بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي شرع لعباده صيام رمضان ليكونوا متقين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وصفوة الله من خلقه اجمعين. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد معشر الصائمين فان من معاني الصيام العظيمة التي يتعين علينا امة الاسلام ان نتدارسها وان نتواصى بها وان نتذاكرها المعنى الجليل الذي جعل حكمة لمشروعية الصيام اقصد بها تحقيق التقوى فان الله سبحانه وتعالى قد قال يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. اياما معدودات هذه اول ايات الصيام في سورة البقرة وهي صريحة في ان الله عز وجل كتب الصيام علينا اهل الايمان وجعل ذلك من من اجل الوصول الى الحكمة الجليلة لعلكم تتقون وفي اخر ايات الصيام كذلك وهي تتناول احكام الصيام والمفطرات وما يتعلق بالاعتكاف جاء في اخر اية هذا السياق في قوله احل لكم ليلة الصيام جاءت في خاتمتها قول الله سبحانه كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم تكون فان تكون ايات الصيام في سورة البقرة مبتدأة باية ختامها لعلكم تتقون مختتمة باية كان ختامها ايضا كذلك يبين الله اياته للناس لعلهم يتقون هذه دلالة صريحة واضحة ان عباداتنا في الاسلام معشر المسلمين ليست مجرد هيئات ظاهرة ولا هي حركات الية ولا رسوم جوفاء. هي عبادات جليلة نتقرب بها الى رب البرية. والله عز وجل انما نريد من العبادات تقوى العباد. اجل كل العبادات يقول الله سبحانه وتعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم الذين من قبلكم لعلكم تتقون كل عبادة شرعت لنا في الاسلام انما يراد لنا بها ان نصل الى حقيقة التقوى التي جاءت صريحة في هذه الاية الكريمة في الصيام يقول الله لعلكم تتقون في الصلاة يقول الله وان اقيموا الصلاة واتقوه. وهو الذي اليه تحشرون في الزكاة يقول الله سبحانه وتعالى ورحمتي وسعت كل شيء فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون. والحج ايضا كذلك فان ان الله قال وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب. وقال في ايات الحج ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. وقال في الهدي والذبح في البدن. لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم عودا الى الصيام معشر الصائمين لنقول طالما فرضت علينا عبادة جليلة كالصيام فانما يراد لنا بها ان نحقق التقوى التقوى التي يقول عنها الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انها الخوف من الجليل والاستعداد للرحيل والعمل بالتنزيل ويقول عنها طلق بن عدي رحمة الله عليه هي ان تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو رحمة الله وان تحذر معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله هذه العبارات الجليلة التي تصف لنا التقوى هي من اجل ما جاء كثيرا جدا في نصوص الكتاب والسنة من الامر بالتقوى حث عليها وبيان فضائلها ومكانة اهلها المتقين عند الله حسبنا ان الله عز وجل علق كل خير يرجى في الدنيا وفي الاخرة على تحقيق التقوى. ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له اجرا اذا هو المخرج من المضائق وسعة الارزاق وتيسير العسير وتكفير السيئات وتعظيم الدرجات كل ذلك بتحقيق التقوى. يأتي الصيام كل سنة في رمضان. ليسوق العباد نحو مدرسة التقوى. فيتعلمون منها كيف يكونون اتقياء اجل الصيام منهج عجيب شرعي حكيم في ان يأخذ العباد نحو سلم التقوى للارتقاء فيه درجة اذا كانت التقوى في حقيقتها هي ان نجعل بيننا وبين عذاب الله وقاية وان نتقي سخط الله وعقابه. وذلك بامتثال اوامره والانتفاف عن محارمه. فاننا نمارس هذا حقيقة في الصيام معشر الصائمين السنا في الصيام ندعوا الطعام والشراب وسائر المفطرات من الفجر حتى غروب الشمس. وان لم يطلع علينا من البشر احد وان لم ير حقيقة هذا الصيام الا الله سبحانه وتعالى. هذا المعنى هو جوهر التقوى. ولذلك يقول الله عز وجل في الحديث القدسي كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها وهذا ميزان الكرم الالهي مضاعفة الحسنات بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. والله عز وجل واسع الفضل. وهو ذو الفضل العظيم. يقول كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها الا الصوم فانه لي وانا اجزي به لما يقول الكريم سبحانه ان اجر الصيام عنده وعليه جل جلاله يأتي هذا معللا بقوله سبحانه وتعالى في هذا الحديث القدسي قال يدع طعامه وشهوته من اجلي انه الاخلاص انه الخفاء انه التقوى التي يراد لنا بالصيام ان نصيبها معشر الصائمين هذه حقيقة عظيمة وهي مرتبة شريفة يتنافس فيها الصالحون يتسابق اليها الاولياء لينالوا هذا الشرف العظيم لما وصف الله الاولياء وهم صفوة البشر بعد الانبياء عليهم السلام. قال الله عز وجل في اخص اوصافهم الا ان اولياء الله خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم امة الاسلام معشر الصائمين في طريق تحقيقنا للتقوى بالصيام علينا ان نجعل نصب اعيننا انه ليس المطلوب من صيامنا جوع ولا عطش وليس المطلوب منا الاستكثار من تناول الطعام والشراب وسائر المباحات ليلا حتى الفجر لننهمك بعدها في نوم متصل او كسل عميق حتى انتظار المغرب لافطار على مثل ما تسحرنا عليه من يظن ان الصوم هو اختبار لقدرة التحمل على الجوع والعطش فقد اساء الظن بربه وما فهم حكمة الصيام ليس اختبارا وليس كشفا عن قوة تحمل البشر على صبرهم عن الطعام والشراب. والا فان بعض البهائم اكرمكم الله لها اكثر من قدرة البشر فيه تحمل ذلك وليس يعقل فيها معنى الصيام هذا الذي نفهمه ايضا من قول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي في الحديث الصحيح من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. قول الزور قيل هو الكذب وقيل هو كل باطل والعمل به يعني بمقتضى هذا الكذب والباطل في بعض الروايات والجهل من لم يدع في صيامه هذه الامور الباطلة من الزور والكذب والجهل قل فليس لله حاجة بان يدع طعامه وشرابه. الله غني عن صومك هذا ليس معنى هذا انه قد افطر وفاته صومه ذاك اليوم لكن المقصود انه ما انتبه الى حقيقة المقصود من الصيام بصيامه وهو ان يحافظ على تقواه. التقوى التي تمنعه عن الكذب عن الزور. التقوى التي تجعله مستشعرا انه عبد صائم. فان سابه احد او شاتمه فليقل اني امروء صائم هذه التقوى يا كرام هي المعلم الكبير الذي نسعى اليه امة الاسلام. والذي نحرص على التواصي به والتذكير به. وان ننهض بانفسنا وباهل بيوتنا وبالامة كلها من حولنا ان نعيش معنى هذا المقصد الشرعي الكبير. وهو تحقيق التقوى لله جل جلاله بعبادتنا في الصيام احسب انني اوجزت ما يتعلق بهذا المقصد الكبير وربطه بعبادة الصيام. دعونا اذا ننتقل الى الحديث عن خطوات عملية نحافظ بها على تقوانا لله ونحن صائمون معشر الصائمين. اجل فهذا مهم للغاية كيف استطيع ان اصل الى التقوى في الصيام؟ واذا بلغت هذه المرتبة العظيمة كيف احافظ عليها هذا يقودنا الى سلوك يومي يمارسه الصائم في ليله ونهاره ايام رمضان على حد سواء. ورأس ذلك معشر الصائمين لبلوغ تقوى الله امتلاء القلب بتعظيم الله واجلاله. فانها عتبة هذا المدخل الكبير لتحقيق التقوى لله يقوم قائم التقوى في قلب العبد كلما عظم الله وكلما احبه وخافه ورجاه هذه المعاني العظام عبادات قلبية جليلة. اعلى الاسلام شأنها وعظم امرها. فاذا نظم العبد ربه عظم ما عظم الله. والله عز وجل عظم العبادات مثل اركان الاسلام. فان نعظمها ان تمتلئ قلوبنا ونحن نؤديها انها عبادات عظيمة اجرها كبير وهي ثقيلة في الميزان عند الله. ونحن نؤديها طواعية وامتثالا وحبا وخضوعا وانكسارا نتقرب الى الله عز وجل ونقدم عبادة نحب نحب ان نجدها في صحيفتنا يوم نلقى الله وملؤها تلك كالمعاني السامية وليست عبادات تلفق كيفما كان. هذا من صميم معنى التقوى لله عز وجل في العبادات عموما وفي الصيام خصوصا يا معشر الصائمين ايضا من سبل تحقيق التقوى والاستكثار من الطاعات. الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فاستكثر عبد الله من الطاعات والعبادات والحسنات في نهار رمضان وانت صائم لتنال التقوى. وفي ليل رمضان وانت قائم وفي غيرها من العبادات لتنال التقوى. كلما استكثر العبد من الطاعات عاد وزاد في رصيده من الحسنات كان حريا بان يكون في عداد الاتقياء الصوم وحده ثقيل في كفة الميزان فكيف اذا خلط الصائم صومه بايات قرأها ودمعات ايضا ذرفها وخشوع حرك جوارحه واعضاءه وصدقات بذلها وتعاهد وبر واحسان وكلام طيب وسائر وجوه الحسنات. الذكر والاستغفار والدعاء عبادات جليلة من شأنها ان تثقل كفة ميزان العبد وهو ينشد الوصول الى تقوى الله عز وجل. وكذلك الشأن في ليل رمضان فانها ساحة واسعة للتنافس يتسابق فيها الصالحون ايهم لله اتقى وايهم في رمضان عند الله اسبق وارقى. اذا تحدثنا عن الاستكثار من الطاعات من الضرورة ان نفهم يا كرام ونحن صائمون ان نفهم انه يقابل ذلك الانكفاف عن المعاصي. ومجاهدة النفس في التخلص من سيئاتها ليست مطالبة بالعصمة فلسنا اهلها وليس المطالب كذلك ها هنا ان يكون احدنا في معزل عن اقتراف ذنب وخطيئة فكلنا خطاء. لكن المقصود ان نكون ونحن وننشد التقوى في رمضان اكثر مجاهدة للنفوس في التخلص من سيئاتها التي طالما ادمنت عليها. وطالما نجح الشيطان في بان يوقعنا في فخاخها وشراكها وحفرها. ان الاوان لان يقول احدنا لشيطانه اذا ما وسوس له بمعصية وذنب وخطيئة ان اقول له اليك عني واعوذ بالله منك فاني صائم تسلح بصومك عبد الله فانها جنة تتقي بها كثيرا من سهام الشيطان. اي والله. واجعل من صيامك حصنا حصينا تتدرع به وتتقوى. هي جولة ايها الصائمون من جولات الجهاد مع الشيطان والنفس الامارة بالسوء يكسب فيها المؤمن الجولة ويكون فيها اقوى وينتصر. ليثبت بعد ذلك ان انه قادر على تجاوز تلك العقبات التي طالما ظنها جدارا مغلقا وابوابا حصينة. بالصيام يا كرام. نحن نحرص على الوصول الى اعلى المراتب واسمى الدرجات. دعونا نتأكد ونؤكد على ان الابتعاد والمجافاة عن كل ما يخرم صوم الصائم وينقص من حسناته ويذهب كثيرا من اثر الطاعة علينا ان نتلافاها في رمضان. ابواب السيئات كثيرة ومداخل الشيطان بالمعاصي عديدة لكنها في رمظان انما تكثر بين الناس في امور ما زالت هي منتشرة بينهم واقصدوا بذلك سيئات البصر وكذلك حصائد الالسن. فالله الله ونحن صائمون امة الاسلام ان نحافظ على البصر من الاطلاق فيما حرم الله عز وجل. واما القنوات والشاشات والاستسلام لها وان يكون الصائم اسيرا متابعة ما تعرضه وفيها ما يخدش الحياء ويتجاوز حد الشريعة وربما اصاب شيئا عظيما من امور الاسلام قواعده العظام كل ذلك والله مما يجب ان نتواصى به لنربأ بانفسنا ونحن صائمون عن الانجراف في تلك المستنقعات القذرة وان يكون صيامنا ارقى لنا واتقاه وان نحافظ على صيامنا من اطلاق البصر خشية ان نصيب به امرا حراما. او اللسان نقع في غيبة او كذب او نميمة ومر بكم الحديث من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. هي مجاهدة اذا اجل في الصيام والقيام في ان نحافظ على تقوانا لله في رمضان. هي مجاهدة تستدعي همة عالية كبيرا ومواصلة لطريق ينشد فيها احدنا البلوغ لهذه المرتبة الشريفة العالية. ايام وتنقضي اذا زال رمضان وانتهت ايامه وانقضت عدته وجد الصائم الساعي الى بلوغ التقوى انه قد حصل كنزا عظيما ونفسا تقية يهنأ بها بعد رمضان. فيواصل المسير ويقضي بقية عمره في عداد عباد الله المتقين كتبنا الله واياكم معشر الصائمين في عداد من قبل الله صيامه وقيامه فغفر له ما تقدم من ذنبه وكتبنا واياكم في عداد الصائمين المتقين. ربنا تقبل صيامنا وقيامنا واجب دعائنا. واعتق من النار رقابنا ورقاب ابائنا وامهاتنا يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نسألك من كل خير خزائنه بيدك. ونعوذ بك من شر كل ذي بر انت اخذ بناصيته. اللهم احفظ البلاد والعباد. وقنا يا رب شر كل داء وبلاء يا حي يا قيوم. نسألك برحمتك تلك التي وسعت كل شيء ان تغيثنا وان تغيث قلوبنا بالايمان وان تهنئنا بالطاعة في رمضان وبزوال هذا البلاء وارتفاع الداء يا ذا الجلال والاكرام. اللهم انا نسألك ان تجعلنا في رمضان وبعد رمضان من خيرة عبادك الصالحين وحزبك المفلحين واوليائك المتقين يا رب العالمين. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية. وادفع عنا وعن كل مسلم كل لشر وبلية يا رب العالمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك المصطفى ونبيك المجتبى محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين