بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واصلي واسلم على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد اخوة الاسلام فحياكم الله جميعا ومرحبا بكم في هذا اللقاء الذي ياتي ضمن برنامج وسلسلة الدورة العلمية الصيفية المتعلقة بهذا الموضوع النازلة ببلاد المسلمين بل بالدنيا كلها. بهذه الوقفات والتأصيل الشرعي والتناول المنهجي. لما يتعلق بجائحة اتي هذا الوباء العالمي كورونا. في الدورة المعنونة لها باذكاء القرائح في احكام الجوائح البرنامج الذي تشرف عليه الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ممثلة في ادارة التوجيه والارشاد بالمسجد الحرام وبمشاركة ثلة ونخبة من اهل العلم وفقهم الله وسددهم ونفع بهم. هذا اللقاء في ضمن هذا السياق يأتي بعنوان تطبيقات في الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس. والمراد بهذا اللقاء تناول هذا الموضوع الشرعي من هذا المنطلق وبين يدي هذا الموضوع مقدمات لابد منها اولها الحديث عن مقاصد الشريعة لان حديثنا عن حفظ الدين وحفظ النفس والموازنة بينهما فرع عن الحديث عن مقاصد ضد الشريعة هذا العلم الجليل الذي يعني بتناول اسرار وحكم ومقاصد وغايات التشريع التي شرعت من اجلها الاحكام فان لله جل وعلا حكما عظيمة بالغة في كل شأن من شؤونه سبحانه وتعالى ودينه جل جلاله وشريعته والحلال والحرام على رأس تلك الامور التي تقطر حكمة وجلالا وتتضمن من الاسرار والمقاصد ما هو اوسع من ادراك العباد ولو اجتمعوا. عناية علماء الاسلام بمقاصد الشريعة يأتي ضمن استيعابهم وحرصهم على فهمي وادراكي وفقهي اسراري الشريعة واحكامها وحكمها. احكام الشريعة الحلال والحرام والواجبات والمستحبات والمندوبات والمكروهات والمحرمات والمباحات كلها ضمن الاحكام التكليفية التي يهتم بها علم الفقه يقرره الفقهاء لكن الحكم الشرعية والاسرار والمقاصد هي التي يهتم بها جانب مقاصد الشريعة الاسلامية. اذا كان هذا المدخل حفظكم الله سنتناول الحديث عن ان مقاصد الشريعة الاسلامية تعني ادراك تلك الحكم والغايات والمقاصد الجليل ويأتي على رأسها واعظمها واجلها عناية الشريعة بتحقيق المصالح. ودرء المفاسد فانه قد استقر بالاستقرار والتواتر وبكل ما تضمنته جزئيات الشريعة وكلياتها ان الشريعة جاءت بحفظ مصالح العباد في عاجلي والآجل. جاءت بتحصيلها وتكميلها. وانها في الوقت ذاته جاءت بدرء المفاسد والشرور عن العباد في العاجل والاجل بدفعها وتقليلها ما امكن. هذا الاصل الكبير تقوم عليه الشريعة كلها. وهذه المصلحة التي يعنون لها بالمصالح الشرعية قد قسمها اهل العلم الى مراتب ثلاثة مرتبة الضرورات ومرتبة الحاجيات ومرتبة التحسينيات واعظم هذه المراتب هي الضرورات لانها ما لا تتم الحياة الا بها ولا تستقيم حياة العباد ولا يمكن ان تنشأ على اقرار وامان وتقوم الحياة كما اراد الله الا بتحقيقها. ويترتب على فواتها هلاك المهج وفساد الحياة والهرج والمرج الذي لا تقوم به للحياة قائما. ومن هنا سميت بالظرورات. وهذه الضرورات الشرعية التي تأتي على رأس واعلى هرم المصالح الشرعية تنقسم الى انواع خمسة او ستة على تقسيم بعض اهل العلم وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال هذه الضرورات الخمس هي المصالح الشرعية الكبرى هي اعظمها واجلها، بل هي الضروريات التي لا تقوم الحياة الا بها كما تقدم العناية بمقاصد الشريعة لها اهمية بالغة اذ هي ظلع اساس ومحور ومرتكز ام في فقه الشريعة وتقرير احكامها. الفقيه يحتاج الى نظر في الادلة الشرعية لتقرير الاحكام. ويحتاج ايضا الى استنباط وتأمل يحتاج مع ذلك الى فقه جليل لمقاصد الشريعة وادراك اسرارها وحكمها ليكون ذلك ادعى ان تكون اجتهاداته استنباطاته وفهمه وتقريراته في اطار ما قررته مقاصد الشريعة لا يخرج عنها بل يتفق وينسجم معها سواء هذه اطلالة لبيان اهمية مقاصد الشريعة والعناية بها وانها جزء اساس لا ينفك عنه فقه الفقيه ولا تستطيع من دونه تقرير الاصول الشرعية لبيان الاحكام التي جاءت بها شريعة الاسلام في بيان احكام العباد في عباداتهم ومعاملاتهم وكل شئون حياتهم على حد سواء فان الله اراد ان تكون شريعة الاسلام باقية خالدة صالحة لكل زمان ومكان وكانت شريعة الاسلام وكتاب الاسلام ودين الاسلام ناسخا لغيرها وما سبقها من الاديان والكتب والشرائع والمنة لله وحده والفضل له جل جلاله. والذي امتن على عباده فقال اليوم اكملت لكم دينكم. واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. فمقاصد الشريعة بهذا الاعتبار ذات اهمية بالغة في النظر الفقهي التأصيلي لتقرير الاحكام الشرعية هذه اولى المقدمات اما ثانيتها فهذا الوباء العالمي كورونا الذي اجتاح البلاد والعباد فلم يذر بلادا الا دخلها ولا دولة الا زارها وكان في ذلك ما حصل من هلاك الانفس والابدان والصحة وتداعي الناس في سياق هذه الجائحة التي تعد سابقة تاريخية لم تشهد الامة لها مثيلا في احوالها. وتداعياتها وفي اثرها على حياة الناس عامة. وحياة اهل الاسلام خاصة ولان هذا الوباء نازلة من النوازل وهو ايضا من الحوادث المستجدة التي جدت في حياة الناس فانها احوج ما تكون الى عناية فقهاء الاسلام بالنظر وتقرير ما يتعلق بها في احكامها وتأصيل نازلتها. كسائر نوازل التي تتعلق بدنيا العباد فان فقهاء الاسلام لا يألون جهدا في بيان احكام كل النوازل طبية كانت او اقتصادية او وصحية في اي وجه من وجوه الحياة لان شريعة الاسلام جاءت مهيمنة على حياة البشر يتحقق فيها المقصود الاعظم من خلق الذي قال ربنا جل جلاله عنه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين. فيأتي حياة العباد وكل ما يتعرضون له وكل ما ينزل بهم من نوازل ياتي في سياق هذه الهيمنة لشريعة الاسلام على حياة لتقرير احكامها والواجب على المكلفين في كل زمان ومكان ان يبحثوا عن حكم الله تعالى ليمتثلوه وان يكونوا مستظلين بظل شريعة الاسلام في كل شؤون حياتهم لا فرق فيه بين صغير وكبير ودقيق وجليل. وكانت هذه وظيفة فقهاء الامة وعلمائها البررة منذ زمن الصحب الكرام رضي الله عنهم فمن بعدهم من التابعين وتعاقب هذا الدور اجيال الامة جيلا بعد جيل حتى ورث علماء الاسلام هذا الزمان هذا الدور يرث ميراث الشريعة بحقه والنظر في نصوصه الشرعية واحكامها قواعدها لتقرير النوازل التي تنزل بدنيا العباد. ونحن على تاريخ الاسلام الطويل لم تشهد الامة يوما ان فقهاء الاسلام ايديهم معتذرين عن عدم وجود حكم يقررونه للامة في اي نازلة من نوازل الحياة. ووجدوا في نبع الشريعة المتدفق وبحر للامواج المتلاطمة وجدوا فيه ما يسعف تلك النوازل وما يحتاج اليه العباد وما يغنيهم عن السؤال ليمتثلوا امر الله جل في كل شأن من شؤون حياتهم على حد قوله تعالى ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين ثالث هذه المقدمات ان ما يتعلق بهذه الجائحة وهذا الوباء العالمي كورونا. وما يتعلق به من اثار تداعت في كل جوانبها على حياة المسلمين عامة وعلى عباداتهم لله من صلاة وصيام واعتكاف وحج وعمرة. كان ذلك له اثر خاص ايضا استدعى هذا تأصيلا شرعي وان يكون المسلمون في عبادتهم في ظل هذه الجائحة. حيث احتاجوا فيما استدعته تلك الجائحة الى تعطيل حضور المساجد لشهود مثلا والجماعات وصلاة العيدين او الاعتكاف في المساجد او اقامة الحج والعمرة على نحو ما ووجه من الوجوه. هذه عبادات ليلة ولن ينفك اهل الاسلام في تقرير احكام هذه المسائل عن تقريرها وفق شريعة الله باصولها ونصوصها وقواعدها بها المعتبرة وكلياتها الجامعة ومقاصدها التي نتحدث اليوم عن طرف منها وهو الحديث عن حفظ الدين وحفظ النفس وكيف راعت ذلك وجاءت بالحفاظ عليه. هذه مقدمات ثلاث يا كرام نختمها في هذا التمهيد الذي نصل به الى مضمون الحديث في عن الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس وتطبيق ذلك فيما يتعلق باحكام العبادات في الصلوات ونحوها في هذا الوباء الذي امة الاسلام اليوم تقدم ايها الكرام قبل قليل عن الحديث عن ان المصلحة الشرعية التي تقررها المقاصد تأتي في اعلى رتبتها بمرتبة الضرورات والضرورات الشرعية خمسة انواع. النوع الاول حفظ الدين والثاني حفظ النفس. والثالث حفظ العقل. والرابع حفظ العرض والخامس حفظ المال زاد بعضهم حفظ النسب او النسل هذه الضرورات الخمس الشرعية كما يقول اهل العلم جاءت مقررة في شريعة الاسلام. فانك لا تجد حكما في العبادات ولا المعاملات الا وهو تحتها هذه الخمسة لا يخرج عنها بحال. كل احكام الشريعة وكل مسائلها وتفاصيلها جاءت لتقرير هذه الضرورات الخمس. وان شئت فقل جاءت لحفظها وتحصيلها في حياة العباد ودرء كل ما يفسدها او يتلفها او يفوتها من اجل ان تقوم العباد على اكمل وجه في طاعة الله وسعادة وهناء ليقطعوا بحر الحياة الدنيا هذه الى الاخرة. فيجدون هناك النعيم المقيم جزاء الاخروي الكريم من عند اكرم الاكرمين سبحانه وتعالى. هذه الضرورات الخمس والحديث عنها وتقريرها وفقهها يأتي في جوهر عن علم المقاصد الشرعية وهو صلبها الاكبر. والحديث عنها وعن مسائلها وتفاصيلها وتفريعاتها هو من صميم عناية علماء الاسلام بالمقاصد الشرعية لاستنباط ما يحتاجون اليه في تقرير الاحكام وخصوصا في النوازل والمستجدات كالتي تكلمنا عنها قبل قليل. في هذا التمهيد ساكتفي بالحديث عن الضرورتين الاوليين وهي حفظ الدين وحفظ النفس باعتبارهما عند اهل العلم اعلى راتبي واقواها رتبة فانه آآ قررت الشريعة تقديم هذين الجانبين حفظ الدين وحفظ النفس على غيرهما وباطلالة يسيرة يمكن ان نقول المراد بحفظ الدين حفظ الشريعة وبقاء احكامها والحرص على ان تكون الشريعة في شعائر ومعالمها في حياة المجتمعات المسلمة قائمة. ومن اجل ذلك فرضت الصلوات لحفظ الدين. ومن اجل ذلك اقيمت شعائر الاسلام فيرفع الاذان وتبنى المساجد ويعلم القرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لابقاء الدين محفوظا من اجل حفظ الدين كانت شريعة الاسلام تطبق احكامها بين المسلمين في احكامهم واقضياتهم وتخاصمهم وتداعياتهم فتقام المحاكم الشرعية حفظا لدين المسلمين من اجل حفظ الدين تقام اركان الاسلام الصلاة والصيام والزكاة والحج من اجل حفظ الدين يشرع الجهاد لدرء الشر ودفع الفساد لاجل بقاء الدين من اجل حفظ الدين قررت جملة عظيمة عديدة من احكام الاسلام وشرائعه العظام حفاظا على والحفاظ على الدين يأتي من جانبي الوجود والعدم. والمقصود بجانب الوجود ان يحفظ على الاسلام باحكام تضمن للاسلام بقاءه ومن جانب العدم دفع كل ما يمكن ان يفسد دين الاسلام او يذهبه. ولذلك حرمت الردة ان يرتد المسلم عن دينه بعد ان من الله عليه بالهداية من اجل حفظ الدين. من اجل حفظ الدين ايضا منع عبادة غير الله وحرم الشرك بالله وكان في اعظم الكبائر التي التي اخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حفاظا على دين الاسلام ان يبقى ولشريعة الاسلام ان تكون مهيمنة في حياة المسلمين مثل هذا الكلام يتكرر تماما في جانب حفظ النفس وهو الضرورة الثانية او الجانب الثاني من الجوانب الخمسة التي راعت الشريعة حفظها افي الضرورات الشرعية والمراد بحفظ النفس سلامة النفس الانسانية المسلمة من الموت والهلاك والمرض وكل ما يتلفها لان الشريعة تنظر الى ان نفس المسلم معصومة الدم محرمة عظيمة عند الله عز وجل. كيف وقد اختلطت بهذه النفس المسلمة عقيدة الايمان بالله والتوحيد به سبحانه وتعالى. فعظمت نفس المسلم عند الله جل جلاله لعظمة ما حملت من ايمان وتوحيد لربها وخالقها جل في علاه. حفظ النفس ايضا جاءت به الشريعة. ولهذا حرم القتل بانه حفاظ على النفس وشرع القصاص عند القتل العمد العدوان ايضا حفاظا على النفس. من اجل ان تبقى معصومة ولا يسري اليها الهرج ولا يتطاول اليها كل من تسول له نفسه اراقة الدماء والعبث بحرمتها المعظمة عند الله جل وعلا. حرم ايضا الانتحار وقتل النفس ولو ان انسانا قال انه يريد قتل نفسه اختيارا لذاته فان الشريعة ترفض ذلك وتأباه حفاظا على هذا الاصل الشرعي الكبير وتقريرا لهذه الضرورة الشرعية ذات الاصل العظيم وهي حفظ النفوس في شريعة الاسلام. فحفظ النفوس وحفظ ايها المسلمون من الضرورات الشرعية الخمس الكبرى التي قررتها الشريعة في مقاصد الشريعة. اذا تقرر هذا فان في مسألة هذه الجائحة النازلة وهذا الوباء الذي عم وطم فانه قد تداعى من اثر ذلك في حياة لمين؟ للنظر في احكامه الشرعية ما يستدعي التأصيل وتقرير الفقهاء ما يتعلق بالجانبين. جانب الدين وجانب النفس. ازيد المسألة بسطا وتوضيحا لاقول ان هذه الجائحة قد اتت على انفس الناس بالمرض وانتشار العدوى وسرعة التأثر به والحاجة الى علاج والتنوم في المستشفيات بل وصلت تداعيات هذا المرض الى ازهاق الانفس والارواح والى تعداد كبير في احصاء الوفيات هذه الجائحة كما جاءت اثارها وتداعياتها على النفوس فانها ايضا كان لها تداعياتها واثرها فيما يتعلق بالدين ان عند اهل الاسلام ومن ذلك ما احتاج اليه من ترك المساجد وحضور الجماعة فيها فترة من اجل تجاوز فترة في ذروة الوباء وانتشاره وسرعة العدوى وتفشيها. فما يتعلق بحضور صلاة الجماعة في المساجد هو جزء من هذه الجائحة على دين المسلمين. وايضا عدم حضور لصلاة الجمعة والاكتفاء بصلاة الظهر في البيت عوضا عن حضورها في المساجد وكذلك الاكتفاء عن صلاة العيدين بصلاتها في البيوت. وقل مثل ذلك في المصافة في الصلاة. والتباعد بين صفوف المصلين وعدم تقاربهم وعدم اه الزاق المناكب بالمناكب والاقدام بالاقدام كما هو الاصل في صفوف المسلمين في المساجد هذه احكام شرعية. اذا هي تتعلق بالدين. اقامة الجمعة والجماعات والاعتكاف في رمضان. واقامة صلاة العيدين والمصافة في الصلاة ويتعلق بالجانب بما في الحفاظ على النفس ما ما جنت به الجائحة على الناس في المرض والعدوى والتأثر بل وحتى الموت والوفاة لان المسألة تتعلق بحفظ الدين وحفظ النفس فينشأ شيء من التعارض بين الجانبين يحتاج الى ترجيح. فيقول القائل ومثلا هل من الواجب حضور الجمعة واقامة صلاة العيد والاعتكاف في المساجد في رمضان وتقارب الصفوف في الصلاة عند حضور الجماعة في المساجد. لان الشريعة قررت هذا وهو متعلق الدين ام نقول ان ما يتعلق بحفظ الشريعة للنفس يقتضي ترك ذلك. وعدم حضور الجماعة في المساجد لئلا يكون هذا سببا لانتشار شاري المرض وسرعة العدوى وتفشيه واصابة الصحيح. والشريعة قد قالت لا يورد ممرض على مصح. وكذلك الشأن في تباعد الصفوف هذه قضية تحتاج الى نظر. هل يقدم جانب حفظ النفس هنا فيكون لها رعاية ومصلحة مقدمة على احكام الدين ام نقول احكام الدين مقدمة ولو ترتب على ذلك شيء من الفوات للنفس او الضرر او الاذى المتعلق بها. ها هنا نحتاج ان نطبق الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس الشريعة. ومقاصد الشريعة جاءت بالموازنة لتبين المأخذ في مثل هذه الصور والحالات لان الاصل الشرعي امة الاسلام الاصل الشرعي العامي يقول مهما امكن الجمع بين المصالح الشرعية والضرورات الشرعية فهذا هو الواجب. الواجب الجمع بين المصالح وعدم ترك بعظها لتحصيل بعظ. وعدم تفويت اخرى من من اجل تحصيل غيرها الواجب تحصيل المصالح الشرعية كلها دون استثناء. وان نجمع بين حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ عقلي وحفظ المال وحفظ العرض لان الشريعة جاءت بحفظ ذلك كله. ومجتمعات الاسلام التي تقوم بتطبيق شريعة الاسلام ايضا تسعى الى تحقيق ذلك كله ما امكن. والجمع بين المصالح الشرعية المعتبرة هو المطلب. ومهما امكن الجمع بين المصالح انه لا يجوز ترك بعضها بحجة الحرص على تحصيل الاخر الا عند التعارض والتعذر كمثل مسألتنا. فهل نحضر صلاة الجماعة والجمعة في المساجد في ظل انتشار المرض وعدواه وسرعة تفشيه وكثرة الاصابات وازدياد الاعداد. ولو ترتب على ذلك مزيد من الموت والمرض والهلاك او نقول حفاظا على النفس فنحن نقدم مصلحتها لاجل ان تبقى الحالة مستقرة والاعداد محصورة ولو ترتب على ذلك تفويت الجمع والجماعات فاي الجانبين هو المقدم اجابة على هذا السؤال الكبير يا كرام وتأصيلا لهذه القضية الشرعية فاننا نحتاج ان ننظر الى معايير الموازنة بين الجانبين في حفظ الدين وحفظ النفس. وان شئت فقل جوانب الترجيح والمحاور التي يتم من خلالها ترجيح احد الجانبين على الاخر. وذلك يتم وبالنظر في مجموعة من المعايير والاعتبارات المؤثرة في جانب الترجيح بين هذين الامرين تطبيقا على المسائل التي اشرت اليها قبل قبل قليل اقامة الصلاة جماعة في المساجد اقامة صلاة الجمعة في الجوامع اقامة صلاة العيد كذلك في ديار المسلمين والمصافة في الصلاة يعني تقاربها وتراص صفوفها واصطفاف المصلين فيها كما هو الاصل في الشريعة معايير الترجيح تخضع لجملة من الاعتبارات. سأتأثرها واحدة واحدة ثم ابين اي الجانبين سيكون للارجح بالنظر بهذا الاعتبار نصل في المحصلة الى ما يمكن الجمع بين تلك الاعتبارات ليقال ان احدى الكفتين هي اولى بالترجيح فيكون تأصيلا شرعيا معتبرا وليس مجرد حكم يطلق جزافا يظنه بعض الناس انه لا صلة له باصول الشريعة ومقاصدها العظيمة اول هذه الاعتبارات ايها المباركون الترجيح بين حفظ الدين وحفظ النفس بالنظر الى رتبة الاصل. والمقصود برتبة الاصل يعني اصل حفظ الدين واصل حفظ النفس وهي من الضرورات الشرعية الكبرى الخمس كما تقدم قبل قليل. هذه الضرورات الشرعية الخمس الكبرى لها ترتيب فاقواها هو في اول المراتب يليه الثاني فالثالث فالرابع فالخامس فعند النظر الى التعارض الدم الاقوى رتبة. فيكون السؤال عندئذ اي هذه المراتب الخمسة هو الاقوى اولا وايها هو الثاني. ولو اردنا الاختصار سنقول بين حفظ الدين وحفظ النفس اين يقع حفظ الدين في مراتب هذه الضرورات الخمس؟ واين يقع حفظ النفس؟ اين هو الاول؟ واين الثاني او الثالث ايها هو الاقوى ليقال بهذا الاعتبار فان الراجح هو هذا او ذاك. جوابا عن هذا السؤال اعلموا رعاكم الله ان علماء عند تقرير المقاصد والنظر في هذه الضرورات الشرعية الخمس الكبرى قد قرر جمهورهم وغالبهم بل كلهم الا ونزرا يسيرا كما سيأتي ذهبوا الى ان رتبة حفظ الدين مقدمة على سائر الضرورات الاربعة الباقية. فحفظ دين مقدم على حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال. تقديم حفظ الدين على سائر الضرورات يعني انه عند تعارض حفظ الدين مع غيره فان حفظ الدين مقدم. هذا مذهب الجمهور من كل مذاهب الفقهاء التي قررت تقديم حفظ الدين وسيأتي ذكر الادلة بعد قليل. المذهب الثاني والقول الاخر في المسألة ان الضرورات الاربعة الباقية وهي حفظ النفس حفظ العقل وحفظ العرض وحفظ المال ان اربعتها مقدمة على حفظ الدين. وان حفظ الدين ياتي بعدها ثانيا. هذا القول لم يسمى له في كتب العلماء امام وقائل بعينه. ولكن ذهب الامدي الى ذكر هذا القول اعتراضا ضمن الاقوال. واورده ابن الحاجب ايضا احتمالا قولا يذكر هنا ونقله الاسناوي عنه فقال وحكى ابن الحاجب مذهبا ان مصلحة الدين مؤخرة عن الكل لان حقوق الادميين مبنية على المشاحة ولم يذكر ذلك الامدي قولا بل ذكره سؤالا فلعل ابن الحاجب ذكر هذا مذهبا نقلا عن الامدي فقال وقيل ذلك لكن بعض الفقهاء الحنفية كابن امير الحاج قال وقد انا الاحسن تقديم هذه الاربعة على الديني لانها حق الادمي هذا باختصار مذاهب اهل العلم في تقديم حفظ الدين على حفظ النفس وان مذهبا يذكر احتمالا وقولا ذكر بلا تحديد قائد قيل له مع استحسان بعض اهل العلم له يذهب الى تقديم حفظ النفس وسائر الحقوق الاخرى على حفظ الدين للمعنى الذي سمعتم قبل قليل. الادلة التي من اجلها ذهب اهل العلم الى تقديم حفظ الدين شيئان رئيسان. اولها وهو الاكبر ان حفظ الدين هو المقصود الاكبر من خلق الخلق. يعني انا وانت لماذا خلقنا؟ وسائر الانس والجن. لماذا اوجدهم الله لا حاجة الى الاجتهاد للجواب عن هذا السؤال لان الله سبحانه وتعالى قال وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فاذا كانت عبادة الله سبحانه هي المقصود الاعظم وهي الجوهر الاكبر في حكمة خلق الخلق عند الرب سبحانه وتعالى فلا حاجة الى ان نقول سوى ان مقصود حفظ الدين واقامة العبادة هو المقصود الاكبر الذي ينبغي ان يكون مقدما على سائر ما سواه من المقاصد وحفظ المصالح الاخرى. فما سواه من حفظ من حفظ النفس او حفظ العقل او المال او العرض يكون تبعا لحفظ الدين ويكون لاحقا له ويكون خادما له. لانه الاصل بلا استثناء. وايضا يستشهد لهذا الاصل ولهذا القول بتقديم حفظ الدين على غيره بجملة من النصوص الشرعية التي دلت على ان حق الله سبحانه مقدم على حق الادمي وحق بالمخلوقين. في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين في عدة روايات متقاربة واحاديث آآ متشابهة لما سئل عليه الصلاة والسلام عن قضاء الحج عما عمن مات ولم يحج. فسأل عليه الصلاة والسلام المرأة السائلة في احدى الروايات لو كان على ابيك دين اكنت تقضيه؟ قالت نعم. قال فدين الله احق بالقضاء لان الحج عن الميت الذي كان مستطيعا ولم يحج دين في ذمته والحق فيه لله. والدين للادم من المال وغيره عندما يموت ولم يؤده فهو حق في ذمته لكنه لمخلوق. وعند التعارض او الموازنة قال عليه الصلاة والسلام فدين الله هي احق بالقضاء فكان تصريحا بتقديم حق الله على حق الادمي وعند التعارض سنعمل هذا الجواب الشرعي وهذا النبوي اصلا للمسألة لنقول عند التعارض يكون حق الله مقدما على حقوق الادميين. هذا دليل من ذهب الى تقديم حفظ الدين وهو قول اهل العلم والجمهور كافة كما تقدم. واما من يرى تقديم حفظ النفس فيذهب الى جملة من الاعتبارات الوجيهة ابتداء لكنها محل نقاش فيحسن عرضها لتقرير الحكم في خاتمة هذا الترجيح. اول ذلك ان حفظ نفسي حق للادمي وهو مقدم على حق الله لامرين. الاول ان حق الله مبني على المسامحة والعفو كما تقررت به جملة النصوص. فعند يوم قيامتي ياتي العباد وحق الله قابل للعفو لان الله عفو كريم. لكنه سبحانه وتعالى في حقوق المخلوقين لا يقيم الا المقاصة والا الموازنة بينهم واقتصاص العباد من بعضهم. ولهذا قال اهل العلم حقوق الله مبنية على المسامحة والعفو وحقوق الادميين والمخلوقين مبنية على المشاحة ومبنية على المظايقة. فمن اجل ذلك كان حق النفس هنا ينبغي ان يكون مقدما على حفظ الدين بهذا التقرير. ثانيا لانه لا يترتب ظرر بفوات حق الله. يعني اذا فات قل لله في حياة العبد من صلاة وصيام وزكاة ونحوها. لا يقال ان ها هنا ضررا يلحق بفوات تلك العبادات لان الله غني كريم وهو القائل ان تكفروا فان الله غني عنكم ولا يرظى لعباده الكفر وان تشكروا يرضاه لكم. وقال ومن شكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر ان الله غني حميد فليترتب وضرر بخلاف حق الادمي فانه اذا فات ترتب على الادمي صاحب الحق ظرر بفواته وعند التعارض يقدم الحق الذي يتضرر صاحبه بفواته على الحق الذي لا يلحق صاحبه ضرر فيكون بهذا الاعتبار حق حفظ النفس مقدما على حفظ الدين. هذا الدليل بتقديم حق الادمي على حق الله سبحانه لهذين الدليلين اجيب عنه بان هذا مسلم في حق الادمي الذي لا يترتب عليه او لا يؤدي الى فوات حق الله بالكلية. لكنه اذا ترتب على حق الادمي فوات على حق حفظ الدين فالمقدم حق الله. وهناك صور شرعية كان فيها تقديم حق الادمي على حق لله تعالى وهو من ادلة من ذهب الى تقديم حفظ النفس على حفظ الدين. قال وجدنا احكاما قررت فيها الشريعة تقديم مصلحة النفس على مصلحة الدين في مثله اذا اجتمع في شخص قتل عمد وعدوان وردة والعياذ بالله يعني كفر بالله وقتل نفسا معصوما فجيء به شرعا ليحاكم فانه يقضى بقتله. السؤال هل يقضى بقتله ردة او يقضى بقتله قصاصا للنفس التي قتل فانه يتجاذبه حقان قالوا فيقدم فيه القتل قصاصا مراعاة لحق الادمي. ولم يجعل القتل ها هنا ردة وان كان فيه حفظ للدين فدل ذلك في هذه الصورة على ان حفظ النفس مقدم على حفظ الدين. صورة ثانية يقولون الا ان صلاة المسافر تخفف بالقصر من اربع الى ركعتين ويؤذن له بالفطر في الصيام ويعذر المريض في الصلاة ان يصلي جالسا قالوا هذه مصلحة للنفس. مريض يحتاج الى الجلوس او الى الفطر في رمضان او مسافر فرخص له بان يفطر. وكذلك رخص له بان الصلاة الرباعية من اجل ماذا؟ حقا له ومراعاة لمشقة السفر او مشقة المرض. قالوا اذا فترتب على ذلك تقديم مصلحة حفظ النفس على حفظ الدين. صورة ثالثة ترك الصلاة لاجل انقاذ غريق وهو مما يقرره الفقهاء لو ان مصليا كبر في ثم رأى غريقا في المسبح امامه او في البركة او في البحر او في النهر يجب عليه شرعا قطع صلاته لانقاذ ذلك الغريق. ولو ادى ذلك الى فوات وقت الصلاة. قالوا الا ترون ان حفظ النفس ها هنا مقدم على حفظ الدين؟ سورة رابعة في تفويت الجمعة والجماعة خوفا على المال من ضياع وسرقة. لو ان صاحب مال حاز مالا وكان بيده فاتى صلاة الجماعة في مسجد فخشي ان ترك المال ان او يظيع او كان في بيته فخشي على ماله فترك الجمعة والجماعة لذلك فانه معذور. قالوا وهذا مثال قدم فيه حفظ ما لي على حفظ الدين فدل ذلك على ان حق الادمي في الشريعة مقدم على حق الله هذه الصور قالوا نستنبط منها التقديم حق الادمي على حق الله ويترتب على ذلك ان نجعل مصلحة حفظ النفس في الضرورات مقدمة على مصلحة حفظ الدين وهذا يحتاج الى اجابة كالتالي. اولا في مسألة تقديم القتل قصاصا على القتل كفرا وهذا لا ليس فيه تقديما لحق العبد على حق الله. بل لان النفس البشرية ايضا ليست حقا محضا للعبد بل تحريم الانتحار دليل على انه ليس حفظا على حق النفس. اليس القاتل نفسه والعياذ بالله؟ ما تعدى على غيره. ومع ذلك فلا قالوا انه تعدى على نفس فهتك حرمتها بل لان حرمة النفس هنا ايضا حق لله والتصرف بما يفضي الى تفويتها محرم شرعا ووجه ثان اننا عندما نقتل القاتل قصاصا نحقق به الامرين. الزجر وكف الفساد وهذه مصلحة دينية ومع مصلحة الثأر والتشفي لاولياء الدم من المقتول وهذه مصلحة دنيوية في حفظ النفس لكن لو قتلناه ردة يتحقق به مقصد واحد هو حفظ الدين وليس فيه مراعاة لحق اولياء الدم. فقدمنا المصلحة تحقق المقصدين وهو قتله قصاصا على الحكم الذي يحقق مقصدا واحدا وهو حفظ الدين. فليس من باب تقديم حق المخلوق على الخالق بل من باب تقديم ما ترتب عليه مصلحتان او مقصدان على ما ترتب عليه مقصد واحد. فظهر ان قتله قصاصا ان يجمعوا بين الحقين وليس تقديما لحق العبد على حق الله وايضا فان تقديم حق الادمي هنا لو قتلناه قصاصا لا يفضي الى تفويت حق الله لان حق الله ما هو؟ هو قتله. فلو قتلناه تحقق القتل فيما يتعلق بالعقوبة البدنية واجلل ايضا لبقاء العقوبة الاخروية فان القاتل او المرتد سيلقى عقابا اخرويا بينما يفضي تقديم حق الله اذا قتلناه ردة تن الى تفويت حق الادمي فكان الترجيح بهذا الاعتبار لا لكونه حق ادمي فحسب. اما مسألة تخفيف صلاة المسافر وصومه فليس فيه ايضا تقديم لحق العبد على حق الله. بل هو يتضمن تقديم مقصد حفظ النفس على مقصد اصل الدين عندما نقول هل هذا تقديم لحفظ الدين او لحفظ النفس؟ نقول ليس كذلك. هو تقديم لحفظ النفس ومصلحتها على مصلحة فروع الدين لا اصله. الا ترى ان مشقة الصلاة للمسافر ركعتين هي تقوم مقام مشقة الصلاة والمقيم اربع ركعات فليس في الامر تفويت لحق الدين او لحق الله. بل هو انتقال من حال الى حال مراعاة له. فلم يسقط حكم الشرعي ولم يفت التكليف بالكلية. كذلك الفطر في السفر للمسافر فانه يقضيه فلم يفت الحكم بل انتقل الى القضاء. ومثل ذلك قالوا في صلاة الجالس فانها مراعاة لمشقة ليس فيها تفويت لاصل الدين بل هو تصرف في بعظ فروعه فبقي التكليف قائما. وكذلك القول في ترك الصلاة لاجل انقاذ الغريق هو من باب ما اجتمع فيه حقان على ما اجتمع فيه حق واحد. فبقطع الصلاة لاجل انقاذ الغريق. فيدرك مصلحة حفظ النفس بانقاذها من الغرق. ويبقى لصلاته قضاء ولو خرج الوقت حفظ الدين بالصلاة قضاء وحفظ النفس بانقاذ الغريق. لكنه لو استمر في صلاته فبقي فيها حفاظا على الدين فانه يحفظ مصلحة وتفوت الاخرى اذا غرق الغريق فمات غرقا فان هذه الصورة تشتمل على ما تحقق فيه مصلحتان على ما فيه مصلحة وليس من باب تقديم حفظ النفس على حفظ الدين فليتأمل هذا جيدا قل مثل ذلك تماما في ترك الجمعة والجماعة حفاظا على المال هو من باب ما يمكن تداركه فانه يحفظ ما له ثم سيصلي ويدرك الصلاة ان فاتت او يقضيها ان خرج وقتها وكل ذلك ليس فيه اسقاط للدين ولا تفويت لحفظه بل فيه الجمع بين الامرين وقد قلنا في الاصل انه مهما امكن الجمع بين المصلحتين المعتبرتين فهو واجب ولا يسار الى ترجيح احداهما والاخذ بها وتفويت الاخرى الا عند التعذر مع اعمال الترجيح ترجيح تقديم حفظ الدين على حفظ النفس وعلى بقية المقاصد الضرورية الا صور نادرة قررتها الشريعة ودليل ذلك عدة امور اولها ان هذا قول الكاف بل لا يذكر القول بتقديم حفظ النفس الا على خلاف لا يعرف قائله واستحسان تفرد به بعض اهل العلم ولم يتبنه قولا صريحا لان حماية الدين بالنفس هو الوارد في النصوص الشرعية. جاءت النصوص بالامر بالمحافظة على الدين ولو بذلت فيها الانفس والاموات انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وانفسكم في سبيل الله. يا ايها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم يؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله باموالكم وانفسكم. وكذلك قوله ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة في نصوص شرعية كثيرة جاء فيها حماية الدين ببذل النفوس والاموال. وايضا فان حفظ الدين هو المقصد الاعظم كما تقدم وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. واما تقديم حفظ النفس فانما جاء في بعض الصور مقيدا بمرجحات واعتبار اخرى لا لان حفظ النفس هو المقدم كما تمثل فيما اجتمع فيه حقان على حق واحد وما كانت مصلحته تفوت على ما يمكن استدراكه او ما يمكن بحفظ الدين فيه ان تحفظ النفس معه على ما تفرد فيه حفظ الدين دون حفظ النفس. هذه صور تقدم فيها حفظ الانفس او الاموال ليس لتقديمه على حفظ الدين في اصله بل لاعتبارات ومرجحات مضى ذكرها في الاجابة على قول من يقول بتقديم حفظ النفس كما تقدم. اطلت في هذه النقطة وهذا الاصل لانه اصل الخلاف الاتي واذا تقرر الراجح ان حفظ الدين مقدم فينبغي عند التعارض ان يبقى هذا الاصل باعتباره. هذا الاعتبار الاول والمعيار الاول للموازنة يا ايها الكرام فاذا ترتب على ذلك فوات الانفس وعندنا فوات الدين فان فوات الانفس اسهل في الشريعة من فوات الدين عند التعذر في الاجتماع. ولهذا شرع الجهاد ولو فاتت فيه للانفس حفاظا على الدين وذبا عن حياضه ورفعا لرايته وحماية لحرماته ان تنتهك ومثل هذا الاصل لا يطلق باضطراد حتى يضم اليه المعايير الاخرى الاتي ذكرها فليتنبه لهذا تمام الانتباه. الدرجة الثانية والمعيار الثاني من معايير الترجيح والموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس المفاضلة والموازنة من حيث درجة المصلحة تقدم ان المصالح الشرعية ثلاث درجات. الضرورات اقواها والحاجيات ثانيها والتحسينيات ثالثها. فاذا تعارضت مصلحتان احداهما في رتبة الظروريات والاخرى في الحاجيات كانت الظرورة مقدمة على الحاجة. وان تعارضت مصلحة في رتبة الحاجيات. مع اخرى في رتبة التحسينيات كانت حاجة مقدمة على التحسين وهكذا اذا فهمت هذا فانظر عند التعارض بين المصالح المتعارضة في حفظ الدين وحفظ النفس. وعليك اولا ان تسكن كل مصلحة في رتبتها الملائمة لها. فلنقل مثلا اقامة صلاة الجمعة هي من حفظ الدين لكن هل هي ضرورة ام حاجة؟ الجواب هي ضرورة لانها فرض من الفروض الذي لا يجوز تركه ولا يسع التخلف عنه لكن المصافة في الصلاة مثلا او اقامة صلاة الجماعة في المساجد على الرجال هي بالاعتبار ليست من الضرورات لان يمكن انتقام الصلاة دون حضورها جماعة في المساجد. ويبقى اقامة الصلاة متحققة مع فوات شيء من احكام الصلاة في رتبة الحاجيات وكذلك الشأن في المصافة في الصلاة. وهذا على الخلاف هل صلاة الجماعة في المساجد على الرجال واجبة وجوبا عينيا على قول او شرط للصلاة شرط في صلاة الجماعة في صلاة الفرض ام هي سنة مؤكدة على قول ثالث كثير من اهل العلم وجلهم في كثير من مذاهب الفقهاء يرى ان صلاة الجماعة سنة مؤكدة. فعندئذ ستكون في رتبة الحاجيات التي عند النظر في التعارض بينها وبين غيرها في حفظ الانفس من الضرورات يكون هذا محل ترجيح واعتبار مهم له اثره في الترجيح موازنة وكذلك الشأن في المصافة في الصلاة. فالجمهور والكافة على ان تسوية الصفوف في الصلاة من المستحبات. ومن السنن المؤكدة ذهب بعض اهل العلم في قول يسير ونزر الى انه من واجبات الصلاة. فعلى القول بانها من الواجبات او على القول بانها من السنن فانها لا تبقى الى درجة الضرورات التي يترتب بفواتها فوات الصلاة فتبقى الصلاة قائمة ولو اختلت الصفوف. ولو لم يحصل التراص ولو لم يحصل التصافف بين المصلين فان الصلاة قائمة وتبرأ بها الذمة وينعقد بها الاداء ويؤدى بها التكليف فعند الموازنة ايها المسلمون ويحرص طالب العلم عند الموازنة بين امرين في جانبين مختلفين بين حفظ الدين وحفظ النفس ينظر الى المسألة ما هي؟ وفي اي رتبة هي ليقرر هل هي في رتبة الضرورات قابلها ضروري؟ ام ضروري قابل حاجيا ام حاجة قابلت شيئا من التحسينات فيعمل في الموازنة بينهما بانصاف ليكون الترجيح ادعى للاعتبار. والنظر هنا مثلا في مسألة صلاة الجماعة او حضور المصافة في الصلاة. في مقابل ما يخشى من انتشار المرض وشدة العدوى او انتقالها الى الصحيح او مرض الزمن الذي يخشى من تأثره بالعدوى او زيادة مرض المريض او موته او تفشي الموت والهلاك وما الى ذلك نقول هذه في الحفاظ على الانفس في مرتبة الظرورات. لانها ان لم تحقق سيؤدي الى موت والاحصاءات والنتائج الطبية والتقارير تثبت ذلك. فاذا تعارضت مصلحة حفظ النفس في مرتبة الضرورات. مع مصلحة حفظ الدين في مرتبة الحاجيات سيكون الرجحان لمرتبة حفظ النفس لثقلها في رتبة الظرورات عن مصلحة حفظ الدين التي تقع في رتبة الحاجيات او في في التحسينيات. هذا من حيث النظر الى درجة المصلحة وهو الاعتبار الثاني. الاعتبار الثالث عند الموازنة والمعيار الثالث بين مصلحة دين ومصلحة حفظ النفس هو النظر الى العموم والخصوص بمعنى هل المصلحة العامة مقدمة ام المصلحة الخاصة؟ الجواب المصلحة العامة مقدمة. فاذا تعارضت مصلحتان احداهما عامة اخرى خاصة فان العموم مقدم نعني عمول شموم الافراد وليس الخواص والافراد مثال في صلاة الجماعة هل الحفاظ على اقامة صلاة الجماعة في المسجد بحضور جماعة اهل المسجد مقدم ولو ترتب على ذلك منع المريض القابل للعدوى ونقل العدوى بسببه فيقال له لا تحظر الجماعة في منزلك ويؤمر بعزله وحجره وهو المريض في نفسه يبحث عن مصلحة نفسه ويريد ان يصلي الجمعة لادراك فضلها واداء فرضها. او لادراك فضيلة الجماعة. هنا تعارضت مصلحتان فردية خاصة بالمريض القابل للعدوى او الصحيح القابل لضعف مناعته ان ان يصيب العدوى. وعندئذ فسنكون مضطرين الى الترجيح بين هذه المصلحة الشخصية للمريض الذي يريد ان يشهد الجمعة والجماعة او دعنا نقول القابل للمرض المتوقع تأثره بالعدوى لضعف مناعته او لتأثره او لخضوعه لبعض العلاجات التي تضعف مناعته او لغيرها من هو مظنة الاصابة بالعدوى بادوى مؤثر. هل هو مصلحة خاصة مقدمة؟ ام نقول ان المصلحة العامة لاهل المسجد في عدم حضوره خشية تأثره بالعدوى. فهذا من المرجحات ان يقال ان المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة بهذا الاعتبار المعيار الرابع الترجيح الرابع بين آآ في الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس هو النظر الى الكثرة والقلة. بمعنى ايها اكثر في تحققها وتحصيلها من حيث الافراد ومن حيث الزمان. ومن حيث الامتداد. فكلما كان احد الجانبين اعظم واكثر وادوم. كان هذا ادعى الى تقديمه. الجانب الخامس والمعيار الخامس في المرجحات بين مصلحة حفظ الدين وحفظ النفس هو النظر الى الوقوع والتوقع بمعنى ان ينظر الى المصلحة الواقعة في مقابلة المصلحة المتوقعة فما فمسألة المنع من حضور صلاة الجماعة في فترة ذروة انتشار الوباء. ومن اجل الحفاظ على الانفس حالا ومآلا يعني الحفاظ على النفوس السليمة الا تمرض. وحفاظا على المآل الا يزداد اعداد المصابين في البلد وفي المجتمع ليكون هذا دع الى سلامة البقية في المستقبل في الفترة المقبلة يعني. وكذلك الشأن في حفظ الدين فان الواقع في الحال هو تعطيل الجماعة جمعة لكنه في المآل النظر الى امكانية العودة الى المساجد عند امكان السيطرة على الوباء وتفشيه وانتشاره فيقارن بين اعتبار المآل هنا يظهر باهتمام اثر الاجراءات الطبية وافادة الخبراء والجهات المختصة بما يمكن ان يكون بحكم من انتشار المرض في حال لو فتحت المساجد مثلا او اقيمت صلاة الجمعة او اذن بحضور الناس صلاة العيد. فاذا كانت مع الاحترازات هل سيتقلص هذا التوقع؟ البناء هنا على غلبة الظن باعتبار المآل لان الغيب في علم الله. لكن غلبة الظن معتبرة شرعا واعتبار المآل بالنظر الى ما يمكن ان يؤدي اليه الحال في مقابل ذلك بناء على قرائن ومعطيات هو ايضا معتبر شرعا. فالنظر الى اعتبار المآل مؤثر. فلو قال قائل ان فتح المساجد او التصاف في المصاب فتى في الصلاة او اقامة الجمعة والعيدين هي مظنة انتشار المرض وازدياد الاعداد في المرحلة المقبلة بناء على اعتبار المآل كان هذا ايضا وجها معتبرا. الاعتبار السادس النظر الى المصلحة باعتبار الفوات والاستدراك. فيقدم في المصلحة ما يقشى فواته لعدم امكان تداركه على المصلحة التي يمكن استدراكها بوجه ما فيقول القائل انه يخشى عند عدم اعتبار تلك الاجراءات التي يتسبب بناء عليها انتشار المرض وكثرة وزيادة عدد الوفيات فهي مصالح تفوت فان النفس اذا افضت الى باريها فهي فائتة. بخلاف احكام العبادة فالصلاة يمكن استدراكها بادائها في البيت فرادى. والجماعة يعذر صاحبها والجمعة لها بديل وهو الظهر في بالبيوت والمساكن وكذلك الشأن في صلاة العيدين. فما يقدم المصلحة التي يخشى فواتها وعدم امكان تداركها على المصلحة التي لا يمكن استدراكها وتفوت فيحصل الترجيح بمجموع ذلك. هذه جملة من النقاط ذات الاعتبار المؤثرة في الترجيح آآ ادرجتها تباعا لانه يحصل الترجيح بمجموع ذلك والنظر في ضم بعضها الى بعض في المحصلة امكان القول بترجيح احد الجانبين على الاخر. وتقرير الاحكام الشرعية بناء عليه. اختموا هذا اللقاء بمعطيات مهمة هي معالم مؤثرة للنظر في تقرير التأصيل الشرعي للموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس. هذه ايها الاخوة المباركون في خاتمة الحديث جملة من المعالم المهمة هي معطيات ينبغي استصحابها عند النظر في موضوعنا الذي عقد هذا اللقاء ولاجله وهو الترجيح والموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس وحتى يكون مجموع هذه المرجحات حكما فيصلا في مسألة هذه الموازنة وما يتعلق بها من مسائل يحسن هذه المعالم لنصل في خاتمتها الى مجموع تلك المرجحات. اول هذه المعالم ان السياسة الشرعية التي تحفل بها شريعة الاسلام والتي تعني الاخذ بالنظر الشرعي لتقرير ما يصلح حياة الناس هي ميزة امتازت بها امة الاسلام في مجتمعاتها المسلمة عن سائر الامم اذ تحكمها شريعة ربانية ذات قوانين ونظم تفي بمصالح العباد في العاجل والاجل. وتنطلق في الوقت نفسه من مقررات الشريعة واحكامها في اصولها ومقاصدها وقواعدها الكلية ان النظر في السياسة الشرعية نظر سديد يزاوج بين الرأي الشرعي والرأي في الجانب الاخر في كل باب يتعلق به اصبحت حياة العباد وسياسة دنياهم وامور حياتهم سياسة كانت او اقتصادا او طبا او زراعة او غيرها من وجوه الحياة في اي باب من الابواب. النقطة الثانية بموجب هذه السياسة الشرعية يتعين النظر الشرعي في مسألتنا هذه في الجائحة النازلة والوباء العالمي مع النظر الصحي لتعلق ذلك بالطب والصحة ومتعلقاتها. اما النظر الشرعي فهو الذي يختص بتقرير الحكم وآآ استنباط تلك المسائل من قواعدها ونصوصها وكلياتها ومراعاة مقاصدها واما النظر الصحي فالمراد به خبرة المختص التي يحتاج اليها الفقيه والمجتهد والعالم لتقرير الحكم الشرعي. هذه مسألة طبية نازلة. وتقرير الحكم الشرعي فيها لا ينفك عن الحاجة الى تقرير الطبي. بمعنى ان الفقيه لا يسعه ان يقول بهذا القول او بذاك الا بناء على ما يقرره الطبيب والمختص الصحي في تلك المسائل. فالمختص الصحي يعطيه معطيات ذات الحكم في النظر الطبي عليها الفقيه الحكم الشرعي. هذا هو المزاوجة بين النظرين في السياسة الشرعية التي تختص بها امة الاسلام يبقى ان نقول ان النظر الطبي او الصحي في المسائل المتعلقة بالطب والعلاج والادواء والاسقام وما يقابلها من الاستشفاء والمعافاة والادوية والعلاجات تنقسم في نظرتها الطبية الى اقسام فمنها الحقائق المسلمات التي دل عليها الاستقراء ان شرب السم مميت. وان بثر العضوي في بعض الحالات مطلب. وان التدخل الجراحي سبيل او في بعض الحالات وما الى ذلك. ومنها نظريات وفرظيات يعني هي توقعات بنسب كبيرة محتملة بناء على ما لا يمكن الجزم والقطع به التفريق بين المقامين في هذا السياق لما يتعلق بالجائحة والوباء العالمي مهم للغاية لانه فرق عند الفقيه لتقرير الحكم الشرعي حتى يفتي بمشروعية الحضور الى المساجد او تعليق الحضور في الجمع او الجماعات او في العيدين او وفي الاعتكاف يفرق بينما يقرره المختص الطبي من النظر الصحي بينما كان حقيقة وما كان فرضية ونظرية يعني فرق بينما كان مقطوعا به مجزوما وما كان مظنونا لان الظنيات او الفرضيات النظريات الصحية الطبية قابلة تغيري ليس على المدى البعيد بل بموجب ما يكتشف من ابحاث وما تنتج عنه الدراسات وربما وجدنا عندهم في تقرير الطبي على مستوى الفرضيات والنظريات ما يعارض بعضها بعضا وما يصادم بعضها بعضا. فالنظر فيها يستدعي مزيدا من تأملي للاعتبار به وبناء الحكم الشرعي عليه. اما المعلم الثالث في هذه المعطيات التي ينبغي النظر فيها واستصحابها لتقرير الحكم الشرعي عند الموازنة بين حفظ الدين وحفظ النفس فهو انه عند تقرير الحكم الشرعي ينبغي التفريق بين حكم شرعي يقرر بصفة تستلزم في تطبيقها وتنفيذها مشقة في الاجراء والمتابعة والتنفيذ كمثل ما لو قرر الحكم الشرعي ان كان الحضور الى الجمعة او الجماعات جزئيا. او بضوابط واعتبارات او تطبيق بعض الشروط او الاقتصار على بعض الفئات دون بعض من اجل اقامة الشعيرة وعدم تعطيلها. فيقرر مثلا اقامة صلاة الجمعة في جامع واحد في البلد بعدد بادنى ما تقوم به الجماعة ثلاثة على قول فقهاء المالكية او اربعين على قول الحنابلة ونحو ذلك. فهلا آآ لهذا الحكم الشرعي الذي يستلزم تنفيذه مزيدا من الاجراءات والظبط والترتيب الذي يظمن الاحتراز عند المسؤولين في تنفيذ تلك الجهات المعنية بالمتابعة مع مقابله من رأي اخر يعمد الى الاجراء الاسهل والاكبر اكثر ضبطا وامكانا في تنفيذه. اقصد ها هنا لا ينبغي ان يكون التقرير في الحكم الشرعي متجها الى ما يترتب عليه اليسر في التنفيذ والاجراء دون النظر الى ما هو الراجح شرعا. والعكس ينبغي ان يكون ان ما ترجح شرعا فينبغي تقريره وهو لو ترتب على ذلك قدر زائد من المشقة في التنفيذ والاجراء والمتابعة لاننا نسعى الى ترتيب موازنة تفضي في النتائج الى ما ينبغي تقديمه فلا يسوغ عندئذ ان نتركه ونتنازل عنه لاعتبارات اخرى لا علاقة لها باصل المسألة. واخيرا من هذه المعالم في المعطيات المهمة النظر الى احكام تلك المسائل الشرعية المتعلقة بالمساجد والعبادات فيها من حيث ذاته النظر مثلا الى حكم صلاة الجمعة والقول فيها عند الفقهاء لا يختلف انها فرض عين على من استجمع شروط وجوب الصلاة عليه عدم استثناه النص كالمرأة والصبي والمجنون والعبدي الذي لا يملك امر نفسه فهذه المسألة ينبغي ان تكون ايضا محل اعتبار. لان اصل صلاة الجمعة الوجوب العيني. ويختلف هذا في الموازنة والحكم عليه بين النظر الى حكم صلاة الجماعة فيكون النظر الشرعي الى حضور صلاة الجمعة وادائها اكد واشد واثقل في الترجيح من مسألة حضور صلاة الجماعة ولا ينبغي التسوية بين المسألتين لان صلاة الجماعة لا يتعلق باقامة الصلاة فان اصل الصلاة يمكن ان تؤدى في البيوت بخلاف الجمعة فانها لو فاتت فانها تؤدى ظهرا والظهر بدل عن الجمعة وليس هو صلاة الجمعة. فالحكم في صلاة الجماعة واقامتها في المساجد عند الفقهاء متردد بين قولين. الوجوب وتحريم تركها لغير عذر واثم من خالف وصحة صلاته مع الاثم لو صلى منفردا. والقول الاخر هو السنية المؤكدة والاستحباب الشديد لعموم النصوص الشرعية المفضلة لصلاة الجماعة واكدوا ذلك حديث وقد هممت ان امر بالصلاة فتقام ثم امر رجلا لي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب الى قوم لا يشهدون الصلاة فاحرق عليهم بيوتهم بالنار وقول خارج عن هذين القولين في شيء من المبالغة في القول بالتأكد لكونها اي صلاة الجماعة شرطا في في الصلاة المفروضة وليس شرطا لها وهو ما رجحه بعض اهل العلم. فعندئذ يكون القول في النظر في حكم صلاة الجماعة وحضورها ايسر ثقلا في الميزان عند الترجيح من النظر في مسألة الجمعة. بمعنى انه لا بأس ان يخالف التقرير الشرعي عند الترجيح فيفرد صلاة الجمعة بحكم سوى مسألة صلاة الجماعة لا لشيء الا لان حكم صلاة الجماعة في اصلها اكد اقوى من حكم صلاة الجماعة حتى بمجموع مذاهب الفقهاء واقوالهم المعتبرة فيكون حفظ الدين في مسألة صلاة الجمعة اثقل واشد واعظم من حفظ الدين في مسألة صلاة الجماعة. وربما يمكن ان يقال ان حفظ صلاة الجماعة واداءها داخل في رتبة الضروريات في حفظ الدين بينما تنزل رتبة صلاة الجماعة الى مرتبة الحاجيات. اما مسألة المصافة في الصلاة ونعني بها ان يقف الرجل بجوار الرجل الى الى جانبه في الصلاة مطبقا السنة النبوية بتقارب الصفوف وسد الخلل والتصاقها واقامة المنكب بجوار المنكب والقدم بالقدم والصاق ذلك كما دلت عليه السنة. فان المصافاة في الصلاة ايضا من مستحباتها. وقد قال عليه الصلاة والسلام فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة وهي سنة مؤكدة وربما ذهب بعض اهل العلم الى القول بوجوبها بناء على الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم عباد الله لتسون صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم. فعلى كلا القولين ان المصافة واجبة ومستحبة فانها ايضا لا ترقى الى رتبة الظرورات في حفظ الدين بل هي في مرتبة الحاجيات. وعلى القول بالاستحباب ربما كانت في المرتبة التحسينية ايضا لانها من مكملات الصلاة ومن متممات حسنها وليست من صلبها ولا من صفتها الا ما جاء الفضل ببيانها وفضل صفوف تصلين فيها اذا استجمعنا هذه المعالم في ضوء تلك المرجحات التي ذكرت قبل قليل نخرج بجملة من المرجحات يمكن ان يجعلها الفقيه في الادلة على قائمتين احداهما تعداد ما يترجح به حفظ الدين. ونعدل به مسائل اقامة صلاة الجمعة واقامة صلاة الجماعة في في المساجد والمصافة في الصلاة والاعتكاف ايضا في رمضان. ويجعل في مقابلها قائمة اخرى فيما يتعلق بحفظ الدين وفي حفظ النفس والمراد به تعليق حضور صلاة الجماعة والجمعة وعدم المصافة واقامة الصفوف ان اقيمت الجماعة مع التباعد احترازا ووقاية من اجل حفظ النفس واخذ الاحترازات التي تنصح بها الجهات المعنية والجوانب الطبية من عدم وعدم اجتماع عدد كبير في بقعة واحدة وازدحامهم على مدخل واحد كابواب المساجد وعدم تصافهم فيها وان اوقات الذروة وانتشار الوباء ومعدل الارتفاع جدير بامر الناس بالبقاء في بيوتهم للتقليل وتخليص حجم الانتشار وما يترتب على ذلك من فان الصحة هونا تقول ان مظنة المرض في سوءته وفساده وجنايته على النفس ليس في كونه مميتا او قاتلا لكن لكونه سريع العدوى شديد الانتشار مفض الى مضاعفة الاعداد المصابة بها. وكل ذلك يترتب عليه آآ عدم قدرة الانظمة على استيعاب الاعداد لو تضاعفت وتكاثرت في قصر المدة الوجيزة وما ينشأ عن ذلك من خشية انهيار الانظمة الصحية التي قد تعي معها فيترتب على ذلك تضاعف الاعداد وكثرة المرضى وربما ادى ذلك الى ازدياد اعداد الوفيات والله المستعان مجمل ذلك في الترجيح ولست قاصدا في هذا المقام الفصل في قول راجح لكنني اقول بحسب الناظر في هذه المسألة ان يستصحب تلك تلك المعطيات من حيث رتبة الاصل فيكون الترجيح لحفظ الدين في الجملة من حيث درجة المصلحة فنفرق بين اقامة صلاة الجمعة او واقامة صلاة العيد او اقامة صلاة الجماعة او الاعتكاف في المساجد او المصافة في الصلاة. بين هذه المراتب تفاوت لان بعضها وبعضها حاجي وربما كان بعضها ايضا تحسينيا. وعندما ننظر الى درجة العموم والخصوص فان المصلحة العامة المتعلقة بالحفاظ على الانفس ليست باقل عفوا ليست باكثر من المصلحة العامة في اقامة شعيرة صلاة قاعد في المساجد او اقامة صلاة الجمعة في البلد ليشهدها الناس او بعضهم او اقل من تقوم به الجماعة فان مصلحة ان تعلقت بافراد المصلين من حيث هم افراد لكنها ايضا من حيث العموم تتعلق بالمجتمع حيث تقام فيه الجمعة والجماعة او العيد وكذلك اعتكاف المساجد. من حيث الوقوع التوقع فسيفرق ايضا بين اعتبارات آآ الارقام الصحية التي تفيد باعداد الانتشار وما يسمونه بمعدل او منحنى الانتشار. وهذه الارقام الطبية التي يفهم المتخصصون فيها اكثر تبنى على طاعة لاعداد ورسومات بيانية واحصاءات يومية. وما يتوقع بناء على العلم المختص بالاوبئة وانتشارها و آآ ما يتصل بها آآ على تفريق تقدم التنبيه اليه بين الحقائق وبين النظريات والفرظيات القابلة للتغيير تعدين فليست بدرجة واحدة في الاعتبار وبناء الحكم الشرعي عليها. واخيرا التفريق بين المصلحة التي آآ يمكن استدراكها والتي لا يمكن استدراكها وهي مظنة الفوات. وربما كان مؤدى النظر الى عدم طرد قول واحد في احكام الشرعية المتعلقة بالجمعة والجماعة والعيدين والاعتكاف والمصافة في الصلاة. وربما كان الاقرب عند الترجيح النظر بين هذين الجانبين ان يفصل لكل واحدة منها حكمها الشرعي الانسب بها. ولا يستبعد ها هنا ان يفصل الحكم بين بلد وبلد ومجتمع ومجتمع فالبلد الذي تقل فيه اعداد الاصابة سيكون تقرير الحكم الشرعي فيه يختلف عن البلد الذي تكثر فيه الاعداد وتتزايد فيه النسب وتكون الاجراءات الصحية المشترطة هناك اكد كذلك لا يستبعد ان يفرق بين حكم الجماعة واقامتها في المساجد حيث يسهل الاستعاضة عنها باقامة الصلاة في البيوت لما يفوت من حكم الدين او مصلحة حفظ الدين في رتبة ليست بظرورية وفرق بينها وبين صلاة الجمعة التي ينبغي اقامتها او صلاة العيد التي لا تكون الا شعيرة والحرص على اقامتها في البلد ولو باقل القليل. هذا الترجيح ايها المباركون هو جزء من النظر الشرعي الدقيق العميق الذي يفضي به علماء الاسلام في النظر في نصوص شريعتي ومقاصدها وصولا الى تقرير الاحكام التي يحتاج اليها العباد في كل زمان ومكان وما هذه الجائحة وهذا الوباء العالمي الذي عم دنيا الناس الا صورة ومثال لمسألة ا بذل فيها علماء الاسلام جهدهم وقدموا فيها اجتهادهم وخدموا فيها امتهم بما يقرره النظر الشرعي. يتفاوت النظر فلا جرم ان يتفاوت اجتهاد علماء بلد عن بلد اخر. ويتفاوت النظر بناء على تفاوت تلك المرجحات التي يتفاوت ايضا النظر فيها بحسب آآ ما يترتب عليها من المعطيات التي تقدم ذكرها قبل قليل وايضا حتى البلد الواحد فربما تفاوت الحكم فيها بين مرحلة ومرحلة بناء على تقديم بعض المصالح وترجيح بعض المعطيات في الجملة هي مسألة نازلة والنظر فيها يستدعي اجتهادا ونظرا وتوفيقا وسدادا. والمعول على ما يقرره اهل العلم بالنظر في تلك النصوص والقواعد والمقاصد. سائلين الله جل جلاله ان يجعل هذا الوباء على امة الاسلام وباء ان مصحوبا بخير عظيم ورحمة وبركة ويعقبه عفو وعافية وشفاء ورحمة منه جل جلاله وان يجعل مصاب الامة في هذا في طياته خيرا ومحنة تستصحب منحا جليلة تعود على البلاد والعباد بخير وفير ونعمة سابقة وان يكون في هذا من الاوبة والرجوع والالتجاء الى الله عز وجل ما يحمل العباد على مزيد من تعظيم خالقهم وباريهم سبحانه تعالى. نسأل الله جلت قدرته باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يرزقنا واياكم علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعا اخفاء من كل داء. اللهم عافي مبتلانا واشفي مرضانا وارحم موتانا يا ارحم الراحمين. ووفق علمائنا وفقهائنا للنظر سديد والرأي الرجيح واجعل اجتهادهم وتوفيقهم وسدادهم من لدنك يا ربي نعمة ورحمة للاسلام والمسلمين والعباد ونسألك يا ربنا بلطفك ورحمتك وقدرتك ان تأذن لهذا الوباء بالزوال وان تعجل بالارتفاع وان تجعل مصاب المسلمين فيه كفارة ورحمة واوبة ورجعة الى حياض رحمتك ومستقر فضلك وعفوك وكرامتك يا اكرم الاكرمين. اللهم احفظ امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. واجعل الهي حجيج بيتك هذا العام مصحوبا بالعفو والعافية واليسر والبركة والخير والسداد يا ارحم الراحمين. اللهم اكرم وفدك ويسر نسكهم تقبل منهم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة. وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين