بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحابته اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا بفضل الله هو مجلسنا التاسع والعشرون في شروح مختصر روضة الناظر شرح البلبل وقد وقف بنا الحديث في الادلة المختلف فيها مجلس البارحة كنا قد اخذنا فيه الدليل الاول من الادلة المختلف فيها وهو شرع من قبلنا. وبقي من الادلة ثلاثة هي قول الصحابي والاستحسان والمصالح المرسلة على ما يأتي تفصيله في مجلس الليلة ان شاء الله تعالى وحتى نذكر بهذه الادلة فنحن في سياق الحديث عن الادلة التي وقع فيها خلاف الاصوليين هل يحتج بها او بمعنى هل يصلح ان يكون احدها دليلا في اثبات الاحكام الشرعية او لا يقوى على ذلك؟ كما مر بكم في الخلاف في شرع من قبلنا على التحرير والخلاف الذي مر فيه والترجيح الذي انتهى اليه الحديث في المسألة كذلك سيأتي الحديث في الادلة الثلاثة الاتية اليوم هل ذكر احدها يصلح ان يكون دليلا فيقيم الفقيه حكما شرعيا مستندا الى شيء منها كقول الصحابي او الاستحسان او المصلحة المرسلة على ما سيأتي تفصيله والمراد منه في ثنايا الكلام في دروس اليوم ان شاء الله. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وعلى اله وصحبه وبعد. قال المصنف الله الثاني قول صحابي لم يظهر له مخالف حجة يقدم على القياس ويخص به العام وهو قول مالك وبعض الحنفية خلافا لابي الخطاب وجديد الشافعي وعامة المتكلمين. وقيل الحجة قول الخلفاء الراشدين وقيل الشيخين للحديثين المشهورين. نعم. في صدر هذه المسألة اشار الى الى محلها والاقوال فيها فقال قول صحابي لم يظهر له مخالف فهذا هو محل المسألة هذا هو الدليل المختلف فيه. قول الصحابي الذي لم يظهر له مخالف. اذا المقصود ها هنا فتوى منسوبة الى بعض الصحابة رضي الله عنهم اجمعين بهذا القيد ان تكون المسألة خلافية اجتهادية ان تكون آآ ليس فيها دليل منصوص الا يكون فيها قول مخالف لغيره من الصحابة هذا هو تحرير المقصود بقول الصحابي عند من يحتج به هو فتوى الصحابي او قوله او فعله في مسألة محل اجتهاد لا نص فيها ولم يعلم له مخالف. وبكل قيد تخرج المسألة عن محل النزاع. فقلن مسألة اجتهادية فاذا كانت من المسائل القواطع فلا عبرة بقول الصحابة فيها لانه ليس لاحدهم عصمة واذا قلنا آآ مسألة لا دليل فيها فحيث ثبت الدليل بالكتاب او السنة المنصوص. فايضا لا عبرة بقول الصحابي متى خالف؟ والقيد والثالث الا يعلم لقول الصحابي مخالف. فان ظهر له مخالف والمسألة اجتهادية كما هو المفترض. فعندئذ لن يكون قول احد لديهما حجة على الاخر. فاذا قول صحابي تفرد في مسألة اجتهادية ليس فيها نص شرعي. هذا هو محل خلاف الاصوليين هل يصلح مثل هذا ان يكون دليلا؟ عندما تقلب فلا تجد اية ولا حديثا فيها حكم في المسألة ثم هي ايضا محل اجتهاد لانها من النوازل التي ما تناولها الدليل مباشرة. وعندما وجدنا قول الصحابي سواء كان احد الخلفاء الراشدين او غيرهم من المعروفين بالفتية والفقه من الصحابة او غيرهم رضي الله عنهم. فهل يكون قول الصحابي الذي نقف عليه في مثل هذه المسألة وليس له مخالف ليس له رأي صحابي اخر خالفه في المسألة ذاتها. فهل مثل هذا يجعل يقول الصحابي حجة ومعنى حجة هنا كما قال يقدم على القياس ويخص به العام يعني يصلح ان يكون دليلا مقدما