السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات في اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله. صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله. وخير وهذه هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. ايها الاحبة الكرام هذا اللقاء الذي يجمعنا في رحاب بيت من بيوت الله تعالى في هذه الامسية التي نتدارس فيها صفحة من كتاب الله الكريم في وصايا عظيمة وامور تربوية هادفة نافعة جليلة. هي سلسلة من الحكم التي انتظمت في عقد نفيس كالدرر. لا زالت خالدة في كتاب الله الكريم. تتلى الى يوم القيامة لينهل منها الاباء والامهات. والمعلمون والدعاة والناصحون والمخلصون والراغبون في كل خير يجنون منه نفعا وصلاحا وتوجيها وسدادا. لاسرهم وبيوتهم اولا ولمجتمعاتهم ثانية ولاجيالهم الناشئة لتحمل هذه الهداية وهذا الصلاح الى الاجيال من بعدهم. هذه الوصايا العظيمة المسماة بوصايا لقمان والمسطرة في كتاب الله تعالى في سورة لقمان هي موضوع جلستنا الليلة في رحاب جامع الشبلان بتنظيم مشكور من المكتب التعاوني للدعوة والارشاد بابهى وبموافقة وسعي وترتيب مشكور من فرع وزارة الشؤون الاسلامية دعوة والارشاد بمنطقة عسير كتب الله اجرهم ووفق سعيهم وبارك خطاهم. في سلسلة اللقاءات التربوية الاسرية يحسن جدا ان يكون من محاور الارتكاز والموضوعات التي تنبثق منها تلك التوجيهات والنصائح والارشادات ما سطره كتاب الله الكريم وما جاء مخلدا في القرآن العظيم. لانه كلام الله وكفى ولانه دستور الامة ومنهاجوها. ولانه المصدر الذي ما زالت تستقي منه الامة شأنها في الحياة وما بعد الحياة وصايا لقمان في سياق الحديث عن التوجيهات الاسرية والتربوية. وما يعتني بتنشئة الجيل وامانة الاباء والامهات ركن عظيم وحجر زاوية ينبغي ان يكون منطلقا. للحديث عن هذا الصرح الشامخ والامر العظيم قضايا التربية والحفاظ على الاسرة وتوجيه البنين والبنات اضحى اليوم في حضارة الامم وثقافاتها الاساس ولا يعدو اليوم ان يكون احد التحديات الضخمة التي تخوضها كل امة بحساباتها التي تعنيها واذا كانت امة الاسلام تعتز بربانية مصدرها وتشريعها. وببركة ما اوتيت في هذا الزمان من شريعة بها الكريم فان من حقها ان يكون لها استمساك وثيق بدينها وشريعة ربها. والحديث في منعطف صراع الحضارات واثبات ما لكل امة من ثقل في الميزان. والصراع على المقدمة والاستمرار والبقاء في دنيا الحضارات متنازعة اليوم على السيادة والريادة يلزم امة الاسلام ان تكون اكثر استبصارا بشأنها في رصيدها من الحضارة القيم والمبادئ في موضوعات الاسرة والتربية والتعليم. هذا الامر لم يعد اليوم جزءا من هامش الاهتمامات في الدول والامم ولم يعد خطوة ثانوية بل اصبح قضية اساس من اجلها تعقد المحاور والندوات والمؤتمرات لتسعى الامة المهيمنة التي ترى لنفسها السيادة والريادة في بسط نظريتها وحضارتها وثقافتها فيما يتعلق بفقه الاسرة واحكام التربية. حق لامة الاسلام التي اكرمها الله بشريعة غراء ومنظومة من الاخلاق والقيم والمبادئ ان تكون على اتم الاستقلال. في فكرها ووعيها بثقافتها واعتزازها بشريعة ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم. ان الايات في كتاب الله الكريم والاحاديث في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم رصيدا وافرا عظيما مباركا في موضوع التربية والعناية بالبنين والبنات وتنشئة الاولاد واصلاح الاعوجاج وتهذيب بالاخلاق وتقويم السلوك والعناية ببناء صرح الاسرة يعد رصيدا ضخما حضاريا يمثل فكر امة الاسلام حضارتها وثقافتها وان تهاوت في بعض جوانبها لدى المجتمعات المسلمة المعاصرة. وان طغت عليها العولمة بافكارها وحضارتها فجنت على كثير من جنباتها. لكن الواقع المؤلم الذي يتنادى اليوم الى اصلاحه وتدارك الخلل. ورتق من فتق منه شيء والحديث عن الواجب الذي نسعى اليه والاعتزاز بالرصيد الذي نملكه شيء ينبغي ان نملأ به سمع الجيل واذانهم ونملأ به مشاعرهم ان لنا من الرصيد ما يحق لنا ان نفخر به ونستقل به عن سائر الامم. بل من حقنا امة وهي تشعر بكل ثقة واعتزاز بما لها من رصيد كبير وشريعة ربانية ووحي حكيم ان تكون الراعية حضارة الامم فيما يتعلق برعاية الاسرة وتنشئة الاجيال وتربية الاولاد. حق امة الاسلام ان تكون منبعا صافيا كالعذب الزلال يسقي الامم من حولها بما يتعلق بتنشئة جيل على صفحة من الطهر والنقاء والصفاء. تشع معه روح حنية الاسرة وعطف الامومة وشفقة الابوة وصلاح البنين والعلاقة الوثيقة التي يربى فيها جيل على معرفة واجبه حقه وكيف يخوض حياته حتى يصل الى شط اخر في جنة عرضها السماوات والارض يوم يلقى الله. الحديث عن الاهتمامات التربوية في جوانبها الاسرية. احد اعظم الركائز التي كانت ولا زالت المعول الاكبر في فرحه في رفع صرح الحضارات وبناء الامم وما في وصايا لقمان في كتاب الله الكريم جاءت عظيمة وافية تشمل جانب التصورات والاعتقاد وجانب السلوك والممارسات وجانب الحقوق والواجبات. جاءت وصايا لقمان في ايات معدودة من كتاب الله الا انها بحق يصلح ان تكون ميثاقا تربويا. تتداعى الامم الى العمل به. والتنادي اليه والتواصي العمل به ليس هذا مبالغة بل هو جزء من كتاب الله الكريم. الذي يحق لنا ان نمعن فيه النظر وان نتدبر فيه. هذه الجلسة ايها الكرام هي محاولة للوقوف في ظلال هذه الايات الكريمة. في وصايا لقمان في سورة لقمان وهي تأتي سلسفة حلقة في هذه السلسلة التي تعقد في هذا الجامع لبيان هذا المعنى الكبير المتضمن في ايات سورة لقمان. صدرت السورة من حديث عن لقمان وشأنه وما له عند الله من المكانة في قوله سبحانه وتعالى ولقد اتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله فبينت الاية شأنه ومكانته ثم تتابعت الايات في ذكر وصاياه التي تحدث بها لابنه بكل عطف عطف الابوة وشفقتها وحنانها مصدرا كل وصية بقوله يا بني في ظلال هذه الايات نستلهم جملة من الاحكام والمعاني والعبر. ويدهشك بالوهلة الاولى ان لقمان الحكيم لم يكن نبيا على اصح القولين عند اهل العلم. وان تفرد بعضهم بذكر نبوته الا ان الراجح وما عليه اكثر العلماء سلفا وخلفا انما هو رجل صالح اتاه الله الحكمة كما في الاية. وايتاءه الحكمة هي دون النبوة ولا شك اذ لم يكتب الله لاحد من البشر منزلة ورفعة فوق النبوة فهي اعلى مقامات البشر وهي اصطفاء خالص يكتبه الله لمن يشاء من عباده. الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. ان الله سميع بصير. اما ان النبوة ختمت برسولنا صلوات الله وسلامه عليه. وسبقه من الانبياء والرسل عليهم السلام في اممهم عدد جم غفير. كل قام بواجب الدعوة والبلاغ. وتبليغ الناس الوحي الذي كلف به من رب الارض والسماوات الا ان لقمان فيما اتاه الله من الحكمة جاء في عداد من يذكر في كتاب الله الكريم لعظم ما بلغه رحمه الله ورفع قدره من المنزلة والمكانة. اثنى الله على لقمان باتيانه الحكمة. قال ولقد اتينا لقمان الحكمة والحكمة هي الفقه والعقل والاصابة في القول من غير ان يبلغ درجة النبوة. قال قتادة ولم يكن نبيا ولم يوحى اليه وهو الصواب كما قال غير واحد من اهل العلم. وقد تتابع كثير من العلماء سلفا وخلفا على التصريح بان القدر الذي بلغه من الفضل عند الله انما هي الحكمة. كان لقمان عبدا حبشيا كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي ذكر وصفه وشأنه دلالة عظيمة على ان المناقب والمكارم والفضائل لا ترتبط بلون ولا جنس ولا وصف ولا مظهر او هيئة. كل ما يقع عليه عين الناس وتبنى عليه المعايير الزائدة في المفاضلة بين الخلق ليست بشيء في مقام ميزان القرآن. والنبوة انما تثبت لمن اتاه الله. والفضل والكرم والولاية والتقى والصلاح والاصطفاء من الله عز وجل. انما يؤتيه الله جل جلاله لمن اختاره واصطفاه ممن لك طريق طاعته وتقواه ويبقى ميزان القرآن القويم الذي يتلى الى يوم القيامة ان اكرمكم عند الله اتقاكم. بالتقوى يبلغ والمرء درجات عظيمة عند الله صلاحا وفلاحا وسددا وتقوى. المقصود بذلك انها معان عظيمة اوتيها لقمان الحكيم وقد ذكر عن عكرمة ان لقمان كان نبيا. والمقصود ان الصواب في ذلك ما تمت الاشارة اليه. اي حكمة اوتيها لقمان الصحيح انها لم تكن حكمة مكتسبة. ليست جملا ولا فلسفات تعاطاها لقمان على ايدي حكماء ولا فلاسفة ولا علماء انما هي حكمة ربانية. وهي نور التقوى الذي يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده. او ما قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا الفرقان الذي يقذف في قلب عبدي نور من الله يؤتاه على قدر قربه وولايته وتقواه لله عز وجل. فاذا اوتي الفرقان وهو النور الذي يقذف في فؤاده يمتلك قدرا من اكتشاف الحق والصواب والسداد واصابة الامور في مواضعها اللائقة ليست حكمة مكتسبة بالبحث ولا بالنظر ولا بالتتلمذ على ايدي الحكماء والخبراء لكنها فضل من الله فضل الرسالة والنبوة التي لا تكتسب بتحصيل واجتهاد. الحكمة في بعض معانيها موافقة العمل للعلم. لان الانسان اذا علم امرين احدهما اهم من الاخر. فاذا اشتغل بالامر الاهم كان عمله موافقا لعلمه لان بنى ذلك على موازنة بين امرين. فلما ترجح له اهمية احدهما اتجه اليه وعمل به. وكان هذا حكمة. فاذا عكس واهمل الاهم واتجه لما هو اقل كان مخالفا لعلمه. ولم يكن هذا من الحكمة في شيء. الحكمة ايضا في معانيها العلم بالاحكام ومعرفة ما فيها من الاسرار والاحكام. ربما اوتي بعض الناس علما لكنه دون حكمة يرزق معها جنبا الى جنب فان الحكمة تستلزم العلم والعمل. ولهذا فسرت بالعلم النافع والعمل الصالح. اول ما لقنه لقمان من الحكمة هو الحكمة في نفسه. والحكمة في نفسه ان امره الله عز وجل بشكره على ما حف به من نعم الله تعالى عليه. ومنها نعمة هذا الاصطفاء. ليس اصطفاء نبوة بل اصطفاء حكمة. ولقد اتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله. تعريف القرآن بلقمان بين يدي ذكر وصاياه هي لفت انظار اي ولك ان ما ستسمع بعد قليل من وصايا هذا الحكيم انما هو رجل وصل عند ربه منزلة شريفة واتاه الله امرا عظيما هو الحكمة. والحكمة ليست شيئا يستهان به. لان الله قال ومن يؤت الحكمة فقد اوتي هي خيرا كثيرا. فانت امام جمل نطق بها الحكيم لقمان في وصايا لابنه خلدها القرآن. هذا ثلاثي يوحي لك بعظمة الوصايا الاتية فافتح لها قلبك قبل اذنيك وسمعك رعاك الله. هذه وصايا رجل حكيم والحكماء يقذف في قلوبهم وكلامهم والسنتهم من النور والسداد والصواب ما لا يكون لغيرهم ثم هي وصايا من قلب اب نصوح شفوق راغب في صلاح ولده يقذف بها في قلب كبده فهذا جانب اخر ينبيك عن عظمة هذه الوصايا وشأنها. واما ثالثها فتخليد القرآن لها حكايتها وليست مقولة نبي فان يأتي بها القرآن ويذكرها الله لنا امة الاسلام فهي رسالة عظيمة للوقوف لها والعمل على وفقها. هذا الثلاثي جاء بين يدي الحديث عن وصايا لقمان. ولقد اتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله فسر الشكر هنا بانه واجب الحكمة كما اتاه الله الحكمة فواجبه ان يشكر. وفسر ايضا على انه من معاني الحكمة ومقتضاها. ولقد اتينا لقمان الحكمة ومن معانيها ان اشكر يا لقمان. لله فيتبين لك رعاك الله انه من ابتغى الحكمة للوصول اليها فحقه ان يستديم شكر الله على النعم التي يؤتى ومن رعى ومن رأى في نفسه وشعر بقدر من الحكم التي رزقه الله اياها فحقه ان يشكر الله عليها شكر الله الثناء عليه بنعمه التي انعم. والاعتراف له بالمنن والفضل والشكر. ولا يزال الشكر من اجل عبادات العباد واحبها الى الله ان يراك الله ويسمعك ويعرف من خفق قلبك ونفض فؤادك شكرا وحمدا واعترافا لله بالجميل. عبد الله احدنا اذا امتن عليه رجل مثله او مخلوق وانسان بفضل واحسان وجد نفسه مأسورا لهذا الفضل والنعمة. فلا يزال يشكر ويثني. فاذا تتابعت عليك من شخص ما نعم تابعة مرات بعد مرات وجدت نفسك تحملها على الشكر والقيام بواجب الاداء بالاعتراف بهذا الجميل. فلابد مقارنة بين احسان بشر الى بشر ونعمة انسان لانسان وبين فضل الكريم المنان والواحد الديان. نعم الله عز وجل والاءه لا تحصى وان تعد نعمة الله لا تحصوها. فواجب الشكر لله اعظم واجبات العبد في اعترافه بحق الله واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم. امر لقمان ان يكون عبدا شكورا لله. وامر داوود عليه السلام واله انعم ال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور. وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم عبدا شكورا محبا بل لربه حامدا له عليه الصلاة والسلام. تسأله ام المؤمنين وقد رأته رضي الله عنها قائما يصلي الليل ويجتهد هو يحمل نفسه في القيام بهذه العبادة في جوف الليل حتى ورمت قدماه. فتسأله عما هيأ الله له به واصطفاه من مغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فيلفت النظر الى زاوية اخرى بعيدة عن انظار الكثيرين افلا اكون عبدا شكورا. هب انك لن تعبد الله من اجل ذنوب اثقلت ظهرك تريد محوها ولا اوزار احاطت بك تخاف ان تقذف بك في نار جهنم. هب انك بلغت من الصلاح والتقى وقلة الذنوب. هب انك اوتيت العصمة فلا ذنب ولا خطيئة. وذنبك مغفور ووزرك معفو عنه اولا باول. اتظن ان واجب الشكر قد سقط عنك يقول عليه الصلاة والسلام افلا اكون عبدا شكورا؟ انها رسالة ان العبد كلما بلغ عند ربه منزلة اعظم وشعر انه فتح له في باب القرب من الله مرتبة ابلغ ان واجب الشكر تأكد في حقه. وانه تعاظم في جنابه وكلما شعر انه اراد الحفاظ على نعمة حصلت له وان يقيدها لتدوم وتبقى بين يديه فليستدم على ذلك بشكر الله عز وجل عليها. نصح لقمان وامر ان اشكر لله. ثم ختمت الاية بقوله سبحانه ومن يشكر فانما يشكر لنفسه ومن كفر فان الله غني حميم. من عمل صالحا فلنفسه هذا قانون القرآن ومن اساء فعليها ان عمل العبد صالحا فانما هو المستفيد وربك جل جلاله غني عن عبادة العباد وحمدهم وشكرهم. يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا. قال الله سبحانه ان تشكروا ان تكفروا فان الله غني عنكم. ولا يرضى لعباده الكفر. وان تشكروا الى الله لكم فمن جحد نعمة الله وكفرها وغفل وجحد عن حق الشكر والحمد والثناء فانما الخاسر هو نفسه البعيد اجارنا الله وان شكر فانما هو المستفيد وهو العائد بفضل هذا الشكر وثمرته على نفسه. والله سبحانه غني عن شكر الشاكرين وعبادة العباد اجمعين. انما هو دلالة للعبد على ما ينفعه. هذه المقدمة يا كرام المختومة بقوله سبحانه ومن كفر فان الله غني حميد. ختمت بكتب وصفين من اوصاف الله جل جلاله الغنى والحمد فربنا اغنى الاغنياء وملك الملوك ورب الارباب. وهو سبحانه احق من حمد. حمد في ذاته لجلال اوصافه وكمال اسمائه. حمد في افعاله سبحانه. حمد في حكمته واقواله. وفي كل شيء يتصل بجلال من الكبير المتعال. هذه المقدمة في شأن لقمان ومكانته وما حكى القرآن عنه كانت طريقا. لان نعيش مع شأن لقمان في وصاياه الاتية وعيا وادراكا وافادة. قال الله عز وجل اذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله. ابتدأت وصايا لقمان المعدودة تسعا في سياق هذه السورة والله وهي تسع وصايا تندرج في محاور ثنتين او ثلاثا او اربعة. لانها يمكن ان تنقسم على حق الله جل جلاله من توحيد ومراقبة ومعرفة لقدره العظيم. وبين محور ثان فيما يتعلق بحق الوالدين. بر احسانا ومصاحبة بالمعروف. ومنها ما يتعلق بانحر ثالث في القيام بالفرائض الاساس والمهمات من الدين عليها صلاح الفرد والمجتمع اقامة الصلاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمحور الرابع والاخير هو العناية بالاخلاق والسلوكيات وتهذيب النفوس من شوائبها ودواخلها وافاتها. ويدخل في ذلك امر لقمانا. لابنه بغض الصوت والاقتصاد في المشي وبعدم التكبر وبالاعتدال في شأنه كله كل ذلك اكتظمته وصايا لقمان واليكم تلك الوصايا النفيسة القرآنية اللقمانية الحكيمة التي ما جاءت في بالله الا لنتلوها ونتدبرها ونعيشها فنعمل بها. هذا طريق من طرق السعادة ايها اباء ايها الامهات هذا نداء من ربنا جل جلاله لامة الاسلام ان ترعى هذه الوصايا العظام. هذه الوصايا ينبغي ان ننظر اليها بعينين اثنتين. العين الاولى منهما لنا معشر الاباء والامهات. ان نعمل هذه الوصايا في انفسنا فنحققها في ذواتنا للنظر بالعين الاخرى فنرعاها تربية لاجيالنا واولادنا ومن تحت ايدينا. فننشئهم حقنا ايها الاباء والامهات ان نكون قد بلغنا درجة من الوعي وتشرب هذه المعاني في كتاب الله الى ان نجعلها ميثاقا ننشئ عليها تربيتنا في في بيوتنا لاولادنا. وان يكون منهاجا نرتسم عليه خارطة الطير ولهذا ولهذا فاننا نؤكد باهمية شديدة ايها الاباء والامهات. ايها المعلمون والمعلمات اذا ما رمنا صلاحا لجيلنا وفلاحا لناشأتنا. اذا ما بحث الاباء والامهات حقيقة عن بر من بر لهم من ابنائهم وبناتهم تقر به اعينهم. وتسعد به قلوبهم وتأنس به بيوتهم فانما لزاما والله اعمال هذه الوصايا العظام. وصايا حملت بين دفتيها تنشئة منذ الطفولة على هذه المعاني الكبيرة لان العود لان لان الاعوجاج يسهل تقويمه اذا كان العود طليا فاذا يبس وكبر ادى ذلك الى انكسار عند ارادة التقويم. ايها الاباء والامهات لنجعل هذا الامر العظيم في وصايا لقمان الحكيم بابا ندخل منه الى تربية اكثر وعيا ورشدا. واصلاح وتقويم لبيوتنا اكثر صلاحا وادراكا للمراد بما ننعم به في البيوت والاسر. ليس الحديث ها هنا عن شكوى بادت تتسع يوما فيوما من العقوق الشقاق وليس الحديث هنا عن كثير من المظاهر التي ارقت الاباء والامهات. ليس الحديث هنا عن انفلات خشيه الاباء والامهات كثيرا في ظل كثير من موجات الانحراف والتأثير والاختطاف للابناء والبنات من احضان الاباء والامهات فاذا بهم يتفاجئون ويفجعون بابناء وبنات كانوا في عداد الخسارة المرة التي ربما كان فقد الابناء والبنات فيها اخف وطأة مما ابتليت به بعض البيوت. هي همسة لنعيد بناء الاسر لبنة اللبنة على هذا الميزان على هذا البناء على هذه الحكم هذه الحكم اليكموها يا كرام واحدة تلو واحدة تباعا على ترتيبها في نسق هذه السورة العظيمة في كتاب الله الكريم. قال ربكم عز اسمه واذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله. ان الشرك لظلم عظيم. التوحيد اولا وربط القلوب في تعلقها بالله جل جلاله. واداء اعظم الحقوق واجتناب باعظم الكبائر هي الركيزة الام والاساس الاهم. خطأ جسيم في مناهج التربية ونظريات تلك التي لا تعترف بهذا الحق ولا تقيم له وزنا. واعظم فقر تبلى به التربية المعاصرة في بنظرياتها الحديثة ومناهجها الفلسفية الغربية عندما توفر كل الاسباب وتستجمع كل الوسائل والاساليب بمعزل عن البناء العقدي الاهم والمنطلق الاساس في ربط المخلوق الخالق بسيده وستذهب كل تلك الجهود سدى. وتتبخر اثارها هباء منثورا لانها لم تبنى على القاعدة التي تنشأ عليها كل الامور الباقيات تباعا. حق الله اولا. ومن لم يعرف حق الله عز وجل وضيعه فهو لما سواه من الحقوق اضيع. عندما ننشد جيلا صالحا يعرف قدره في مجتمعه. ويساهم في رفع بنائه ويكون يدا امينة وساعدة وساعدا عظيما لرفع بناء المجتمع وتشييد صرحه فان احوج ما الى تأسيس داخل متين وبناء عزيز هو صلة القلوب بربها. يا بني لا تشرك بالله الشرك ها هنا صرف الحق لغير الله والاعتراف بالحق لغير الله وصرف العبادة لغيره جل في علاه اظلم اعظم من هذا عباد الله؟ ان الشرك لظلم عظيم. اي والله لا اظلم من عبدي عرف ان الله خلقه ورزقه وهو يملك امره في وبعد مماته وهو سبحانه الذي تولى امره وكان في ايجاده سبحانه وتعالى خالقا ومقدرا ومدبرا ما هو يؤدي ذلك الامر في عبادة وشكر واعتراف لغير الله عز وجل. الظلم قبيح عندما تظلم مخلوقا مثلك فتجحد حقا له من دين او مال او احسان فلا تؤديه له. عندما تهضم حق غيرك فتنسبه اليك. عندما تنكر حقا لانسان وثق بك واحسن الظن فيك فان هذا من ابشع صور الظلم التي تأباها العقول السوية وتأنفها الفطر السليمة وتعتبر شيئا من السقطات التي لا يغتفرها الانسان لاحد. فما بالك بجحد الخالق سبحانه وبانكار فضله وعدم الاعتراف له سبحانه بما هو اهل له من افراد بالربوبية والالوهية الصفات يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. قال الله عز وجل في الحديث القدسي يا عبادي اني حرمت الظلم على وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. الله جل جلاله يأبى الظلم. وكم قبح في القرآن وكم جاء للاستبشاع لتأنفه النفوس وتبتعد عنه قلوب اهل الايمان. فكيف يقعون فيما هو اعظم منه؟ صح في الحديث ان اية الانعام لما نزلت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. شق ذلك على الصحابة فقالوا يا رسول الله اينا لم يظلم نفسه؟ لان الاية قالت الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم. فخشي احدهم ان غير مشهور بالاية فيفوته ذلك الوعد الكريم. قالوا يا رسول الله واينا لم يظلم نفسه؟ حملوا الظلم على ظلم العباد او ظلم النفس ولا يسلم منه احد. ظلم نفسك ان ترضى لها بالدون والمعصية ان تبتعد عن الطاعات فتخسر حظها ورصيدها من الدرجات في الجنان. قال صلى الله عليه وسلم مبينا لهم ان الظلم في الاية هو الظلم الاعظم هو الكفر والشرك بالله. قال ليس ذاك انما هو قول لقمان يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم. في وصايا لقمان انتقلت الاية الى الوصية الثانية بقوله يا بني انها ان تك مثقال حب حبة من خردل فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله. والسياق متصل ايضا بحق عظيم ووصية نفيسة تربط قلب العبد بربه. نهاه عن الشرك ثم ربطه بمراقبة ربه. لكن السياق قرآنه فصل بين الايتين بايتين جاءتا جاءتا في اعتراض بين وصايا لقمان لابنه. قال الله تعالى ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي والديك الي المصير وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما. وصاحبهما في الدنيا معروفا اتبع سبيل من اناب الي ثم الي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون. في اصح اقوال المفسرين ان هذا ليس جزءا من وصية لقمان. فلماذا جاءت الايتان معترضتان بين الحديث عن وصايا لقمان وكان ايها الكلمات لقمان ما زالت متتابعة يا بني لا تشرك يا بني انها ان تك مثقال حبة. يا بني اقم الصلاة الى اخر ما في الايات من الوصايا التي صدرت بقوله يا بني يا بني ويدل على ذلك ان الله قال ووصينا الانسان هذه وصية الالهية فكونها جاءت ها هنا معترضة في السياق ينبغي ان يكون لها مغزى عظيم وانه لعظيم تدري ما هو؟ انه حق الوالدين. لما جاء الحديث عن حق الله بافراده بالعبادة. ليس تجد في كتاب شيئا قرن بعبادته سبحانه الا الامر بالاحسان الى اعظم البشر عليك حقا وهما الوالدان وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا. قل تعالوا وادوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا. واذا اخذنا ميثاق بني اسرائيل الا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا. لن يخطئ نظرك ارتباط القضية ارتباطا وثيقا في كتاب الله الكريم تدري ما معناه باسم عبارة؟ ان وفقك الله لعبادته ومعرفة حقه والاداء بما اوجب الله عليك فاعلم انك لن تؤدي واجبا اعظم ولا اجل فيما فرض الله عليك من التكاليف من ان تعترف بحق والديك يا احبة اذا اردنا المفاضلة بيننا وان نزن اعمال انسان في مدى قيامه بالعبودية الحقة فلا تبحثن عن رصيده من عمل صالح وكثرة صلاة وقرآن وبر واحسان وصلة وانفاق وسائر ابواب الخير والطاعات. كل تلك اعمال فاضلة لها اجورها. لكن الذي ينبغي ان يكون معولا للميزان والمفاضلة انما هو علاقة الرجل والمرأة بوالديهم. وعلاقة الانسان بوالديه برا واحسانا وخدمة وتذللا واعترافا. هذا هو ميزان القرآن. فجاءت الايتان ها هنا في هذا السياق الكريم. قيل ان الايتين نزلتا في شأن الصحابي الجليل سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه. وقد ذكر هذا غير واحد. والامر انه لما اسلم رضي الله عنه وارضاه فان امه وقد كان شديد البر بها ما زالت باقية على كفرها الا ان يكفر وقد علم الناس ان لسعد رضي الله عنه من شدة بره بامه ما لا يرده عن طلبها شيء. مهما فعلت فارادت ان تمنع ابنها من الاسلام. فطلبته على الكفر فابى. فارادت ان تضغط عليه بما علمته من عظيم البر بها فحلفت امامه الا تطعمه. ولا تشرب ولا تمتشط حتى يكفر عن دينه فاتاها ذات يوم فامرها بالاكل فابت. شق ذلك عليه ولا شك. لكن دينه اعظم وصلته بربه اوثق فتركها فاتاها في اليوم الثاني فابت وهو يراها امام عينيه ممتنعة عن الطعام والشراب يعتريها الضعف والجوع والعطش فابى رضي الله عنه ولا تسأل عن حرقة قلبه واعتصار فؤاده. بين امرين احدهما ما هداه الله به للاسلام فلا يعدل ذلك عنده شيء. وبين ام ما زال قلبه متعلقا بها وهو شديد البر بها. فلما كان في اليوم الثالث وقد رأى ما اصابها من تعب ووهن وهزال شديد وكاد الموت يفتك بها. وهي لا تزال ترفض الطعام والشراب. وهو يحاول بها فتأبى وتأمره بالكفر. قال كلمة ذكرتها الروايات وتناقلتها في صورة عجيبة. قال والله يا اماه لو علمت ان لك مائة نفس تخرج نفسا نفسا ما رجعت عن ديني. نزل قوله تعالى وان جاهداك على ان تشرك به ما ليس لك به علم فلا تطعهما. وصاحبهما في الدنيا معروفا. الايتان سواء نزلتا في سعد او في بغيره وكانت حكاية عنه او حكمت للامة كلها الى يوم القيامة. فيها وصيتان كبيرتان لنا جميعا مع ابائنا وامهاتنا. الامر الاول الاحسان اليهما. والثاني هو حدود هذا البر والطاعة والاحسان قال الله في الاية الاولى منهما ووصينا الانسان بوالديه ثم جاء هذا التعليل بالوصية بالاحسان قال حملته امه وهنا على وهم يعني ضعفا على ضعف وقيل شدة على شدة وجهدا فوق جهد. قيل جهد التعب والحمل ثم وجهد الوضع والطلق وما ينتابه الام مما هو رحلة موت قصيرة في كل مخاض تشهده الام. هو خروج هو خروج من منعطف الموت وبوابة الموت الى حياة جديدة. من منا ادرك ايها الجيل من الرجال والنساء والصغار والكبار ان قصة ولادته هي قصة حياة جديدة لامه التي ولدته من منا شعر لن اتحدث عن تسعة اشهر تقوم به وتقعد تنام به وترقد تستيقظ به وتتعب تمرض اصحوا وهي في كل ذلك هو يتغذى من دمها وهو يحتويه حجرها وبطنها ولا يزال متقلبا في كنف رعاية الله. كل ذلك في كفة. فاذا كان المخاض. والخروج من رحم الام لن اقول الى الحياء بل عطفها وحنانها وحجرها. لان بقي تسعة اشهر في جوفها يتغذى من طعامها ويستقي من شرابها فسيمضي ضعف ذلك وزيادة في حجرها هو ايضا يتغذى من طعامها ويستقي من لبنها. حياة عجيبة هي بذل امهات وشأن عظيم هو حقهن والله. يقول الله عز وجل حملته امه وهنا على وهن. وفصاله في عامين يعني ارضاعه حتى فطن يكون في تمام عامين. ان اشكر لي ولوالديك الي المصير. فاقترن شكرهما بشكر الله عز وجل والامر وارد كثيرا كما اسلفت في القرآن. وقوله الي المصير فيه الماحا. تهز القلوب بلون لطيف من الوعيد ان اعلم ايها الابن ايتها البنت ان مصيرا فيه وقوف بين يدي الله وسؤال عن مدى قيامنا بحقهما والبر بهما. ها هنا موقف لن نتجاوزه الي المصير. قال الله تعالى وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما. انظر الى عظيم رعاية القرآن لحق الابوين. وان جاهداك بشر لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. لم يقل الله وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما او يا احبة لا مكان للعقوق مع الوالدين ولو كانا كافرين. لا مكان لما يسمى بسوء تعامل او ادب مع الوالدين ولو بلغ درجة الكفر بل لو حمل الولد على الكفر وامراه بالشرك بالله ما تزال الاية توصي وصاحبهما في الدنيا معروفا. هذه المصاحبة بالمعروف هي ادنى درجات البر والاحسان الى الوالدين. تدري متى هي؟ عندما يبلغان درجة الكفر عياذا بالله. وامرا للولد صيرورة الى الكفر والشرك بالله. ما عسانا ان نقول لجيل من الابناء والبنات لهم اباء وامهات على الاسلام والايمان والتوحيد لم يخرجا من الملة وليس بكفرة ولم يأمر الابن والبنت بكفر بالله اي عذر هو لاي جفوة وسوء خلق واهمال وتقصير في حق الاولاد تجاه ابائهم وامهاتهم ما العذر الذي يمكن ان يلتمس لابن او بنت لا يزال بين يديه والداه او احدهما ثم يستبطئانه في طلب او معروف او خدمة اي مجال يمكن ان يتسع فيه عذر وموقف يبديه احد تجاه والديه بابطاء عن واجب امر به الله عز وجل. وشددت عليه نصوص الشريعة وصاحبهما في الدنيا معروفا. كلمة قيل وجملة قرآنية يتأدب بها ابن وبنت مع ابوين كافرين. ما عسانا ان نقول لاسر مسلمة فيها اباء وامهات على الصلاة والصيام والحج والزكاة واداء حق الله. وصاحبهما في الدنيا معروفا. البر بهما لا سيما اذا كبرا واحتاجا الى العون وافتقدا كثيرا من قوة الشباب وصحة البدن. عندما تفتي امراض الاجسام. وعندما تحيط بهم المتاعب والمصاعب. ما احوج ما يكون. الى مصاحبة بالمعروف واحر ما تكون ساعات الندم ودمعات الاسف اذا غيبه مثى فافتقد الابن او البنت ابا واما كان حولهما سنين عددا. فاته ان يصاحبه بالمعروف وان يسبق الى برهما قال بعض السلف وقد فقد احد ابويه فرؤي في حالة من البكاء والحزن والاسى فلما سئل قال كان لي بابان الى الجنة اغلق احدهما الليلة وصح في الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الوالد اوسط ابواب الجنة قال ابو هريرة رضي الله عنه فاحفظ ذلك الباب او اضعه ان شئت. كم هي الحاجة ماسة ان تكون همسة مدوية في اذن الجيل. انه لا يختلف عليه شيئان. القيام بحق الله وتوحيده عبادته ورعاية حق الوالدين برا ومعروفا واحسانا. لا خير قط والله في ابن او بنت. لا يزال مقصرا في لوالديه لا يقوم بهما حق القيام. قيل ليس من البر ان تفعل ما يأمر به والداك. وان تنفذ ما به طلبات انما البر ان تبادر به قبل ان يطلباك. البر الا تلتفت الام الى شيء ولا تشعر برغبة ابيك في شيء الا ووجداك حاضرا ويكون الولد اسرع اليهما من كل خادم من حولهم. مؤسف ان يشعر الابن او البنت انه قد قام بحق البر وفاء اذا ما بذل المال وبنى البيت واستجلب الخدم هي اسباب لن تسد في قلب الوالدين مكان الابن والبنت ولن يقوم قامهما احد مهما احتشدت الاسباب وتوفرت الوسائل. قال الله عز وجل وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا. واتبع سبيل من اناب الي ثم الي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون هذا ارشاد من الله جل جلاله لكل من فقد والديه فقدا حسيا او معنويا. والفقد المعنوي واعظم الفقد للوالدين معنويا عندما يفارقانه في الدين والملة فيكونان على غير الاسلام عياذا بالله. شعور لا يشعر به الا من بلي بابوين غير مسلمين هداه الله للاسلام وبقي على ملة الكفر. عندئذ سيشعر ان وثيقة القرابة وصلة الابوة والامومة فقدت صلبها وروحها وهو الايمان بالله جل جلاله. ها هنا ياتي العوظ قال الله عز وجل واتبع الى من اناب اليك؟ انها صحبة الصالحين. واخوة اهل الايمان من المسلمين لن اقول تسد مسد الوالدين لكنها نقصا معنويا وفقرا نفسيا يبتلى به الانسان اذا فقد والديه على غير الاسلام. واتبع سبيل من اناب اليه. قيل اذا كانت الاية في شأن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه فان الامر له ان يكون في عداد اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقيل نزلت في ابي بكر الصديق رضي الله عنه فانه قد اسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة. فلما اسلموا على يديه قالوا اليس محمد يأمرك بالايمان والاسلام؟ قال بلى. فاتى بهم فاسلموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى واتبع سبيل من اناب الي ومن هنا ذهب بعض المفسرين الى ان المقصود به ابو بكر الصديق رضي الله عنه. فعودا الى وصايا لقمان الحكيم. جاءت الوصية الثانية من وصايا لقمان. والثالثة ان عددت وصية الوالدين مندرجة في ضمنها. يقول لقمان لابنه يا بني انها ان تك مثقال حبة. انها ما هي؟ الخطيئة والذنب والمعصية قيل سأل ابنه سأل ابن لقمان اباه فقال يا ابتي ان فعلت الخطيئة واستترت بها اي يعلم بها الله فكان فيما اوصى به لقمان ابنه يا بني انها ان تك مثقال حبة من خردل. في عظم صغرها واشتداد هذا الى ابعد حال. فتكن في صخرة او في السماوات او في الارض. فتكن في صخرة صماء مغلقة في اصعب مكان يتصور الوصول اليه. او في ابعد مكان يستحيل الوصول اليه في السماوات او في الارض فئة الله عز وجل. الم يعلم بان الله يرى؟ قال الجنيد صلح حاله عندما كان صغيرا اذ يسمع كثيرا خاله ينصحه بها ويقرأ على سمعه الم يعلم بان الله يا رب ان العبد اذا رزق مراقبة الله صلح حاله. واستقام شأنه. ولن يكون بحال ابدا مراقبته ولوالديه او لاستاذه ومعلميه او لنظام وقانون رادع لن يكون ابدا بحال من الاحوال مقوما والاخلاق مهذبا للنفوس كمثل ما تفعله مراقبة الله عز وجل. لامر واحد. لانها مرتبطة بعقيدة عظمة الله وسعة علم الله وبصر الله ومعرفته عز وجل بعباده يعلم السر واخفى. والاخفى من السر حديث النفس وهمسها وما يكون في داخلها من الخطرات والوساوس. هذه العقيدة اصل عظيم ينبغي ان تغرس في القلوب ايها الاباء والامهات ما احوجنا بدلا من القول لهم في اذانهم وفي تربيتهم ونشأتهم ان فعلت ذلك غضبت عليك عاتبتك وعندما تعرض لائحة العقوبات والقوانين التي يعرفها الابناء من ابائهم وامهاتهم فحري ان يكون على رأسها مخافة الله عز وجل. فهي عبود التقوى. وهي ركنه الاكبر ولا صلحت قلوب الاتقياء والاولياء بمثل مخافتهم من الله عز وجل. فكانت هي المنطلق الاساس. يا بني انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكون في صخرة او في السماوات او في الارض يأتي بها الله ان الله لطيف خبير. عظم لطفه في علمه فعلم ادق الاشياء واخفاها. وهذا من لطيف علمه. خبير باحوال العباد ومكنونات النفوس واحوال وما تريد ان تقوم به عبد الله وما تهم به نفسك وان لم تعمل. فلعظيم خبرة الله ومعرفته ومعرفته لا تخفى عليه خافية. ثالث وصايا لقمان الحكيم. وهو ينتقل بذلك من صلة العبد بربه الى القيام الواجبات التي افترض الله عز وجل وذكر عبادتين عظيمتين في هذه الاية. يا بني اقم الصلاة. والابتداء بها في رأس والفرائض اخبار عن اعظم العظائم واوجب الواجبات. اما ان لقمان ليس من امة الاسلام. وليس في ديننا جاء لقمان عليه السلام هنا في امتنا لم يأت لقمان لكنه في شريعته وفي ملة نبيه الذي كان يتبعه لقد امر بالصلاة لتعلم ان الصلاة واجب لم تخلو منها شريعة من الشرائع. وفريضة ما خلت منها ملة من الملل. اوجب الله على كل امة صلاة وجعل الصلاة صلة بين العبد وربه وبين المخلوق وخالقه كانت وما زالت الصلاة رأس الامر كما يقول عليه الصلاة والسلام وتتابعت عبارات السلف ونصوص الشريعة بانه لا حظ في الاسلام لما لمن لا حظ له في الصلاة. تقييم العبد وميزان معرفته في صلاحه وتقواه بقربه من ربه. والقرب من الله انما يعرف بالصلاة. يقول صلوات الله وسلامه عليه حبب الي من دنياكم الطيب والنساء. ولم يقل الصلاة قال وجعلت قرة عيني في الصلاة. كان اذا حزبه امر من فزع الى الصلاة اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد اذا اتاه امر يسره خر ساجدا ان خاف صلى وان شكر الله صلى اذا احب احب شكر ربه صلى واذا اشتاق للقاء ربه صلى. واذا ارده في اكمل احواله واعظم مقاماته. فانظر له في صلاته صلى الله عليه واله وسلم. هي الصلاة اعظم ما يجب ان يتربى عليه الابناء. مروا اولادكم بالصلاة لسبع سبع لن يحفظ فيها الصغير اركان الصلاة وشروطها على اكمل وجه. لكن بوسعه الاعتياد عليها. كم مرة حرص الاباء والامهات على امرهم بهذا السن في الصلاة. بل قل كم مرة غلبتنا الشفقة الزائفة فاشفقنا عليهم من الايقاظ صلاة الفجر او الاصطحاب لصلاة في وقت يشق الذهاب فيه الى المساجد. كم مرة كانت الام الواعية الحصيفة حكيمة حريصة على ان تأمر وتنهى بجملة الاداب والاخلاق التي تنشأ عليها بنيها فاذا بهم لا يسمعون طيلة حياتهم شيئا اعظم من امرهم بالصلاة. اين الاب الرشيد؟ والام الحكيمة التي ما يزال اصواتهم في دواءهم لصدور ابنائهم ترن بصدى الصلاة الصلاة. هي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضر على فراش الموت الصلاة الصلاة. لم تزل مدوية في التاريخ الصلاة الصلاة. لم نزل احوج ما نكون الى العناية بها مع الابناء والبنات انها الصلاة وان يعلموا انها رأس مالنا وانها عماد ديننا وانها شأننا الاكبر ومهما اختلفنا على اشياء تنازلنا عن اشياء وتساهلنا في اشياء فلا ينبغي ان يدخل الصلاة قدر منها قليل او كثير. قد نخسر اشياء كثيرة في الحياة قد نتخلى عن اشياء كثيرة في الحياة لكن الصلاة غير خاضعة لمثل هذه المساومات والمفاوضات والتنازلات. علموا ابنائكم ابنائكم وبناتكم ان الصلاة هي الحبل الذي يربط احدهم بربه. وهو الذي سيسأل عنه اول مرة يلقى فيها الله فان اول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة. فان صلحت صلح سائر عمله. والا فالله المستعان. الصلاة يا كرام امر لا ينبغي ان يختلف عليه الابوان. قد يختلفان في قضايا كثيرة في مسائل تربية الابناء والبنات. وينبغي ان يكون الاتفاق جليا على شأن الصلاة واعتبارها ركنا اساسا. تخيل ان ابا واما ما زالوا يعتنون بامر الابناء والبنات بالصلاة من سن السابعة يقول عليه الصلاة والسلام اضربوهم عليها لعشر. قال بعض الفضلاء لو حسبتها من سن السابعة الى العاشرة ثلاث يؤمر فيها الابناء والبنات بالصلاة فرضا فرضا. كم مرت عليهم من ايام واسابيع وشهور وسنوات واضرب ذلك في خمس صلوات في اليوم والليلة سيخرج لك عدد من الالوف بالصلوات يؤمر فيها الابناء والبنات يا حبيبي صل بني صليتي صلي وخذ هديتك ويحفز ويرغب. ثلاث سنوات ليس فيها الا امر وتربية وتعويم افيشعر بعد ذلك ان نجح في تربيته على مدى ثلاث سنوات يأمره بالصلاة ايحتاج الى عقاب وضرب واضربوهم عليها لعشر وقد زرع فيه ونشأه على حب الصلاة دعنا نقول متى التمسنا خللا في شأن ابنائنا في الصلاة فقدر كبير من الاسباب يتعلق بنا معشر الاباء والامهات ومما يحسن ان يختم به التنبيه على شأن عظم الامر بالصلاة والعناية به في حق الاولاد. وتربيتهم وتنشئتهم عليه ان تعلموا رعاكم الله ايها الاباء والامهات ايها المعلمون والدعاة ان اعظم ما اشتغل به الانبياء عليهم السلام في اممهم وشأن الصلاة والتربية عليها والعناية بها. وقد ذكر الله عز وجل في شأن نبي كريم فقال وكان يأمر اهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا. ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم فقال وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها. ان يؤمر الانبياء وان يؤثر من شأنهم عنايتهم في اولادهم واهل بيتهم بالصلاة يدلك على امر عظيم انها قضية انما يهتم بها الكمل من البشر من الانبياء عليهم السلام. ولا تنسى دعوة الخليل ابراهيم عليه السلام. اذ قام باعظم واجب ان يكلفه بشر على وجه الارض ببناء بيت الله في هذه الدنيا على وجه الارض. فاذا اتم ذلك التفت بدعوات يشأر بها الى الله. ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي. ربنا وتقبل دعاء. تعاهد الابناء والبنات الصلاة وعدم الملال والسآمة من التكرار والتعويد عليها منذ نعومة الاظفار. وان لا تغلب شفقتنا هنا ورأفتنا بهم فنفوت عليهم الامر بالصلاة. وان نذكر ذلك ونستعين به في الدعاء وان لا يغيب عنا في سجود وركوع ودعاء وخضوع وابتهال وسؤال في مظان الاجابة ان يقذف الله في قلوبهم حب الصلاة وان ينشأوا عليها ان نسينا فلا ننسى ان من اعظم ما يزرع به حب الصلاة في قلوب الابناء والبنات صلاتنا امامهم واصطحابنا واياهم واجعلوا من صلاتكم في بيوتكم لا تجعلوها مقابر. فاذا نشأ الناشئة من بنينا وبناتنا واباؤهم وامهاتهم يحيون البيت بالصلاة وينشئونها نوافل وفرائض كان ذلك ادعى الى تعزيز هذه العبادة العظيمة في نفوسهم الغضبة الطرية الوصية الرابعة التي اوصى بها لقمان الحكيم. وهي خامسة مع الامر بالوالدين. قوله سبحانه وتعالى وامر بالمعروف وانهى عن المنكر اذا صلح الفرد ان الاوان لاصلاح المجتمع واذا صلح المرء في نفسه قام باصلاح غيره الامر المعروف والنهي عن المنكر الفريضة العظيمة. ركن الاسلام السادس لو كان فيه ستة اركان. الامر بالمعروف والنهي عن المنكر صلاح تقويم السلوك لا بل هو تثبيت لاركان الصلاح في نفوسنا. فاذا ما دعا احدنا الى خير او حذر من شر كان اول من ينتفع بهذا الدعوة هو نفسه. فاذا امر بمعروف او نهى عن منكر كان اول من يجتني ثمرة ذلك اثره كان لنفسه فهي تربية للابناء والبنات. ايها الاباء والامهات ان نقذف في قلوبهم حب هذه الشعيرة اعزازها واكرامها الا نرضى لانفسنا بالخطأ ولا نقبله لغيرنا في المجتمع ان نكون ادوات نافعة ان نكون سواعد خير وبناء تعمل على زيادة رصيد الخير ومدافعة الشر. هذه النفثة التي تحيا بها المجتمعات وقد قالوا ان منكرا لا يمكن ان ينتشر في مجتمع الا لان واحدا فعل واخر سكت. التناصح من صميم الدين يقول عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة. عندما يعود الابناء والبنات ان يكونوا كلمات خير وهمسات اصلاح في بيوتهم في طرقاتهم في مدارسهم مع رفاقهم وزملاء دراستهم ومع الناس من حولهم ويتقبل هذا منهم فينشأون على الغيرة على دين الله ومحارم الله وحب مكارم الاخلاق والتنافر عن مساوئها يعجبك ذاك الفتي ذاك الفتى في طفولته وصغر سنه وفي صباه وتقر عينك بتلك الفتاة ولا تزال في نعومة اظفارها اذ ما تراهم يتلهفون على موقف تشتد له الابصار وتنتفض له قلوبهم بطارية فيبادرون بانكار بريء. وان هذا عيب او ينبغي ان يستحى منه. ولا يليق ذلك او لا يجوز وامثال ذلك مما تنشأ عليه الناشئة هي دعوة لان نمارس ذلك نحن بذواتنا ايها الاباء والامهات لتكون رسالة نافعة صالحة لجيلنا من الابناء والبنات. الوصية التي بعدها مرتبطة بها تمام الارتباط. قال الله عز وجل واصبر على ما اصابك هذه الوصية من لقمان المرتبطة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ان اعددتها وصية مفردة كانت الخامسة. وان ادرجتها بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فلانها من لوازمه. قالوا لانه لن يأمر احد بمعروف او ينهى عن منكر الا كان في الغالب ان يبلغه شيء من اذى وردة فعل ممن يقع في الخطأ ولو كان بسوء قول او تعد او نحوه من انواع الاذى. فالصبر ها هنا مطلب. يقول الله تعالى ان ذلك من عزم الامور. من اوجب ما يمكن ان يحتاط به الانسان وان يتوجب عليه القيام به التصبر. والصبر وحده عبادة. وان يصبر على ما اصابه من بلاء قدره الله ومصيبة يكتبها الله. يقول الله عز وجل ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم لا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير. هي عقيدة ان تقدير المصائب والابتلاءات قبل ان نخلق معشر البشر وان نخرج الى الحياة. فعلام اذا امتعاظ القلب؟ علامة التسخط والجزع؟ قال الله بعدها لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم. عقيدتنا بانها قدر ازلي يهون عليك المصاب. لن يسترجع لك فقيدا ولن يعيد اليك شيئا لاهبا وفائتا لكنه يرزقك ثباتا وامتلاء قلب واستقرارا نحتاج اليه. قال الله لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا لا تفرحوا بما اتاكم. وقال هنا واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الامور. الامر بالوصية بالصبر جاء عقب الحديث عن الوصية بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي خامس هذه الوصايا في عداد حديث لقمان عليه السلام. قال الله بعدها يا بني يأمر لقمان ابنه الان بعد ان امره بالفرائض. وذكر الصلاة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر الصبر على هذا المصاب الذي يمكن ان يجنيه امره بمكارم الاخلاق والتعامل مع الناس ورأسها التواضع. قال ولا تصعر للناس ولا تمش في الارض مرحا هما وصيتان السادسة والسابعة. وهي تحت مظلة واحدة في التواضع الى الناس ولين الجانب. لا تصعر خدك. الصعر داء يصيب الابل فتلوي اعناقها شبه صنيع المتكبر في غطرسته وشموخ انفه وارتفاعه عن الناس والتكبر عن اطلالته بالبصر عليهم والانصراف والاعراض بانه كالبعير الذي يصاب بداء الصعر اجارك الله. فانما ذلك حيوان بهيم مريض. افيليق بمسلم كريم صحيح ان يفعل ان يفعل فعلا يشبه فيه صنيعا بهائم تصاب بادواء وامراض. قال الله ولا تصعر خدك للناس. وهذا دلالة كبر وهو من لطيف الاشارات القرآنية. النهي عن التكبر. وهذا امر من قبائح الاخلاق ومذمومها ومساوئها فيها وانما يحشر المتكبرون يوم القيامة امثال الذر. يطأهم الناس باقدامهم. جزاء من جنس العمل احتقروا الخلق في الدنيا فكان احتقارهم في الاخرة على شهود الخلائق ورؤوس الناس فيطاؤون بالاقدام والعياذ بالله قال الله ولا تصعر خدك للناس. هذا مظهر للكبر. والوصية السابعة بعدها قال ولا تمشي في الارض مرحا والمقصود به ايضا معنى من معاني التكبر جاء النهي عنه. مشية المرح هي مشية التكبر والاختبار والمأمور ها هنا مشية وسط بين مشيتين دميمتين. مشية التبختر والتكبر والتجبر والتعالي مشية المرح التي يبلغ بها الانسان كبرا يظن ان خطواته تهز الارض من تحت اقدامه. والمشية الاخرى الذميمة مشية التماوت والتباطؤ المرتقية في همتها الضعيفة في عزيمتها. هي ايضا مشية لاباها الاسلام قال الله عز وجل ولا تمش في الارض مرحا وسيأتيك في الاية بعدها واقصد في مشيك فالامر بالنهي فالنهي ها هنا مشية المرح والتبختر والتجبر والتكبر قضية قررها القرآن واوصى هنا بها لقمان. ما اجمل ان نزرع في نفوس البنين والبنات. معاني التواضع ولين الجانب وخفض الجناح. والا يقيموا لشيء من مظاهر حياة الاجتماعية في مواقف تبنى عليها تصرفات وسلوكيات. ما اجمل ان نعلمهم ان مستواهم المعيشي وان انتمائهم الاسري وان ما افاء الله به عليهم من نعمة وجاه او عز ومكانة ان لا ينبغي ان تلقي بظلالها في تعاملاتهم مع الناس من حولهم وان كانوا ظعفاء وبؤساء وفقراء ومساكين ومحاويج وايتام وارامل وان يتعلموا ان قيمة احدهم في تعامله مع الناس من حوله انما هو برقي اخلاقه. وحسن سمته وخفض جناحه وان يكون قريبا ليتعلم اولادنا اننا مهما بلغنا في عظمة المنزلة والمكانة لن يبلغ احدنا قدرا اعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكم كان بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام خفيض الجناح لين الجانب قريب تناول يجده الصغير والكبير تأتيه المرأة الامة من اماء المدينة فتقول له ان ليك حاجة ستأخذ بيده فتنطلق فيقضي حاجتها. ودخلت عليه امرأة مرت ذات مرة يقول انس رضي الله عنه في عقلها شيء ليست سوية فدخلت وطلبته صلى الله عليه وسلم. فسألها عن حاجتها فقالت اريدك لو كان في احد منا لقال لها يأتيك فلان ما قال لابي ولا لعمر ابحث عن حاجتها وقد هو عليه الصلاة والسلام. ولم يكن في فراغ وقته وقلة اعباءه بالذي يمكن ان يجد مساحة لمثل هؤلاء الذين حين لا يؤبه لهم في العادة لكن تدري ماذا قال لها؟ قال اذهبي فاجلسي في اي سكك المدينة اتيك. فانطلقت فجلست وانتظرته فاتاها صلى الله عليه واله وسلم. خفض الجناح علامة كبر. ليست في الخلق بل في النفوس كبر النفوس ان ترى في مقامها وعظمة قدرها قربا من الاخرين من حولها. هذا مفتاح عجيب يا كرام من مفتاح اليف القلوب واستطوي بها على مشاعر الناس. لن يحب الناس احدا اقرب من المتواضع اليهم والمبتسم اليهم والقريب في التعامل معهم نحن اصحاب رسالة واذا ما رمنا بذل النصيحة وفشو الخير والهداية في المجتمع فاعلموا ان اعظم مفاتيحها عجبا وتأثيرا هو هذا اللين وخفض الجناب والتواضع وقرب التناول. قال الله عز وجل في سورة الاسراء في بيان لهذا المعنى العظيم في الاشارة الى عدم الاعتداد بهذا التكبر الذي يضرب به الانسان في مشيته في الارض قال الله عز وجل انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا. لا تظن ان ثقل وزنك سيجعل من خطوتك في الارض في المجتمع تخرق الارض حتى تبلغ بقوتك وثقلك ما قد تمليه عليك نفسك الامارة بالسوء. ولا يشمخ بك وعلو نفسك ورفعتك فتظن انك تبلغ السماء طولا. نحن في طولنا وعرضنا انما نقيم وزنا ما نحمله في ذواتنا من قيم واخلاق. الوصيتان الاخيرتان في وصايا لقمان الحكيم. جاءتا في قول الله تعالى واقصد في مشي واغضب من صوتك وهما في سياق حسن التعامل والاخلاقيات الفضلى والمثلى مع الناس من حولنا القصد في المشية كما اسلفت بين مشيتين. بين مشية تكبر ومشية تماوت. بين مشية فيها رفعة واعتزاز وعلو وبين مشية فيها ضاعة وهوام وذل واقصد في مشيك واغضب من صوتك. القصد في المشي الاعتدال وهذه افعال وسلوكيات وقد قالوا ان من مظاهر الفراسة والتنبؤ بحال الانسان هو النظر في مشيته. ومشية الانسان تدلك على ما يحمل من طبع وسمو نفس ورفعة قدر. فمشية الجاد وذو الهمة والحريص وذو النفس الابية غير مشية المتفاوتين في هممهم والمتماوتين في عزائمهم والمرتخية هممهم. كل ذلك يظهر مشية امارة تدل عليه قال الله عز وجل واغضض من صوتك اي اخفظ منه فان خفض الصوت ما زال يعد امام على الخلق الكريم وعلى الثقة بالنفس. وقد قالوا انما يرفع صوته ويجلب به ويعمل على اذا ضعفت ثقته بنفسه وافتقد الحجة. واما الواثق العاقل الرزين الحصين. فانت ترى في ثقل وزن انخفاضا في صوته ولو كان في مقام محاججة ومجادلة ومناظرة فانما القوة في حجته وفي دليله لا في ارتفاع صوته ولا في علو نبرته. قال الله عز وجل في ختام هذه الايات للذم من رفع الاصوات ان انكر الاصوات لصوت الحبيب. وما نفع الحمار اجلكم الله رفع صوته. ولا عد في رفع صوته بجوار زئير الاسد شيئا. العبرة في خطابنا مع الناس من حولنا جمال اللفظ وقوة العبارة وثبات الحجة. تلك التي نمتلكها بها نواصي المجالس اذا ما اتى احدنا للحديث فيها. كانت هذه ختام وصايا لقمان الحكيم التي جيء بها في هذه السورة الكريمة هي وصايا كما سمعت تحمل قضايا تتعلق بالعقيدة. والثانية تتعلق بالواجبات والفرائض تكاليف وثالثة تتعلق بما لا تحتاج اليه في التعامل واخلاقنا مع الناس من حولنا. ختاما تفلح جدا ايها الكرام معشر الاباء والامهات. اذا ما اخذنا بهذه الوصايا العظام وجعلناها نصب اعيننا امة عظيمة وواجبا كبيرا نحتاج اليه الى تنشئة الناس من حولنا. ولا تنسوا ان اهتمام احدنا بهذه المعاني انما يتأتى اولا بحرصه على قيامها في ذاته. وامتثالها في نفسه ثم يحمل جاهدا على رفع ذلك المعنى فيتمثل توجيها ونصحا وارشادا لبنيه وبناته. اعلموا ايها الاباء والامهات اننا لن نعيش ابدا الدهر لابنائنا وبناتنا وان احدنا مهما بقي في عمره يقدم لهم ما كتب الله على يديه من زرع لبذور الفضيلة والخير الصلاح فان اعظم ما يورثه اب وام لاولادهم من بعدهم هو هذه المنظومة الكريمة من معاني في العقيدة والعبادة والخلق. هذا الثلاثي والله هو اعظم ما يتركه اب اذا فارق الحياة. وتتركه ام اذا غادرت بنيها في هذه الحياة ورثوهم ما شئتم من متاع ومال مباح وحلال طيب يستغنون به عن الناس وعن الايدي والحاجة الى الغير. لكن اعلموا ان الغنى الحقيقي غنى النفس. واعظمه امتلاء القلب معرفة بربه بحقه لا ازعم ان هذه الا اطلالة كانت في ظلال هذه الايات. واجزم ان في رحابها وجوفها والتدبر والغوص في معانيها من الحكم والمعاني والاسرار اضعاف اضعاف ما يقال في مثل هذا المجلس. كتاب الله عظيم والتدبر فيه موصل الى شأن عظيم. ورحم الله عبدا وامة. كان لهم من تدبرهم وعيشهم مع القرآن. ما يوقفهم على عظيم حكم واسراره انما هي وصية نحتاج ان نتداعى اليها وان نتنادى اليها للحث بها والعمل عليها. فنسألك اللهم باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تصلح لنا نياتنا وذرياتنا ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعيننا واجعلنا للمتقين اماما. اللهم اجعلنا مقيمين للصلاة ومن ذرياتنا. ربنا وتقبل دعاء. اللهم انا نسألك يا حي يا قيوم ان ترزقنا ذرية صالحة نأنس ببرهم وصلاحهم وسعادتهم. اللهم اجعلهم قوة عين صلاحا وفلاحا ونجاحا وسدادا وهدى ورشادا. واجمعنا بهم يا رب في هذه الدنيا على طاعتك وفي الاخرة في رحاب جنتك اللهم انا نسألك وانت الغني الحميد وانت اكرم الاكرمين. الا تجعل فينا ولا معنا محروما ولا اللهم لا تفجعنا باحد من ابنائنا وبناتنا وارزقنا يا رب صلاح ظواهرهم وبواطنهم واجعلنا يا ربي من خيرة عبادك الصالحين وحزبك المفلحين واوليائك المتقين يا اكرم الاكرمين. اللهم يا ذا الجلال والاكرام اجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا رحمن يا رحيم. اللهم الهنا وخالقنا من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره يا ذا الجلال والاكرام اللهم انا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم فاكفناهم بما شئت يا حي يا قيوم الهنا وخالقنا نسألك بعزتك وقدرتك وحفظك وعظيم سلطانك وجبروتك ان تحفظ ابنائنا واخواننا المرابطين على الحدود. ثبت يا ربي اقدامهم وقوي عزائمهم وسدد رميهم اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم تقبل شهيدهم وداوي جريحهم واجبر كسيرهم. اللهم انزل عليهم مددا وجندا من عندك يا قوي يا عزيز. اللهم انا استودعناك فاحفظهم بحفظك يا حي يا قيوم. واعدهم يا رب الى اهليهم سالمين غانمين اللهم اخلفهم في انفسهم وفي اهليهم واولادهم واموالهم ومن خلفوا بخير انت خير حافظا وانت ارحم راحمين. اللهم وفق بالحق امامنا وايده وانصره يا ذا الجلال والاكرام. اللهم وفق عبدك خادم الحرمين لكل خير وهدى وسداد ورشاد. اصلح يا ربي له النية والبطانة والقول والعمل. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. اللهم ارفع في جنات درجاتهم وكفر سيئاتهم. وارزقنا بره في الحياة وبعد الممات. يا حي يا قيوم. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. جزاك الله خير