الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملئ ما شاء ربنا من شيء بعد واصلي واسلم على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فهذا مجلسنا الثالث بعون الله تعالى وتوفيقه في مجالس مدارسة متن منار الانوار في اصول الفقه لحافظ الدين ابي البركات النسفي رحمة الله عليه. والمجلسان الاولان كانا يتناولان مقدمات فيما يتعلق بمدخل لاصول فقه مذهب الحنفية وما يتعلق ايضا بكتاب المنار وما خدم به وعناية العلماء به وعن الامام النسفي في طرف موجز ونبذة مختصرة من ترجمته رحمه الله تعالى. وكان هذا المجلس اليوم هو اول المجالس في شرح المتن وعبارات المصنف بدءا من مقدمته رحمه الله. وعلى ان الكتاب بين ايدينا اليوم ليتم توزيعه على الاخوة الحاضرين لكنه تأخر وصوله من المطبعة ولعله يصل الليلة او غدا فساقتصر في درس اليوم على مقدمة المصنف مدخل بدأ به رحمه الله ليكون الكتاب في تناولي ايديكم في الاسبوع المقبل ان شاء الله تعالى. ويتسنى لكم التعليق عليه. خصوصا وان هيأنا طبعة الكتاب على ان تكون صفحة فيها كلام المصنف يقابلها صفحة مسطرة للتدوين والتعليق عليها بما يحتاج اليه صاحب الكتاب فساقتصر الليلة على مقدمة المصنف وطرف بمراده في التقسيم الذي مشى عليه الحنفية رحمهم الله. قال الامام ابو والبركات حافظ الدين النسفي رحمه الله تعالى في كتابه منار الانوار في اصول الفقه الذي تقدم بكم منهجه وطريقته ومكانته ايضا بين كتب اصول الفقه لدى الحنفية. قال بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا الى الصراط المستقيم والصلاة على من اختص بالخلق العظيم. وعلى اله الذين قاموا بنصرة الدين القويم. اعلم ان اصول الشرع ثلاثة الكتاب والسنة واجماع الامة والاصل الرابع القياس. وها هنا جملة من الوقفات مع عبارة المصنف هذه التي ابتدأ بها متنه بعد حمد الله والصلاة والسلام على نبيه صلى الله الله عليه وسلم في قوله رحمه الله اعلم ان اصول الشرع ثلاثة وتلاحظون الفرق بين مثل هذا التقديم لمتن غدا مختصرا او متنا معتبرا لدى الحنفية المتأخرين قاطبة وطريق في الاختصار الذي اقتصر فيه على جملتين في حمد الله ومثلهما في الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم ليدخل عشرة في التقسيم في ادلة الشريعة. هذا المنهج الذي لا يماثل طريقة السبكي في جمع الجوامع كما تقدم بكم ولا طريقة الطوفي مثلا في مختصره فان تلك المتون وان كانت مختصرة في البلبل او جمع الجوامع لكنه جرت العادة في مقدمة تشتمل على جمل في الحمد والثناء والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وايضا فيما يتعلق بمراده ومنهجه وطريقته في المتن المختصر. لكن هذا اكثر اختصارا فغدا مباشرة في مقصوده في الكتاب. قوله رحمه الله اعلم ان اصول الشرع ثلاثة. المقصود بها اصول الشرع ام اصول الفقه؟ وهل من فرق بينهما ام هما سيام؟ اصول الشرع واصول الفقه واحدة او بينهما اختلاف بينهما ايهما اعم اصول الشرع؟ قال لان هذه الادلة هي ليست اصولا للفقه فقط بل حتى للعقيدة واصول الدين. فاذا كل مسائل العقيدة في اصول الدين او مسائل الشريعة في الاحكام والفقه والحلال والحرام كلها مردها الى هذه الاصول. فاثر ان تكون العبارة اوسع. وان كنا نتكلم عن اصول الفقه فهي جزء من اصول الشرع فقال اعلم ان اصول الشرع ثلاثة. الكتاب والسنة واجماع الامة. وسيأتي بتفصيل لكل واحد من هذه الاصول لكن السؤال لم قال هنا اصول الشرع ثلاثة الكتاب والسنة واجماع الامة والاصل الرابع القياسي لم لم يقل اصول الشرع اربعة؟ الكتاب والسنة واجماع الامة والقياس؟ ها هو ما اراد هنا الاتفاق والاختلاف ابتداء لكن ماشي هو اذا تفريق بين القياس والاصول السابقة في اي اي وجه في التفريق لان القياس لا يدخل في اصول الدين وقد يدخل في اصول الفقه طيب وماذا ايضا؟ من حوث قوة الاستدلال فتلك اصول والقياس فرع عنها ها اذا كره عدم دخول القياس في العقائد القياس تابع لتلك الثلاثة القياس ليس اصلا مستقلا. طيب قبل هذا لعلكم ما تنسون ان طريقة مثل الجويني والغزالي تلميذه وتبعه ابن قدامة وجمع من الاصوليين لا يعدون القياس اصلا من الاصول المتفق عليها في الجملة وقد تقدم هذا في شرح الطوفي. حتى ابن قدامة لما قال الاصول المتفق عليها اربعة الكتاب والسنة والاجماع والاستصحاب ثم لما جاء للقياس قال هو معقول النص. يعني هو مما يعقل من النص. قال بعضهم هذا اقوى في جعله دليلا متفقا عليه لانه ربطه بالكتاب والسنة. واذا كان الكتاب والسنة من الادلة المتفق عليها علقوا بها له حكمه. هذا التقسيم لكن ليس هو المقصود هنا عند النسفي رحمه الله. اعلم اولا انه هو رحمه الله شرح في كشف الاسرار قصده من هذا فقال القياس ان كان اصلا فهلا قلت اربعة؟ ليش قلت اصول الشرع ثلاثة ثم اردفت فقلت الرابع. قال القياس ان كان اصلا فهلا قلت اربعة والا فلما قلت والاصل الرابع ثم اجاب فقال هو اصل نظرا الينا. فانا نضيف الحكم في الفرع اليه. في القياس انت تعتبره اصلا نسبة الى الفرع وليس باصل حقيقة. كانه يقول هو اصل باعتبار وليس اصلا باعتبار اخر. اصل باعتبار ماذا؟ باعتبار استعمالنا له في اثبات الاحكام برد الفرع الى الاصل. وليس اصلا باعتبار ماذا؟ قال ليس باصل حقيقة اذ لا مدخل للرأي في اثبات الاحكام. فهو مفوض اليه تعالى ولا يشرك في حكمه احدا ثم قال وجه اخر في هذا التفصيل ولان القياس ليس بقطعي. بخلاف الثلاثة. ولهذا صير اليه عند العجز عنها فافرد بالذكر لتميز الظني عن القطع. هو اذا ملحوظ فيه حط بين القياس والاصول الثلاثة. وهذا اقرب في الاختصار من ان يقول الاصول اربعة ثم يقول الثلاثة قطع والرابع دونه فبهذه الطريقة اختصر كثيرا من المعاني وحافظ على السياق فحقق هدفين هذه القياسة اصلا من الاصول والاشارة الى انحطاطه في الرتبة عن الثلاثة الكتاب والسنة والاجماع. وهذه طريقة لطيفة وباء وباء الشراح جاءوا بعده فقرروا هذا المعنى. يعني يقول مثلا ملا جيون يقول وانما اورد بهذا النمط ولم يقول ان اصول الشرع اربعة الكتاب والسنة والاجماع والقياس ليكون تنبيها على ان الاصول الاولى قطعية والقياس ظني لكنه سيرد اشكال. هل كل دليل في الكتاب والسنة قطعي؟ لا. وهل كل القياس ظني؟ لا ما الجواب؟ نعم باعتبار الاغلب. قال وهذا باعتبار الاغلب والاكثر والا فالعام المخصوص من البعض وخبر الواحد ظني. والقياس بعلة منصوصة قطعي. لاحظ والحنفي يقولون العام ظني. طيب والعام الباقي على عمومه؟ عند الحنفية قطعي وعند الجمهور ظني فهم اذا ارادوا وصف العموم لا يطلقونه بل يخصونه بالعموم المخصوص. ثم قال وطريقته لما قال والاصل لما قال والاصل القياس قال فلما قال والاصل كان ردا على منكر القياس قصدا وتصريحا. لانه عد القياس اصلا. ولما قال الرابع كان دليلا على ان مرتبته بعد الاصول الثلاثة. فبهذه الطريقة في السياق وصياغته في ترتيب الادلة اشار رحمه الله الى اكثر من معنى وهذه طريقة لطيفة عند الامام النسفي رحمة الله عليه. ثم قال ما الكتاب؟ طريقته الان في المتن بعدما دخل مباشرة في تقسيم الادلة سيتناولها دليلا دليلا سيبدأ بماذا بالكتاب ثم بالسنة ثم بالاجماع ثم القياس. واين سيضع دلالات الالفاظ؟ سيدعها في دليل الكتاب باعتبارها كما هي طريقة كثير من الاصوليين الحنفية وغيرهم باعتباره الموضع الاول الانسب لايراد دلالة الالفاظ القرآن دليل فكيف نستعمله دليلا؟ سيأتيك تقسيم دلالات الالفاظ. وهم يجعلون هذا انسب وبعض الاصوليين كما مر وبك في جمع الجوامع يتكلم عن دليل الكتاب ثم السنة ثم يأتي بدلالة الالفاظ بعدهما لان هذه المباحث مشتركة بين هذين الدليلين. ولكل وجهة هو موليها. فهذا سائغ وهذا سائغ. فلما شرع في الدليل الاول قال اما الكتاب فما تجاوز تعريفه ثم دخل مباشرة في تقسيم الدلالات. قال رحمه الله اما الكتاب فالقرآن المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول عنه نقلا واقرا بلا شبهة. هذا تعريف لما هو معروف اكثر من ان يكون قيودا في التعريف يحترف بها عن غيره وكل من عرف القرآن من المفسرين وارباب علوم القرآن والاصوليين ونحوهم فانهم لا يتجاوزون مثل هذه العبارات هو القرآن المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين دفتي المصحف من البقرة الى الناس ونحو هذا من العبارات فقط يضيفون قيد التواتر لاخراج ماذا؟ لاخراج ما لم تتواتر قراءته. سواء كانت شاذة او صورة مثل قراءة ابن مسعود في كفارة اليمين فصيام ثلاثة ايام متتابعات ومثل قراءة ابن مسعود ايضا والسارق والسارقة تفققع ايمانهما ونحو هذا فانها لا تدخل في القرآن لعدم بقائها متواترا. قال رحمه الله فالقرآن المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف. المنقول عنه عقلا متواترا بلا شبهة. المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وقلت لك انه احترز بهذا عما لا يثبت تواتره وله امثلة عدة. ومر بك ايضا ان الاحتجاج بالقراءة الشاذة عند من احتجوا بها لا باعتبار كونها قرآنا بل باعتبارها خبرا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقل رتبة عن الاستدلال بالحديث النبوي الصحيح نسبته اليه صلى الله عليه وسلم. ثم قال وهو اي القرآن اسم للنظم بعد من نظم اللفظ يقول القرآن اسم لللفظ والمعنى عبر بالنظم ولم يعبر باللفظ والمعنى واحد. قال رعاية للادب لان النظم لغة هو جمع اللؤلؤ في السلك. واللفظ هو الرمي. تقول لفظ الطعام من فيه. ولفظ الكلمة وسميت اللفظة لفظة لانها تخرج من الفم فهي من الخروج او الالقاء او الرمي. فقال اية للادب مع القرآن مع ان المعنى واحد فاثر التعبير بالنظم رحمه الله. عبر بالنظم ثم قال القرآن اللفظ والمعنى ها هنا احتمالان في معنى هذه الجملة. المتبادر ان تقول اراد به ان القرآن في لفظه معناه يسمى قرآنا. وان اللفظ بمعناه ان اللفظ في الايات القرآنية بما معناه كله يسمى قرآنا. وان القرآن ليس لفظا دون المعنى او معنى دون اللفظ. هل علاقة بالمسألة العقدية في اثبات صفة الكلام لله عز وجل. ثم وصف القرآن به بناء عليه فعند المعتزلة القرآن مخلوق وعند الاشاعرة والماتوريدية تقسيم الكلام الى نفسي ولسان او لفظ ومعنى ثم ينبني على هذا القرآن هل هو كلام الله ام عبارة عنه؟ هل لهذا علاقة؟ هذا احد المعنيين المحتملين وبه صرح النسفي رحمه الله في شرحه فانه لما قال بعدما شرح المراد قالوا وينبغي ان يعلم ان النظم اشارة الى الكلام اللفظي والمعنى الى الكلام النفسي هذه الطريقة كثير من اصولي الحنفية الذين كانوا يقررون المذهب الماتوريدي وبعضهم يقرب الى الاعتزال وبعضهم يقرب الى والمأخذ عندهم متقارب فيما يتعلق بصفة الكلام لله عز وجل. وانهم يفرقون بين كلام النفس وكلام ام لساني او كلام لفظي؟ المعنى الثاني المتبادر من هذه الجملة هو تقرير لمعنى كان فيه تشغيب على بابي حنيفة رحمه الله في تجويزه قراءة القرآن بغير العربية. وانه يصح للمصلي ان يقرأ الفاتحة بالفارسي فاذا قرأ الفاتحة بالفارسية فهل قرأ قرآنا؟ فان قلت لا اذا ما صحت صلاته؟ وان قلت نعم فقد سميته قرآنا فقد سميته قرآنا مع ان اللفظ ليس لفظ القرآن. فما وجه ذلك قبل كل شيء هذا المنقول عن ابي حنيفة رحمه الله فيه آآ جدل داخل المذهب الحنفي والصحيح عنه رحمه الله رجوعه عن ذلك. وتقريره بجواز قراءة الفاتحة بالفارسية غدا محل نقاش بعض اصولي الحنفية انفسهم وهذه العبارة من النسف رحمه الله تأكيد لما اثر عنه رجوعه رحمه الله وما عليه الجمهور ان القرآن لفظا ومعنى معجز لتعلقه بالبلاغة والفصاحة ومن يقرر من الحنفية صحة قراءة الفاتحة بالفارسية يدعي ان النظم غير لازم في حق المصلي. لان المقصود بالنظم هو الاعجاز فقط. لكن احكام من اين تؤخذ؟ قال من المعاني. قال فاما المعاني فيقع بها الاعجاز وتقوم بها الاحكام ويحصل بها معنى المناجاة فاسقط فرض النظم في حق الصلاة في في قول عند ابي حنيفة وروي عنه رجوعه وعليه الاعتماد لانها ليست بحال اعجاز ثم يناقشون هنا لو كتب مصحفا بالفارسية او استمر على قراءة القرآن بالفارسية فانه لا يعد ذلك مجزئا في حقه. وقال بعض الشراح قال النسفي هذه العبارة وهو لفظا ومعنى او وهو اسم للنظم والمعنى دفعا للتوهم الناشئ من قول ابي حنيفة رحمه الله تجوز القراءة بالفارسية في الصلاة. وان القرآن عنده اسم للمعنى خاصة. مع انه رجع عن هذا القول فاثر رحمه الله يعني النسف تقرير الصحيح الذي عليه الفقهاء كافة من ان القرآن لفظ ومعنى وقول ابي فتى في مسألة الصلاة ليست راجحة وقضت قولا مهجورا. ولا تظن ان المسألة مختصة باللغة الفارسية. لكن قررت في المسألة باعتبار الفارسية هي اللغة التي كانت تنتشر انذاك وكثير من فقهاء الحنفية من بلاد ما وراء النهر كانوا يعتنون باللغة الفارسية وهم اهل اللغة. فجاء هذا المثال على النحو الذي كان منتشرا والبيئة التي كانت تحيط بهم. قال رحمه الله والله وهذا الموضع الذي ساقف عنده لبيان منهج الحنفية في التقسيم. قال وانما تعرف احكام الشرع بمعرفة اقسامهما الضمير يعود الى ماذا؟ النظم والمعني. يقول احكام الشريعة التي مستنبط من القرآن بلفظه ومعناه تعرف بمعرفة اقسام اللفظ او النظم والمعنى. قال اربعة ثم شرع يبينها قال الاول في وجوه النظم صيغة ولغة وهو اربعة. الخاص والمشترك والمؤول والثاني في وجوه البيان بذلك النظم وهو اربعة ايضا الظاهر والنص والمفسر هو المحكم ولهذه الاربعة اربعة تقابلها وهي الخفي والمشكل والمجمل والمتشابه. والثالث في وجوه استعمال ذلك النظم وهو اربعة ايضا. الحقيقة والمجاز والصريح والكناية. والرابع في معرفة بوجوه الوقوف على المراد والمعاني وهو اربعة ايضا الاستدلال بعبارة النص وباشارته وبدلالته وباقتضائه وبعد معرفة هذه الاقسام قسم خامس يشمل الكل وهو اربعة ايضا معرفة مواضعها وترتيب بها ومعانيها واحكامها. ثم شرع فيها تفصيلا واحدا واحدا بكل التقسيم الذي مضى قال اما الخاص فعرفه ثم ذكر مسائله المتعلقة به. وذكر تحته الامر والنهي ومسائلهما. وتحت الامر ذكر ما يتعلق بالامر من الاداء والقضاء والاعادة. وذكر ما يتعلق به من الواجب الموسع والمضيق ومسائل تتعلق بالامر والامتثال ثم النهي ثم دخل في العام ثم انطلق الى باقي التقسيمات التي اورد موجزة ها هنا في هذه المقدمة وشرع يبينها ومسائلها. ولما فرغ من كل التقسيمات التي تصل الى ستة عشر قسما بالاربعة التي جعلها قسما خامسا بعدها انتقل الى دليل السنة. ثم دخل في الاجماع ثم القياس وهكذا. هنا اقف لتقرير المسألة وبيان منهج الحنفية في هذا التقسيم. فانه سيساعدنا كثيرا في تصور المنهجية التي قرروها رحمهم الله في تقسيمهم لدلالات الالفاظ. ولانها تختلف كثيرا عن طريقة الجمهور. وانا هنا اذكرك بما مر بك في دراستك لاي كتاب في الاصول على طريقة الجمهور. اذا جاءوا لتقسيم دلالات الالفاظ. فانهم يقسمونها باعتبارات. فاذا قالوا تنقسم دلالة اللفظ الى نص وظاهر ومؤول ومجمل هذا باعتبار ماذا؟ باعتبار الوضوح والخفاء. واذا قال وتنقسم دلالة اللفظ الى امر ونهي وخبر فباعتبار الطلب وعدمه. فايضا هنا تقسيمات باعتبارات. واورد اربعة اعتبارات ولكل تقسيم من الاربعة لاعتبارات اقسام تندرج تحته. هناك التقسيم عند الجمهور ينبني على ما يتعلق به الاستنباط وانه ينبغي ان تفهم انه من حيث القوة والوظوح والخفاء يفيدك عند التعارض في الادلة فتقدم اقوى ويفيدك في تقديم معنى على معنى من حيث الظهور وعدمه. وان التقسيم باعتبار الطلب وعدمه منزلته من دلالة الالزام او الطلب من غير الزام ومثله في النهي الى اخر ما هنالك. طريقة حنفية اكثر قربا الى المنطق في تقسيمهم بالاعتبارات الاتي ذكرها. واقول اقرب الى المنطق لانه هم نظروا الى كل تلك التقسيمات فقرروا فيها معنى يجمعون به كل ما يرد في كتب الاصول عندهم من تقسيم الدلالات واريد بذلك انهم لما يقولون اقسام الدلالات المتعلقة بالنظم والمعنى اربعة. وجوه الوضع وجوه البيان وجوه استعمال النظم وجوه الاستدلال. هذه الاعتبارات الاربع الوضع البيان استعمال النظم ثم الاستدلال ولاحظ حتى ترتيب هذا التقسيم مقصود يقول النسفي مثلا يقول لان البحث فيه في ماذا؟ في دليل القرآن وجمله واياته اما ان يكون عن المعنى وهو التقسيم الرابع وجوه الاستدلال دلالة عبارة دلالة اشارة دلالة نص دلالة اقتضاء. واما ان يكون عن طريق اللفظ فان كان عن طريق اللفظ فاما بحسب استعماله فهو التقسيم الثالث. استعمال النظم حقيقة مجاز صريح كناية. واما ان يكون بحسب دلالته دلالة اللفظ. فان اعتبر فيها الظهور فهو التقسيم الثاني والا فهو الاول. ساعيدها لك بالعكس. مرة اخرى افهم التقسيم ابتداء. يقول التقسيم الالفاظ عندهم تنقسم باعتبارات. وجوه الوضع اربعة. خاص عام مشترك مؤول. هذه وجوه الوضع ما معنى الوضع وظع اللغة فاللفظ اما ان يكون خاصا او عاما او مشتركا او مؤولا. ثم تقسيم انن وجوه البيان مقصود بوجوه البيان المقصود به الظهور والخفاء في دلالة اللفظ على المعنى قسم الى ظاهر ونص ومفسر ومحكم هذه مراتب الظهور. وتقابلها اربعة في الخفاء. كل واحد يقابله واحد اذا ظاهر ونص ومفسر ومحكم هذا الترتيب من الاضعف الى الاقوى الظاهر واقوى منه نص واقوى منه المفسر واقوى منه المحكم. تقابلها اربعة من حيث الخفاء. خفي واضعف منه المشكل واضعف منه المجمل واضعف منه المتشابه. الخفي قابل الظاهر المشكل قابل النص المجمل يقابل المفسر متشابه يقابل المحكم. وهذا التقسيم باعتبار وجوه البيان. التقسيم الثالث الاعتبار الثالث وجوه استعمال النظم اللفظ ينقسم الى حقيقة ومجاز وصريح وكناية التقسيم بالاعتبار الرابع وجوه الاستدلال دلالة العبارة الاشارة ان نص الاقتضاء. بعيدا عن الا يأتيه بك هذا التقسيم لان سنأتي عليه تفصيلا. اريدك ان تتصوره مدخلا لتعرف ما الذي سندرسه خلال المجالس القادمة؟ ولماذا الانتقال؟ من قسم الى قسم؟ ولماذا وضعوه هكذا يقول احد شراح المنار في خلاصة الافكار يقول اعتمدوا هذا التقسيم الحنفية لاستغراقه لاعتبارات من اول الوضع الى اخر الفهم. يقول اعتمدوا هذا التقسيم لاعتبار لاستغراقه لاعتبارات من اول وضع الواضع الى اخر فهم السامع. وهذا التقسيم منطقي جدا يعني اللفظ منذ بداية وضعه لغة الى فين؟ الى فهم السامع الفقيه له. هذه المراحل او الاعتبارات هي مراحل تمر بك من بداية وضع اللفظ وانتهاء بفهم المستدل لهذا اللفظ. فاذا ابتدأ من اين يبتدأ قال فابتدأ بالوضع لان اداء المعنى باللفظ الخارجي يعني النطق بكلمة تعبيرا عن معنى من اين جاء؟ من الوضع ركز معي ساقرأ لك جملته كاملة ثم اعود اليها. يقول ابن حبيب الحلبي يقول اختاروا هذا التقسيم لاستغراقه لاعتبارات من اول وضع الواضع الى اخر فهم السامع ثم سيشرح لك التقسيم الرباعي هذا كيف صار؟ لان اداء المعنى باللفظ الخارجي على قانون الوضع يستدعي وضع الواضع فابتدأوا بهذا الاعتبار الاول. ثم دلالته اي كونه بحيث يفهم منه المعنى فهذا وجوه البيان باعتبار بيانه بيان اللفظ قال ثم استعماله حقيقة ومجاز وصريح ثم فهم المعنى عبارة اشارة نص اقتضاء. يقول فاللفظ اول ما يتكلم به تبحث فيه عن ماذا؟ عن الوضع. وضعوا هذا خاصا او عاما وضعوه مشتركا او مؤولا تبتدأ من الوضع طيب اذا فهمت الوضع تحتاج ان تفهم دلالة هذا اللفظ وضوحا وخفاء. طب فهمت دلالته وضوحا وخفاء تفهم استعمال هذا اللفظ حقيقة ومجاز وصريح وكناية. فهمت اللفظ كيف وضع ثم فهمت دلالته وضوحا وخفاء ثم ما فهمت استعماله حقيقة ومجازا وصريحا وكناية عليك ان تفهم المعنى من اللفظ في سياقه هل يدل دل يدل دلالة مقصودة او دلالة متضمنة صريحة او اشارة او اقتضاء فهذا منتهى التقسيم. فابتدأ بك من اول وضع وانتهى بفهم السامع. فهذا التقسيم يمر بك بالمراحل كلها. ولهذا قلت لك تقسيم الحنفية لمباحث دلالة الالفاظ يمكن ان يكون بالنظر الى منطقية التقسيم ادق من طريقة الجمهور. وليس معنى هذا التضعيف لطريقة الجمهور في التقسيم لان المقصود باي تقسيم كان الوصول الى منهجية تضع الفقيه او الادلة والناظرة في الدليل تضع له الية واضحة بحيث اذا استعملها قاده فهم صحيح للوقوف على المراد. يا مشايخ ايا كانت المنهجية طريقة الحنفية او طريقة الجمهور اعلم تماما رعاك الله انها عقول نيرة مباركة افرغت جهدها منذ زمن الرعيل الاول والى اليوم لهدف سام جليل وهو فهم مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستغرقت الجهود وبذلت المساعي ودونت المصنفات وحبرت الشروح تقديرا وتقريرا واعتبارا لنص عظيم محكم هو نص الشريعة في كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام. فيجلون هذا النص ويعظمونه ثم يأتون له من التقسيمات محكمة والبحوث المحررة بما يليق بكلام الحكيم الخبير. ولان اللفظ الشرعي هو دستور الشريعة هو منهاجها وهو مصدرها فينبغي ان تكون العناية بها على الوجه الاتم الاوفى لانه كلما تمت للفقيه العناية بدلالة اللفظ في نصوص الشريعة كان اقرب الى اصابة الصواب. والى فهم المراد والى علمه بدلالة الاية في القرآن او الحديث في السنة او الجمع بين النصوص اذا اجتمعت او تقابلت او كان لها تداخل بوجه ما ان يعرف ان هذا يوصل الى ذاك او يتقابل معه في منطقة من الدلالة او هو او بعد ايا كان فالمراد هذا الوصول الى الهدف الكبير الجليل وهو فهم المراد عن الله عز وجل وعن صلى الله عليه وسلم. هذا التقسيم عند الحنفية جاء بهذا المعنى. سأعود بك الى عبارة النسف التي ابتدأت بها. قال تقسيمات وتحت كل تقسيم اقسام. ما اربعة تقسيمات وجوه البيان اولا وجوه وضع ثم وجوه البيان ثم وجوه الاستعمال ثم وجوه الاستدلال وجوه الوضع كيف وضع اللفظ وتحته اربعة اقسام خاص وعام ومشترك ومؤول هذه وجوه وجوه الوضع ثم وجوه البيان ووجوه البيان من حين في الظهور اربعة ومن حيث الخفاء اربعة من حيث الظهور ظاهر نص مفسر محكم من حيث الخفاء خفي مشكل مجمل متشابه من حيث الاستعمال حقيقة مجاز صريح كناية من حيث الاستدلال يعني ان تستخدم الجملة بلفظها بعد ما فهمت وضعها وادركت درجة بيانها وعرفت استعمالها كيف تستدل بها؟ هل الاستدلال مقصود؟ او غير مقصود وهو صريح او تضمنا دلالة عبارة دلالة اشارة دلالة نص دلالة اقتضاء. وهذا التقسيم الاخير موجود عند الجمهور. لكنه باختلاف الاصطلاحات. فعندهم وايضا دلالة النص ليست النص بمعنى الظهور هناك في الوضوح. لكن دلالة الاقتضاء موجودة عندهم وهم يقسمون هناك كما مر بتقسيم اخر اللفظ ان دل بلفظه او بمعناه او بهما معا ونحو ذلك مما تقدم. يقول النسفي رحمه الله اربعة تقسيمات وتحت كل تقسيم اقسام. ثم قال لان البحث فيه اما ان يكون عن المعنى وهو هو التقسيم الرابع ما هو؟ وجوه الاستدلال. هناك لا يبحث عن اللفظ يبحث عن المعنى من حيث السياق. دلالة نص اشارة عبارة اقتضاء قال اما ان يكون عن المعنى وهو التقسيم الرابع او عن اللفظ. فاذا كان عن اللفظ بحسب استعماله وهو التقسيم الثالث صريح كناية مجاز مؤول صريح حقيقة مجاز صريح قال او عن اللفظ فاما بحسب استعماله فهو التقسيم الثالث. او بحسب دلالته. فان اعتبر فيها الظهور والخفاء فهو الثاني والا فهو الاول. اذا الدلالة على اللفظ الدلالة على المعنى من جهة اللفظ ان كان المقصود وضوحا وخفاء فهو التقسيم الثاني. وان كان دلالة اللفظ على المعنى من حيث ما وضع له لغة فهو التقسيم الاول فلما تم لهم هذا التقسيم رأوا انهم استوعبوا كل ما يتعلق باللفظ ومعناه ولا يمكن ان يتصور لك تقسيم غير هذا او يدخل فيه معنا غير مراد شرعا. لاحظ ما يقسمون الى منطوق ومفهوم ثم مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة. بل يعتبرون ما خرج عن هذا التقسيم لا يصح الاستعماله في اثبات بالمعنى من ذلك اللفظ ولا يتم لهم به الاستدلال ثم بينه وبين الجمهور مناقشات في مثل اه دلالة مفهوم المخالفة مثلا ونحوها مما سيأتي بيان مذهبهم فيه وطريقة تقريرهم للمسألة على وجه يخالفون فيه الجمهور. بعد ما تم هذا تقسيم وذكر بعض الشراح ايضا ان هذا التقسيم مضى بهذا الاعتبارات قال والمرجع في الحصر الاستقراء يعني كيف حصلوا التقسيمات تحت كل تقسيم هل هو لانه قسمة رباعية ارادوا ان يتمموا البناء والتقسيم اربعة في اربعة في اربعة؟ قال لا المرجع فيه الحصر تم لهم باستقراء فلما تم الاستقراء وجدوا انها تنحصر في هذه الوجوه فاقاموا عليها يعني الحنفية طريقتهم في تقسيم فاظ دلالتها على المعاني واحدا بعد واحد. لاحظ معي لما ابتدأ بتقسيم وجوه الوضع قال الخاص ثم شرع في تعريفه ثم في الخاص مسائل انقسام الى اداء وقضاء واعادة وتعلق الامر والنهي به كلها درجوها تحت الخاص. ثم في العام ادرجوا صيغ متعلقات العموم ومسائله ثم ينطلقون الى باقي التقسيم هكذا. افضل ان نقف هنا قبل ان ندخل في كلام المصنف رحمه الله في لتقسيم هذه الاربعة وما يتعلق بكل واحد من تعريف ومسائل واحكام. النسخة التي ستكون بين ايديكم ان شاء الله في الدرس القادم صنع فيها المحقق في الهوامش شيئا يقرب كثيرا. فلما جاء مثلا في بداية التقسيم اورد هذا الرسم المشجر الذي فيه وجوه التقسيمات الاربعة باعتبار الاربعة الانحاء التي مرت باعتبار الوضع من جهة البيان من جهة الاستدلال من جهة الاستعمال وجعلها خدمة للنص كما سيأتيكم ان شاء الله والكتاب مخدوم من حيث التحقيق اللفظ وحتى تحشية الهوامش باختلاف نسخ متن المنار وهو الدكتور الشامل شاهين وفقه الله. وهي رسالته الثانية في ترى حقق بها متن منار الانوار ومطبوعة غير متوفرة. ولما استأذنا الدار في طباعته لدرس يخص الحرم اذنوا. جزاهم الله وخيرا ووافقوا وسيكون بين ايديكم ان شاء الله تعالى في مطلع الدرس المقبل آآ وسيوزع بداية الدرس لعل من جاء قبل الصلاة يمكن ان يحصل على نسخته بحيث لا نحتاج ان شاء الله الاسبوع القادم. لا نحتاج بعد الصلاة وقتا طويلا في توزيع وسخ فاهيب بالاخوة التبكير في الحضور بين الاذان والاقامة او حتى قبل الاذان وسيجدون النسخ هنا في موقع الدرس لاستلام كل نسخته ويكون بدايتنا بعد الصلاة كالعادة ان شاء الله واداء السنة الراتبة. لان لا يأخذ علينا وقتا من الدرس ونحاول تعويض الوقت الذي يسعفنا فيه اليوم. اسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق والسداد والعلم النافع. والعمل الصالح والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. يقول هل للمصنف شرح لهذا الكتاب؟ نعم. وتقدم وفي اول مجلس لما تكلمنا بل في المجلس السابق لما تكلمنا عن كتابه المنار والاعمال العلمية المتعلقة به من جهة الشروح قلنا لا يقدم شرح على شرح المصلي في نفسه واسماه كشف الاسرار وكشف الاسرار في اصول فقه الحنفية كتابان الاول كشف الاسرار لعبدالعزيز البخاري شرح فيه اصول البزدوي فخر الاسلام او كنز الوصول. والثاني هو شرح على كتابه منار الانوار. فسماه كشف الاسرار من منار الانوار. والحنفية يفرقون بين الكشفين بقولهم كشف الاسرار الكبير وكشف الاسرار الصغير فايهما الكبير للبخاري لانه اكبر حجما من حيث السعة ومن حيث المسائل واستوعب فيه البخاري وسبق ان قلت لكم ان شرح البخاري في كشف الاسرار من اجود مراجع الحنفية في جمع المسائل وتقريراتهم واستدلالاتهم وايراد بعض مسائل فوق ما قرره بزدوي رحمه الله وكشف الاسرار هو اولى الشروح ومعه شروح اخرى كثيرة لكن غالبا ما يكون شرح المؤلف نفسه على متن يضعه هو اولى واهم من حيث الرجوع المراجعة ودائما يقولون صاحب البيت ادرى بما فيها واعرف بما فيه لكن كثير من طبعاته للاسف سقيمة. وعامتها مطبوعة ومعها شرح اخر مثلا اما معها شرح ملا ديون او معها شرح مثلا ابن ملك او غيرها من الشروح لكنها ليست بذاك. يقول ذكرتم في هذا المجلس والماظي ان خلاصة الافكار ابن قطوب وشرح للمنار والصواب انه شرح لمختصر المنار للطاهر بن حبيب الحلبي صحيح. ابن انا قلت الان خلاصة الافكار التي نقلت لكم عنه طريقة النسب في التقسيم وتحريره للعبارة هو لابن حبيب الحلبي في شرحه الذي ما هو خلاصة الافكار وهو مطبوع في بعض الطبعات مع كشف الاسرار للنسف ومطبوع ايضا مستقلا. على كل حال يا اخوة يعني اذا لنا ان شاء الله تعالى حصول الكتاب في المجلس المقبل. ارجو ان يكون منطلقا لنستأنف الدروس بحيث يسعنا الوقت لاتمام الكتاب. اسأل الله لي لكم التوفيق والسداد والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين