السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخرة وهو الحكيم الخبير يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور له الحمد كله ولك الشكر كله واليه يرجع الامر كله. سبحانه وبحمده لا نحصي ثناء هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه خلق واتقن ورزق وانعم من امن به هداه ومن توكل عليه كفاه ومن اعتصم به وقاه واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله امام الانبياء وسيد المتوكلين وخاتم النبيين وحبيب رب العالمين. وصفوة من خلقه اجمعين صلى الله وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته والتابعين. ومن تبعهم احسان الى يوم الدين. اما بعد. فالشكر بعد شكر الله جل جلاله. للاخوة في مركز الدعوة والارشاد بمنطقة الرياض ومجمع البوارد الخيري على تنظيمهم وقيامهم على هذا الملتقى الايماني. ملتقى العبادات القلبية. وهي موفقة وعناية مباركة بهذا الباب من الايمان تمس اليه الحاجة في كل وقت وان وتهم المسلم اينما كان. وتأتي محاضرة الليلة حقيقة التوكل على الله ضمن سلسلة محاضرات هذا الملتقى. وبدون مقدمات ايها الاخوة الكرام يسعنا ان نقول متى كان الحديث عن الايمان بالله جل جلاله وعبودية القلب له تعالى فاننا نتقلب في مواطن العظمة الشرف والسمو. عظمة العبودية لاعظم معبود. وشرف العباد بسليك بسلوك طريق العبودية له عز وجل وهو خالقهم والههم ومولاهم جل في علاه. وسمو ارواحهم وهي ترفرف في سماء الايمان بربهم الكبير المتعال. اخوة الايمان اي حديث عن عبادات القلوب ينطلق من مرتكزين اثنين احدهما انها شطر عبوديتنا لله. وشطرها الاخر عبودية البدن. وعبودية القلب اعظم الشطرين واهمهما. والبدء يكون بها. وبقدر تحقق عبودية القلب وتمامها واكتمالها عبودية البدن والا فلا وثانيهما ان العبد في خلقته يتكون من عنصرين. الروح والبدن ولكل منهما حظه من العبودية لا محالة. حظ الروح من العبودية لله هي عبادات القلوب. ايمان ومحبة وخوف ورجاء وخشية وانابة واستعانة وتوكل ونحو ذلك ولئن كان العبد عاصيا بتركه او تقصيره شيئا من العبادات البدنية كالصلاة والصيام والزكاة والحج ونحو ذلك هو بتركه او تقصيره في عبودية القلب اشد عصيانا واسوأ حالا. وهو ايضا اشأم اثرا. بل اعلم رعاك الله انه ما من عبد يصيبه قصور وعصيان وتفريط يقع فيه في جنب الله الا كان ذلك لافة في عبودية قلبه لربه ولابد وما فتح الله لعبد بابا من ابواب العبادات. فانطلق يتقرب الى الله بمختلف انواع العبادات البدنية. واصناف الا كان له في عبادات قلبه فتوحات ربانية لا محالة معشر المحبين لربهم عز وجل التوكل على الله عبادة قلب لا حظ فيها للبدن ولا للسان يقول ابن القيم رحمه الله هو عمل القلب فليس بقول اللسان ولا عمل الجوارح ولا هو من باب العلوم والادراكات حديثنا عن حقيقة التوكل على الله عز وجل في هذا المجلس ينقسم ودائر على عناصر سبعة بيانها كما يلي اولها حقيقة التوكل على الله وماهيته وفيه عبارات للسلف مشرقة ثانيها مكانته في الشريعة وصلته بالعبادة القلبية الاخر وثالثها نبذ من هدي المتوكلين. والرابع مفاهيم مهمة. وخامس العناصر مسارات توكل وسادسها في الاثار والثمرات. وسابعها خاتمة يتم بها الحديث بعون الله. فعلى الله توكلنا به انبنا وبه استعنا جل في علاه. اول هذه العناصر ايها الكرام حقيقة التوكل على الله ومهما اختلفت فيها الحدود والعبارات الا ان التوكل يدور حول منزع فطري في البشر وهو الحاجة الى متعلق به القلوب وترتبط. فالمؤمن قلبه معلق بربه. واسمى معالم هذا التعلق هو التوكل على الله ايمانا ويقينا بعظمة الله وكمال قدرة الله وعظيم وسعة علم الله وكفاية ربه له وادراكا تاما كذلك بعجز النفس وفقرها. وذلها وحاجتها. ومن هنا قال حبر الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما التوكل على الله والثقة بالله وقال الحسن البصري رحمه الله ان من توكل العبد ان يكون الله هو ثقته. فجعلوا التوكل على الله الثقة بالله جل جلاله جعلوا التوكل على الله عز وجل هو حسن الظن بالله سبحانه. وسنفهم حينها عبارات ائمة السلف اذ يربطون التوكل طمأنينة القلب بموعود الله والرضا عنه سبحانه لحسن الظن به والثقة التامة بتدبيره عز وجل. ولو شئنا ايها الاحبة المثال بانسان اقدم على باب من ابواب الحياة من وظيفة او مهمة او علاقة او سفر او تجارة فاذا كان ينطلق تجاه ذاك الباب من الحياة. معولا على انسان وشخص ذي منصب. وامر مطاع وكلمة مسموعة وهو حفي بامره مهتم لاجله قائم على رعايته. فماذا سيكون حاله؟ سيمضي قدما في طريقه وتمام الاعتداد قد ملأ قلبه ان وراءه من سيرعاه ومن سيتولى تسهيل الامور له. فكلما عاقه عائق او وقف دونه حاجز فزع اليه واستنجد به فاذا به يسهل له العسير ويقرب له البعيد. وكذلك اذا احتاجه في موقف وهو يعلم تماما مدى سطوته كره ما تردد في طلبه ولله المثل الاعلى. فالعبد المؤمن في توكله على الله اشد ارتباطا واعظم اتصالا من ذاك المخلوق بمخلوق مثله. كيف وهو الخالق عز وجل مدبر الكون؟ القائل للشيء كن فيكون. من بيده خزائن السماوات والارض وبيده المقاليد سبحانه وتعالى. ضرب المثال يعين على تقريب الصورة ليس الا. ايها الكرام التوكل على الله تعظيم لله عز وجل وهو باب من ابواب العبودية عظيم. التوكل على الله افتقار وذل وخضوع يحبه الله من عبده ويرضاه التوكل على الله ايمان يجمع حبا وخوفا ورجاء يحلق به العبد في سماء وفضاء العبودية لله عز وجل التوكل على الله ثقة قلب. ويقيم فؤاد وانشراح صدر وسكينة نفس العبد فيها يمضي بتوكله على الله. التوكل على الله منطلقنا في الغدو والرواح وهو معتمدنا في المساء والصباح ومركبنا في كل مناحي الحياة. التوكل على الله قوة الضعيف. وامان الخائف وقدرة العاجز وغنى الفقير الحائض التوكل على الله اعتماد على القوي وتفويض الى العليم القدير والتجاء الى الغني الحميد سبحانه وتعالى التوكل على الله امارة ايمان ومنطلق يقين واولى خطوات التوفيق. التوكل على الله هدى وسداد ورشات التوكل على الله سمت الانبياء عليهم السلام. وهدي الرسل عليهم السلام واجل معالم حياة الموفقين وعباد الله الصالحين. التوكل على الله مفتاح النجاح. وعنوان الصلاح. التوكل على الله كما قال الامام احمد رحمه الله هو اطع الاستشراف هو قطع الاستشراف بالاياس من الخلق. وقال شقيق ابن ابراهيم رحمه الله هو طمأنينة القلب بموعود الله عز وجل. ونقل ابن الجوزي رحمه الله عن بعضهم تفويض الامر الى الله ثقة بحسن تدبيره التوكل على الله اذا اصل من اصول الدين العظام وباب جليل من ابواب الايمان وعبادة من اعظم عبادات القلوب وهو منهاج الانبياء والرسل عليهم السلام كما سيأتي تفصيله قريبا ثاني العناصر اخوة الايمان. مكانة التوكل على الله في الشريعة من ادرك ارتباط التوكل على الله في قلب العبد بحبه لله والطمع فيما عنده سبحانه وحسن الظن به عز وجل. والثقة بموعوده تبارك وتعالى. والايمان بقدرته وغناه عز وجل وبالخوف من خذلانه وانكال العبد لنفسه كل هذا يأتي مرتبطا بعبادة التوكل على الله. ولا يقوم معنى التوكل الا بتوفر هذه المعاني التي اسلفت قبل قليل وامثالها كثيرة. عندئذ سنفقه مقولة حبر الامة ابن عباس رضي الله عنهما لما قال التوكل على الله جماع الايمان وعندئذ لن نعد مقولة سيد التابعين سعيد بن جبير رحمه الله مبالغة لما قال التوكل على الله نصف الايمان اخذها ابن القيم رحمه الله فقال التوكل نصف الدين فاين نصفه الثاني قال ونصفه الثاني الانابة فان الدين استعانة وعبادة. وهو انتزعها من قوله سبحانه اياك نعبد واياك نستعين قال فالتوكل هو الاستعانة والانابة هي العبادة. وقال ابن القيم ايضا رحمه الله والتوكل جامع لمقام التفويض والاستعانة لا يتصور وجود بدونها عجيب هو شأن التوكل على الله عز وجل وعظيم ايضا اثره في قلوب العباد. هل تحصون يا احبة كم كم مرة ورد التوكل على الله في كتاب الله الكريم وعلى الله فليتوكل المؤمنون وحدها وردت سبع مرات في سبعة مواضع فضلا عن المواضع التي جاءت بالاغراء بالتوكل على الله. وبيان اثره وعظيم ما اعد الله عز وجل لاهله. فضل عن ذكر التوكل في سياق المدح والثناء لاهله. وذكر شأن الانبياء وقصص الرسل عليهم السلام. وهم يعيشون حياة التوكل ويتعبدون لله عز وجل بها. فان التوكل على الله كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله واجب من اعظم الواجبات كما ان الاخلاص لله واجب. وقد امر الله بالتوكل في غير اية اعظم مما امر بالوضوء وغسل الجنابة ونهى عن التوكل على غيره سبحانه. بالله تأملوها وتأملوا معي كيف قرن التوكل على الله في القرآن الكريم بالربوبية والالوهية معا في مثل قوله تعالى قل هو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب وفي مثل قوله سبحانه رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا اقرارك عبد الله بربوبية الله وبالوهية الله مستلزم ان تفرده بالتوكل عليه. اما سمعت قول الله عز وجل قل هو الرحمن امنا به وعليه توكلنا وبيان هذا الارتباط بين التوكل وعقيدتنا نحو الله والوهية الله ان الربوبية تقتضي الاذعان لله سبحانه بتفرده بالخلق والتدبير. وانه مالك الملك وانه سبحانه لا ينازعه في تصريف الكون احد ولا احد في قديم او حديث ممن ادعى الالوهية او ادعيت له نزع في شيء من ربوبية الله لهذا الكون تبارك اسمه وتعالى جده ولا اله غيره. واما الالوهية فهي تقتضي التبتل لله تعالى بالكلية. وقطع التعلق بالمرة عما سواه وتعالى والتوكل على الله من اعظم مقامات الايمان بالله وهو يتصل باسماء الله الحسنى وصفاته العلى ولهذا في كثير من ايات القرآن يأتي التوكل على الله مرتبطا باسماء الله وصفاته. تأملوا مثلا وتوكل على العزيز رحيم وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده. وكفى به بذنوب عباده خبيرا وتوكل على الله انه هو السميع العليم ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم هذا ما جاء عبثا. جاء لارتباط وثيق بين عبادة التوكل التي نقومها في القلوب لله. وبين هذه المنطلقات الاساسية الربوبية والالوهية وذكر اسماء الله وصفات الله جل في علاه. ومن جميل كلام الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ان قال الاصل الجامع الذي تتفرع عنه الافعال والعبادات هو التوكل على الله وصدق الالتجاء اليه والاعتماد بالقلب عليه. قال وهو خلاصة التفريج ونهاية تحقيق التوحيد. الذي يثمر كل مقام شريف من المحبة والخوف والرجاء والرضا به ربا والها والرضا بقضائه بل ربما وصل بالعبد الى التلذذ بالبلاء وعده من النعماء. كما في حديث السبعين الفا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا اعذاب فسبحان من يتفضل على من يشاء بما شاء والله ذو الفضل العظيم. انتهى كلامه رحمه الله ثلاث العناصر ثالث العناصر ايها الاحبة من هدي المتوكلين. اما انها نبذ وغيض من فيض والا فليس باخبارهم مجلس ولا يحويها مقال. ولكن لما نتأمل كيف يستحث القرآن قلوب اهل الايمان بذكر مواقف هذه الصفوة من خلق الله من الانبياء والرسل عليهم السلام. ترضعوا فيها على عرش التوكل على ربهم سبحانه وتعالى هم الموصولون بحبله المؤيدون بنصره وحفظه. وهذا طرف يسير منها وحسبنا من القلادة ما احاط بالعنق. ولاول ولوهلة يدهشك حضور مقام التوكل على الله في قصص الانبياء في القرآن. لكنه سرعان ما يتلاشى هذا الامدهاش اذا ما عندنا سمو هذه العبادة العظيمة وانهم احرى العباد بالتقلب في اكنافها. والتلذذ بنعيمها عليهم صلاة الله و سلامه. هذا نوح عليه السلام. وقد حكى القرآن عنه انه قال لقومه يا قومي ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بايات الله فعلى الله توكلت. فاجمعوا امركم وشركاءكم وليكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون ارأيت كيف يقوم التوكل في قلب نبي كريم من اولي العزم من الرسل مقاما عظيما وهم من صفوة خلق الله عليهم صلاة الله وسلامه وهود عليه السلام لما ناوأه قومه قالوا يهود ما جئتنا ببينة وما نحن تاركي الهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. وانظر كيف تعالوا وتمادوا في طغيانهم عليه. ان نقول الا اعتراك بعض والهتنا بسوء فانظر كيف قام النبي الكريم عليه السلام مقام المتوكلين على الله لما قال في جوابه قال اني اشهد الله واشهدوا اني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون اني توكلت على الله ربي وربكم ما من الا هو اخذ بناصيتها. ان ربي على صراط مستقيم. موسى عليه السلام لما فر من فرعون وانجاه الله واتى الى شعيب فزوجه احدى ابنتيه قال موسى عليه السلام ايما الاجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل وهو ايضا القائل عليه السلام لمؤمن قومه قال موسى يا قومي ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا. ان كنتم مسلمين وهكذا يزرع الانبياء في قلوب الامم هذه العبادة العظيمة ويرعون قيامها وانشاء صرحها في قلوب العباد. وهو موسى عليه السلام ذاك الذي اعتلى عرش التوكل على ربه ثقة واعتدادا يوم تراءى الجمعان وهو يفر وفرعون بملأه يحشد الجموع ويطاردهم. فلما ترى الجمعان قال اصحاب موسى انا لمدركون. البحر امامهم وفرعون بجنوده وجحافله من ورائهم وموسى عليه السلام لا يبصر طريقا يمكن منه النجاة لكنه يملك يقينا وثقة بربه وتوكلا عجيبا قال اصحاب موسى انا لمدركون. قال كلا ان معي ربي سيهدين. اتظن انه قد اتاه الوحي قبل فاخبره بالنجاة؟ ابدا. لان الله قال لما قال موسى عليه السلام ان معي ربي سيهدين. قال الله فاوحينا الى موسى. ان اضرب بعصاك البحر فانفلق. فكان كل فرق كالطود العظيم لا اقرب من موقف موسى عليه السلام في عظمة التوكل وامتلاء القلب منه الا موقف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا وهما في الغار. وابو بكر كما في صحيح البخاري. يقول يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدميه لابصرنا. فيقول صلى الله عليه وسلم يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما هذا التوكل العجيب الذي يضرب به الانبياء عليهم السلام اروع المثل هي دروس تتعلمها الامم من بعدهم. ونتعلم كيف يحيي التوكل الله عز وجل في قلوبنا معان ليست ملموسة ولا محسوسة لكنها عجيبة في امتلاء القلب وفي تحقيق الوعود وفي تنزيل النصر من رب العزة والجلال ورث الصحابة رضي الله عنهم وهم من عاش وتربى بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورثوا هذا المعنى الكبير والعبادة العظيمة في توكلهم على الله في غزوة حمراء الاسد يوم رجعوا من احد وقد اصابهم القرح ومسهم القتل ووقع بهم المصاب. واذا بالمخبر يدعوهم الى ان قريشا لا زالت عليهم الكرة الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قال الله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله. عن ابن عباس رضي الله عنهما كما عند البخاري انه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار. وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل من هدي المتوكلين يحضرك مقولة مؤمن ال فرعون كما اخبر الله تعالى عنه فستذكرون ما اقول لكم فوضوا امري الى الله ان الله بصير بالعباد. ويحضرك ايضا موقف هاجر ام اسماعيل لما اتى بها ابراهيم عليه السلام وبرظيعها اسماعيل عليه السلام فتركها في الوادي عند دوحة قرب زمزم قبل ان يبنى البيت وقبل ان يكون زمزم فتركهما في ذاك المكان وترك معها سقاء فيه ماء وجرابا فيه تمر. فلما اعطاها ظهره وانصرف قالت يا اين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه انس ولا شيء وابراهيم عليه السلام لا يجيبها فاعادت عليه السؤال ثانية وثالثة فلما قالتها مرارا وابراهيم عليه السلام لا يلتفت قالت له في الاخيرة الله امرك بهذا قال نعم قالت اذا لا يضيعنا هذه المرأة التي قالت تلك العبارة وامتلأ قلبها توكلا عجيبا اتدري لم خلد التاريخ ذكرها ولما عاشت رحمة الله عليها مضرب المثل في حياة ما زالت البشرية تعيش على ذكراها اليوم نسعى بين الصفا والمروة في كل نسك حجا وعمرة. يقول عليه الصلاة والسلام فذلك سعي الناس بينهما اليوم هذه المرأة التي قام مقام التوكل في قلبها موقفا عجيبا هي التي انجبت ذلك الصبي. عندما قال له ابو الخليل عليه السلام يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى. قال يا ابتي افعل ما تؤمر. ستجدني ان شاء الله من الصابرين انها ليست بالوراثة بقدر ما هي حياة يعيشها اولئك الصفوة ثم يربون عليها اجيالهم وناشئتهم فتنشأ اجيال تعيش حقيقة معنى التوكل بمفهومه العجيب. انه التوكل على الله. ان تكون بما عند الله اه اوثق مما في يديك رابع العناصر ايها الكرام مفاهيم مهمة في شأن التوكل على الله. وها هنا نقاط ثلاثة اولها التوكل على الله كما اسلفت في صدر الحديث عبادة قلب. تثمر عملا مصاحبا يأخذ بالاسباب من ظن انفصالهما والتواكل العقيم بطالة ودعة وفهم سقيم. بل هو خلود الى العجز والركوع الى الهوى بزعم التوكل على الله. وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان اهل اليمن يحجون ولا تزودون ويقولون نحن متوكلون. فيحجون فيأتون اهل مكة فيسألون الناس فانزل الله سبحانه وتزودوا ان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب. في غزوة احد ظاهر نبيكم صلى الله عليه وسلم بين درعين اثنين وهو سيد المتوكلين. ومعنى المظاهرة بين درعين انه لبس درعا فوق درع عليه الصلاة والسلام. وهو الذي قال له ربه الله يعصمك من الناس وهو الذي قال له ربه اليس الله بكاف عبده؟ وهو الذي قال له عز اسمه انا كفيناك المستهزئين لكنه يعلمنا صلى الله عليه وسلم كيف نكون بما عند الله اوثق مما في ايدينا. وهو سيد المتوكلين عليه الصلاة والسلام لكنه التوكل الذي لا ينفصم بحال عن السعي بالاسباب والاخذ بها لا محالة. ثاني هذه العناصر في المفاهيم بين التوكل على الله والاخذ بالاسباب علقة علاقة وثيقة تقع بين طرفين اثنين. اولهما التفريط في الاسباب واهمالها بالمرة وذلك هو التواكل العقيم السابق ذكره قبل قليل. والاخر افراط في الاخذ بالاسباب وركون الى على التمام على حساب التوكل على الله حتى يظمر ويذبل في قلب صاحبه معنى التوكل لله عبودية وانابة هذا ضعف واضح في عبادة عظيمة وشرخ صريح في بنيانها والوسط حق بينهما. وهو اجمل عبارة اوردها بعض السلف نقلا عن الائمة العلماء حتى نقلها بعضهم ان قالوا في معنى التوكل على الله مع الاخذ بالاسباب قالوها في جملة بديعة مشرقة قالوا هو قطع النظر عن الاسباب بعد تهيئة الاسباب بمعنى انك تعد السبب لاي امر تريده وتسعى فيه بمقتضى ما خلق الله من اسباب فمن اراد الولد تزوج ومن اراد الزواج سعى في تحصيل المهر وهكذا فشيء يبنى على شيء وجعل الله لكل شيء سببا. فاذا هيأت الاسباب وجمعتها قطعت قلبك عن التعلق بها لانك متوكل على الله قالوا في التوكل مع الاخذ بالاسباب هو قطع النظر عن الاسباب بعد تهيئة الاسباب. ثالث العناصر ايها الكرام الموازنة بين الاسباب والتوكل على الله. وهذه منطقة فيها معادلة تحتاج الى ضبط عند كثير منا اليوم مقدار السبب المبذول في مقابل التوكل الذي يعقد في قلب صاحبه على الله عز وجل. وهذا امر يحسن التنبيه له لانه امر خفي في القلب. وامثلة ذلك كثيرة. وظيفة يسعى اليها شخص ما للظفر بها والحصول عليها او مشروع تجاري هو مقبل عليه. او زواج او وظيفة او بناء دار او تحصيل شيء من امور الدنيا كيفما كان وانظر الى حال احدنا كيف يصنع اذا اقبل على مشروع كهذا فانه يسعى بكل سبيل ممكن في الاسباب المتاحة بين يديه. فيتصل بهذا ويكلم ذاك. ويسعى الى شفاعة هنا وهناك ومهما طلب منه من مطالب واشترط عليه من شروط سعى في تجميعها وتحصيلها وهذا مطلب ولا شك اين التوكل على الله هنا؟ هو عمل قلب. لكن لانه خفي قد نمر عليه باللسان وخاطرة الاذهان دون ان يكون معنى قائما في الحقيقة وهذا المثال حقيقة قائم بين ايدينا اليوم اذا ما اردت ولنقل مثلا ترتب لعملية جراحية لاحد افراد اسرتك فان مما تسعى فيه ان تزور الاطباء وان تكشف وان تحلل وان تشخص وان تتحرى وان تسأل وان تجمع كل ما يحتاج الى الامر ولو استدعى جمع مال جمعته ثم انت لا تني جهدا في السؤال والحرص والمتابعة ودوي وترك وصية عند من يعرف ومن يهتم لامرك الى اخر ذلك ومع هذا فان التوكل على الله ينبغي ان يكون حاضرا ستقول لكنني دعوت الله وتوكلت عليه منذ اول خطوة. السؤال هنا هو ما مقدار ما نبذله؟ من صدق التوكل الالتجاء والدعاء والالحاح والتضرع في مقدار ما يستجمع بين ايدينا من الاسباب لنكن صرحاء عندما نقول انه شعور يداهم بعض القلوب المؤمنة اذا اجتمعت الاسباب بيديه اكثر ظمر في قلبه معنى التوكل من غير بقصد لذلك لكن يظن انه يتكئ الى ركن شديد. وان الامور بيديه تعطي مؤشرا ان الامر على ما يرام وانه يمضي قدما على احسن حال فاذا دعا الله دعا دعاء عابرا ليس يدعو دعاء المضطر الوجل الواقف على باب الله الذي يشعر انه لولا الله وفضل الله وكرم الله واذن الله ورحمة الله ما تحقق وله امر ولا تم مقصود. المقصود اذا ان نرعى معنى التوكل على الله عز وجل. وما زالت قصة مريم وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا حاضرا امرأة يرعاها الله من فوق سبع سماوات ويريد الله عز وجل لها ولحملها وجنينها امرا عظيما. ومعجزة تبقى الى قيام الساعة. عيسى ابن مريم. ومع ذلك لما اراد الله لها امرا جعل له سببا وهو المخاض والحم والولادة. فلما اتت الى جذع النخلة قال الله لها وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جليا الله الذي اوجد في بطنها ورحمها الولد بقدرته سبحانه بلا سبب. ما كان قادرا على انزال الرطب واطعامها فما الذي نفهمه ايها الكرام الا انه تأسيس وتقرير لمعنى التوكل على الله مع الاخذ بالاسباب. توكل على الرحمن في كل حاجة ولا تؤثرن العجز يوما على الطلب. المتر ان الله قال لمريم اليك فهزي الجذع يساقط الرطب. ولو شاء ان تجنيه من غير هزها جنته ولكن كل شيء له سبب خامس عناصر موضوعنا ايها الاحبة الكرام مسارات التوكل وربما كان هذا اهم عناصر اللقاء الليلة. وهو الحديث عن المجالات التي يعقد فيها العبد توكله على الله. والحق انه كل ابواب الحياة بلا استثناء. ليس باب من الحياة عبد الله يمكن ان تطرقه بعيدا عن توكلك على الله. وبمعزل عن اعتماد على الله والله لو اوتيت ملك الدنيا واسبابها وتهيأت لك كل ما فيها بحذافيرها لن تجد نفسك الا عبدا فقيرا واقفا على باب ربك ومولاك تطرقه بذل وخضوع تأذن له ان تنتظره ان يأذن لك فيفتح الباب. لكن حديثها هنا عن باب من الحياة هو اهم من غيره واولى. الم ترى ان الشريعة التي علمتنا ان نتوكل على الله عندما نأوي الى الفراش للمنام نتوكل على الله اذا اتينا الفراش للنوم. يقول صلى الله عليه وسلم اذا اتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن ثم قل اللهم اني اسلمت وجهي اليك وفوضت امري اليك والجأت ظهري اليك رغبة ورهبة اليك لا ملجأ ولا منجى منك الا اليك امنت بكتابك الذي انزلته بنبيك الذي ارسلت. قال فان مت ليلتك فانت على الفطرة واجعلها اخر ما تتكلم بالله عليكم الا ترون كم تقطر هذه الكلمات والعبارات توكلا على الله وتفويضا الى الله واستسلاما ارأيت دينا يربي اتباعه على التوكل على الله عند المنام على الفراش. ثم تغيب ابواب الحياة الكبيرة التي تخط في دروبها هنا وهناك اذا فكيف حال اليقظة كيف استقبالنا لدروب الحياة؟ ليس يستثنى منها باب دون باب. لكن حديثنا هنا عن مسارات التوكل هو حديث عن ابراز بعض المواقف التي يتأكد فيها على العبد ان يعتني بعبودية قلبه بتوكله على الله والتأكيد عليها. وذلك سيكون في نقاط عشرة هي مواضع هي مجالات هي مواقف يتأكد علينا عباد الله ان نحقق فيها معنى التوكل على الله اولها في المصائب والكربات. وفي مواقف الازمات والقرآن يعلمنا. قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ما هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب عند الكرب لا اله الا الله العظيم الحليم. لا اله الا الله رب العرش العظيم لا اله الا الله رب السماوات ورب الارض رب العرش الكريم وفي سنن ابي داوود يقول صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني الى نفسي طرفة عين واصلح لي شأني كله لا اله الا انت. اذا ابتليت فثق بالله وارض به. ان الذي يكشف البلوى اهو الله اذا قضى الله امرا فاستسلم لقدرته ما لامرئ حيلة فيما قضى الله اليأس يقطع احيانا صاحبه لا تيأسن فنعم القادر الله. هذه اول واعظم مواطن التوكل على الله. واولها ابتدار الى الاذهان لانها ساعة الظعف. لانها لحظات الجزع. لانها المواقف التي تختنق فيها الانفاس. فيقوم قائم التوكل على الله في قلوب العباد بابا للفرج ودفعا لتلك الملمات وتنفيسا عن النفوس المؤمنة. ثاني هذه المواضع والمسارات التي يتأكد فيها تحقيق الاعتماد على الله والتوكل عليه سبحانه عند نزول الفاقة. والمقصود بها الحاجة الشديدة والامر العظيم الذي بالانسان فيحيط به. في سنن الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنهما ان نبينا صلى الله عليه وسلم قال من نزلت به فانزلها بالناس لم تسد فاقته. ومن نزلت به فاقة فانزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل او اجل هذه الفاقة ولان كانت فاقة مال وطعام وشراب ولباس فثق تماما النفاقة الروح اكد منها واولى بالتوكل على الله ونعني بفاقة الروح الحاجة الى التوفيق الحاجة الى سكينة النفس الحاجة الى انشراح الصدر وطمأنينة القلب هذه فاقة الارواح. حاجتها الى ما يسدها ثقة وسعادة وانسا وسرورا. ثالث التي يتأكد فيها تحقيق التوكل على الله عباد الله عندما يعرض عنك الناس ويتخلى عنك الصديق والحبيب ويخذلك البشر من حولك وتظن انه قد اسقط في يديك. لن ينجدك في موقف كهذا سوى توكلك على الله. اوما سمعت قول الله لنبيه عليه الصلاة والسلام سلام فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. اكتفاؤك بالله يملأ فؤادك واعراض الناس عنك يكشف لك ظهرك ويجعلك وحدك في المصائب والملمات والكربات ولا ها هنا الا حسن توكلك على الله. رابع المواقف عند مواجهة العدو وقتال الخصوم. واسمع الى الحوار الذي حكى القرآن. قالت رسلهم افي الله شك فاطر السماوات الارض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم الى اجل مسمى قالوا ان انتم الا بشر مثلنا. تريدون ان يصدون عما كان يعبد اباؤنا فاتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا ان نأتيكم بسلطان الا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون. وما لنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما اذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون خامس المواقف عند مسايسة العدو ومصاولته اعراضا او مسالمة. والحرب خدعة وسياسة مع الاعداء والخصوم تستدعي صلحا تارة ومسالمة تارة واعراضا عنهم وتجاهلا تارة وتارة كل ذلك عاشه الانبياء والرسل. وكان توجيه القرآن يأتي بالوصية دوما لهؤلاء العظماء من البشر بان يستصحبوا هذا اصطلاح العظيم بتوكلهم على الرب الكريم. يقول الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام وان جنحوا للسلم فاجنح لها توكل على الله خذ بالسلم بتوكلك على ربك عز وجل. قال الله عز وجل ايضا لنبيه عليه الصلاة والسلام. فاعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا. وقال ايضا سبحانه ولا تطع الكافرين والمنافقين. ودع اذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ارأيت ايضا هذا جاء موافقة من غير قصد لمعنى عظيم. يوجه الله عز وجل فيه نبيه صلى الله عليه وسلم. لهذا المسجد من صدق التوكل على الله. سادس المواقف عند ضعف النفوس عند ضعف النفوس وما يعتري اليقين من خلل. وعندما تتسرب الوساوس والخطرات فتهز في قلوبنا شيئا من معاني الايمان بالله. كلنا بشر ويعترينا الضعف تارة. فاذا ما وجدنا ان جانبا من الايمان في دواخلنا اصابه الخلل. وان قدرا من اليقين اعتراه ضعف فدواؤه وعلاجه صدق التوكل على الله. وفي هذا حديث لطيف اخرج احمد وابو داوود والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن ابن مسعود رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الطيرة شرك. الطيرة شرك الطيرة شرك يقول ابن عباس يقول ابن مسعود رضي الله عنه وما منا الا يعني ليس منا احد الا ويصيب شيئا من ذلك من قريب او بعيد. على خطورة الامر الطيرة شرك. قال ابن مسعود وما منا الا ولكن الله يذهبه بالتوكل هذا الدواء الذي ينبغي ان يكون بيد كل واحد منا ليس يداوي به داء بدنه بل يعالج به اعظم ما يملك ايمانه بالله عز وجل. واسمى ما ينبغي عليه المحافظة عليه. هذا رأس مالنا. وبقدره نتفاضل عند الله اه وبه ترجح باحدنا كفة الميزان يوم نلقى الله. فالمسألة جديرة يا كرام ان يكون لها حظها من العناية والحفاوة والاهتمام في حياة العباد ودواؤها كما سمعت بالتوكل على الله. سابع تلك المواطن في الذي لا يستغني عنه منا احد. طلب الرزق وكسب المعاش. وكلنا ذاك الذي يخرج سحابة نهاره يقتات لاولاده راغبا في كفاية العيش وسداد الحياة وعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو انكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا تخرج اول النهار خاوية بطونها لكنها لا ترجع اخره الا وقد شبعت وامتلأت بطونها فمن الذي رزقها من الذي دلها على مواطن الرزق؟ من الذي ساق اليها الاقوات؟ من الذي اطعمها وصغارها في الاعشاش؟ او في الجحور والله عز وجل اذا كانت الطير تنطلق بلا عقل تدبر فيه كسبا ولا معاشا. وما رزقها الله ذكاء ولا فطنة لكنه سبحانه خلق وقدر فهدى فاستدلت البهائم والحيوانات والعجماوات على ان الكون خالقا يرزق الخلق ايظل ابن ادم فما شأن المؤمن الذي امن بربه الها خالقا عظيما رازقا ليس بينه وبين تحقيق هذا المعنى في قلبه الا التوكل على الله وسعيه وخروجه ودخوله وارتحاله وذهابه ومجيئه وطرقه لابواب المعاش كل ذلك من الاسباب التي ينبغي ان تكون وثيقة الصلة بتوكله على الله عز وجل الموطن الثامن في مباشرة المهام والقيادة وتولي المناصب ومهمات الوظائف لكل مبتغ للنجاح لكل من في حياته الكفاح لكل من تبوأ وتسلم وظيفة ومنصبا وقيادة. وهمه الاكبر ان يكون في توفيق متتابع وان يدوم عليه فضل الله وان يستمر في نجاح وتحقيق للمطالب بلا انقطاع ولا خذلان اولئك احوج ما يكون الى عون الله وتوفيقه وسداده وفي القرآن الكريم ومن يتوكل على الله فهو حسبه الموطن التاسع الذي يتأكد فيه تحقيق التوكل على الله في اشرف مقام. واعظم موضع واشرف وظيفة هي وظيفة الانبياء والرسل عليهم السلام دعوة العباد الى الله. بث الخير والهداية وتعليم الناس ونصحهم وارشادهم ودلالتهم على الحق والهدى اسمع وصية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم. والوحي ينزل تأييدا ومؤازرة. والقرآن يتتابع في تثبيت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. ودلالته على الطرق والمسالك التي يرزق بها عليه الصلاة والسلام تحقيق المراد الامانة يقول الله له فتوكل على الله انك على الحق المبين انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء ااذا ولوا مدبرين وما انت بهدي العمي عن ضلالتهم ان تسمع الا من يؤمن باياتنا فهم مسلمون. والوصية الاخرى عندما فقال الله له فان عصوك فقل اني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم قلوبك في الساجدين. ايها الدعاة ايها العلماء. ايها الناصحون ايها الائمة والخطباء. ايها المعلمون والاباء يا كل من قام مقام تربية وتوجيه ونصح وارشاد وتعليم هذا نبينا عليه الصلاة والسلام الموصول بحبل الله من فوق سبع سماوات. المؤيد بالمعجزات المنصور المحفوظ بحفظ الله يأمره الله بالتوكل عليه. فلنحن والله اولى واحرى ونحن لسنا باكثر قربا منه صلى الله عليه وسلم من ربه ولسنا بالذين ننال من ربنا تأييدا ونصرة وحفظا وتوفيقا كالذي خص الله به انبياؤه ورسله. نحن اولى لا والله في هذا المقام العظيم ان نقيم في قلوبنا مقاما عظيما لتوكلنا على رب العالمين. عاشروا هذه في كل امر يقصده العبد وكل مطلوب يسعى لاجله. ما الذي يهمك عبد الله في هذه الحياة ما الذي يشغل بالك؟ زواج وظيفة ولد مشروع تجاري اوما انتبهت كيف ربطنا الاسلام خروج احدنا من داره اذا خرج. يسعى لمطالب الحياة في سنن ابي داوود من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة الا بالله يقال حينئذ هديت وكفيت ووقيت. فيقول الشيطان مؤخر كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي اتظن ان الاسلام الذي يربطنا بهذا المعنى عند كلمات نقولها في كل مرة نخرج فيها من دارنا ليس الا ارتباطا بمعنى توكلنا على الله واحياء لهذه العبادة في القلوب. بل دعني اقول لك هب انك انسان ليس لك في الحياة نصب ولا لشيء من مطالبها عندك غرض. امن مطمئن. مكفي امر طعامك وشرابك ولباسك. في رغد من العيش اتظن انه لا حظ لك من توكل قلبك على الله؟ اتظن انك استغنيت هب انك كذلك ما اروع وصية الامام ابن قدامة رحمه الله لما قال اعلم ان من هو في البحر على لوح على لوح خشب ليس على مركب سفينة هو بين لحظة اخرى يوشك ان يغرق يقول اعلم ان من هو في البحر على لوح ليس باحوج الى الله والى لطفه مما من هو في بيته بين اهله وماله فاذا حققت هذا في قلبك فاعتمد على الله اعتماد الغريق الذي لا يعلم له سبب نجاة غير الله والله يا احبة ما احوجنا جميعا رجالا ونساء صغارا وكبارا الى ملء قلوبنا ثقة بالله وتوكلا اما صادقا على الله واعتمادا بالكلية على الله. كلنا والله بلا استثناء فقير مسكين. بباب الله واقف ولفضل الله منتظر ولرحمته يطلب. كلنا والله بلا استثناء وكلنا مهما ملك من الاسباب واوتي من الدنيا لا يزال عاجزا فقيرا هو الى ربه محتاج والله عز وجل يفتح الباب لمن يشاء. اوما ترون كيف ربطنا الاسلام يا كرام حتى ندرك ان توكلنا على الله يتصل بكل خطوة من خطوات الحياة لا ينفك عنها بحال. انظر كيف ربطنا الاسلام بعبادة التوكل على الله؟ او ما نردد في كل ركعة في الصلاة ونحن نقرأ الفاتحة اياك نعبد واياك نستعين هو درس نلقنه لنفوسنا نقرأ بها في صلواتنا ونسمعها خلف ائمتنا ونحن نكرر مرارا واياك نستعين هو توطين للنفوس المؤمنة على هذه العبادة العظيمة ان تعيشها. فاذا غاب عنها المعنى او ذهلت عنه او ضعف يقينها للحظة ما وفي فترة ما ولسبب ما عاد مرة اخرى في كل كعتن ليعود من جديد الى تأكيد هذا المعنى واياك نستعين. الشريعة التي جعلت من اذكار الصباح والمساء عندنا كل يوم وليلة حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. الشريعة التي جعلت في دعاء خروجنا من المنزل بسم الله توكلت على الله. كل هذا يا كرام ما جاء لفراغ ولا من فراغ. انما هو لتأسيس هذا المعنى ولاجل في بقائه حيا في القلوب وليس معلومة تقال ولا درسا يحظر ولا خطبة تسمع فيعيش بها المرء اياما معدودات ثم ما يلبث ان نتلاشى بل هو صميم الحياة ينبغي ان يكون هواء نتنفسه. ودما يسري في عروقنا وخفقا في قلوبنا لا بد ان تنبض به نحن بغيره نفتقد اصلا من اصول الايمان. التوكل على الله هو حياة القلوب. هو سر هذه الحياة في معشر المسلمين نحن نعيش معنى التوكل على الله في كل خطوة من خطوات الحياة واما سادس العناصر وهو ما قبل الاخر في موضوعنا الليلة ثمرات التوكل وثماره واثاره عظيمة عجيبة. وفي ثنايا ما سبق كثير من بركات التوكل وثمراتها التي تجتنى. لكن لعل افراد بعضها الذكر هنا يعين على ابرازها ومزيد اظهارها. فمن ثمرات التوكل وبركاته في حياة المتوكلين على الله اولها قوة عجيبة في القلب وعزة نفس وثبات فؤاد ورباطة جأش. تأمل قول نوح الذي سلف قبل قليل. واتل عليهم نبأ نوح اذ قال لقومه يا قومي ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بايات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا امركم وشركاءكم وليكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الي ولا تنظرون. لا تمهلوني. اي مقام قامه نبي الله نوح عليه السلام ليكون في قوته وشجاعته واقدامه يقول هذه المقالة لقومه. يقول ثم اقضوا الي ولا تنظرون قريب منها جدا مقالة هود عليه السلام لما توعدوه وقالوا ما جئتنا ببينة وما نحن لك بمؤمنين. ولما هزئوا به وانتقصوه ان نقول الا بعض الهتنا بسوء كيف يقف بكل شجاعة وثبات ملأ الايمان قلبه واخذ بقصب التوكل على الله ليقول قال اني اشهد الله واشهد اني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا. ثم لا تنظرون. ايضا لا تمهلوني. لست بحاجة الى ان استعد اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها تقرأ في مواقف الانبياء والرسل عليهم السلام مواقف يقطر منها معنى توكلهم على الله شجاعة وثبات قلب وشيئا عظيما من العزة والاعتدال. هذا اعظم واظهر ثمرات التوكل على الله عز وجل الثمرة الثانية الاكتفاء بالله عن غيره. والاستغناء به عمن سواه. وقطع النظر والطمع بالخلق وما لديهم هذه عزة النفس واباؤها. ان تعيش مهما كنت فقيرا قليل ذات اليد. قليل الحيلة لا يأبه بك ولا يلتفت اليك احد وليس لك في وزن الدنيا نصيب. ولا في نظر كثير من الناس ثقل لكنك بصدق توكلك على الله تعيش اعتدادا وعزة نفس وغناها لانك معتد بتوكلك على الله عز وجل. هذه ثمرة والله من اعظم واعجب ثمرات الايمان وصدق الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه الله اكبر الله اكبر اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله. اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله فالإكتفاء بالله سبحانه وتعالى لما قام في قلب العبد من صدق توكله على الله ثمرة عظيمة عجيبة من ثمرات التوكل على الله. وهذا مصداق قول ربنا سبحانه ومن يتوكل على الله فهو حسبه. اي فهو كافيه وهو سبحانه وتعالى يغنيه عما سواه وهذا معنى عجيب يا كرام ان تعيش مهما خلا مما بين يديك. ومهما افتقدت من المطالب ومهما غابت عنك الاسباب الا ان له شيء عظيم يقوم في قلبك لصدق ما قام فيه من معنى التوكل على الله عز وجل يقول ابن القيم رحمه الله وهذا اعظم جزاء. ان جعل الله تعالى نفسه جزاء المتوكل وكفايته عليه فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السماوات والارض ومن فيهن لجعل الله له مخرجا وكفاه رزقه ونصره سبحانه وتعالى. يقول الحسن البصري رحمه الله العز والغنى يجولان في طلب التوكل فاذا ظفر او طنا يقول يبقى العز عز النفس وغناها يبحثان عن قلب يتحقق فيه التوكل على الله. فاذا وجداه وظفرا به في قلب عبد توطن في قلب ذلك المؤمن ولا يزال عزيز النفس غني الفؤاد تأملوا قول الرجلين الصالحين في قصة موسى عليه السلام قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فانكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين ثالث الثمرات التي يجدها العبد بتوكله على الله عز وجل. نيل الرزق وتحصيل القناعة به. وما على مبتغي الرزق ان يسعى اجتهد في بذل الاسباب اكثر بقدر ما عليه ان يسعى في تحقيق توكله على الله بوجه اصدق واتم واكمل. تقدم حديث لو انكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا. وفي سياق الحديث عن الرزق في سورة الطلاق يقول الله عز وجل ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه. فالتوكل على الله سبب عظيم تفتح به ابواب الرزق ويقنع به العبد بما اتاه الله عز وجل رابع الثمرات التي يجنيها المتوكلون على الله بصدق توكلهم على ربهم استنزاد النصر على الاعداء. مهما اجلب العدو بخيله ورجله. فمن تكفل الله به فلا غالب له. ان ينصركم الله فلا غالب لكم. وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم قم من بعده قال الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون في غزوة حمراء الاسد مر بكم موقف الصحابة لما قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم وفي احد استشهد سبعون رجلا من الصحابة ولم يبق في الجيش احد الا فيهم جريح ومصاب ومطعون. كيف ونبينا صلى الله عليه وسلم قد شج وجهه وانكسرت وانكسرت ثنيته ودخلت حلقتان من المغفر في وجنته صلى الله عليه وسلم كل ذلك المصاب ثم يقال له بعد الرجوع من احد ان الناس قد جمعوا لكم لو عشت المشهد لرأيته انه الهلاك المحقق لا قيبل لهم بقتال ولا طاقة لهم والمصاب عظيم. والكرب فادح لكنهم لجأوا الى ركن شديد لما قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ليست عبارة نطقت بها الالسن الا بعد ان استقر في القلب امر عظيم علم الله به. فقال في جزاء ذلك فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو الفضل العظيم وفي غزوة بدر لما خرج عليه الصلاة والسلام في ثلاثمائة وبضعة عشر وما خرج لقتال كما تعلمون انما خرج يعترض عيرا لقريش يقودها ابو سفيان. فكان من الامر ما كان وافلت ابو سفيان ونجا بالقافلة لكن قريشا قادها الكبر والرياء والغطرسة اذ خرجوا ينجدون القافلة فلما علموا بنجاتها اصروا على الا رجعوا مكة حتى يردوا بدرا فينحروا فيها الابل ويعزفون فيها القيام وتسمع بهم العرب. كان ما كان. واراد الله عز وجل لتلك الثلة المؤمنة القليلة في عددها ان تلتقي بعدو يبلغ ثلاثة اضعافها عندئذ وجد المنافقون بالمدينة فرصة للسخرية والاستهزاء فرصده القرآن. اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم رأوه غرورا ان يقاتل ثلاثمائة وبضعة عشر يقاتلون الفا من قريش. فيهم السادات والكبراء والزعماء والصناديد لكن رأيت كيف اجاب القرآن ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم. هو التوكل على الله الذي ليس يعني التخلي عن الاسباب لكن بذل المستطاع وذاك كان غاية مستطاعهم رضي الله عنهم. لكنهم لما فعلوا جاهدين ما بوسع وصدقوا في توكلهم على الله تحقق فيهم سنة الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله ومن توكل على الله كفاه خامس الثمرات تحقيق الايمان هل لك عبد الله في حياتك كلها ان تغادر دنياك وقد وجدت شهادة من ربك عز وجل انك على ايمان صحيح تلقى به الله عز وجل ويجعلك في عداد اهل الايمان الذين يدخلون الجنة وينجيهم الله عز وجل من النار. من ذاك الذي ينال شرف الالتحام بركب اهل الايمان بشهادة القرآن. اما ان القرآن شهد بذلك في قوله سبحانه انما المؤمنون. وهذا الحصر الذين اذا ذكر الله وجدت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون تلك لا تخسرها عبد الله ولا تفقدها من حياتك ما حييت لاجل ان تنال الشرف واللحاق بركب اهل الايمان. سادس الثمرات التي يحصلها العبد بصدق توكله على الله حفظ وصيانة ونصرة على الشيطان. والامن من تسلطه وعدوانه. لن تعيش ملكا معصوما ولن تعيش نبيا يحفظك الله من شيطانك لكنك ستعيش نصرة وحفظا وقوة وغلبة بصدق توكلك على الله هذا امر قاله الله عز وجل في كتابه الكريم. يقول سبحانه فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم انه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون. ما جعل الله للشيطان سبيلا ولا سلطانا ولا سطوة على عبد حقق التوكل على الله عز وجل. سابعا عندما نتحدث عن الثمرات واثار التوكل وكثيرة هي لكن يأتي في اعظمها مطلوب تبتهج به النفوس ويتمناه كل مسلم اي والله. تدري ما هو؟ انه الظفر بمحبة الله ونيل رضوان الله ودخول جنته. وهذا امر جعله الله لاهل التوكل عليه. ان الله يحب المتوكلين وفي سياق اوصاف اهل الجنة قال ربنا سبحانه والذين امنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الانهار خالدين فيها نعم اجر المتوكلين الذين صبروا وعلى ربهم نعم اجر العاملين الذين وعلى ربهم يتوكلون. هذه ثمرات مجتزئة ويأتي في عدها اضعافها وكثير من امثالها في ثمرات التوكل على الله عز وجل واثاره الحميدة التي يتنعم بها العباد في هذه الدار وفي الاخرة سابع العناصر خاتمة يتم بها حديثنا في هذا المجلس ونحن نحوم ونطوف في هذا المعنى الكبير وهذه العبادة العظيمة. ولا احسب ان مؤمنا مؤمنة الا تقرر له عظمة هذا الباب. ومسيس حاجتنا جميعا اليه. وضرورة تعاهده في القلوب ووصل القلوب بربها وامتلائها بمعنى التوكل الصادق على الله. في ختام هذا اللقاء اختم بالاشارة الى امرين اولهما حذاري ان يتوانى احدنا في تعاهد عبادة التوكل على الله في قلبه لا تظن انا نتحدث عن كمال من الكمالات. فمن حصلها فبها ونعمة ومن فاته ما فاته شيء. كلا والله نتحدث عن ركن من اركان الايمان وحجر هو الزاوية في بناء القلب نتكلم عن قاعدة عظيمة عليها يقوم بنيان الايمان في القلوب. ان نرفع لبنات الصرح هذا عظيم في قلوبنا وان نقوي بنيانه والا فسيكون احدنا اول من يجني على نفسه لا قدر الله عندما يجني احدنا على نفسه واعظم جناية ان يحرم نفسه من توفيق الله. تدري لما عندما يعرض عن توكله على الله فيخذله الله ويكله الى نفسه والله المستعان اعظم حرمان وخذلان والله ان يقيلك الله الى نفسك. ولن يكل الله عبدا الى نفسه الا اذا رآه مكتفيا معتدا بذاته مستغنيا عن ما عنده سبحانه كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى عندما يبلغ العبد هذا المقام فانه يحرم توفيق الله عز وجل. وهذا معنى عجيب ان توكل النفوس الى ذات على عجزها وقصورها وظعفها. اما الاغترار بالاسباب والركون اليها والاعتداد بها حتى العبد ربه ولا يلتفت الى توكله واعتماده عليه فهذا باب من الشقاء. نسأل الله العافية والسلامة الامر الثاني الذي اختم به هذا المجلس اعلموا وفقني الله واياكم وملأ قلبي وقلوبكم بطاعته وتقواه وصدق الايمان به والتوكل عليه اعلموا ان قوام اقامة التوكل على الله في القلوب وان صلبه ودعامته التي يقوم عليها التوكل على الله في القلوب وقلبه النابض الذي به تدب الحياة في القلوب هو معرفة الله حق المعرفة وقدره سبحانه حق قدره. وتعظيمه التعظيم اللائق به سبحانه تقدم بكم ان التوكل جماع الايمان لن يتحقق في قلب عبد توكل صادق ما اقام تعظيما عظيما لربه في قلبه. كل نصوص التوكل التي جاءت في الكتاب والسنة. جاءت مرتبطة في الغالب اسماء الله وصفاته التي تحمل معاني العظمة والعزة والقدرة والحكمة والعلم من اجل ان تدرك انك عندما انت توكلك فانك اعلنت استسلامك لرب عظيم وانك الجأت ظهرك الى ركن شديد وانك ملأت يديك بما عند خالق الخلق ورب الارض والسماء ومدبر الكون علويه وسفيه تأتي هذا هذه المعاني كثيرة في نصوص القرآن. وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين. انه هو السميع العليم. عجيب! يأمره الله بلفظة واحدة وتوكل. ثم تتوالى جملة من الاسماء والصفات ليمتلئ القلب تعظيما لله. فينطلق متوكلا صادق التوكل عليه يقول الله ايضا له سبحانه وتعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا. هذا الحشم الكبير بعد امر واحد وتوكل لكنه باب والله يا كرام لا يمكن اقامة قائم التوكل في القلوب الا عليه المعرفة التامة بالله ومعرفتنا بالله تأتي من اسمائه وصفاته. عرفنا الله بنفسه عرفنا الله تعالى نفسه بنفسه في القرآن الكريم وجاءت ايات الاسماء والصفات عظيمة كثيرة مبثوثة. يعرفنا الله من هو سبحانه وتعالى. لاجل ان تعرف من هو الله الذي له تركع وتسجد. من هو الله الذي له تصلي وتصوم؟ من هو الله الذي ترفع اليك اليه يديك قل يا رب من هو الله الذي تدمع عينك من عظمته وخشيته. من هو الله الذي تعلق قلبك طمعا برحمته؟ هذا مقام عظيم لن نحقق التوكل ولن يجده عبد ويستلذ به ما زال بينه وبين معرفته بربه فجوة ومسافة فالمنطلق الاعظم والمدخل الاهم والبوابة الاساس التي نحيي بها معنى التوكل الصادق على الله في قلوبنا هو هذا المعنى العظيم ولو عدت مرة اخرى لمقالات الانبياء عليهم السلام. لوجدت انهم في اعلانهم بتوكلهم على الله كانوا ينطلقون من ذلك التعظيم. اما قال نوح فكيدون اما قال نوح اني توكلت على الله اذ قال لقومه يا قومي ان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بايات الله فعلى الله توكلت. فاجمعوا امركم وشركاءكم. ويقول هود عليه السلام اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا هو اخذ بناصيتها. ان ربي على صراط مستقيم. لانهم كانوا واعرف الخلق بالله كانوا اصدق الخلق في التوكل على الله. ومن كان بالله اعرف كان له سبحانه وتعالى اشد تعظيما وكان في توكله عليه اصدق واتم. اعلم هذا جيدا رعاك الله. وعد مرة بعد مرة لتملأ قلبك بتعظيم ربك واجلاله ومعرفته حق معرفته. وليس ذلك غيبا ولا شيئا مفقودا لكنه مبثوث جدا في الا هو صفاته. في ايات الله في الكون الدال التي على عظمته وقدرته وملكوته وتدبيره سبحانه وتعالى. فعودة حميدا ايها المباركون الى تعظيم الله ومعرفة الله باسمائه وصفاته واياته فانها المدخل والمنطلق الاهم نحو اعلاء بنيان مقام التوكل على الله عز وجل في قلوبنا. تم بهذا الحديث بعناصره السبعة عما اردنا الاطلالة عليه من معاني التوكل على الله وحقيقته. والا فالباب عظيم. والنصوص فيه كثيرة وعناية الشريعة به جمة وفيه ومدارستنا لها في هذه الليلة هي من باب التأكيد والتواصل عباد الله على انه ينبغي ان يكون لنا في الحديث عن الايمان ودواخله واسبابه ومنطلقاته وكل ما من شأنه العناية به ان يكون لنا به عناية نتواصى بها على الدوام ونرعاها لتحقيق ما يمكن ان يكرمنا الله عز وجل به من حسن المقامات في الدنيا وفي الاخرة اللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله واليك يرجع الامر كله علانيته وسره. اللهم انا نسألك باسمائك الحسنى صفاتك العلا ان تجعلنا في خيرة عبادك الصالحين. واوليائك المتقين وحزبك المفلحين يا رب العالمين. اللهم اجعل ممن توكل عليك فكفيته واستهداك فهديته وتوكل عليك واعتمد عليك فحققت له مطلوبه رجاه ومناه يا اكرم الاكرمين انك على ما تشاء قدير وبالاجابة جدير. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية اله الحق يا سميع الدعاء. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير. اللهم لك اسلمنا وبك امنا وعليك توكلنا وبك خاصمنا حاكمنا فاغفر لنا اللهم ما قدمنا وما اخرنا وما اسررنا وما اعلنا وما انت اعلم به منا انت وانت المؤخر لا اله الا انت. اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث. اصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى طرفة عين يا ارحم الراحمين. اللهم انا نسألك من كل خير خزائنه بيدك. ونعوذ بك من كل ذي من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته. اللهم انت القوي ونحن الضعفاء. انت الغني ونحن الفقراء. انت خالقنا ومالكنا والهنا ومولانا. اللهم علمت عجزنا وضعفنا وقلة حيلتنا. فنسألك يا رب برحمتك التي وسعت كل شيء رحمة من عندك تغنينا بها عن رحمة من سواك. اللهم رحمة من عندك تملأ بها صدورنا. وتصلح بها احوالنا وتشفي بها مريضنا وترحم بها ميتنا وتهدي بها ضالنا وتحقق بها مولانا وتسدد بها حاجتنا وتدفع بها عنا البلاء والظر والمصاب يا ارحم الراحمين. اللهم انا نسألك باسمك الاعظم الذي اذا سئلت به اعطيت واذا دعيت اجبت ان تكتب لنا ولجميع المسلمين من كل هم فرجا. اللهم كن لاخوتنا المستضعفين في الشام من الرجال النساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. اللهم ارحم ضعفهم وتولى بعنايتك امرهم واجبر كسرهم يا حي يا قيوم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترظى وخذ بنواصينا الى البر والتقوى. اللهم يا مالك الملك يا ذا الجلال والاكرام. وفق امامنا وولي امرنا لكل خير وهدى وسداد ورشاد. واصلح يا رب له النية والبطانة والقول والعمل. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب رب العالمين