بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام في كل مكان وزوار مدينة ومسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خاصة فان هذا اللقاء المبارك المنعقد في هذه الدورة العلمية المباركة عن بعد يتناول الموضوعات التي تقصد هذه الفئة في هذا الظرف الذي نعيشه جميعا فاننا قبل كل شيء انما نتوجه بحمد عظيم لربنا العظيم سبحانه وشكر وافر لربنا الكبير المتعالي جل جلاله بعد عودة الصلاة ثم الزيارة لمسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتوفيقه سبحانه وتعالى لامة الاسلام عامة. ولبلادنا وقيادتها خاصة على ما تم من ترتيبات واجراءات لمسايرة تداعيات هذا الوباء. وقانا الله جميعا وحفظ البلاد والعباد من شره وافته وبلائه وخيرا صنعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بجهودها المبذولة لخدمة الزائرين وحسن وفادتهم ومن ضمن ذلك اقامة هذه الدورة العلمية عن بعد احكام واداب الزيارة والروضة الشريفة. والسلام على رسول الله صلى الله عليه اله وسلم ولا من شك انها مما يهم كل مسلم ومسلمة معرفته والعلم به فمن شرفه الله بزيارة طيبة واتيان مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص فانه يتعين عليه ان يلم باصول ذلك من المسائل والاحكام التي تتعلق به وتخصه وهو يتقلب في جنبات هذا الشرف ويأتي هذا المسجد المبارك وينعم بهذا الفضل والاجر والخير العظيم. ومن اجل ذلك كانت هذه الدورة العلمية اسأل الله ان يبارك فيها وان ينفع بها ولقاؤنا هذا ايضا كان من اجل ذلك ضمن هذه السلسلة المباركة. هذا اللقاء المنعقد في هذا اليوم المبارك مغرب الجمعة السابع والعشرين من شهر ربيع الاول سنة اثنتين واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم احد جوانب هذه الدورة وعنوان اللقاء الاحكام العقدية عند زيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم ذلك ان شريعتنا معشر المسلمين منظومة متكاملة ووحدة تشريعية متسقة عقيدة وفقها واحكام الفقه المختصة بالعبادات والمعاملات وسائر شؤون الحياة لا تنفك عن اصلها العقدي الذي تقوم عليه وتنبثق منه وانما تنقسم احكام الدين ومسائله الى عقيدة وفقه او الى اقسام واحكام علمية واخرى عملية هذا التقسيم انما هو تقسيم تصور وفهم ودراسة لمكونات الشريعة واحكامها. والا فهي في الحقيقة متصلة لا تنفصل. ولذلك عرف الايمان ايها المؤمنون عرف الايمان بانه اعتقاد وقول وعمل وليس يقتصر الايمان على جانب الاعتقاد القلبي فحسب هو اعتقاد بالجنان وقول او نطق باللسان وعمل جوارحي والاركان واشتمال ايماننا بمفهومه العام على هذه الجوانب جميعها عقيدة وسلوكا وعلما وعملا هو ما تواترت لديه عبارات ائمة السلف الذين كانوا في توضيح معنى الايمان ومفهومه بجلاء يبينون اشتمال الايمان على اكل لتلك الجوانب. ومن هنا حكى عدد من الائمة والعلماء جيلا بعد جيل. حكوا انعقاد الاجماع على هذا المعنى مفهوم الذي خالفت فيه طوائف عندما قصروا مفهوم الايمان على الجانب العقدي او على جانب اعتقاد القلب وحده دون غير من العمل ونطق اللسان. ولهذا يقول الامام البغوي رحمه الله اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على ان الاعمال من الايمان الى ان قال رحمه الله وقالوا ان الايمان قول وعمل وعقيدة ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اجمع السلف ان الايمان قول وعمل يزيد وينقص. ومعنى ذلك ان ان قول القلب وعمل القلب ثم قول اللسان وعمل الجوارح ومعنى ذلك انه قول القلب وعمل القلب. ثم قول اللسان وعمل الجوارح. فاما قول القلب فهو التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. ويدخل فيه الايمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه رحمه الله وحكى الاتفاق واطباق السلف على هذا جمع غفير من ائمة الاسلام البخاري والحافظ بن عبدالبر وابن منده واللالكائي وغيرهم كثير رحمة الله عليهم جميعا. وبناء على ذلك فموضوع لقائنا الليل هو الجانب العقدي المتعلق بزيارة المسجد النبوي وهو ما يخص جانب اليقين ومعتقدات القلب دون ما يتعلق بالاحكام الفقهية العملية لما يفعله الزائر لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان كان بينهما ارتباط فيق كما اسلفت لكن الجانب الفقهي له لقاؤه المختص به المتناول لمسائله واحكامه. سيتوزع الحديث ايها الكرام في هذا الموضوع فيما يتعلق بالاحكام العقدية لزيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم على عناصر ترى ابدأها كالتالي اولها الحديث عن الاحكام العقدية يتناول كما اسلفت الجانب المتعلق بيقين القلب وما يستقر فيه والعقيدة التي ينطوي عليها قلب المسلم تجاه هذه البقعة المباركة والمسجد المبارك. مدينة ومسجد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وهذا يتناول كما اسلفت جملة من الجوانب والمسائل سابدأ باهمها وهو الايمان اجل وهو الاعتقاد الجازم اليقين ايماننا بربنا سبحانه وتعالى هو اصل الايمان وركنه الاكبر واساسه الذي تنبثق عنه كون الايمان كافة لا يزور المسجد النبوي الا مؤمن يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ارتباط الزيارة لك اخي الكريم ولك اختاه عند قدوم احدنا الى هذا المسجد المبارك انما يرتبط اول ما كونوا الارتباط باصل الايمان المنعقد في قلوبنا جميعا معشر المسلمين اجل فما جئنا الى هذا المسجد المبارك على صاحبه افضل الصلاة واتم التسليم. الا والاسلام قائدنا والايمان دليلنا فجئنا نقصد مدينة ومسجد النبي الذي امنا به. وشهدنا انه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا اصل الايمان فايماننا بالله يرتبط بهذا المعنى العظيم. فلا يقصد المدينة النبوية الا مسلم. يبحث عن الايمان في قلبه وهو يتوجه برحله الى هذا المسجد المبارك ويقصده. لقوله عليه الصلاة والسلام لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد كما سيأتي الحديث بعد قليل. والمقصود ان اصل الايمان الذي هو لب العقيدة وجوهرها ومكنون ومفهومها الاصل هو اول المعاني في الاحكام العقدية. ومقصود فيه من المعاني المتعددة كما اسلفت انه لا يتوجه الى هذا البلد واتيان المسجد وقصده للصلاة فيه. والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما الا مؤمن يقوده الايمان ويحدوه يقينه بربه وتصديقه بنبيه صلى الله عليه وسلم. ويعني الايمان ايضا ان زيارة المسجد النبوي لنا جميعا امة الاسلام ان زيارة المسجد النبوي تعني لنا في زيادة وتوثيقا وصلة وثيقة كيف لا واحدنا يقصد بزيارته لهذا المسجد المبارك البقعة الطاهرة والروضة الندية مهبط الوحي وفي التوحيد يقصد مسجدا امه رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة عشر سنوات في حياته قد قضاها بهذه المدينة المباركة وهو يعيش في جوار هذا المسجد المبارك مآثر النبوة ومواقع السيرة واحداثها كلها متناثرة في هذا المسجد وفي ارجائه وجنباته بل وفي طرقاته مؤدية اليه ما من شك ايها المؤمنون ان الايمان ان كان يقود احدنا نحو التوجه الى المسجد لقصد زيارته الرحل اليه فان الايمان ذاته هو الذي يتجدد ويتدفق نبعه ويقوى توطيد اركانه لاحدنا طيلة بقائه في زيارته لهذا المسجد المبارك. وكلنا يجد ذلك يا كرام. اجل كلنا يجد في بقائه في المسجد النبوي سواء بقي فيه سويعات وصلى فيه فرائض معدودات او تنفل فيه ركعات او جاور في هذا المسجد وقد قضى فيه مترددا بين مسكنه ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويذكر الله ويقرأ القرآن ويدعو فانه لا والله لا ينفك عن معنى عميق في ايمانه يتجذر. وهذا اصل عقدي جليل يا كرام. فان اتيان هذه البقاع الطاهرة كالحرمين الشريفين. مما ينبغي ان يجدد به الايمان في القلب. وان ترتوي بذرته في الفؤاد وان اشتد اواصر الايمان في قلوبنا معشر المؤمنين فهذا اصل عقدي جليل تجب العناية به والالتفات اليه لان زيارة الانسان لاي مكان في الدنيا تحكمه مقاصد وسل اي انسان يتوجه نحو بقعة ما في الدنيا سياحة او تجارة او دراسة او تعلما او تطببا ونحو ذلك فان له قصدا يحدوه الى اتيان تلك البقاع التي يقصدها. فالزوار والسياح والباحثون عن الترويح والمتعة مقصدهم يختلف عن ذاك المريض الذي اضناه التعب وهده المرض فانطلق يبحث وعن جرعة علاج ودواء شاف بامر الله وكلاهما لا يتفق في مقصده ودافعه الذي توجه به للسفر واتيان البقاع في الدنيا شرقا وغربا لا يتفقان مع ذاك الذي بحث عن تجارة فذهب يضرب يبتغي من فضل الله يمينا وشمالا. اقصد من ذلك ايها الكرام ان اتيان احدنا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لسياحة معتادة ولا لزيارة يتروح بها عن النفس كما يفعله في كل البقاع وليست هي لغرض تجارة وانما هي لاصل الايمان الذي قلت في اصل الحديث انه اول المعاني التي تنبثق وتبدو وتبرز في زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يرتبط بالجانب العقدي واحكامه العظام التي نبرزها في هذا اللقاء فهذا اولها وهو اصلها وبوابتها للاحكام التالية تباعا اما الثاني من المسائل المتعلقة بالاحكام العقدية في زيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم فهو مرتبط بالاول وثيق صلتي به هو التصديق والاقرار بان هذا هو معنى الايمان. تصديق واقرار بالفظائل والخيرات والمناقب التي ثبتت لهذه البقعة الطاهرة المباركة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما يحفه من المباركة الكبيرة كالروضة والحجرة النبوية ومحرابه صلى الله عليه وسلم ومنبره هذه البقاع المباركة معالم ارتبطت بها في السنة النبوية وفي الشريعة عموما جملة من الفضائل. فاحد المعاني التي تتعلق بعقائدها هو التصديق والاقرار. هو اليقين الجازم بتلك الفضائل التي ثبتت لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة بمسجده خاصة فيا ايها القاصدون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من الاحكام العقدية المهمة التي تتصل بنا ونحن نخطو خطواتنا يقودنا الشوق والرغبة في هذا الكرم والفضل ان نؤمن بيقين وان نصدق فان هذا من معنى الايمان ومن لوازم شهادتنا ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا ما طرق سمعنا تلك النصوص الشرعية التي تبين فضل هذه البقعة الطاهرة فانه قبل ان نبحث عن عمل نلتمس به نيل ذلك الفضل فان اصلا عقديا هنا يتحقق وهو التصديق واليقين هو التسليم والايمان هو القبول بما اخبرت به الشريعة في كتاب الله او على لسان رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم تخبرنا بفضائل هذه البقاع وتلك الاماكن. وساسرد ها هنا على سبيل المثال للحصر جملة من تلك الفضائل يتعين علينا عقديا الايمان بها وقبولها والتصديق بها لما سينبني عليها من احكام فقهية عملية ليس هذا موضع ذكرها. عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت يا رسول الله اي المسجدين الذي اسس على التقوى؟ قال فاخذ كفا من حصباء فضرب به الارض ثم قال هو مسجدكم هذا لمسجد الحديث رواه مسلم وعدد من الائمة كاحمد والترمذي والنسائي وغيرهم رحمة الله عليهم جميعا والاية الكريمة التي في سورة التوبة لا تقم فيه ابدا. لمسجد اسس على التقوى من اول يوم احق ان تقوم فيه فيه رجال يحبون ان يتطهروا. والله يحب المتطهرين. فهي كما قال الامام ابو بكر ابن العربي رحمه الله لا خلاف هم اهل قباء والامر مشهور جدا صحيح من قول عن جماعة لا يحصون عدا وهذا المعنى من اجله ورد الخلاف الذي تختلف فيه بعض الصحابة فعرظوا فيه الخلاف عليه صلى الله عليه وسلم. فقد اختلف العلماء علماء في المراد في المراد بالمسجد الذي اسس على التقوى في الاية السابقة على قولين مشهورين. قيل هو مسجده رسول. مسجده عليه الصلاة وقيل هو مسجد قباء وقد ذكر اقوالهم الامام الطبري في تفسيره ثم قال واولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال هل هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لصحة الخبر بذلك عنه صلى الله عليه وسلم ولا معارضة بين هذا الحديث والاية على القول بان المراد بالمسجد هو مسجد قباء لان كلا من المسجدين اسس على التقوى. ولهذا ذكر شيخ والاسلام ابن تيمية رحمه الله ان الاية السابقة نزلت بسبب مسجد قباء ثم قال لكن الحكم يتناوله يعني مسجد قباء ويتناول ما هو احق منه بذلك وهو مسجد المدينة وهذا يوجه ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن المسجد الذي اسس على التقوى فقال هو مسجدي هذا وقال في موضع اخر فتبين ان كلا المسجدين اسس على التقوى لكن مسجد المدينة اكمل في هذا النعت فهو احق بهذا الاسم ومسجد قباء كان سبب نزول الاية. ويقول الحافظ ابن حجر رحمه الله ان السر في جوابه صلى الله عليه وسلم بان المسجد الذي ليس على التقوى مسجده رفع توهم ان ذلك خاص بمسجد قباء. انتهى كلامهم رحمة الله عليهم جميعا. ومن الفضائل التي عينوا عقديا علينا اهل الايمان سواء قصدنا المسجد او لم نقصده ان نؤمن به وان نجزم بيقين صدقه وقبوله ما روى ابو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه المسجد الحرام والحديث مروي من عدة طرق اخرجها البخاري ومسلم. والائمة مالك وابن ابي شيبة واحمد والدارمي وابن ماجة والترمذي وغيرهم كثير وفي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما والا المسجد الحرام رواه مسلم ايضا وعدد من الائمة وهذا اللفظ في الحديث الصحيح هو الذي يتعين علينا اليقين به فضيلة لمسجده عليه الصلاة والسلام اعلم ان من يقصد المسجد باحثا عن الاجر ومبتغ للفظيلة فهذا متناول عملا وهذا حكم فقهي لكن ما الى هذا العمل والبحث عن نيله الا اعتقاد جازم وتصديق بيقين بمثل تلك الفضائل والمناقب الثابتة لمسجده صلوات الله وسلامه عليه. ومثل ذلك ايضا ما جاء في تلك الاحاديث الواردة في عدد من النصوص التي تبين فظيلتها كحديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تشد الرحال الا الى ثلاثة اجد مسجدي الحرام ومسجدي الاقصى ومسجدي هذا ومسجد الحرام من اضافة الموصوف الى الصفة. وقد جوزه الكوفيون كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح رحمه الله. والحديث اخرجه البخاري مسلم وغيرهما. فهذا ايضا من الاحاديث التي تبين فضيلة هذا المسجد وشد الرحل اليه. ابتغاء الاجر وانعقاد العزم هذا حكم عقدي يقوم في قلوب القاصدين لمسجده بالزيارة صلوات الله وسلامه عليه. ومن الفضائل التي نجزم ونصدق بها حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي. اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما وفي رواية شعبة عن خبيب قال ومنبري على ترعة من ترع الجنة. ورواه غيرهما في غير الصحيحين وكذلك الاحاديث الواردة في فضل بعض المواضع في الروضة كالاسطوانة المخلقة او الاسطوانة التي عند المصحف قال يزيد ابن ابي عبيد كنت اتي مع سلمة بن الاكوع فيصلي عند الاسطوانة التي عند المصحف قال الحافظ ابن حجر هذا دليل على انه كان المصحف المصحف موضع خاص به ووقع عند مسلم بلفظ يصلي وراء الصندوق وكأنه كان للمصحف صندوق يوضع فيه قال كنت اتي مع سلمة بن الاكوع فيصلي عند الاسطوانة التي عند المصحف فقلت يا ابا مسلم اراك تتحرى الصلاة عند هذه الاسطوانة فقال فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها. قال الحافظ ابن حجر والحديث اخرجه الشيخان. قال ابن حجر والاسطوانة المذكورة حقق بعض مشايخنا انها المتوسطة في الروضة المكرمة. وانها تعرف باسطوانة المهاجرين. وتعقبه وذكر بانه وهم وان الاسطوانة المشار اليها التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي اليها هي التي عن يمين الواقف في المصلى الشريف من جهة القبلة وهي اليوم واقعة في ظهر المحراب الذي هو علم على مصلى النبي صلى الله عليه وسلم مائلة الى جهة في اليمين ملاصقة له وقد كتب في الثلث الاعلى منها بخط بارز. هذه اسطوانة المخلقة ولم يثبت حديث يبين فضل الصلاة تحديدا عند هذه الاسطوانة يزيد على فضلها على غيرها من مواقع الروضة الشريفة المقصود يا كرام بجملة من الفضائل التي ثبتت في هذا المكان المبارك في مسجده عليه الصلاة والسلام ويتعلق به من الاحكام العقائدية اليقين به والتصديق والاقرار. لان الناطق به لا ينطق عن الهوى. فهو اما اية في كتاب الله من كلام ربنا جل جلاله ويجب علينا الايمان به تصديقا واعتقادا. واما وحي على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ثالث الاحكام العقدية فيما يتعلق بزيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم معنى المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانها من عبادات القلب. وهي ايضا من عقائده وهي من اليقين الذي ينبغي ان يستقر فيه فان المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي من صميم العقيدة والايمان. ومن لوازم ومقتضيات شهادتنا ان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل صلوات الله وسلامه عليه لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولد ووالده والناس اجمعين. هذه المحبة التي نتكلم عنها هي محبة قلب. وزيارتنا لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلق بها من الاحكام العقدية تأصيل هذا المعنى. ونماؤه اعني المحبة فان ارتواء القلب من المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يرتوي ايام ارتواء بزيارة مسجده صلوات الله وسلامه عليه ولكأن تلك الزيارة ينبوع متدفق فكما قررنا في الاحكام اولا زيادة الايمان بزيارة المسجد النبوي فان المحبة هي الاخرى وهي من معاني الايمان ومن شعبه هي ايضا مما يتدفق ماؤه ويجري نهره في القلوب المؤمنة بزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. اجل والله فان الزائر للمسجد النبوي يجد في كل شبر وناحية منه عبق السيرة واريجها الفواح ويقرأ بين جنباتها احداثها الواقعة خلال عشر سنوات من تاريخه هجرته الى المدينة صلى الله عليه وسلم. فهذا منبره وهنا محرابه وتلك صفوف المصلين خلفه ابو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وابن عوف وابو عبيدة وسعدان سعد ابن معاذ وسعد ابن ابي وقاص وسعد ابن عبادة كل هؤلاء كرام كانوا صفوفا خلفه فمن دخل المسجد واتاه لكأنه والله يجد في تلك البقاع اشخاصهم واطيافهم تطوف به من حوله فيفيض شوقا ومحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي امهم سنين في هذا المحراب والذي اصطفوا خلفه كالملائكة ترص صفوفها. يأتمرون بامره وينتهون بنهيه. فتالله كم يبعث ذلك من معاني المحبة التي تدفق نهرها جاريا في قلوب المحبين. الذين يقصدون مسجده بالزيارة والصلاة له. والصلاة فيه وهم يشعرون بتلك المعاني التي تزيد الايمان وتبعث المحبة كما اسلفتم. بل ان المصلي في تلك النواحي في المسجد النبوي وفي الروضة وما جاورها في المسجد النبوي القديم يجزم انه ان سجد وضع جبهته على موضع سجد فيه الصحب الكرم رضي الله عنهم وانه يطأ باقدامه وهو يتنقل بين جنبات المسجد النبوي الشريف يضع قدميه موضع اقدامهم فتفيض النفوس والقلوب شوقا ومحبة للارتباط بهذا الجيل الكريم. ارتباط اقتداء وايضا يرتبط بمعنى الايمان والمحبة لكل ما يحويه هذا المكان المبارك. نعم اخوة الاسلام زائري مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنبات هذا المسجد ترددت اصداء الوحي وفي هذه الجنبات تشنفت الاذان اذان الصحابة رضي الله عنهم بسماع صوت المصطفى صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم القرآن ويخطب فيهم ويعظ وهو يحدثهم وهو يقرأ الايات التي تنزل عليه هذه المحبة التي نتحدث عنها انها هي من صميم الايمان الذي هو من اجل احكام العقيدة التي تتعلق بزائر مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم رابع الاحكام العقدية في زيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم. وهو مرتبط بما تقدم ثانيا. بناء العمل على ما ثبت من الفضائل لا على مطلق الهوى والتشهي. او الخرافة والاساطير. عقيدتنا معشر المسلمين تقوم على الدليل الصحيح الثابت بيتيم. وما كان من امور الغيبيات او الفضائل او اعتقاد شيء يتصل به عمل لاحق ينبني عليه فانما يحتاج لا دليل ولا تثبت الفضائل قياسا ولا تثبت العبادات اجتهادا بل هي مبنية على التوقيف والتعبد. فلا ابدوا متعبد قاصدا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة يقصد بها اجرا ومثوبة الا بدليل صحيح ثابت هذه من اجل احكام العقيدة. ان تقدم عندنا في الاحكام ثانيا التصديق والاقرار بما ثبت. فان هذه المسألة تعني وجوب اغلاق الابواب في مسائل العقيدة لما يتعلق بثبوت الفضائل ان تغلق ابوابها على ما لم يثبت به دليل صحيح ولم ينطق به وحي فلا خذوا الفضائل من احد ولا يمكن ان تقاس على اجتهاد بل هي موقوفة على الوحي الثابت الذي يأتينا في كتاب الله في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم الاعمال والعبادات دعاء او صلاة او ذكرا مخصوصا كل ذلك عمل وتناوله الاحكام الفقهية لكني اقصد هنا الجانب العقدي الذي بنيت عليه تلك الاعمال. عندما يحكم على عمل ما من تأتي بانه بدعة فانما كان منشأه ومنطلقه اعتقاد قام عليه ذلك الفعل. فما صلى او تصدق او دعا او ذكر الله او تعبد باي وجه من وجوه العبادة المخالف للشريعة الواقع في البدعة ما فعل شيئا من ذلك الا بناء على اعتقاد وقع عنده ووقر في قلبه بثبوت فضيلة ذلك العمل. واعتقادي ترتب الثواب المخصوص عليه. هذا الاعتقاد هو من المسائل المهمة ويكثر عند غير الباحث عن الصواب والمتحري للصحيح الشرعي يكثر عندهم الخلط بينما ثبت طبعا وما لم يثبت وهذه من المسائل والاحكام العقدية المهمة التي يتعين العناية بها. فان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اسلفت مما تتعلق به قلوب المؤمنين ايمانا وحبا وشوقا ورغبة لكن ذلك لا ينبغي ان يكون قائد يقود الى اعتقاد فضائل تبنى على اوهام او خرافات او اساطير او دجل ينبغي البحث في التحري عن الدليل الصحيح لاثبات الفضيلة التي تقود الى العمل وينبني عليها التقرب بوجه من وجوه العبادات قليلا كان او كثيرا. شرط قبول العمل خلاص لوجه الله الكريم ومتابعة لهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. والا كانت العبادة بدعة من حيث يظن صاحبها انه تقربوا بها الى الله جل جلاله. يقول ربنا الكريم سبحانه وتعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور. ايكم احسن ولم يقل ايكم اكثر عملا فيا كل مشتاق الى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويا كل زائر وزائرا الى هذه البقعة الطاهرة. وقد اكرمكم الله بالمجيء فوطئتم سهلا وحللتم اهلا وجئتم مسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام. ها قد اقبلتم والله على كرامة عظيمة وخير الهية ان كريما كتب لكم فلتجعلوا قصدكم في التعبد الوحي والدليل وليست العاطفة ولا التشهي ولا الهوى ولا فتاة ولا شيئا لا يثبت به دليل. اجعلوا قائدكم في التعبد في تلك البقاع الطاهرة وهذا المسجد وجناباته العامرة شيئا صحيحا ثابتا بالوحي. واما مطلق العاطفة والرغبة والشوق والحنين. فليس بدليل تبنى عليه الاحكام ولا تقوم عليه العبادات ليبلوكم ايكم احسن عملا وليس اكثر عملا. فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل تن صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا احسن عملا. قال الفضيل اخلصه واصوبه ما كان خالصا لوجه الله الكريم. ثابتا ثابتا على سنة النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم. هذا المعنى ايها المباركون الزائرون لمسجد خير صلى الله عليه وسلم يتأكد عند زيارتنا لهذه المدينة المباركة. ونحن نتنقل في جنبات المسجد والروضة ونأتي بشرف السلام امام القبر والمواجهة الشريفة. ونزور ايضا دفن البقيع والصحابة الكرام رضي الله عنهم. فربما ما توقد حرص الزائر فصلى وتنفل في وقت نهي في المسجد وهنا يحكمه الدليل قوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس او تقرب بما لم يشرع من تمسح وتبرك ونحو ذلك كما سيأتي بيانه. مما لا يصح في الاعتقاد بل هو من ابطل الباطل الذي يقع فيه بعض الناس بذريعة الشوق والرغبة في مضاعفة الثواب ولا يتبين صحة الدليل لبيان تلك الفضائل واثباتها ما يسمى بصلاة الفاتح. صيغة تقال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقول صاحبها اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق الهادي الى صراطك المستقيم وعلى اله حق قدره ومقداره العظيم عندما يعتقد اصحاب هذه الصلاة المسماة بصلاة الفاتح انها في فضيلتها تعدل من القرآن ست مرات او وانها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كان صغيرا او كبيرا ومن القرآن ست ستة الاف مرة فهذا والله من ابطل الباطل. لان هذه الخرافة وهذه الاكذوبة لم تبنى على دليل. تبنى على كلام بكلام باطل لا يستند الى وحي ولا دليل. اعتقاد هذا مجرد اعتقاده والتصديق به هو خلل عقدي يحتاج والى معالجة ومن زار مسجد النبي عليه الصلاة والسلام الذي يبحث عن التأسي يزور مسجد القائل لنا عليه الصلاة والسلام بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين واياكم ومحدثات الامور. فان كل بدعة ضلالة هو والله احق ما ينبغي ان به في وصيته الجامعة التي وعظ بها الصحابة الكرام رضي الله عنهم اليس اعتقادا فاسدا ان يقال ان هذه الفضيلة يصيب بها صاحبها ما لا يصيبه من القرآن. فيقول صاحب هذه الاباطيل والكلام الفاسد ان هذه الصيغة في الصلاة هي من كلام الله بمنزلة الاحاديث القدسية. وان من قرأها كفرت به ذنوبه ووزنت له ستة الاف من كل تسبيح دعاء وذكر وقع في الكون وان من تلاها عشر مرات كان له اكثر ثوابا من العارف الذي لم يذكرها ولو عاش الف الف سنة مؤسف ان يكون هذا اعتقاد وترى بعض من يشتغل بهذه الصيغة معتقدا هذا الاعتقاد الباطل فيجلس في رحاب مسجده عليه الصلاة والسلام سلام يظن يظن بذلك انه يبتغي ثوابا وانه يتقرب وانه يغتنم من الخيرات والبركات وهو في جوار مسجده عليه الصلاة والسلام. مرة اخرى ساقول ايها الكرام ان الاعمال والعبادات في الاسلام لا هنا على العواطف وليس عذرا لاحدنا ان يقول بلى والله كنت اريد الخير واحسب ذلك صوابا فلا عذر ها هنا العبادات مبناها توقيف واللي عقيدته هنا الاصل الذي ينبغي ان تؤخذ منه فضائل الاعمال وثبوتها. ودعوني اسرد على اسماعكم قصة للصحابة الكرام رضي الله عنهم تثبت ان الاعتقادات لا تقودها العاطفة ولو كانت صادقة. ولا يعذر صاحبها ولو كان حسنا حسن النية هنا لا يعفي صاحبه من الخلل والزلل والانحراف اجارنا الله واياكم. اخرج الامام الدارمي في سننه بسند عن عمرو ابن يحيى قال سمعت ابي يحدث عن ابيه قال كنا نجلس على باب عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قبل صلاة الغداة فاذا مشينا معه الى المسجد فجاءنا ابو موسى الاشعري رضي الله عنه فقال اخرج اليكم ابو عبدالرحمن يعني عبد الله ابن مسعود؟ قلنا لا بعد فجلس معنا حتى خرج فلما خرج قمنا اليه جميعا فقال له ابو موسى يا ابا عبدالرحمن اني رأيت في المسجد انفا امرا انكرته الم ارى والحمدلله الا خيرا. تأملوا قال رأيت امرا انكرته ولم ارى والحمدلله الا خيرا. قال فما هو قال ان عشت فستراه قال رأيت في المسجد قوما حلقا جلوسا ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل وفي ايديهم حصى فيقول كبروا مائة فيكبرون مائة فيقول هللوا مائة فيهللون مائة ويقول سبحوا مائة فيسبحون مائة. قال فماذا قلت لهم قلت ما قلت لهم شيئا انتظار رأيك او انتظار امرك. قال افلا امرتهم ان يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم الا يضيع من حسناتهم. قال ثم ما مضى ومضينا معه حتى اتى حلقة من تلك الحلق. فوقف عليهم فقال ما هذا الذي اراكم تصنعون؟ قالوا يا ابا عبدالرحمن حصن به التكبير والتهليل والتسبيح. قال فعدوا سيئاتكم فانا ظامن فانا ظامن ان لا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم يا امة محمد ما اسرع هلكتكم هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون. وهذه ثيابه لم تبلى لم تكسر والذي نفسي بيده انكم لعلى ملة هي اهدى من ملة محمد صلى الله عليه وسلم او مفتتح باب ضلالة قالوا واسمعوا قالوا والله يا ابا عبدالرحمن ما اردنا الا الخير. ارأيتم؟ قالوا ما اردنا الا الخير اسمعوا الى جواب الصحابة. قال وكم من مريد للخير لن يصيبه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ان قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ويل الله ما ادري لعل اكثرهم منكم ثم تولى عنهم. قال عمرو بن سلمة رأينا عامة اولئك الحلق يطاعنون يوم النهروان. يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج وهكذا صححه عدد من العلماء والائمة باحاديث متقاربة في اللفظ منها ما رواه ابو نعيم في الحلية من طريق عطاء ابن السائب عن ابي البختري قال اخبر رجل عبدالله بن مسعود ان قوما يجلسون في المسجد بعد المغرب فيهم رجل يقول كبروا الله كذا وكذا وسبحوا الله كذا وكذا واحمدوا الله كذا وكذا. فيقولون كمثل ما قال؟ قالوا نعم. قال فاذا رأيتهم فعلوا ذلك فاتني بمجلسهم فاتاهم وعليه برنس له فجلس. فلما سمع ما يقولون قام وكان رجلا حديدا اي حازما شديدا فقال انا عبد الله بن مسعود والله الذي لا اله غيره لقد جئتم ببدعة ظلما او لقد فظلتم على اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما فقال معضد والله ما جئنا ببدعة ظلما ولا فضلنا اصحاب محمد علما. قال عمرو بن عتبة يا ابا عبدالرحمن نستغفر الله قال عليكم بالطريق فالزموه فوالله لئن فعلتم لقد سبقتم سبقا بعيدا. ولئن اخذتم يمينا وشمالا لتضلن ضلالا بعيدا والمقصود يا كرام ان العواطف لا تبنى عليها العقائد. وان اعتقاد الفضائل يتوقف على ثبوت الوحي به لا غير. وتجاوز ذلك مزلة قدم ومهوى بدعة واحداث في الدين يبعد صاحبه من حيث يظن انه يتقرب الى الله. وقد ظربت مثالا بصلاة الفاتح لما اغلق وامثلة اخرى تتحقق في اعتقاد فضائل لا تثبت بها الادلة ولا يصح اعتقاد فضيلة تبنى عليها ما لم يثبت بذلك الدليل الصحيح ايها الكرام. ومن ذلك ما تقدم في ذكر فضل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فان من الاحاديث الضعيفة في هذه الرواية ما جاء فيها بزيادة قال وشهر رمضان في مسجدي هذا افضل من الف شهر في رمضان فيما سواه الا المسجد الحرام. هذه الزيادة لا تثبت وهي ضعيفة فلا يتعلق بها اعتقاد فضيلة. ومن ذلك مما يشيع وينتشر اعتقادا للفضل ثم ينبني عليها ترتيب عمل حديث انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى في مسجدي اربعين صلاة لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار. ونجاة من العذاب وبرئ من النفاق. الحديث اخرجه احمد وابنه عبد الله والطبراني في الاوسط وقال الطبراني لم يروي هذا الحديث عن انس الا نبيط بن عمر تفرد به ابن ابي الرجال قال المنذري رواه احمد ورواته رواة الصحيح. وكذا قال الشيخ الالباني هذا سند ضعيف نبيض هذا لا يعرف الا في هذا الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته في توثيق المجهولين. وهو عمدة الهيثمي في قوله في المجمع رجاله ثقات ولفظ الترمذي في هذا الحديث من صلى لله اربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الاولى كتبت له براءتان براءة من النار من النفاق ومن الاحاديث التي لا تثبت ايضا من خرج على طهر لا يريد الا الصلاة في مسجد حتى يصلي فيه كان بمنزلة حجة. فاثبات ثواب الحج من خرج متطهرا بقصد الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم يتوقف على ثبوت دليل صحيح والحديث وها هنا ضعيف لما آآ يتعلق باسناده من جملة من العلل يتعلق برواة الحديث وهو ضعيف جدا بهذا الاسناد وقل مثل ذلك اخي الكريم في كل ما لم يثبت به فضل صحيح يتعلق بهذه البقاع الطاهرة في مسجد رسول الله الله صلى الله عليه واله وسلم واتيانها لقصد العمل فيها واكتساب الاجر والثواب. كان هذا رابع الاحكام واما خامسها وهو من جليل ما يتعلق بالاحكام العقدية في زيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم. اعتقاد فضل القبر الشريف الذي يضم جسد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. فانه يتشرف بشرف صاحب القبر صلوات الله وسلامه عليه فان نبينا صلى الله عليه وسلم اشرف الخلق واعظمه واكرمه عند ربه جل وعلا. والنصوص في هذا كثيرة متواترة. واعتقاد فضيلة القبر لفضيلة صاحبه عليه الصلاة السلام هو من جمل الاعتقاد التي يقول بها اهل السنة ويجزمون بها يقينا وشرف الصاحبان الكريمان ابو بكر وعمر رضي الله عنهما بجوارهما لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبريهم تمام ويتشرف الزائر للحجرة النبوية وللمسجد النبوي بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسلام على صاحبيهم وهذا الاعتقاد هو صحيح ثابت. واما المفاضلة بين القبر وبين غيره من مخلوقات الله. فهو مما خاض فيه بعض خيرين ولا يعرف للسلف كلام صريح فيه لان هذا مما لا يتوقف عليه عمل نافع كالتفضيل بين القبر والكعبة بين القبرة بين القبر الشريف والجنة والتفضيل بين القبر وغيره من المخلوقات او بين القبر والملائكة. كل ذلك خاض فيه وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجلين تجادلا فقال احدهما ان تربة محمد صلى الله عليه وسلم من السماوات والارض وقال الاخر الكعبة افضل فمع من الصواب؟ هذا التفضيل يا كرام هو للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه وليس للقبر الذي دفن فيه. قلت وانما شرف القبر بظمه لجسده الشريف صلى الله عليه وسلم اجاب شيخ الاسلام رحمه الله بقوله الحمدلله اما نفس محمد صلى الله عليه وسلم فما خلق الله له خلقا اكرم عليه منه. واما نفس التراب فليس هو افضل من الكعبة البيت الحرام. بل الكعبة افضل منه. ولا يعرف احد من العلماء اي فضل تراب القبر على الكعبة الا القاضي عياض. ولم يسبقه احد اليه ولا وافقه احد عليه والله اعلم. انتهى جوابه رحمة الله عليه. فاعتقاد الفضيلة لقبره صلى الله عليه وسلم انما هو لضمه جسده الشريف صلوات الله وسلامه عليه ومن الاعتقاد المتعلق بالقبر وزيارته وهو من الاحكام العقدية. سادسا هو ما يحدونا جميعا الى الاتيان لشرف القاء السلام عليه صلى الله عليه وسلم. فانما نسلم عليه تسليما نشرف به نحن. وننال به شرف جواب ورده السلام صلى الله عليه وسلم في قوله ما من مسلم يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام الانبياء عليهم السلام في قبورهم احياء حياة برزخية عظيمة شريفة كريمة. فان حياتنا معشر العباد تمر بثلاث مراحل وثلاثة انواع. حياتنا الدنيا التي نأكل ونشرب ونغدو وروح وننكح وننام ونستيقظ. وحياة الاخرة عند البعث فاما الى جنة جعلنا الله واياكم من ساكنيها واما الى نار اجارنا الله واياكم ووالدينا وجميع المسلمين. وبينهما تقع حياة البرزخ التي تبدأ منذ موت الانسان ومفارقته حياة الدنيا حتى يبعث من قبره ويحشر يوم التناد. حياة البرزخ يعيش فيها اصحاب ابو القبور في قبورهم حياة تسمى حياة برزخية. هي حياة تشبه الحياة من وجه لكنها موت من وجه اخر. موت بمعنى فارقت الحياة الدنيا وحياة لان فيها عذابا ونعيما. فللقبر عذاب ونعيم يؤمن به اهل السنة. ينعم المؤمن في قبره كما يعذب والمنافق في قبره فيشعر صاحب النعيم بنعيمه وصاحب العذاب بعذابه. هذا حال كل الاموات في قبورهم. اما الشهداء فقال الله عز وجل عنهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. احياء عند ربهم. هذه حياة برزخية ثبت في الدليل الصحيح ان حياة الشهداء ان ارواح الشهداء في جوف طيور خضر تحوم حول العرش وتطوف به. هذه حياة الشهداء حياة برزخية سامية كريمة فاما حياة الانبياء فهي اكمل واعظم واشرف من حياة الشهداء. هل الانبياء احياء حياة برزخية؟ الجواب نعم. بل حياة في البرزخ اكمل من حياة غيرهم من البشر لان مقامهم ارفع ومن الحياة البرزخية رد سلامه صلى الله عليه وسلم على المسلم عليه. وهذا من خصوصيته عليه الصلاة والسلام في حياته البرزخية التي كرمه الله بها. هذا اعتقاد صحيح ثبت بالادلة والنصوص الصحيحة الصريحة. واما تجاوز ذلك الاعتقاد ان حي حياة كاملة في قبره فلا يثبت بها اولا دليل صحيح. وقد قررنا ان العقائد لا تبنى الا على دليل صحيح ثابت بوحي من الكتاب او من السنة. ثم ويعارض صريح النصوص الشرعية الصريحة التي تنسب الموت له عليه الصلاة والسلام. اين نحن من قوله تعالى انك ميت وانهم ميتون. ومن قوله تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان ماتا او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا. ومثل قوله سبحانه وتعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افإن مت فهم الخالدون والسؤال الان اميت هو نبينا صلى الله عليه وسلم ام هو حي الجواب هو ميت عن حياتنا الدنيا حي في قبره حياة برزخية. لكن الحياة البرزخية لا تعني لا تعني الحياة الكاملة والا كما اعتقد ذلك بعض اصحاب العقائد الضالة والا يلزم من ذلك ان الحياة الكاملة تعني القعود والذهاب والمجيء والاكل والشرب والنكاح. ولا يثبت هذا ولا يصح قوله اطلاقا لكن الحياة البرزخية هي ما ثبت به الدليل كمثل رده السلام صلى الله عليه وسلم. على ان بعض اهل العلم قال ان رد السلام قد يكون بمعنى متعلق برد الملائكة السلام او تسجيل ذلك فيثبت رد السلام اجرا وثوابا. وعلى كل حال فليس يصح اعتقاد حياته حياة السامع لمناجيه ومناديه ومخاطبه عليه الصلاة والسلام. هذا اعتقاد خطأ وباطل ينبني عليه عمل ايضا غير صحيح. فربما وقع في نفس بعض الزائرين لمسجده عليه الصلاة والسلام. اعتقاد حياته الكاملة فوجدته في الروضة او امام القبر عند القاء السلام يوجه خطابه ودعاءه ونداءه اليه صلى الله عليه وسلم يناجيه ويحدثه يقول يا رسول الله جئتك من كذا واتيتك بكذا وحصد لي كذا ووقع لي كذا فيحكي كانما يحكي الى انسان يحكي له شأنه في حياته فان تجاوز ذلك الى طلب يرجو به مباشرة طلب نفع او دفع ضر يربط فيه توجهه وسؤال حاجته بشخص المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد تجاوز هذا الاعتقاد الخاطئ الى صرف عبادة خطأ لا تصحوا ولا تجوزوا الا لله جل جلاله. فهذا من الاحكام العقدية المهمة جدا يا كرام والواجب على من اتى هذا المكان المبارك وشرفه الله ان يكون في اعتقاده مقتصرا على ما ثبت به الدليل الصحيح كما تلفت سادسا من المسائل العقدية التي تتعلق بزيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه واله وسلم هي ما يتعلق بالقاء السلام عليه صلى الله عليه وسلم او توكيل القاء ارسال السلام عليهم. فانك تجد المتشرف بالزيارة النبوية يحرص على اتيان المواجهة امام الحجرة لالقاء السلام. ويظن ان السلام لا يتحقق له الا بذلك والصحيح ان القاء السلام من اي مكان يكون فيه صاحبه حاصل ومتحقق فحيثما قال مسلم السلام عليك يا رسول الله بلغه السلام يقول صلى الله عليه وسلم ان لله ملائكة سياحين يبلغوني عن امتي السلام فسلم حيثما كنت عبد الله في الشرق او في الغرب واذا كنت في مسجده زائرا متشرفا احيثما كنت ايها الزائر الكريم لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ان جئت صليت فيه فيسعك القاء السلام والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من موقعك الذي انت فيه وان وجدت فرصة ووسعك المكان فاتيت تخطو حتى وقفت امام الحجرة الشريفة فالقيت السلام بادب ووقار كان ذلك اقول هذا لان بعظهم يظن انه لا يتحقق له السلام الا بان يأتي فيجد مكانا امام الحجرة شريفة وهذا قد يتعذر او يشتد عليه في زحام او لا يجد متسعا من الوقت فيظن انه فاته الاجر. وهذا مبني على اعتقاد لا يصح ويلحق بهذا الاعتقاد ايضا ما يفعله كثير من العوام يرسل سلامه مع من يأتي المدينة ويقصدها بالزيارة قائلا له بلغ سلامي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع كون ذلك غير معهود في صنيع السلف والائمة من الجيل السابق رضي الله عنهم جميعا فانه ايضا لا داعي له اذ ان المسلم حيثما كان في شرق الارض وغربها من ابعد مكان في الدنيا. لو قال في مكانه اللهم صلي وسلم على رسول الله. او قال في صلاته السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته. بلغه سلامه الى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الملائكة الكرام كما مر في الحديث ان لله ملائكة سياحين يبلغوني عن امتي السلام فيقال لمثل هذا ايهما اشرف لك ان ينقل سلامك بشر مثلك او ينقله ملك كريم من ملائكة الله عليهم السلام. فمن ادرك ذلك اقتصر على المشروع واتى في العبادة بما ثبت به الدليل لم يزد على ذلك. واما ختام المسائل العقدية في زيارة مسجدي خير البرية صلى الله عليه وسلم فالمسألة المتعلقة بشد الرحال الى مسجده صلى الله عليه وسلم للصلاة في وقد مضى الحديث لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد مسجدي الحرام ومسجدي الاقصى ومسجدي هذا. فالقاصدون من كل مكان في الدنيا تجاه طيبة الطيبة وهذه المدينة مباركة يقصدون هذا الشرف الكريم وهذا الاجر العظيم بزيارة مسجده عليه الصلاة والسلام. ويتحقق لهم بزيارة مسجده ولا تفيه والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بزيارة قبره وقبر صاحبيه الكريمين ابي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا حاجة ها هنا الى التفضيل والمفاصلة في القول هل شد الرحل يكون لزيارة القبر ام للصلاة في المسجد؟ فان المسجد والقبر وبجواره يتحقق بهما الامران معا. والاقتصار على ما هو متفق عليه اولى مما اختلف فيه اهل العلم. ومما لا خلاف فيه ان كالرحال الى المسجد مشروع ليس فيه شيء يخطأ فيه او يخالف فيه فليقتصر على ذلك اولى به واحرى وتكون الزيارة بالقاء السلام عليه صلى الله عليه وسلم تبعا له. هذه اخوتي الكرام معشر الزائرين لمسجد خير الانام صلى الله عليه وسلم اهم واجل الاحكام العقدية المتعلقة بزيارة مسجد خير البرية صلى الله عليه وسلم. ووراءها من تفاصيل المسائل جمل من المسائل ليست باليسيرة لكن حسبنا من الوقت مجمل المسائل ومهماتها التي مضى ذكرها. فاجعلوا نصب يا كرام هذه المعاني الجليلة فانها تتعلق بمعتقدات احرى ما يكون بنا في تحريها ونحن نقصد مسجد النبي الذي علمنا صلتنا بربنا وتصحيح عقائدنا وصوب لنا طريقنا في مسيرنا الى الله جل وعلا. وانعم واكرم بكل من اكرم الله بهذه الزيارة المباركة ليكون مقصده واتيانه وزيارته حافلا بمعاني الايمان والمحبة والطاعة والاقتداء والاستنان تكون الزيارة المباركة خيرا يعود به المسلم والمسلمة وايمانا يتدفق ومحبة تشيد صروحها. رزقنا الله جميعا واياكم اياكم العلم النافع والعمل الصالح. وجعلنا واياكم من خيرة عباده الصالحين وحزبه المفلحين. واولياءه المتقين. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين