بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحابته اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا الدليل الثالث من ادلة المختلف فيها وهو ايضا احد المواضع التي يكثر الاشكال فيها في كتب الاصول تحتاج فهما اولا وتحريرا لمواضع الاشكال فيها ثانيا. فلنأتي على عبارة اولا ثم نتكلم عن مواضع الاشكال. قال رحمه الله الاستحسان وهو اعتقاد الشيء حسنا. لانه استفعال من الحسن اعتقاد الشيء حسنا تقول استحسنت هذا الامر او هذا المكان او هذا الطعام يعني يعني اعتبرته حسنا عندك وطاب لك وحسن في نظرك. ثم قد قيل في تعريفه يعني اصطلاحا انه دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه قيل في معنى الاستحسان هذا يعني ان يأتي المجتهد فيقرر حكما في المسألة ثم لا يقوى على الاستشهاد بدليل في المسألة من الكتاب والسنة او يصوغ قياسا او يجد اجماعا او بدليل ما يعجز فكيف وصل الحكم اليه؟ كيف وقع في نفسه؟ قال بالملكة يعني هو من كثرة ما يمارس من الاستنباط والنظر وما احاط من كثرة الغوص في تفاصيل الشريعة غاص في بحارها اصبح عنده حس وملك يستطيع بها ان يصل الى مقصود الشارع وحكم الشارع في المسائل الاجتهادية النازلة. وقد يعجز عن صياغة الدليل وعن تعبيره عن اخراجه الى الى حيز الافهام قال دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه. لاحظ اذا ليس ليس قولا بالهوى لهو دليل غاية ما فيه انه لغموظه او لتعقيد تركيبه الدليل يعني يعجز المجتهد عن ان يعبر عنه يمثلون هذا في اصحاب الصنعة الصيرفي مثلا الذي يفرق بين الصحيح والزائف في في النقود. وحتى لما كانت النقود تظرب من الذهب والفضة في المعادن ان الصيارفة ايضا كانوا قادرين على تمييز الصحيح من الزائف والنقي من المغشوش والمخلوط وعندما يعرض عليه بالنظر اما لا يكتشف ويقول هذا كذا وهذا كذا وليس شيئا يستدل له. واذا قيل له اثبت ما يعرف ان يعبر. فاذا قيل له كيف عرفت؟ يقول هكذا والمقصود خبرة متراكمة والمقصود تعامل اورث حسا وملكة. كذلك المحدثون فيما يتكلمون عنه في شأن العلل الخفية في الحديث ان يساق لهم السند وظاهره السلامة. ظاهره السلامة من الشذوذ. ظاهره السلامة من الانقطاع. ظاهره السلامة من ضعف الرواة لكنه يرى فيه علة فاذا عرض له الحديث وسيق له السند توقف فيه. ثم يحكم بعدم صحته. ولا يقوى على التعبير عن منشأ الخلل اين هو في الحديث وانما يقف على هذا كبار ائمة نقاد الحديث الذين هم جهابذة الفن كما يسمونه العلة الخفية التي قد لا تجدها منصوصة ولا ولا معيار لها. فاذا ما فوحص المحدث وتباحث معه وتناقش وساق من الادلة وسرد الاسانيد استطاع ان يعبر عن مكمن الخلل الذي انقدح عنده انه لا يصح معه السند الخلاصة انه قالوا كذلك يحصل في المجتهد اذا وقر في نفسه حكم المسألة ليس لي دليل لكن لمجموعة من المآخذ والاستنباطات والقواعد تداخلت عنده فتوصل الى حكم مسألة. فيعجز عن صياغة هذا الدليل واظهاره فيقال هذا الاستحسان هذا تعريف ساقوه للاستحسان. قال وهو هوس. هذا ايضا هو حكم ابن قدامة على مثل هذا التعريف. قال لانه اذ ما هذا شأنه لا يمكن والنظر فيه لتستبان صحته من سقمه. يقول هذا لا يصلح ان يكون دليلا لانه لا يظهر وبالتالي لا تستطيع ان تحاكمه او تناقشه قوله هو هوس لا يقصد انه يعني لا غن للاعتبار وساقط لكن في مقام الاحتجاج والمناظرة هو شيء لا يمسك فعلا وبالتالي فلا محل له في المناقشة والمناظرة والحجاج الايراد الذي يمكن ان يستقام معه شأن اهل العلم. الامد رحمه الله لما ذكر هذا التعريف للاستحسان الذي هو الدليل الذي ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه. ماذا قال الامدي؟ قال لا نزاع في جواز التمسك بمثل هذا اذا تحقق اذا تحقق المجتهد كونه دليلا شرعيا. يقول في النهاية اذا كان المجتهد قد وقع في نفسه هذا المعنى والكلام على المجتهد ليس على العامة. اذا وقع في نفسه ونحن افترضنا فيه المامه بعلم الشريعة وابحاره في الغوص على دقائق وعنايته وادراكه بالمقاصد ومعرفته التامة لمنازع الاستنباط في الادلة. كل ذلك اذا اجتمع فيه فان عجز عن التعبير عنه فلا يلام يقول الامدي وان نوزع في اطلاق اسم الاستحسان عليه عاد النزاع الى اللفظ. هذا تعريف ساقه الطوفي رحمه الله للاستحسان وقد رأيت انتقاده وعدم التسليم به قال وقيل ما استحسنه المجتهد بعقله. هذا تعريف اخر ما استحسنه المجتهد بعقله تعقب الطوفي فقال فان اريد مع دليل شرعي فوفاق يعني اذا اريد استحسان المجتهد بعقله مع الدليل يعني عنده دليل ثم استحسن الحكم عقله بازاء الدليل فوفاق ايش يعني يعني فمحل اتفاق انه لا خلاف لان المعتمد فيه هنا الدليل ويبقى استحسان مجتهد هو عبارة عن الاختيار والترجيح لا غير فالحجة في الدليل هذا معنى قوله فوفاق والا منع والا يعني اذا كان استحسانا بالعقل مجردا عن الدليل منع اذ لا فرق بين العالم والعامي الا النظر في ادلة الشرع فحيث لا نظر فلا فرق يعني انما افترق المجتهد عن العامي بنظره في الدليل. فاذا كان ما في دليل. اذا هو والعامي في النظر سواء. يفترق المجتهد في نظره في الدليل لا في نظره في هواه نظر المجتهد في هواه كنظر العامي في هواه. الذي يختلفان فيه نظرهم في الدليل. فتميز المجتهد عنه. فاذا خلى نظره عن دليل اصبح نظرا في الهوى نظرا في الاختيار المجرد المحض. ومثل هذا لا يتميز فيه المجتهد عن غيره. قال رحمه الله ويكون حكما مجر مجرد الهوى واتباعا للشهوة فيه. وايضا ما ذكروه ليس عقليا ضروريا ولا نظريا والا لكان مشتركا ولا سمعيا يقول في النهاية هذا التعريف للاستحسان ليس مما يدرك ضرورة الضرورة يعني ما لا يحتاج الى نظر واستدلال لا يحصل ضرورة ولا نظرا ليس عقليا يدرك بالضرورة ولا بالنظر الدليل على انه ليس عقليا ضروريا انه ما سلم به الجميع. الضروري لا يختلف فيه اثنان وليس نظريا يقول لو كان نظريا لوقع الاشتراك فيه بين احاد المختلفين في المسألة. والا لكان مشتركا يعني وقع الاشتراك في قبوله والتسليم به وهذا ما لا نجده. يعني قائل يقول بحجية الاستحسان بهذا المعنى. والاخر يقول لا. فان كان ظروريا عقليا لزم الجميع ان يسلموا به. وان كان نظريا عقليا يعني عقلي يستدل له بالدليل لوجدته ايضا قدرا مشتركا. وهذا ما غير موجود فان لم يكن عقليا فلا يبقى الا ان يكون سمعيا. معنى سمعيا يعني ثبت بالدليل السمعي وهو الكتاب والسنة. فان كان سمعيا فاما متواتر واما احاد فان كان متواترا فهو غير موجود. وان كان احادا فهو ايضا غير موجود. يعني ليس عندنا ادلة سمعية لا متواترة ولا احاد تفيد الاحتجاج بالاستحسان وبالتالي فدليل الاستحسان لا يثبت ولا يصلح ان نقيمه حجة نعتمد عليه. قالوا قالوا يبيعون احسنه اتبعوا احسن ما انزل اليكم ما رآه المسلمون حسنا واستحسنت الامة دخول الحمام من غير تقدير اجرة ونحوه قال المحتجون بالاستحسان وعلى آآ يعني لنتذكر الان ان الخلاف ها هنا في هذا الباب منصوب بين الحنفية والجمهور فدليل الاستحسان دليل الاستحسان احد الادلة التي يقررها الحنفية في كتبهم وينازعهم فيها الجمهور على محل للتحرير نقاش سيأتي ذكره بعد قليل فالحنفية يحتجون بالاستحسان من الادلة ما ورد ما ورد من من آآ تحسين الاستحسان في الكتاب والسنة ومن مدحه وتحسين الاخذ به. قال الله تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه واحسن القول هو ما يستحسنه المجتهد هكذا يتصور في تقرير الدليل اتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم والاستحسان هو الاخذ باحسن الادلة. ما او المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. مر بك الدليل في الاجماع والاحتجاج له. والصواب كما عرفت هناك انه لا يصح مرفوعا انما هو وموقوف عن ابن مسعود رضي الله عنه ثم بعد الادلة الثلاثة اثبتوا مسألة يعمل فيها الفقهاء بالاستحسان فما الداعي الى انكاره قال استحسنت الامة دخول الحمام من غير تقدير اجرة ونحوه الحمام في اصطلاح المتقدمين ليست هي مواضع الخلاء وقضاء الحاجة انما هي مواضع الاغتسال التي كانت حيث لم تكن المياه تصل الى كل بيت ولا المغتسلات ولا بيوت الخلاء ايضا متوفرة في البيوت فكانت الحمامات عبارة عن مبان يوفر فيها الماء يقسم في داخله الى اشباه الحجرات او الغرف يدخل فيها الداخل فيخلع ملابسه يستحم ويغتسل قد يكون الماء ساخنا وقد يكون مغليا وقد يكون معتدلا. المهم انه مواضع يدخلها الناس دونها للاستحمام والاغتسال هذه الحمامات يدخلونها بالاجرة فيبنيها الباني ويستثمرها بدخول الناس ويؤجرهم سرى العرف في تلك الازمنة على انه لا تقدر اجرة دخول الحمام فيدخل الداخل ويعطي صاحب الحمام ما تيسر. من غير منازعة ولا مشارطة وايضا لا يقدر فيه استعمال الماء الذي هو محل المنفعة. فقد يستخدم احدهم ماء قليلا وقد يستخدم الاخر ماء كثيرا. ما الاشكال؟ الاشكال ان هذا عقد ايجارة لانه عوض على منفعة ومن شروط الاجارة التي لا يصح العقد الا بها اشتراط معلومية الثمن ومعلومية المنفعة فحيث تقع الجهالة يبطل العقد فعلى مقتضى القواعد الفقهية دخول الحمام بمثل هذا الصنيع باطل شرعا. لوقوع الجهالة في الثمن ووقوع الجهالة ايضا في المنفعة التي هي محل العوظ. ومع ذلك سرى العمل في امة الاسلام بجواز دخول الحمامات على هذا النحو مع انها شرعا مخالفة لعقد الاجارة يقول وهذا استحسان من الفقهاء. فلو قلت لهم اين الدليل فاستحسنوا ذلك يريد ان يقول طالما وقع مثل هذا وهو مثال لمسألة ليس فيها دليل من الكتاب ولا من السنة ولا اجماع ولا قياس غيرها من الادلة انما هو استحسان جرى عليه الفقهاء وتتابعوا قال فمثل هذا طالما وقع فانه دليل على تسويغ جواز الاستحسان ما له دليلا فلماذا تنازعوننا فيه؟ اذا ما اجريناه في مسائل اخر وقلنا الدليل فيه الاستحسان. نعم قالوا احسنوا القول والمنزل ما قام قلنا هذا يعني في جواب قولهم قالوا قلنا احسن القول والمنزل ما قام دليل رجحانه شرعا. نعم. لما يعني هذا جواب عن دليليهم فيتبعون احسنه واتبعوا احسن ما انزل. قال احسنوا القول والمنزل يعني الذي جاء في الايتين ما قام دليل رجحانه ليس ما يستحسنه المرء بعقله احسن ما انزل او فاتبعوا احسنه يتبعون احسنه. يعني ما هو ارجح واقرب الى الحق؟ نعم والخبر دليل الاجماع لا الاستحسان. يعني ما رآه المسلمون حسنا. وان سلم فالجواب عنه ما ذكر. فالجواب عنه ما تقدم في الجواب يعني الايتين ان الاحسن ما ترجح لا ما يستختاره المرء بعقله من غير دليل وسمح في مسألة الحمام ونحوها لعموم مشقة التقدير فيعطى الحمامي عوضا ان رضيه والا زيد. وهو منقاس. هذا الجواب عن مسألة الحمام قال سمح فيه لعموم مشقة التقدير يعني يشق ان يقدر الزمن الذي يقضيه المغتسل في الحمام ويشق ان يقدر كمية الماء الذي يستعمله في الاستحمام. فلما شق هذا تسامحوا فيه. صحيح هو خارج عن قواعد البيع لكنه لمشقة تطبيقها والناس بحاجة فتقوم الحاجة العامة مقام الضرورة التي يترخص فيها بتجاوز بعض الشروط. الا ترى ان الضرورة يترخص فيها حتى بارتكابها بالمحظور فاذا كانت الظرورة التي لا تقوم الحياة الا بها وقعت في منزلة الحاجة لكن حاجة تعم الناس ولا ينفكون عنها فان الشريعة لخصوا فيه وبالتالي فدليل ذلك هو الترخص الذي خالف قواعد الشريعة في البيع كما تقدم قبل قليل وليس هو الاستحسان الذي لا دليل عليه اطلاقا. نعم. وهو منقاص يعني يمكن ان تجد له دليلا بالقياس على بعض المواضع في الشريعة. واجود ما قيل فيه انه العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل شرعي خاص. هذا من اجود تعريف الاستحسان العدول بالمسألة عن نظائرها لدليل شرعي خاص هذا التعريف الذي ساقه في الاخير هو الذي يتفق عليه الاصوليون في تعريف في اعتباره تعريفا للاستحسان العدول بالمسألة عن نظائرها لدليل شرعي خاص. بمعنى ان المسألة بالنظر الى مثيلاتها تأخذ حكمها لكنه عدل بها عن نظائرها لمقتض خاص بدليل خاص فلما عدل بها اصبح عدولنا بها استحسانا يضربون لها امثلة مثل منعه صلى الله عليه وسلم عن المزابنة وترخيصه في العرايا. العرايا صورة من صور الربا لان لان العلم العلم بتساوي المقدارين مفقود ويقول الفقهاء ان الجهل الجهل بالمقدار يساوي العلم بالتفاضل فان لم تعلم التساوي يعني ان جهل العلم بالتساوي فهو مفض الى التفاضل وهو احد علتي الربا. فلما يقول عليه الصلاة والسلام التمر التمر مثلا بمثل فلا يجوز بيع التمر بتمر الا متساويا في المقدار وفي بيع العرايا رخص عليه الصلاة والسلام بيع العرايا فيما دون خمسة اوسق وبيع العرايا ان يبيع التمر على الارض بالرطب على رؤوس نخلي وكون الرطب على رؤوس النخل هذا دليل على عدم تحقق المساواة بين المقدارين انما هو تخمين يعني يعطيه صاعين من تمر بصاعين من رطب على رأس النخلة فالصاعان على رأس النخلة غير مقدر تحقيقا انما هو تخمين. اذا وليس علما ليس علما بالمماثلة. وعدم علمي بالمماثلة يساوي يساوي المفاضلة والمفاضلة محرمة شرعا فقالوا بيع العرايا مستثنى من الربا وكونه مستثنى عدول بها عن نظيرها مثله بيع السلم بيع السلام الاصل فيه انه بيع مجهول قدم النبي عليه الصلاة والسلام وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فاجاز لهم ذلك في حدود السنة والسنتين. بيع السلام هو ان تقدم الثمن ويؤخر العوظ فتعطي ثمن المزرعة لسنة وسنتين ولا لا تستلم الثمر الا بعد السنة. وبعد السنتين فحصلت الجهالة ايضا في العوض. وعلى قواعد الشرع فالبيع باطل واستثني استلم منه. اذا بيع السلم عقد عدلنا به في المسألة عن نظائرها لدليل شرعي خاص هذا يسميه بعض الاصوليين هذه الصور من المسائل يسمونها المعدول به عن سنن القياس ليس القياس هو الدليل الشرعي. القياس يعني القواعد الشرعية يعني قياس القواعد ما عدل به في المسألة عن نظائرها. يعني القواعد تقتضي الحكم عليه بالمنع فيستثنى منها صورة او صورتان. فيقتضي الجواز عدولنا بالمسألة عن نظائرها يسمى استحسانا. هذا التعريف قال الطوفي رحمه الله وهو مذهب احمد ويضربون لهذا امثلة. يقول الامام احمد يتيمم لكل صلاة استحسانا والقياس انه بمنزلة الماء حتى يحدث التيمم يقوم مقام الماء والماء يصلي به صلاة وصلاتين وثلاثا ما لم يحدث فاذا تيمم فاذا تيمم للصلاة الاولى يصح ان يصلي بتيممه ما لم يحدث. الصلاة الثانية. يقول احمد رحمه الله يتيمم لكل صلاة. ما الدليل على لان التيمم ينبغي ان يجدد في كل صلاة قال استحسانا والقياس انه يتوضأ لكل ان يتوضأ للصلاة فيصلي بها الصلاة وما بعدها. فعدل بالتيمم عن القياس. فالعدول بالمسألة من نظائرها يسمى استحسانا ومثله ايضا قال رحمه الله يجوز شراء ارض السواد ولا يجوز بيعها ارض السواد ارض العراق التي فتحت زمن الخليفة عمر. رضي الله عنه. وقد جعلها وقفا ولم تقسم على المجاهدين في الغنيمة. فلما جعل ارض السواد خراجا وقفا على المسلمين وعلى بيت المال. اصبحت ليست ملكا. يقول احمد رحمه الله يجوز شراء ارض السواد ولا يجوز بيعها. فكيف تشتري ان لم تباع قال رحمه الله فكيف يشترى ممن لا يملك البيع؟ قال القياس هكذا وانما هو استحسان. وكذلك يمنع من بيع المصحف ويجوز شراؤه تانا فكيف تشتري ممن لا يبيع يقول القياس هكذا وانما هو استحسان الشراء لتحصيله ومنع البيع لعدم امتهانه ولاجلال قدره. وامثلة هذا كثيرة في كلام الفقهاء يذكرون صورا للمسائل تخالف القياس. القياس يقتضي طالما منع البيع يمنع الشراء. فلما يفرق بين صورتين متناظرتين المأخذ فيهما واحد ويفرق باحدى صورتين عن اختها ويفارقها في الدليل فيسمون هذا استحسانا نعم وقد قرر محققو الحنفية الاستحسان على وجه بديع في غاية الحسن واللطافة. ذكرنا المقصود منه غير ها هنا والله اعلم. هذا الذي كان ينبغي ان يأخذ حيزا اكبر من تقرير المسألة لان الخلاف فيه مع الحنفية ما هو مأخذ الحنفية في الاستحسان؟ ما تعريفهم له؟ ما حجتهم فيه؟ ما الخلاف الذي وقع فيه الحنفية دون سائر المذاهب فاصبح هذا دليلا مختلفا فيه. يقول رحمه الله قرروه على وجه بديع في غاية الحسن. ذكرنا المقصود منه غير ها هنا والله اعلم يعني في موضع اخر تكلم فيه وناقشه وذكر ما فيه من الموافقة والمخالفة فينتبه الان حيث يذكر دليل الاستحسان في الادلة المختلف فيها فان معناه انه ثمة خلاف حقيقي عندما يرى الحنفية الاحتجاج به ويخالفهم فيه الجمهور الذي تجده في كتب الجمهور في تعريف الاستحسان هو ايراد التعاريف المشنعة مثل حكم اجتهد بهواه بعقله من غير دليل. استحسان ينقدح في رأيه لا يستطيع التعبير عنه وامثال هذا وهذا يجعلونه مرفوضا ثم يقولون لكن للاستحسان تعريف صحيح ويريدون التعريف الاخير الذي هو العدول بالمسألة عن نظائرها لدليل شرعي خاص الدليل الشرعي الخاص ما هو؟ قد يكون نصا ويسمونه استحسانا النص وقد يكون قياسا فيسمونه استحسان القياس وقد يكون اجماعا فيسمونه استحسان الاجماع وقد يكون ظرورة فيسمونه استحسان الظرورة. استحسان المصلحة. حسب نوع الدليل الذي قظى بالعدول. بهذه المسألة عن نظائرها ثم ماذا؟ يقولون العدول بالمسألة عن نظائرها لدليل يقسم الاستحسان الى انواع. فاستحسان نص استحسان قياس استحسان اجماع استحسان ضرورة استحسان المصلحة وهكذا. فاذا قسموا هذا التقسيم فيقولون هذا محل اتفاق ولا خلاف. السؤال اذا فاين الخلاف؟ وكيف اصبح دليلا مختلفا فيه ها هنا موضع اشكال هو الذي يحتاج الى تحرير. عندما يقرر الجمهور او باقي الاصوليين هذا التعريف للاستحسان وهو محل اتفاق فاين وقع الاختلاف اذا؟ وكيف اصبح دليلا مختلفا فيه السؤال الاخر اذا كان الاستحسان العدول بالمسألة عن النص فهل هو الدليل فيه النص ام الاستحسان النص يعني لما نقول جاز بيع العرايا بالاستحسان ام بالنص جاز بيع السلام بالاستحسان ام بالنص؟ انتهينا. تقول استحسان اجماع استحسان مصلحة. الدليل هو المصلحة هو الاجماع هو الضرورة. ومثل انما تسميه استحسانا مجازا. او تسميه يعني لغويا. لكن الحقيقة الدليل فيه هو الذي حملك على ان تعدل بالمسألة من نظائرها الى حكمها الخاص بها بين قوسين من شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة لطيفة اسمها المعدول به عن سنن القياس حصر فيه كل ما يقرره الفقهاء والاصوليون ويعتبرونه مخالفا لقواعد الشريعة في بابه مثل بيع السلم كما قلت لك ومثل بيع العرايا وامثلة كثيرة في هذا. واثبت رحمه الله انه لا شيء في الشريعة من الاحكام المقررة بالادلة لا شيء منها يخالف القواعد الشرعية وبالتالي ما في شيء اسمه معدول به عن سنن القياس. كل قواعد الشريعة مطردة وكل فروعها منضبطة وكل حكم يعود الى قاعدة تتعلق به في رسالة لطيفة مطبوعة مفردة ومطبوعة في مجموع الفتاوى. نعود الى مسألتنا فالاستحسان ان استند الى دليل فهو الدليل. اذا اين الخلاف؟ الخلاف حقيقة هو في استحسان القياس استحسان القياس الذي لا يعطي الاصوليون في تفصيله وفي انواعه المساحة الحقيقة به والجديرة وهي هي صلب الاختلاف بين الحنفية والجمهور بل هو الذي جعل اماما كالشافعي رحمه الله يفرض رسالة خاصة يسميها ابطال الاستحسان والشافعي من اوائل من شنع وغلظ العبارة لمن يحتج بالاستحسان اتظن انه لو كان الوفاق على هذا التصوير اليسير جدا في المسألة كما مر بنا قبل قليل. اذا كان على هذا التقارب الشديد في انواع احسان انه لا ينبغي ان يختلف فيه. تتصور ان الشافعي على جلالة قدره ينتصب للمسألة فيفردها برسالة ويسوق فيها الادلة ويشنع فيها على القائلين ويعتبروها بابا خطيرا في الاستدلال وبابا خطيرا في الشريعة ينبغي ان يغلق ثم يفرده برسالة خاصة ابدا انما هو عدم تصور دقيق لوظع مسألة الاستحسان التي انكرها الشافعي وينسب للشافعي عبارات من استحسن بعقله فقد شرع او فقد قال في دين الله ما لم يأذن به فيعتبروا دليل الاستحسان تشريعا في الشريعة من غير دليل واثباتا للاحكام من غير مستند شرعي معتبر. فما هو اذا الذي قصده الشافعي؟ هو استحسان القياس. القياس ان تترك قياسا الى قياس وهذا مكمن الاشكال. ترك القياس الى قياس اخر يفضي اما ان القياس الاول خطأ او الثاني خطأ فان كان الاول خطأ فتقرير المسألة عليه من البداية خطأ. وان كان الثاني هو الخطأ فان تعدل عن الصواب الى الخطأ خطأ وهذا ايضا هو هو تحرير النقاش. والخوض فيه يطول جدا. لكن خلاصته ان استحسان القياس بمعنى العدول بالمسألة من قياس الى قياس لاحظ يعني المسألة كانت في القياس الاول معنى دخولها في القياس الاول تحقق العلة فيها التي جعلها تدخل في القياس فاخراجها فاخراجها هو دعوة ان العلة التي ادخلتها في القياس الاول قد خصصناها واخرجنا منها هذه المسألة وهذا ما يعرف عند الاصولين في غوامض ابواب القياس بمسألة تخصيص العلة وهل تخصيص العلة نقض لها وابطال وهذا محل جدل كبير. فان قلنا تخصيص العلة نقض لها فهو ابطال لهذا القياس في هذه المسألة واذا قلت ليس ليس نقضا لها بنينا عليه مسألة استحسان القياس. هذا هو مأخذ الخلاف الحقيقي بين الاصوليين الجمهور وبين الحنفية حيث يقال الاستحسان فلا ينبغي ان نورد من باب التجوز استحسان النص والمصلحة والاجماع ونحو ذلك. انما الكلام في استحسان القياس ويقولون الحنفية في تعريفهم العدول بالمسألة عن القياس الظاهر الى القياس الخفي. ما القياس الخفي؟ يقولون ما لم تظهر فيه العلة فيكون في بادئ النظر استحقاق المسألة بالنظر الى العلة الظاهرة دخولها في القياس الاول لكن يلتفتون الى معنى خفي غامض. فيعدلون به فيبقى الاشكال ها هنا انه اذا كانت مندرجة في القياس الاول لتحقق العلة فيهم فاخراجها منه نقض للعلة في القياس الاول. والا ابقاء للمسألة في محلها. وهذا الذي وقع فيه الخلاف فيه النقاش بين الجمهور والاصوليين من جهة وبين الحنفية من جهة فعلى كل اردنا تقرير عبارة المصنف كما هو السائد والمنتشر في كثير من كتب الاصول. تقريره على هذا النحو تعريف الاستحسان ثم تقريب شقة الخلاف جدا وحيث يقال كذلك فيقال اذا لا خلاف. الخلاف ما هو؟ قال الخلاف استحسان المجتهد بعقله. طب يا حبيبي ما احد قال باستحسان المجتهد بعقله. فاذا ان خلافا تنكرون على صاحبه القول فاين صاحبه هذا؟ غير موجود. ما في احد يقول بهذا. فاذا اثبت خلافا وانشأه مع قول له قائل وحرر محل القول وبين وجه الصواب فيه ووجه التضعيف. ومن هنا اصبح الاستحسان دليلا مختلفا فيه والله اعلم