بسم الله الرحمن الرحيم. احمد الله تعالى واشكره واثني عليه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله. امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب العالمين صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد فنستهل بعون الله تعالى وتوفيقه ونستفتح هذه الجلسة في درس مقاصد الصيام ضمن هذه الدورة العلمية الثالثة المنعقدة بالمسجد الحرام لعام الف واربعمائة وسبعة وثلاثين من الهجرة هذه الدورة المباركة التي تقيمها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. متمثلة في الادارة العامة للتوجيه والارشاد بالمسجد الحرام. دورة علمية تجمع بين شرف المكان وهو رحاب بيت الله الحرام هذه المباركة وهذا الموضع العظيم. وبين استثمار هذا الزمان ونحن على مشارف شهر رمضان مدارسة فريضة تقبل عليها امة الاسلام. وهي ركن من اركان دينها. وعبادة عظيمة في عباداتنا ايها فيأتي التفقه في هذه العبادة واحاطة المسلم بمسائلها واحكامها جزءا من اداء الواجب الذي تعينوا عليه القيام به في الايام المقبلات من شهر رمضان. هذه الدورة ايها الكرام واخواتها تأتي في سياق النهوض بهذه الرسالة العلمية في اروقة المسجد الحرام ومن رحاب الكعبة المعظمة. هذا الدور العلمي الذي يشهده الحرمان الشريفان في رعاية كريمة من معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الاستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس وفقه الله. وهذا التوجه من اجل ان يكون لنا معشر القاصدين لبيت الله الحرام استثمار عظيم في بقاءنا بين الصلاة الى الصلاة في شهود حلق العلم وغشيان البركة وتحلق هذه الحلق التي اثنت الشريعة على اصحابها وذكرت الاجور والثواب المترتب على غشيانها والجلوس اليها. من غير اطالة ايها الكرام درس قاصد الصيام هو حلقة في هذه المنظومة التي اشتملت عليها الدورة العلمية التي انطلقت صباح هذا اليوم. الحديث عن فقه الصيام في احكامه ومسائله كما هو الحديث عن النصوص الشرعية التي جاءت فيه في تفسير اياته الواردة في سورة البقرة والاحاديث النبوية التي استنبط منها الفقهاء مسائل الصيام واحكامه كما هو الحديث ايضا عن اسرار هذه العبادة مقاصدها كلياتها وقواعدها التي تضبط فقه الصيام. الحديث عن مقاصد الصيام خطوة في فقه الشريعة ايها المسلمون وجزء مهم في فهم عبادة الصيام التي جاءت في شريعة الاسلام في الكتاب السنة المطهرة بادلة ومسائل واحكام كثيرة. ايامنا الخمسة التي سنقضيها ان شاء الله تعالى في درس مقاصد الصيام سيتناول في هذه الجلسة اليوم الحديث عن مدخل فيه مقدمات تشتمل على جملة من المسائل ثم تخصص الايام بعثوا الباقيات للحديث عن المقاصد تفصيلا وذكرها وذكر ادلتها والحديث عن اثرها وعظيم ارتباطها بعبادة الصلة في هذا المدخل في جلسة اليوم سنتناول جملة من المسائل. نبتدأ باولها المسألة الاولى الحديث عن المقاصد هذا المصطلح ودلالته تعريفه للانطلاق منه الى ما يليه. اعلموا رعاكم الله انه حيث يجري ذكر المقاصد الشرعية على السنة اهل العلم وفي كلامهم فانهم يريدون بها الحكم والاسرار والغايات التي تكون من خلف تشريع الاحكام. مرة اخرى ما من حكم في كتاب الله الكريم. او في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في ايجاب الواجبات وتحريم المحرمات وشرع كل المسائل في الدين الا ومن ورائه حكمة وسر عجيب. هذه الحكمة وذلك السر اصطلح على تسميته بالمقصد يعني ما الذي قصدته الشريعة من تشريع هذا الحكم؟ فلوجوب الصلاة مقاصد كمال وجوب صيام رمضان مقاصد ولوجوب حج بيت الله الحرام مقاصد. كمال تحريم الزنا مقاصد ولتحريم قتل النفس المعصومة مقاصد وتحريم اكل الربا ايضا مقاصد. اذا جملة الحكم والغايات والاسرار التي تكون خلف تشريع الاحكام هي التي يصطلح على تسميتها باسم المقاصد الشرعية. هذا المصطلح جرى ذكره قديما على كلام اهل العلم وفي مصنفاتهم. وجاء الحديث عنه بتوسع واطناب لدى المتأخرين ويعد امام المقاصد الامام الشاطبي رحمه الله من اوسع من تكلم في هذا الفن في كتابه الموافقات فانه شرع لاهل العلم من بعده ابواب المقاصد الشرعية. والحديث عن مداخلها وتقسيمها وانواعها غير انه لم يعتني العلماء قديما بذكر مصطلح ذي تعريف خاص للمقاصد يعمدون الى تعريفه. فذكر المتأخرون بعضا من تعريفات المقاصد الشرعية كما جاء في كلام الامام الطاهر ابن عاشور رحمه الله حين عرف المقاصد الشرعية بانها المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع احوال التشريع او معظمها. قال رحمه الله هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع احوال التشريع او معظمها. وذكر الفاسي رحمه الله قريبا من ذلك فعرف المقاصد الشرعية بانها الغاية منها مقاصد الشريعة هي الغاية منها. والاسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من احكامها بازاء هذا التعريف المصطلح ايها الاخوة المباركون. دعونا نقول في مثال واضح عملي. هذه الصلاة التي نصليها وصيام رمضان الذي نصومه وحج بيت الله الحرام وبر الوالدين وصلة الارحام والاحسان الى الجيران. كل تلك احكام شرعتها الشريعة من ورائها حكم واسرار. هي المقاصد منها. فتقول مثلا في الصلاة المقصد منها تحقيق الصلة بين العبد وربه. اقامة مقام الخشوع بين يدي الله جل جلاله في الصلاة. والقرب ومنه سبحانه تعظيما ودعاء وابتهالا وافتقارا. في ركوع وسجود يعبر فيه المصلي عن خضوعه لله عن خشوعه عن خشيته وانابته عن اظهار ذله وافتقاره وحاجته. هذه مقاصد ومثل ذلك الحج فان من مقاصده كما قال الله سبحانه وتعالى واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام. فهذه مقاصد الحج وجاء النص صريحا كما سمعت في كتاب الله انه بني البيت واذن في الناس بالحج لتحقيق هذا المعنى. ليشهدوا منافع لهم ويذكر اسم الله في ايام معلومات. في الصيام كذلك كما سيأتي تفصيله في مجالس هذه الدورة. يا ايها الذين امنوا كتب عليكم كما كتب على الذين من قبلكم ها لعلكم تتقون. هذا مقصد. فرض الله الصيام واوجبه لتحقيق بهذا المقصد وسيأتي تفصيله ان شاء الله تعالى في مجالسنا في هذه الدورة. اذا حكم واسرار غايات يراد من العباد بان يحققوها من تلك العبادات والتشريعات فجاء القصاص ايضا تحقيقا لمقصد. وجاء تحريم الزنا تحقيقا لمقصد. وجاء تحريم اكل الربا وهكذا ستقول في وفي المحرمات وفي كل وجوه التشريع في الشريعة. اذا هذا لون من الفقه يا كرام في شريعة الاسلام هذا لون من الفقه في الشريعة لان اللون الاول او النوع الاول من الفقه في الشريعة هو فقه احكامها. فقه مسائلها التي يختص بها الفقهاء في مجالس الفقه وكتب الفقه ودروس الفقه. اذا فهمنا هذا في تعريف المقاصد وانها الغايات والاسرار والحكم وان انها تمثل حقائق العبادات فلنتقل الى المسألة التالية. ثاني المسائل في مجلس الليلة في هذه المقدمات الحديث عن اهمية المقاصد في العبادات. وبيان منزلتها في الشريعة وسابين هذا في نقاط يسيرة كالتالي اولها التكليف في الشريعة في كل عبادة اوجبها الله او في كل حكم حرمه الله عز وجل على العباد. ستلحظ انه يشتمل على جانبين اثنين. الجانب الاول في العبادات التي اوجبها الله يشتمل على الهيئة الظاهرة للعبادة. والجانب الاخر يشتمل على مقاصد هذه العبادة كل عبادة تشرع فانها تشتمل على هذين الجانبين في التشريع. هيئة ظاهرة للعبادة وباطن هو مقصد العبادة ولنضرب بذلك امثلة هذا الحج وقد تكلمنا عنه قبل قليل. هيئته الظاهرة في التشريع اركانه وواجباته. فتقول الاحرام من الميقات وتقول الوقوف بعرفة وتقول الطواف والسعي وستنتقل الى الواجبات فتقول الاحرام من الميقات دون تجاوزه وستقول ايضا الوقوف بعرفة الى غروب الشمس وتذكر ايضا المبيت بمنى ورمي الجمرات وحلق الشعر ونحو الهدي وهكذا. اذا جملة ما يفعله الحاج في حجه هو الهيئة الظاهرة للعبادة كذلك الصلاة لها هيئة ظاهرة. القيام والتكبير والفاتحة والركوع والسجود وكل اعمال العبادة هو الهيئة الظاهرة للعبادة ادم. هذا شطر العبادة في التشريع. الشطر الثاني ما هو؟ هو جوهرها. هو حقيقتها هو مقصدها في الصلاة ان كان لها ظاهر وهو قيام وركوع وسجود وماذا تقول في التسبيح وماذا تقول في التشهد؟ ان كانت هذه هيئة الظاهرة التي تؤدى بالجوارح ظاهرا فان الهيئة الباطنة للصلاة تتمثل في الخشوع. وهو روح الصلاة الصلاة وجوهر الصلاة وعليها يترتب ما سنذكر من الاثار بعد قليل. كذلك الحج الذهاب والمجيء والوقوف والطواف والسعي والرمي والمبيت والدعاء الى اخره. هي هيئات ظاهرة يؤديها الحاج بحجه لكن للحج ايضا جوهر وله روح هو سر الحج ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام تحقيق ذكر الله تحقيق شهود المنافع تحقيق التقوى في الحج وامثال هذا هو روح الحج وجوهره اذا وصلنا الى هذه النقطة سنقول الصيام كذلك في رمضان له هيئة ظاهرة ما هي الامساك عن الطعام والشراب من الفجر الى غروب الشمس وعدم انهاك او عدم انتهاك هذا الصيام بشيء من المفطرات هذه هي اي هيئة الظاهرة للصيام. هذه هي الهيئة الظاهرة للصيام. امساك وامتناع عن المفطرات وما بجانب ذلك يبقى للصيام جانبه الباطن حقيقته سره لعلكم تتقون. الصيام مدرجة الى التقوى تهذيب نفوس سمو في الايمان قربة من الرحمن ارغام للشيطان الصيام بهذا المعنى في حقيقته معنى اخر في الشطر الثاني. اذا كل عبادة تتكون من شطرين. الشطر الاول هو هيئة الظاهرة والثاني هو سرها وحقيقتها. حديثنا عن مقاصد العبادات يتناول الشطر الاول او الثاني الثاني والاول اين نجده في كتب الفقه وكلام الفقهاء. نعم. فانهم يختصون بذكر احكام العبادات في هيئاتها الظاهرة. ولهذا يذكرون الاركان والسنن والشروط ويذكرون المبطلات او النواقض او الموانع. هذا يذكرونه في كتب الفقه ويناقشون ذلك ويذكرون ادلته واذا فهمت هذا فلننتقل للمسألة الثانية انه يتعين على طالب العلم خصوصا وعلى المسلم عموما يتعين عليه تفقه في العبادة بجانبيها الهيئة الظاهرة وحقيقة العبادة وروحها التي هي كما قلنا باطن العبادة وسرها. يتعين التفقه بالجانبين لانه اشتمال على الامرين وقديما قال امام الحرمين الجويني رحمه الله تعالى ومن لم يتفطن لوقوع المقاصد في الاوامر والنواهي فليس على بصيرة في وضع الشريعة من لم يلتفت الى هذا المعنى ليس على بصيرة في وضع الشريعة. لان الشريعة التي وضعت الاحكام وضعت الجانبين الامر والنهي والتكليف فهو الايجاب والتحريم ووضعت في ازاء ذلك مقاصد هذا الامر والنهي. فالاشتغال باحدهما دون الاخر خلل. اذا نقطتنا الثالثة في حديثنا عن اهمية المقاصد هو التصريح بان الاقتصار في التفقه في العبادات على احد الجانبين يورث خللا ولا بد الاقتصار على احد الجانبين في التفقه في ابواب العبادات يورث خللا. كيف؟ من اقتصر على هيئة في العبادة الظاهرة وتفقه في مسائلها وعرف احكامها واغفل تماما جانب المقاصد في العبادة سيورثه ذلك خللا في انتصاري على الهيئة الظاهرة دون العناية بباطن العبادة. فسيصلي صلاة دون ان يهتم بخشوعها. وسيحج حجا يغلب عليه فيه الرغبة في الانتهاء من اعمال الحج والمراقبة والمزاحمة والمدافعة من اجل الفراغ من الطواف والرمي والانتقال من هنا الى هنا همه الحركة الظاهرة وربما وقع في عجلة ومزاحمة وربما ايذاء لاخوانه المسلمين هذا كله لما صار انهماكا واقتصارا على الهيئة الظاهرة واهمال لباطل العبادة وحقيقتها كما ان الاقتصار على الجانب الاخر عبث من قال انا ساقتصر على مقاصد العبادات ولا اهتم بظواهرها يقول لك اخبرني ما سر الصلاة؟ تقول صلة بين العبد وربه. يقول انا موصول بالله فلا حاجة لي الى الصلاة ويترك الصلاة. كما يفعل بعض غلاة تصوف ويزعمون انهم بقربهم من الله سقطت عنهم التكاليف. هذا عبث في الشريعة. الاقتصار على البواطن وزعم انها تغني حقيقتي عن هيئة العبادة فلماذا شرع الله اذا الشرائع؟ ولماذا جاءت التكاليف؟ ولماذا شرعت الاحكام والعبادات فكما ان الاقتصار على باطن العبادة بزعمهم دون هيئتها الظاهرة عبث فكذلك الاقتصار على جانب الهيئة الظاهرة دون بالمقاصد خلل يورث ما سأذكره في النقطة التالية. العناية بمقاصد العبادة يا احبة تحقق امورا ثلاثة كل عبادة تؤديها لله تعتني فيها بتحقيق مقاصد هذه العبادة تحقق بها امورا ثلاثة اولها تمام الامتثال وكمال التعبد لله باعلى مراتبه من صلى صلاة اعتنى فيها بخشوعها لا شك انه اكمل وافضل واعظم تعبدا من ذاك الذي صلى باهمال لخشوعه في الصلاة واضرب مثالا بالصلاة قياسا على ما سيأتي في الحديث في مقاصد الصيام هذا اول الثمرات للعناية بمقاصد العبادات. تحقيق تمام الامتثال وكمال التعبد لله باعلى المراتب. الثمرة الثانية التلذذ بالعبادة واستطعام حلاوتها لن يحصل متعبد طعم العبادة الا اذا اعتنى بتحقيق مقاصدها. فاما اذا اشتغل بالهيئة الظاهرة للعبادة ابدا لن يكون همه الا الفراغ من العبادة والانصراف منها ايضا خذ مثالا لذلك بالصلاة. الا تجد فرقا بين خاشع في الصلاة وساه غافل في صلاته فالاول يتلذذ بصلاته ولو طالت. ويستمتع بالركوع والسجود ولو انصرفت فيها الاوقات. لانه يعيش بروحه معنى الصلاة يقوم عليه الصلاة والسلام حتى تتفطر قدماه. يقرأ في ركعة واحدة بالبقرة والنساء وال عمران. فسر لي هذا ما هو هذا غاية التمتع بالعبودية لله. استمتاع هو استغراق في لذة الصلاة بين يدي الله هذا معنى عجيب. هذه اللذة في العبادة لا تتحقق الا لمن حقق مقصد العبادة واعتنى بها لكن تعال الى مثلنا لما يكتم الى الصف ويدخل المسجد وذهنه مشغول وباله منصرف صحيح كبروا ودخل في الصلاة وصلى مع امامه لكن عقله اما في البيت او في السوق او هنا او هناك. فاذا طالت الصلاة تململ وتضجر وانزعج لانه غاب عنه مقصد العبادة. اذا هذه ثمرة جليلة لا تتحقق الا بالعناية بمقاصد العبادة. ما هي التلذذ بالعبادة واستطعام حلاوتها. اما الثمرة الثالثة لتحقيق مقاصد العبادات فهي فهي اصول اثر العبادة في حياة العبد وهذا سر عجيب في التشريع كل عبادة في الاسلام لها اثرها في حياة العباد. لكن بشرط العناية بمقاصد هذه العبادة فالصلاة كما قال الله عز وجل ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والصيام قال الله تعالى فيه لعلكم تتقون. في الصدقة والزكاة قال الله جل وعلا خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها حصول هذه الاثار في حياة العباد انما يتم انما يتم اذا اعتنى المتعبد بالمقام اقصدي من هذه العبادة في عبادته. فاذا اشتغل بالخشوع وجد اثر الصلاة في حياته. اذا اعتنى بمقاصد الصيام حقق التقوى من صيامه. فاما اذا غفل صلى بلا خشوع فلن تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر. لن يجد اثرا لتهذيب نفسه وسمو ايمانه بالصلاة ولا بالصيام. سيصوم يوما ويومين من رمضان واسبوعا واسبوعين وسنة وسنتين وهو كما هو لا يشعر ايمانه زيادة ولا لتقواه رقيا. والسبب في ذلك كله هو الاقتصار على هيئة العبادة الظاهرة. هذا يقول الى سؤال مهم الان لو اقتصر العبد في العبادة على هيئتها الظاهرة دون الباطنة. يعني صلى بلا خشوع وصام غير محقق مقصدا التقوى عبادته هذه صحيحة او باطلة باطلة يعني اذا صلى بلا خشوع يعيد الصلاة ساعيد السؤال الان هذا العبد اذا عبد الله دون عناية بمقاصد العبادة صلى بلا خشوع وصام غير مهتم بتحقيق التقوى من صيامه. عبادته صحيحة او باطلة؟ صحيحة. طيب ما فائدة المقاصد اذا يعني اذا كانت صلاة الخاشع صحيحة وصلاة غير الخاشع صحيحة. ما الفرق؟ ها؟ باطلة اذا كان صلاة غير الخاشع باطلة ترى كثير منا صلاته باطلة والله المستعان طيب سنرتب الكلام اذا وللحظة اذا للحظة. الان السؤال تحديدا هو نحن اتفقنا على ان الاكمل في العبادة هو العناية بهيئة العبادة الظاهرة مع مع العناية بمقاصدها وان شئت فقل العناية بظاهر العبادة وباطنها. هذا اتفقنا عليه وان هذا يحقق ثلاث ثمرات. كمال التعبد لله وحلاوة العبادة وهو ايجاد اثرها في حياة العبد فصار السؤال التالي هو ماذا لو عبد العبد ربه في هذه العبادات واتى بالهيئة الظاهرة للعبادة لكنه لم يعتني بمقصده باتفاق هل عبادته باطلة مردودة؟ لا ابدا ليست مردودة عبادته صحيحة. ايش يعني صحيحة يعني مجزئة لا يلزمه اعادتها صلى بلا خشوع لكن الم يأت بالقيام والفاتحة والركوع والسجود وسائر الاركان والواجبات؟ بلى. اذا صلاته صحيحة فقها ايش معنى صحيحة مجزئة برئت بها ذمته ولا يطالب بالاعادة ماشي؟ لكنه فقد جوهر العبادة حقيقة العبادة ففقد الثمرات الثلاثة ما هي ابدا ستكون عبادته اقل وليست في درجة الكمال ها لن يجد لذة العبادة سيجد المشقة والتعب. سيتذمر من الصيام لان الوقت صيف. لان النهار طويل ستضيق اخلاقه سيسوء كلامه مع اخوانه المسلمين. وبالتالي سيتأفف لانه صائم منزعج. فكان الصيام ليس لفؤاده ولا تزكية لنفسه بل سوءا في خلقه. هذا لانه ما التفت الى مقصد العبادة. وفقد ثالثا اثر الصيام في اياته نعم ركزوا معي يا احبة عدم تحقيق المقاصد في العبادة لا يبطلها. لكن يفوت اثرها العظيم في حياة العبد يفقده حلاوة العبادة ولذة التعبد. بل دعني اقول بصراحة ستنقلب العبادة عنده الى هم يفكر في الخلاص منه والله ويفكر في كيف ينتهي من الصيام كيف يفرغ من رمضان كيف يخرج من الحج متى يسلم الامام في الصلاة متى يخرج من المسجد هكذا ستنقلب العبادة عنده الى هم يفكر في الفراغ منه. بينما المستمتع بعبادته المحقق لمقاصدها يتمنى ان لو طال زمن العبادة وكلما فرغ منها اشتاق الى اخرى واختها مثلها وكلما فرغ من عبادة اشتاقت سهول تكرارها مرة بعد مرة. هذا الفارق الكبير الذي يجب ان نتحدث عنه. فمن صلى بلا خشوع صلاته صحيحة لكنه فقد اجر الصلاة الاكمل. يقول عليه الصلاة والسلام ينصرف المرء من صلاته ولم يكتب له الا نصفها الا ثلثها الا ربعها الا خمسها الا سدسها الا سبعها الا ثمنها الا تسعها الا عشرها. قال في اخر الحديث ليس للمرء من صلاته الا ما عقل ليس المقصود ان يطالب باعادة الصلاة لا في الصيام وسيأتينا تفصيلا قوله عليه الصلاة والسلام من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه هل قول الزور وشهادة الزور من مفطرات الصيام فما معنى قوله عليه الصلاة والسلام فليس لله حاجة يعني ليذهب يأكل ويشرب ويفطر كما يحب لا لكنه يريد ان يقول عليه الصلاة والسلام لم يستفد من صومه ولم يحقق الصيام اثره في حياته. تدري لم؟ لانه ما ترك قول الزور والعمل به مع انه امسك عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات. لكن هذا التفات الى المعنى الاخر هيئة ظاهرة للعبادة مع حقيقة هو جوهر العبادة وسرها التي يجب العناية بها. اذا ادركتم هذا رعاكم الله سانتقل واياكم الى المسألة الخامسة. المسائل التي ضربنا لها امثلة تبين لنا بوضوح اثر المقاصد في العبادات مع امثلتها. ذكرنا الحج ذكرنا الصيام ذكرنا الصلاة والخشوع فيها. هذه امثلة يراد منها ان نتبين موقع المقاصد من الهيئة الظاهرة للعبادة. هذه التي ظربنا لها امثلة في الصلاة وفي الحج وفي صيام ونحن نشرع في درسه تفصيلا خلال الايام القادمة ان شاء الله هو مثال يسير لامور اخرى في كل ابواب العبادات كيف يعني؟ يعني ما من حكم شرعه الله تعالى للعباد الا وله مقصد شرعي. تدري لما؟ لان ربنا حكيم تيم خبير. والحكيم سبحانه ينزه عن العبث في الاقوال والافعال. له في كل شأن من شؤونه حكمة والحكمة تعظم وتكبر وتجل كلما كبر الحكم او العبادة وعظمت بمعنى كل ما كانت العبادة اعظم كان مقاصدها اكبر واعظم. عندما نتحدث عن اركان الاسلام الصلاة والصيام الزكاة والحج في انها اركان الاسلام وهي ام العبادات في الاسلام. هذه العبادات الثقيلة في ميزان الشريعة مقاصدها الشرعية ايضا ثقيلة كبيرة ليست كباقي الاحكام ليست كباقي الواجبات. فكلما عظم شأن العبادة عظم شأن مقاصدها في الاسلام وبالتالي فمقاصد العبادات ليست مرتبة واحدة بل بعضها اكبر من بعض وهي درجات تتفاوت بتفاوت درجة العبادة وثقلها. المسألة السادسة يا كرام المقاصد تنقسم عند اهل العلم الى اكثر من قسم باعتبارات شتى. فمنها مثلا انقسامها الى مقاصد عام ومقاصد خاصة والمراد بالمقاصد العامة هي المقاصد التي تعتبر مشتركة بين كل احكام التشريع. فهي مقاصد عامة مثل تحقيق العبودية لله. هذا مقصد عام. لانه ما من حكم في الشريعة الا ويراد منه تحقيق العبودية لله فهو مقصد في كل احكام التشريع. حرم الله شرب الخمر ومن مقاصده تحقيق العبودية لله حرم الله عز وجل الافساد في الارض ومن مقاصده تحقيق العبودية لله. اوجب سبحانه وتعالى بر الوالدين ومن مقاصده تحقيق العبودية هديت لله وقل مثل ذلك في كل احكام الشريعة. فتحقيق العبودية لله مثال للمقاصد الشرعية العامة. يقابل المقاصد الخاصة التي تأتي لباب دون باب من ابواب الشريعة. وهي به اخص والصق. فيأتي مثلا تحقيق الاخوة والتكافل في كل الاحكام التي جاءت في ايجاب حقوق المسلم على المسلم. لماذا رد السلام؟ لماذا قيادة المريض لماذا تشيع الجنازة؟ لماذا اجابة الدعوة؟ لماذا تشميت العاطس؟ هناك مقاصد خاصة تقوية التآخي تحقيق التكافل لحمة الاخوة بين الصف المسلم هذه مقاصد خاصة تأتي في هذا الباب تخصيصا لماذا حرم الاسلام بيع المسلم على بيع اخيه لماذا حرم خطبة الرجل على خطبة اخيه؟ لماذا نهى عن النجش؟ لماذا نهى ان يبيع حاضر اللباد كل ذلك حفاظا على صفاء الاخوة بين المسلمين ولحمة الاخاء بينهم. هذه مقاصد خاصة. فاذا اذا ابصر فتجد في كل احكام شريعة مقاصد عامة واخرى خاصة. تنقسم المقاصد ايضا الى كلية وجزئية. تقسيمات شتى اريد ان تفهم منها ان المقاصد عندما نأتي اليها في باب من الابواب كالصيام ستكتشف ان جزءا من مقاصد الصيام هو من المقاصد العامة وجزء من مقاصد الصيام هو من المقاصد الخاصة على سبيل المثال تحقيق التقوى من الصيام مقصد عام او خاص؟ عام لانك تجد التقوى في الصلاة وفي الحج وتجد التقوى في الصيام وفي بر الوالدين وفي الاحسان الى الجار وفي تحريم الربا كل ذلك يحقق التقوى ويقربك من وفي الصيام مقاصد اخرى خاصة الشعور بالجوع احساس حاجة المسلمين تفقد احوال المحاويج هذا مقصد خاص يورثه جوع الصيام وعطشه. في تلك المقاصد خاصة اردت منها بيان ما نريد الحديث عنه. الحديث في النقطة التالية سادسا او سابعا هو ذكر منهجنا الذي سنسير عليه في لقاءاتنا ان شاء الله تعالى. ونحن بعد هذا المدخل الذي اشرت اليه الى مسائل تعين على فهم ما سيأتي في المجالس المقبلة ان شاء الله سنخصص الليلتين التاليتين غدا وبعده باذن الله. للحديث عن المقصد الاكبر للصيام وهو التقوى وتحقيقها. وسنتحدث عنها في مجلسين ايضا بيانا لمسالكها علاقتها بالصوم كيفية تحقيقها وما الاحكام التي شرعها الاسلام في رمضان تعزيزا لتحقيق التقوى في الصيام. ثم التعريج على الخلل في فقدان واثر ذلك في صيام الصائمين في امة الاسلام. واما اليوم ان الاخير ان بعد هذا اليوم فهو الحديث عن باقي المقاصد الاخرى. لانها اما مندرجة في التقوى او متفرعة عنها فسنذكرها بضم بعضها الى بعض في المجلسين الاخيرين ان شاء الله تعالى. ها هنا اشير الى انقطتين قبل ختام هذا المجلس ايها الاحبة؟ النقطة الاولى في مصنفات الامام العز بن عبدالسلام سلطان العلماء رحمه الله تعالى المتوفى سنة ستمائة وستين للهجرة. مصنف لطيف اسماه مقاصد الصوم وعنوانه يوحي بانه بيان للمسائل التي نتحدث عنها وليس كذلك فانه رحمه الله تعالى قد جعل في كتابه فصولا عشرة تحدث فيها عن وجوب الصوم فضائل الصوم وادابه وما يجتنب فيه والتماس ليلة القدر والاعتكاف وصوم التطوع والايام المنهي عن صيامها فاوردها في هذا المصنف اللطيف فسماه مقاصد الصوم للحديث عن مسائله المتعلقة به كما سمعت العناوين. ذكرت هذا فقط للاشارة تنويه. اما الامر الثاني في التنبيه عليه نختم به في بيان اهمية عنايتنا بما نحن نشتغل به في مجلس الدورة من الحديث عن مقاصد الصيام واظن اني ركزت على العناية بهذا الباب من الفقه فانه عزيز. والاشتغال به في كلام ليس من المتوفر بمعنى انك تفتح كتب الفقه المختصر منها والمتوسع ستجد تعريف الصيام ومسائله ومفطراته واحكامه وآآ المسائل المتعلقة والخلافة في بعض المسائل كالحجامة مثلا ومن اكل او شرب ناسيا وكفارات الافطار عمدا في رمضان. كل ذلك ستجده لكنك لن تجد حديثا تفصيليا عن مقاصد الصيام بالمعنى الذي نتحدث عنه. فانتبه رعاك الله. ليس هذا قصورا في صنيع الفقهاء اه وليس غفلة جرت منهم رحمهم الله وحاشاهم لكنه الاشتغال بالجانب الذي اعتنوا به وهو الهيئة الظاهرة للعبادة. اما الجانب الاخر فشأنه البحث عنه في مظانه وهو الحديث عن اسرار الشريعة عن مقاصدها عن حكمها واسرارها فذاك الفن الاخر يعني مثلا هل تجد في كلام الفقهاء في ابواب الصلاة فصلا يتحدثون فيه عن الخشوع واسباب تحقيقه وكيف يعتني المصلي بايجاده وكيف يحارب انصراف نفسه في الخشوع وما الاسباب التي تفقده حصول الخشوع في الصلاة؟ ان ذكره بعض الفقهاء فيذكره اشارة وليس تفصيلا ولا تطويلا ولا ولا استدلالا ليس هذا قصورا كما قلت لكنه عناية بما اعتنوا به من الهيئة الظاهرة للعبادة واريد ان اشير الى اهمية العناية بالجانب الاخر. والاعتكاف عليه. فان عامة طلبة العلم اذا اقبلوا على التفقه في العبادات في الصيام مثلا وفي في الطهارة وفي الصلاة وفي الحج فانهم يقتصرون على التفقه في الاحكام الظاهرة. على حساب العناية بمقاصد العبادات. هذا القصور احبة ليس جديدا في حياة طلبة العلم. يقول الامام ابن ابي جمرة رحمه الله وهو متوفى سنة تسع وتسعين وستمائة الهجرة واسمه ابو عبدالله ابو محمد عبدالله ابن سعد ابن سعيد الاندلسي. يقول رحمه الله وددت انه لو وكان من الفقهاء من ليس له شغل الا ان يعلم الناس مقاصدهم في اعمالهم. ويقعد للتدريس في للنيات ليس الا فانهما اوتي على كثير من الناس الا من تضييع ذلك الباب. انتهى كلامه رحمه الله فيشير الى تفريط قديم في هذا الباب. وحاجة الى العناية والاقبال على التفقه في ابواب النيات والعناية حظ القلب من العبادة عبد الله صليت فكان نصيب جبهتك ان وضعتها على الارض ونصيب يديك ان وضعتها على الصدر ونصيب ظهرك انك انحنيت راكعا ونصيب ركبتك ان سجدت ونصيب كل عضو من اعضائك ما فعلت في صلاتك. فما نصيب قلبك في الصلاة؟ اين قلبك فيه عبادة قلبك حضوره بخشوع بين يدي الله. صمت فكان حظ بطنك الجوع. وحظ جوفك الظمأ وحظ آآ شهوة الفرج الامتناع. فما حظ باطنك؟ ما حظ قلبك من الصوم؟ حظه التقوى فكما قامت جوارحك يجب ان يجد قلبك حظه من عبادة الصيام. هذه اعمال قلوب والاسلام دين ليس دين مظاهر اوفاء ولا رهبانية غالية التوازن بين البدن والروح. لن اطيل ها هنا كثيرا سيأتي مزيد تفصيل في مجالس درسنا المقبل التي ان شاء الله تعالى اقف ها هنا لنشرع غدا في الوقت معتذرا عن تأخر اليوم لكن سنبدأ غدا في وقتها قبل السادسة ان شاء الله تعالى اسأل الله لي ولكم علما نافعا ورزقا واسعا وصلاحا وتقوى والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه به اجمعين