بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فهذا هو مجلسنا قبل الاخير وهو الدرس الرابع والثلاثون بفضل الله تعالى وتوفيقه في مجموعة دروس شرح البلبل مختصر روضة الناظر لابن قدامة والبلبل للعلامة نجم الدين الطوفي رحم الله الجميع. هذا المجلس والذي يليه غدا ان شاء الله تعالى هما المجلسان الاخيران في شرح هذا الكتاب المبارك. وهذان المجلسان يتناولان بابين من ابواب الاصول وان شئت فقل الملحقة بعلم الاصول. مجلس الليلة نتناول فيه بعون الله ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى في الاجتهاد والتقليد ومجلس الغد متعلق بالترتيب بين الادلة والترجيح. والباب الاول منهما وهو مجلس الليلة فيما يتعلق بالاجتهاد والتقليد قد مر بكم في اول دروس هذا الكتاب ان هذا الباب من ملحقات علم الاصول وتتمة وليس من صلبه ومسائله. لان الحديث عن الاجتهاد والتقليد يتناول وصف القائم بهذا العلم وهو اجتهدوا وذكروا مقابله وهو المقلد. وما فيهما من مسائل تتعلق بالاجتهاد ومسائله والتقليد واحكامه. فهي كالتبع والتتمة التي اوردها الاصوليون والا فليست هي من صميم علم الاصول المتعلق بالالة التي يمتلكها الفقيه والناظر وفي الادلة للوصول الى استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها. فان صلب هذا العلم كما تقدم مرارا بكم يتقوم على اصلين كبيرين الادلة وطرق الاستنباط منها. وهذان الركنان مر بكم في ابواب متعددة كثيرة اخرها كان القياس في المجلس الماضي والملحق به وهو الاسئلة الواردة على القياس. فاما الاجتهاد والتقليد فقد ذكروه تتمة لانه مما يتعلق بالقائم بهذا الفن وهو المجتهد ويقابله المقلد. ولهذا لما عرف البيضاوي رحمه الله علم الاصول فقال هو علم او ادلة الفقه الاجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد. فجعلوا حال المستفيد آآ ركنا ثالثا لركنين الاساسين الكبيرين لهذا العلم. فمجلس اليوم متعلق بهذا الباب ومسائله يسيرة معدودة. وجله ايضا واضحة سنشرح ما يتعلق بها ان شاء الله. نعم. قال رحمه الله تعالى الاجتهاد لغة بذل الجهد في فعل شاق قال اجتهد في حمل الرحى لا في حمل خردلة واصطلاحا بذل الجهد في تعرف الحكم الشرعي والتام منه ما انتهى الى حال العجز عن مزيد طلبه. بدأ المصنف رحمه الله تعريف الاجتهاد لغة واصطلاحا فقال لغة هو بذل الجهد في فعل شاق. يقال اجتهد في امر ما اجتهد في البحث عن ما له المفقود او اجتهد في البحث عن حكم مسألة او اجتهد في البحث عن زوجة صالحة او مسكن ملائم. الاجتهاد في هذه المعاني لغة كان كلها يعود الى معنى بذل الجهد واستفراغ الوسع في طلب مقصود ما هذا تعريفه لغة ولا يطلق كما قال المصنف على ما فيه مشقة وجهد فاما من سعى سعيا يسيرا ووصل الى مراده لا يقال فيه اجتهد. قال رحمه الله يقال اجتهد في حمل الرحى والرحى هو الحجر الكبير الذي يطحن عليه الحب. لثقله وعظيم وزنه. قال اجتهد في حملها ولا قالوا اجتهد في حمل خردلة ظرب بها مثالا لصغرها وخفة وزنها ليدل على ان الجهد اليسير الذي لا يذكر لا يوصف بذل الجهد فيه. قال وفي الاصطلاح بذل الجهد في تعرف الحكم الشرعي. ولا شك ان المعنى الاصطلاحي مأخوذ من اللغوي. فبذل او بذل طالب العلم او الناظر في المسألة بذل جهده معناه ان يبذل مشقة. وسعيا حثيثا في الوصول الى هذا المعنى قصة وهو الحكم الشرعي. فالاجتهاد الشرعي هو الاجتهاد او بذل الوسع في الوصول الى حكم شرعي. واما الاجتهاد في امور الدنيا فغير داخل معنا هنا فاذا تخرج الاجتهاد في طلب المعاش في طلب المنافع والمكاسب وارباح التجارات. وهو اجتهادات ولا شك. فاذا اردت اخراجها ستقول بذل الجهد في تعرف الحكم الشرعي فيبقى تعريفك منحصرا على ابواب الشريعة وهو الذي يعنينا في الاصول. قالوا منه يعني الاجتهاد التام هو ما انتهى الى حال العجز عن مزيد طلب. يعني ان يبذل مجتهد وسعه بحيث لا يبقى عنده قدرة على بذل المزيد. فيقال فيه اجتهاد تام. وهذا يشعرك انه يقابله اجتهاد ناقص فماذا سيكون؟ هو ما لم يبذل فيه المجتهد منتهى دعه ويبقى هناك وراء جهده مزيد طلب. فهو عكس الاجتهاد التام. اذا الاجتهاد نوعان تام وقاصر او ناقص وانت ايضا سترى ان من اهل العلم في اجتهاده في البحث عن المسائل بل حتى انت اذا كلفت ببحث مسألة والوصول الى حكمها انت ايضا احد رجلين اما ان تجتهد فيه اجتهادا تاما. بحيث لا تأتي على مسألة او ما يتعلق بها او مرجع او كلام لاهل العلم او مظنة لورود المسألة فيها الا اتيت عليه. واعملت فيها الفكرة وبذلت فيها الوسع وقلبت النظر وتأملت وفتشت في كل ما يمكن بل حتى تبلغ المسألة بك المبالغة في التأمل فيها حتى تحلم بها في المنام. فيقال بذل الجهد التام فما ابقى مناما ولا يقظة الا سخرها في البحث عن حكم المسألة للوصول اليها. والاجتهاد القاصد ما كان يقتصر على تقليب النظر في صفحات او مراجع او كتاب او بعض المواضع التي يظن وجود المسألة فيها. ولا شك ان الاجتهاد التام اولى واعظم وابلغ ويتعلق به احكام لا تتعلق بالقاصر. نعم. وشرط المجتهد احاطته بمدارك الاحكام وهي الوصول متقدمة وما يعتبر للحكم في الجملة كمية وكيفية فالواجب عليه من الكتاب معرفة ما يتعلق بالاحكام منه. طيب الان بدأ تكلم في الفقرة الاتي وهي طويلة يتكلم عن شروط المجتهد. يعني من الذي يوصف بالاجتهاد؟ متى يوصف الفقيه بانه مجتهد اذ او بلغ درجة الاجتهاد قال رحمه الله شرط المجتهد احاطته بمدارك الاحكام هذا الشرط هو المجمل الكبير الذي سيأتي تفصيله في الفقرة التالية طويلا لكن مأخذه الاساس يعني مبناه الكبير على هذا المعنى احاطته بما ادارك الاحكام. مدارك جمع مدرك وهو اسمه مكان من ادرك يعني مكان ادراك الاحكام وقال من اين تدرك الاحكام؟ من ادلتها وادلتها اما متفق عليها او مختلف فيها. فاذا كانت متفقا فهي الكتاب والسنة استصحاب والاجماع وجعل القياس معقول النص وبعضهم يجعله مستقلا بذاته. والادلة المختلف فيها كما مر بك مثل قول الصحابي وشرع من قبلنا والمصلحة والاستحسان ونحو هذا. فهذه كلها مدارك الاحكام ان يحيط بها طالب العلم او الفقيه فهذا من شروط الاجتهاد وهو يدخل فيه كما سيأتي الان انه لو وقف على احاطته بدليلي الكتاب والسنة فان من شرطه معرفة كيفية الاستدلال بالكتاب والسنة فتندرج كل ابواب الاصول كما سيأتيك بعد قليل في التفصيل. اذا الشرط الاساس احاطته بمدارك الاحكام. لانه لا يتصور ان يبذل وسعا وجهدا ويتحرى الوصول الى حكم مسألة الا من مآخذها ومداركها وهي الاصول والادلة السابقة. ولهذا قال وهي الاصول المتقدمة يعني في الكتاب المتفق عليها والمختلف فيها. قال وما يعتبر للحكم في الجملة. ما الذي يعتبر للحكم؟ يعتبر له جملة اشياء قال كمية وكيفية وشرح لك الاتي كيف يكون. الكميات مقادير الاحكام ودرجاتها ومراتبها كيفياتها طرق استنباطها وتفاوتها في الدرجات كل ما مر بك في ابواب الاصول الماضية هو الذي يقصد به المصنف رحمه الله ما بما يعتبر للحكم في الجملة يعني تقديم ما يجب تقديمه وتأخير ما يجب تأخيره. كل هذا الة للمجتهد يدخل في كميات الكيفيات زاد هذه الجملة تفصيلا في الاسطر الاتية. نعم فالواجب عليه من الكتاب معرفة ما يتعلق بالاحكام منه. وهو قدر خمسمائة اية. بحيث يمكنه استحضارها للاحتجاج بها لا حفظ وكذلك من السنة ومعرفة صحة الحديث اجتهادا كعلمه بصحة مخرجه وعدالة رواه رواته او تقليدا كنقله من كتاب صحيح ارتضى الائمة رواته والناسخ والناسخ والمنسوخ منهما ويكفيه معرفة ان دليل هذا الحكم غير منسوخ ومن الاجماع ما تقدم فيه ويكفيه معرفة ان هذه المسألة مجمع عليها ام لا؟ ومن النحو واللغة ما يكفيه في معرفة ما يتعلق بالكتاب والسنة من نص وظاهر مجمل وحقيقة ومجاز وعام وخاص ومطلق ومقيد ودليل خطاب ونحوه. لا الفقه لانها من فروع الاجتهاد فلا تشترط له والا لزم الدور. وتقرير الادلة ومقوماتها هذا جملة ما اجمله رحمه الله في العبارة السابقة زادها تفصيلا فقال الواجب عليه من الكتاب باعتبار الكتاب احد الاصول التي اشار اليها. الواجب عليه معرفة ما يتعلق بالاحكام منه وهو قدر خمسمائة اية. ما خمسمائة اية هذه قال هو القدر من ايات القرآن المتعلق بالاحكام. من اين جاء هذا التقدير؟ توارد بعض الاصولين على ايراد هذا العدد. قال الغزالي رحمه الله كأنهم رأوا مقاتل بن سليمان اول من افرد ايات الاحكام في تصنيف وجعلها خمسمئة اية فكأنهم رأوا ان جملة ايات الاحكام التي يتعلق بها احكام العبادات والمعاملات وبتفاصيلها وابوابها في القرآن منحصرة في هذا ترى هذا ايضا الرازي والزركشي في البحر المحيط وغيرهم. فليس لهذا مستند في تحديد العدد لكن لما يقولون القرآن طيب ما القدر الذي يجب على المجتهد ان يكون عنده من القرآن حتى يتحقق فيه وصف الاجتهاد قالوا اقل شيء ان يكون عنده ايات الاحكام. ايات الاحكام المقصود بها تصنيف الموضوع للايات القرآنية لان من القرآن ما هو احكام؟ ومنه وعد ووعيد، ومنه قصص واخبار. فقالوا اقل شيء يدركه المجتهد من ايات القرآن ما يتعلق بالاحكام لكن هذا فيه نظر من ناحيتين. الناحية الاولى ان ان حصر ايات الاحكام لتعلق عمل المجتهد بها غير سديد وذلك ان القرآن كله محل استنباط للاحكام. الا ترى ان حتى ايات الوعد والوعيد والقصص والاخبار ايضا هي من محل بعض الاحكام وفيها عظات وعبر وفيها احكام مستنبطة. فحصرها او فصلها عن مجرى ايات الاحكام فيه نظر. والامر الاخر ان العدد كما قلت لك غيره منحصر. قال رحمه الله بحيث يمكن استحضارها للاحتجاج بها لا حفظها يعني لا يشترط للمجتهد ان يكون حافظا للقرآن. بل يكفيه استحضارها ومعرفة مواضعها. وان الحفظ ربما كان في استذكار المجتهد ما يغني عن حفظ القرآن عن ظهر قلب. هذا الشرط يكاد ان يكون نظريا يعني انت لا ترى عبر اجيال الامة من تسنم امامة العلماء فضلا عن رتبة الاجتهاد ثم تجد قد احاط بالعلوم وفنونها وفروعها وادرك المتون وعرف كلام العلماء واستبح في نقل الخلافات ثم عجز ان يحفظ القرآن. هذا شبه محال ولا تكاد تعرف احدا من علماء الامة الذين بلغوا درجة الاجتهاد قد اه ذكر عنه عدم حفظه للقرآن. فان حصل هذا لاحدهم فلا يسعنا ان نجعله وصفا. ونقرره اصلا في باب الاجتهاد والتقرير فنقول لا يشترط فيه بل قال السمعاني رحمه الله في قواطع الادلة ذهب كثير من اهل العلم الى انه يلزم ان يكون حافظا للقرآن لان ان الحافظ اضبط لمعانيه. لانه يعرف المواضع المتفق المختلف المتشابه والمؤتلف نحو ذلك. ثم قال رحمه الله وكذلك من من السنة يعني كالذي قيل في القرآن يقال في السنة. موضوع السنة امره اوسع بكثير وذلك ان احاديث النبي صلى الله عليه وسلم في دواوين السنة غير منحصرة عددا. نعم المروي منها على وجه التثبت والدقة والصحة يمكن ان يحصر في دواوين معلومة مشهورة كالصحيحين والمستدركات عليها والمستخرجات عليها وبعض ما اجتهد الائمة في تصنيفه على دقيق يشترط الصحة لا غير. لكن لن تجد من الحفاظ من تستطيع ان تصفه بانه استوعب سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام حفظا او جمعا لكننا نصف حفاظ الامة بالسعى في الرواية وكثرة الاتيان على اكبر قدر منها هذا موجود. لكن لا يوجد في تاريخ الامة ابدا من الصحابة فضلا عمن جاء بعدهم ان يقال انه حوى السنة اجمع. فما القدر الذي ستكون في تحديده ادنى الدرجات التي يجد المجتهد نفسه مضطرا الى استيعابها قال كذلك يعني القدر المتعلق بالاحكام ومعرفة صحة الحديث كيف يعرف مجتهد ان الحديث صحيح وضعيف قال باحدى طريقين. اما اجتهادا كعلمه بصحة مخرجه وعدالة رواته. يعني ان يكون المجتهد مستقلا بالقدرة على النظر في الاسانيد ومعرفة الطرق وتخريج الحديث ومعرفة مراتب الرواة ومن ثم الحكم على الحديث يستقل بذلك بنفسه. كحال اهل الصنعة العالمين بها الخبراء بشأنها اول طريق الثاني قال تقليدا. يعني الا يقوى هو على الاستقلال بالنظر في الحديث والحكم عليه صحة وضعفا. فينتقل الى حكمه تقليدا كنقله من كتاب صحيح ارتضى الائمة رواته كالصحيحين مثلا. والناسخ والمنسوخ منهما يعني فيما يتعلق بمعرفته بالكتاب والسنة اشترطوا ايضا في المجتهد معرفته بما نسخ من الكتاب والسنة والناسخ. ويكفيه معرفة ان دليل هذا الحكم غير منسوخ. ليس من شرطه ان يعرف مواضع النسخ لكن يكفيه ان يعرف مواضع الاحكام ان هذا حكم لم ينسخ في كتاب الله ولا في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام شأن عظيم في قضية تعظيم باب النسخ والشرط الدراية به لمن يتصدى للافتاء او تعليم الناس او آآ ارشادهم الى احكام الشريعة لان من لا يدرك هذا الباب يوشك ان يخطئ. فربما اتى على الحكم المنسوخ ولا يدري بنسخه فقال به او افتى او علم الناس وهذا خطأ ويذكر في الاثر ان علي ابن ابي طالب رضي الله عنه امير المؤمنين مر بقاص والقصاص من كانوا يجلسون في المساجد يعظون الناس بالقصص والحكايات والاخبار المروية ويعتنون بها وهم الى الوعظ قرب منهم الى الفتوى فمر به فوجده قد خلط. فاتى على بعض الاحكام فلم يميز ناسخها من منسوخها فلما اتى اليه ناداه فقال له ادرست او علمت الناسخ والمنسوخ؟ قال لا. يقال فاخذوه ففرك اذنه فقال اذهب فتعلم النسخ ولا تأتي مجلسنا بعد فتقص علينا يعني لا تأتي الينا في المسجد كانه يقول هذا لا يستحقه من لم يعلم هذا الباب. ولهذا انبرأ اهل العلم بافراد هذا الباب العظيم في الشريعة اعني النسخ بمصنفات مستقلة منهم من افرد وحاول ان يحصر الايات في القرآن وبعضهم مواضع السنة وصنف قديما وحديثا في معرفة الناسخ والمنسوخ قد مر بك في الباب المخصص له قدر لا بأس به. قال رحمه الله ومن الاجماع ما تقدم فيه تعريفه انواعه آآ درجاته مقطوع ومظنون الصريح السكوت ومسائله المتعلقة به. ويكفيه معرفة ان هذه المسألة مجمع عليها ام لا. حتى لا يخطئ. فيبتعد عن مواضع الاجماع ليجتهدن فيها ومواضع الخلاف يبقى محلا للنظر ولا يحكي عليها الاجماع. ثم قال ومن النحو واللغة ما يكفيه في معرفة ما يتعلق بالكتاب الكتاب والسنة من نص وظاهر ومجمل وحقيقة ومجاز وعام وخاص ومطلق ومقيد ودليل خطاب ونحو هذه مباحث لغوية كما مر بكم كثيرا. اضاف عليه الاصوليون تقعيدا مهما يختص بنصوص الشريعة حتى يكون ادعى ذلك الى معرفة ما يتعلق منها بالكتاب والسنة ولان الدلائل ادلة الالفاظ هذه آآ هي مبنية على اساليب اللغة فكان من شرط مجتهد درايته بالنحو باللغة وحتى بتصاريف الكلمات لان هذا القدر مهم لكن كم هو القدر من النحو واللغة؟ هذا لا حد له لكن ادناه ان يكون عنده الاساس الذي يستقيم به لسانه. ويصح به اعرابه ويبتعد به عن اللحن والخطأ ويفهم سياق الكلام ويعرف مواضع الكلمات في الجمل. قال رحمه الله لا تفاريع الفقه يعني لا يشترط في المجتهد لا يشترط في المجتهد ادراكه بتفاريع الفقه. يعني هل يلزمه ان يحيط مثلا بمسائل الفقه على مذهب امامه فيستوعب الكتب المصنفة فيه قال هذا ليس شرطا علل فقال لانه من فروع الاجتهاد ما هو الفقه تفاريع الفقه من فروع الاجتهاد. فلا تشترط له والا لزم الدور. اذا اشترطنا في المجتهد ان يحيط بفروع الفقه. ثم قلنا ثم قلنا ان ثمرة الاجتهاد القدرة على استنباط احكام الفقه. فكيف تكون الثمرة شرطا؟ ان تقول شرطه دراية الفقه ثم تقول يجتهد لتكون الثمرة دراية الفقه. هذا يلزم الدور. فتقول في الفقه تارة هو شرط حتى يجتهد وتارة تقول اجتهاد شرط حتى يصل الى الفقه. فاستدرك على ذلك فقال لا تشترط له. ثم قال والا لزم الدور. وتقرير الادلة ومقوماتها يعني ايضا ما يحتاج الى معرفة تقرير الدليل. ومعنى تقرير الدليل فكره على وجه الصحيح يبعد به الاشكال ويجيب به عن احترام ويزيل به ما يعترض به على الاستدلال به ونحو ذلك. قال ومن حصل نعم قال ومن حصل شروط الاجتهاد في مسألة فهو مجتهد فيها وينجهل حكم غيرها. هذه مسألة تسمى بتجزأ الاجتهاد يعني هل يصح الاجتهاد المجزئ ام لابد من الاجتهاد الكامل؟ ما الاجتهاد المجزئ؟ ان يكون للفقيه او طالب العلم جهاد في جزء من احكام الشريعة لا في كلها. كم هذا الجزء نصف الشريعة مثلا ربعها كم هو؟ لا حد له يمكن ان يكون الاجتهاد الجزئي في مسألة. في باب فقط من الابواب ان يكون مجتهدا في العبادة. مجتهدا في الانكحة. مجتهدا في فقه البيوع. مجتهدا في الحدود والتعزيرات. ان يكون مجتهدا في فقه الجنايات ليكون مجتهدا في الطلاق ومسائله واحكامه. هكذا هذا المقصود بتجزأ الاجتهاد. السؤال هو هل يصح ان نصف طالب علم او عالما بانه مجتهد جزئي يعني في باب دون باقي الابواب او لا يوصف بالاجتهاد الا الاجتهاد الكامل في كل الشريعة؟ نعم. ومن حصل ومن حصل شروط الاجتهاد في مسألة فهو مجتهد فيها وان جهل حكم غيرها. اذا ماذا رجح المصنف لف جواز تجزأ الاجتهاد. نعم. ومنعه ومنعه قوم لجواز تعلق بعض مداركها بما يجهله. واصله خلاف في تجزء الاجتهاد منعه قوم لجواز ان تكون المسألة التي لم يجتهد فيها لها اثر في الباب الذي حكمنا عليه بانه يجوز ان يجتهد فيه. هذا يا اخوة يعني اليوم اليوم لا يكاد يصلح لفقهاء كثير من البلاد الاسلامية علمائها الا هذا وانت ترى ان العلم لما اتسع والفقه لما اصبح بحرا لا يدرك ساحله لا يكاد طالب العلم المعتني بالتفقه والمنكب على تحصيل هذا العلم. والمستفرغ وقته وجهده ونفقته وماله وكل شيء. في تحصيل هذا العلم لا يسعه الا ان يبلغ درجة كبيرة في العناية بهذا الباب لكنه لن يحيط ابدا به. وانت ترى ايضا ان التخصصات العلمية التي فرضت مساراتها في الدراسات النظامية في الجامعات والمعاهد والمراكز لا يتحصل طالب العلم على درجات متقدمة في التحصيل الا بالتخصص والتخصص نوع من تجزؤ الاجتهاد فتراه يتخصص في الفقه ثم في باب منه ثم اذا وصل درجة علمية محددة كالعالية او العالمية ما الماجستير والدكتوراة فانه يختار موضوعا بعينه. فاذا اتى مثلا على عيوب النكاح فقط واعتبرها شغلا واجتهد فيها اربع سنوات واعد فيها بحثا اه يعني يجتهد فيه ويرى انه قد بذل فيه وسعه. فانت ترى هذا اجتهادا جزئيا في مسألة فقط في باب من ابواب الفقه لكنه لو بذل جهده فكان فعلا قد اتى على كل ما يحتاجه هذا الباء يصلح ان يكون مرجعا للعلماء والفقهاء في مسائل عيوب النكاح اخر في المعاملات المالية المصرفية المعاصرة البطاقات البنكية واحكامها ومسائلها. ثالث المسائل الزراعية واحكامها التربة والسماد والسقيا زراعة وثمارها المساقاة والاجرة الى اخره. ثالث رابع خامس هذا في مسائل طبية وعمليات جراحية تجميلية. وذاك في سياسية ورابعة في امور اقتصادية هذه كلها اصبح لا ينفع فيها اليوم الا هذا التخصص. وبالتالي اصبح المتخصصون في هذه الابواب مجتهدون جزئيون وقولهم ودرايتهم بهذه الابواب اصبحت مرجعا يغني عن كثير من البحث والنظر في من لا يحسن بعض هذه مسائل قلت لك مع تشعب المسائل اليوم والفروع التي توسع فيها علم الفقه كثيرا. فهذا الذي يصلح لازماننا المتأخرة القول بتجزأ الاجتهاد. نعم لنا قول كثير من السلف الصحابة وغيرهم لا ادري لنا على ماذا؟ على جواز تجزؤ الاجتهاد. ما وجه قول الصحابة وغيرهم من السلف لا ادري ما وجه الدلالة على ان هذا يدل على جواز تجزؤ الاجتهاد نعم انهم في ابواب من العلم كانوا لا يعرفون حكمها فهو لم يقدح هذا ولم يقدح هذا في اجتهادهم في كونهم مجتهدين. نعم. حتى قاله مالك في ست وثلاثين مسألة من ثمان واربعين. قالوا تعارض الادلة قالوا لا. قولهم لا ادري لا يدل على تجزؤ الاجتهاد بل يدل على ان المسألة تكافئت عندهم فيها الادلة فتوقفوا وتوقف المجتهد ليس جهلا بل هو مزيد علم. هذا احتمال يعني لما قال العالم لا ادري او سئل عن مسألة فتوقف عن الجواب هي امامها احد احتمالين اما انه يجهل حكمها فما تجرأ وتورع ان يقول في في الشريعة بقول لا يعلم له من الله دليلا فسكت. واما ان تكون الادلة قد تكافئت عنده ولم يترجح له شيء فقال لا ادري. فقال المعترضون لا هذا ليس دليلا بل احتمل انه انما توقف لتكافؤ الادلة والتوقف عند التكافؤ ليس جهلا بل هو علم محقق. نعم. قلنا لا ادري اعم من ذلك. والاصل عدم العلم. ليش اعم من ذلك لانها تحتمل الجهل وتحتمل العلم. قوله لا ادري تحتمل الجهل لا يعرف حكم المسألة فقال لا ادري. وتحتمل علمه بالادلة لو بالخلاف وتوقفه عن الترجيح فسكت وقال لا ادري. فلا يصح ان تحملها على احد المحملين. قال والاصل عدم العلم. يعني لما يقول قائل يقولون لا ادري هي تحتمل انه لا يدري لانه يجهل او تحتمل لا يدري لانه تكافئت عنده الادلة ايهما الاصل في قوله لا ادري؟ الاصل عدم العلم فوجب حملها عليه ولا تشترط عدالته في اجتهاده بل في قبول فتياه وخبره. هذا اخر شرط يذكره الاصوليون عادة في شروط الاجتهاد شرط العدالة ويتفقون على هذا الا خلاف قليل عند بعض الاصوليين. يقولون ليست العدالة شرطا في المجتهد ليكون مجتهدا لكنها شرط في قبول خبره وفتواه يعني العالم والفقيه ليس بالضرورة ان يكون عدلا. بل قد يكون فاسقا فسقه لا يؤثر في تحصيله درجة الاجتهاد لكن يؤثر في قبول الناس قوله بان عدالته اذا سقطت سقطت الثقة بقوله فلا تؤخذ عنه الفتوى ولا يؤخذ عنه الرواية. اذا فما فائدة اجتهاده لنفسه نعم فتكون فائدة اجتهاده لنفسه ليعمل في شأن نفسه او من يقول بقوله لكنه لا يصح اخذ العلم فتيا او رواية عنه. اه هذا الذي يقرره جل الاصوليين عليه ملحظ كبير. وهو ان اشتراطهم للعدالة اخذت من زاوية تجريدية تنظيرية بعيدة. والحق ان العلم جملة وعلم الشريعة خاصة وادراك احكام لله عز وجل على اخص الخصوص لا تقوم لا تقوم الا الا على قاعدة الصلاح والتقوى والديانة فاذا قلنا سقطت العدالة فانت تفتقد اهم شروط الصلاح والديانة. واذا كان يتصور ان فاسقا وتعرف ان الفسقي لا يتأتى الا بالوقوع في الكبائر او الاصرار والدوام على الصغائر والمجاهرة بالمعاصي والفواحش. هذي كلها مستلزمات الفسق. فاذا اتصف بها من سلك طريق العلم وتزيى بزي اهل العلم فحصل المسائل ودرس المتون واخذ الشهادات ويقال انه ارتقى درجة في العلم ويوصف كذلك في ظاهر الحال. ثم تقول ليس من شرط الاجتهاد العدالة بل يجوز ان يكون فاسقا هذا الحقيقة يتعارض مع اصول شرعية كبيرة وهو ان علم الله جل جلاله وادراك احكامه انما خص الله تعالى به من الشريعة ومن عباده ومن اهل الارض اهل خشيته. واهل خشيته هم خلاف الاهل الفسق تماما. لا نتكلم لا نتكلم عن الواقع في المعصية زلة وخطيئة فكلنا كذلك لكن تتكلم على الفاسق بهذا الوصف فرق بين مجتهد يسعى لكنه بشر يخطئ فيزل فيذنب ويستغفر ويعود. وهذا الشأن فليس احد معصوم من العلماء. فرق بين هذا وبين ان تقول لا يجوز ان يكون فاسقا. اين تذهب بقوله تعالى في سورة الانفال يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا هذا شرط وتحقيق المشروط متوقف عليه. الفرقان ما هو؟ ما الفرقان؟ نور نور يقذفه الله عز وجل في قلب العبد وبصيرته يميز به بين الحق والباطل بين الهدى والضلالة بين الخير والشر مثله في سورة الحديد. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله. يجعل لكم نورا تمشون بيوتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا يمشون به. ما هذا النور قطعا ليس نورا حسيا حتى تمشي به في طريق مظلمة. هو النور المعنوي. اذا هو نور البصائر فاذا لن يهتدي لن يهتدي امرؤ يسلك طريق العلم بعيدا عن هذا النور. وقد جعل الله تعالى شرطا على تحقيق التقوى في الايتين قال هنا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتيكم كفلين من رحمته ويجعل لكم فجعله جوابا للامر. وهناك جعلها جوابا للشرط وتحقق ايضا بالدليلين وبغيرهما انه لا يتأتى مثل هذا الا من حصله. ناهيك عن قوله تعالى في الحصر انما يخشى الله من عباده العلماء فانظر كيف جعل هذا الوصف اللائق بتسمية العلماء حصرا على من حقق هذا الوصف وهو الخشية. خشية الله تورث هذا النور تورث تلك البصيرة فاذا ما اضفت هذا الى عبارات السلف المشرقة وجدت تلك الشواهد تؤكد هذا المعنى. عبارة الشافعي رحمه الله لما ابصر الامام مالك في في فتوته وحداثة سنه رأى فيه نور الطاعة وامارات النبوغ والنجابة. فقال له العبارة احفظها عامة طلبة بالعلم قال ارى فيك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية ولما سأل شيخه وكيعا عن سر حفظه واستدل على ذلك بترك المعاصي. فالمقصود ان هذا باب كبير لا يصح الحقيقة تجاوزه في عبارات مجردة بان يقال يصح ان يكون العالم مجتهدا ولو كان فاسقا. وان العدالة ليست شرطا هذا طير مجرد حقيقة الشريعة واصولها وشواهدها وايضا هدي السلف في هذا الباب يقوم على خلاف ذلك تماما. لاحظ معي انه حتى لما جئنا لتقرير فقه الصحابة وحجية قول احدهم في المسائل الاجتهادية التي لا نص فيها والتي لا يعرف لبعضهم فيها مخالف كان يقوم على هذا الاصل الكبير لانهم ليسوا معصومين ولا انبياء ولا وحي ينزل عليهم لكنه بالنظر الى هذا الجانب الكبير انهم اعظم الامة ايمانا واكثرهم تقوى وصلاحا واعظمهم لله خشية واكثرهم ادراكا لمقاصد الشريعة ومغزاها ومبناها وبالضرورة كونون اقرب الى تحقيق الصواب وادراك مراد الله في كتابه ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة. هذا هو المتكأ الذي استند عليه قول الصحابة والاحتجاج به فكيف نغفله هنا في شروط الاجتهاد ونقول ليس شرطا والله اعلم