بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة المسلمون فهنيئا لنا ولكم ما بلغنا الله اياكم به هذا الشهر الفضيل المبارك. وبارك الله لنا ولكم في ايامه ولياليه. وجعله شهر خير وبركة على امة الاسلام واعاننا واياكم وجميع المسلمين فيه على الصيام والقيام والقرآن وصالح العمل الذي يرضى به عنا وهو اكرم الاكرمين. وبعد ايها الكرام فينعقد هذا اللقاء ضمن برنامج رمضان مسائل واحكام الذي تنظمه مشكورة الادارة العامة للتوجيه والارشاد بالمسجد الحرام ويأتي في هذا السياق سلسلة من الموضوعات التي تتعلق بهذا الشهر الفضيل. وهذا اللقاء المنعقد في هذا المجلس بعنوان جزء من اية كريمة في سورة البقرة وهي قول الحق جل جلاله شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن فموضوع اللقاء ايها الاحبة الصائمون حول شهرنا هذا المرتبط به انزال القرآن الكريم. والاية تخبر عن ما اصطفى الله تعالى به هذا الزمان. وما اختاره به من بين سائر الازمان. فان الله جل جلاله يفضل بعض خلقه على بعض في فضل بعض الزمان على بعضه وبعض المكان على بعضه كما فضل سبحانه بعض على بعض وربك يخلق ما يشاء ويختار. الاوان مما اختار الله جل جلاله من الازمان والشهور شهر رمضان فجعله شهرا مباركا واودع فيه جل جلاله من الخيرات والبركات والهبات والنفحات ما لا يوجد في غيره من سائر شهور العام. ومن بين هذه الامور التي اختص الله تعالى بها شهر رمضان انزال القرآن فيه انزال القرآن الكريم فيه. فقال سبحانه شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. وموضوع هذا المجلس ينقسم الى ثلاثة اقسام. اولها الحديث عن معنى الاية الكريمة. وثانيها الحديث عن ارتباط في القرآن برمضان وثالثها توصيات عامة. اما معنى الاية في خبر الله سبحانه وتعالى انه جعل هذا الشهر المبارك شهرا اختاره لانزال القرآن الكريم فيه. فان القرآن الكريم انزل في هذا الشهر المبارك وفي ليلة القدر منه على وجه الخصوص. وهذا معنى الايتين في سورتي الدخان والقدر والكتاب المبين ان انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين. فيها يفرق كل امر حكيم. امرا من عندنا انا كنا مرسلين رحمة من ربك انه هو السميع العليم. والاية المباركة هنا في سورة الدخان هي ليلة القدر وبها جاء قوله تعالى في سورة القدر انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر. فتبين من مجموع الايات ان الله اختار ليلة القدر في شهر رمضان لانزال قرآني فيه. فقوله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن دلالة على الشهر الذي نزل فيه القرآن. واما تحديد الليلة فيه فهي التي جاءت في سورة القدر وسورة الدخان بتخصيص ليلة القدر تحديدا انها الليلة التي انزل فيها القرآن ويبقى السؤال بعد ذلك كيف نجمع بين هذا المعنى وبين معنى قوله تعالى قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا. وقوله سبحانه وتعالى وقال الذين لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة. كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. ومما هو علوم من سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم انه ما زال ينزل عليه الوحي بالقرآن بسوره واياته على مدى ثلاث وعشرين سنة هي سنوات بعثته. عشر منها بالمدينة وثلاث عشرة سنة منها بمكة وكان القرآن ينزل عليه اناء الليل واطراف النهار. موزعا على الوقائع والاحداث. فكيف يجمع بين هذا وبين قوله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. وقوله تعالى انا انزلناه في ليلة القدر. والجواب عن ان نفهم ان القرآن كان له نزولين اثنين. ان القرآن كان له نزولا اثنان. النزول الاول هو النزول جملة واحدة نزل به القرآن من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا والنزول الاخر هو نزول القرآن مفرقا ومنجما وموزعا ومقسما. على الوقائع والاحداث على مدى ثلاث وعشرين سنة سنوات بعثة رسولنا صلى الله عليه واله وسلم. فالمقصود بقوله شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هو النزول الاول الذي نزل به القرآن جملة واحدة. جاء هذا المعنى في عبارات في عدد من ائمة السلف كما في اثر ابن عباس وقد رواه عنه السدي وسعيد بن جبير وغيرهم. قال رضي الله عنهما ما انزل القرآن جملة من الذكر في ليلة اربع وعشرين من رمضان. فجعل في بيت العزة وكذلك قال السدي وقال سعيد بن جبير نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر في شهر رمضان. فجعل في سماء الدنيا ويروي المفسرون والائمة المحدثون من حديث وافلة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال نزلت صحف ابراهيم اول ليلة من شهر رمضان وانزلت التوراة لست مظين من رمظان. وانزل الانجيل لثلاث عشرة خلت. وانزل لاربع وعشرين من رمضان. وفي رواية عند الامام احمد انزلت صحف ابراهيم في اول ليلة من رمضان وانزلت التوراة لست ماضين من رمضان والانجيل لثلاث عشرة خلت من رمظان وانزل الله وان لاربع وعشرين خلة من رمضان. ومن حديث جابر رضي الله عنه وفيه ان الزبور انزل لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان والانجيل لثماني عشرة والباقي كما تقدم اما الصحف صحف ابراهيم وتوراة موسى عليه السلام. صحف ابراهيم عليه السلام وتوراة موسى عليه السلام وانجيل عيسى عليه السلام وزبور داود عليه السلام. فنزل كل منها على النبي الذي انزل عليه جملة واحدة. واما القرآن الكريم فانما نزل جملة واحدة ودفعة واحدة الى بيت العزة من السماء الدنيا وكان ذلك في شهر رمضان في ليلة القدر منه كما قال تعالى انا انزلناه في ليلة القدر وقال سبحانه انا انزلناه في ليلة مباركة ثم نزل بعد مفرقا بحسب الوقائع على الله صلى الله عليه وسلم. هكذا روي هذا المعنى من غير وجه وطريق عن حبر الامة وترجمان القرآن عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما والمقصود ببيت العزة في هذا الاثر هو البيت المعمور الذي يكون في السماء الدنيا وبه تطوف الملائكة الكرام كما جاء في بعض الاثار عليهم السلام. فهذا المعنى الذي ينجلي به الاشكال حول نزول القرآن المرتبط برمضان. شهر الذي انزل فيه القرآن اي نزول الجملي دفعة واحدة من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا. اما انزاله بعد ذلك فنزل من القرآن ما نزل بمكة ونزل بعضه بالمدينة. ونزل بعضه في الاسفار والغزوات ونزل بعضه ببدر واحد وفي غيرها من الوقائع والاحداث كلما اراد الله ان ينزل على نبينا صلى الله عليه وسلم شيئا من الوحي حتى لحق بالرفيق الاعلى صلوات ربي وسلامه عليه. هذا معنى ايها الكرام اما المحور الثاني وهو الحديث عن ارتباط رمضان بالقرآن. فينبغي ان نعلم معشر الصائمين انه قد اظلنا شهر كريم مبارك هو شهر رمضان. وهو شهر موصوف بالبركة. كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر اصحابه قال يبشر اصحابه اتاكم شهر رمضان. شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه. فيه لتفتحوا ابواب السماء وفيه تغلق ابواب الجحيم. وفيه تغل مردة الشياطين. لله فيه خير الله فيه ليلة من حرم خيرها فقد حرم. فهو شهر مبارك كما وصفه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ومن بركات هذا الشهر المبارك انه ارتبط بالقرآن. وارتباط القرآن ايها الصائمون بشهركم هذا شهر رمضان ياتي على نوعين احدهما قدري والثاني شرعي اما الكوني القدري فهو الذي تقدم قبل قليل ان الله اصطفى هذا الشهر واختاره من بين شهور العام لانزال القرآن فيه. وهذا الاصطفاء الالهي والاختيار الرباني يدل على معنى في هذا الشهر ليس في غيره. وهي بركة حلت به ولا ريب اما الارتباط الشرعي للقرآن برمضان فهو هدي الاسلام وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقته وحياته التي عاش بها القرآن في رمضان في حياته صلوات الله وسلامه عليه. وتمثل ذلك في جملة من انواع الهدي النبوي منها ما يلي اولا ارتبط القيام في رمضان بالقرآن ارتباطا مخصوصا اما ان قيام الليل سائر العام محمود وعمل مبارك واجر عظيم. وفي قيام الليل من المثوبة والاجر والحسنات والبركات ما استوفته النصوص الشرعية في الكتاب والسنة. ومنها قول ربنا سبحانه وتعالى انما يؤمن باياتنا الذين اذا ذكروا بها خروا سجدا. وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون. تتجافى جنوبهم عن يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون. ومنها ايضا قول الله سبحانه وتعالى وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما. وقوله سبحانه في الثناء على اهل الجنة بما اعد الله لهم من النزل. قال سبحانه وتعالى والله بصير بالعباد. الذين يقولون ربنا ان اننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار وفي غيرها من النصوص الشرعية الكثيرة التي بينت فظل قيام الليل وعظيم اجره وثوابه عند اكرم الاكرمين. لكن اذا جاء رمضان كان لقيام الليل فيه خصوصية. وكان له فوق كل ذلك الثواب والاجر والفضيلة فضيلة اخرى لانه قيام الليل في رمضان على وجه الخصوص. كلكم يحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين من من قام رمظان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. فارتبط القرآن برمظان في قيام من جعل له من الثواب ان تفتح له ابواب المغفرة ليصيب الصائم مغفرة الله بالصيام في النهار في رمضان يصيب مغفرة الله بالقيام في الليل في رمضان. فلا تخطئه ابواب المغفرة ليلا ولا نهارا. فهو بالنهار صائم وبالليل قائم وكان قيامه الليل بالقرآن سببا لهذا الاجر وذلك الفضل والثواب. اعلموا امة الاسلام انه لما كان الزمان زمانا فاضلا. وكان الشهر مرتبطا بالقرآن كان القيام بالقرآن في لياليه ايضا خصوصا بفضل ليس في غيره من ايام العام. فمن قام رمضان وجد كل الاجر والثواب الذي يوجد في نصوص جاءت في بيان فضيلة قيام رمضان في ببيان فضيلة قيام الليل لكنه في رمضان يصيب هذا الاجر المخصوص من رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. واما الامر الاخر المتمثل في هدي نبينا صلوات الله وسلامه عليه وعنايته بالقرآن في رمضان. فهو ايضا ما ثبت في الاحاديث الصحيحة انه صلى الله الله عليه وسلم كان يقبل على القرآن في رمضان. ويعتني به ويكون له معه شأن عظيم. ليس انه صلى الله عليه وسلم كان منصرفا عن القرآن في في غير رمضان فحاشاه عليه الصلاة والسلام. وهو الذي يتلذذ بكتاب ربه ومناجاته ولذيذ ما اودع الله في القرآن من العظات والعبر والمعاني والاحكام. لكنه مع ذلك كان له في رمظان شأن اخر مع القرآن. تمثل في مدارسته القرآن مع جبريل عليه السلام. واسمع رعاك الله الى وصف الصحب الكرام رضي الله عنهم هذا الهدي النبوي الكريم للنبي صلى الله عليه وسلم مع القرآن في رمضان كان النبي صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون في رمضان وذلك حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن وذلك كل ليلة في رمضان. كان صلى الله عليه وسلم يكرمه الله بمدارسة القرآن مع جبريل عليه السلام يلقاه امين الوحي جبريل عليه السلام. فيدارسه القرآن. ومعنى يدارسه اي يقرأ ويعرض عليه ويسمع منه فلك ان تتخيل لقاء هذين العظيمين. جبريل عليه السلام عظيم الملائكة ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد البشر عليه الصلاة والسلام. فيلتقي العظيمان على امر عظيم في زمان عظيم مبارك. وفيه من الدلالة ما لا يخفى على ان الله جل جلاله لما اراد هذا الامر وقدره سبحانه وتعالى. كان ذلك دلالة على ارتباط هذا الزمان الفاضل بهذا القرآن المبارك ويكون للقرآن فيه شأن عظيم. فاذا اقبلت عليه القلوب وتوجهت اليه النفوس المؤمنة اصابت من خيرات القرآن وبركاته. ومما اودع الله فيه من المعاني والايات ما يراد لامة الاسلام ان تصيبه في رمضان ومن معالم ارتباط الهدي النبوي بالقرآن في رمضان. ايها الصائمون ان نربط ان نربط وبين معنى القرآن في رمضان وبين معنى المقصد الاعظم الذي من اجله شرع الصيام في رمضان. يقول الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. يريد الله من ان نصوم لنحقق تقواه سبحانه وتعالى. لعلكم تتقون. والتقوى ليست بالامر اليسير ولا الدرجة التي ينالها كل عبد. لكنه العبد الذي الزم نفسه حدود الله. وادى ما افترض الله وسارع الى مرضاة الله. العبد التقي العبد الذي صفت له حياته عن كل ما يسخط الله فجاهد ووقف عندها فاتقى سخط الله وعذابه. واتى على الفرائض والواجبات فاستوفاها. التقي عبد اصلح ما بينه وبين الله التقوى درجة يبلغها اولياء الله. كما قال سبحانه الا ان اولياء والله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين امنوا وكانوا يتقون. فهم الاتقياء الذين ينالون ولاية تلك الولاية التي تعني اختصاصا من الرب الكريم سبحانه وتعالى بعناية عبده وبتولي امره وكفاية همه فمن لك عبد الله اذا تولاك الله؟ من لك بشيء ينقصك في الحياة او هم يبقى محيطا بك والله قد تولى ولاية الله انما يبلغها العباد الاتقياء. يأتي الصوم معشر الصائمين في رمضان ليأخذ الى هذا المعنى الكبير لعلكم تتقون. هذه التقوى التي يقودنا اليها الصيام بالنهار في يؤازره فيه معنى القيام بالقرآن في رمضان. ارتبط الصيام والقرآن ارتباطا وثيقا. يقول صلوات ربي وسلامه عليه الصيام والقرآن يشفعان للعبد. يقول الصوم اي ربي منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه. ويقول القرآن اي ربي منعته النوم اي فشفعني فيه. قال فيشفعان هل لك ان تأتي عبد الله يوم ان تلقى الله بصيام ملأت به نهارك في رمضان وبقرآن ملأت به قيام الليل في رمضان فتغفر بشفيعين لك عند الله يوم ان تلقاه خذ ما اردت من الشفاعات فانت بحاجة لها غدا. يوم يحتاج المرء الى مثقال الذرة من الخير والحسنة ويخاف من مثقال الذر من الشرة من الشر الذي قد تثقل به كفة السيئات. الشفاعات التي يقدم بها العبد ربه يلقى بها ربا كريما عظيما سبحانه وتعالى. فالتوصيات التي نختم بها اللقاء ايها الكرام ان يكون لنا مزيد عناية مع القرآن في رمضان. ان نتأسى بهدي سيدي الانام صلوات الله وسلامه عليه ان يكون لنا في الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم اسوة وهو الذي قد اعتنى بالقرآن في رمضان ان يكون لنا تعظيم لهذا الشهر الذي عظمه الله بالقرآن فنعظمه نحن ايضا القرآن ليكون القرآن شاغل اوقاتنا في رمضان ليلها ونهارها. ان يكون القرآن جليس احدنا وصاحبه وانيسه ان قام وان قعد ان يكون القرآن مما تثقل به كفة اعمالنا وتمتلئ به صحائفنا فنكون مع القرآن في رمضان خير ما يعيشه عبد في دنياه. ان يكون احدنا كل يوم من القرآن يجعله مرتبطا به فيتم ما شاء الله له ان يتمه من القرآن ان ان يكون قراءة احدنا للقرآن في رمضان يعتني فيها تمام العناية. بتصحيح التلاوة واستقامة لساني وقراءة القرآن كما انزل. وان يكون له بذلك تعاهد سليم وتصويب سديد يجلس فيه مع واحد من القراء وحفظة القرآن يصوب له قراءته ويقوم له لسانه فيقرأ القرآن كما ايحب الله ان يقرأ كلامه سبحانه وتعالى؟ كلام الله اجل خطاب طرق سمع البشر. كلام الله اعظم كلام وعته قلوبهم واذانهم. كلام الله جل جلاله ينبغي ان يكون محل عناية واجلال وتعظيم كلام الله اعظم من خطابات الملوك وعبارات الادباء وكلام الشعراء. واذا عظم الناس شيئا من كلام البشر لجماله او روعته او لعظمة المتحدث به. فكلام ربنا جل جلاله اعظم تعظيم واجل اجلالا الا وان من تعظيمنا بكلام الله سبحانه وتعالى. ان تكون قراءتنا له قراءة حسنة صحيحة سليمة نجاهد فيه انفسنا. ولا يعتبر احدنا بتأخر تعلمه لقراءة القرآن او بصعوبة قراءته للقرآن. فكلنا من اقبل على القرآن كلنا فائز. ذو اجر حظي بكرامة لما لا وهو مقبل على كتاب الله الكريم. في الحديث الصحيح يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة الذي اتاه الله الحذق بقراءة القرآن. ومهر فيه هذا قد بلغ الدرجات العلى. الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة. والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له اجران. هو ليس محروما اذا. لكنه ان يجلس امام استاذ وقارئ وحافظ فيصوب له قراءته. فيرده مرة وثانية. لا تتبرم نفسه ولا تنزعج ولا اتضيق ولو رده مائة مرة لانه يصوب كلام ملك الملوك واحكم الحاكمين. ورب العالمين والهي الاولين والاخرين. فيعيد الكلمة ويكرر الاية يصوبها يسددها يصححها. حتى به لسانه. مثل هذا لا يزال ينغمس في اجرين. اجر التلاوة واجر المشقة التي ما زال يعاني منها والله يريد اكرامه جل جلاله. اما اجر التلاوة فهو الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة. والحسنة بعشر امثالها. لا اقول الف لام ميم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف. ما يريد الا اغراءنا صلوات الله وسلامه عليه اقبال على القرآن الكريم والاستكثار منه والانكباب على تلاوته وتعاهده الاوان من تعظيم الله ايها الصائمون لكتاب الله الكريم. ان تكون قراءتنا المصحوبة بمجاهدة في تصحيح التلاوة واستقامة اللسان وصواب القراءة ان تكون مصحوبة باحضار العقل والفكر والفهم فيما نقرأ من كلام الله يقول الله جل جلاله كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب. فالمقصد من انزال القرآن تدبره. يا امة القرآن. وان يكون عيشنا مع القرآن ليس مجرد تلاوة لاياته وسوره دون عناية بمعانيه. في القرآن اودع الله النور والهدى. في القرآن الله الشفاء والرحمة في القرآن جعل الله البركة والموعظة في القرآن جعل الله النور والروح التي تسري في لكن كل تلك المعاني لا يمكن ان نبلغها ولا ان نصل اليها وقد اغلقنا نوافذ قلوبنا وابواب عن هذه المعاني العظام. افتحوا ابواب القلب قبل ان تفتحوا صفحات المصحف. اذا جلس احدكم مع القرآن واستعاذ بالله واراد ان ينطلق في سورة واية فيتم حزبا او جزءا او ختمة اجعل نصب عينيك عبد الله هو ان تبلغ هذه المعاني العظام. لا يكن همك ان تبلغ اخر السورة. واخر الختمة وان تنصرف الذهن لا لا تكاد تقف على معنى يهز القلب. ولا على نعيم الجنة يشتاق لها الفؤاد. ولا على وعيد النار تعر لها البدن ولا عن قصص الانبياء والامم السابقة التي تفيد الاتعاظ والادكار والاعتبار. ما انزل الله القرآن انا ليكون صحفا تتلى وايات نسرع في هزها وهزرمتها لا يكون للقلب فيها نصيب. ابدا انما انزل القرآن لتصلح به الحياة. او ما تأملتم في دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم. اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي كيف يكون القرآن ربيعا للقلوب؟ ما الربيع الا الامطار والخضرة ونضج الثمر وجريان الانهار ومتعة الحياة هكذا هو القرآن للقلوب سيكون ربيعها. اذا نزل غيثه فسقت ارضها. اذا ازهرت ثمارها اذا اينعت واخضرت اذا جرت انهارها سيكون القرآن ربيعا لقلوبنا. يجد احدنا العيش بنعيم القرآن حقيقة اذا حرك قلبه بمعاني القرآن. فعندئذ ياتي على قصور في حياته فيعالجه. وعلى خلل فيقومه وعلى تقصير فيسدده. ويأتي ايضا على عيوب نفسه فيصلحها. على افات اخلاقه فيسمو بها عندئذ صدقا سيكون القرآن ربيعا لقلوبنا. الاوان من تعظيم كلام الله ايها الصائمون في رمضان ان يكون له في اوقاتنا من ليلها ونهارها حظا اوفر ومتسعا اوسع من الاوقات نقضيها مع القرآن اطلبوا ابواب الرحمة في جوف كتاب الله جل جلاله. القارئ للقرآن منغمس في رحمات. والمستمع للقرآن قد يصيب ايضا من تلك الرحمات. والله يقول واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون. تنال رحمة ولو بالاستماع والانصات الى القرآن. فكيف اذا قرأت ونلت مع السماع اجر القراءة؟ فكيف اذا تدبرت احييت بمعاني القرآن من عاش بروحه وقلبه وفؤاده مع القرآن في رمضان فذاك الذي يرجى ان يكون له رمظان حقيقة منعطفا في حياته يغير بها مسيرها. نحو الافضل والاكمل وان يكون له مع القرآن في رمضان منطلقا يعيش به سعادة لا شقاء بعدها. ايها الكرام ومما يختم به هذا المجلس ان يقال. اذا صدقنا العزم ان نقبل على القرآن في رمضان واذا صحت منا الهمة ان يكون لنا مع القرآن متعة وسعادة عيش في ايام رمضان. وان منطلقنا في صحبة صادقة مع القرآن من خلال من خلال رمضان. فالمرجو هو الا يكون هذا منحصرا في رمضان ليكن القرآن في رمضان نقطة انطلاق محطة انطلاق نربط بها علاقة صادقة مع القرآن. لا ان يكون موسما ينتهي بانتهائه كل ما يربطنا من هذه المعاني العظيمة بالقرآن في ايام رمضان. اصدقوا الله يصدقكم الله. ومن طرق باب الله وجد كريم عطاياه. ايها الكرام الزمان مبارك والقرآن مبارك. وهذا البلد الحرام مبارك فاجتمعت لكم البركات. التي لا تتأتى لمثلكم اليوم. فاحمدوا الله على ما انتم فيه. ثم اغتنموا من هذه البركات الى غاية ما وفقكم الله لاغتنامه. واعلموا انكم تتعاملون مع رب كريم سبحانه وتعالى. عظيم جل جلاله واسع الفضل. لا يرد عبدا ولا يخيب سائلا ولا يحرم راجيا. فاطلبوا ما عند الله بفضله وكرمه. واقبلوا على مأدبة القرآن فانها والله خير مأدبة يجلس عليها انسان. ومن عاش حياته مع القرآن عاش سعيدا. ومات حميدا. ولقي الله جل جلاله يوم القيامة في ارقى المراتب واعلى الجنان يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارقى ورتل كما كنت ترتل في الدنيا. فان منزلتك عند اخر اية تقرأها. فانظروا كيف سيتساوى اهل القرآن يوم القيامة. كيف سيتنافسون في هذا الصعود على مرأى الخلائق؟ وعلى مسمع كل من جمع الله في ذلك المحشر وهو تكريم عظيم يليق بمن عاش حياته مع القرآن. فاللهم انا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تجعلنا من اهل القرآن الذين هم اهلك وخاصتك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اكرمنا بكرامة القرآن وارزقنا شفاعة القرآن. اللهم انا نسألك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء احزاننا وذهاب همومنا وغمومنا اللهم اجعل القرآن العظيم لقلوبنا ضياء ولابصارنا جلاء ولاسقامنا دواء ولذنوبنا ممحصا وعن النار مخلصا. اللهم البسنا به الحلل. واسكنا به الظلل. واسبغ به علينا النعم. وادفع به عنا النقم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعلنا ممن يقرأ القرآن فيرقى. ولا تجعلنا ممن يقرأه فيشقى اه واكتبنا الهي في من قام به وتلاه حق تلاوته يا اكرم الاكرمين. اللهم احيي بالقرآن قلوبنا به عقائدنا وقوم به السنتنا وسدد به اقوالنا واعمالنا وثقل به موازيننا. اللهم انا نسألك من الخيرات كلها عاجلها واجلها. ونعوذ بك من الشرور والافات كلها عاجلها واجلها. اللهم انا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وان تغفر لنا وترحمنا. واذا اردت بعبادك فتنة فاقبضهم اليك غير مفتونين يا ارحم الراحمين. اللهم اجعل رمضان شهر خير وبركة علينا وعلى كل امة الاسلام يا رب العالمين وارزقنا الهي من بركات هذا الشهر في حياتنا وازواجنا وذرياتنا واقواتنا وارزاقنا وسائر امورنا ما تكرمنا به يا ذا الجلال والاكرام. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم امنا في الاوطان والدور واصلح وارشد وسدد الائمة وولاة يا عزيز يا غفور اللهم وفق وايد بالحق امامنا وولي امرنا خادم الحرمين. اللهم اصلح له النية والبطانة والقول والعمل ووفقه يا رب لكل خير وهدى وسداد ورشاد. اللهم من ارادنا وامننا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره يا ذا الجلال والاكرام. واصرف عنا يا رب شر اشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. اللهم ارحم ابائنا وامهاتنا. وارفع درجاتهم في عليين. اللهم كفر سيئاتهم وضاعف حسناتهم واعلن في الجنان مساكنهم وارزقنا برهم في الحياة وبعد الممات يا حي يا قيوم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والنبي المجتبى محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين