بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج لمرعى فجعله غثاء احوى واحمدوا الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له خالق الليل والنهار ومدبر الخلق والقاضي سبحانه بما شاء اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد اخوة الاسلام ففي تقلب الايام وتعاقب الفصول سنن عظيمة لله في هذا الكون قال ربنا سبحانه والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم. والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجول القديم. لا الشمس ينبغي لها ان القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون فايات الله في الكون وهذه المخلوقات في الفلك التي يدبرها الحكيم الخبير سبحانه فيها ايات عظام ودلائل خير بينات تدل المؤمن على عظمة الخالق جل في علاه وهذا كله مدعاة للتفكر في خلق الله وملكوت السماوات والارض بطريق الايمان بالله سبحانه وتعالى وتعظيمه وتقديره حق قدره حتى تمتلئ القلوب المسلمة ايمانا بالله العظيم وتعظيما ومعرفة لقدره جل في علاه. ولهذا جاءت الايات داعية الى هذا النظر الى ذاك التفكر الى ملء القلوب بهذا الايمان. يقول الله تعالى اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض؟ وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون؟ ويقول سبحانه قل انظروا في ملكوت السماوات والارض وما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون. وقد اثنى الله عز وجل على اولئك الذين كانت قلوبهم من الحياة ما تعيش معنى التفكر في تلك الايات. ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم. ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار. فيا مؤمنا سبح ربك العظيم الخالق جل في علاه واستنطق جوارحك وفؤادك وكل ذرة في جسدك استنطقها تسبيحا وتكبيرا لخالق الخلق ومدبر الكون جل شأنه. فانها والله ايات عظام. وتعاقب الليل والنهار وتتابع قصور السنة دلائل توحيد وبراهين اثبات على الخلق والتقدير والتدبير تأخذ بقلوب العباد في مدارج التقوى تأمل معي قول الحق سبحانه ان في اختلاف الليل والنهار. وما خلق الله في السماوات والارض لايات لقوم اتقون تفكر ينظر فيه العبد في حكمة الله البالغة في هذا الحر والبرد صيفا وشتاء. ويدخل احدهما على الاخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته. ولو دخل عليه فجأة لاضر ذلك بالابدان وبالنبات وبالحيوان واهلكها ولولا العناية واللطف وتدبير الحكيم الخبير العظيم القدير سبحانه ورحمته واحسانه الى خلقه ما كان كل ذلك ايها المؤمنون فصل الشتاء موسم البرد ونزول المطر وهطول الثلوج حين يكسو الارض ببياضه ويرسم على مشهد الطبيعة صفحة من النقاء والسكون هو احد ايات الله العظيمة في الكون التي يخطو فيها العبد المؤمن مزيدا من خطوات الايمان وعمارة القلوب بتعظيم الله المدبر المتصرف في هذا الكون البديع وقد سمى الله نفسه بديعا بديع السماوات والارض واذا قضى امرا فانما يقول له كن فيكون ومن اجل ارتباط حياة المسلم في الشريعة بعبادته لربه وخالقه في كل ناحية من انحاء الحياة وفي كل كل مجالاتها ومختلف اتجاهاتها فان الشريعة حرصت على ان تربط القلب المؤمن بتلك الايات في الكون فيعيش معها في طريق العبودية مستشعرا تلك الايات العظام. مستصحبا عظمة الخالق عز وجل ليزداد ايمانا على ايمانه ويقترب الى ربه اكثر ويتعرف على دلائل العظمة في الكون التي تدل على عظمة الخالق. وذلك من اجل ان يكون مرور تلك الايام وتعاقب الفصول في السنة ليست حدثا كونيا مجردا ولا ظواهر طبيعية يمر بها العبد بمعزل عن معنى استشعارها في قلبه واثرها في فؤاده ليس العبد المؤمن بقلبه الحي المتصل بالله ليس جمادا من الجمادات ليس جبلا ولا شجرا ولا حجرا يمر عليه الصيف والشتاء سيان ليس القلب المؤمن المتصل بالله العارف باياته في الكون ليس شيئا هدرا في هذا الكون لا يفرق بين حر وبرد وصيف وشتاء ومطر وقيظ. لكنها ايات كلما تعاقبت ازداد ايمانا وارتبط في كل حوادث الكون بالخالق سبحانه. هذا لانه مؤمن مرتبط بتلك الايات العظام التي دلت عليها الشريعة حرصت الشريعة على اغتنام المسلم لهذا الفصل من فصول السنة الشتاء وتوظيفا لهذا الموسم في طريق لربه على اكمل وجه واتم به ها هنا يأتي هذا النظر البديع فيما صح عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفاروق وهو يقول الشتاء غنيمة العابدين صح هذا عن عمر رضي الله عنه فيما اخرجه ابن شيبة في المصنف وابو نعيم في الحلية اراد هذا المحدث الملهم الفاروق عمر رضي الله عنه اراد ان العابد يفرح بالشتاء غنيمة تجد فيها من التزود من اصناف العبادة ما لا يظفر به في غيره. هذا الذي قرره السلف رضوان الله عليهم بعبارات متقاربة فاسمع رعاك الله. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرحبا بالشتاء تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام ويقول ابو هريرة رضي الله عنه الا ادلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا بلى. فكان يقول رضي الله عنه الصيام في الشتاء وقيام ليل الشتاء يقول الحسن البصري رحمه الله نعم زمان المؤمن الشتاء. ليله طويل يقومه ونهاره قصير يصومه. هي تحمل من فقه السلف رضوان الله عليهم طرفا بديعا من معنى حديث النبي صلى الله عليه واله وسلم. فيما روى ابو سعيد الخدري الله عنه قال الشتاء ربيع المؤمن الحديث اخرجه احمد وابو يعلى زاد البيهقي في روايته الشتاء ربيع المؤمن قصر نهاره فصام وطال ليله فقام. الحديث في هي ضعف تفرد به عمرو عن دراج قال احمد احاديث دراجة منكرة ابو السمح المصري. الحديث ايضا اخرج الترمذي قريبا منه والامام احمد والبيهقي وابن خزيمة مرسلا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء والحديث عن عامر ابن مسعود رضي الله عنه وحسنه الالباني بشواهده هذا الحديث الضعيف في سنده بطرق احاده لكن شواهده تقويه. ومعناه صحيح كذلك تأملوا هذا الحديث المرفوع وتلك الاثار الموقوفة عن الصحابة رضي الله عنهم تدل على امر فانها وصفت الشتاء بوصفين الاول انه ربيع المؤمن والثاني انه غنيمة باردة فلنأخذها واحدة واحدة اما كون الشتاء ربيع المؤمن فلانه يرتع فيه في بساتين الطاعة ويتنزه قلبه في رياض الاعمال الصالحة الميسرة في الشتاء كما هي الحقول في الربيع. اليست تزدان بتفتح الازهار وجريان الانهار واخضرار الارض موسم الشتاء هو ربيع في الاعمال الصالحة التي تجري انهارها وتتفتح ازهارها وتطيب اجواؤها في في حياة العبد المؤمن وفي قلبه فهل رأيتم عاقلا صحيحا سليما يأنف من الربيع او لا تنبسط له روحه كذلك الشتاء في قلب المؤمن هو بهذا المعنى البديع ربيع في قلبه يأنس بالشتاء اذا حل انس روحي يجد فيه معنى من معاني الربيع تفتح الازهار وجريان الانهار. لكنها ليست الحسية بل هي المعنوية بالطاعة التي يفرح بها المؤمن فينبسط لذلك كله حائزا في صحائف عمله ما يرجو به تثقيل ميزانه وما يلقى الله وعلا اما الوصف الاخر وهو الغنيمة الباردة فيقول الحافظ ابن رجب رحمه الله ومعنى كونه غنيمة باردة انها جعلت كالغنيمة عندما تحصل بغير قتال ولا تعب ولا مشقة فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة. واما قيام ليل الشتاء فلطوله يمكن ان تأخذ النفس حظها من النوم ثم تقوم. انتهى كلامه رحمه الله. ويقول السندي رحمه الله الغنيمة الباردة هي الحاصلة بلا تحمل كلفة المحاربة. وصوم الشتاء له اجر بلا تحمل انشقت الجوع لقصر الايام ولا العطش لبرودتها ففيه ترغيب للناس في صوم الشتاء. ويقول الحافظ المناوي رحمه الله والعرب تستعمل البارد في شيء ذي راحة تستعمل لفظ البارد في شيء ذي راحة والبرد ضد الحرارة. لان الحرارة غالبة في بلاد العرب فاذا وجدوا بردا عدوه راحة فاذا وصفوا الشيء بالبارد ارادوا به المريح الذي لا تعب فيه ولا نصب هما عبادتان رغبت فيهما الشريعة ايام الشتاء ايها المسلمون وهما من اجل العبادات في الاسلام واوفرها حظا بالاجر والثواب عند الله. ولاهلهما من الكرامة والحظوة ما ليس لغيرهما من سائر اصناف العباد اداة صيام النهار وقيام الليل ولاجل هاتين العبادتين كان رمضان غرة الشهور في العام نهاره يصام وليله يقام. ومن هذين البابين جاء الاغراء في رمضان بالعفو والمغفرة الجليلة. من صام ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمظان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فالذي يظفر ايام الشتاء بصيام النهار القصير وقيام الليل الطويل فما اشبه عيشه بايام رمضان ما اشبهه بعيش ايام رمضان وعندئذ سيجد معنى الانس ويهنأ ايضا بالفوز والنعيم. وانا لعلى نحو اسابيع عشرة من بلوغ رمضان نسأل الله ان يبلغنا واياكم ايامه بعفو وعافية وسلاما اما باب الصيام وهو احد هذين البابين. فقد تزاحمت في فضله والترغيب فيه نصوص الشريعة. من ذلكم قول النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا هل لك عبد الله عبادة ميسرة في مثل هذه الايام التي يقصر نهارها ببرده فلا يجد فيها الصائم حر الجوع ولا العطش. ثم يكون له من الظفر ان الله يكرمه. فيباعده عن النار يوم القيامة مسي سبعين سنة فكيف اذا صام يومين وثلاثة واربعة وما قدر الله له هو الترغيب الشديد في ان يظفر المسلم بتلك العبادة ولربما شقت عليه تلك العبادة سائر ايام العام لاشتغاله بالوظائف والاعمال وطلب المعاش او لطول الصيف وحره. فلا يكاد يقدر الا على صيام الفريضة في رمضان وكلما عزم على صيام النوافل حالت دونه الحوائل واعترظته الموانع. فها هو دجا الشتاء ها هو ذا فصل الشتاء قد فيجد فيه من العون والقدرة عليه فيما لا يقدر عليه في غيره واما الحديث الاخر الذي يحفز القلوب للشوق الى عبادة الصوم والاقبال عليها بما استطاع العبد من ايام سنته. فقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما جاء في الحديث القدسي كل عمل ابن ادم له قال الله الا الصيام فانه لي وانا اجزي به. قال اهل العلم كل عمل ابن ادم له بمعنى ان له حظا ومدخلا لاطلاع الناس عليه. كل عمل ابن ادم قد يكون له مدخل في اطلاع الناس عليه وربما ايضا يحوز به حظا من الدنيا من الصلاة وقراءة القرآن والصدقة وسائر الاعمال الصالحة. قال الله الا الصيام بمعنى فانه خالص لي ولا ثوابه الا الله عز وجل قال الا الصيام تدري لم لانه بوسعه ان يكف عن الطعام والشراب امام الناس لكن لن يصوم حقيقة الا فيما بينه وبين الله فكان الصيام من اخص عبادات الاخلاص. قال الا الصيام فانه لي. وانا اجزي به ثم قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان اذا افطر فرح واذا لقي ربه فرح بصومه اخرجه البخاري يفرح عندما يصوم لانه اتم صيام يوم وانجز عباده فضلا من الله فيفرح وربما كان الفرح ان يفطر على لقيمات هنيئة وطعام لذيذ وشراب سائغ فيفرح يفرح لان الله امده بصحة وعافية واقدره على صوم يوم لما لا يفرح لكن الفرحة الكبرى هناك يوم يلقى الله. قال واذا افطر او اذا لقي ربه فرح بصومه بالله كم تريد ان تفرح يوم القيامة صم من ايام سنتك فرضا ونفلا بقدر ما تشتاق الى قدر من الفرح يوم تلقى الله وستدرك عندئذ ان اكثرنا صوما باخلاص وبأداء الصوم على حقه هم اكثرنا فرحا يوم القيامة قال واذا لقي ربه فرح بصومه وها هو ذا الصوم مدرسة لتهذيب النفوس وتخليصها من الشوائب. وان ترتقي في سماء التقوى اما قال الله عز وجل في فرض الصيام في سورة البقرة لعلكم تتقون فالصيام مدرجة في طريق التقوى. وكلما ازداد منه العبد صوما مخلصا واداء للصيام بحقه فانه لا يرتقي في هذا المدرج العظيم يسابق فيه اولياء الله الصالحين ها هو ذا الصيام في فصل الشتاء يا كرام ايسر ما يكون والله. ايسر ما يكون كلفة واقل عناء واقل جوعا وعطشا وابرد على القلب وايسر على النفس المؤمنة فلا عطش لبرد الجو ولا جوع لقصر النهار. فهنيئا لمن عزم واقدم غفر واغتنم هنيئا والله وحسرة لمن قدر وتيسرت الامور وكانت بين يديه فما استطاع ان يظفر بصوم يوم اثنين او خميس. او الايام البيض او يصبح ذات اليوم سليما معافا امنا مطمئنا فاراد ان يصوم يوما لله عز وجل لا لشيء الا لانه يريد ان يكون له في فصل كهذا قصير النهار طويل الليل ان يكون له شيء من سهم عمل صالح يرمي به يدخره لاخرته يوم يلقى الله. واما باب القيام العبادة الاخرى التي رغب فيها في فصل ايها المسلمون فعبادة الصالحين ودأب المتقين وزادوا الاتقياء الصالحين الذي تسابقوا فيه في جوف الليل. قال رب العالمين ثناء على اهل الليل تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون. اسمع اسمع الى الى الكرامة فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين انه من بالغ التشويق لاجر القيام ان يقول لك علام الغيوب لن يبلغ علمك وصف الكرامة التي ادخرها الله لاهل الليل يوم القيامة فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون اثنى الله عز وجل في عدد من الايات على العباد الذين لا يقضون ليلهم حسرة لا يظفرون فيه بركعتين لله ان المتقين في جنات وعيون اخذين ما اتاهم ربهم انهم كانوا قبل ذلك محسنين اسمع الى احسان المتقين في دنياهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون وهذا اول اوصافهم انهم يقومون لله عز وجل ويستغفرونه في جوف السحر فما اسعدها من حياة والله يجد فيها العبد المؤمن في ليلة من ليالي حياته ركعتين يقومها لله ليس فرضا يبحث فيه عن تبرئة ذمته من التبعة والعقاب والحساب لا هو قام شوقا لله وحبا للوقوف بين يديه يقرأ ما تيسر من كتاب الله يركع تعظيما لله يسجد طمعا في رحمة الله وطلبا في عظيم فضله وعطائه ونواله لمن يطرق ابواب الدعاء في تلك الساعات جوف السحر هذا الوصف الذي خص به الموفقون من اهل الايمان جاء كثيرا في نصوص الشريعة اغراء وحثا اثنى الله عز وجل على عباد الرحمن فذكر في صفاتهم والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما يبيتون بين سجود وقيام. علموا علموا حقيقة ان تلك الساعات التي يتقلب فيها الناس على الفرش وتهدأ فيها العيون وتغمض فيها الجفون وتسكن فيها الارواح هي ساعة اختلاء. اختلاء المحب من يحب اختلاء العبد بخالقه وربه فيجد من خفة الروح وانسها في ملاقاة ربها واستمتاعا بما يدنو من كلام الله واسترواحا وتلذذا بالدعوات المناجاة والركوع والسجود فعندئذ يكون ممن ادمن تلك العبادة فلا يقبل لنفسه ان تمر عليه ليلة الا وله لله عز وجل فيه ركعتان او اكثرا يريد ان يحوز في صحيفته ما اثنى الله تعالى به على اولئك الصالحين قال النبي عليه الصلاة والسلام واسمع كيف كان يحث شباب الصحابة على هذه العبادة الجليلة. قال لعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل بقرة هذه الكلمة في سمع عبد الله بن عمرو والحديث في البخاري فعلم انها وصية نبوية نفيسة ان من وفقه الله فاستطاع ان يجعل في عمله شيئا من قيام الليل فخسارة والله ان يترك ذلك. قال اهل العلم لانه كالمعرض بعد الوصل فهو معرض للذنب واما عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فلما رأى تلك الرؤيا فذهب وقصها على اخته حفصة رضي الله عنها ام المؤمنين اخبرت حفصة رضي الله عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم بما رأى اخوها عبد الله فماذا قال قال لها كلي جملة في كلمتين. قال لها نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل فبلغت حفصة رضي الله عنها اخاها عبدالله بتأويل رسول الله صلى الله عليه وسلم لرؤياه قالت يقول لك نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل. قال فكان بعده لا ينام من الليل الا قليلا علموا الطريق وكانت وصية رسول الله عليه الصلاة والسلام لهؤلاء الصحب الكرام وهم في سن الفتوة وبدايات الشباب كانت لفتة الى اغتنام الاعمار وادراك ان هذا المعنى البديع ينبغي ان يظفر به المسلم من اول حياته. لتكون عامرة بتلك الكنوز التي تستخرج من مناجم قيام الليل. في الحديث الذي اخرج الترمذي وابن خزيمة وحسنه الالباني يقول عليه الصلاة والسلام عليكم بقيام الليل فانه دأب الصالحين قبلكم وقربة لكم الى ربكم مكفرة للسيئات ومنهاة عن الاثم من اراد ان تخف روحه وان تنشط في طريق الطاعة وان يزداد قربا من الله وان يأنس بالمناجاة وحلاوة الذكر وقراءة القرآن وان يسلك في طريق عباده لله الصالحين فعليه بقيام الليل وليس معنى هذا يا كرام انه ينبغي ان تفعل كما تفعل ايام رمضان ولا يخطر ببالك انه لا ينبغي قيام ليل الا بعشرين ركعة او بعشر ركعات وانه لابد ان تقرأ فيها حزبا او جزءا ولابد ان تختم في كل عشر ايام مثلا عشرة ايام او في شهر او اقل لا يا حبيبي قيام الليل ولو بركعتين لله تقرأ فيهما ما تيسر. يقول النبي عليه الصلاة والسلام من قام بعشر ايات لم يكتب من الغافلين ومعناها انه من لم يظفر ولو بركعتين يقرأ فيهما ولو عشر ايات كان غافلا تلك الليلة. نسأل الله السلامة غفلة والله ان بات العبد المؤمن وما وجد لنفسه خمس دقائق يركع فيها لله ركعتين قيام ليل بعد ما يفرغ من صلاة العشاء وسنتها فيجعلها ركعتين لله قبل ان يوترا قال من قام بعشر ايات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمئة اية كتب من القانطين امن وقانط اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ انما يتذكر اولو الالباب. هذا قانت قال الله وقوموا لله قانتين قال عليه الصلاة والسلام من قام بعشر ايات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمئة اية كتب من القانطين. ومن قام بالف اية كتب من المقنطرين يعني الذين حازوا قنطارا من الاجر هذه القناطير العظيمة التي يسبق اليها السابقون هي درجات والمقصود عبد الله الا يقعد بك الشيطان عن قيام لله عز وجل في هذه الليالي الطويلة الباردة ولو بركعتين غبن والله يا احبة ان يكون الليل بطوله ننتهي من صلاة العشاء مبكرا وبيننا وبين الفجر ساعات طوال وفي بعض بلاد الناس يبلغ الليل ساعات اضعاف ما هو في النهار. اقول حسرة والله وغضب ان تمضي ساعات الليل الطوال فنقضي فيها اعمالا ونشهد فيها مناسبات ونأكل ونشرب ونأنس بالاهل والاولاد ونذهب ونجيء ونفعل كل شيء ثم نعجز ان نجد فيها خمس دقائق او ربع ساعة او نصف ساعة نجعلها ذكرا لربنا قائمين وراكعين وساجدين ليس شيء من ذلك سيزاحمك عن سائر عملك في تلك الليالي. لكنها اليقظة والتوفيق الالهي ولا شك وبضدها الغفلة عندما تمر الليلة تلو الليلة والليالي المتتابعات ثم لا يشعر احدنا بحسرة ليس لانه ترك واجبا هو قد صلى الفريضة وشهد العشاء وربما اوتر فحاز اجر تلك السنة العظيمة لكن الكلام على باب من الفضل يخص الله تعالى بها من اصطفى من عباده او يأذن لهم سبحانه بان يقوموا بين يديه. ها هو ذا الشتاء يا كرام ستمضي ايامه وتنطوي. وتكون مرحلة تمر بنا ونمر بها. فرص الخير عابرة. والحياة قصيرة. وصحائف الاعمال ترصد فيها الحسنات. ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن عجز عن نواسم السعة واليسر والسهول فهو في غيرها اعجز. واقل ذلك ركعتان بما تيسر من القرآن وهي دعوة ان تنشط النفوس بهذا الاغراء الذي جاء في الشريعة. وقول عمر رضي الله عنه الشتاء غنيمة العابدين. فادركوا رعاكم الله ما كتب الله لكم من التوفيق والتيسير في هذه الايام التي هي موسم العبادة هي ربيع المؤمن. وهي فرصة للازدياد من الطاعات والاستكثار دار من الحسنات. اللهم انا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تكتبنا في خيرة عبادك الصالحين وحزبك المفلحين واولياء يائك المتقين يا رب العالمين اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية يا رحمن يا رحيم اللهم انا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وان تغفر لنا وترحمنا. واذا اردت بعبادك فتنة اقبضنا اليك غير مفتونين يا حي يا قيوم. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا ذا الجلال والاكرام اللهم انا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والعزيمة على الرشد والسلامة من كل اثم والغني من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار يا ارحم الراحمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا ارزقنا يا ربي بره في الحياة وبعد الممات يا ذا الجلال والاكرام. واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا في جنات ونهر. في مقعد صدق عند مليك مقتدر. نعوذ بك يا ربي من الزيغ بعد الهدى. والضلال بعد الاستقامة. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث فاصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا الى انفسنا طرفة عين. الهنا وخالقنا وسيدنا ومولانا. اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا رحمن يا رحيم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى نبينا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين