الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الحمد وفي الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها الاخوة الكرام فمن رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ينعقد هذا المجلس الثالث من مجالس سيرة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم وارضاهم اجمعين. في هذا اليوم الاحد الحادي عشر من شهر ربيع الاول سنة ثلاث واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وهذا المجلس الثالث نتناول فيه سيرة الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه وارضاه وسينقسم الحديث في المجلس الى اقسام اولها الحديث عن اسمه ونسبه واسلامه ثم اوسطوا الحديث عن مناقبه رضي الله عنه وارضاه مرورا بالحديث عن خلافته وما كان فيها من اعمال وانجاز. ونختم بفتنة مقتله ووفاته شهيدا رضي الله عنه بين يدي هذا الحديث تقدمة تقول ان دراسة سير الخلفاء الراشدين جزء من تعرفنا على سيرة الصحب الكريم رضي الله عنهم والمتقرر في عقيدة اهل السنة والجماعة حب الصحابة رضي الله عنهم والترضي عليهم وتبني هذا في القلب وتنشئة ابناء المسلمين عليه. فحبهم كما يقول الامام الطحاوي رحمه الله تعالى في عقيدة حبهم دين وايمان واحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان هذا الذي تقرر دلت عليه نصوص الشريعة العامة ومنه استدل الامام ما لك رحمه الله على كفر من ابغض الصحابة او حمل في قلبه نقصانا وانتقاصا لاقدارهم فظلا عمن يطعن فيهم او يقدح او يكفرهم عياذا بالله واخذ ذلك من ظاهر قوله تعالى في خاتمة سورة الفتح محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء الثناء على الصحب الكريم والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه. يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار فاخذ من هذه اللفظة في الجملة ان من اغاظه الصحابة فهو كافر قال يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار في هذا المثل الذي ضربه الله تعالى للصحابة رضي الله عنهم في التوراة والانجيل ومن هنا كان حب الصحابة دين وايمان واحسان كما قال الطحاوي رحمه الله. واذا كان حب الصحابة جميعا ايمان ودين فان شهادة الله عز وجل لهم في القرآن بالرضوان اكد ما يستند اليه في تجاوزهم مرحلة الطعن او النقد او الثلب رضي الله عنهم. اما انهم ليسوا ملائكة ولا معصومين. هم بشر لكنه صفوة البشر بعد الانبياء والرسل قوم اختارهم الله وفضلهم وجعلهم في صف صحبة نبيه عليه الصلاة والسلام. فاختارهم للجهاد معه ولنصرته والهجرة معه وتفديته عليه الصلاة والسلام بانفسهم واموالهم وارواحهم واولادهم وما ملكت ايديهم. وتاريخهم مشرق وسيرتهم حافلة عطرة بهذا الجهاد والتضحية والبذل والفداء لله ولرسول الله صلى الله عليه واله وسلم من العمومات في ذلك قول الله في سورة التوبة والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار. والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم اعد واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم وشهد لهم في بيعة الرضوان وقد كانوا الفا وخمسمائة كما يقول جابر رضي الله عنه. لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فقوم شهد الله له بانه رضي عنهم. فكيف يطعن فيه الانسان رب البشر يخبر انه رضي عنهم وادخلهم جنات. فيأتي انسان مخلوق ليطعن في ايمانهم. او يشكك في عدالتهم او يقدح في منزلتهم هذا جيل الصحب الكريم رضي الله عنه. خير الناس قرني يقول عليه الصلاة والسلام فخير الناس بهذه الشهادة النبوية فاذا كان هذا في جملة الصحابة رضي الله عنهم فان مراتب الصحابة تتفاوت ومنازلهم رضي الله عنهم ليست واحدة. وهذا الشأن في كل درجة من درجات البشر. حتى الرسل وهم صفوة الانبياء البشري فان الله فضل بعضهم على بعض كما قال سبحانه تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. فكذلك الصحابة وقد كان تعداد من حج معه في حجة الوداع صلى الله عليه وسلم مائة وعشرون الفا او يزيدون. فليسوا على درجة واحدة من هنا بين اهل العلم ان الصحابة رضي الله عنهم مراتب وطبقات فهم يتفاوتون في هذه الرتب بحسب صدق ايمانهم ومكانتهم وبذلهم. هذه التقديمة جاءت لتقول ان الصحابة رغم منازلهم الا ان اعلاهم درجة او يتفاوتون بحسب ايمانهم في فضل من اسلم منهم قبل فتح مكة عمن اسلم بعدها بنص اية سورة الفتح لا سورة الحديد لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا فمسلمة الفتح ليسوا في الدرجة كمن اسلم قبل فتح مكة ثم اهل بيعة الرضوان اكد في الفضل واعلى منزلة من غيرهم. شهد فتح مكة نحو عشرة الاف صحابي واهل بيعة الرضوان الف وخمسمائة تقريبا فهؤلاء بضعة الالف او الاربعة عشر مائة كما يقول جابر رضي الله عنه والف وخمسمائة هم اعلى درجة من سائد عشرة الاف الذين شهيد وفتح مكة ومن اهل بيعة الرضوان يختص اهل بدر رضي الله عنهم بقوله صلى الله عليه وسلم لعمر في قصة حائط ابن ابي بلتعة رضي الله عنه وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. واهل بدر ثلاثمئة وبضعة عشر فهم صفوة ممن بائعة تحت الشجرة ومن حديبية ومن اهل بدر يفضل العشرة المبشرون بالجنة. فهم اعلى درجة واكد ومن العشرة المبشرين بالجنة يفضلون. الخلفاء الاربعة الراشدون فهم خير خير هذه الامة. بعد نبيهم عليه الصلاة والسلام وهم صفوة الصحابة رضي الله عنهم واعلاهم منزلة لما حباهم الله تعالى به وكرمهم واعلى به درجتهم في المراتب التي يخص بها رضوان الله عليهم اجمعين. وفي صحيح البخاري قول الصحابة رضي الله عنهم ان كنا لنفاضل بين اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنفضل ابا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نمسك بعد ذلك. كما يرويه عبدالله بن عمر رضي الله وعنهم جميعا اذا نحن في مجلس نتحدث فيه عن واحد من هؤلاء الاربعة الكبار سادات الامة نجومها اعلامها قدواتها ما ثبت الله بهم اركان الدين بعد المصطفى عليه الصلاة والسلام. عندما يكون الحديث عن واحد من هؤلاء افتح قلبك قبل اذنك ينشرح صدرك فانك في مقام ومجلس تسمع فيه صيغة عطرة تعطرت بصحبتها لرسول الله عليه الصلاة والسلام. وتزينت حياتها بمواقف التضحية والبذل والفداء نجلس نعطر اسماعنا ونؤنس ارواحنا بهذه السير العطن. فنقتبس من نورها ونأخذ من فوائدها وننصرف عندما ننصرف وينبغي ان يكون احدنا قد استلهم لحياته من حياتهم ولشأنه من شأنهم فيختط في سبيلهم ويطرق في دربهم عسى ان يبلغ ما بلغوا ومن تشبه بالصالحين رجا ان يكون في وفي الصحيحين ايضا ان الاعرابي لما جاء الى النبي عليه الصلاة والسلام فقال له يبشره المرء مع من احب اني احب الله ورسوله. يقول انس فانا احب رسول الله صلى الله عليه وسلم. واحب ابا بكر وعمر. وارجو ان اكون معهم هذا وهو صحابي مثلهم فنحن اولى اذا. والسبيل يا كرام الى ملء القلوب بحب هؤلاء الصحابة الفضلاء رضي الله عنهم الوقوف على سيرهم وتقريب الصفحات في اخبارهم. واكد ما يكون في الخلفاء الاربعة الراشدين رضي الله عنهم وخيرا صنعت ادارة التوجيه والارشاد في وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي جزاهم الله خيرا في تقديم هذا البرنامج والعناية بسير هؤلاء الخلفاء الراشدين الاربعة رضي الله عنهم بان تسمع الامة على الدواء في والمساجد والدروس والخطب بل حتى في البيوت والله انه لحق على الاباء والامهات ان يحدثوا فتيانهم وفتياتهم عن هؤلاء الكرام. لتتغذى القلوب على حبهم وتعظيمهم واجلالهم. والاقتداء بهديهم ليعرف احدهم ان اباهم لما سماه بابي بكر او عمر او عثمان او علي او سماه بخالد وسعد وحذيفة ومعاذ او ان اباها او والداها سمياها بفاطمة وخديجة وعائشة وحفصة فلتسرح قلوبهم بهذه الاسماء الكبيرة. وترجو من وراء ذلك ان يكون لها نصيب كبير. من تلك الاسماء الكريمة العظيمة التي زينت سماء الامة وتلألأت واشرقت هذا منهج تربوي نتعاقب عليه في تاريخ الاسلام. وها نحن ذا اليوم نجلس ها هنا في رحاب مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين صفوفه ونحن نتذاكر صيغة الخليفة عثمان رضي الله عنه فيتبادروا الى الاذهان وتستدعين الذكريات لنرى ان هذا المسجد النبوي في توسيعاته المعاصرة الحديثة الكبيرة كانت نواة وسعاتها على يد الخليفة عثمان رضي الله عنه. فهو اول من وسع مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام توسعة كبيرة ان فسح لها المجال وتزايدت لها الصفوف. اذا نحن في تاريخ متصل وفي هذا المسجد الذي لطالما صلى فيه هؤلاء وسجدت جباههم واعتكفوا ودعوا وامنوا خلف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فهذا بين يدي حديثنا مدخل ينبغي الاشارة اليه عناية لتناول ما نذكره في هذا المجلس بالعناصر التي تقدمت في صدر المجلس. اولا اسمه ونسبه رضي الله عنه يلتقي مع نبينا عليه الصلاة والسلام في خامس جد فهو عثمان بن عفان ابن ابي العاص ابن امية ابن عبد شمس ابن عبد مناف القرشي يجتمع نسبه مع النبي عليه الصلاة والسلام في جلده الرابع. اسلامه كان مبكرا في مكة هو احد الخمسة الذين اسلموا على يدي ابي بكر رضي الله عنه ومن العجائب ان نصف العشرة المبشرين بالجنة كانوا من ثمرات اسلام ابي بكر رضي الله عنه. فلهذا ابو بكر في كفة ترى لا يقارن باحد في الصحابة انت لما ينفع الله بك انسان ويهدي بك مسلما فتنتفع باجره وثوابه. ولك من اجره مثل اجر ما يعمل بهدايتك له وتعليمك اياه. فما ظنك بابي رضي الله عنه ونصف العشرة المبشرين في الجنة في ميزان حسناته. وهم العشرة المبشرون وليسوا اي احد فاضل عمن سواه من الصحابة ممن كان ابو بكر رضي الله عنه سبب اسلامه. اسلم عثمان رضي الله عنه بعد ان تجاوز سن الثلاثين وفارق العمر بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقدار يزيد عن عشر سنوات. ابن عمر رضي الله عنه يقول كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بابي بكر احدا. ثم عمر ثم عثمان ثم نترك اصحاب النبي صلى الله الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم والحديث في البخاري. عثمان رضي الله عنه غني من اغنياء الصحابة شريف من وجهاء قريش صاحب مكانة ومنزلة في مكة كان عثمان قبل الاسلام انسب قريش لقريش يعني من اعلى بانسابهم واعلم قريش بما كان فيها من خير وشر كانت قريش تقصده لعلمه ومكانته وجاهه وتجارته رضي الله عنه وارضاه وخبرته في الحياة. كان مستشارا ما هذا الرأي والمكان ومع ذلك فقد كان محبوبا مألوفا لين العريكة حسن العشرة من كبار تجارهم رغم ذلك نرسم هذه الصفات لتتخيل شخصية هذا الخليفة رضي الله عنه شديد الحياء اليما موصوفا بسعة الصدر وراحة الخاطر وانس المجالسة ومع ذلك كان رقيق العاطفة رضي الله عنه وارضاه احد الذين فازوا بمصاهرة نبينا عليه الصلاة والسلام لتزوج كما سيأتي ذكره بعد قليل اما الحديث عن مناقبه فجمة وهي جزء من صلب موضوعنا في جلستنا اليوم. مناقب الصحابة هي التي رفعتهم فله من المراقب نوعان نوع يشترك فيه مع الصحابة اجمعين رضي الله عنهم وهو الذي صدرنا به المجلس. قوم اصطفاهم الله بصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام ويقول نبيهم عليه الصلاة والسلام خير الناس تغني وهم مع ذلك مشهود لهم بالرضوان فكل ما جاء بوصي الصحابة رضي الله عنهم والثناء عليهم ومناقبهم فهو مما يناله كل فرد فيهم ومنهم عثمان رضي الله عنه والنوع الثاني من المناقب ما خص به وجاء الدليل بشأنه او الحديث عنه خاصة رضي الله عنه وارضاه. وذلك ايضا كثير وفير وانت اذا قلبت دواوين السنة كصحيح البخاري مثلا وصحيح مسلم او الجوامع مع السنن كالترمذي وابي داوود والنسائي وابن ماجة او حتى المسانيد والموطئات والمعاجم الى السنة فانك تجد تبويب المناقل في الجوامع والسنن الابواب التي تتحدث عن المناقب فيفردون لها كتاب فيها مناقب القبائل والبلدان والاشخاص فيفردون لكل صحابي اصلا او بابا ويريدون فيه من روايات ما اختص به رضي الله عنه وارضاه اما ما كان لشأنه خاصة او كان معه واحد او اثنان او جماعة لكنها ترد في سياق ما يخصه بالذكر والثناء وهذا ايضا منقبة حميدة لانك انت عندما يمدحك شخص ويثني عليك امرؤ رفيع القدر عالم من علماء الامة ورأس من رؤوسها الكبار او عظيم من عظمائها. فانك تمتلك فرحا ان الثناء جاء عليك ممن تفرح بثنائه وان ذكرك بخير جرى على لسان من تعتز بشهادته بالله كيف اذا كان السلام هذا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقود عن واحد منهم انه كذا وكذا هذا الفخر الذي لا بعد فكيف اذا كان الثناء من كلام رب البرية جل جلاله يثني عليهم ويمدحهم ويرفع اقدارهم. ارأيت اننا نقول ان حبهم دين وايمان واحسان وهو اقل ما ينبغي ان تحمله الامة في صدورها من الوفاء لهؤلاء الكبار الكرام رضي الله عنهم وارضاهم. ومراقبه جم وحتى لا يطول المجلس فانا نسردها سردا هو رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين المهديين بعد ابي بكر وعمر رضي الله عنهما وقبل امير المؤمنين ابي اسأل علي ابن ابي طالب رضي الله عنهم جميعا. وفضلهم في الامة على ترتيبهم في الخلافة كما استقرت عقيدة اهل السنة والجماعة. وقد تقدم حديث ابن عمر في صحيح البخاري كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بابي بكر احدا. ثم عمر ثم عثمان ثم نترك اصحاب نبيي صلى الله عليه وسلم لا مفاضل بينهم. هو احد العشرة المبشرين بالجنة كما تعلمون. وحديث العشرة المبشرين يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام هكذا ابو بكر في الجنة وعمر بن الخطاب في الجنة وعثمان بن عفان في الجنة وعلي ابن ابي طالب في الجنة الى اخر العشر اما رأيت ان الجملة هذه المكونة من مبتدأ وخبر عاصمة قاطعة يقولها الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه فقال بما اوحى الله اليه ان هذا الرجل من صحابته في الجنة انتهى الكلام فلا تدري والله ما الذي يسوغ من المداخل لمطاعم الطاعنين في هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم ما تدري ما الذي يمكن ان يتحمله عقل امرئ عاقل في رأسه مثقال ذرة من عقل ان يقبل بعد هذا الكلام طعنا او تشكيكا او قدحا في احد هؤلاء رضي الله عنه هو اول من شيد المسجد النبوي. يعني اعاد بناءه ووسعه. صلى الى القبلتين رضي الله عنه وارضاه. هاجر الهجرتين مع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه رقية رضي الله عنها. اول من خط المفصل من القرآن. فقد كان من كتاب الوحي لرسول الله عليه الصلاة والسلام. مقتله واستشهاده الذي سيأتي ذكره كان اول فتنة وقعت في الامة بين الامة بسبب عدوان من اعتدى عليه رضي الله عنه هاجر مع زوجه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة الاولى والثانية. وهو بذلك كان من اعظم من خص بالهجرتين وهم قلة من الصحابة. هو اصدق الامة حياء بشهادة رسول الله. صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه الترمذي وابن ماجة واحمد والحاكم في الحديث المشهور ارحم امتي بامتي ابو بكر واشدهم في دين الله عمر قال واصدقهم حياء عثمان يعني ان الحياة يتفاوت بين اصحابه فمنهم من يتجمل ببعض الحياء ومنهم من يكون حياؤه شيء يكون طبيعة وقدرا يكون تكلفا لكن اصدق الامة حياء عثمان رضي الله عنه وارضاه وفي الحديث ان عثمان لاول من هاجر الى الله باهله بعد لوط عليه السلام اكرمه ربه واكرمه نبينا صلى الله عليه وسلم بان زوجه باثنتين من بناته. فتزوج رقية رضي الله عنها اولا. فعاشت معه وهاجرت معه الى الحبشة ثم هاجرت معه الى المدينة ثم مرضت رضي الله عنها ايام غزوة بدر فتخلف عن غزوة بدر لقيامه بتمريضها. وتوفيت رضي الله عنها وارضاها وقد كان يقال احسن زوجين رآهما انسان رقية وعثمان كان بينهما من الالف والمحبة والمودة ما يغبطان عليه. اما هو فمن عرفت في مناقبه واما هي فابنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ثم اكرمه ربه كما اسلفت واكرمه نبينا صلى الله عليه وسلم فتزوج باختها. ام كلثوم ومن هنا وقعت له التسمية الشريفة واللقب الكريم ذو النورين. فاعطاه النبي عليه الصلاة والسلام ثنتين من بناته ولم يحصل هذا باحد من الصحابة فان بناته عليه الصلاة والسلام اربع. فتزوج عثمان برقية ثم ام كلثوم. وتزوج زينب بابي العاص بن الربيع بن عبد شمس وتزوج فاطمة الزهراء بأمير المؤمنين علي رضي الله عنهم جميعا غاب اذا عن يوم بدر لقيامه بتمريض رقية زوجه بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان معذور ولذلك اثبت له النبي صلى الله عليه وسلم سهم البدريين واجرهم اعد له اجره لتخلفه بعذره بل واعطاه سهما ايضا في الغنيمة وذلك كما قال في الحديث ان لك اجر رجل ممن شهد وسهمه هو من مناقبه ايضا ما كان منه يوم الحديبية. فان النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم في مقدمه ذاك يريد العمرة فمنعته قريش فبقي على حد الحرم لاطراف الحديبية بعث عثمان رضي الله عنه سفيرا لكونه واختار صوفيا واختار عثمان من بين الصحابة لكونه اعز بيت بمكة من اصحابه فاختاره بعيادة رجل عظيم المكانة عند قريش. محمود الرأي عبيد مأنوف. لين العريكة حسن العشرة. وتاريخه معهم مشرق. فاختار عليه الصلاة والسلام ليكون سفيره في التفاوض مع قريش الى ما جاءت فيه الرواية لما تمت بيعة الرضوان في غيبته ابطأ عثمان رضي الله عنه وقد بعثه النبي عليه الصلاة والسلام الى مكة فوقع الخوف والقلق ان يكون قد اصابه مكروه. وقد ذكر ابن اسحاق في السيرة قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة بن الخطاب ليبعثه الى مكة ليبلغ عنه اشراف قريش ما جاء لاجله. فقال عمر يا رسول الله اني اخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب من يمنعني. وقد عرفت قريش عداوتي اياها وغلظي عليها ولكني ادلك على رجل اعز بها مني عثمان ابن عفان. رضي الله عنه. فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم وبعثه الى ابي سفيان واشراف قريش يخبرهم انه لم يأتي بحرام. وانه انما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته. فخرج عثمان رضي الله عنه الى مكة فلقيه ابان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة او قبل ان يدخلها. فحمله بين يديه ثم اجاره قد تبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلق عثمان رضي الله عنه حتى اتى ابا سفيان وعظماء قريش. فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ارسله به فقال لعثمان حين فرغ من رسالته اليهم ان شئت ان تطوف بالبيت فقف الان نبينا عليه الصلاة والسلام وصحابته وهم من كان معه يوم الحديبية الف وخمسمائة صحابي تقريبا. محبوسين على حد الحرم عند الحديدي. وعثمان رضي الله عنه قد دخل فبلغ الرسالة انه ما جاء لقتال وجاء يريد العمرة فافسحوا له بالدخول واذنوا وهذا بعيدا عن المشاكل والعداوة والحروب فلما اتم رسالته وبلغها قال له ابو سفيان ان شئت ان تطوف بالبيت فطف وعثمان رضي الله عنه في تلك السنة هو وسائر الصحابة مع نبينا عليه الصلاة والسلام كانوا غائبين عن مكة ست سنوات لانها في السنة السادسة ابن الهجرة ولا يخفى على احدكم كيف يكون شوق المكي الذي يغيب عن مكة وتعلقه بالكعبة اذا غاب عنها اياما فكيف لو كانت شعورا؟ فكيف وهي ست سنوات ثم يجد الفرصة سانحة ان يجد فرصة للطواف قال ابو سفيان ان شئت ان تطوف بالبيت فطف فقال ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم احتبسته قريش عندها فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ان عثمان قد قتل وان قريشا قد اذته قال ابن اسحاق وان كان في سند روايته ضعف. قال فحدثني عبد الله بن ابي بكر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه ان عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز القوم. فدعا الى البيعة عليه الصلاة والسلام فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت. وكان جابر يقول رضي الله عنه بايعهم على البقاء معه والثبات. هذه قصة بيعة النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة يوم الحديبية لهذا الشأن الذي من اجله حصل ما حصل آآ حرصا على الانتقام لعثمان لو كان ضره شيء من اذى قريش وقد حصل له ايضا في هذه المرتبة الجليلة لما اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يبايع اصحابه الكرام. وفي ذلك حصل ان بايع الصحابة جميعا فلما جاء انتهاء المبايعين وضع النبي صلى الله عليه وسلم احدى يديه في الاخرى وقال هذه عن عثمان فبايع صلى الله عليه وسلم عنه ليكون له حظ من البيعة ومشاركة في هذه المنقبة الكريمة. ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بشماله على يمينه وقال هذه يد عثمان اللهم هذه عن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك صلى الله عليه واله وسلم عثمان رضي الله عنه كان من مناقبه ايضا انه كان احد الستة اصحاب الشورى الذين اختارهم عمر رضي الله عنه لخلافته فانه لما اي غدرا من ابي لؤلؤة المجوسي لعنه الله. جمع من الصحابة الستة الباقين من العشرة المبشرين. او السبع فاعتذر منه هم واحد وبقي الستة فجعل الامر اليهم وعثمان رضي الله عنهم احدهم. ثم جعل كل منهم نصيبه الى صاحبه فبقي عثمان ما له؟ وعلي وطلحة رضي الله عنهم جميعا. فكان الامر فيما بعد الى استخلاف امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بالخلافة في المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث وعشرين من الهجرة بعد استشهاد الفاروق عمر رضي الله عنه وبقي في الخلافة مدة اثنتي عشرة سنة له في الاسلام بذل وسخاء وعطاء وكان من بذله وسخائه وعطائه المواقف التي اثبتها التاريخ وحفظتها المناقب في الاحاديث فكانت مفخرة لعثمان وشهادة كريمة له من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اشترى بئر رومة بعشرين الفا وجعل فيها دلوه كدلاء المسلمين. فقط لانه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول من يشتري بئر رومة ولده والجنة وكانت البئر المستعذبة في المدينة يعني ماؤها عذب واراد للصحابة ان يشربوا ماء عذبا فقال من يشتري بئر روما ويتصدق بها ويجعل دلوه كدلاء المسلمين. يعني لا حظ له ويكون فيها في سقايته كسائر المسلمين. اشتراها عثمان بعشرين الف دينار وتصدق بها وهو الذي قام بتوسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين الف دينار وهو الذي جهز جيش العسرة بماله. والنبي صلى الله عليه وسلم قد ندمه من جهز جيش العسرة فله الجنة. جيش العسرة في غزوة غزوة تبوك ولما نقول جهز جيشا فانت تتكلم عن ميزانية وزارة دفاع بمصطلح معاصر في دولة من الدول. هذا واحد من الصحابة وكان كانت غزوة تبوك قد وافقت موسم صيف وحر وقيض وشدة وصعوبة وتعب وبعد مسير بين المدينة وتبوك وعدو شديد الخطر يخاف منه فحصل ما حصل وفيها نزلت سورة التوبة في احداثها وتشغيل المنافقين وافتضاح كفرهم فقام عثمان رضي الله عنه لاقامة الجيش وتسييره فتصدق بخمسة بتسعمائة وخمسين بعيرا وخمسين فرسا والف دينار جاء فنثرها بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكانت المنقبة الشريفة فيما اخرج الترمذي من حديث عبدالرحمن بن سمرة قال جاء عثمان الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره فقال عبدالرحمن فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها في حجره ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم؟ ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم وهذه من اندر الشهادات التي لا تجد مثلها لصحابي اخر يعني انه مهما فعل في الاسلام فلن يضره بعد موقفه العظيم ذاك الذي فعله رضي الله عنه وارضاه الله تجهيز جيش العسرة وشراءه بئر روما وتوسيعته لمسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام كانت من الامور العظام التي قام بها عثمان رضي الله عنه وارضاه في مناقبه الكريمة ايضا مواقف جمة سنترك بعضها الى قصة استشهاده واعتداء المعتدين عليه ايضا لكني اورد هنا موقفا اخرجه البخاري في الصحيح من حديث عثمان ابن موهب قال جاء رجل من اهل مصر حج البيت رأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القوم؟ قالوا هؤلاء قريش. قال فمن الشيخ فيهم؟ قالوا عبدالله بن عمر قال يا ابن عمر اني سائلك عن شيء فحدثني عنه هل تعلم ان عثمان فر يوم احد قال نعم قال هل تعلم انه تغيب عن بدر ولم يشهدها؟ قال نعم قال هل تعلم انه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال نعم. قال الله اكبر قال ابن عمر تعال ابين لك اما فراره يوم احد فاشهد ان الله عفا عنه وغفر له كما قال الله تعالى في سورة ال عمران ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان انما استذلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم ان الله غفور وما حصل يوم احد كان انقلابا في موازين المعركة واختلاط الحابر بالنابل وشيئا تطير له العقول حتى استشهد سبعون من الصحابة رضي الله عنهم فكان شرار من فر موقفا عصيبا تفائنت فيه مواقف الصحابة فمنهم من ترك القتال ومنهم من ترك الميدان ومنهم من قال نقاتل فنقتل على ما قتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اشيع انه قتل. اراد ابن عمر ان يبين للسائل ما بلغه من مواقف عدت عند اصحاب الفتنة الذين تآمروا على قتله عدت عندهم اسبابا موجبة للتعدي على خليفة المسلمين رضي الله عنه. فقال تعالى ابين لك اما فراره يوم احد فاشهد ان الله عفا عنه وغفر له واما تغيبه عن بدري فانه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ان لك اجر رجل ممن شهد بدرا وسهما واما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان احد اعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه رسول الله عليه الصلاة والسلام. فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان الى مكة فقال عليه الصلاة والسلام بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان. فاجاب السائل عن كل مسألة ظنها قدحا في عثمان والهية منقبة وشهادة صدق وما بلغ الرجل من صورة مشوهة كانت على خلاف ما فلما اتم ابن عمر البيان للسائل قال اذهب بها الان معك ان جئتني بثلاث مسائل فاردت الانصراف فخذ الاجابة معها وانصرف وحدث الناس ممن بلغه الخبر على غير وجهه والحديث اخرجه البخاري في الصحيح. هذه من مناقب عثمان ومن مناقبه الحياء الذي تقدم ذكره. في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه او ساقيه فاستأذن ابو بكر فاذن له وهو على تلك الحال فتهنت ثم استأذن عمر فاذن له وهو كذلك فتحدث. ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه قال محمد الراوي ابن ابي حرملة ولا اقول ذلك في يوم واحد فدخل فتحدث قال فلما خرج قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله دخل ابو بكر فلم تهتش له. ودخل عمر ولم تبالي ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال الا استحي من ظلم تستحي منه الملائكة حياء عثمان رضي الله عنه وفي الحديث ايضا عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قريبا من هذا ان ابا بكر رضي الله عنه استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على لابسة فاذن لابي بكر وهو كذلك. فقضى اليه حاجته ثم صاح ثم استأذن عمر رضي الله عنه فاذن له وهو على تلك الحال ثم انصرف فقضى حاجته ثم انصرف قال عثمان ثم استأذنت عليه فجلس. وقال لعائشة اجمعي عليك ثيابك. فقضيت اليه حاجتي ثم سقطت. قالت عائشة يا رسول الله ما اني لم ارك فزعت لابي بكر وعمر كما فزعت لعثمان فقال عليه الصلاة والسلام ان عثمان رجل حيي واني خشيت ان اذنت له على تلك الحال الا يبلغ الي في حاجته. يعني من شدة حيائه ان لا يتكلم ولا يقوى على الحديث هذا حياؤه الصادق رضي الله عنه الذي وصفه به النبي صلى الله عليه واله وسلم اما خلافته فقد كانت من اعظم خلافات الخلفاء الراشدين. ولكل خليفة من الاربعة في خلافته شأن عظيم. ومرحلة كانت صفحة حتا في تاريخ الامة مشرقة بعطائها. كتب الله لكل واحد من الاربعة ما لم يكن لغيره. فابو بكر رضي الله عنه ثبت به الدين واعاد الاسلام والمسلمين الى قواعد الدين وحظيرة الاسلام. حارب المرتدين وجمع المصحف. لم تطل خلافة ابي بكر لكنه ثبت كاركان الاسلام في جزيرة العرب. واما عمر رضي الله عنه فقاد الفتوح ونشر الاسلام ووطد اركان الدولة ودون الدواوين ورتب وشؤون البلاد وكان له من الصولة والجولة والحزم والعزم ما قوى به تاريخ الاسلام في امم الدنيا. فغزى البلاد كبيرة والممالك والانصار وكان للاسلام صمت في كل رقعة من بلاد الاسلام. وجاء عثمان رضي الله عنه. فكان اتساع الاسلام في مشارق الارض ومغاربها. تتابعت الفتوحات وسمع الناس بالاسلام ودخل العرب والعجم وانتشر الاسلام في بلاد افريقيا ساحل بحر الظلمات وانطلق شرقا الى اسوار الصين وتباعدت رقعة بلاد الاسلام في خير عظيم وعميم وانتشر الاسلام من بركات خلافة العثمان رضي الله عنه وارضاه موقفه الكبير العظيم في نسخ المصاحف التي قام بها فان المصحف او القرآن جمع مرتين على يد الصحابة رضي الله عنهم الاول جمع ابي بكر رضي الله عنه وهو جمع المتفرق منه المكتوب على اوراق الشجر وعلى الرقاع وغيرها مما كان منثورا معه مرتبه على السور والايات فكان عند ابي بكر رضي الله عنه ثم كان عند حفصة وهكذا بقي الجمع الاول فلما عثمان رضي الله عنه وانتشر الاسلام واحتاج الى نسخ المصاحف والبعد بها الى الامصاف كان الجمع الثاني في نسخ المصاحف اكثر من نسخة فابقى النسخة الام او يسمى نسخة الامام عنده بالمدينة. وبعث نسخة الى مكة وثالثة الى البصرة. ورابعة الى الكوف وخامسة الى الشاب قيل وسادسة الى مصر وقيل الى البحرين. فوزع النسخ من المصاحف على الامصار وبعث مع كل مصحف قارئا يقرئ الناس القرآن خشية اللحن والتغيير في كتاب الله عز وجل. فكان من اعظم الامة الذين كتب الله على ايديهم حفظ كتابك بهذا الصنيع. وامر بحق ما عداها من المصاحف ابقاء على ما امر به من الحرص على كتاب بالله عز وجل وترك الاختلاف فيه. وهذا ايضا من صنيعه الذي حمد له رضي الله عنه. وارضاه وقد قال علي رضي الله عنه لو كنت مكانه لفعلت مثل فعله يشير الى ما كان منه من الحرص على نصف المصاحف. توسعة المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ايضا كانت من اعمال عثمان رضي الله عنه وارضاه. حج بالناس عشر حجج متوالية اشهر حجل وهو قد حكم او قد استخلف بالامة نحن من ثنتي عشرة سنة لم نحسب منها السنة التي قتل فيها. فانه قتل في ذي الحجة من السنة الخامسة والثلاثين وسيأتي ذكرها بعد قليل. اتسعت الفتوحات وانتشرت في عهده كما اسلفت وفي خلافته تم انشاء اول اسطول في الاسلام يغزو ويقاتل في سبيل الله ويذب عن دين الله ويرد كيد العدا. واول غزوة بحرية ايضا كانت في خلافته رضي الله عنه وارضاه. هذا صنيع عثمان رضي الله عنه في خلافته. وينبغي ان نشير الى امر عظيم ايضا فيما يتعلق بموقفه رضي الله عنه وعلاقته بالامة كلها. بالصحابة عامة وبال بيت النبي صلى الله عليه وسلم خاص تأكيد على شأنه الكريم العظيم رضي الله عنه فيما تربى عليه الصحابة جميعا من المحبة والمودة والرحمة والله قد قال اشداء على الكفار رحماء بينهم واكبر الغرض ان يظن ان الصحابة عاشوا بينهم عداوة او فرقة او كراهية او تنافر وهذا من دسائس ما فعلته الطوائف والفرق المبغضة للاسلام ان تصور لك جيل الصحابة انهم مجتمع بشري كان يعيش الضغينة والقطيعة والتدابر والتناحر والاختلاف هذا كذب اولا على كتاب الله قائل بالنص الصريح رحماء بينهم وهو الذي اثنى عليهم سبحانه وتعالى اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين. هذه واحدة والثانية ان وقائع التاريخ وشواهده تثبت ما كان بينهم من محبة وتعظيم واجلال. نعم هم بشر ويحصل بينهم الاختلاف ويحصل بينهم تبادل الاراء واختلاف المواقف هذا وارد جدا ولن يسلم منه الاخوان الشقيقان لاب وام فكيف نريد ان ينتفي عن سائر البشر؟ لكن المطلوب ان لا نظن بهم ظن سوء ان بينهم من الخلاف ما بلغت حد القطيع والتدابر او التحارب والتناحر وما حصل بينهم في زمن الفتنة اواخر مقتل عثمان رضي الله عنه وزمن الخليفة علي رضي الله عنه ففتنة وقعت وقد نبأ بها نبينا صلى الله عليه وسلم قبل وقوعها بين عثمان رضي الله عنه وال بيت النبي عليه الصلاة والسلام قدر عظيم. من المحبة والمودة والتقدير. يذكر في السير انه صعد علي رضي الله عنه في زواجه من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها. فانه لما خطب علي فاطمة رضي الله عنهما وارادا ان يمهرها فطلب منه النبي عليه الصلاة والسلام ان يبيع درعه. فنزل السوق فباع درعه من عثمان باربعمائة درهم يريد ان يجمع ما لم يقدمه مهرا لفاطمة رضي الله عنها ابداعه عثمان ثم قال له الست اولى بالدرع منك وانت اولى بالدراهم مني؟ تعمل في الدراهم لعلي والدرع لعثمان قال الست اولى بالدرع منك وانت اولى بالدراهم مني؟ قال بلى. قال فان هذا الدرع هدية لك. فاعطاه الدرع اربع مئة درهم تركها له فانصرف علي رضي الله عنه واخبر النبي عليه الصلاة والسلام بما كان فحمد ذلك لعثمان واثنى عليه خيرا عثمان رضي الله عنه كان من شأنه ايضا الكريم ما سمعت في زواجه من ثنتين من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول ابن عباس رضي الله رحم الله ابا عمرو عثمان كان والله اكرم الحسد واصبر البررة مجادا بالاسحار كثير الدموع عند ذكر النار. نهاضا عند كل مكرمة. سباقا الى كل منحة. ابيبا ابيا وفيا صاحب جيش العسرة فتن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني زوج ابنته كان من عظيم حبه لال البيت وحب ال البيت له ما كان بينهم من مصاهرة ومن زوال فيسمي اولاده باسماء ال البيت ويسمي ال البيت اولاده باسم عثمان رضي الله عنه لما حصلت الفتنة التي سنذكر طرفا من احداثها وتآمر الحاقدون على مقتل عثمان وقدموا للمدينة اجتدب علي رضي الله عنه اولاده الحسن والحسين ان يحملا سلاحهما وينطلقا دفاعا عن امير المؤمنين عثمان عند داره وان يكون في حمايته وحراسته لولا ان عثمان رضي الله عنه عزم الا يبقى احد عند بابه لانه تبنى سياسة ان لا تقطر ان لا تساد قطر دم بسببه فكف الناس جميعا وامر الا نرفع سلاح والا يكون قتال واثر ان يكون القتيل الشهيد دون سائر المسلمين رضي الله عنهم وارضاه. فهذا من الدلائل والشواهد وغيرها كثير قد يطول به المجلس. وحسبنا من القلادة ما احاط لكن المقصد من ذلك كله انه رضي الله عنه وارضاه عاش حياة حافلة بالعطاء اولا كانت حافلة بالثناء والشهادة بالخير والاحسان له قبل الاسلام ثم كان بعد اسلامه سباقا فائزا بالمكارم والصفوف الاول والمناقب العظيمة في الاسلام ثم كان بعد في خلافته خليفة راشدا. ممن امرنا بان نقتدي بهم وان نستدن بهم. عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ. ثم كانت ايضا اخر ايام حياته. ومقتله فتنة عظيمة بذل فيها رضي الله عنه ما ابقى عليه حياته كلها شواهد صدق في اماءته وايمانه وزكاء قلبه عقده وصفاء مقصده رضي الله عنه وارضاه الى اخر لحظات حياته التي كتب له فيها الشهادة باذن ربه عز وجل جلد فتنة مقتله وقد ابتدأت في خلال ايام الخلافة مما لا تسلم معه امور الدنيا من شغب وتشويش وكذب ومزاعم اخبار وافتراءات واشاعات فعندما تحصل الاذن الصاغية للبلابل والفتن تذكى نار الفتنة وتشتعل نارها فتأكل كل اخضر ويابس. ثارت الفتنة والشبهات حول سياسته رضي الله عنه. بالرغم مما كتب الله عز وجل على يديه من عظائم الفتوحات وانتشار الاسلام واعمال كانت في بناء دولة الاسلام من اعظم شواهد الصدق ولتلك تفاصيل كثيرة جدا نطوي ذكرها ونأتي على جل المقصد فيها. تم تحريض الغوغاء واجتمعوا واعلموا رعاكم الله ان فتنة مقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه لم يشارك فيها قط سحاب ولا ابن احد من الصحابة ولا حفيد احد من الصحابة فتنة طهر الله منها اي للصحابة واولاد الصحابة واحفاد الصحابة فما شارك في فتنة قتل عثمان لا من قريب ولا من بعيد لا بالرأي ولا بالمسير ولا بالتحريض ولا بالمشاركة ابدا ما كان فيها الا مشاركة اولئك الغوغاء. ثم هم قدموا ليس من خارج المدينة بل من خارج جزيرة العرب من بعض قرى الاسلام ومدن الاسلام وانصار الاسلام. تم تحريض الغواء هناك بعيدا في مصر والكوفة والبص وهناك تبنت الفتنة في اعشاشها وكبرت وانما حملها بعض الحاقدين الذين رأوا في انتشار الاسلام زمن عثمان رضي الله عنهما اقض مضاجعهم واقلق مآربهم وشوش على افكارهم فاذا بالاسلام يقوى ويشتد فارادوا ظرب الاسلام في عقر داره وارادوا الاعتداء بمقتل خليفة المسلمين وامير المؤمنين. ثارت الفتنة وتبناها بعض رؤوس الفتنة من الاوغاد. والذين اثاروا وزادوا في القول وكرروا. فوقع هذا الكلام الباطل في عقول هشة ضعيفة لا علم عندها ولا ايمان بقيت تلك الافكار في رؤوسهم وحملوا تلك القضايا انه عين فلانا واليا لقرابته وعين ذلك لمصلحة وعين هذا وتولى ذاك وفعل ذاك. فجاءت الاقاويل فساروا اليه في المدينة. قدمت منهم جموع من تلك البلاد فاجتمع بهم عثمان رضي الله عنه مع كبار الصحابة واراد مع كبار الصحابة ان يكونوا شهودا على تلك المواقف. واجتمع بهم ها هنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمع والقوا اسئلته وقدم اجاباته وفند شبهاتهم واحدة واحدة فاقروا ان الذي بلغهم ووقع في قلوبه ووقر في صدورهم وتحركوا من اجله تلك المسافات البعيدة كان باطلا كله وكذبا كله وافتا وزورا وسوء يراد بالاسلام والمسلمين طعنا في خليفتهم وولي امرهم امير المؤمنين لكن عثمان رضي الله عنه مع وهو الحلم عفا عنهم وتركهم فعادوا. فلما رجعوا الى بلادهم اضمر قادة الفتنة الشر وطبخوا الفتنة من جديد. سنة خمس وثلاثين وارادوها في المرة الاخرى ان تكون محبوكة اكثر. فزوروا كتابا نسبوه الى عثمان رضي الله عنه انه يأمر فيه بقتل بعض كبار قادة مصر ممن كان يقود الفتنة وزعموا انهم وجدوا هذا الكتاب مع ساعي البريد. فادركوه قبل ان يبلغ مصر. اثارت ثائرتهم كيد بهم وطعن من الخلف وان هذا لم يتفقوا عليه فتحركوا من جديد زعموا انهم وجدوا هذا الكتاب مع البرين يريدوا فيه قتل زعماء مصر فقدموا اليه مرة اخرى راغبين في المواجهة لا محالة وتحركت منهم طوائف وتنادوا من بعض الاقطار واجتمعوا في المسير نحو المدينة. فاقبلوا اليه ها هنا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعارضوا عليه ما وجدوه من الكتاب فانكر وكذب ذلك وان الخطاب ليس خطابه وان الكتاب ليس كتابه وانه ما كتب ولا بعث لكن العقول قد عشعش فيها الزور وكبرت فيها الفتنة وعندئذ تطيش العقول ولا تنشد حيرانا ولا حكيما في فتنة فارادوا بذلك الاصرار على الموقف الذي جاءوا من اجله وهو نزعه عن الخلافة رضي الله عنه واقصاؤه من ذلك. لكن عثمان رضي الله عنه وهو الحليم الحكيم وهو خليفة المسلمين وامير المؤمنين رضي الله عنه اعملوا شيئا كانت وصية عندهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له فيها اجتهاد ولم يكن له فيها رغبة اخرج الامام احمد وغيره عن النعمان ابن بشير عن عائشة رضي الله عنها قالت ارسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عثمان فاقبل عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال فلما رأينا اقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان اقبلت احدانا على الاخرى فكان من اخر كلمة ان ضرب على منكبه وقال يا عثمان ان الله تعالى عسى ان يلبسك قميصا فان ارادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاه ثلاثة يا عثمان ان الله عسى ان يلبسك قميصا وان ارادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه هذه وصية رسول الله عليه الصلاة والسلام القميص هو الخلافة واراد المنافقون منه ان يخلعه يقول له فلا تخلعه. لا تقبل منه عرضهم ولا تستجب لمساومتهم واخرج الترمذي ايضا وروى احمد باسناد جيد عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انكم تلقون بعدي فتنة لا فن او قال اختلافا وفتنة فقال قائل من الناس فمن لنا يا رسول الله؟ قال عليكم بالامين واصحابه وهو يشير الى عثمان رضي الله عنه وارضاه واخرج ايضا الترمذي واحمد بعد مرة البهزية قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة قال كيف تصنعون في فتنة تثور في اقطار الارض كأنها صيصي البقر قالوا نصنع ماذا يا رسول الله؟ قال عليكم هذا واصحابه او قال اتبعوا هذا واصحاب قال فاسرعت حتى عليت فادركت الرجل فقلت هذا يا رسول الله قال هذا فاذا هو عثمان بن عفان قال هذا واصحابه يذكره اخرج الترمذي في سننه ايضا قال لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تكلمت وذكر الفتن فقربها قال فمر رجل متقنع في ثوب فقال هذا يومئذ على الهدى فقمت اليه فاذا هو عثمان بن عفان فاقبلت عليه بوجهه فقلت هذا؟ قال نعم. قال الترمذي حديث حسن صحيح وله شواهد اخرى في السنن تشير الى هذا المعنى فلما بغى هؤلاء البغاة واتوا يحملون اسلحتهم ويقول لعثمان امير المؤمنين اترك الخلافة وعثمان رضي الله عنه يعمل بوصية رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد جاءوا قبل ذلك وارادوا شيئا من الفتنة فالصحابة في مجتمع المدينة يعيشون احداث الفتنة. لكن ما ظن احدهم يوما ان تبلغ الفتنة هذا المبلغ وان تبلغ اراقة الدم لكن القوم جاؤوا يضمرون القتل والاطاحة بخلافة عثمان رضي الله عنه. فكان الصحابة يعني يدفعون الفتنة قدر المستطاع ويطفئون نارها. ولما حصل الاول ظنوا ان المسألة ستؤول الى تهدئة وانطفاء الفتنة. لكنها ما زالت تستعي. ولما استمرت وقدموا في المرة الثانية حاملين السلاح انتدب بعض الصحابة كما سمعتم مثل علي رضي الله عنه امر ابنيه الحسن والحسين وبعض اولاد الصحابة ايضا حملوا السلاح واتوا دار عثمان يحرسون فرفضوا عثمان وامرهم ان يرجعوا. لكن تدري ما فعل هؤلاء الغواء القادمون بسلاحهم؟ الثائرون على خلافة عثمان. النكرات التي لا تعرف في الاسلام لا بسابقة ولا دين ولا ايمان ولا عمل صالح. طوقوا دار الخليفة. وحاصروه في بيته. يمنعونه عن الخروج الجمعة والجماعة في المسجد يمنعونه من شرب الماء ان يستقي منه. يمنعونه ان يؤدي العبادة انت متخيل ان تأتي فئة باغية وشرذمة من شذاذ الافاق يحوطون دار الخليفة ببلد رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيقول قائل فاين الصحابة واين اولادهم؟ سمعت ان عثمان رضي الله عنه هو الذي رفض وابى ابى ان يشارك احد كان يظن رضي الله عنه ان الامر سيؤول الى قتل. فان كان قتل ولابد فانه يؤثر ان يكون القتيل الوحيد عن ان تراق دماء اخرى في قتل من الطرفان اعداد لا يعلمها الا الله وهذا من عجيب فقه عثمان وتبصره بل وانتظاره نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه عليه الصلاة والسلام قد صعد جبل احد يوما فارتجف بهم الجبل فضرب النبي عليه الصلاة والسلام احدا برجله وقال اثبت احد فانما عليك نبي وصديق وشهيدا وكان معه ابو بكر وعمر وعثمان فالصديق ابو بكر والشهيدان عثمان وعمر ولما دخل النبي عليه الصلاة والسلام حائطه ذات يوم. وكان ابو هريرة رضي الله عنه حارسه قدم ابو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس اكف البئر البئر قد دل رجليه قال ائذن لابي بكر وبشره بالجنة. فدخل ابو بكر ثم اقبل انسان فاذا هو عمر فاستأذن في الدخول قال اذن له وبشره بالجنة فدخل ابو بكر فدل رجليه معه في البئر ثم دخل عمر فدل رجليه معه في البئر. ثم اقبل عثمان يستأذن قال ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فكان عند عثمان رضي الله عنه مستقرا من الدلائل والنبوءات السابقة ان فتنة ستصيبه وان بلوى ستقع به لكنه مبشر بالجنة فهانت عنده الفتن وهانت عنده البلوى طالما حصلت البشارة على لسان المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فلما نهض بعض الصحابة لنصرته والقتال دونه منعهم رضي الله عنه حقنا للدماء ان لا تسيل قطرة دم بسببه فماذا فعل البغاة وقد حاصروه؟ حاول رضي الله عنه قدر المستطاع ان يكون حليما مرة اخيرة. يقول كما اخرج احمد واصحاب السنن عن عمرو بن جاوان قال الاحنف انطلقنا حجاجا هذا موسم حج يا اخوة منع حتى من الخروج للحج. وكان لا يقود جموع الحجيج وقافلتهم الا الخليفة ومنع من الحج. قال انطلقنا حجاجا فمررنا بالمدينة. فبين نحن في منزلنا اذ جاءنا ات فقال الناس في المسجد قال فانطلقت انا وصاحبي فاذا الناس مجتمعون على نفر في المسجد. قال فتخللتهم حتى قمت بينهم. فاذا علي ابن ابي طالب والزبير وطلحة وسعد بن ابي وقاص قال فلم يكن ذلك باسرع من ان جاء عثمان ويمشي. قال ها هنا علي قالوا نعم. قال ها هنا الزبي. قالوا نعم ها هنا طلحة. قالوا نعم. قال ها هنا سعد بن ابي وقاص. قالوا نعم. قال انشدكم بالله الذي لا اله الا هو تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له فابتعته فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت اني قد ابتعته قال اجعله في مسجدنا واجره لك؟ قالوا نعم قال انشدكم بالله الذي لا اله الا هو تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يبتاع بئر رومة فابتعتها كذا وكذا فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت اني قد ابتعتها يعني بئر روما. قال اجعلها سقاية للمسلمين لك اجرها؟ قالوا نعم قال انشدكم بالله الذي لا اله الا هو. تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة. فقال من يجهز هؤلاء غفر الله له فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا. قالوا اللهم نعم. قال اللهم اشهد اللهم اشهد او مشهد ثم انصرف رضي الله عنه هذا يوم اصابته انصرف رضي الله عنه لحديث صححه احمد شاكر في المسند والالباني رحم الله الجميع لما اجتمعوا اليه واخرج ابن خزيمة وغيره والحديث بلفظ مقارب قال يا ايها الناس من انشدكم الله والاسلام؟ هل تعلمون ان النبي عليه الصلاة والسلام قدم المدينة وليس بها بئر مستعذب الا روما. فقال من يشتري رومة فيجعل دلوه كدلاء المسلمين بخير له منها في قالوا اللهم نعقد قال فاشتريتها من خالص ما لي وانتم تمنعوني ان افطر عليها حتى افطر على ماء البحر يقول انا اشتريها استجابة لرسول الله عليه الصلاة يأتي اليوم الذي تحاصرونه وتمنعوني ان افطر عليها وانا صائم فاشرب من الماء المالح ثم قال رضي الله عنه انشدكم الله بالاسلام هل تعلمون ان المسجد ضاق باهله؟ فقال من يشتري بقعة ال فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة. فاشتريتها بصلب ماء فانتم تمنعوني ان اصلي فيها ركعتين قالوا اللهم نعم قال انشدكم الله والاسلام. هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على تبرير مكة ومعه ابو بكر وعمر وانا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض فركضه برجله وقاد اسكن ثبير فانما عليك نبي وصديق وشهيدا قالوا اللهم نعم. قال الله اكبر. شهدوا لي ورب الكعبة اني شهيد ثلاثا فايقن رضي الله عنه انه على الحق وايقن انهم طغاة فتنة لا محيد لهم عنها. لكن ما السبيل الى ذلك سوى الاحتساب والصبر الذي ادرك به رضي الله عنه انه لن يكون الا امر الله اقتحموا داره من الخلف ودخلوا واذا هو جالس في ساحة بيته وداره صائم يقرأ القرآن والمصحف بين يديه فاقبلوا بسلاحهم اكبت عليه زوجته نائلة بنت الفرافصة لتحميه. فضربوها بالسيف فقطعوا اصابعها وتمكنوا منه سال دمه على المصحف وقتل شهيدا رضي الله عنه الصبيحة عيد الاضحى سنة خمس وثلاثين وعمره تسعون سنة او سمان وثمانون سنة ما رحموا شيبته ولا سابقته في الاسلام ولا خلافته رضي الله عنه ولا صحبته ولا شهادة النبي صلى الله عليه واله وسلم كانت حياته عبرة وكانت شهادته عبرة رضي الله عنه. اما حياته فما سمعتم فيها من المناقب والمآثر والمواقف العظام. واما شهادته ففتنة ان الفتنة لم تزل بعد مقتله مفتوحة ابوابها مشرعة على الامة الى اليوم. يرفع المسلم السلاح على اخيه ويقتتلون على دنيا ولعاعة تصيبون بعضها ويتركون كثيرا ما زالت مماته واستشهاده قصة عجيبة تستلهم الامة منها العبر. ان الفتنة اذا ثارت وانها اذا اشتعلت نيراتها نيرانها فلن يطفئها عندئذ شيء وستبقى تقضي على كل شيء وتمضي في سبيلها لا تنوي على شيء ومن ادرك الحكمة والفطانة بل والدين ومنطق الشرع قبل ذلك اغلق ابوابه دون الفتنة. فلا يستجيب لنا عق ولا ينجرف في تلك الركائب التي تقوض على الامة ومجتمعات الاسلام الخيرات والبركات والحضارات فتهدم كل شيء شيء ولا تنوي على شيء. هذه صفحة من حياة امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وارضاه لنأتي اليوم بعد الف واربعمائة وثلاثة واربعين سنة من الهجرة النبوية ونحن نستذكر احداثها ونقرأ صفحات من تاريخها ونترضى على امير المؤمنين عثمان رضي الله عنه. وندرك انه وسائر النبي صلى الله عليه وسلم خير جيل عرفه التاريخ وصفوة البشر الذين اجتباهم الله لصحبة نبيه عليه الصلاة السلام كانوا ولا يزالون في قلوب الامة الاسلامية اعلى منازل البشر حبا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبتغي بهذا الحب قربة نتقرب بها الى الله اولا. ومنهج نترسمه لحياتنا ثانيا ودليلا ننشئ عليه بلادنا واجيالنا ثالثا ستبقى الامة بخير. ما ارتبطت بتاريخ سلفها. وما كانت على سبيل منهج الصحابة الكرام رضي الله عنهم وارضاهم وتظل الامة بخير ما عرفت بهؤلاء الكرام في الامة قدرهم وحفظتهم مناصبهم. تظل الامة بخير طالما اغلقت ابواب الشر والسوء والطعن في الصحابة الكرام رضي الله عنهم. تبقى الامة بخير طالما عرفت ان الفتنة التي فتحت بابها بل الذي انكسر بابها بمقتل عثمان رضي الله عنه سيبقى سبيلا للفتنة الجارفة على الدوام عاما بعد قرنا بعد قرن الى ان يرث الله الارض ومن عليها. فمن استطاع النجاة من الفتنة فلا يركبن فيها مركبا صغيرا ولا كبيرا ولا يشاركن فيها بكلمة ولا مقالة هذا عثمان رضي الله عنه. صاحب الشأن والخليفة والامام اثر ان كون القتيل الوحيد فترك الدنيا وترك المسائل وترك النصرة التي اراد الصحابة الذب عنه. لانه قد علم ببشارة النبي عليه الصلاة والسلام بالشهادة له اولا. وادرك ان المصلحة تقتضي ان لا يقتل بسببه احد فما بلغ هؤلاء الكبار تلك المنازل الرفيعة الا لعلمهم بهذا المقام العظيم الذي لا يصبر عليه الا اولو العزم. الذين اتاهم الله عز وجل من عظم الايمان وصدق البذل والتضحية ما كانوا لاجله قد بلغوا ما بلغوا. فاللهم انا نسألك باسمائك الحسنى صفاتك العلا ان تصلي وتسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اعظم صلاة واتم سلام يا اكرم الاكرمين. ونسألك يا رب باسماء الحسنى وصفاتك العلى ان ترضى رضوانا لا سخط بعده ابدا على سائر صحابته الكرام رضي الله عنهم اجمعين اجمعين. اللهم ارضى عنهم واحدا واحدا. وارض عن الخلفاء الاربعة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي. وارض عنا معهم يا رب وعن سائر امتي ممن احبهم وترضى عنهم وسلك سبيلهم وانتسب اليهم وافتخر بسلوك دربهم وسبيلهم واهدي يا رب كل مسلم اذ يظنوا بالصحابة ظن سوء او يقدح او يطعن ولا تقر عينا بشامت ولا حاسد ولا مبغظ لهم رظي الله عنهم اجمعين اللهم املأ قلوبنا بحبك وحب نبيك صلى الله عليه وسلم وحب صحابته الكرام رضي الله عنهم اجمعين واسلك بنا سبيلهم يا اكرم الاكرمين واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا ووالدينا. مع النبي صلى الله عليه وسلم في زمرته واكرمنا بشفاعته يوم الدين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا حي يا قيوم. واغفر لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين. واجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم من ارادنا والاسلام والمسلمين بسوء وشر وفتنة. فاجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره. واجعل دائرة السوء تدور عليه يا قوي يا عزيز. اللهم احفظ علينا امننا وايماننا. وسلامتنا واسلامنا ووفقنا لما تحب وترضى. وخذ بنا اتينا الى البر والتقوى لك الحمد يا ربي على رفع الوباء والبلاء فانعم علينا يا ربي واكرمنا بتمام العفو والعافية. اللهم انا اعوذ بك من كل داء وسقم ومرض يا ذا الجلال والاكرام. احفظنا والمسلمين بحفظك واكلأنا برعايتك وتوفنا وانت راض سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين