الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وخاتم المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فهذا المجلس الثامن عشر بعون الله تعالى وتوفيقه في مجالس شرح متن منار الانوار في اصول الفقه الحنفي للامام ابي بركات النسف رحمة الله عليه. وهذا المجلس يأتي امتدادا لكلام مصنف رحمه الله تعالى فيما سبق فيما يتعلق بالحقيقة والمجاز. وقد تقدم الحديث في مجلسين سابقين على تعريفهما واهم مسائلهما كان اخر ذلك مسائل تتعلق باستعمال الحقيقة والمجاز في حالات تتناوب بين هذين النوعين. بقي في هذا القسم فيما يتعلق بمسائل الحقيقة والمجاز قبل انتقال المصنف رحمه الله الى الحديث عن حروف المعاني بقي كلامه رحمه الصارفة للحقيقة الى المجاز. وهي التي وقفنا عندها في منتهى الدرس السابق من قوله والحقيقة تترك بدلالة الى اخره. فها هنا شروع من المصنف للحديث عن القرائن التي يصرف بها اللفظ من الحقيقة الى المجاز لانه قدم ان الاصل حمل اللفظ على الحقيقة. وانه لا يسار الى المجاز الا عند تعذر الحقيقة. وثمة احوال مضى فيها هجر الحقيقة او تعذرها وما يتعلق بها من مسائل. فها هنا يذكر رحمه الله قرائن خمسة يصرف بها اللفظ عن حقيقتي الى المجاز بمعنى ان الاصل في اللفظ حمله على الحقيقة لكن ها هنا قرائن اذا توفر احدها كان مسوغا بان يصرف اللفظ من الحقيقة الى المجاز سيأتي ذكرها تباعا في كلامه رحمه الله تعالى. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال المصنف رحمه الله وغفر له ولشيخنا وللسامعين والحاضرين. قال والحقيقة تترك بدلالة العادة كالنذر بالصلاة والحج. هذه اول القرائن دلالة العادة. ويقصد بالعادة هنا عادة الاستعمال لللفظ وسواء كانت العادة هنا عرفا او شرعا. اذا يصرف اللفظ عن معناه الحقيقي اللغوي بسبب بسبب وجود عادة يستعمل عليها اللفظ عرفا او شرعا. قال كالنذر بالصلاة والحج لو نذر ان يصلي او نذر ان يحج فلن يحمل نذره هنا بالصلاة وبالحج على المعنى الحقيقي اللغوي ان الصلاة هي دعاء وان الحج هو مطلق القصد بل سينصرف الى ما استعمل عادة فيه لفظ الصلاة وهو العبادة معروفة والحج هو الركن المعروف المؤدى في ايام ذي الحجة. هذا سماه او عادة. طبعا هذا الكلام مبني على ان الحقائق الشرعية منقولة من معانيها اللغوية لا انها بوضع جديد ابتداء وهما طريقتان لاهل العلم لما تقدم ان الحقائق اما لغوية وهي الاصل. او عرفية او شرعية. الحقائق الشرعية هي الالفاظ التي جاءت بها الشريعة كالصلاة الزكاة الحج البيع النكاح الرهن هذه الفاظ موجودة في اللغة قبل الاسلام. طيب لما جاء الاسلام وجاءت الشريعة هل جاءت بهذه الالفاظ وضعتها ابتداء وضعا جديدا لان الصلاة هو هذا المعنى او هو المعنى اللغوي نفسه به ثم اضيف اليه ما يجعله بذلك المعنى الاصطلاحي في الشريعة هما مسلكان. فمن يقول ان الالفاظ والحقائق هي لغوية منقولة يتأتى عنده هذه القرينة. فاذا قيل له من نذر ان يصلي او يحج فلماذا حملته عن الى المجاز سيقول اذا كان يراها منقولة سيقول السبب هو دلالة العادة. ومن يرى ان الحقائق الشرعية موضوعة ابتداء يقول هذا ليس وضع هذا ليس صرفا لللفظ من حقيقته الى مجازه بل الى حقيقة شرعية وهي حقيقة ليست صارفة لللفظ طيب اللي اصبح حقيقة في هذا المعنى هما مسلكان وقد فهمت دلالة هذا النوع ومثاله ايضا. اذا لم نحمل اللفظ هنا في الصلاة على معناها اللغوي وهي الدعاء. ولا الحج على معناه اللغوي وهو القصد. بل صرفناه الى ما صارت به عادة الاستعمال الاوعادة الناس في استخدام هذه الالفاظ وسبب العادة هنا هي الشريعة. نعم. وبدلالة اللفظ في نفسه كما اذا حلف لا يأكل لحما وقوله كل مملوك لي حر لا يتناول المكاتب وعكسه الحلف باكل الفاكهة. هذه القرينة الثانية الصارفة لللفظ عن الحقيقة الى المجاز. قال دلالة اللفظ في نفسه ثم له نوعان. الاول ان يكون الاسم منبئا عن كمال في مسماه لغة ان يكون اللفظ ينبئ عن معنى الكمال في مسماه في اللغة. فيكون في بعض افراد هذا المسمى نوع قصور فلا يتناوله اللفظ عند الاطلاق. مثال ذلك. حلف لا يأكل اللحم. حلف لا يأكل لحما المنصرف بدلالة لفظ اللحم هو اللحم المختلط بدم لحم الابل لحم البقر لحم الغنم لحم الدجاج فهل يحنث اذا اكل سمكا؟ وقد سماه الله لحما وهو الذي سخر البحر لتأكل منه لحما طريا. قال دلالة اللفظ في نفسه يعني في وضعه اللغوي الاصل في اللحم ما اختلط بدم ولذلك جازت لحوم البحر بلا ذكاة لانها لا دماء فيها. بخلاف لحوم البر وحيوانات البر فلابد فيها منه ذكاء. يقول هنا دلالة اللفظ في نفسه كما اذا حلف لا يأكل لحما. فلا يحنث باكل السمك. طبعا هذا بلا نية اذا لم ينوه فلا يحنث السؤال اليس السمك لحما؟ يقول بلى لكن دلالة اللفظ في نفسه صرفته عن حقيقته من مطلق اللحم اي نوع كان الى لحم بنوع معين ذي المختلط بالدم فهذا بدلالة اللفظ في نفسه اللحم في مسماه منبأ عن كمال المعنى اذا كان اللحم ذا دم. والسمك ليس كذلك وبالتالي فاذا كان السمك بعض افراد هذا اللفظ لكنه قاصر عن بلوغ الكمال فيه لا يتناوله اللفظ عند الاطلاق الا اذا نوى قال والله لا اكل لحما ونوى ان يكون السمك من بين المحلوف عليه يحنث. فاذا ما نواه لن يحنث به. هذا عند الشافعي موافقة للحنفية وبه قال ابن حزم خلافا للمالكية والحنابلة. فانهم يرون انه يحنث به لفظ اللحم فيه وصدقه عليه وتناوله له. ليس ها هنا خلاف في ان السمك نوع من اللحم. لكن هي قرينة كما يقولون صرفت اللفظ عن حقيقته فحقيقة اللفظ يتناوله. لكن قالوا ها هنا قرينا ان اللفظ في نفسه ينبئ عن كمال وهذا الفرد وهو لحم السمك لا يتحقق فيه معنى الكمال في لفظ اللحم فخرج عنه لهذا المعنى. ومنه ايضا قوله كل مملوك لي حر. اعلن عتقه لمماليكه بهذا اللفظ. فهل يدخل فيه عبده المكاتب والمكاتب هو العبد الذي كاتب سيده على مبلغ معلوم بقسط معلوم يعتق به اذا تم سداده فالعبد المكاتب ليس حرا خالصا وليس قنا خالصا. هو مكاتب بين هذا و وذاك فقوله كل مملوك لي حر. في في المسمى العام في اللغة المملوك المكاتب مملوك او ليس مملوكا المكاتب مملوك والمكاتب عبد او قن كما يقولون ما بقي عليه درهم. حتى لو بقي عليه درهم لا يزال عبدا. لكن لماذا خرج؟ قالوا دلالة اللفظ في نفسه فالمملوك في في دلالته الكاملة يشمل العبد الخالص والمملوك يبلغ هذا المعنى الكامل في دلالة اللفظ فلا يتناوله اللفظ عند الاطلاق متى يتناوله؟ اذا نواه فاذا لم انويه ما دخل فيه. هي ايضا المسألة ذاتها على طريقة الحنفية والشافعية خلافا للمالكية والحنابلة. في هذه المسألة هذا النوع الاول الذي اعتبرنا فيه القرينة بدلالة اللفظ في نفسه. النوع الثاني من دلالة اللفظ بعكسه ان يكون في اللفظ منبئا عن معنى القصور والتبعية. فاذا وجدنا بعض الافراد يتحقق فيه معنى الكمال وجهة الاصالة خرج عنه وتكون دلالة اللفظ هي القرينة الصارفة عن حمله على كل افراده عند الاطلاق. ظرب مثالا فقال الحلف باكل الفاكهة. قال والله لا اكل فاكهة. والفاكهة معروفة. قالوا فلا يحنث باكل الرطب والعنب والرمان. هذه فواكه لكن قالوا معنى الفاكهة يشير الى معنى نلقوا فيه قصور وتبعية يعني ما معنى القصور هنا ان ليست القوت الذي يعتمد عليه الادمي؟ وهي تبع فالفاكهة تبع للقوت الاساسي الذي يتقوى او يكون عليه قوام البدن. فاذا نظرنا الى الفواكه وجدناها كذلك لكن الرطب وان كان في اللغة يصلح ان يكون من الفواكه. وكذلك العنب وكذلك الرمان. الا انها لا يتحقق فيها ما معنى القصور والتبعية؟ بل فيها جهة كمال وجهة اصالة. فيغدو الرطب قوتا وبه يكون قوام البدن وكذلك وبعض المستعمرين للحمية ربما اقتصر عليه في طعامه كالعنب. فقام به البدن فكان قواما فعندئذ وان كان اللفظ لغة يتناوله لكنه خرج عنه بدلالة اللفظ في نفسه. اذا دلالة اللفظ في نفسه يكون قرينة نوعين اما ان يكون الاسم منبئا عن كمال فما لم يبلغه من افراده لا يتناوله عند الاطلاق او العكس. ان يكون الاسم منبئا عن قصوره وتبعية فاذا كان بعض افراده يتحقق فيه كمال واصالة ايضا خرج عنه عند الاطلاق الا بقرينة او بنية في مسائل الالفاظ كالنية والنذر والحلف. اه قوله حلف لا يأكل فاكهة لا يحدث هذا عند ابي حنيفة وحده رحمه الله دون صاحبيه فصاحباه ابو يوسف ومحمد بن الحسن مع الجمهور في ان الكل ويحنث باكل شيء منها وان هذا المعنى في القصور ليس في قوة المعنى في الكمال في المسمى كما تقدم في اللحم والمملوك. هذه ثاني القرائن التي يصرف بها اللفظ من الحقيقة الى المجاز. نعم وبدلالة سياق النظم كقوله طلق امرأتي ان كنت رجلا. هذه القرينة الثالثة الاولى ما هي؟ دلالة العادة والثانية؟ دلالة اللفظ في نفسه والثالثة دلالة سياق النظم هيا انتبه اما القرينة عادة وقصدنا بالعادة حقائق شرعية او عرفية واما ان تكون القرينة اللفظ نفسه واما ان تكون القرينة سياق الكلام. فهو يشعر. لو قال رجل لاخر طلق امرأتي ما هذه الصيغة؟ توكيل. فيحق للموكل تنفيذ ذلك ويقع به طلاق زوجته قيل وفعل لكن سياق الكلام ها هنا تغير طلق امرأتي ان كنت رجلا لم يعد توكيلا غدا تهكما او تحديا او سخرية فلم يعد توكيلا طيب طلقي امرأتي اليس لفظ ها هنا حقيقة في التوكيل فلما تركت الحقيقة هنا؟ نعم سياق النظم هو الذي ساعد على فهم هذا الكلام على غير لفظه الحقيقي فلم يعد توكيلا وهذا دارج ومستعمل في كلام الناس وعباراتهم فسيقول كلام مشعر بان اللفظ الحقيقي هنا غير مراد نعم. قال وبدلالة معنى يرجع الى المتكلم كما في يمين الفور. هذه القرينة الرابعة دلالة تعود الى المتكلم وقصده من الكلام الى معنى يرجع الى المتكلم. لما قال الله عز وجل في سورة الاسراء ابليس لعنه الله واستفزز من استطعت منهم بصوتك. واجلب عليهم بخيرك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد هل هذا كان امرا من الله عز وجل لابليس وجب عليه امتثاله طاعة لله جل جلاله؟ لا ليس هذا المعنى. ما الذي صرف اللفظ هنا ليس سياق الكلام هو المعنى المقصود عند المتكلم. كان المعنى هنا في الاية اخبار الله جل جلاله تمكينه لعنه الله واقداره على هذا واستفزز يعني فقد مكنتك من استطعت منه بصوتك واجلب عليهم فقد اقدرتك ومكنتك هذا المعنى ولم يحمل اللفظ على ظاهره اللغوي في الحقيقة ان الله امره فليأتي ابليس يوم القيامة لعنه الله يقول معتذر يا رب انت الذي امرتني فامتثلت. ليس هذا المقصود ولا فهم هذا المعنى. قال ومنه ايضا يمين الفور هذي ايظا من الامثلة التي تفهم بالاستعمال. قامت امرأة لتخرج من باب الدار. فقال لها زوجها ان خرجت فانت طالق فاذا خرجت وقع الطلاق. رجعت فجلست. ثم خرجت بعد ذلك اليوم. هل تطلق لا لان اليمين هنا للفور. كيف يعني؟ نعم كان قصده تلك الخرجة الا تخرج ولم يكن قصده شوف القرينة هنا قصده. فعدنا في القرين هنا الى دلالة تعود الى معنى المتكلم او يرمي معنى يرجع الى المتكلم يمين الفور كما يعرفه الحنفية يقول يمين مؤبدة لفظا مؤقتة معنى. قال ان خرجت فانت طالق فاللفظ مؤبد لكن المعنى مؤقت واراد ذلك الموقف تلك الساعة ذلك اليوم. هذه اما يمين الفور ما الذي صرف اللفظ هنا عن ظاهره وحقيقته في السياق؟ انما الدلالة العائدة الى المتكلم معنى ارجع الى المتكلم قال كما في يميني الفوري. نعم. قال وبدلالة في محل الكلام كقوله عليه السلام انما الاعمال بالنيات. وقوله ورفع عن امتي الخطأ والنسيان. هذه اخر القرائنة خمس دلالة في محل الكلام. اذا دلالة العادة دلالة اللفظ دلالة السياق دلالة قصد المتكلم والان دلالة في محل الكلام والمراد به ما يصدق به الكلام فلا يعتبر كذبا ويصح فلا يكون لغوا. وهذا مرتبط جدا بما تقدم معكم في دلالة المقتضى. ما يتوقف عليه صدق الكلام او صحته. فلفظ الكلام في ذاته لا يحمل على لفظه بحرفه اما يقول انما الاعمال بالنيات وانما للحصر. انما الاعمال اذا كنت تقصد وجودها في الخارج وحقيقتها لا تكون الا بنية فان هذا مغاير للواقع فرب عمل يعمله صاحبه بلا نية. قد يقول ان كانه يقول لا عمل الا بنية وفي الحقيقة توجد اعمال لا نية فيها لاصحابها. ما نفى هنا وجود العمل في نفى ماذا؟ نفى اجره وثوابه. يعني انما ثواب الاعمال بالنية. فاذا حتى يصح كلام فلا يكون باطلا ويصدق فلا يكون كذبا ويعتبر فلا يكون لغوا هذا متوقف على عدم حمل اللفظ على حقيقته. ما الداعي هنا؟ ما القرينة الصارفة؟ قال دلالة في محل الكلام. وضرب مثال قال انما الاعمال بالنيات. اذا عندما يكون محل الكلام غير قابل للحقيقة. ايش يعني غير قابل غير غير قابل يعني ان حملته على لفظه كان كذبا في الخبر او كان لغوا في الطلب. اذا على حقيقته حتى تنزه اللفظ عن اللغو وعن الكذب. ماذا تفعل؟ ستضطر الى حمله على غير حقيقته والقرينة هنا ان المحل يغير قابل للحقيقة. فاذا تترك الحقيقة وينصرف الى قوله انما الاعمال بالنيات. حقيقته ها؟ الا يوجد عمل الا بنية. لكنه متحقق. موجود يوجد عمل بلا نية قوله رفع عن امتي الخطأ والنسيان حقيقته ان لا يوجد في دنيا البشر خطأ ولا نسيان رفع الا يوجد خطأ ولا نسيان لكنهما واقعان وموجودان فحتى تخرج هذا اللفظ عن الكذب ستحتاج الى تقدير هذا التقدير هو مجاز لانه ليس في حقيقة اللفظ بل قرينة الصارفة هنا محل الكلام. قال دلالة في محل الكلام والدلالة هنا ان المحل غير قابل للحقيقة. فلابد من حمله على المجازي ليصدق ويكون الكلام كما قلت آآ ان يكون صادقا ان كان خبرا او يكون معتبرا ان كان طلبا فتنفي عنه الكذب واللغو. آآ هذا مثال عن امتي الخطأ والنسيان. اللفظ هكذا يأتي كثيرا دارجا في كتب الفقه والاصول. والامر كما قال الزيلعي المحدث الحنفي رحمه الله في نصب الراية يقول وهذا لا يوجد بهذا اللفظ. وان كان الفقهاء كلهم لا يذكرونه الا بهذا لفظي قال واقرب ما وجدناه بلفظ رفع الله عن هذه الامة ثلاثا. الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه رواه ابن عدي في الكامل من حديث ابي بكرة رضي الله عنه الى ان قال واكثر ما يروى بلفظ ان الله تجاوز لي امي امتي عن الخطأ والنسيان. قد تقول هذا يعني هي صنعة حديثية فقط لتصويب اللفظ الثابت لا. اللفظ الذي عليه تطبيق المثال لا يصح لانه يقول رفع عن امتي. اما حديث ان الله تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان فهو صريح بالتجاوز لا برفع حقيقة الخطأ والنساء فهذا لابد منه لان الاصوليين يضربون المثال الذي يصح به تطبيق القاعدة في قوله رفع والمرفوع ليس حقيقة الخطأ ولا حقيقة النسيان بل هو حكمهما. ثم ها هنا تفريع فقهي يذكره بعض الشراح. اذا كان المرفوع حكم الخطأ النسيان فهل هو الحكم الدنيوي او الاخروي؟ خلاف. ان كان الحكم الدنيوي فما هو الضمان والكفارة وارش الجنايات وقيم المتلفات وامثال هذا. والحكم الاخروي العقاب والعذاب باتفاق ان الحكم الاخروي مرفوع. يقول الحنفية طالما صرفنا اللفظ عن حقيقته الى مجازر ايه؟ الى مجازه. والمجاز هنا هو الحكم. والحكم هنا يتناول الدنيوي والاخروي فهو مشترك والمشترك لا عموم له فلا تحمله على معنييه في الحكم الدنيوي والاخروي. فاذا صح اتفاقا نفي الحكم الاخروي فيقتصر عليه. ولا داعي الى حمله على الحكم الدنيوي ورتبوا على هذا ما سائل تتعلق مثلا بفطر الناس تتعلق بصلاة المتكلم الناسي وامثال هذا فرتبوا عليه رفع الحكم الاخروي ولم يرفعوا الدنيوي بناء على تقرير هذا مبدأه. ان المسألة حمل فيها اللفظ او صرف اللفظ عن الحقيقة الى المجاز. فلما كان مجاز وكان مشتركا في مثل هذه الامثلة. ولتقرر عندكم فيما سبق انه لا يجري فيه العموم خلافا للشافعي فانه يكتفون بحمله على احد معنييه. التنبيه قبل الانتقال للمسألة التالية. الامام ابو زيد الدبوسي رحمه الله لما ساق القرائن الصارفة للفظ عن الحقيقة الى المجاز جعلها اربعة. والذي انقصه من هذه الخمسة هو دلالة سياق النظم وجعلها داخلة في دلالة اللفظ في نفسه فجعلها دلالة عادة ودلالة اللفظ ودلالة معنى راجع الى المتكلم ودلالة محل الكلام وانه غير قابل للحقيقة نعم. والتحريم المضاف الى الاعيان كالمحارم والخمر حقيقة عندنا خلافا للبعض التحريم المضاف الى الاعيان هذه مسألة مبنية على امر لا خلاف عليه. الاحكام الشرعية تنصب على الافعال او لا على الاعيان والذوات. كيف يعني؟ يعني تحريم الاباحة الوجوب. هذه الاحكام متعلقها فعل المكلف وليس ذوات الاشياء واعيانها. فانت تقول الخمر حرام حرام شربها او بيعها او شراؤها او صنعها او حملها ونحو هذا. لكن لا تستطيع ان تقول هذا الكرسي حرام هذا عين والحكم لا يتعلق بالعين. تقول الحرام وما هو الجلوس عليه او صنعه او بيعه او شراؤه ولهذا لما يسأل بعض المستفتين عن حكم بعض الاجهزة يقول ما حكم الجوال؟ ما حكم التلفاز؟ ما حكم الشاشات الاعيان لا توصف باحكام. انما الذي يوصف الفعل المتعلق بها. واذا تجوز الفقيه فقال هذا الشيء او هذا الشيء مباح فماذا يقصد؟ يقصد الفعل المتعلق به. طيب لو قال فقيه هذا الشيء مباح وعلق الحكم بشيء بذات بعين وليس بفعل. فهو مجاز صح؟ لم؟ لاننا لان الحكم لا يتعلق بالعين. هذه مسألتنا التحريم المضاف الى الاعيان في الشريعة هل هو تحريم حقيقي او مجازي حرمت عليكم امهاتكم. امك ذاتها حرام؟ طيب النظر اليها حرام؟ الجلوس والكلام معها وخدمتها المحرم شيء واحد. طيب دعك مما تفهمه انت من حكم متقرر عندك علما. كيف افهم اللفظ كيف اصنعها قاعدة اسير عليها في كل نصوص الشريعة؟ التحريم المضاف الى الاعيان كالمحارم والخمر كما قال رعاية النساء المحرمات المحارم حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم الاية. التحريم والمضاف والى المحارم هل هو تحريم حقيقي او مجازي؟ فيعود بهذا المثال الى اصل القاعدة. اتفقنا على ان الحكم متعلق بالفعل وليس بالعين والذات. طيب ماذا اصنع في النصوص الشرعية التي جاء فيها الحكم مضافا الى العين والذات كيف اصنع معه؟ ها هنا مسلكان كبيران باهل العلم فمنهم من يقول الحكم المضاف الى العين حقيقي منهم من يقول مجازي. طيب من يقول مجازي فهمناه لماذا قال مجازا. لما؟ لان العين ذاتها غير قابلة للحكم وانما الحكم متعلق بالفعل المتصل بهذه العين. فعندئذ لما يقول الشرع هذه العين حرام او هذه العين مباحة المقصود الفعل. الفعل المتعلق بها طيب كيف اعرف الفعل المتعلق؟ يعني لماذا قلت حرمت عليكم امهاتكم يعني النكاح؟ حرمت عليكم الميتة يعني اكلوها ليش جعلت المتعلق هنا اكل والمتعلق هنا نكاح لماذا هل هو اختيار يعني مكلف فقيه الاصولي المجتهد يفسر اللفظ في كل نص بهواه؟ الجواب لا. طيب كيف فهمنا انه حرمت عليكم امهاتكم؟ يعني النكاح طبعا باكثر من قرينة انا لا لا اناقش في فهمنا للاية ولا خلاف ولا احد قال ان المعنى في الاية وتحريم النكاح. انا اريد ان نصنع قاعدة تصلح للتطبيق في كل نص مشابه بحيث لا نختلف فانتبه معي الطريقة هنا ذات مسلكين عند اهل العلم. منهم من يقول هذا اللفظ في اظافة الحكم الى العين على حقيقته وهذه طريقة الحنفية. منهم من يقول بل هو مجاز. فهمنا المجاز لماذا قالوا هو مجاز. لان الحكم حقيقة لا ايتعلق بالعين بل يتعلق بفعل متعلق بالعين او متصل به او مرتبط به. وهذا مفهوم ولذلك قالوا هو مجاز والمجاز هنا عرفنا عرفنا مأخذه وانه لا يمكن اضافة الكلام اليه. طيب القائلون بانه مجاز هم الجمهور خلافا للحنفية وافقهم بعض الحنفية مثل مشايخ العراق ومنهم الامام ابو الحسن الكرخي. هو مع الجمهور في ان التحريم المبارك هنا ها مجازي ولذلك يقول هنا النسفي حقيقة عندنا خلافا للبعض. من قصد بالبعض؟ الجمهور لا بعض الحنفية وهم مشايخ العراق منهم وعلى رأسهم ابو الحسن الكرخي. فهو يقرر المذهب فيقول خلافا للبعض يعني بعض الحنفية منهم مشايخ العراق وابو الحسن كرخي. واما الجمهور فهم على هذا القول ان المال اضافة هنا او التحريم المضاف مجازي اه قبل ان انتقل لقول الحنفية اكمل طريقة الجمهور قالوا هو مجاز. طيب فالتحريم هنا مجاز لانه لا يتعلق بالعين حقيقة ثم اختلفوا اذا قلنا مجاز حرمت عليكم امهاتكم مجاز ليست الام عينها حرام بل نكاحها حرمت عليكم الميت ايه ده ؟ ليس عين الميت حرام، بل اكلها، طيب وجلدها؟ اختلفنا فيه. كيف تحرر؟ فمنهم من قال هو بل الحكم المضاف الى عين مجاز. فاذا صار مجازا احتجت الى ان تقدر الفعل المتعلق بالعين صح؟ فاذا كان الفعل المتقدر المقدر المتعلق بالعين غير محدد وسيكون اجتهادا فهو مجمل تعرف ايش يعني مجمل؟ يعني لا سبيل لك الى الحكم به والعمل به الا ببيان. وما لم يأتي فهو مجمل ستبقى هكذا في حي الاجمال فمنهم من يقول هو مجمل لا يصح التمسك به. وعلى هذا تقرير ابي الحسن الكرخي وبعض الشافعية لعبدالله البصري ابن المعتزلة حتى تفهم ما يرد في كتب الاصول لما يقول الحكم المضاف الى العين او مثل قوله تعالى عليكم امهاتكم مجمل عند الكرخي وابي عبد الله البصري. تعرف من اين جاء تقرير الاجمال؟ من انه ابتداء لا يصح حمل اللفظ على بل هو مجاز فلما كان مجازا واحتاج تقديرا لفعل وهو متفاوت ويصح تقدير افعال شتى لحرمت عليكم الميتة ام بيعها؟ ام لحمها ام جلدها؟ طب واذا دبغ ايهابها ستنتقل الى مسائل اخرى وتحتكم الى نصوص ثانية؟ قالوا هو مجمل يحتاج الى بيان فبعض طلبة العلم من لا يتصور ما اخذ الخلاف يظنه قولا شاذا ضعيفا ساقطا لا عبرة به لكنه مبني على الطريقة وعامة الجمهور غير ابي الحسن الكرخي وبعبدالله البصري وبعض من يقوله من الشافعية يقولون هو مجاز ولكن لا اجمال فيه كيف لا اجمال فيه؟ قالوا لانه امكن تقدير الافعال التي هي معلق الحكم المتصلة بالعين. حرمت عليكم امهاتكم هو النكاح الوطؤ حرمت عليكم الميتة اكلها ولحمها وما يتعلق بالنصوص الاخر صحيح ومجاز لكن لا اجمال في ايه؟ والعمل بما امكن حمله عليه من الدلالات. هذه طريقة الجمهور المبنية على ان التحريم المضاف الى الاعيان مجازي وليس حقيقة طريقة الحنفية طريقة اكثرهم طريقة غالبهم فخر الاسلام البزدوي ابي النسا في شمس الائمة السرخسي علاء الدين السمرقندي عامة الحنفية في المذهب ان التحريم المضاف الى الاعيان حقيقي وليس مجازيا. طيب كيف نفسر هذا ابتداء؟ الم نتفق على ان العين لا توصف بحكم فكيف يقولون هو حقيقة؟ قالوا هذه الاضافة حرمت عليكم امهاتكم. حرمت عليكم الميتة التحريم المضاف الى الام او الى الخمر او الى الميتة يقولون هو امارة لزوم التحريم وانه حقيقة كن متحققة والا ما استطعت اضافتها اليها في اللفظ فخرج به الكلام من ان يكون التحريم محلا للفعل بل هو للعين خذ طريقة اخرى يقولون المنع نوعان التحريم منع المنع نوعان منع الرجل عن الشيء ومنع الشيء عن الرجل قالوا منع الرجل عن الشيء كمنعه من اكل الخبز. ومنع الشيء عنه رفع الخبز من بين يديه. في النهاية تحقق في الصورتين معنى واحد وهو انه لم ينتفع به اما لانك منعته او لانك منعت الشيء عنه. فيقولون التحريم المضاف الى الاعيان من الثاني منع الشيء عن المكلف. فلما منع الشيء عن المكلف صحيح المنع تعلق بالشيء شيء وليس بالفعل انا ما منعته ان يفعل منعت الشيء عنه. فلما منعت الامهات عنه وحرمت الميتة عليه هو ومن قبيل منع الشيء عنه عن المكلف قالوا فاظافة التحريم بهذه الطريقة معنى حقيقي فاذا امكن حمل اللفظ على الحقيقة فلا معنى بالمصير الى المجاز. ونحن قررنا انه لا يصار الى المجاز الا عند تعذر الحقيقة او هجرها. وطالما امكن فلا وجه لانفصاله عنه والانتقال الى المجاز. السؤال هل يترتب على هذا الخلاف اثر؟ في الاخير سيقول الحنفي ما حكم ما حكم نكاح الام؟ وما حكم اكل الميتة؟ طيب ما اختلفنا؟ الاختلاف ليس هنا في المسائل ذاتها لكن يظهر الاختلاف جليل اذا ما تعارظ الدلالة هذه الالفاظ مع دلالات اخر. وانا اقول دلالتي هنا حقيقة وانت تقول مجاز. وايهما اقوى فاذا تعارضت هذه النصوص مع ادلة اخرى كان اللفظ فيها اقوى رتبة اغلب كان في الاعمال على هذه الدلالة. مثل ما قلت قبل قليل في مسألة الميتة حرمت عليكم الميتة. فاذا انا اقول هي حقيقة وانت تقول مجاز. ثم اختلفنا في يتعلق بجلد الميتة وايهابها. وانا اجعل هذا النص معارظا لنصوص اخر. وهو عندي حقيقة وعندك مجاز. فدليلك انت اضعف مع ان الحكم هنا في هذه النصوص عندنا واحد لكن الاختلاف سيظهر اذا ما جئنا الى مسائل اخر تتعارض فيها هذه الادلة مع غيرها او المسألة نفسها ويتجاذبها دليل اخر من نص شرعي اخر او دليل معتبر اخر فيكون التفاوت ها هنا باختلاف رتبة الدليل قوله رحمه الله والتحريم المضاف الى الاعيان كالمحارم والخمر. حقيقة عندنا قصد بالمحارم كما قلت لك حرمت عليكم امهاتكم ونحوها. وقوله والخمر ما التحريم المضاف الى الخمر ما النص؟ ما الدليل طيب هو اصلح الالفاظ في هذا حرمت الخمر لعينيها. لا يصح مرفوعا والصحيح عند النسائي موقوف عن ابن عباس رضي الله عنهما لكن الادلة والامثلة في هذا كثيرة مثل حرمت عليه الميتة والدم ولحم الخنزير كل هذه اعيان والمسألة والكلام فيها واحد. نعم. ويتصل بما ذكرنا حروف المعاني من هنا سينتقل المصنف رحمه الله تعالى الى باب اخر من ابواب دلالات الالفاظ وهو من الابواب التي اولاها الاصوليون عناية وهو قوله حروف المعاني. حروف المعاني هي حروف ذات دلالات ومعان تربط الاسماء بالافعال. فلها معان يترتب على معانيها اثر في استنباط من الدليل والاثر هذا لانه كبير ومتعدد ومختلف افرده الاصوليون بابواب لدراستهم هذه واحدة. الثانية هذه العناية الاصولية الفقهية من فقهاء الشريعة بهذا الباب من دلالات الفاظ مشعر بعظيم تعظيم اهل الشريعة لنصوصها. وهذا منطلق غاية في الاهمية بمعنى ان احد مظاهر اجلال علماء الشريعة لنصوص الشريعة وهي مظاهر كثيرة هذا واحد منها انه من دواعي تعظيم اهل العلم لنصوص الكتاب والسنة هو استغراق الجهد والوسع في فهمها. الى درجة انهم لم يتكلموا فقط عن دلالة الامر والنهي والعام والخاص بل اتوا حتى الى الحروف واجتهدوا في تقرير دلالات هذه الحروف على المعاني. هذا لون عجيب من تعظيم اهل العلم لنصوص الشريعة انهم يجعلون للفظ حكما ينبغي احترامه وفهمه. بل للحرف له حكم ودلالة ينبغي العناية بها لما يفردون الصفحات بل يتصلوا الامر الى افرادها بابواب بل ربما اتسع الى مصنفات مستقلة حديث عن حروف المعاني فقط من اجل بيان اثرها في الاية او في الحديث على الحكم الشرعي المذكور في ذلك النص لما يتكلموا في دلالة الباء هل هي للتبعيظ او للالصاق ويترتب عليه في قوله تعالى وامسحوا برؤوسكم في اية الوضوء ثم ينبني عليه من الخلاف هل يجب تعميم الرأس في مسح الوضوء؟ ام يكفي بعضه؟ فمن يقول للتبعيض؟ قال يكفي البعض ثم ويقدرون البعض باقل ما يكون وهو مقدار ثلاثة اصابع او الناصية باعتبارها موضع العمامة. او يجب استيعاب الرأس لان الباء ليست للتبعيض بل هي للصاق. يا اخي هذه الدقة العميقة في تفسير الحرف ودلالته والله هو من تعظيم نصوص الشريعة عند اهل العلم. لما عظموا النص وقفوا فيه. وتأملوا في دلالاته. ومن تعظيمهم له ان لكل جملة في النص قدرا من الفهم. بل لكل كلمة في الجملة بل للحرف في الكلمة فانظروا كيف جعل الاصوليون هذه الابواب لاستغراق الوسع في فهم النصوص الشرعية فهم يفهمون الكلام في سياقه ويفهمون الجملة في الكلام ويفهمون الكلمة في الجملة ويفهمون الحرف ايضا في سياق هذه الكلمات الامر المتصل بهذا ايضا ان تدرك رعاك الله ان تنويع ابواب دلالات الالفاظ التي جاءوا فيها الى دلالة المنطوق ودلالة المفهوم. ثم المنطوق منه ما هو صريح ومنه ما هو غير صريح. والمفهوم منه ما هو مفهوم موافقة ومنه ما هو مفهوم مخالفة. هذا التعدد ليس تفننا فقط في التقسيم والتنويع. بل هو استيعاب الجهد في محاولة استنفاذ كل ما يحمله اللفظ الشرعي من دلالات. فيستنبطون حكما من منطوقه واخر من مفهومه مفهوم الموافق والمخالف منطوقه الصريح غير الصريح. لو لو خير اليك ان اللفظ شيء محسوس لالفيتهم يستوعبون دلالته من يمين وشمال واعلى واسفل من فوق ومن تحت ومن كل جهة فلا يدعون موضعا يمكن لهم في نص الوصول الى الحكم ولو من اضيق الطرق واقلها الا فعلوا. هذا بناء على انهم فهموا تماما مثل قول عز وجل كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. فالحكيم كلامه مقصود فيه كل كلمة بل كل حرف. والخبير جل جلاله لما شرع لعباده الاحكام لهم ما يحتاجون وما يهمهم فما لو غفلوا عنه لفاتهم منه ما يحتاجون اليه في معادهم او معاشهم هذه قضايا مبنية على اصول عقدية وايمانية حصلها العلماء فتربوا عليها. طالب العلم لما يسلك في بدراسته في الاصول والفقه هذه الابواب ينبغي ان يستصحب ظلال هذه المنطلقات وهو يسير في ركابها ان العناية ليست هي فقط من قبيل الادوات والمسائل والخلاف والترجيح هو مبني على هذا الباب العظيم. ولذلك لما يقول الحنفية لا عبرة بمفهوم المخالفة وسيأتي تفصيل ان شاء الله. ويقول الجمهور بل هو حجة. اتظن ان مثل الحنفية ومن وافقهم في عدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة كان بناء على اهمال باب من دلالات اللفظ التي يمكن توظيفها ابدا. بل هو من باب انه انت ما باحترام الشريعة ونصوصها عدم الاجتراء على اضافة حكم لا نستطيع الجزم بان اللفظ يحتمله هو ايضا عائد الى تعظيم نصوص الشريعة واجلالها وتوقيرها وتقديسها. فالباب هذا عظيم. كل ابواب دلالات الالفاظ حافلة بهذا لكن اقول يظهر جليا في مثل هذه القضايا وهي حروف المعاني. حروف المعاني اذا هي هذه الحروف التي كانت لها معان في النصوص الشرعية وهي من قبل ذات معان في لغة العرب ولسان العرب وكلام العرب. ومن اهل العلم من ارباب باللغة من صنف في حروف المعاني استقلالا تصنيفا نحويا لغويا خالصا لا علاقة له بالاصول ولا بالفقه كما صنع ابن هشام وكما صنع صاحب رصف المباني وكما صنع كثيرون. فهم يفردون حروف المعاني باستقلال يتكلمون هنا نحويا ما دلالة الواو عطفا؟ وما دلالتها اعرابا؟ وما يترتب عليها من احكام لغوية؟ وكذلك الفاء وثم والكاف واللام الى اخره. فافردوا لها مصنفات. هذا التقرير اللغوي هو اصل التقرير الشرعي عند الفقهاء والاصوليين. اليست النصوص الشرعية كلاما عربيا واساليب عربية واستعمالات عربية فهي مبنية عليها. لكنه للامانة ومن غير تحيز فان ارباب الاصول لما تناولوا هذه المسائل وهي مبحوثة لغوية عند ارباب اللغة اضافوا عليها قدرا من العمق لم تصل اليه الدراسة اللغوية البحتة. لانها كما قلت مصحوبة بلون اخر من المقاصد. تعظيم الشريعة والغرض الى حكم فتلفى عندهم لولا من العمق وقدرا من تناول دلالة تلك الحروف على معاني ما لم يصل اليه التقرير اللغوي في كتب اهل اللغة وفي دراستهم لهذه الابواب. عامة كتب الاصول تجعل هذا مبحثا وسط دلالات الالفاظ قبله بعد في اثنائه فيقولون حروف المعاني. اذا حروف المعاني اضافوها الى المعاني احترازا من حروف التهجي. فالكل حروف فلما يقولون باب الحروف ولا يقولون باب استعمال الحروف يقولون حروف المعاني حتى تخرج حروف التهجي الف با تا لا يقصدون دلالة الحرف بل الحرف ذو المعنى. والحرف ذو المعنى هو الذي يصل الاسم بالفعل. في الكلام فيربط به المعنى تقول سرت من الكوفة الى البصرة ومن مكة الى المدينة لو حذفت من والى ما صح الكلام ولا استقام ولا فهمت شيئا فهي حروف معاني اللغويون والنحات يقولون في تعريف الحرف او في التفريق بينه وبين انواع الكلام الاخرى الاسم والفعل يقولون ما لا دلالة له في نفسه لكن دلالته مرتبطة بغيره. لما يقولون لا دلالة له في نفسه ليس معناه انه لا فائدة منه. بل دلالة غيره متوقفة عليه. نعم الاسم دلالته في ذاته غير مرتبط بزمن. والفعل دلالته في نفسه مرتبطا بزمن. الحرف لا دلالة له في نفسه لكن دلالته بارتباطه مع غيره ولهذا سموه حروف المعاني. ايضا قولهم حروف المعاني هو من باب التغليب. حروف المعاني. وفي في هذه الادوات والالفاظ منها ما هو حروف ومنها ما هو اسماء. مثل اذا شرطية ومتى هذه اسماء؟ يا اخي قالوا حروف المعاني من باب التغريب فانها الاكثر. حروف المعاني في اخر هذه المقدمات كثيرة ويبتدئون عادة بحروف العطف الواو والفاء وثم فلم؟ لانها الاكثر استعمالا والاكثر تداولا وورودا واثرها ايضا في فهم المعاني اكثر وضوحا من غيرها. اخيرا هذه الحروف حروف المعاني على كثرتها ترد في مواضع من الاصول السؤال هو لماذا جاء بها الامام النسفي رحمه الله هنا وسط كلامه عن الحقيقة والمجاز. وسيطول بنا هذا الباب جدا حروف المعاني لانه يعني تناول كثيرا من الحروف يعني لن ننتقل الى الصريح والكناية الا بعد مجالس عدة حتى نفرغ من الحروف واذا جاء لكل حرف ذكر معناه او معانيه وذكر مسائل فقهية مترتبة على هذه المعاني توزع عليه ويصنع هذا في كل حرف. السؤال هو لماذا وضعه هنا عقب الحقيقة والمجاز؟ ما وجه الاتصال بين حروف المعاني وبينما يتعلق بمسائل الحقيقة والمجاز؟ الجواب هو ان هذه الحروف حروف المعاني تارة تستعمل فيما وضعت له فتكون حقيقة. حقيقة. وتارة تستعمل في غير موضوعها الاصلي فتكون مجازا فاذا قلنا ان الواو في معناها كذا. ثم قد تفيد الواو مثلا يقولون لمطلق الجمع. لا لمعية مقارنة ولا ترتيب ثم يقولون من معاني الواو ان تكون للحال هذا معنى اخر من معاني الواو ان تكون للقسم هذا معنى اخر والسياق يحكم ولكل معنى من هذه المعاني للحرف الواحد دلالته واثره في الجملة واثره ايضا في الاحكام انتبه الى ان تقرير حروف المعالي في هذا الدرس الاصولي في كتب الاصول يستفاد منه في موضعين. احدهما وهو الاهم في النصوص الشرعية هذه الفوائد هذه التقعيدات هذه الاحكام بالحروف ومعانيها موضعها الاهم وبابها الاساس والاكبر هو النصوص الشرعية ان ترد في لفظ اية او حديث. فما يتم تقريره يتم تطبيقه. وما يترجح هنا في التنظير سيكون في التطبيق بغض النظر عن الترجيح والمذهب الذي ينتمي اليه. الموضع الثاني الذي تستفاد فيه دلالة هذه على معانيها ما هو هو الفاظ المكلفين وعبارات في العقود في الالفاظ التي تترتب عليها احكام مثل الاقرارات مثل الانكحة مثل الطلاق مثل العتق الى اخره. سواء في مقام القضاء والتحاكم والتقاضي والترافع عند الحاكم او ديانة فيما بين المرء وربه عز وجل ما الاثر المترتب عليها من احكام على تلك الجمل والعبارات والالفاظ. طيب هذا الباب واسع ومتصل واول ما يذكر فيه المصنف رحمه الله تعالى الواو وفيها مسائل متعددة افضل ان يكون الاستئناف منها في مطلع الدرس القادم ابتداء حتى لا نقف في اثنائه ويكون الحديث عن الواو ثم الفاء وثم وما يتلوها تباعا ان شاء الله تعالى نسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والهدى والرشاد والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين