ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك كلا واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها. وبث منهما يا رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام. ان الله كان عليكم رقيبا. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد فان اصدق الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. معشر المسلمين الله عز وجل امتنا بخصائص كثيرة وفضائل جمة فكانت لهذه الامة الحفاوة والسعادة والخيرية الا وان من اعظم ما خصصنا به امة الاسلام هذا اليوم العظيم المبارك يوم الجمعة الذي اضل الله عنه اليهود والنصارى. فعن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت وكان للنصارى يوم الاحد. فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة. اخرجه مسلم. وفي الصحيحين نحن الاخرون السابقون يوم القيامة انهم اوتوا الكتاب من قبلنا. ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه. فهدانا الله له رسولنا تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد فهذا اليوم المبارك الذي ادخره الله لنا دون الامم من قبلنا فيه من الفضائل والخصائص ما ليس لغيره من الايام. فهو سيدها واعظمها شرفا. قال نبيكم صلى الله عليه وسلم فيما اخرج مسلم خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق ادم وفيه ادخل الجنة وفيه اخرج منها ولا تقوم الساعة الا في يوم الجمعة انه يوم الحسنات والخيرات والبركات. وتكفير الذنوب والسيئات. قال سلمان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه او يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين فاثنين ثم يصلي ما كتب له. ثم ينصت اذا تكلم الامام الا غفر له ما بينه وبين جمعة اخرى اخرجه البخاري وفي الصحيح ايضا والجمعة الى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر ولم يزل يوم الجمعة مجمع خير وبركة وفضل حتى صار الموت يوم الجمعة وليلتها ممتازا عن غيري وهو علامة حسن الخاتمة بامر الله. فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت يوم الجمعة او ليلة الجمعة الا وقاه الله تعالى فتنة القبر. صحيح اخرجه احمد والترمذي فيومكم هذا يوم فضل وعبادة. وهو في الايام كشهر رمضان في الشهور. حتى ان من اهل العلم من شرع يفاضل بينه وبين يوم عرفة في الفضائل والخصائص ومع ذلك كله فان يوم الجمعة انقلب عند كثير منا اليوم الى يوم بطالة وعبث ونوم طويل. تمر بنا جمعة تلو الجمعة مرور الكرام. ولا نستشعر فظلها او نصيب من خيرها وبركتها. بل ان من الناس من يدخر هذا اليوم للمعاصي والسيئات كونه يوم عطلة وفراغ ولا حول ولا قوة الا بالله اما نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم. فقد كان من هديه التام تعظيم هذا اليوم وتشريفه. وتخصيص بعبادات ليست في غيره. ولم يزل صلى الله عليه وسلم يحض امته ويرشدها الى اغتنام بركة هذا يوم وادراك فضله وقد ادرك صحابته الكرام رضي الله عنهم ان ليوم الجمعة عنده صلى الله عليه وسلم قدرا وخصوصية من خلال تمييزه يوم الجمعة عن غيره ببعض الاعمال. ومن ذلك صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر يوم الجمعة بسورتي السجدة وهل اتى على الانسان؟ السنة التي زهت فيها كثير من الناس والاغتسال يوم الجمعة من اكد السنن حتى قال بعض اهل العلم بوجوبه لقوله صلى الله عليه وسلم اذا جاء احدكم الجمعة اذا جاء احدكم الى الجمعة فليغتسل. متفق عليه ولو لم يكن في يومكم هذا الا صلاتكم هذه لكفاه شرفا وفضلا وقد اعتنى الاسلام بشأن صلاة الجمعة ايما اعتناء. وشرع لها ولاجلها سننا وواجبات وحرم لاجل بعض المباحات فصلاة الجمعة مجمع اهل الاسلام ومجلس ذكرهم وعبادتهم وتواصيهم بطاعة الله جل وعلا يتعلمون فيها سنة ويحذرون بدعة ويصححون خطأ ويهدون حائرا ويعلمون جاه ويجددون عهود الاخوة والمودة باللقاء والاجتماع. قال ربكم عز اسمه يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع. قال الحسن رحمه الله اما والله ما هو بالسعي على الاقدام. وقد نهوا ان يأتوا الى الصلاة الا وعليهم السكينة والوقار. لكنه السعي القلوب والنية والخشوع اخرج مسلم في صحيحه عن ابي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما انهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على اعواد منبره لينتهين اقوام عن ودعهم اي تركهم الجمعات او ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين وان من تمام عناية الاسلام بصلاة الجمعة معشر المسلمين. ما شرع لها من احكام تختص بها. فمن ذلك تأكد لها كما تقدم والتطيب والتسوق ولبس احسن الثياب. ففي الحديث الذي اخرجه احمد وصححه ابن خزيمة عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب ان كان له ولبس من احسن ثيابه ثم خرج وعليه السكينة حتى يأتي المسجد ثم يركع ان بدا له ولم يؤذي احدا ثم انصت اذا خرج امامه حتى يصلي. كانت كفارة لما بينهما وعند مسلم من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه غسل يوم الجمعة على كل محتلم. وسواك تمس من الطيب ما قدر عليه اما التبكير الى صلاة الجمعة فسنة مهجورة كادت ان تموت. فرحم الله من احياها وعمل بها فان الناس لم تزل تتأخر عن صلاة الجمعة وكثير انما يحضر اثناء الخطبة او بعدها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض الاجور اغراء للامة للتبكير في حضور الجمعة. فهل للراغب في به وحثه عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه اذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على ابواب المسجد فيكتبون الاول فالاول. فمثل المهجر الى الجمعة كمثل الذي يهدي بدنه ثم كالذي يهدي بقرة ثم كالذي يهدي كبشا ثم كالذي يهدي دجاجة ثم كالذي يهدي بيضه فاذا الامام وقعد على المنبر طووا صحفهم وجلسوا يسمعون الذكر ثم يستحب للعبد ان يشتغل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن حتى يخرج الامام. واكد ما يقرأ من القرآن سورة الكهف لقوله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة اضاء له من النور ما بين الجمعتين ويجب الانصات للخطبة والاهتمام بما فيها. وجاء التحذير الشديد من ادنى انشغال عن الخطبة يوم الجمعة ان يفسد عليه جمعته في الصحيحين اذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والامام يخطب فقد لغوت. وزاد احمد في رواية ومن لغى فليس له في جمعته تلك شيء. وعند ابي داود وابن خزيمة. ومن لغى او قطا كانت له طهرا. والتخطي هو حضور المتأخر. وتقدمه في الصفوف متخطيا رقاب الجالسين السابقين. اما سنة الجمعة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها ركعتين بعد الجمعة. وامر من كان مصليا بعد الجمعة ان يصلي اربعا. وقد جمع اهل العلم بين الامرين بصلاة الركعتين ان كانت في البيت او مع ان كانت في المسجد وليست صلاة الجمعة ظهرا حتى يصلى لها ركعتان قبلها. بل هي صلاة منفردة. ومن دخل المسجد والامام يخطب صلى ركعتين خفيفتين قبل ان يجلس بحديث جابر رضي الله عنه قال جاء سليف الغطفاني يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا جاء احدكم يوم والامام يخطب فليصلي ركعتين ثم ليجلس. وفي بعض الروايات انه سأله يا فلان هل صليت قال لا. قال قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما. يعني خفف فيهما عباد الله ان من التهاون البين بيوم الجمعة وصلاتها ما يرى من تساهل وتفريط وتأخير واهمال وكل ذلك خلاف هدي نبينا صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك التفريق اعتياد السهر ليلة حتى ساعات متأخرة من الليل. فتفوت صلاة الفجر. وفي الحديث الذي صححه الالباني افضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة وربما فاتت الجمعة او حضرها متأخرا فيفوت الاجر والفضيلة. ومن ذلكم الانشغال بالبيع والشراء بعد الجمعة الثاني ولو كان شراء سواك على باب المسجد. فان ذلكم منهي عنه فاسعوا الى ذكر وذر بيع ومن ذلكم جلوس المبكرين الى المسجد في مؤخرة المسجد. او ساحاته والزهد في الصفوف للاول رغبة في اسراع الخروج. وكذلك تخطي الرقاب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل تخطى الناس يوم الجمعة وهو يخطب اجلس فقد اذيت واذيت يعني تأخرت فاتقوا الله معشر المسلمين وعظموا يومكم هذا واستغفروا ربكم والزموا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم تصلحوا وتهتدوا بارك الله لي ولكم وتقبل منا ومنكم وغفر لنا ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين تستغفروه وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد معشر مسلمين فان الجمعة خير ايام الدنيا. مشهد من المشاهد مما لا تصف عظمته الالسنة وشعير جليلة من شعائر الاسلام. ومظهر رائع من مظاهره العظام. يجب على الامة ان تعتني به وان تدرك كفظائل الاوان من اجل فضائل يوم الجمعة وخصائصه تلك الساعة الالهية الجليلة. والمنحة الربانية عظيمة التي يغمر فيها العباد بالفيض الالهي وكرم الكريم سبحانه. انها ساعة الاجابة التي قال عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم ان في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا الا اعطاه. وقال بيده يقلدها صلى الله عليه عليه وسلم متفق عليه اما موضع هذه الساعة من هذا اليوم المبارك فهو امر شغل علماء الامة سلفا وخلفا ولهم في ذلك اقوام ارجحها بالدليل قولان. الاول انها من جلوس الامام الى انقضاء الصلاة لحديث ابي موسى رضي الله عنه مرفوعا هي ما بين ان يجلس الامام الى ان تقضى الصلاة. اخرجه مسلم. والاخر انها اخر ساعة بعد العصر يوم الجمعة. وهو ارجح القولين. قال الامام احمد اكثر الاحاديث في الساعة التي يرجى فيها اجابة الدعاء انها بعد صلاة العصر. ومن ذلك ما اخرج ابن ماجة من حديث عبد بن سلام رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اي ساعة هي؟ قال اخر ساعة من ساعات النهار قلت انها ليست ساعة صلاة. قال بلى ان العبد المؤمن اذا صلى ثم جلس لا يجلسه الا الصلاة فهو في صلاة الا فليطرق الفقير باب الغني والمحتاج باب الكريم وكلنا كذلك فهنيئا لعبد وفقه الله لباب الدعاء فاصاب ساعة الاجابة. لتنكشف عنه الكروب وتزول الهموم. وتقضى ديو وتيسر الامور. فمن ذا الذي حرم فضل الغني الكريم جل في علاه. واعلموا رعاكم الله ان من ولاعمالكم وازكاها ومن اعظم قربكم وطاعاتكم الصلاة والسلام على نبيكم صلى الله عليه وسلم توصى في هذا اليوم العظيم فعن اوس بن اوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان من افضل ايامكم يوم الجمعة فيه خلق ادم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فاكثروا علي من الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علي. حديث صحيح اخرجه احمد واصحاب السنن. قال ابن القيم رحمه الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الانام. ويوم الجمعة سيد الايام. فلصلاة عليه في هذا اليوم مزيد ليست لغيرها مع حكمة اخرى. وهي ان كل خير نالته امته في الدنيا والاخرة. فانما على يده فجمع الله لامته بين خير الدنيا والاخرة. فاعظم كرامة تحصل لهم فانما تحصل يوم جمعة فان فيه بعثهم الى منازلهم وقصورهم في الجنة. وهو يوم المزيد لهم اذا دخلوا الجنة. وهو يوم لهم في الدنيا ويوم يسعفهم الله بطلباتهم وحوائجهم. ولا يرد سائلهم. وهذا كله ان ما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده صلى الله عليه وسلم. فمن شكره وحمده واداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم ان نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته انتهى كلامه رحمه الله. وربكم قد قال وفي كتابه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. اللهم فصل وسلم وبارك على عهدك ورسولك محمد عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وسلم وبارك عليه بعدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. اللهم صلي عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين. وصحابته الغر الميامين والتابعين لهم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اللهم ارض عنا معهم والحقنا بركبهم بعفوك وكرمك يا اكرم الاكرمين اللهم انا نسألك من كل خير خزائنه بيدك. ونعوذ بك يا رب من كل شر انت اخذ بناصيتي نسألك يا ربي سؤال الفقير المحتاج وانت الغني الكريم يا ربي انت القوي ونحن الضعفاء. انت الغني ونحن الفقراء نسألك يا رب فواتح الخير وخواتمه وجوامعه واوله واخره وظاهره وباطنه. ونسألك العلا من الجنة يا ارحم الراحمين. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم كما ربونا صغارا. اللهم ارفعك الجنات درجاتهم وكفر سيئاتهم واجمعنا بهم وازواجنا وذرياتنا في جناتك جنات النعيم. الهنا وخالقنا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا واهدنا وتقبل منا يا يا قيوم اللهم انا نسألك من بركات هذا اليوم وخيراته وفضائله ما اعددته لعبادك الصالحين. اللهم اجعلنا افي خيرة عبادك الملازمين لفضلك وجودك واحسانك يا اكرم الاكرمين. اللهم وفق وايد بالحق امامنا وولي امر خادم الحرمين بكل خير وهدى وسداد ورشاد يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين. والحمدلله رب العالمين الله