهم ابواب الخير والاجر. وفي بضع احدكم صدقة قالوا يا رسول الله ايأتي احدنا شهوته يكون له فيها اجر؟ قال ارأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه وزر؟ فكذلك اذا وضعها في الحلال كان له اجر كان يمكن ان يقول لهم بالجواب؟ نعم. لما قالوا اياتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟ كان الجواب الكافي؟ نعم لان تكلم والمجيب هو النبي عليه الصلاة والسلام. وانت تتلقى وحيا لكنه ماذا تفهم من قوله ارأيتم ويأخذ الجواب نعم ثم يقول لهم فكذلك اليس هذا تلقينا؟ اليس هذا تعريما؟ اليس هذا توسعة لمدابخ الاستنباط؟ تربى عليه الصحابة. فتكونت الملكة اذا جزء من الملكة كان لغة صديقة عندهم يتكلمون بها ويفهمون بها النصوص. والجزء الاخر كان تنمية. هذا كم موقف حكيناه الان؟ والنبي عليه الصلاة والسلام معهم ويتكلم معهم ويجيبهم ثم يعمل لهم هذه الامثلة وتكون عندهم شواهد حية. الا تنتظروا بعد ذلك ان يتكون لدى رضي الله عنهم في افهامهم وفي تعاملهم واستنباطاتهم. قدر كبير من الفهم والادراك العميق للنصوص الشرعية؟ الجواب بلى ولهذا كانوا افقه الامة كما قال ابن مسعود رضي الله عنهم. كانوا افقه الامة واعمقها علما وابرها قلوبا الى اخر ما وصفهم به رضي الله عنهم اجمعين مثال اخير عقب غزوة الاحزاب لما اتجه النبي عليه الصلاة والسلام لحصار بني قريظة وجه الصحابة وقد عادوا الى منازلهم في المدينة ولا يستنفرهم للخروج الى حصون بني قريظة قائلا لا يصلين احد العصر الا في بني قريظة والحديث في البخاري من رواية ابن عمر وعند مسلم من رواية ابن مسعود الظهر ظهر او عصر الشاهد نهيه صلى الله عليه وسلم اياهم الا يصلوا الفرض الا في بني قريظة. فبينما كانوا في الطريق ادركتهم الصلاة فقال بعضهم فقال بعضهم لم يرد منا تأخير الصلاة فنصليها ها هنا ادركته في الطريق وقال بعضهم بل لا نصلي حتى نبلغ بني قريظة. في رأيكم اي الفريقين اقرب الى الصواب؟ يعني هل كان قوله عليه الصلاة والسلام لا احد العصر الا في بني قريظة كان يريد فقط الاستعجال والتحرك الفوري المباشر ولم يرد تأخير الصلاة وان الصلاة هذا الحفاظ على وقته امر لا لا يتغير ولا يختلف. واراد المبالغة في التحرر او اراد حقيقة تأخير الصلاة ولو ادركتهم حتى ادخلوا بني قريظة التأخير الذي لا يخرج عن الوقت طبعا. التخريج الذي التأخير الذي لا يخرجه عن وقتها. هل اراد الاستعجال فقط مع بقاء المحافظة على الصلاة في اول وقتها اثناء الطريق او اراد حقيقة تأخير الصلاة الى ادراك بني قريظة ليكون ذلك امرا مقصودا عنده ابدا قسموا طائفتين طائفة فهمت هكذا وطائفة فهمت هكذا. في رأيكم اي الفريقين اصوب واقرب؟ الاولى اللي هو انه اراد الاستعجال ولم يرد تأخير الصلاة. ها؟ الاولى. ففي احد يرشح الثانية؟ ثانية. وحدك؟ اثنين ثلاثة اربعة طيب تناصحوا تناصفوا وكونوا كالصحابة رضي الله عنهم لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم امرهم لاحظ لاحظ هذا الاجتهاد لما وقع منه وقع وانقضى. اجتهدوا فطائفة صلت في الطريق وطائفة اخرت الصلاة. كلا الفريقين لاحظ انهم يتعاملون مع نص واحد. واجتهدوا فاختلف اجتهادهم في فهم النص الواحد. فلما بلغ النبي صلى الله عليه ذلك وقبل ان يبلغه سؤالي هو كيف بلغه؟ جاء جبريل عليه السلام فقال اصحابك فعلوا كذا وكذا او هم الصحابة ذهبوا وتكلموا؟ طيب لماذا ذهبوا وتكلموا؟ يعني حاول ان تقرأ ما وراء النص لماذا ذهبوا وتكلموا وحكوا له ما حصل من خلاف بينهم؟ كان رغبة في التعلم رغبة الامر انقضى صلى من صلى في الطريق وصلى من صلى لما وصل. لكن ارادوا ان يتعلموا مستقبلا كيف يصنعون اذا واجهوا مثل هذا النص فهذا درسا في الاصول يتعلمونه كيف يفهم قولك يا رسول الله؟ فطائفة فعلت كذا وطائفة احكم بيننا وانظر من الصواب ما ارادوا بالمحاكمة يحكم على بعض باعادة الصلاة. لا الجميع صلى في الوقت ولن يعيد احد. لكن ارادوا التعلم وكيف يكون احدهم اقرب الى ممارسة المنطق الصحيح صحيح المنهج الصحيح لو تكررت الواقعة فيكون عندهم مستند فلم يخطئ صلى الله عليه وسلم احدا ولن يعنف احدى الطائفتين على حساب احد يعني صوب الفريقين صوب الفريقين من اعتمد من اعتمد على ظاهر اللفظ لا يصلين احد العصر هذا نهي صريح حتى لو ادركتك في الطريق لا تصلي الا في بني قريظة. طب الطائفة الثانية على ماذا اعتمدت؟ يعني هذا واضح اعتمد على صريح اللفظ. الثاني على ماذا اعتمدوا؟ ها؟ لما لما قالوا بل نصلي قالوا يعني نصلي في الطريق. نعم خالفوا هكذا الامر صراحة خالفوا النص. لا هم نظروا الى المعنى. يعني هم لم يهملوا قالوا اللفظ هذا يراد به معنى اهم من ظاهر اللفظ. المعنى الاهم ما هو؟ المبادرة والاستعجال والفورية والتحرك نحو بني قريظة وهذا قد وقع تحركنا لكن ادركتنا الصلاة. اذا طائفة غلبت جانب اللفظ والوقوف عند ظاهره ودلالته وطائفة غلبت النظر الى جانب المعنى والحكمة المقصودة من اللفظ وهذان مسلكان يحتاجهما الفقيه لا ان يقتصر على ظاهر اللفظ المجرد فحسب ولا ان يقتصر على الايغال في المعنى الذي ربما يعطل بسببه ظاهر اللفظ. فمن جميل تعليق كلام ابن القيم رحمه الله لما ساق هذا الحديث. فذكر ان الطائفتين من الصحابة اجتهدتا واختلفتا في استنباط الحكم وفي التعامل مع النص وكل منهما سلك مسلكا قال رحمه الله فهؤلاء سلف ارباب الظواهر وهؤلاء سلف ارباب المعالم. يعني ارباب الظواهر اصحاب المذهب الظاهر الذين قد يجمدون احيانا ظاهر اللفظ. دون النظر الى معناه ولا علته ولا حكمه يقول فهؤلاء سلفوا ارباب الظاهر يعني لهم في الصحابة سلف. ومن ينظر الى المعنى والتعليم ويتعمق فيه ثم يقوى عنده المعنى ليكون اقوى من ظاهر اللفظ في سياق مقبول طبعا فهؤلاء سلف ارباب المعاني. والنبي عليه الصلاة والسلام كما ترى صوب الطائفتين فمن ثم كان المسلكان مقبولان عند الفقهاء. الذي هو الاخذ بظاهر اللفظ متى قويا. ولم يقوى المعنى على تجاوزه او تخطيه. او ربما كان النظر الى المعنى هو الاقوى من خلال جمع النصوص الواردة وان تكون العلة او المقصد اعظم في المراعاة وباعتبار الحكم بنائه عليه. المقصود بذلك يا كرام امثلة متعددة. لم يتسع المقام وقد انتهى وقتنا المخصص. لم يتسع لعرض ما كان الصحابة يعيشون من تطبيق عملي. اردت فقط اثبات قضية مهمة. وهي ان تطبيق الاصول علما ذي قواعد علما ذاق واعد وطرق استنباط ودلالات وفهم كان موجودا في حياة الصحابة زمن النبي عليه الصلاة والسلام. وكان موجودا لان جزءا منه كان باللسان العربي الذي يمتلكونه وجزءا منه كان تربية من النبي عليه الصلاة والسلام يلقنهم فيها مبادئ الاستنباط ويعرفهم فيها مآخذ اخذ الحكم من فاجتمع هذا الى هذا فتكون القدر الكبير من الفهم والملكة التي اهلت الصحابة رضي الله عنهم ان يكونوا بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فقهاء بالمصطلح الكامل. بمعنى انهم يقوون على استنباط الاحكام للمسائل التي لم يكن لها ذكر في القرآن ولا في السنة وانهم قدروا منذ اليوم الاول من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام قدروا على ان يتخذوا المواقف الصحيحة ويستنبط الاحكام الصحيحة وان يكونوا مجتهدين تمام الاجتهاد. اقول منذ اليوم الاول فما مات النبي عليه الصلاة والسلام لو قد اجتمعوا يتناقشون في مسألة الاستخلاف ثم انتهى امرهم الى ابي بكر اترى هذا الا اجتهادا؟ ثم اخروا دفنه عليه الصلاة والسلام ثم ابتلى ابو بكر رضي الله عنه بتنفيذ المهام انفذ جيش واختلف الصحابة ينفذ او ما ينفذ فكانوا على رأيين وكل رأي ابدى ما اخذه في الاجتهاد ثم صاروا الى انفاذه رغم ما بلغوا من ارتداد الناس في الجزيرة عن الاسلام وامتناعهم عن اداء الزكاة. فرأوا في بعث جيش اسامة قوة للاسلام وظهورا له الى اخر ما هنالك. حرب مرتدين جمع مسائل هي نوازل. كل ذلك حصل في غضون سنتين في خلافة ابي بكر رضي الله عنه هي قضايا كبرى في الامة. لكنها وجدت في الصحابة عقولا فقيهة غاية الفقه. تمتلك من الة الاستنباط وقوة النظر في الدليل والجمع بين الادلة وصول الحكم الشرعي الصحيح كل ما تحتاجه الامة انذاك. اذا وجود النبي عليه الصلاة والسلام بين اظهرهم والوحي ينزل ما جعلهم عالة يتكثفون الاحكام الشرعية ولا ينتظرون نزول الوحي في كل منزلة لكنهم كانوا تتنمى عندهم ملكة الاستنباط والفهم فعاشوا مع النبي عليه الصلاة زمنا تقوت عندهم الالة. ومع ذلك فبعضهم افقه من بعض. وبعضهم اعلم بالشريعة والحلال والحرام من بعض. وبعضهم ادق قوة النظر والاستنباط من بعض لما يقول عليه الصلاة والسلام واعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل. ويقول عليه الصلاة والسلام يقدم العلماء يوم القيامة يتقدمهم معاذ برتوه فهو امام العلماء في الحشر يوم القيامة. هذه شهادة له بفقه عظيم وامامة ومعرفة بالحلال الحرام. في السياق ذاته يأتي بعض الصحابة الكبار في الفقه امثال ابن مسعود رضي الله عنه وارضاه. ويبلغون القمة في الاستنباط والتعامل مع المسائل النووية وازن فكانوا بذلك يعملون كل شيء. القصة العجيبة ابن مسعود لما استفتوه في الكوفة عن امرأة مات عنها زوجها قبل يفرض لها صداقا ولم يدخل بها. فمالها وما عليها فاستشكل الامر صفح ايات القرآن والاحاديث التي يعرفها من السنة. فاذا فيها اما امرأة المطلقة قبل الدخول او امرأة مطلقة بعد الدخول او امرأة ميتة عنها زوجها بعد الدخول. لكن ما في هذا الوصف المجمع. تزوجها لم يدخل بها لم حدد الله مهرا ثم مات فلا دخول ولا تسمية مهر ولا هو طلاق هو موت لو تصفحت ايات البقرة وايات الاحزاب وان طلقتموهن من قبل ان تمسوا اذا نكحتم مؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن واية الوفاة وفاة تتحدث عما بعد الدخول. فاستشكل الامر رضي الله عنه وبقي ثلاثة ايام المسألة ويقلب النظر فيها فلما طال عليهم الامر جاؤوه فالحوا عليه بالجواب فاجتهد رضي الله عنه فقال ارى ان لها مهرا نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة. فقضى بثلاثة اشياء مهر المثل وانها تعتد وان لها الميراث فجمع من الاحكام ما اجتهد فيه ورآه اليق بوصفها من الجمع بين النصوص المذكورة في شأن النساء مطلقات وارامل ومدخول بها وغير بها فما اتم جملته حتى قام احد الحضور فقال اشهد ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى في مروع بنت واشق بمثل ما قضيت. والله الغاية في العجب ان يبلغ بشر باجتهاده وفقهه ونظره المجرد ان يطابق حكما شرعيا منصوصا بالوحي. حكم النبي عليه الصلاة والسلام ابن مسعود ما اطلع للحديث ولا يدري عنه قاله اجتهادا فتعجب اي فقه هذا؟ واي اجتهاد بشري يملك من التوفيق والسداد ان يصيب حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزه مقدار شعرة. فيذكر ان ابن مسعود فرح بذلك فرحا عظيما بل يثقل عنه في المبالغة يقول انه ما فرح بعد فرحي بالاسلام بمثل هذا الموقف بل يدل على امامة عظيمة وان يبلغ بفقه مرتبة النص الشرعي المنصوص هذا غاية في اجتهاد التوفيق. اريد ان اقول ان الصحابة متفاوتين في الفقه وفي الفتية والاستنباط. ومع ذلك فكانوا مدرسة عظيمة تخرجوا فيها من رحاب النبوة على يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. يتعلمون القرآن والسنة ويستنبطون منهما ويسددهما عليه الصلاة والسلام في كل ذلك حتى تكونت لهم الة الاجتهاد الكاملة والحديث في الجلسة المقبلة ان شاء الله هو تتابع لما نقصنا عنده الليلة وهو ماذا بعد هذه مرحلة من اجتهاد الصحابة زمن النبوة وكيف كانوا بعد ذلك؟ ثم كيف انتقل هذا العلم الموروث في الصدور الى التابعين فمن بعدهم ثم كيف استحال ذلك مصنفات والله تعالى اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين