الحمد لله اولا واخرا وظاهرا وباطنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فمجلسنا هذا بحمد الله تعالى هو تمام الثلاثين. التي ما زلنا نتواصل فيها في تناول درس مختصر روضة الناظر المسمى بالبلبل للعلامة نجم الدين الطوفي رحمه الله. وهذا المجلس الذي يحمل رقم الثلاثين هو شروع في دليل كثر حديث الاصوليين عنه وهو احد الادلة التي وقع فيها جدل كبير من ناحية وخوض في كثير من مسائله المتعلقة به من ناحية اخرى هو دليل القياس. القياس الدليل المتفق عليه بين المذاهب المعتبرة. والذي يؤثر فيه الخلاف المشهور عن الظاهرية خلاف للائمة اربعة ومن سواهم. هذا المجلس نستفتح فيه دليل القياس وكلام الاصوليين فيه عادة يتناول تعريفه. ثم الحديث عن مكانه وشروط القياس الصحيح. والقسم الاكبر الذي يأخذ مساحة في باب القياس عند الاصوليين هو الحديث عن الركن اكبر من اركان القياس وهي العلة. الحديث عن العلة من ناحية وجوه دلالتها على الحكم وتعلق الحكم بها ثم من ناحية وجودها في النص الذي يتناول حكم الاصل واخيرا مسالك استنباطها في العلة الاجتهادية المستنبطة واخيرا يختمون القياس عادة بمناقشة ما يسمونه اوجه فساد القياس او الاعتراضات او الاسئلة الواردة على القياس. نشرع اليوم بالحديث عن الجزء الاول من القياس نتناول في مجلس الليلة ان شاء الله الحديث عن تعريف القياس والاحتجاج له على مذهب الجمهور. ثم اوجه المخالفين في القياس والاجابة عنها بعد الحديث عن الاركان المتعلقة بالقياس ولعلنا نكمل فيما بعد في المجالس اللاحقة باذن الله. وهنا تجدر الاشارة الى ان باب القياس في كان ولم يزل عند كثير من طلبة العلم الباب الاصعب. وهو حقيقة ميدان الفحول في علم الاصول كما يقال. الميدان الذي يتمايز فيه كبار المجتهدين والفقهاء الذين يطبقون قواعد الاصول في الاصول الى استنباط الاحكام الشرعية. لان ما تعلقوا بالقواعد الاصولية الاخرى سواء ما تعلق منها بالادلة كتابا وسنة واجماعا او ما تعلق بالدلالات كالعموم والخصوصي والامر والنهي وما الى ذلك آآ فيه قدر من الاجتهاد ولا شك وقدر ايضا من حسن النظر وآآ طول الباعي في مسائل العلم لكن القياس يعتمد على آآ جهد اكبر في اكثر من خطوة من خطواته كما سيأتيكم لاحقا ان شاء الله. فمن ثم كان الخوض في القياس وممارسته وتطبيقه واستنباط الاحكام بناء على القياس او الاستدلال على الاحكام الشرعية بدليل قياس كل ذلك كل ذلك يحتاج الى جهد كبير وامامة عظيمة في ممارسة قواعد الشريعة. فالقياس هو الباب الاكبر في هذا وهو قطب رحل اجتهاد. الاجتهاد بمفهومه الواسع يتناول ابوابا كثيرة. الا ان القياس قتن هو قطب الرحى لدى المجتهدين في الوصول الى احكام الشريعة. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وبعد قال المصنف رحمه الله القياس لغتنا التقدير نحو قسط الثوب بالذراع والجراحة بالمصبار والجراحة بالمسبار اقيسوا واقوسوا قيسا وقوسا وقياسا فيهما وشرعا حمل فرع على اصل في حكم بجامع بينهما. وقيل اثبات مثل حكم في غير محله لمقتض وقيل تعدية حكم المنصوص عليه الى غيره بجامع مشترك. ومعانيها متقاربة وقيل غير ذلك وقيل هو الاجتهاد وهو خطأ لفظا وحكما. ابتدأ رحمه الله كما سمعتم بتعريف القياس لغة ثم شرعا عرف القياس لغة فقال التقدير لان مادة القياس في اللغة تعود الى هذا المعنى الكبير. تقول قسط الثوب بالذراع اذا قدرته به. وتقول اقيس فلانا بفلان في سرعته مثلا او في طوله او في ذكائه او في اي ناحية من النواحي. فتقيس فلانا بفلان بمعنى انك تقدره به او تساويه به. ومنه جاء هذا المعنى في الشريعة. قال رحمه الله نحو قسط الثوب بالذراع. ولذلك تقول هذا الثوب قياسه ثلاثة اذرع وقولك قياسه فانت تقصد تسويته او تقديره بما يساوي طول الثلاثة الاذرع. قال والجراحة بالمسبار ايضا تقول في اللغة قسط الجراحة بالمسبار. المقصود بالجراحة الجرح الذي يكون في البدن. والمسمار الة يستخدمها الطبيب حديدة يدخلها الطبيب في الجرح ليظهر له عمق الجرح واتساعه وهذا قبل ان تتطور ادوات الطب. فيدخل هذا المسبار والمسبار هو كالميل ايضا في المكحلة. هو حديدة يدخلها في الجرح حتى يظهر له طول الجرح فيستبين للطبيب الدواء الانفع بحسب عمق الجرح واتساعه. قال في اللغة قيسوا واقوسوا يعني الالف في القياس يصح ان تكون يائية او تكون واوية. لان تصريفها اقيس واقوس اذا قلت اقيس تقول في المصدر قيسا. واذا قلت اقوس تقول في المصدر قوسا. ويصح في اسم المصدر قياس سواء بالياء او بالواو. ولهذا قال وقياسا فيهما. يعني تقول اقيس قيسا واقوس قوسا. ويصح للتصريفين ان تقولا قياسا اقيسوا واقوسوا قياسا. قال وشرعا اورد رحمه الله تعريفات ثلاثة لتعريف القياس شرعا ثم قال وكلها متقاربة. قال في الاول حمل فرع على اصل في حكم بجامع بينهما. هذا وما شابهه يكود يكاد يكون من اكثر تعريفات القياس انتشارا عند الاصوليين لانه يتناول الاركان الاربعة للقياس وانت بالمثال ستطلق كثيرا من مسائل القياس الاتية حتى يتضح لك تقول الحديث دل على تحريم التفاضل في البر لجريان الربا فيه. لقوله صلى الله عليه وسلم البر بالبر مثلا طفل ولك ان تقول قياسا عليه يأخذ الرز الارز يأخذ حكم البر فالمثال ها هنا يظهر فيه ان البر هو الاصل وان الارز هو الفرع اذا الارز الحكم الذي العين او المسألة التي ما تناولها الدليل. والاصل هو المسألة التي تناولها الدليل والحكم هو الذي تريد نقله من الاصل الى الفرع. الحكم في البر تحريم التفاضل. تريد ان تنقل هذا الحكم وهو تحريم التفاضل الى الارز فانت ماذا تفعل؟ ستنقل الحكم من الاصل الى الفرع. او بالعكس تحمل الفرع على حكم الاصل يعني تعطيه حكمه في كلتا الصورتين. لكن هذا لا يحصل بالتشهي ولا بالهوى المجرد. بل لا بد من لا بد من بناء معتبر وعليه فينبغي ان يكون هناك شيء مشترك بين الاصل والفرع هو الجسر الذي سيعبر عليه الحكم من الاصل الى الفرع. هذا الجسر هو والعلة علة الحكم الموجودة في الاصل ان كانت موجودة مثلها في الفرع صح ان تنقل الحكم. فتقول لماذا حرم التفاضل في البر؟ فيقول فقيه لانه طعام مكيل. ويقول اخر بل لانه مما يقتات ويدخر. ويقول ثالث ورابع وقل ما شئت من العل التي اختلف فيها الفقهاء فلو قلت هو طعام يكال. يعني يستخدم فيه الكيل. فتجد ان العلة التي من اجلها حرم التفاضل في البر موجود مثلها في الارز انه طعام يكال. او انه قوت يدخر على حسب اختلاف فلما وجدنا الارز يحمل الفرع يحمل العلة التي من اجلها حرم التفاضل في البر اعطيناه حكم البر فهذا وجه عن القياس ومثاله الواضح الصحيح. انت تقول هذا المثال نقيس الارز على البر في اي شيء في تحريم التفاضل فيه بجامع العلة المشتركة ما هي العلة؟ تقول بجامع الطعم او بجامع الكيل او بجامع والإدخار على اختلاف علل الفقهاء. هذا تطبيق واضح يسير بمسألة القياس. اما ما يكثر في كتب الأصول من ضرب المثال قياس النبيذ على الخمر فهو مثال تقريبي ليس الا والا فان النبيذ قد ثبت حكم التحريم فيه بالنص وفيه عدة احاديث منها العمومات مثل قوله كل مسكر حرام. او ما اسكر كثيره فقليله حرام. وحديث ابي موسى الاشعري لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم الى اليمن قال فسألته عن اشربة تصنع بها فقال وما هي؟ قال البتع والمزر؟ فقال كل مسكر حرام البتع والمزر هو نبيذ. فعلى اذ سيكون تحريم النبيذ تحريما منصوصا لا مقيسا. لكن الفقهاء يضربونه فقط لتقريب صورة وللتوضيح والتمثيل فيقولون يحرم النبيذ قياسا على الخمر بجامع الاسكار فيهما لان العلة التي حرم من اجلها الخمر وهو الاسكار وغياب العقل متحقق في النبيذ فاعطي حكمه لكن المثال الاوضح والاسلم من الاعتراض هو قياس الارز على البر. او قياس الاوراق النقدية المعاصرة اليوم. الريال والدولار واليورو والاوروبية وغيرها الاوراق النقدية قيست على الذهب والفضة ايضا في جريان الربا فيها وبالتالي لا يصح قرضها بزيادة والا كان ربا. لا يصح بيع بعضها ببعض صرفا الا متقابضا والا كان ربا حكم الذهب والفضة على ما هو مفصل في كتب الفقهاء في باب الربا. قال شرعا حمل فرع على اصل ما المقصود بالحمل هنا اعطاؤه حكمه جيد في حكم بجامع بينهما ما الجامع؟ العلة المشتركة. اخرج لي من هذا التعريف اركان القياس اربعة فرع اصل حكم جامع الذي هو العلة. وقيل اثبات مثل الحكم في غير محله لمقتضى ترك هذا ليس عدولا عن التعريف الاول مع وضوحه الا لاجل انتقاد توجه الى التعريف الاول وجه الانتقاد ان التعريف اشتمل على مصطلحات فرع اصل حكم وبالذات الفرع والاصل. قالوا والفرع والاصل ركنان في القياس. فلا يصح ان يعرف بهما القياس. وهو لون من الدور لانه اشتمال على جزء من المعرف داخل التعريف. ويتحاشى المناطق في حدودهم ارادة مثل هذا في استعمالاتهم في صياغة ويعتبرونه عيبا. لكنه نقول نحن اذا اتضح التعريف في ايضاح المعرف وبيانه لمن يعرف له حصل المقصود واما التكلف في صياغة التعريفات فالممارسة لها على وجه شحذ الذهن وتجويد القريحة لا بأس لكن لا على سبيل تكلف وصرف الاوقات. قال في التعريف الاخر اثبات مثل الحكم. لاحظ في التعريف الثاني نأى عن استخدام مصطلحات فرع واصل. قال اثبات مثل الحكم اي حكم حكم الاصل ما قال اصل قال اثبات مثل الحكم في غير محله اثبات مثل الحكم في غير محله. اذا الحكم ثبت في محل. فانا اثبت مثله في محل اخر الحل الاول ما هو؟ الاصل والمحل الاخر ما هو؟ الفرع ممتاز. قال لمقتضى مشترك او لمقتض مشترك. ما المقتضى مشترك هو العلة والحكم قد ذكره. لكن ما قال اثبات الحكم قال اثبات مثل الحكم لم؟ قال لان التحريم الموجود في البر ليس هو ذاته الذي نقلناه الى الارز بل نقلنا مثله كيف يعني؟ يعني انت لو نقلت الحكم التحريم عين التحريم الموجود في البر اذا انت اخليت البر عن حكم. فجعلته خاليا عن حكم. وانا في الحقيقة ما اخذت حكم البر ابقيته له. فماذا اخذت مثله اثبت مثله للفرع فهذا تعريف كما ترى. حاول ان يتحاشى الفرع والاصل واتى بتعريف واضح كما سمعت. في التعريف الثالث قال تعدية حكم المنصوص عليه الى غيره بجامع مشترك. قريب من الثاني لكنه كانه خص حكم الاصل بالمنصوص. وهذا لا لا يلزم ان يكون الاصل منصوصا عليه يعني بالمثال تعدية حكم المنصوص في مثال البر والارز اين المنصوص البر يعني الذي ورد في النص وحكمه الوارد فيه تحريم التفاضل. تعدية حكم المنصوص عن ليه الى غيره الى الفرع يعني. بجامع مشترك هو العلة. اقول يؤخذ في التعريف فقط انه او يؤخذ عليه انه قال تعدية حكم المنصوص. احيانا الحكم الذي نعديه في الاصل لا يكون منصوصا يعني لا يكون دليله النص قد يكون دليله الاجماع فعندئذ انت لما تعدي الحكم بالقياس فانت تبنيه على اجماع لا على اصل وعلى كل هو المقصود كما قال ومعانيها متقاربة وقيل غير ما اورد تعريفات ثلاثة فهمت المقصود منها وحصل لك المراد قال في الاخير وقيل هو الاجتهاد وهو خطأ لفظ حكم من الاصوليين من عرف القياس بانه اجتهاد. قد تقول هذا غريب. كيف يعرف القياس بانه اجتهاد؟ كلمة اجتهاد لفظا تدل على ما هو اعم من القياس. قد اجتهد مثلا في البحث عن صيغة العموم هو اجتهد وما قاس. قد يجتهد في فهم صيغة الامر. اجتهد وما قاس. قد يجتهد في الجمع بين النصين وفي دفع التعارض بين نصين هذا اجتهاد وليس قياسا. اذا ايهما اعم؟ الاجتهاد. اذا فكل قياس اجتهاد وليس كل اجتهاد قياسا. ولهذا قال هو خطأ لفظا وحكما. لكن هل تدري ان اول من عرف فالقياس بالاجتهاد هو الامام الشافعي ولم يكن خللا ولا خطأ لكنه رحمه الله اصلا ما قصد التعريف الاصطلاحي على طريقة الاوائل في عدم في عدم العناية بتحديد التعريفات على مقتضى الصناعة المنطقية للحدود. كانوا ابعد الناس كان يقرب المعنى وكأن الشافعي رحمه الله اراد المعنى الذي صدرنا به المجلس ان القياس هو قطب رحل اجتهاد فاذا تكلمنا عن الاجتهاد عند الفقهاء وشغل الاصوليين البارع في الوصول الى الاحكام الشرعية فاذا قلت القياس فيقول لك هذا هو ميدان الاجتهاد. هذا الذي قصده ولم يقصد ان القياس هو الاجتهاد جملة وتفصيلا. وبالتالي فلا وجهة لتخطئتي. التعريف ان كان المقصود به كلام الامام الشافعي وان قصد غيره على مقتضى اشياء يحاكم اليها التعريف هو صاحبه فله وجه لكنه حتى لا يشكلن عليك هذا واذا وقد تراه في كلام الشافعي في الرسالة انما اراد التعريف بمعنى التقريب او اعطاء الحكم الاشهر بالقياس وهو ممارسة الاجتهاد في اجل صوره واعلى درجاته