على القياس يعني يأتي يأتي بعد الكتاب والسنة ولانه لا دليل في الكتاب والسنة فيحل دليلا مقدما على القياس ومعنى يخص به العام ان يكون دليلا مما يخص به العموم وقد مر بك في المخصصات المنفصلة الدليل من الكتاب والسنة والاجماع القياس كلها مخصصات فقال هنا يصلح ان يكون ايضا قول الصحابي مخصصا للعموم. بحيث اذا كانت المسألة مخالفة لنص شرعي عام وافتى فيها الصحابي بما يخالف ذلك النص العام فيكون مخصصا له. ومخرجا لهذه المسألة من افراد ذلك العموم. قال رحمه طلاب حجة فهذا القول الذي صدر به هو الذي يرجحه المصنف يقدم على القياس ويخص به العام ثم قال وهو قول مالك وبعض الحنفي خلافة لابي الخطاب وجديد الشافعي وعامة المتكلمين. فافاد ان قول الشافعي في القديم موافق لما نسبه الى مالك والحنابلة وبعض الحنفية من الاحتجاج بقول الصحابي بخلاف ما ذهب اليه الشافعي في الجديد المنسوب اليه. وقيل الحجة قول الخلفاء الراشدين يعني ليس في عموم الصحابة بل في الاربعة فقط وقيل ابي بكر وعمر في الشيخين فقط للحديثين المشهورين اقتدوا باللذين من بعدي او عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين فمن اجل ذلك بعضهم الى تخصيص بعض الصحابة دون غيرهم. لا يختلطن عليك ما ذكر ها هنا بما مر بك في الاجماع وبعض صور الاجماع المحكية كما قيل اجماع الصحابة او عفوا اجماع الخلفاء الاربعة او اجماع الشيخين فهي صورة شبيهة بتلك بل هي عينها لان نفترض انه في قول الصحابيين الخليفتين او في الاربعة الخلفاء حيث لا يعلم لهم الف وهذه بعينها حقيقة ما كان يقصده اولئك في اجماع الشيخين او اجماع الخلفاء الاربعة. فالمسألة هي فذكرت هناك باعتبار اتفاق الاثنين او الاربعة اجماعا بينهم وذكرت ها هنا باعتبارهم صحابة والمنسوب اليهم يوافق الشرط في المسألة انها اجتهادية ولا نص فيها ولا مخالف لهم هناك اخرجناها من الاجماع لان الاجماع يختص بالامة جمعاء. ولا يتناول بعضها ولو كانوا الخلفاء الراشدين. فها هنا هو محل بطريقة اصح وادق ان يقصد بقول الصحابة او بقول الاربعة او بقول الخليفتين ان يحتج بهم في دليل لقول الصحابي لا في دليل الاجماع. وهذا اقرب الى وضع المسألة في محلها الصحيح ضمن الادلة المختلف فيها نعم لنا لنا على العموم اصحابي كالنجوم وخص في الصحابي بدليل قالوا غير معصوم فالعام والقياس اولى قلنا كذا المجتهد ويترجح الصحابي بحضور التنزيل ومعرفة التأويل. وقوله اخص من العموم فيقدم. نعم لنا على العموم يعني على ان قول الصحابة حجة على العموم. يعني قول جميعهم لا بعضهم بحيث اذا طابق شرط المسألة على الوصف المذكور حجة على العموم اصحابي كالنجوم وخص في الصحابي بدليل. هذا الحديث الذي يكثر استعمال الاصوليين له في عدة مواضع من كتاب او من مسائل الاصول لا يصح حديثا ولا يجوز نسبته الى رسول الله عليه الصلاة والسلام ضعفه الشديد بل حكم حكم عليه بالوضع فلا يصح الاحتجاج به ولا الاستدلال. وفي الادلة الشرعية في مناقب الصحابة رضي الله عنهم ما يغني عن مثل هذا النص. لكن لا يصح امره عليه الصلاة والسلام بالاقتداء بالصحابة على الاطلاق على هذا النحو لان لفظه اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم. ولذلك لا الى الاستدلال بالحديث الا وللاجابة عن الاعتراف. قال وخص في الصحابي بدليل لانه اورد على الحديث اعتراض. فاذا كان قول الصحابة حج بهذا الدليل فانه يلزم ان يكون حجة على بعضهم يعني يكون قول الصحابي حجة على الصحابي الاخر. فيقول لا خص الصحابة يعني الا يكونوا الا يكونوا محجوجين بقول غيرهم من صحابتي خصوا بدليل اخر فهو اعتراض على دليل اذا لم يثبت دليلا فلا حاجة الى اراد الاعتراض ولا الى الجواب عنه. قالوا غير معصوم فالعام والقياس اولى قال الذين لا يرون الاحتجاج بقول الصحابي انه ليس معصوما وبالتالي فلا يصلح ان يكون قوله او فتواه او عمله حجة ودليلا. ولذلك فلا ينبغي ان يقدم على العام ولا على القياس وهذا معنى قوله فالعام والقياس اولى يعني من قوله لانه ليس حجة. قال في الجواب كذا المجتهد يعني الا ترى ان فرض العامي سؤال المجتهد والاخذ بفتواه بمقتضى قوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون افترى قول المجتهد بالنسبة للعامي حجة يجب المصير اليه واخذه باعتباره دليلا وتشريعا الجواب لا. لكنه اهل لان يؤخذ عنه بحكمو وفرظ العامي استقبال قول المجتهد وفتواه والعمل بها وهذا فرضه والكافي في حقه مع ان قول المجتهد ليس عصمة لكنه هو الواجب عليه اتباعه. فكذلك نحن نقول الواجب علينا اتباع الصحابة فيما يصدر عنهم من فتاوى واقوال. ايضا على شرط المسألة المذكورة حتى لا يفهم تعميم الاحتجاج بقول الصحابة في اي مسألة في اي قول مهما كان وضعها في المسائل ومهما كان الصحابة بل بشرط المسألة فنحن نتعامل مع قول الصحابة في اخذها والاعتبار بها كما يتعامل العامي مع المجتهد ولا يقال ان المجتهد بالنسبة للعامي معصوم كالنبي فينبغي ان يسلم له في القول لكن نقول هو الواجب عليه اتباعه دون ان نفرض عصمة للمجتهد فكذلك الشأن في الصحابة رضي الله عنهم. بل اضاف فقال اذا كنا قد قررنا هذا في المجتهد. فالصحابي مثله بل واولى ووجه الاولوية كما قال ويترجح الصحابي بحضور التنزيل ومعرفة التأويل فهو اولى ان يؤخذ قوله اولى ان يعتبر بفتواه ويصار الى ما يؤخذ عنه في مثل المسألة المذكورة. قال وقوله اخص من العموم فيقدم يعني وجه تقديمه على العموم ليس قوته عليه بل خصوصيته. لان فتوى الصحابي في مسألة والعموم يتناولها وغيرها. فيقدم قول الصحابي في الاختصاص قوله بالمسألة التي نحتاج البحث عن حكمها نعم واذا اختلفت واذا اختلف الصحابة لم يجز للمجتهد الاخذ بقول بعضهم من غير دليل. واجازه بعض الحنفية والمتكلمين بشرط الا ينكر على القائل قوله. هذه المسألة التي ختم بها هنا في الاحتجاج بقول الصحابي مسألة لا محل للعمل بها عندنا لانها مفروضة في الحكم يتعلق بالصحابة يعني المسألة تقول هل يجوز للصحابي ان يقلد صحابيا اخر؟ او يأخذ بقول صحابي اخر في زمنه؟ قال واذا اختلف الصحابة لم يجوز للمجتهد الاخذ بقول بعضهم. فاختلاف الصحابة فيما بينهم ليس محل نزاعنا انما نزاعنا في مسألة شرطنا شرطها في البداية قول الصحابي اذا انفرد في مسألة ولم يعلم له مخالف في مسألة لا نص فيها واذا خرجنا عن قيد من هذه القيود خرجنا عن المسألة. ومنها هذا القيد. قال اذا اختلف الصحابة ومعنى الاختلاف ان يصدر عن بعضهم قول يخالف القول الذي صدر عن البعض الاخرين. فعندئذ ليس شرطنا في المسألة متحققا هنا لان الصحابي لم ينفرد بل له رأي مخالف ينازعه في المسألة. فما موقف المجتهد؟ هل سيبقى تقرير المسألة ان قول الصحابي جاء الجواب لا لانك لو قلت نعم فاي القولين هو الحجة وايهما سيكون هو المقدم عند المجتهد؟ قال رحمه الله واذا اختلف الصحابة لم يجز للمجتهد الاخذ بقول بعضهم من غير دليل والسبب انهما تعارضا فيعمل بالترجيح. قال واجازه بعض الحنفية والمتكلمين. بشرط الا ينكر على القائل قوله اجاز بعض الحنفية الاخذ بقول المجتهد من الصحابة في حال اختلافه مع غيره بشرط الا ينكر عليه قوله. يعني ان يكون خلافا سائغا وورد بين الصحابة نقاشه والخلاف فيه دون انكار بعضهم على بعض. لنا لنا القياس على تعارض دليلي الكتاب والسنة. ولان احدهم احدهما خطأ قطعا. قالوا اختلافهم تسويغ للاخذ لكل منهما ورجع ورجع عمر الى قول معاذ في ترك رجل المرأة قلنا انما سوغوا الاخذ بالارجح ورجوع عمر لظهور رجحان قول معاذ عنده لنا القياس على تعارض دليلي الكتاب والسنة فما العمل اذا تعارض الدليلان من الكتاب والسنة نعم هو العمل على الخروج من هذا التعارب. بالجمع ان امكن او بالترجيح. قال فكذلك ينبغي ان يكون موقفنا حال اختلاف اقوال الصحابة فينبغي ان يصار الى التأليف بينها ان امكن والا فالترجيح بينها باعتبارها كالادلة اذا تعارضت. ولان احدهما خطأ انقطع اليست مسألة اجتهادية اليس قولين متعارضين؟ فمحال ان يكون كلاهما صحيح وبالتالي فاحدهما صواب والاخر خطأ. فكيف نسوغ تجويز الاخذ باي من القولين مع جزمنا بان احدهما خطأ طاء هذا تناقض. فاذا قررنا ان احدهما خطأ لا ينبغي ان نقول يجوز ان تأخذ بايهما. بل نقول تحرى الصواب وهذا التحري هو الذي يناقض قولهم يجوز ان يأخذ باي قول دون اجتهاد او ترجيح. قال رحمه الله قالوا اختلافهم تسوى للاخذ بكل منهما قالوا انما اختلف الصحابة فيما بينهم واختلافهم دليل على اتفاقهم اختلافهم دليل على اتفاقهم. اتفاقهم على ماذا على القولين كما مر بكم في الاجماع على تسويغ الاخذ بالقولين كأنهم يقولون اختلفنا فاذا هذا الاختلاف وطالما هو سائغ فسائغ الاخذ باحدهما. والجواب عن هذا اختلافهم ليس تسويغا للاخذ. اختلافهم تسويغ للاختلاف لا لتجويز الاخذ باي من القولين وبينهما فرق. يعني اختلاف الصحابة دليل على ان المسألة يصوغ فيها الاختلاف وليست قاطعة يحرم الاختلاف فيها. هذا القدر هو الذي دل عليه اختلاف الصحابة. ولا ينبغي ان يعد هذا الى مسألة لا يتناولها اختلافهم وهي تجويزهم الاخذ باحد القولين. والسبب ان احد الصحابة لما قال برأيه الذي رآه واجتهد فيه فانما يرى قوله صوابا ويرى قول غيره خطأ فكيف تزعم مع ذلك انه يسوغ الاخذ باي القولين فرق الى ان تسوغ الاختلاف وتراه قولا جديرا بالاختلاف واحترام الدليل ووجهة النظر وبين ان تقول للامة او لاي انسان كلا القولين اعمل بما شئت منهما وخذ بما يبدو لك او بما تشتهيه او تهواه نفسك هذا تناقض قالوا ورجع عمر الى قول معاذ رضي الله عنه في ترك رجم المرأة فيما اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف عن ابي سفيان عن اشياخه ان امرأة غاب عنها زوجها ثم جاء وهي حامل فرفعها الى عمر فامر برجمها فقال معاذ ان يكن لك عليها سبيل فلا سبيل لك على الذي في بطنها فقال عمر احبسوها حتى تضع فوضعت غلاما له ثنيتان فلما رآه ابوه قال ابني فبلغ ذلك عمر فقال عجزت النساء ان يلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر. الاثر في سنده انقطاع على كل استدلوا بهذا على ان عمر وهو صحابي مجتهد رجع الى قول معاذ واخذ به هم يقولون هذا دليل على ان عمر رضي الله عنه لما رأى رأيا واجتهد فيه ثم تراجع عنه واخذ برأي معاذ رضي الله عنه دل على تسويغ القولين هذا عمر صاحب القول تركه وانتقل الى قول معاذ فكأنهم يقولون عمر سوغ الامرين والرأيين وهذا غير صحيح. عمر ما سوغ الامرين. عمر كان على احد الامرين اولا ثم تراجع عنه وترك الى الاخر فلا يفهم منها تسويغ القولين لانه ما قال بالقولين في وقت واحد. بل قال في احدهما في وقت وبالاخر في وقت اخر فلا يصح تسوية بين القولين. ولهذا قال في الجواب قلنا انما سوغوا الاخذ بالارجح يعني لا بالرأيين. ورجوع عمر لظهور لقول معاذ عنده يعني لا لتسويغ اخذه بالقولين هذا تمام ما اورده المصنف رحمه الله فيما يتعلق بالاحتجاج بقول الصحابي. وها هنا تعليق مهم ينبغي الالتفات اليه. الخلاف الذي يذكره الاصوليون في الاحتجاج بقول الصحابي ينبغي ان يحتف بالاطر التالية اولا كلامهم عن الاحتجاج بقول الصحابة ليس فرضا للعصمة لهم ولا لاحد منهم اطلاقا. فمذهب اهل السنة رضي الله عنهم على حب الصحابة اجلالهم واعلاء مقاديرهم وحبهم والترضي عنهم ويجعلون ذلك يجعلون ذلك من حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لانه احبهم واثنى عليهم وامر بحبهم كما في الانصار وكما في المهاجرين وفي ال البيت وفي مناقب عدد من رضي الله عنهم اجمعين فحيث يفترض الاصوليون الاحتجاج بقول الصحابة فليس هو افتراضا للعصمة اطلاقا. انما هو ما هو هو النظر الى مكانتهم رضي الله عنهم ليسوا معصومين. وليس احدهم منزها عن الخطأ. لكنه نظر الى اولويتهم بالصواب واقربهم اصابة الى الحق. اليست المسألة مفروضة في محل الاجتهاد اليست المسألة مفروضة فيما لا نص فيه؟ فهذا كله يؤكد لك انه احترام لاقاويل الصحابة واعتراف بتقدمهم وامامتهم في العلم والفقه والدين. فهذا القدر لا ينبغي ان يختلف فيه بين اثنين من المسلمين. ما هو هو ان الصحابة اعلم من غيرهم من الامة بالوحي. هو ان الصحابة اقدر من غيرهم من الامة على الاجتهاد. هو ان الصحابة اكثر اصابة للحق وتوفيقا الى السداد. هو ان الصحابة ورثوا من علم الشريعة والوحي ومعاصرة التنزيل وفقه النصوص الشرعية وصواب الاجتهاد في مواضع متعددة ما لا يبلغ به احاد الامة من بعدهم درجتهم رضي الله وعنهم اجمعين. وبذلك دلت مجموع النصوص في هذا الباب على هذه المعاني مجتمعة. لا اتحدث عن سبقهم في الايمان وعن علو درجات في الجنان وعن ما من الله عليهم به من الهجرة والنصرة والفداء والتضحية كل ذلك قد يقال هو امر بما لهم من رصيد الحسنات عند الله. لكن نتكلم عن اثر هذا في صنيعهم في النظر في الدليل والعلم بالفقه واستنباط الاحكام احد اهم الركائز التي يحتويها المجتهد في النظر في الدليل لاصابة الحق والتوفيق الى الصواب هو ما يحمله في قلبه من الايمان والتقوى والذي هو النور الذي يقذفه الله في القلب فيصيب به الحق. يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم. ما الفرق ان نور يقذفه الله في قلب المتقين فيفرقون فيه بين الحق والباطل والخطأ والصواب والخير والشر والهدى والضلال. فهذه ركيزة اساس. فاذا كنا نتحدث عن ان نور التقوى الذي يبصر به اولو البصائر من العلماء الربانيين وهم يتقدمون على غيرهم للامة بهذه البصيرة فهنا ان تسلم الامامة في هذا الباب الى الصحابة رضي الله عنهم اجمعين. فاذا تحدثنا باجلال واحترام واكبار عن ائمة الاسلام ابي حنيفة عمان ومالك بن انس ومحمد بن ادريس الشافعي واحمد بن حنبل رضي الله عنهم ورحمهم وسائر الائمة الكرام ونعتبر ان من جاء ابعدهم لا يبلغ شأوهم ولا يعتلي قدرهم فقل مثل ذلك واضعافه عن الصحابة. ماذا تقول في فقه علماء الصحابة بارهم لا اقول تشهد لهم الامة بل يشهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتقدم بالامامة بالصواب يقول اعلم الامة بالحرام بالحلال حرام معاذ فما ظنك بفقه معاذ في الشريعة؟ اتريد ان توازيه بفقه ابي حنيفة ومالك واحمد والشافعي؟ مع جلالة اقدار الجميع لكن لا يبلغ قدرهم احد ولهذا صح في الحديث ان معاذ بن جبل رضي الله عنه يحشر يوم القيامة يسوق زمرة العلماء من امة محمد صلى الله عليه وسلم يتقدمهم فتوى فما منزلة هؤلاء اليه رضي الله عنه قل مثل ذلك في كثير من المواضع سعد بن معاذ رضي الله عنه يحكمه النبي عليه الصلاة والسلام في بني قريظة. في حكم رضي الله عنه بحكم بعد ما اصيب وقد سأل ربه ان يقر عينه الا يموت حتى يقر عينه من بني قريظة فكان له ذلك. فلما حكما حكم بان تقتل مقاتلة وتسبى نسائهم وذراريهم. فيقول النبي عليه الصلاة والسلام والله لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع طباق يقشعر بدنك والله عز وجل يقول ان هؤلاء قد بلغوا الدرجة الرفيعة. يعني تأمل في قوله لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع طباق تظن ان معاذا ان ان سعد بن معاذ كشف له الغيب واطلع على الحجب ونظر في اللوح المحفوظ فحكم اذا وجدت الصواب في اجتهاد احدهم وهو اجتهاد كما ترى. يحكم فيجتهد فيحكم. فيصيب باجتهاده ونظره البشري حكم الله فوق سبع سماوات فاي اي عقل هذا واي دين واي نور واي تقوى يبلغها هؤلاء رضي الله عنهم في قصة ابن مسعود رضي الله عنه لما سئل عن المبتوتة التي عقد عليها زوجها ومات ولم يدخل بها ولم يفرض لها مهرا ولم يسمي لها. فتردد رضي الله عنه ثلاثة ايام ينظر في المسألة واهلها اهل المسألة يترددون عليه فلما كان في الثالثة جثا على ركبتيه وقال رضي الله عنه ارى ان لها مهر نسائها لا ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة. فيقوم حمل ابن مالك فيقول اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مروع بنت واشق بمثل ما قضيت. صحابي باجتهاد بنظر بتأمل من غير وقوف على الدليل. فلما يتكلم يصيب الحكم النبوي لا يحيد عنه شعرة. اي عقل هذا؟ واي فقه واي امامة في الدين ان اصيبوا الحكم النبوي من غير ان يطلع عليه. اتظن ان توفيقا الهيا يكتسبه بشر؟ اعظم مما وصل اليه هؤلاء رضي الله عنهم اجمعين الذي يريد ان نقوله انه مما لا ينبغي ان يختلف فيه احد. اذا كنا نتكلم عن اجتهاد ونتكلم عن بحث عن المسائل بالنظر العلمي وفقه القواعد. يا اخي سلم لهم ولا تتقدم عليهم ابدا. فهم بلغوا شأوا ومنزلة وفقها وامامة ما يبلغها الائمة من بعدهم فضلا عن احادهم وانك لتعجب من فقهاء المذاهب عندما يجعلون قول امام المذهب امرا مقدما حيث يحاول الاستدلال له والبحث عن تقويته بالادلة من الكتاب بالسنة بالاجماع بالقياس بسائر الادلة بل يتكلفون انا تسوق الادلة وتأويلها من اجل موافقة فتوى امام المذهب ورأيه في القضية. ويرون هذا من باب حسن الظن بامام المذهب والتسليم له بالامام وهذا صنيع الى حد ما لا بأس به وقدر معتبر ما لم يبلغ حد المغالاة. فاقول اذا كان هذا صنيع فقهاء المذاهب مع ائمة في المذاهب احسانا للظن بهم وتسليما لهم بالامامة في الفقه والدين فهذا ينبغي ان يكون من باب اولى في التعامل مع اقاويل الصحابة لا زلنا اقول المسألة اجتهادية ولا نص فيها. ويقول فيها بعض الصحابة قولا لا يعلم له مخالف. هنا فقط تعلم ما الذي حمل الكثير من ائمة في مسائلك هذه ان يقفوا عندها ولا يتجاوزوها من المقرر في مذهب احمد مثلا انه اذا وجد في المسألة التي لا دليل فيها من الكتاب والسنة. اذا وجد فيها قولا لاحد الصحابة وقف بمعنى لا يجتهد ولا يفكر في المسألة ولا يبحث عن حكمها لسبب واحد. يرى انه مهما بذل من وسع واجتهاد ونظر وتحري في الا انه لن يفوق باجتهاده ولا بعقله وفكره اجتهاد الصحابة. فالاسلم ان يأخذ بقول ما قاله من وقف عليه في قوله. واذا عنده اقاويل الصحابة لا يخرج عنها اطلاقا. انما هو ينظر في اقاويلهم ويتخير منها ما يراه راجحا بالدليل. هل هذا للصحابة وافتراظ للعصمة؟ الجواب لا. لكنها انزاله في المنازل التي يستحقون ويتبوأون. من اجل ذلك ايها الكرام فالصواب ان الذي عليه الائمة الاربعة هو الاحتجاج بقول الصحابة فما الذي ينسب في كتب الاصول؟ الذي ينسب شيء من الفهم غير الذي نقل عنهم. واجود من كتب في المسألة شمس الدين ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين فانه قد خصص مبحثا كبيرا اطال فيه النفس. قرر فيه رحمه الله الاحتجاج بقول الصحابي في المذاهب الاربعة وان الشافعي فيما ينسب اليه في الجديد ليس دقيقا. وان الصواب احتجاجه ايضا بقول الشافعي في الجديد والقديم على وكذلك الشأن فيما ينسب الى مالك وابي حنيفة واحمد رحم الله الجميع. وما ذاك الا الظن بهم هو تقديمهم فقه الصحابة واجلالهم لمقاديرهم ثم قرر رحمه الله اعلي ابن القيم قرر الاحتجاج بقول الصحابة في المسألة التي نتكلم عنها وساق لها اكثر اكثر من اربعين دليلا بين كتاب وسنة واثر ومعنى يثبت به ان هذا مما لا ينبغي ان يختلف فيه اثنان عالمان من مختلف ولعله الصواب فهذا من المواضع التي تستحق تحرير الاشكال فيها في كتب الاصول وبيان ما هو الوجه الصحيح الذي ينسب الى الاربعة رضي الله عنهم اجمعين اردت ان يكون هذا خاتمة المسألة من باب ان نتحدث عن هذا المأخذ وكيف يكون ان جئت الى الفقه في الشريعة ومعرفة وجوه الاستنباط من الادلة فلن يقدم على الصحابة احد اذا كنت تتحدث عن اللغة فهم دلالات الالفاظ فهم ارباب اللسان الذي به نزل القرآن. وان كنت تتحدث عن نور التقوى الذي يقذفه الله في قلب المتقي بسبب استقامته على امر الله ودينه وشرعه. فان الصحابة ايضا هم اولى الامة بهذا المعنى. وان اردت فهم المقاصد واحتواء الاحكام ومعايشة الوحي ومعاصرة التنزيل فلهم في هذا الباب ما لا يشاركهم فيه احد اطلاقا. لان الائمة انما يجتهدون بالفاظ النصوص وما يحتف بها من احوال ووقائع التي تسهم في فهم المراد من الدليل والمغزى وما لا ينطق به اللفظ هذا ما تفرد به الصحابة دون غيرهم رضي الله عنهم اجمعين