ويرضاه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا وقدوتنا محمدا عبد الله ورسوله. امام الهدى وسيد الورى صفوة النبيين وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم احسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام في كل مكان فمن رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعقد هذا المجلس المبارك الذي يحمل اية كريمة تتعلق بشأن ومقامي ومناقبي وفضيلة رسولنا صلى الله عليه واله وسلم هي قول ربنا الكريم سبحانه وانك خلق عظيم في هذه الليلة خاتمة شهر جمادى الاخرة ومفتتح شهر رجب الحرام سنة اثنتين واربعين واربعمئة مئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وانك لعلى خلق عظيم. اية كريمة في سورة القلم المكية المكية التي كانت زمن التكذيب والصد عن سبيل الله بالافتراء والتشويه والزور والافك المبين. حين كانت قريش تقول عن رسولنا صلى الله عليه وسلم كذاب وساحر وشاعر ومجنون. وقال الذين كفروا ان هذا الا افك اشتراه واعانه عليه قوم اخرون. فقد جاءوا ظلما وقالوا اساطير الاولين اكتتبها. فهي تملى عليه بكرة واصيلا واذا تتلى عليهم اياتنا بينات قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ان هذا الا اساطير الاولين. وامثال هذا مما سجله القرآن ورصده في افترائهم وزورهم وكذبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. لتأتي الاية الكريمة ماتوا تسلية دفاعا ذبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واثباتا لفضيلة ومنقبة تظل تقرأ في كتاب كتاب الله الى ان يرث الله الارض ومن عليها. يقول ربنا سبحانه مقسما جل جلاله نون والقلم وما ما انت بنعمة ربك بمجنون وان لك لاجرا غير ممنون وانك لعلى خلق عظيم على خلق عظيم كما يقول الزمخشري عظيم استعظم خلقه لفرط احتماله الممظات من قومه يعني المؤلمات من الكلام والافك والزور. فرط احتماده الممظات من قومه وحسن مخالفته ومدارته لهم عليه الصلاة والسلام. ويقول النسفي اذ تتحمل من قومك ما لا يتحمل امثالك اذا وانك لعلى خلق عظيم جاءت لتفنيد تلك التهم والاباطيل. ذبا عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم. ونبي الله المؤيد بالوحي من فوق سبع لسماوات يقول ابن القيم رحمه الله وهذه من اعظم ايات نبوته ورسالته لمن منحه الله فهما فهي محاولة في مجلس الليلة ان يكون لنا نصيب من هذا الفهم المبارك لهذه الاية الكريمة. وانك لعلى خلق عظيم. اثبات عظيم لمقام الخلق النبوي الكريم. فما ظنكم بوصف خلق يقول عنه العظيم سبحانه وتعالى انه عظيم وانك لعلى خلق عظيم تأكيد قوي بعدة مؤكدات لهذا المعنى العظيم. بحرف ان وبلام الابتداء لعلى فانها قضية يثبتها القرآن بجلاء وانك لعلى خلق عظيم. على هنا للاستعلاء المجازي المراد به التمكن مثل قوله تعالى اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون. ومنه قوله تعالى فتوكل على الله انك على الحق المبين. وقوله سبحانه انك على هدى مستقيم. فيها اثبات التمكن من الوصف المذكور هدى وحقا ونحو ذلك من المعاني وانك لعلى خلق عظيم. الخلق هو طباع النفس وهو اذا لم يتبع في القرآن بنعت فاكثر اطلاقه على طباع الخير. وهو هنا في الاية الكريمة موصوف بالعظمة وانك لعلى خلق عظيم. اي رفيع القدر. وكم هو جليل هذا الوصف لخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكم يقشعر منه البدن والله تعظيما واجلالا. اذ يرقى بك الوصف الى ما لا حد لمنتهاه في مدح خلق النبي صلى الله عليه وسلم حين يقول ربنا العظيم عنه لعلى خلق عظيم. واذ يحلق فكرك في سماء العظمة فانه يرجع غير محيط لمداه ولا بالغ لاصاه. وانك لعلى خلق عظيم. الخلق العظيم هو الخلق الاكرم في نوع الاخلاق. وهو البالغ اشد الكمال المحمود في طبع بني ادم لاجتماع مكارم الاخلاق في النبي صلى الله عليه وسلم. ومن هنا سنفهم معنى التمكن الذي افاده حرف الاستعلاء لعلى خلق عظيم. فهو متمكن منه الخلق العظيم في نفسه ومتمكن منه الخلق العظيم في دعوته ورسالته صلى الله عليه واله وسلم وانك لعلى خلق عظيم. اية كريمة ايها الكرام تحمل على وجازة لفظها من المعاني ما نتفيأ ظلاله في هذا المجلس المبارك ونحن في رحاب مسجده عليه الصلاة والسلام مما نروم به بلوغ مقام توقيره وحبه صلى الله عليه وسلم ونطيف بارجاء العظمة النبوية التي رفع الله بها قدر نبينا صلى الله عليه وسلم. عظمة عقله ورأيه عظمة عبادته وقنوته لربه. عظمة معاشرته لاهله. عظمة ايمانه ويقينه بخالقه. عظمة جهاده واجتهاده في اداء رسالته. عظمة آآ خلق كريم جاءت في هذه الاية الكريمة وانك لعلى عظيم. وسنجعل الحديث في هذا المجلس المبارك ايها المباركون في ثلاثة عناصر اولها في شيء من دلالة معنى الاية الكريمة وثانيها في قطرة من بحر الخلق العظيم. وثالثها في الحكمة الالهية من عظمة الاخلاق النبوية اولا معنى الاية الكريمة الخلق العظيم في هذه الاية جاء في تفسيره ثلاثة اقوال مما رصده المفسرون نقلا عن سلف الامة من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين فمن بعدهم القول الاول انك لعلى خلق عظيم اي لعلى دين عظيم. فليس دين احب الى الله ولا ارضى عنده منه هذا المأثور عن حبر الامة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وبه قال ثلة من السلف كمجاهد وابن زيد والضحاك وزيد ابن اسلم القول الثاني وانك لعلى خلق عظيم. اي ادب القرآن. وهو المأثور عن الحسن البصري رحمه الله وعطية كذلك القول الثالث وانك لعلى خلق عظيم اي على طبع كريم. وهو ما رجحه الامام الماوردي رحم الله الجميع حقيقة الخلق في اللغة امة الاسلام وما يأخذ الانسان به نفسه من الادب لانه يصير كالخلقة فيه ويفرقون بين الخلق الطبيعي الجبلي في الانسان وبين الخلق المكتسب الذي يسعى المرء لتحصيله وتثبيته في يا ياهو بحيث يكون جزءا من تكوينه وقطعة منه وسمتا من سماته ونمطا من شخصيته التي ترتبط باسمه وشخصه هذا الخلق المكتسب الذي يأخذ الانسان به نفسه من الادب يأتي على معنى الاية فنفهمها جيدا وانك يا محمد لعلى خلق عظيم التفسيرات هنا متوافقة وبعضها اعم من بعض فليس بينها تناقض واختلاف فالمأثور عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وانك لعلى دين عظيم. يفهم تماما ان فهمنا ان ديننا هو الخلق والخلق الذي جاء به الاسلام ليس شعبة منه بل هو جوهره وحقيقته فانه لا دين بلا اخلاق ومن تخلق باخلاق الاسلام فقد تربى على عرش الديانة وديننا معشر المسلمين. ليس عبادة تؤدى بمعزل عن اخلاق يتخلق بها المرء. بل حتى عباداتنا المحظة لله هي في صميمها خلق نابع من جوهر ابن ادم المسلم المتعبد لربه. فمن قام يصلي او رفع يديه يدعو او صام لوجه الله او اقبل قاصدا بيته الحرام في نسك بحج وعمرة ونحو ذلك من وجوه العبادات فانما يقوم بقلبه وينبثق من جوهره جملة من الاخلاق التي لم عنها مما سيأتي وصفه بعد قليل. فان الخلق هيئة مركبة كما يقول اهل العلم هيئة مركبة من علم صادق وارادة زكية وعمل ظاهر وباطن موافق للعدل والحكمة والمصلحة واقوال كريمة واقوال يحمل بها الانسان نفسه على مطابقة الحق تكتسب النفس من هذا المجموع ازكى الاخلاق وهكذا كانت اخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم مقتبسة من القرآن وبهذا اجابت امنا عائشة رضي الله عنها لما سألها هشام بن حكيم عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم اذ قالت له الست تقرأ والقرآن لقد كان خلقه القرآن. هكذا اجابت كان خلقه القرآن كما في رواية مسلم. كان خلقه القرآن اذا هو عين الثاني في التفسير في الاية الكريمة قول الحسن وانك لعلى خلق عظيم. قال ادب القرآن اذا كان الاسلام باخلاقه هو ما جاء به الوحي فيصدق ان تقول ان الادب الذي اشتمل عليه القرآن هو الدين الذي جاء من عند رب العالمين على مين خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. في قول ثلة من المفسرين انه الادب الذي ادب الله تعالى به نبيه عليه الصلاة والسلام. فكان ممتثلا تأديب القرآن وتوجيه ربه جل وعلا كان اخذا به ممتثلا اياه فصدق انه اخذ بادب القرآن الذي نزل عليه من فوق سبع سماوات وهذا هو المتسع مع القول الثالث الطبع الكريم والخلق الجميل فانه جزء مما جاء به ادب القرآن وهو القرآن الذي جاء بالاسلام به. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى ومما يحمد عليه صلى الله عليه وسلم ما جبله الله عليه من مكارم الاخلاق وكرائم الشيم فان من نظر في اخلاقه وشيمه علم انها خير اخلاق الخلق واكرم شمائل الخلق. فانه كان صلى الله عليه وسلم اعلم الخلق واعظمهم امانة واصدقهم حديثا واحلامهم واجودهم واسخاهم واشدهم احتمالا واعظمهم عفوا ومغفرة وكان لا يزيده شدة الجهل عليه الا حلما. كما روى ذلك البخاري من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة. وكان ارحم الخلق وارأفهم. واعظم الخلق نفعا لهم في دينهم ودنياهم افصح خلق الله واحسنهم تعبيرا عن المعاني الكثيرة بالالفاظ الوجيزة الدالة على المراد. واصبرهم في مواطن الصبر واصدقهم في مواطن اللقاء واوفاهم بالعهد والذمة واعظمهم مكافأة على الجميل باضعافه واشدهم تواضعا واعظمهم ايثارا على نفسه وكان اشد الخلق ذبا عن اصحابه ذبا عن اصحابه وحماية لهم ودفاعا عنهم وما الخلق بما يأمر به واتركهم لما ينهى عنه. واوصل الخلق لرحمه فهو احق بقول القائل عليه الصلاة والسلام هو احق بقول القائل برد على الادنى ومرحمة وعلى الاعادي مارن جلد هذه المعاني الموجزة المقتضبة التي تحاول في سياق الفاظها ان تجمع طرفا مما حفظته الروايات المأثورة عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم لنفهم شيئا من دلالة الاية الكريمة. وكما يقول الشيخ السعدي رحمه الله وانك لعلى خلق عظيم لعلا اي عاليا به مستعليا بخلقك الذي من الله عليك به وحاصل خلقه العظيم كما فسرته به ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمن سألها عنه فقالت كان خلقه القرآن او كان كان خلقه القرآن. وذلك نحو قوله تعالى له خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. وقوله فبما رحمة من الله انت لهم وقوله سبحانه لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. قال وما اشبه ذلك من الايات الدالة على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم اخلاقي والايات الحاثات على الخلق العظيم. فكان له منها اكملها واجلها. وهو في كل خصلة منها في الذروة العليا فكان صلى الله عليه وسلم سهلا لينا قريبا من الناس مجيبا لدعوة من دعاه قاضيا لحاجة من استقضاه جابرا لقلبه بمن سأله لا يحرمه ولا يرده خائبا. واذا اراد اصحابه منه امرا وافقهم عليه وتابعهم فيه اذا لم يكن فيه محذور وان عزم على امر لم يستبد به دونهم. بل يشاورهم ويامرهم وكان يقبل من محسنهم. ويعفو عن مسيئهم ولم يكن صلى الله عليه وسلم يعاشر جليسا له الا اتم عشرة واحسنها فكان لا يعبس في وجهه ولا يغلظ عليه ولا يغلظ عليه في مقاله. ولا يطوي عنه بشرة ولا يمسك عليه فلتات تاني ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة بل يحسن الى عشيره غاية الاحسان ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم هذا الجمع والحشد والسرد للجمل التي سمعتموها في كلام اهل العلم هي محاولة لان يكون في دلالة الاية الكريمة ما يستحظره الذهن عندما يقرأ قول الله وانك لعلى خلق عظيم. يقول الامام ابن كثير بعد ان ذكر اثر عائشة رضي الله عنها كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن وساق الحديث باسانيد الائمة احمد وغيرهم قال ومعنى هذا انه عليه الصلاة والسلام صار امتثال واني امرا ونهيا سجية له. وخلقا تتبعه وترك طبعه الجبلي فمهما امره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خلق جميل كما ثبت في الصحيحين عن انس رضي الله عنه قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين. فما قال لي اف قط ولا قال لي شيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم افعله الا فعلته وكان صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقا. ولا مسست حرا ولا مسست خزا ولا حريرا ولا شيئا. كان الين من اف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت مسكا ولا عطرا كان اطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ساق حديث البخاري بسنده عن ابي اسحاق قال سمعت البراء يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم احسن الناس وجها واحسن الناس خلقا ليس بالطويل ولا بالقصير. والاحاديث في هذا كثيرة. ثم قال ابن كثير رحمه الله ولابي عيسى الترمذي في هذا كتاب الشمائل يقصد ان هذا الجمع للخلق النبوي الكريم والشمائل المحمدية الظافية قد اعتنى اهل العلم بجمعها وتبويبها وتصنيفها. ثم ساقها بسند الامام احمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها شاهدا من شواهد هذا الخلق العظيم. قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادما له قط ولا امرأة. ولا ضرب بيده شيئا قط الا ان يجاهد في سبيل الله. ولا خير بين شيئين قط الا كان احبهما اليه الا كان احبهما اليه ايسرهما. حتى يكون اثما. فاذا كان اثما كان ابعد الناس الإثم ولا انتقم لنفسه من شيء صلى الله عليه وسلم يؤتى اليه الا ان تنتهك حرمات الله فيكون هو ينتقم بالله عز وجل ثم ساق ايضا حديث الامام احمد في مسنده عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان انما بعثت لاتمم صالح الاخلاق ايها الكرام هذه الاطلالة في معاني الاية الكريمة هي ايجاز لمعالم العظمة في الخلق النبوي الكريم. وهي العنصر وبالتالي في هذا اللقاء الذي نحاول فيه كما اسلفت ان نكتفي من القلادة ما احاط بالعنق ومن الاسورة ما احاط بالمعصم. والا فان خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم الجميل العظيم الواسع الكبير الذي حفلت في الروايات والذي تناقلته المصنفات ليس يحيط به مجلس. ولن يحويه كتاب. كيف كيف وهي حكاية حياة نبوية كريمة باكملها على مدى ثلاث وعشرين سنة باقوالها وافعالها بحركاتها وسكناتها بحديثها وصمتها بحربها او سلمها اي والله. لكننا نحاول ان نغترف قطرة من لجة هذا البحر الزاخر قل هذا قلنا قطرة في بحر الخلق النبوي الكريم العظيم. وبين يدي هذه القطرة نقطتان مهمتان يا كرام. عندما يكون عن الخلق العظيم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم. يحسن ايرادهما لتكون منطلقا ومدخلا نحاول به ان نفهم ابعاد ومعالم وافاق هذا الخلق العظيم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم. اولى هاتين النقطتين ان عظمة الخلق النبوي الكريم فيما يتميز به عن سائر عظمة البشر في اخلاقهم يكمن في كونه خلقا عظيما مطلقا وعظمة اخلاق البشر تكون مقيدة. كيف هذا؟ المعنى انه انما تعاظم بعظ البشر المحمودين في اخلاقهم في خلق بعينه دون اخر. مثلا كحاتم الطائي في الكرم وعنترة بن قيس في الشجاعة والاحنف بن قيس في الحلم واياس بن معاوية مثلا في الذكاء وربما اجتمع لبعض عظماء البشر خلقان او ثلاثة عرف فيها بالعظمة اما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد اجتمعت له العظمة في الاخلاق مطلقا لا في بعضها دون بعض هذا وجه التفرد العجيب الذي نفهم به اه معالم الاية وانك لعلى خلق عظيم في التمكن والاستعلاء المجازي كما تقدم هنا نتلمح معدن من طرف الاية وانك لعلى على للاستعلاء كأنه تربى على عرش الاخلاق فلذلك ليس المأثور في عظمة خلق النبي عليه الصلاة والسلام صفة ولا اثنتان ولا ثلاث. بل والله ما جئت الى باب من الخلق ولا سجية من السجايا ولا صفة من الصفات. الا وجدت له فيها صلى الله عليه وسلم اروع المثال واجمل المواقف التي التي يتهاوى بازائها كل مواقف العظماء من البشر الموصوفين بتلك الصفات هذه النقطة الاولى. اما النقطة الثانية فهي ان الاخلاق الكريمة يا امة الاسلام الاخلاق الكريمة دائما زينة لاصحابها وجمال لاربابها الاخلاق تكمل نقص البشر وتستر عيوبهم وتغفر زللهم وتسد خللهم فهم بالاخلاق يتجملون اما نبينا صلى الله عليه وسلم فانه قد غدى بتمثله بتلك الاخلاق الكريمة زينة لها اي والله لقد اصبحت الاخلاق تحمد وتجمل عندما يساق لها شواهد مواقف النبي عليه الصلاة والسلام من سيرته. فاصبحت تحلو الاخلاق في نظرنا وتبهى تتباهى في مسامعنا وتحسن في نفوسنا لما يضرب لها المثل من حياة النبي عليه الصلاة والسلام شاهدا لها. اصبحنا نرى جمال الاخلاق حقيقة وتدهشنا روعتها عندما نرى مواقف منها في حياة النبي عليه الصلاة والسلام. فاصبحنا والله ندرك جمال التواضع والكرم والصبر والحلم والعفة والامانة والحياء والرفق والعفو ونحوها اصبحنا نحسن في رؤية الاخلاق زينة وجمالا لما وقفنا على شواهدها من سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم. اي والله سمعنا وقرأنا عن قصص كرم حاتم الطائي مثلا وهو ابذلوا ماله وطعامه وما ملك لضيفه والعابر السبيل ومن يطرق بابه ومن يحتاج الى الى الى شيء من ذلك العطاء سمعنا وقرأنا قصصا كثيرة لكننا وجدنا والله في كرم النبي صلى الله عليه وسلم ما يدهش لنعود من جديد لفهم معنى البذل والجود. نعود من جديد لصياغة فاهمنا لمعاني هذه الاخلاق عندما رأيناه عليه الصلاة والسلام قد بذل عمره وراحة جسده ونوم عينيه لامته لم يبذل طعاما وشرابا فحسب ولا مالا وكساء ولا فراشا ولا شيء مما يبذله الكرماء بل بذل ذلك فتعداه. الى ان انفق من راحة عمره ونوم عينيه صلى الله عليه وسلم. فقد كان يصلي اخر عمره وهو قاعد بعدما حطمه الناس كما تقول عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم فكأنك تتخيل جبلا شامخا قد هده الناس بالصعود عليه يخرجون من ظلمات الجهل ومن خندق الباطل. فما وجدوا الا نبيا عظيما بخلق عظيم عليه الصلاة والسلام يجيب هذا ويحتمل جفوة ذاك ويصبر على ذاك ويدل ويرشد ويعلم يحمل رسالة ربه رحمة للعالمين صلى الله عليه يوصل له وهكذا قل عندما سمعنا وقرأنا كثيرا عن حلم الحلماء وعفو العظماء فيتهاوى ذلك كله والله امام الخلق العظيم للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم. وهو يقول ساعة الانتقال مع القدرة والدعوة المجابة والطلب المتحقق يقينا عندما تحين ساعة ليجد فيها ثأرا وانتقاما مع قدرته عليه الصلاة والسلام يقول اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون هنا ستعود من جديد لان تدرك معنى الحلم وان تتفهم صدقا معنى العفو عند القدرة. وان تدرك معنى الرأفة العميقة التي يحار الوصف والله في صياغة عبارة يمكن ان تحيط بها. وعندما تدرك موقفا اخر في مواقف العفو مع القدرة في هذا الخلق الكريم لما خضعت له ورقاب قريش يوم فتح مكة بعد اكثر من عشرين عاما من العداء والعدوان والاذى والحرب والصد عن سبيل الله والمطاردة والمضايقة يخرج من مكة متخفيا مهاجرا فيلاحقونه الى المدينة بالحرب والقتال تدوم هذه العداوة الداء والمحاربة اكثر من عشرين عاما. فلما تحين الساعة التي يتملك فيها رقابهم حول الكعبة فيسألهم ما تظنون اني فاعل بكم؟ يقولون اخ كريم وابن اخ كريم. يقول اذهبوا فانتم الطلقاء هنا تعود بك كل مفاهيم البشر وما صيغ في معنى العفو والحلم والرأفة لان تحاول صياغتها من جديد وانت تقف على هذه المواقف النبوية الكريمة بهذا الخلق العظيم. اما قلت لكم اذا كنا نحن معشر البشر نتجمل بالاخلاق ونستر بها عيوبنا ونسد بها خللنا. فان الاخلاق فوالله تجملت برسول الله صلى الله عليه وسلم. لما اتصف بها فاصبحت ترى للعفو بهاء وللصدق نقاء واصبحت ترى في التواضع والصدق والحلم والصبر والرأفة والرحمة والرفق والامانة والعفة. اصبحت ترى لها المعاني المشرقة وانت تسوق لها شواهد من حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. كانت هاتان نقطتان يا كرام اردناها ان تكون بين يدينا مدخلا عندما نأخذ قطرة من بحر هذا الخلق النبوي الكريم ندرك بها معنى هذا الامر بوصف ربنا له وانك لعلى خلق عظيم. فما عسانا يا كرام ان نغترف من هذا البحر المتلاطمة امواجه؟ وما الذي يدركنا به الوقت مهما التضاعف ان نلم بمعالم هذا الخلق العظيم وقد جهد علماء الاسلام رحمة الله عليهم. في التصنيف والتبويب لهذا البحر في كتب شمائل وابواب الادب ومصنفات الاخلاق مما رواه الصحب الكرام رضي الله عنهم ووصفوه بعبارات لطيفة واوصاف جامعة لكنني ساكتفي بسرد بعضها لتعذر استقصائها وشرح مراميها كلها فانما هي قطرة كما اسلفت من بحر هذا النبوي الكريم الذي قال الله تعالى عنه وانك لعلى خلق عظيم يقول علي رضي الله عنه في وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم كان اجود الناس صدرا واصدقهم لهجة والينهم عريكة واكرمهم عشرة كل جملة من هذه بوسعها ان تتيح لها الوصفة والتعبير وتسوق لها الشواهد من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اسمع اليه وهو يقول ايضا رضي الله عنه من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة احبه. يقول ناعته يعني واصفه لم ارى قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم كان اجود الناس صدرا يقصد كما يقول ابن القيم رحمه الله اراد به ابر الصدر وكثرة خيره وان الخير يتفجر منه تفجيرا وانه منطو على كل خلق جميل وكل خير كما قال بعض اهل العلم. ليس في الدنيا كلها محل كان اكثر خيرا من صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع الخير بحذافيره واودع في صدره عليه الصلاة والسلام يقول الحسين رضي الله عنه سألت ابي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش. ولا عياب ولا مداح. يتغافل عما لا يشتهي لا يؤيس منه راجيه ولا يخيب فيه. قد ترك نفسه من ثلاث المراء والاكثار وترك ما لا يعنيه. كان لا يذم احدا ولا اعيبه ولا يطلب عورته ولا يتكلم الا فيما رجا ثوابه. واذا تكلم اطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير. فاذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث ومن تكلم عنده انصتوا حتى يفرغ حديثهم عند حديث اولهم. يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما تعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى ان كان اصحابه لا يستجلبونهم ويقول اذا رأيتم طالب حاجة فارشدوه ولا يقبل الثناء الا من مكافئ ولا يقطع على احد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي او قيام هذه الاطلالة تحمل في طياتها كثيرا من المعاني التي لا يتسع المقام لسردها واستقصائها لكنها كذلك كانت اوصاف الصحابة رضي الله عنهم لما يقول انس رضي الله عنه كما في الصحيحين كان النبي صلى الله عليه سلم احسن الناس خلقا لم يشأ رضي الله عنه ان يستقصي ليعدد الاخلاق خلقا خلقا لكنه اعطاك الاجمال وهو في هذا فعلا يظل في حدود الاية الكريمة يقول كان احسن الناس خلقا. فمهما شئت ان تمدح احدا بخلقه فادرك رعاك الله ان النبي عليه الصلاة والسلام كان احسن الناس في هذا الخلق وفي سائر الاخلاق صلى الله عليه وسلم. وروى الطبراني في الاوسط باسناد حسن عصفية بنت حيي رضي الله عنها ام المؤمنين قالت ما رأيت احسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم اما حديث عائشة كان خلقه القرآن وهذه الاخلاق النبوية الكريمة التي تبوبت. جاءت على انحاء عدة. فمن معاشرته لاهله قوله صلى الله عليه وسلم انما خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي. كان من كريم اخلاقه عليه الصلاة والسلام مع اهله وزوجه انه يحسن اليهم تلطفوا ويتجاوزوا عن سفاسف الامور وما يكون عادة في البيوت يجبر الخاطر ويصبر على الزلل ويعفو عن الخطأ كان عليه الصلاة والسلام يتألف اهل بيته بحسن تعاملهم ادراكا وتقريرا لقضية وهي ان خلق المرء اصدق ما يكون في جوف بيته مع اهله مع من يعيش معهم ليله ونهار ويشاركهم لقمة العيش ويرون من صادق اخلاقه وطبيعته ما لا تكلف فيه ولا تجمل ولا يغطى كما يظهر لسائر الناس في الخارج يقول عليه الصلاة والسلام ممازحا ومتلطفا يترفق باهله ويتودد اليهم يقول قول لعائشة يا عائش ترخيما وتلطفا معها. كان يعين اهله ويساعدهم في امورهم في حاجتهم. كانت عائشة رضي الله عنها تغسل معه صلى الله عليه وسلم تغتسل معه من اناء واحد فيقول لها دعي لي وتقول له دع لي كما في مسلم. يعني ابقي لقليلا من الماء ولا تأخذه علي. هذه ملاطفة العجيبة في البيت النبوي الكريم تكشف لك عن جزء من معنى قوله وانك لعلى خلق عظيم. كان صلى الله عليه وسلم يسرب الى عائشة رضي الله عنها بنات الانصار يلعبن معها. وكان اذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه. كانت اذا شربت من الاناء اخذه فوظع فمه في موظع فيها وشرب وكانت وكان صلى الله عليه وسلم اذا تعرق عرقا وهو العظم الذي عليه لحم اخذه فوضع فمه موضع فمها. كان يتكئ على حجرها صلى الله عليه وسلم ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وربما كانت حائضا. عن الاسود قال سألت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في فهمتي قالت كان يكون في مهنة اهله فاذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج الى الصلاة اخرجه مسلم. وقالت ايضا كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم. وهو القائل عليه الصلاة والسلام ان من اعظم الامور اجرا النفقة على الاهل. اخرجه مسلم وقل مثل ذلك في مسابقته لعائشة في بعض اسفاره تقول خرجت معه وانا جارية لم احمل اللحم ولم ابدا فقال للناس اقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالي حتى اسابقك قالت فسبقته فسكت علي حتى اذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض اسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم ثم قال لي تعالي اسابقك فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك اي عظمة يا كرام في اخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. نريد ان نتحدث عنها عن اعظم هذه اهل هذه الارض مكانة دفعة عند ربه. من عرج به الى السماء ومن سيقت له المعجزات. ومن عاش في افياء النبوة اعلى مراتب الخلق وازكاها عند الخالق سبحانه وتعالى. هذه عظمة النبي الكريم كانت حياته في جوف بيته مع اهله صلى الله عليه وسلم قمة العطاء في الخلق الكريم وامثال هذاك عديدة عظيمة. اما عدله صلى الله عليه وسلم فكان يعدل بين نسائه ويتحمل ما قد يقع من غيرة بعضهن كما فعل مع بعض ازواجه فعن ام سلمة رضي الله عنها انها اتت بطعام في صحفة لها الى رسول لله صلى الله عليه وسلم واصحابه عنده. فجاءت عائشة ومعها فهر ففلقت به الصحفة. فجمع النبي عليه الصلاة والسلام بين فلقتي الصحفة وهو قل كلوا غارت امكم مرتين ثم اخذ صحفة عائشة فبعث بها الى ام سلمة واعطى صحفة ام سلمة لعائشة بالله عليكم لو كان هذا الموقف لاحدنا معشر الرجال في بيته والضيوف في مجلسه ففعلت امرأته موقفا يصيبه معه الحرج والله ليبلغن الغيظ وثأرة النفس والحمية كيف تكسر هيبته وكيف تسقط مكانته في بعين ضيوفه وهم في وفي بيته ولعل الطلاق والفراق يكون ادنى مظاهر الانتقام ولبلمة كرامة النفس التي انكسرت مع فلقة الصحن لكن الخلق العظيم في النبوي الكريم الخلق العظيم في الخلق النبوي الكريم كان له شأن اخر. وهذه ساعات لا تنقضي والله في ضرب الامثلة من روائع الخلق الكريم للنبي صلى الله عليه وسلم. كان اذا تكلم بكلام فصل مبين يعده العاد. ليس بسريع لا يحفظ ولا بكلام ممل يتقطع بل هديه اكمل الهدي. ما كان يسرد سردكم هذا كما تقول عائشة رضي الله عنها ولكن انا يتكلم بكلام بين فصل يتحفظه من جلس اليه كما في الصحيحين يقول انس رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم اخرجه الشيخان وكان يسمع بكاء الصبي في الصلاة فيخففها رحمة بامه مخافة ان تفتن في الصلاة. لا اله الا الله. هذا الخلق العظيم الذي تجده في عبادته في اهله في اخلاقه مع صبيان مع النساء مع اهل المسجد. شيء عظيم كما قلت لك انها عظمة توزعت في ارجاء الاخلاق البشرية كلها فليس يظهر فيه خلق دون خلق ولا سجية دون اختها، بل والله لقد سيقت له الاخلاق برمتها فانقادت له فاصبح صلى الله عليه وسلم متربعا على عرشها وانك لعلى خلق عظيم كان صلى الله عليه وسلم قد تمكن له بكرم ربه جل جلاله ذاك المقام. الجليل العظيم. يحمل ابنة ابنة فيه امامة ويصلي بالناس فاذا قام حملها واذا وضعها. جاءه الحسن والحسين وهما ابنتا بنته يخطب من الناس فجعلا يمشيان ويتعثران ننزل من المنبر فيحملهما ثم يقول صدق الله ورسوله واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنة وان الله عنده اجر عظيم قل مثل ذلك في اخلاقه مع الخدم. وقد مضى الحديث لم يكن يجزي السيئة بالسيئة ولكن بالسيئة ولكن يعفو ويصفح. يقول انس خدمته عشر سنين والله ما قال لي اف قط ولا ولا لشيء فعلته لما فعلته ولا لشيء لم افعله هلا فعلته. تقول عائشة رضي الله عنها ما ضرب بيده خادما ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط. الا ان يجاهد في سبيل الله. تقول ايضا رضي الله وعنها ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين امرين الا اخذ ايسرهما ما لم يكن اثما فان كان اثما كان ابعد الناس عنهم. رحمته عليه الصلاة والسلام وهو القائل اني لم ابعث لعانا وانما بعثت رحمة. وقد قال الله له وما ارسلناك الا رحمة للعالمين. قال اللهم انما انا بشر فاي المسلمين سببته او لعنته فاجعلها له زكاة واجرا. عليه الصلاة والسلام وهو القائل هل ترزقون وتنصرون الا بضعفائكم؟ وهو القائد الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الارض يرحمكن. من في السماء. كما الترمذي عفوه صلى الله عليه وسلم وقد مضت فيها الامثلة يوم فتح مكة ويوم احد. يقول انس رضي الله عنه بينما نحن في المسجد اذ جاء عربي فقام يبول في المسجد فقال اصحابه مه. مه. فقال النبي عليه الصلاة والسلام لا تزرموه دعوه. فتركوه حتى بال ثم انه دعاه فقال له ان هذه المساجد لا يصلح لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر انما هي لذكر الله والصلاة و قراءة القرآن ثم امر رجلا فدعا بدلو فشنه عليه يعني اراق الماء على مكان البول وانتهى كل ذلك لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله كما اخرجه البخاري من قوله عليه الصلاة والسلام فيه غاية التواضع والقائل انا سيد ولد ادم ولا فخر. لكنه كان يأبى عليه الصلاة والسلام ان يتطاول المادحون المحبون في مدحهم تجاوزون به حدود البشرية هو القائل اكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد كما اخرج ابو يعلى في مسنده قولوا لو اهدي الي كراع لقبلت ولو دعيت اليه لاجبت لو دعي الى كراع ولو اهدي اليه ذراع لقبل ذراع الشاة الذي لا يشبع الجائع ولا يغني الفقير يقولها النبي الذي بلغ في عظمتي المقام ورفعة القدر حتى بلغ سدرة المنتهى بلغ مقاما لم يبلغه قبله ملك مقرب ولا نبي مرسل عليه الصلاة والسلام ثم يأتي فينام على الحصير ويأكل يابس الرغيف واكتفي بالقليل عليه الصلاة والسلام. يا قوم حدثوا ما شئتم عن عظمة اخلاق العظماء ثم اتركوها جانبا بازاء خلق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ليس عيبا ان تؤخذ الحكمة اين كانت وان تلتمس من مظنتها والحكمة ضالة المؤمن لكنه والله عيب على امة الاسلام ان تكون على مائدة الاخلاق متسولة على غيرها من الامم. انحن اليوم يا امة محمد صلى الله عليه وسلم اصبحنا نبحث عن معالم الاخلاق الكريمة ومعالمها وابعادها وفلسفتها في تراث القوم وعند المفكرين والمنظرين وعند الفلاسفة والعباقرة يا قوم حسبكم ما جاء في سيرة نبيكم صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ربه خالق الخلق اولهم واخرهم وانسهم قال له وانك لعلى خلق عظيم والله لتكتفين الامة بخلق نبيها الكريم صلى الله عليه وسلم فتتشرب منه وترتوي وتسقي منه الامم سواها الى يوم القيامة. وتنشأ عليها اجيالها. فتكون مضرب المثل في ازكى حياة بشرية في خلق كريم وثوب عظيم من معاني السمو الاخلاقي الذي تنشده الانسانية والحياة الفاضلة ستبقى هذه المجالس واضعافها قطرة والله من بحر الخلق الكريم للنبي العظيم صلى الله عليه وسلم. لكننا سنختم مجلس تنام بثالث العناصر واخرها وهو الحكمة الالهية في عظمة الاخلاق النبوية السؤال هنا كالتالي اذا اراد الله عز وجل لحكمة بالغة ان يكون مقام نبيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على هذا الخلق العظيم فما الذي وراء ذلك من الحكم والاسرار هناك امور عدة لكني اوجزها في ثلاث نقاط اساس اولها انها اية ودلالة ومعجزة من معجزات ودلائل نبوته وصدق رسالته عليه الصلاة والسلام. اجل فما اختار الله لخاتمة رسالاته وخاتمة كتبه ازكى خلقه وارفعهم قدرا واعلاهم شأنا واعظمهم خلقا. وانك لعلى خلق عظيم جاءت ذبا عن مقام رسول الله عليه الصلاة والسلام ودفعا عنه الشبه او ما قرأتم ما انت بنعمة ربك بمجنون لما قالوا شاعر ومجنون وساحر وكذاب فيأتي هذا الدفاع الالهي من فوق سبع سماوات بكلام رب الارض والسماوات وانك يا محمد لعلى خلق عظيم. ما انت نعمة ربك بمجنون وان لك يعني بل انت عند ربك في مقام لك لاجرا غير ممنون. ليس منقطعا امثل هذا يكون صاحبه فيما يقول عنه السفهاء من قومه ساحر وكذاب وشاعر ومجنون. قال وانك لعلى خلق عظيم فاعظم الحكم الالهية في هذا المقام هو الذب والدفاع ورفعة القدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وتلك قضية اساس في شريعة الاسلام توقير نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام وحفظ مكانته وملء الصدور والقلوب من هيبته واجلاله هذا حق وواجب ينبغي ان تعيشه امة الاسلام وتلقنه للامم من حولها انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه. هكذا تكون النصرة والتوقير والاحترام على بناء اساس متين من عظمة خلقه الكريم عليه الصلاة والسلام تاني هذه الحكم انها بوابة عظيمة ومدخل مهم من مداخل وبوابات حب رسول الله عليه الصلاة والسلام. اجل فما احب انسان انسانا الا لواحد من اسباب ثلاثة قلناها مرارا. اما جمال شكله وهيئته ومنظره وهذا اعظم الاسباب التي يقع فيها البشر في حب البشر وثانيها عظمة الاخلاق وسمو الباطن ورفعة القدر في الخلق الكريم وثالثها البذل والاحسان اتحب انسانا لانه واساك في كربة؟ وسندك في مصيبة، وفرج عنك ملمة من الملمات. فتظل اسيرا لاحسانه تحمل في قلبه حبه فان جئت للخلقة والجمال قد كان عليه الصلاة والسلام اجمل البشر واحسنهم وجها واوظأهم وكان يأسر انظار الناظرين اليه جمالا وجلالا عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث حملته الرواية ليس هذا مقام ذكرها. وان جئت للاخلاق فحسبك ها هنا قول ربه وانك لعلى خلق عظيم. وان جئت الاحسان فانه لا احد في الامة اعظم احسانا الى الامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لان الله انقذنا به من الظلمات الى نور واخرجنا به من نار وحفر جهنم الى جنة عرضها السماوات والارض. لا بل وجعلنا نستبق على باب الجنة فندخلها قبل الامم ويرجو ان نكون اكثر اهل الجنة رحمة من ربنا وكرامة لنبينا صلى الله عليه وسلم. اذا فالخلق العظيم للنبي الكريم هو من اعظم اسباب محبته ومحبته مطلب وايمان وشعبة من شعبه وواجب ينبغي تحصيله فتأتي هذه الكرامة الالهية لعظمة الخلق لتأسيس هذا المعنى. ثالث الحكم الالهية واخرها انه باب جليل للاقتداء به. اجل. فهذه الامة امة كريمة دينا وعقيدة وشريعة وخلقا كريما. والله قد قال لنا لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فاراد الله ان يكون لكل خلق كريم. من نبينا العظيم صلى الله عليه وسلم ارفع المقامات. واوفر المناصب نكون لنا فيه اسوة حسنة. فمن اراد الصدق او الامانة او العفة او الحلم او الرأفة او الشجاعة. وعدد ما شئت من الاخلاق فانه سيجد في سيرة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ما يحمله على الاقتداء والتأسي به. فطيبوا نفسا امة الاسلام بنبيكم عليه الصلاة والسلام. وقروا عينا به. واشعروا انكم في امة شرفها الله بهذا النبي الكريم وجعل له من الخلق العظيم ما يكون اكتفاء لها به عن غيره صلى الله عليه وسلم. مشبعا والله ومرويا بل وهو والله كفيل بان تروي ظمأ البشرية في جفاف اخلاقها وقحط ثقافاتها المجدبة التي لن يسد جوعتها والله الا الالهي العظيم وخلق هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. اجل والله فلا زالت البشرية تتسول وتنشد في صحراء قحطها تبحث عما يروي بلالها فلتكن امة الاسلام قائمة بهذا الدور الحضاري للبشرية جمعاء لتبدأ هي اولا فتزكو اخلاقها بخلق نبيها وتصفو وتسمو بصفاتها وسجاياها بما ورثته من سيرة نبيها صلى الله عليه وسلم ونحن ما زلنا نتفيأ ظلال الاية الكريمة وانك لعلى خلق عظيم. كلما قرأها مسلم عادة يغوص في اعماق السيرة النبوية العطرة ليستخرج من مكنوناتها ودراريها ونفائس اعماقها ما يهذب به خلقه ويقيم به سلوكه ثم لعله يكون نبراسا للناس من حوله. رقى الله بنا وبكم اعلى المراتب وازكى الاخلاق اعلن في مقدمة من يتأسى بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال له ربه وانك لعلى خلق عظيم اكثروا من الصلاة والسلام على صاحب الخلق العظيم والمقام المحمود والحوظ المورود عليه الصلاة والسلام وتأسوا به في اخلاقه واكثروا من الصلاة والسلام عليه واسسوا قاعدة عظيمة لمحبته. وثقوا تماما بوعد ربكم بالنجاة والسعادة لمن بنبيه صلى الله عليه وسلم اللهم فالزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبرية اله الحق يا سميع الدعاء. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي لمبارك على النبي المصطفى والرسول المجتبى محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين