بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. ايها الاخوة الكرام بعد حمد الله تعالى وشكره على هذا اللقاء الذي يجمعنا في بيت من بيوت الله للحديث عن مظهر من مظاهر عظمة الله جل جل جلاله فالشكر لاخوتنا الكرام في المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بجنوب مكة وفقهم الله على تنظيم هذه السلسلة في معاني تعظيم الله عز وجل. في جملة لقاءات وموضوعات متنوعة تهدف الى هذا الاصل العظيم والمسألة الكبرى والقاعدة الراسخة التي ينبغي ان تؤسس في قلب كل مسلم ومسلمة فيما يتعلق بايمان بربنا الكبير المتعال عز وجل في علاه. هذا اللقاء الذي يحمل عنوان تأملات في قول الحق سبحانه وتعالى وما يعلم جنود ربك الا هو. يهدف كما اسلفت الى الحديث عن باب عظيم من ابواب ايماننا اهل الايمان هو تعظيمنا لله عز وجل. وتعظيم الله مطلب جاءت به الشريعة. وامرت به النصوص ودلت عليه ايات القرآن واحاديث السنة المطهرة اجل مقاصد الشريعة وحيا وتشريعا وتكليفا ان تمتلئ صدور العباد بتعظيمهم لرب العباد عز وجل. تعظيم الله تعالى مطلب اساس. هو اساس العبودية الصلب. وقاعدتها الراسخة وحبلها المتين. تعظيم الله عز وجل مرتكز عبادات القلب من الحب والخوف والرجاء وسائر عبادات القلب توكلا ويقينا واستعانة واستغاثة وسائر ما يتعلق به العبد في قلبه مع خالقه عز وجل. بقدر تحقيق ضيقنا معشر العباد لتعظيم الله سبحانه وتعالى في القلوب يعظم حبنا لله يعظم خوفنا من الله يعظم رجاؤنا فيما عند الله يعظم توكلنا وحسن ظننا بالله عز وجل. تتنامى معاني القلب وعباداته مع ربنا عز وجل تنامي تعظيم الله جل جلاله في قلوبنا. وبالعكس فعند شعور عبد بان شيئا من اعمال القلوب في قلبه قد اصاب الظعف والوهن فان ذلك عائد بالظرورة الى ضعف تعظيم الله عز وجل جملة او تفصيلا. تعظم مقامات عند الله عباد الله بقدر تعظيمهم لله. بمعنى ان اعظم العباد قدرا عند الله واكثرهم تعظيما لله عز وجل واحقر العباد شأنا واقلهم منزلة وادناهم عند الله عز وجل هو اقلهم تعظيما لله جل جلاله تعظم مقامات العباد بقدر ما يعظمون الله وتمتلئ قلوبهم بهذا المعنى العظيم. وعندئذ ستفهمون كيف الشريعة باحتقار فئة من الخلق من الكفرة والمشركين. او من المتكبرين والجبارين او من الظلمة والطغاة بين هذه الاصناف انها فئات ضعف تعظيم الله في قلوبهم. بل ونازعوا رب العزة والجلال في عظمته وكبريائه نازعوه في حقه الذي لا يستحقه الا هو جل جلاله. كيف تفهم قول الله عز وجل ان الشرك لظلم عظيم. كيف تفهم قول الله وما قدر الله حق قدره؟ والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون. لما ذم الله اهل التكبر والظلم والجبروت وجعلهم في في مكان محتقر مهين فبئس مثوى المتكبرين. وبئس مثوى الظالمين. لان كلا من الظلمة والمتكبرين قد نازعوا الله عز وجل في كبريائه في عظمته في تفرده بهذا الكون الذي لا ينبغي التعظيم الا له سبحانه وتعالى اذا كان هذا المجلس يا كرام حديثا عن باب عظيم من ابواب الايمان نحتاجه جميعا وهو تعظيم الله عز وجل فها هنا مداخل تقود الى تعظيم الله. كيف يصل العبد الى ملء قلبه بتعظيم ربه؟ انى له ان يزيد هذا الرصيد في قلب لربه يوما بعد يوم وهو لا يزال عبدا لله يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ها هنا مداخل اسردها عليكم تباعا تكون بين يدي موضوعنا هذا اللقاء في تعظيم الله من بوابة تعظيم جند الله عز اول تلك المداخل الموصلة الى تعظيم الله العلم باسماء الله وصفاته. لان المدخل الاوحد لتعظيمنا ان نعرف الله وان نقدره حق قدره. من عرف الله عظمه. ومن عظم الله احبه بصدق وخافه بوجل ورجاه بصدق ويقين وهكذا. فالمدخل الاوحد لكل تلك المعاني ان تعرف الله. والله عز وجل لما خلقنا معشر العباد دلنا عليه وعرفنا عليه سبحانه وتعالى. فجاءت هذه المنافذ والمداخل طرقا تهدي العباد الى معرفتهم بالله. لان انهم اذا عرفوا الله حق المعرفة فقد عظموه. وما تغابت عنهم معرفة الله او ضعفت في قلوبهم ضعف تعظيم الله في القلب واذا ضعف تعظيم الله صدقني سيضعف تبعا له حبنا لله. سيضعف خوفنا من الله. سيضعف توكلنا يقيننا ظننا الله عز وجل سائر عبادات القلب مدارها على تعظيم الله جل جلاله. فاذا العلم باسماء الله وصفاته احد تلك طرق الموصلة الى معرفتنا بالله. الله انزل كتابه والكتاب الكريم كلامه جل جلاله. والله في سبحانه وتعالى في كثير من مواضع القرآن واياته وسوره يحدثنا بنى عن نفسه عز وجل وصف الله نفسه بنفسه في القرآن. وسمى نفسه بنفسه في القرآن. بل واننا لنقرأ ايات وسورا باكملها ليس فيها الا الحديث عن الله. اقرأ سورة الاخلاص واخبرني ما الذي جعلها تبلغ ثلث القرآن الكريم؟ وليس فيها من الحلال والحرام ولا اركان الاسلام ولا شيء مما يتعلق بالجنة او النار هو حديث عن الله قل هو الله احد. الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد هذا المعنى العظيم اذا استقر في قلوب العباد قادها الى كل شرائع الاسلام وفروعه. حدثني عن اية الكرسي مثلا. ولما بلغت ان تكون اعظم اية في كتاب الله وليس فيها من الحلال والحرام ولا الاوامر والنواهي ولا اركان الاسلام ولا شيء من العبادات ولا تفاصيل الشرع رائع. اقرأ الاية من مبدأها الى منتهاها. من قولك الله لا اله الا هو الحي القيوم. الى قولك ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. جمل متتابعات ليس فيها الا الحديث عن الله وعظمة الله وكبرياء الله وقدرة الله وعلم وشيء من عظمة الله في عظمة خلقه جل في علاه. تقرأها فاذا بها تحصنك من شياطين الانس والجن. واذا لا تبلغ بك ان تكون في حرز حصين. لا اقوى عليها ابليس وجنده اجمعون. هي اية في كتاب الله. بلغت بها العظمة لان عظمة الله عز وجل وقل مثل ذلك في اواخر سورة الحشر وليس فيها الا السرد المتتابع لاسماء الله وصفاته. هو الله الذي لا اله الا هو. عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى والله يا اخوة يقينا يعرفنا الله تعالى بنفسه ليقول لنا يا عبادي انا كذا وكذا وكذا وكذا واذا عرفنا الله عز وجل على ذاته العلية وصفاته العظمى فقد عرف العبد من يعبد واذا عرف عظمة الله فاذا وقف في الصف للصلاة بين يدي من يقف واذا حنى صلبه في الركوع عرف لمن يركع. واذا وضع جبهته في السجود عرف في اي عظمة واذرع جبهته موضع قدمه في موطأ الارض. لانه يسجد لرب عظيم. ويركع لرب عظيم فيقول في ركوعه وسجوده سبحان ربي الاعلى وسبحان ربي العظيم. هذا هو التعظيم يا كرام الذي تجعل الذي يجعل عباده اداتنا اذا انطلقت منه قائمة بحق التعظيم لله العظيم سبحانه وتعالى. اذا العلم باسماء الله وصفاته المبثوثة كثيرا في القرآن وفي السنة هي احد الطرق الموصلة الى معرفتنا بالله حق المعرفة. ولما جاء الحديث مستفيضا في كتاب الله الكريم. وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن اسماء الله وصفات الله وجب ان يقف معها العبد وقفة ويتأمل فيها ويملأ قلبه كلما قرأ اية او سورة فيها اسم من اسماء الله وصفة من صفات الله وحديث عن عظمة الله وقدرة الله وايات الله ليملأ قلبه جرعة مرة بعد مرة من تعظيمه لربه الكبير المتعال. المدخل الثاني والباب الثاني والطريق الثاني الموصل الى ان نعرف الله حق المعرفة. معرفة ايات الله في كونه. والقرآن ايضا كثير التوجيه للعباد الى هذا المعنى. اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض؟ اولم يتفكروا افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت قل انظروا ماذا في السماوات والارض. ومثل هذا كثير في كتاب الله الكريم. جاء الامر بالنظر في ايات الكون للدلالة على عظمة خالق هذا الكون ومن عرف السماء ومن سواها والارض وما دحاها والليل وما يغشى به الكون والنهار اذا جلاه كل هذا موصل الى ان تمتلئ القلوب بتعظيمنا لله عز وجل. جاء الحديث كثيرا في القرآن عن ايات الله في كونه للدلالة على هذا الباب للوصول الى طرف من معرفة العباد لربهم حق المعرفة فانهم اذا عرفوه عظموه سبحانه وتعالى السبيل الثالث والطريق الثالث الذي يوصلنا الى معرفتنا بالله حق المعرفة العيش مع القرآن الكريم. باختصار لانه كلام الله والله عز وجل قد اخبرنا في كتابه الكريم بكل ما يوصلنا الى معرفتنا بالله عز وجل. في القرآن قراءة تدبرا وتأملا ومصاحبة واستمتاعا باياته وسوره. حياة القلوب وارواحها ونورها وجلاؤها وابصارها كم تعتم القلوب اذا ابتعدت عن كتاب الله. لان غذاء الارواح في جوف كلام الله عز وجل. ومن اراد ان يعرف الله اقبل على كتاب الله كيف لا والقرآن كلامه سبحانه وتعالى. كما قال بعض السلف اذا اردت ان اناجي الله وقفت بين يديه في الصلاة واذا اردت ان استمتع بكلام الله قرأت القرآن. ان قراءة القرآن فوق ما فيها من الاجر والمثوبة والحسنات. فيها من الاثر عظيم على قلوب العباد وفيها من مواضع الوعد والوعيد والزجر والتهديد والتشويق والترغيب لانها كلام ربنا سبحانه وتعالى فاذا اقبلت القلوب على كلام الله وجدت اثرا عظيما لتعظيم الله عز وجل. السبيل الرابع الموصل الى تعظيم الله عز وجل عن طريق معرفته الحديث عن عظمة خلق الله عز وجل. لانه مهما تعاظمنا خلقا من خلق الله فكيف بعظمة الخالق عندما يبحر العقل متأملا في الفلك وفي الملكوت الاعلى وفي السماء والابراج والنجوم وحركاتها ووقف مذهولا مدهوشا امام عظمة هذا الفضاء الفسيح قاده الى ان يقشعر بدنه. احقيقة يكون هذا مخلوقا في الكون بجوارنا. فاذا نحن بازاءه ذرة في هباء منثور. واذا وقف على هذه العظمة قال امنت تب الله وسبحان الله. ومن نظر ايضا الى عظمة خلق الله في ارضه في الجبال والانهار والبحار والمحيطات. واذا في عالم البحار فرأى ما فيها من الخلق العجيب. والحركة الدائبة واذا فيها من الخلق والاكوان والالوان اوسع مما على وجه الارض فاذا هو عالم اخر مليء بالعجائب. وهكذا يتتبع التأمل في عظمة الله في خلقه سبحانه وتعالى. والوقوف على عظمة خلق الله عز وجل فيها ايات كثيرة. المقصد منها ان يتأمل العباد عظمة الله. ولهذا جاءت الايات ايضا داعية الى هذا المعنى العظيم. الم ترى ان الله انزل من السماء ماء فاخرجنا به ثمرات مختلفا الوانها. انظر كيف يربطك بين السماء والمطر ثم الزروع والثمر؟ قال ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها وغرابيب سوء وانتقل بعد ذلك الى الجبال والى الخلق والطيور. ثم قال ومن الناس والدواب والانعام مختلف الوانه كذلك تأمل ما بعدها لتدرك معنى السياق انما يخشى الله من عباده العلماء. هو حقيقة والله يا كرام طريق الى نيل خشية الله. ولا ينالها الا العالم بالله والعالم بالله هو من عرف الله. واحد سبل معرفة الله الوقوف على اياته في الكون الفسيح. والتأمل في عظمة الخلق لانه دلالة على عظمة الخالق جل وعلا. ومثله ايضا قوله سبحانه وتعالى في كثير من القرآن الكريم قل انظروا اولم ينظروا افلا ينظرون اولم يتفكروا وامثلة هذا كثيرة ومثلها سرد الايات المتتابعة ومن اياته ان خلقكم ومن ايات ان خلق لكم ومن اياته منامكم بالليل والنهار ومن اياته خلق السماوات ومن اياته يريكم البر. هذا التتابع الكثير في كتاب الله الكريم للفت الانظار الى ايات الله في الكون هي نوع من دلالة العباد على سلوك طريق دلهم على عظمة الخالق عز وجل. كل هذا احبتي الكرام يقال بين يدي حديثنا عن هذا الموضوع المهم. حديثنا تأمل في قوله سبحانه وتعالى وما يعلم جنود ربك الا هو. الا فاعلموا يا كرام ان من اعظم خلق الله الذي دعينا فيه في كتاب الله الى الوقوف عنده والتأمل فيه هو جند الله عز وجل فهو خلق من خلقه تبارك وتعالى. والتأمل في عظمة جند الله سبيل الى تحقيق تعظيم الله عز وجل. فما الله ما هي؟ وكم هي؟ وما امثلتها؟ وكيف يكون الوقوف عندها والتأمل فيها سبيلا؟ يوصلنا الى تعظيم الله يا كرام هذا مجلس نرجوا ان نقوم به منصرفين عقبه وقد ملئت الصدور تعظيما لله وقد نلنا جرعة من معاني التعظيم الواجب لربنا الكبير المتعال. نرجو ان يكون هذا مجلسا يفيض علينا من خشية الله وتعظيمه وحبه واجلاله عز وجل. فان القرآن ذكر فيه سبحانه وتعالى جنده باوصاف ومعان والاية التي نقف عندها هي للوقوف على عدم ادراك العباد لحقيقة هذا الباب والاحاطة به. قال وما يعلم جنود ربك الا هو. فالذي سنجلسه الليلة وغدا وبعده والى قيام الساعة مهما تحدثنا واسهبنا واستقرأنا وتصفحنا وتتبعنا واكب العلماء هو الباحثون والراصدون من كل فن وعلم ليتحدثوا عن جند الله فصدقني لن يتجاوزوا قول الله وما يعلم جنود ربك الا هو. والله لو كتبت المجلدات وصرفت الاوقات وعقدت المجالس واقيمت المحاضرات والندوات والمؤتمرات للحديث عن عظمة جند الله فسيبقى كل قاصرا عاجزا امام قوله وما يعلم جنود ربك الا هو. فماذا عسانا ان نتصفح في مجلس كهذا بابا من ابواب عظمة الله في جنده. وطرفا مما دلت عليه النصوص. واخبرت به الايات وذكرته في وفي السنة لان الله عز وجل اخبرنا بها. واخبارنا بها دعوة الى التأمل فيها والوقوف عندها فلنتأمل بداية جملة من الايات التي ورد فيها ذكر جنود الله عز وجل. في قوله في سورة المدثر وما يعلم جنود ربك الا اهو قال المفسرون جاء جوابا عن مقولة قبيحة وقحة لابي جهل لما سمع قول الله تعالى ساصليه سقم وما ادراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر. قال فقط هذا هو جند الله كل ما عنده تسعة عشر فنزلت الايات وما جعلنا اصحاب النار الا ملائكة. وما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا. الى ان قال سبحانه وما يعلم جنود ربك الا هو. وما هي الا ذكرى للبشر. جاء ذكر جنود الله في عدة ايات من كتاب الله الكريم منها ايتان او جزئان من ايتين في سورة الفتح في كل منهما ولله جنود السماوات والارض. قال في الاولى وكان الله حكيما وقال في الثانية وكان الله عزيزا حكيما. في غزوة الاحزاب الخندق قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذكروا اذكروا نعمة الله عليكم. اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها. وكان الله سميعا بصيرا في غزوة حنين قال الله سبحانه وانزل جنودا لم تروها. وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين. في قصة هجرة النبي عليه الصلاة والسلام واختبائه وصاحبه الصديق ابي بكر رضي الله عنه في الغار. قال الله تعالى فانزل الله سكينته عليه يده بجنود لم تروها. وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا. جاء الحديث عن جنود الله في القرآن ووصفهم بالقوة وان جندنا لهم الغالبون. جاء الحديث في مقابل الحديث عن جنود الكفرة والطغاة ومن صد عن سبيل الله لما قال الله تعالى هل اتاك حديث الجنود فرعون وثمود؟ ولما قال الله سبحانه اذ جاءتكم جنود في احزاب اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها. قال عن فرعون واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق. ثم قال فاخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم. قال ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون. والمقصود ان ذكر الله في القرآن جاء على سبيل النصرة لعباد الله واولياء الله وانبياء الله عليهم السلام. فمهما اجتمع البشر وجمعوا من الجنود والقوات لحرب الله ورسوله واوليائه وعباده المؤمنين سيبقون فئة ذليلة حقيرة امام عظمة لله في جند الله سبحانه وتعالى. هذا الحديث عن جنود الله عز وجل جاء في القرآن الكريم موصوفا باوصاف. حسبنا ان نقف فهنيهة مع قوله سبحانه ولله جنود السماوات والارض. والمقصد من ذلك ان الاية فيها الحصر كما ترى ولله جنود السماوات والارض. اذا في السماوات جنود. مثل من؟ الملائكة. الملائكة الكرام عليهم السلام. وهذا المتبادر الى الذهن وسيأتي الحديث عنها تفصيلا. لكن لله جنود سواها كثير. وفي الارض لله ايضا جنود. قال ولله جنود السماوات والارض. قال ابن كثير رحمه الله ولو ارسل عليهم ملكا واحدا لاباد خضراءهم. ولكن انه تعالى شرع لعباده المؤمنين الجهاد والقتال. لما له في ذلك من الحكمة البالغة والحجة القاطعة الدامغة. قال القرطبي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولله جنود السماوات والارض. قال يريد الملائكة والجن ان والشياطين والانس. فكل هؤلاء جنود لله عز وجل. والله يرسل ما شاء من جنده لنصرة من شاء من عباده او بمن شاء من عباده. وقال الطبري رحمه الله ولله جنود السماوات والارض انصار ينتقم بهم ممن يشاء اعدائه. يقول الشيخ السعدي رحمه الله اي جميعها في ملكه وتحت تدبيره وقهره فلا يظن المشركون ان الله لا ينصر دينه ونبيه صلى الله عليه وسلم السؤال هل الاية على الحصر ولله جنود السماوات والارض؟ اذا فاين تذهب جنود الدول وجنود الملوك وجنود الاقوام الذين صدوا وكذبوا وحاربوا. كان لقريش الجنود وكان لكثير من اعداء الاسلام عبر التاريخ جنود قاتلوا بها اهل الاسلام. ها هنا الحصر الدعائي كما يقول اهل البلاغة. المعنى ان الجند الحقيقي الذي يكتب الله له النصر والغلبة والعز والمنعة هي له سبحانه وتعالى وليست لاحد من خلقه. وان اتى الله بعد خلقه قوة او جندا او نصرا وغلبة دولة بعد دولة او جولة بعد جولة فلله الامر من قبل ومن بعد فما اتاهم النصر الا هو. ولا امدهم بالجند الا هو ولا اتاهم من الاسباب الا هو سبحانه وتعالى وما يعلم جنود ربك الا هو. يقول الامام الطبري رحمه الله اي من كثرتهم. ما يعلم جنود ربك الا هو. ويقول القرطبي رحمه الله قال وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب اهل النار لا هو اي الله عز وجل. لانه قال قبلها عليها تسعة عشر. لكن العدد لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى. وما هي الا ذكرى للبشر اي الدلائل والحجج والقرآن. وقيل النار ما هي الا ذكرى للبشر. وقيل بل هذه العدة يعني عدد الملائكة الذين اعدهم الله لتعذيب اهل النار في النار. قال وما هي الا ذكرى للبشر. يعني لتذكروا ليتذكروا وليعلموا كمال قدرة الله وانه لا يحتاج الى اعوان وانصار. وما يعلم جنود ربك الا هو. لئلا يتوهم متوهم ان تسعة عشرة فقط كما قال ابن كثير رحمه الله وقد ثبت في حديث الاسراء المروي في الصحيحين وغيرهما انه قال صلى الله عليه وسلم في صفة البيت المعمور فاذا هو يدخله في كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون اليه اخر ما عليهم ثم ذكر ابن كثير رحمه الله حديث احمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والطبراني اطت السماء قالها انت اط ما فيها موضع اربع اصابع وفي لفظ موضع قدم وفي لفظ موضع شبر الا وفيه ملك ساجد لله سبحانه وتعالى هذه السماوات على عظمتها. اذا كان هذا الحديث عن الملائكة وهي جن من جنود الله. اتتصور ان يحيط عبد وعقل وفكر بجنود الله وقد قال الله وما يعلم جنود ربك الا هو. ولا يقدر على ذلك احد. فالعظمة المطلقة لله وعظمة الله في جنده باب كريم يا عظام. يا كرام. الحديث عن عظمة الله في جنده يدعونا الى عرض بعض جند الله عز وجل المذكورة في الكتاب وفي السنة. والحقيقة ان تعدادها يطول. والحديث عن امثلتها المذكورة في الكتاب والسنة ايضا ليس بالسهل اليسير ولا بالممكن حصره في مجلس كهذا. لكن حسبنا في هذا المجلس يا كرام ان نعد من جند الله بعضا مما ذكر في الكتاب الكريم سنة الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم. والله وليس المراد من ذلك الا ان تخشى عر القلوب عظمة لله عز وجل. وان تمتلئ بباب من ابواب العظمة في خلق الله فكيف بعظمة الخالق سبحانه وتعالى؟ جنود الله كثيرة. ولن يكون الحديث الا عن بعضها في بعض ما ذكر في الكتاب وفي السنة لان الله قال وما يعلم جنود ربك الا هو. اول تلك الجنود واعظمها وما جاء سياق لاجلها في القرآن هي الملائكة الكرام عليهم السلام. وللملائكة وللملائكة ادوار خلقهم الله تعالى لاجلها. والملائكة موكلة بامر الله وتدبير امره سبحانه وتعالى فيما شاء من خلقه سماء ترضى والملائكة كما قال الله خلق كرام لا يعصون الله ما امرهم. ويفعلون ما يؤمرون. لا يسبقونه بالقول وهم يعملون وهذا مدح وثناء لهذا الخلق الكريم. الملائكة عليهم السلام. ثبت في النصوص ان الملائكة جند من جند الله قاتلت مع انبياء الله ورسله وقاتلت مع عباد الله المؤمنين نصرة لهم ودفاعا عنهم ودرءا للفساد والشر الذي يحيط به اهل الشرك والكفر والضلال. يقول الله سبحانه في غزوة بدر كما في سورة الانفال اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين امنوا. سالقي في بالذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق. هذا امر من الله للملائكة ان تشارك ليس مشاركة معنوية بالسكينة القلوب بل حتى بالضرب. قال فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان. يقول الله سبحانه اذ تستغيثون ربكم استجاب لكم اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين. وقال في سورة ال عمران في غزوة احد اذ تقول للمؤمنين فيكم ان يمدكم ربكم بثلاثة الاف من الملائكة منزلين؟ بلى ان تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة الاف من الملائكة مسومين. في يوم بدر يقول عليه الصلاة والسلام هذا جبريل اخذ بعنان فرسه عليه اداة الحرب. قاتل جبريل؟ نعم قاتل. بالة وسلاح؟ نعم بالة وسلاح. يقول ابن عباس رضي الله عنهما بينما رجل من المسلمين يشتد في اثر رجل من المشركين امامه. اذ سمع ضربة بالصوت فوقه وصوت الفارس يقول اقدم حيزوم. قال فنظر الى المشرك امامه فخر مستلقيا. واذا هو قد ختم انفه وشق وجهه كضربة السوط. فاخضر لذلك اجمع. فلما حدث النبي صلى الله عليه وسلم قال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة هذا ملك وقاتل وقتل مشركا رأي عين. ولما سئل ابو سفيان عن فرارهم يوم بدر وهزيمته وهم الف رجل مسلحون مهيئون خارجون لقتال ما قاوموا ثلاثمائة وبضعة عشر ليس فيهم الا الفارسان فسئل عن سبب الانهزام والفرار. فقال والله ما يلوموننا لقد لقينا رجالا بيض على خويض على خير ملق بين السماء والارض. والله ما يقوم لها احد. ولا يقف لها احد. فما هو الا ما ان لقينا القوم حتى ضربوا وهو وو وتعقبون يقول حتى فروا جميعا فما استطاعوا قياما ولا صمودا امام هذا الجيش. يثبت ابو سفيان رضي الله عنه وكان كم انذاك ان قتالهم يوم بدر لم يكن لبشر فقط بل ومؤيدون بالملائكة عليهم السلام. فهذا جند من جند وجاء الحديث في كتاب الله وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام عن مشاركتهم بالقتال في بدر وفي احد وفي غيرها من المواضع ولا يزال المؤمن يوقن ان الله تعالى سخر الملائكة الكرام جندا من جنده يسلطها على من يشاء من عباده ثانيا من جنود الله الريح التي ارسلها الله عقابا ونكالا. وعذب بها اقواما وامما. واما عاد فاغلقوا بريح صرصر عاتية. سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما. فترى القوم فيها صرع كأنهم اعجاز نخل خاوية. ما كانت المسألة اكثر من ريح. لا رصاص ولا قنابل متفجرة. هي ريح كانت جندا من جند ويقول الله تعالى عنه في سورة اخرى انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر. اذا كانت الريح قابل اهلك الله به امة عاد فما بقي منها احد. وكان هذا خاتمة لاستئصالهم رقابهم وابادة خضرائهم فان الريح ما زالت جندا ايد الله بها نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم. وقد سمعت قبل قليل في قصة الخندق يوم الاحزاب. يا ايها الذين امنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا. لما حاصرت الاحزاب النبي عليه الصلاة والسلام يوم الخندق ما ازالهم عن حصارهم ولا ارجعهم الى مكة خائبين خاسرين الا جند سلطه كانت ريحا سلطها عليهم فاكفأت قدورهم وخلعت خيامهم فما استطاعوا بقاء ولا انتظارا. قال اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا. ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين. نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور هذه اسماء رياح ريح الصبا وريح الدبور قد نصرت بالصبا والريح اسمها ريح الصبا اذا اتت من جهة الشمال قد اصبت بالصبا واهلكت عاد بالدبور. ثالثا من جند الله الصيحة صيحة صوت مفزع هالك. يخرق الاجواف وينزع الارواح. قال الله تعالى فاما ثمود فاهلكوا بالطاغية ماذا كان عقاب قومي ثمود؟ انا ارسلنا عليهم صيحة واحدة. فكانوا كهشيم المحتضر. ارأيت صاحب الماشية اذا اعد لها علفا فوطئته باقدامها بعد ان يبس كيف يتكسر وقد غدا جفافا يابسا او البهائم فيتكسر اعوادا يابسة كان البشر كذلك. قيل كانت الريح تأخذ الواحد منهم فترفعه الى اعلى. ثم ثم تضربه بالارض فيندك عنقه وينقطع رأسه فاذا هم كاعجاز دخل خاوي. هي ريح ليس اكثر هي صيحة كانت تخلع الاجواء ايضا في قوم ثمود في قوم شعيب وقد عذبهم الله ايضا بالصيحة. ولما جاء امرنا نجينا شعيبا والذين امنوا معه برحمة منا واخذت الذين ظلموا الصيحة فاصبحوا في ديارهم جاثمين كان لم يغنوا فيها. رابعا من جند الله الحاصد وهي حصباء او حجارة ترمى فيهلك الله تعالى بها ويقذف بها من شاء. عذب الله بها قوم لوط لكنها كانت حجارة من سجن كذبت قوم لوط بالنذر انا ارسلنا عليهم حاصبا الا ال لوط نجيناهم بسحر. وقال عنهم ايضا فلما جاء امرنا اجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد عذب الله بالحجارة ايضا والحصباء اصحاب الفيل. وارسل عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل يا حسن ايضا عذب الله تعالى بها اقواما وكانت جندا من جند الله عز وجل. خامسا من جنود الله الطوفان والغرق بالماء. في قصة نوح وقد عم الطوفان وجه الارض. واغرقت هذا الكون في في الارض الا من انجى الله عز وجل. قال سبحانه وتأمل وصف هذا المشهد العجيب. ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على امر قد قدر وحملناه يعني نوحا عليه السلام على ذات الواح ودسر تجري باعيننا. جزاء لمن كان كفر. ولقد تركناها اية فهل من مدكر؟ وفي سورة هود جاء وصفها هذا المشهد في قوله سبحانه وهي تجري بهم في موج كالجبال. ونادى نوح ابنه وكان في معزله يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ما كان قوم نوح وحدهم ممن عذب بالطوفان. بل حتى فرعون ومن معه عذبوا بالغرق. لما اطبق الله عليهم البحر وقد عبر موسى عليه السلام ومن معه على طريق يبس لا يخاف دركا ولا يخشى. قال الله تعالى وانجينا موسى ومن معه اجمعين ثم اغرقنا الاخرين في الطوفان ايضا قال الله عن قوم فرعون فارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ايات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين. سادسا من جند الله الزلازل والخسف. قال الله تعالى ومنهم من خسفنا به الارض. وقال ان نشأ نخست بهم الارض وفي قصة شعيب كان عقابا ثانيا لهم ايضا غير الصيحة الخسف الذي نالهم. قال الله تعالى الا فاخذتهم الرجفة فاصبحوا في ديارهم جاثمين. سابعا من جند الله مطر النار. نار تمطر من السماء وهي سحابة يوم شديد الحر امطرت عليهم نارا فاحرقتهم. وكان هذا ثالث العقوبات التي نالت قوم شعيب فكذبوه فاخذهم عذاب يوم الظلة. انه كان عذاب يوم عظيم. ثامنا المطر. الماء الذي يأنس به الناس ويفرحون بنزوله فتسقى به الارض والبهائم والانس وتكون حياة لمن على وجه الارض لكنه يكون عقابا يسلطه الله على من يشاء يوم بدر انزل الله مطرا. فكان على المؤمنين طلا خفيفا تثبيتا وسكينة. وكان على قريش وجندها وحلا وطينا تنزلق له الاقدام ولا تقف له الخيول. قال الله سبحانه وتعالى في يوم بدر وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به. ويذهب عنكم دجز الشيطان. وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام مطرا واحدا لكن الله جعله نصرة لعباده المؤمنين. نبينا صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحب الكرام رضي الله عنهم وكان عذابا وهو مطر واحد. ولا تعجب فهو جند يأتمر بامر الله. ارسله الله في مكان واحد ونزل السحابة واحدة لكنه لما ائتمر بامر الله كان جندا ينصر الله به عباده ويعذب به الكفرة والطغاة تاسعا من جند الله الرعب والهلع والخوف الذي يهز اركان القلب فيقطع نياطها. وكم هزمت جنود بالرعب قبل حضور ساعة القتال في الميدان. يقول عليه الصلاة والسلام ونصرت بالرعب مسيرة شهر. في غزوة بني النظير وقد تحصنوا في قال الله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر. ما ظننتم ان يخرجوا. تدري لما قال ما ظننتم ان يخرجوا لانهم كانوا متمنعين في حصون لا يظن احد انه يمكن لهم ان يستسلموا. او ينزلوا عن حصونهم او يمكن ان يدخل اليهم احد لشدة ما امتنعت به الحصون وامتلأت قوة ومتانة واعدادا وتهيئة. قال الله ما ظنك ظننتم ان يخرجوا وهم قال وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله اما الاسوار فعالية واما البناء فمنيع واما الابواب فمغلقة واما الزاد والطعام والادخار فكله متوفر الاسباب قال الله عز وجل فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ما كان من باب ولا من فوق سور حصن. قال وقذف في قلوبهم الرعب. تدري ماذا حصل؟ يخربون بيوتهم بايديهم وايدي المؤمنين. خلع او ابواب بيوتهم فارين هاربين. يطلبون الصلح ويرضون باي شيء. فسبحان الله العلي الكبير. والله يا كرام اما تنقطع في نظرنا اسباب الدنيا وقوتها والاتها وسائر اسبابها ثق تماما ان لك ربا عظيما يملك سبحانه من الجند ويسخر ما شاء من الخلق لينصر عباده واولياءه ومن شاء سبحانه وتعالى. في الرعب ايضا قال الله في بدر سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب يخاطب الملائكة. اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم. فثبتوا الذين امنوا سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان. وقال ايضا في احد سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. وقال ايضا وانزل الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من صياصيهم. وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا. وهذا كله يا كرام دليل على ان من جند الله ما هو محسوس وما هو سوى ذلك. فجند الله من الملائكة ما لا يرى ومن جند الله عز وجل في المطر والسحاب والزلازل والخس ما يمكن ان يدرك بالحواس وفي الله من مثل الرعب الذي لا تراه الا سبيلا ينصر الله به عباده فلا ترى له حسا ولا تحس له شيئا من اثر من جند الله عز وجل الجوع والله عز وجل قد سلطه على بعض عباده. قال ولقد اخذنا ال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون. يبقى الجوع ومهلكا لابن ادم ويبقى الجوع اداة ينكسر بها صلبه. ويندك بها جبروته وطغيانه. قال الله تعالى وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان. فكفرت بانعم الله الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون الحادية عشر من جنود الله عز وجل الصواعق. قال الله عز وجل ويسبح الرعد بحمده. والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء. وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال. ثاني عشر الحشرات وهي خلق حقير تستهين به وتراه من صغره وحقارة شأنه يمكن ان تطأه بقدمك او تقتله بظفرك ان شئت والله عز وجل عذب به اعتى العتاة واطغى الطغاة ومن زعم الربوبية ونازع الله في الالوهية قال انا ربكم الاعلى. قال الله تعالى فارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والظفادع والدم ايات مفصلات وذكر المفسرون في هذا اثارا عجيبة كيف ان الضفادع غزت بيوتهم منازلهم مزارعهم مساكنهم قالوا ان كان احدهم ليرفع الغطاء اناء فيجد فيه الضفادع داخل القدور والاوعية وداخل الاوسدة وفوق الفرش وفي كل مكان. وكذلك القمل حشرات وسوس تسلطت على ابدانهم رؤوسهم شعورهم على دوابهم على طعامهم فاتلفت وافسدت كل شيء. هذه الحشرة التي لا تلقي لها بالا وتظن ان انها من الحقارة ما يكفيه ان تقتله بظفرك لا غير. لكنها كانت عذابا وجندا سلطها الله عز وجل على هذه الامة الطاغية فرعون ومن معه وملأه الذين تكبروا وتجبروا. والدم قيل الدم كان رعافا اصابهم. فاتعبهم فصارت مناخرهم تسير به وتخر به. وقيل بل كان الدم عقابا تحولت به مياههم وانهارهم الى دم عبيط فاحدهم اذا اتى ماء او بحيرة او نهرا او صب في كوز وكوب ونحو لا يجده الا دما لا ينتفع به في شرب ولا استعمال عدا ذلك فانها جند عظيم وجماع ذلك ان الله عز وجل يأخذ كل امة او فئة او عبد اذا شاء عقاب من عنده ويسلط ما شاء من جنده. فكلا اخذنا بذنبه. فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا. ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون. هذه تعداد اثني عشر عشرة جندا من جنود الله. واذا اردنا ان نضيف اليها فيمكن ان تتحدث عن جنود الله من عباده المؤمنين المجاهدين في سبيله فانهم من جنود الله. والله عز وجل يسخرهم لمحاربة الكفرة والطغاة لقد كانت جيوش اهل الاسلام في كل زمان ومكان جندا من جنود الله. بل انك لما تتأمل قول الله عز وجل في سورة الفتح ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما. فانها جاءت في اخر الاية التي كان مطلعها هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم. قال ولله جنود السماوات والارض. قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله اشارة الى ان المؤمنين من جنود الله. وان انزال السكينة عليهم تشديد لعزائمهم. فكانوا جندا وايدهم الله عز وجل وكان لهم من الفخر والشرف ان كانوا من جنود الله عز وجل في تلك المواقع التي التي سخرهم الله تعالى فيها لرفع راية الجهاد والذب عن الدين ودفع الحرمات ومقاتلة من عدا وطغى وتعدى. هذه يا كرامة قال هي محاولة لتسليط الضوء على طرف من جنود الله. والا فان الامر كما قال الله وما يعلم جنود ربك الا هو الحديث في هذا المجلس وغيره واضعاف اضعافه طرفا يتحدث فيه من شاء عن طرف من عظمة الله عز وجل في هذا الكون ويبقى عنوان ذلك الاكبر وما يعلم جنود ربك الا هو. يا كرام من المهم ان يكون لنا بعد هذه الاطلالة التي اطفنا فيها بطرف من جند الله فيما جاء في كتاب الله الكريم وسنة رسوله الامين صلى الله عليه وسلم ان نتحدث عن نقطتين نختم بها هذا المجلس اولاهما مجالات تلمس عظمة الله في جنوده. وقد سمعت منها طرف ورأيت فيها مما سخر الله تعالى من جنده مواضع عدة وانواعا من جنود الله عز وجل. فانك يمكن ان تجعل ذلك جسرا تعبر به الى تعظيم الله الذي تبحث عنه لتملأ به قلبك. ويفيض به على جوانحك وتمتلئ بها جوارحك تعظيما لله عز وجل امور عدة منها اولا معرفة ان لله جندا سبحانه وتعالى. مجرد ادراك هذا المعنى هو باب عظيم يا احبة والله عز وجل قد اخبرنا بها. فلما قالوا ولله جنود السماوات والارض. قالوا وما يعلم جنود ربك الا هو. واخبر عن انزاله الجند تأييده لعباده بالجند. ان تعرف ان لله جندا فهذا من تعظيم الله. وهي اسباب ينصر الله تعالى بها عباده اولياءه. فلماذا سماها جنودا سبحانه وتعالى؟ سماها جنودا تشبيها لها بالجنود. التي تقاتل وتنتصر. هذا باب اذا يقودك الى تعظيم الله ان تدرك ان لله جنودا. والله عز وجل من عظمته اتخذ من الجنود ما يليق بعظمته سبحانه وتعالى. ثانيا تملأ صدرك تعظيما لله بما تقف عليه من عظمة قوة جند الله. ولو كانت قبلة او ضفدعا او حشرة فعظمتها في قوتها لا في حقارة خلقها او في عظمته. قال الله تعالى وان جندنا لهم بالله عليك الست ترى ان قوة كل جند بحسب من هي له من الملوك والعظماء فيعظم الجن بعظمة الملك والمملكة والسلطنة والقوة والحكم. فاذا كانت الدولة عظيمة كان جندها قويا وبالعكس تضعف الدول ويضعف الحكام فتضعف جنودها بالله عليك اذا تعاظمنا جيشا وجندا بعظمة وحاكم، فما ظنك بعظمة الخالق وعظمة جنده سبحانه وتعالى؟ والله انه لمما يزيد العبد تعظيما ان يعرف عظمة قوة جند الله. فهذه خطوة ثانية اولاها ان تعلم ان لله جنة. ثانيها ان تعلم عظمة قوة هذا الجن ثالثها ان تعظم ان تعلم عظمة هذا الجند كثرة فهي قوية وهي كثيرة ايضا وما يعلم ربك الا هو فمنها الملائكة وقد قاتلت في بدر واحد. والريح التي ارسلت يوم الاحزاب والمطر الذي نزل يوم بدر ومن جنود الارض كما قلنا جيوش اهل الايمان وعديد القبائل المقاتلين والطائعين ومن سالم ومن نصر ومن ايد كل ذلك من جنود الله عز وجل. بل ان من جنود من البشر يا كرام اهل الكفر اذا استخدمهم الله لتصل لدينه. وهل ينصر كافر اسلاما؟ بلى. اما ايد الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام بابي طالب طيلة حياته بمكة يحميه وينصره. ومصداق ذلك في الحديث الصحيح ان الله لا يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر قد يستخدم الله عز وجل عبدا من عباده على كفره وظلمه وعلى عدم ايمانه لينصر بيده فيقول كلمة حق اهل الاسلام في موقف ويكون له نصرة للاسلام والمسلمين. فهذا من عظيم تسخير الله لمن شاء من عباده ولو كانوا على غير ايمان به سبحانه وتعالى او بدينه. فهذا سبيل ثالث عظمة جند الله كثرة. السبيل الرابع عظمة جند الله بنسبتها الى الله فهو كفى بمجرد ان يكون اسمها جنود الله ولله جنود السماوات والارض. قال وما يعلم جنود ربك؟ قال وان دنا هذه النسبة الى الله شرف لكنها شرف فيه من العظمة والجلال لانها جند منسوبة الى الله عز وجل. في ولله جنود السماوات والارض. ولما قدم الجار المجرور على جنود قدم المسند على المسند اليه لافادة الحصر كان يمكن ان يكون السياق جنود السماوات والارض لله. لكن تقديمها قبل لافادة الحصر وهو كما مر بكم حصر الادعاء لأنه لا اعتداد بما يجمعه الملوك والفاتحون والجلود من الجنود والجيش والبشر فان الجند الحقيقي لله عز وجل. هذه سبيل او سبل تقودنا الى ان نوظف هذا الباب من جند الله عز وجل لنجعله مدخلا لتعظيم الله عز وجل في القلوب. والسؤال الذي نختم به هذا المجلس كيف يكون لايماننا ومعرفتنا بجند الله بجوانبها الاربعة ان لله جندا وانها منسوبة الى الله تشريفا وتعظيما وانها عظيمة قوة وعظيمة كثرة. كيف نجعل من هذا ايها الاحبة الكرام بابا يوطد الايمان وكيف نجعل له اثرا عظيما في حياتنا معشر العباد بصدق يا كرام طالما صلينا وركعنا وسجدنا. وصمنا وتصدقنا وذكرنا الله اناء الليل اطراف النهار. وفتحنا فقرأنا او سمعنا كلام الله يتلى. والله الذي لا اله الا هو شتان بين عبد يؤدي مثل تلك العبادات وقلب يقطر تعظيما لله فيكون لركعته وسجدته ودمعته وذكره وتسبيحه وتهليله وتكبيره والاية التي يقرأ والسورة التي يسمع والله شتان بين عبد يؤدي تلك العبادات قلبه يقطر تعظيما لله واخر اعتاد تلك العبادات وذهنه شارد. وقلبه غافل. وعظمة الله قد حجبت عليها كثير من الحجب واضعفتها كثير من الحواجز وارهقته الذنوب فبعد عن الله. والله شتان. يقف اثنان في الصف بجوار بعضهما. يصليان صلاة واحدة خلف امام واحد. واحدهم اذا قرأ الامام اهتز بدنه كالقدر له ازيز كازيز المرجل. وصاحبه يسمع الاية ذاتها في صلاة هي الصلاة نفسها خلف امام واحد. لان قلبا حاضرا ملئ تعظيما الى فنزل القرآن فاذا هو سكينة وانس وخشوع. يركع ويسجد يسبح الله ناطقا ينزه فيها الله. تذكر ربك اذكار الصباح والمساء. شتان بين ان يصدر هذا التعظيم وانت مدرك عظمته ربك لهذا الكون عندما تصبح وتمسي لتقول اللهم ما اصبح بي من نعمة او باحد من خلقك فمنك وحدك. فلك الحمد لك وتستعيذ به متحصنا فتقول اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم. والله اذ نقولها والقلوب عامرة بهذا المعنى العظيم من التعظيم تشعر انك تأوي الى حصن حصين. وانك تعتصم بركن شديد فلا والله ما يضرك شيء. ولو اجتمعت عليك الانس والجن اجمعون. شتان يا اخوة بين قلوب ملئت تعظيما لله. فشعرت ان هذا المعنى زادها ايمانا بالله نجعل هذا اول اثار تعظيمنا لله بعلمنا بجند الله. ان يزيدنا ايمانا بالله بمزيد تعظيمه. والايمان اعظم اركان الايمان عندما تدرك عظمة جند الله قوة وكثرة ونسبة عظيمة الى الله فانت من تعظيمك لله. يا اخي اذا تعاظم خلق من خلق الله في قلبك. فكيف بعظمة الخالق سبحانه؟ اذا تعاظمت ملائكة والنبي عليه الصلاة والسلام يقول اذن لي ان احدث عن ملك من حملة العرش فاخبرنا بعظمة خلق تطيش لها الالباب وتذهب لها العقول يقول ما بين شحمة اذنه وعاتقه مسيرة خمسمائة عام يخفق فيها الطير. يا اخي هذا ملك. فما بالعرش الذي يحمله ثمانية من الملائكة. فكيف بعظمة الخالق سبحانه؟ لما حدثنا الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم عن باب من الغيب فيه طرف من العظمة الا للوقوف. وملئ الصدور بعظمة الخالق عز وجل. والله تحتاج قلوبنا اهل الايمان. لان تزيد فيها جرعاتنا من التعظيم لله يوما بعد يوم بل ساعة بعد ساعة هذا في القرآن الكثير. الامر بالنظر في خلق الله وملكوت الله. اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض؟ وما خلق من شيء الى الان ما نظرت قال سبحانه وتعالى والارض مددناها والسماء بنيناها قال وزيناها للناظرين. فكم مرة نظرت في السماء لتدرك انها اية كم مرة اصبحت وامسيت والليل والنهار يتعاقبان والشمس والقمر كل في فلك يسبحون فادركت انها اية كم مرة هبت بك انسام الرياح فلا تدري من اين اقبلت والى اين ستدبر فادركت انها اية. كم مرة شربت من الماء الزلال تنعمت بنعم الله في هواء يتردد الى صدرك وطرف عين لك يتعاقب فادركت انها اية. افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطحت الامر بالتفكر في تلك المخلوقات في الكون لادراك عظمة الله عز وجل هذا من اعظم الاثار لعلمنا بجنود الله عز وجل لنملأ بها الصدور تعظيما لربنا الكبير سبحانه وتعالى ثانيا من الاثار التي نملأ بها الصدور تعظيما لربنا سبحانه وتعالى. ونحن نقف على هذا الباب من عظمة جند الله ان تمتلئ القلوب بقوة التوكل والصدق واليقين مع ربنا عز وجل. نعم. فمن امتلأ صدره عظمة جند الله ركن قلبه الى ركن شديد. واوى الى عص حصن حصين وعلم ان له ربا عظيما. يا اخوة خصوصا في اوقات الضعف والانهزام. تحتاج القلوب الى ان تمتلئ بان لها ربا عظيما يملك السماوات والارض وما بينهما وان لله جندا يسخره لمن شاء متى شاء سبحانه فيحقق بهم وعده الكريم. ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين انهم لهم المنصورون فاذا من اعظم الاثار التي يمكن ان نرتجيها في حديثنا عن جند الله وعظمته وعظمة الخالق سبحانه وتعالى اثار عدة كان اولها الحديث عن مزيدنا في الايمان بالله وتعظيمنا لله سبحانه وتعالى. وكم لذلك من الاثر الحميد في عبادتنا معشر العباد وفي قربنا من الله وفي تعرفنا الى الله عز وجل. وكلما كان العبد بربه اعرف كان له اعظم ومن كان لله اعظم كان عند الله اعظم. واعظم العباد عند الله اعظمهم تعظيما لله. وكلما رام العبد اقترابا وولاية وحفظا ونصرة ليس عليه الا ان يزداد من تعظيمه لله. وجند الله عز وجل في عظمتها طريق الى للخالق سبحانه وتعالى. اما الاثر الثاني الحميد المرتجى لعلمنا من علمنا بجند الله عز وجل فهو قوة القلب في عبادته وعلاقته بربه. عندما تعلق قلبك برب عظيم. فان قلبك يكتسب من الايمان عظيم بالله ما يزيده قوة وشجاعة وثباتا وجرأة. عندما يصدق تعظيمنا لله سيقوى توكلنا على الله وعندما يعظم ربنا في نفوسنا سيعظم صدقنا في التعامل مع الله سيزداد حبنا لله فنزداد خوفا من الله وسنكون اكثر حسن ظن بالله عز وجل. كل عبادات القلب ستختلف. اذا امتلأت القلوب تعظيما وستجد ان عبادات القلب تمسي اكثر قربا من الله وصدقا في تعاملها مع الله لانها امتلأت بتعظيم الله. عندما يمتلئ القلب بعظمة جند الله. فانه يركن الى رب عظيم. والى جند له عظيم ايضا. فيزداد القلب صوخا وثباتا وجرأة وشجاعة. نحتاج يا كرام الى هذا المعنى خصوصا في اوقات الظعف والانهزام. لما تمر الامة بفترات فيها اضطهاد وفيها ظلم وفيها ضيم وفيها اعتداء على الحدود وعلى الحرمات وانتهاك للحقوق. تحتاج الامة وان تمتلئ صدورها بان لنا ربا عظيما. فلا نضعف ولا نستكين. وما الحل وما الحيلة اذا؟ عندما يأخذ العبد بالاسباب يوقن ان ربه الكبير سيؤيده بجند من عنده. خرج المؤمنون يوم بدر وكانوا قلة. بضعة عشر وثلاثمائة هزئ بهم اهل النفاق. اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم. قال الله ومن توكل على الله فان الله عزيز حكيم. تدري لما اعتبروا ملاقاة ثلاثمائة وبضعة عشر لالف اعتبروها غرورا واخذوها استهزاء لانهم لا يحسبون الا بالماديات. ورأوا ان الثلث لا يقوى على مقابلة اضعافهم بثلثين وزيادة لكن الله تعالى اخبر ان لحسابات الايمان نظرة اخرى. قال ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم. وسينصره ونصره سبحانه. بجنده الذي لا قبل للالف ولا بالالوف اضعافه. لهم مقابلة ولا قوة ولا عتادا. في قصة موسى عليه السلام لما فر من فرعون ومن معه واتبعهم فرعون بجنوده حتى ادركوا ساحل البحر وامامهم رماء. قال اصحاب موسى انا لمدركون قال موسى عليه السلام بقلب المؤمن الذي امتلأ تعظيما وركونا الى رب عظيم. قال كلا كيف الا والجند من ورائه والبحر من امامه. قال كلا ان معي ربي سيهدين. ولان لا تظن ان موسى عليه السلام قد بلغه الوحي من قبل كان يتحدث عن علم سابق ما كان يدرك حينها ولا اتاه الوحي لان الله قال بعدها فاوحينا الى موسى. ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم. اذا فما الذي كان عند موسى من قبل؟ وما الذي ركن اليه في الجواب الواثق لما قال كلا يقولون انا لمدركون وهو يقول كلا. والله لقد كان يركن الى علم عظيم بالله. والى قلب ممتلئ بتعظيم الله. هو ذاته الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم للصديق صاحبه ابي بكر رضي الله عنه لما كانا في الغار. وقد ادركهم البحث الى بالغار يقول ابو بكر يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدميه لابصرانه وقد وقفوا على فم الغار. فيقول يا ابا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ والقرآن يقول لا تحزن ان الله معنا. تتبدد والله يا اخوة كل المخاوف واسباب الضعف والانهزام عندما تمتلئ القلوب بعظمة الله عز وجل الذي له جند هي جنود السماوات والارض وما يعلم جنود ربك الا هو. ثالثا من الثمرات المرتجاة في علمنا بجنود الله عز وجل. في مثل هذا المقام امام العدو وعدم الضعف ولا الركون ولا الانهزام. ذلك بان الله مولى الذين امنوا وان الكافرين لا مولى لهم في كثير من المواضع في المواقف في المواقع في الحروب على مر التاريخ كان المشركون ولا يزالون اكثر عددا وعدة وعددا وعتادا. لكنها ما كانت يوما وحدها هي الحساب الاوحد في ميزان اللقاءات ولا السجال بين اهل الكفر والايمان وقد قال الله تعالى في قصة طالوت وجالوت كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة. كم من وهذه للتكفير حصل هذا كثيرا في حياة البشر. كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله. فاذا امتلأت القلوب بهذا المعنى ليس معناها ان تركن الامة المسلمة الى مجرد ايمانها بجند الله فتنطلق عارية صدورها مفرطة في الاسباب لتقول ان الله ما معنى؟ لا اعظم المتوكلين نبينا صلى الله عليه وسلم. اتى يوم احد وقد ظاهر بين درعين. يلبس الناس درعا ويلبس درعين زاد توكله فازداد في الاخذ بالاسباب عليه الصلاة والسلام. عندما نصدق في هذا المعنى وتمتلئ القلوب لن تكون الاعتاد لن تكون الاعداد ولا العتاد ولا العدة يوما ما لن تكون حاجزا. ستكون دافعا بمزيد ايمان وثقة ويقين. ان لنا كبيرا وله من جند السماء والارض ما شاء سبحانه وتعالى. اخيرا فمن الثمرات المرتجاة ان تكون هذه المعاني سلوى لكل قلب محزون مظلوم مضطهد شعر يوما بالضيم وان حقه قد زال بين يديه ولا يجد الى الى نصرة ولا الى اخذ حق ورد اعتبار ليطمئن قلب المسلم الممتلئ تعظيما بربه عز وجل الواثق بعظمة جنده في السماء وفي الارض ان الله عز وجل قادر على نصرته. ولو بدعوة يرفعها في جوف الليل وفي سجدة اذ يطرق بها ابواب السماء فيهتز لها الكون ليقول لها الرب عز وجل لانصرنك ولو بعد حين تستهين القلوب كل الصعاب. ويهون عليها كل شدة وضائقة قد تلقاها في الحياة عندما تؤمن وتثق تمتلئ القلوب بان لها ربا كبيرا عظيما. وان له من الجند ما شاء سبحانه وتعالى. وختاما ايها الاحبة الكرام كان هذا المجلس جرعة وكان نفحة اردناها ان تكون في باب تعظيمنا لله عز وجل. وان ننصرف وقد ازدادت القلوب ايمانا. وقد تقدمت في تعظيم الله الى الخطوات اماما. وانها علمت ان الله عز وجل يكرم القلوب التي تعظمها عز وجل. وان لها افضل من معية الله ونصرة الله وحفظ الله بقدر ما تحمل في طياتها من تعظيمها لله عز وجل. فنسأل الله جلت قدرته باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يجعلنا واياكم من اقرب من تقرب اليه. ومن اوجه من توجه اليه ومن اخصهم زلفى لديه. اللهم املأ صدورنا بتعظيمك واجلالك وحبك وخشيتك يا ذا الجلال والاكرام. اللهم الزمنا عتبة وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية اله الحق يا سميع الدعاء. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين