بسم الله الرحمن الرحيم تحييكم مؤسسة الامام البخاري الاسلامية بمكة المكرمة ويسرها ان تقدم لكم هذا اصدار قلب رمضان النابض واريجه الفواح. لفضيلة الشيخ الدكتور حسن ابن عبد الحميد بخاري. نسأل الله تعالى ان ينفعنا بما نسمع. الحمدلله تعالى زين الشهور بشهر رمضان واودع فيه عظيم كرمه وواسع الغفران وخص عباده المؤمنين بليلة القدر من سائر الازمان احمده تعالى واشكره واستعينه واستغفره جل جلاله وعم فضله ونواله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له رحماته واسعة ونفحاته متتابعة واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله. وصفيه وخليله خاتم الانبياء وسيد الاصفياء صلى الله ربي عليه. وعلى اله وصحابته الابرار ومن تبعهم باحسان وسلم تسليما كثيرا اما بعد فالزموا عباد الله وصية ربكم لكم وللامم من قبلكم. ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم قم واياكم ان اتقوا الله. فانكم قوم صائمون. والصوم عبادة تورث التقوى. كما قال ربكم جل قالوا يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون معشر الصائمين نعيش فيما تبقى من شهرنا المبارك هذا اياما فاضلة وليالي مباركة. نشيع بها شهر الخير والبركات ونودع بها مواسم الرحمة والنفحات. اياما اودع فيها الباري من المنح العفو والعتق من النار ما لا يوجد مثله سائر ايام العام. ان العشر الاواخر ايها الصائمون خلاصة الشهر وعصارته وبهاؤه وزينته وجماله وحلاوته. هي قلب رمضان واريجه الفواح. ولئن صفت قلوب المتقين في اول رمضان فهي في هذه العشر اصفى ولئن خشعت قلوب التائبين في رمضان وذرفت عيونهم فهي في هذه العشر اخشع. ولئن طمع الصالحون من اول رمضان في عفو الله ورحمته والعتق من ناره. فهي في هذه العشر اطمع الاسلام مضى من شهر كم هذا ثلثاه وانتم في ثلثه الاخير هذه العشر المباركات التي يستقبلونها ليلة اليوم وعشركم هذه مباركة عظيمة ويوشك شهركم على الفراق بعد ان رتعت فيه الارواح في رياض الجنة واستمتعت النفوس في عبير الطاعة وانسها. كم يزداد تعلق الصالحين ايها الصائمون بالعشر الاواخر من رمضان على وجه الخصوص. لما اودع فيها من الهبات والنفحات. لما لا وفيها ليلة خير من الف شهر. انزل الله في شأنها سورة تتلى الى يوم القيامة. فقال ربكم عز اسمه انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم من كل امر. سلام هي حتى مطلع الفجر وقد قال عليه الصلاة والسلام عنها من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فيما اخرجه ابن ماجة بسند صحيح من حرمها فقد حرم الخير كله. ولا يحرم خيرها الا محروم من اجل ذلك فقد كان بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام يخص العشر الاواخر بمزيد اجتهاد في عبادة ربي والتقرب اليه سبحانه. تحريا لهذه الليلة العظيمة وترقبا لها. وهو المغفور له صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر. تقول ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الاواخر ما لا يجتهد في غيره. اخرجه مسلم بل كان عليه الصلاة والسلام يستنفر طاقته واهل بيته ومن حوله. فكان اذا دخل العشر احيا ليل وايقظ اهله وجد وشد المأزر. يعني اجتهد وبذل. وقيل معناه يعتزل النساء اشتغالا بالعبادة وتفرغا لها. اجل ايها الصائمون انه استنفار شديد لامر عظيم. اتدرون ما هو؟ انه الجنة من اوسع ابوابها. فمن ذا الذي يسعه ان يزاحم الخلائق عليها في تركها لغيره. ومن ذا الذي يعيش ايام الرحمات وساعات النفحات فيعيشها في غفلة او لهو او اعراب فهل لك عبدالله؟ هل لك في مناسبة تستدرك فيها ما فات من عمرك؟ وهل لك في ساعات يضاعف لك فيها العمل؟ هل لك في امسية تصافحك فيها الملائكة امينهم جبريل عليه السلام فيسلمون عليك ويدعون لك ويؤمنون على دعائك. ام هل لك في لحظات ان وافقتها اخرجتك من ذنوبك التي قدمت هل لك في ليلة لا تدرك قدرها العقول ولا تفي بها الاقلام حتى قال ربكم وما ادراك ما ليلة القدر. انها ليلة القدر المختبئة بين الليالي العشر المقبلة ايها الصائمون وصفها الله بالبركة. فقال والكتاب المبين انا انزلناه في ليلة مباركة. مباركة لكثرة خيرها وبركتها وفضلها. فمن اعظم بركاتها تخصيص الله العظيم اياها لانزال كلامه العظيم جل جلاله فيها. ففي ليلة القدر القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا. كما قال حبر الامة وترجمان عبدالله بن عباس رضي الله عنهما من بركتها انه يفرق فيها كل امر حكيم. اي قدروا فيها مقادير الخلائق على العام. وهو التقدير السنوي الذي يفصل من اللوح المحفوظ الى الكتبة بما تكون من امر السنة في الاجال والارزاق والاعمار. في كتب فيها الاحياء والاموات. والناجون والهالكون والسعداء والاشقياء والحاج والداج والعزيز والذليل والقحط او الجدب وكل ما اراد الله في تلك السنة من بركات ليلة القدر نزول ملائكة الله وهي التي لا تنزل الا بخير وبركة ورحمة. يهبطون من كل سماء ومن سدرة وفي المنتهى فينزلون الارض ومعهم جبريل عليه السلام فيؤمنون على دعاء الناس ويسلمون على انفسهم على المؤمنين في المساجد حتى يطلع الفجر كما قال ربكم سلام هي حتى مطلع الفجر اما انها ليلة عظيمة خير من الف شهر قال النخاعي رحمه الله العمل فيها خير من العمل في الف شهر ايها الموفقون للخيرات لقد كان من تمام اجتهاد نبيكم صلى الله عليه واله وسلم في هذه العشر الاواخر من اجل تحري القدر واصابتها ان يعتكف في مسجده. كما قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله. ثم اعتكف ازواجه من بعده عليه ان روح الاعتكاف ايها الصائمون هو تخلية القلب لله والالحاح في طلب عفوه ونيل رضاها قال عطاء رحمه الله مثل المعتكف كرجل له حاجة الى عظيم. فجلس على بابه وقال لا ابرح حتى تقضي حاجتي. فكذلك المعتكف يجلس في بيت الله ويقول لا ابرح حتى يغفر الله لي. انقطع العلائق عن الخلائق اياما وليالي دودات في بيت من بيوت الله يفجر في النفس روحا من المصارحة والمطارحة. تجعلها تقبل على نفسها احاسبها وعلى عيوبها فتقومها. وعلى خيراتها فتزيدها حرصا واعتناء. وعلى ربها فترتمي على بابه نادمة تائبة مستغفرة فتصفو النفس وتهذب وتسمو في سماء الايمان. ان كان الاعتكاف مسنونا ايها الصائمون في العشر كلها. فان الاخذ بحظ منه في بعظ الايام. بل ببعظ الساعات امر مشروع كما ذكره اهل العلم. فجل الطاعات في رمضان ان لم تكن كلها تتهيأ للمعتكف له فهو يشهد الصلوات جماعة في الصفوف الاول. ويحافظ على الاوراد والسنن والنوافل. ويتفرغ رأت القرآن ويقبل قلبه على ربه فيدعوه ويناجيه في كل ان. وربما اسهم في تفطير الصائمين والاطعام والصلاة بالليل والناس نيام الى اخر ما تجمعه تلك الطاعة الجامعة للطاعات اشد العزائم معشر الصائمين. واستحثوا الهمم واستبقوا الخيرات. وسلوا ربكم الرحمة والعفو والغفران قم ولسائر المسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات. ان ربكم تعالى غفور رحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه اللهم وصلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد الصائمين فهذه خصال من الهدي النبوي الذي كان عليه الصلاة والسلام يحرص عليه في ليالي العشر الاواخر من رمضان في الصحيحين من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قولها كان رسول الله صلى الله عليه سلم اذا دخل العشر احيا الليل وايقظ اهله وجد وشد المأزر. فهذه خصال ثلاثة احياء الليل باكمله والمعنى انه لم يكن صلى الله عليه وسلم ينام في شيء منه ويشتغل قياما وقرآنا وصلاة ودعاء. انها الليالي التي ترتقب فيها ليلة القدر. فما حظ المسلم من ربه فمزيد التفرغ والعناية. ووالله الذي لا اله الا هو لو قيل للعباد اجتهدوا في ثلاثين ليلة لتدركوا ومن بينها ليلة يغفر فيها كل ما تقدم لكم. لكان ذلك حريا بالنصب والاجتهاد. فكيف وهي عشر ليال معدودة ما احوجنا الى ان نتخلى عن الشواغل والصوارف والملهيات وسائر ما يصرف العبد عن ربه هذه الليالي الفاضلة ان نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه كان يحيي ليالي العشر اواخري من رمضان واما الخصلة الثانية فهو قولها وايقظ اهله انها الدعوة الى ان يكون اهل البيت جميعا صغارا وكبارا. الزوجات والاولاد بنون وبنات مشاركين في هذه الطاعة ويتربى الجميع على ارتقاء الفرص والتعرض لنفحات ربنا الكريم. انها التربية على معاني الايمان والطمع فيما عند الله من عفو ومغفرة ورضوان. واما الخصلة الثالثة فقولها وجد وشد المأزر هو العزم على الطاعة والاجتهاد البالغ حتى يصل العبد الى ما لا مزيد عليه. ولهذا قالت كما في صحيح كان يجتهد في العشر الاواخر ما لا يجتهد مثله في رمضان. فكان يخصها بمزيد اجتهاد واعتناء عليه الصلاة والسلام. واما الخصلة الرابعة فكما في الصحيحين تقول رضي الله عنها كان اذا دخل العشر احيا الليل وجعل عشاءه سحورا. فكان عليه الصلاة والسلام لا ينشغل حتى بالطعام. فاذا افطر على تمرات او رطبات او حسوات من ماء جعل الاشتغال بالعشاء الى وقت السحر تفرغا للعبادة وانتصابا لها. وما عسى ان يكون طعامه صلى الله عليه وسلم مشغلا له. والذي لم يكن يصرغ فيه الوقت ولا يمد فيه الموائد. لكن ان يجعله سحورا عليه الصلاة والسلام فهي رسالة تعني مزيدا من العناية والاجتهاد. والاقبال التام على ربه سبحانه وتعالى اما الخصلة الخامسة فقد اخرجها الحافظ الضياء المقدسي باسناد مقارب عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان رمظان نام وقام يعني ينام شيئا من الليل ويقوم بعظه. فاذا دخل العشر جد الليل واغتسل بين الاذانين. يعني يغتسل بين المغرب والعشاء. قال اهل العلم تنشيطا على الطاعة واستعدادا للعبادة التي يقضي فيها جوف الليل حتى يطلع الفجر فيكون عونا له على مزيد اقبال على رب سبحانه وتعالى فتقربوا الى ربكم بما يفتح به عليكم. ثم هي ايام معدودات توشك ان تنقضي. واعلموا رعاكم الله ان احدكم اذا اقبل على ربه يدعوه ويناجيه ويسأله من خيري الدنيا والاخرة له ولاهل بيته ولكل من يعز عليه فلا ينسين احدكم رعاكم الله اخوة له في الملة والعقيدة ابتلاهم ربهم عز وجل بمحن وكربات. اخوة لكم في العراق والشام. وغزة ومصر واليمن وليبيا وبورما. اولئك المستضعفون المنكوبون حق احدهم علينا في اقل الواجب الذي يناط برقابنا ان نخصهم ونشركهم في دعائنا في الاوقات الفاضلة اللهم فارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. صلوا وسلموا على الهادي البشير والسراج المنير فقد قال ربكم ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد. وارض اللهم عن ال بيته وصحابته والتابعين. وارضى عنا معهم بعفوك يا اكرم الاكرمين اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم الزمنا عتبة العبودية. وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية يا اكرم الاكرمين. اللهم اعز دينك وانصر عبادك المؤمنين. فوق كل ارض وتحت كل سماء يا اله العالمين. اللهم احفظ اخوتنا المستضعفين من بين ايديهم ومن خلفهم. وعن ايمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم واعذهم بعظمتك ان يغتالوا من تحتهم. لا اله الا انت ولا رب سواك. اللهم ان بني صهيون قد طغوا وبغوا وامعنوا في العداء رباه انهم لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة فارنا فيهم يا ربي قدرتك زلزل الارض من تحت اقدامهم. واقذف الرعب في قلوبهم. وصب العذاب فوق رؤوسهم. وانزل عليهم عذاب ورجزك الذي لا يرد عن القوم المجرمين. اله الحق يا سميع الدعاء. اللهم يا هازم الاحزاب يا منزل الكتاب يا مجري السحاب اهزم اليهود شر هزيمة وخذهم اخذ عزيز مقتدر. اللهم لا ترفع لهم في الارض راية واخز ونكل بهم واجعلهم لغيرهم عبرة واية. اللهم احفظ عبادك المؤمنين وانصر المجاهدين وافرغ عليهم صبرا وثبت اقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم امنا في اوطاننا ودورنا واصلح وارشد وسدد ائمتنا وولاة امورنا. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين وختاما تقبلوا تحيات اخوانكم في مؤسسة الامام البخاري الاسلامية بمكة المكرمة. هاتف خمسة ثلاثة اربعة اثنان ستة سبعة. وعلى الناسوخ خمسة اربعة. تسعة خمسة سبعة تسعة. وجزى الله شيخ خير الجزاء وجعلها في موازين حسناته يوم يلقى ربه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته