نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون يا ايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء. واتقوا الله الذي تساءلون به ارحام ان الله كان عليكم رقيبا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما اما بعد اخوة الايمان ففي رحلة المسير الى الله والدار الاخرة يتنافس الصالحون ايما تنافس في الاستباق الى الجنة والدرجات العلى كل يبتغي رضا الرب وسكن الفردوس الاعلى وليس هم يؤرق الصالحين والاخيار اعظم من تفكيرهم في السبل التي تقربهم من ربهم جل جلاله وتحل عليهم عفوه ورضاه. قد شغل هذا الهم فكرهم وملأ قلوبهم. فمن اجله يقومون ويقعدون ولاجله يتعبون وينصبون فهم كما وصف الله الذين يذكرون الله قياما وقعودا و على جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطنا سبحانك فقنا عذاب النار فما من باب من ابواب الجنة الا طرقوه ولا طريق من طرق الخيرات الا سلكوه. ولا موسم من مواسم البركات الا اغتنموه. يجمع احدهم في رصيده من الحسنات ما يرجو به ان ينال رحمة الله في الاخرة. ومهما احدوشته الشياطين فالم بشيء من المعاصي سيئات عاد وتاب واستغفر واناب وانطلق يحث الخطى في مضاعفة العمل الصالح. يكفر ما اسلم ويعوض ما اتلف ومضى بهمة صادقة وعزيمة جادة يستكثر من القربات ويتطوع بعد استكمال الواجبات. يخشى ان يدركه الاجل قبل استدراك الزلل يدفعه في ذلك كله رحمة والله الواسعة التي تغفر الذنوب وتستر العيوب وتظلل الصالحين وتنال المحسنين فكان من رحمة الله بعباده عباد الله ان شرع لهم من الاسباب والاعمال ما يضاعف به ثوابهم. ويعظم به اجور حسناتهم. لئلا يحيط بهم شعور اليأس والقانون. ولا يوقعهم ابليس في خندق الجزع والاحباط. فجاءت نصوص الكتاب والسنة مبشرة بذلك الجود الالهي لسوق العباد الى فضل الله ورحمته. ان من اعظم ما يضاعف به ثواب العمل الصالح عبد الله صدق الاخلاص فيه لرب العالمين. مع تمام المتابعة للصادق الامين صلى الله عليه واله وسلم نعم فلا ارجى والله للعبد يوم يلقى الله من هذين الامرين وانا لنقرأ في كتاب الله فمن كان يرجو ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. صلاتك عبد الله نفقتك وبرك واحسانك كل عملك الصالح. مهما قل يضاعف اجره عند اكرم الاكرمين. اضعافا ما قمت به من عمل بقوة اخلاصك فيه وشدة اتباعك للسنة. كم من عمل قليل مع اخلاص تام سبق عملا كثيرا دونه في الاخلاص والقصد لله سبحانه وانما تتفاضل الاعمال الظاهرة عند الله بتفاضل ما يقوم بالقلوب من ايمانها واخلاصها فالاخلاص سر العبادات وجوهرها وروحها. وانما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى وابو بكر رضي الله عنه امام هذه الامة وقائدها بعد نبيها عليه الصلاة والسلام. وخليفته من بعده سبق الامة جميعا بكثرة صلاته او صدقته وصيامه بل بامر وقر في قلبه بقوة اخلاصه وصدق ايمانه حتى لقب بالصديق رضي الله عنه وارضاه وما قصة الثلاثة اصحاب الغار معهم عنا ببعيد. حين انطبقت عليهم الصخرة فجأروا الى الله يكشف كربهم وينجيهم من محنتهم. فتأملوا حين تنادوا فقال بعضهم لبعض انه والله يا هؤلاء لا ينجيكم الا الصدق فليدعو كل رجل منكم بما يعلم انه قد صدق فيه اي بما صدق فيه بما صدقت فيه نيته واخلاصه لربه في عمله. فانظروا كيف بحثوا في اعمالهم ايها اعظم صدقا واخلاصا ليتوسلوا به الى الله لم ينظروا في اكثرها عددا ولا اشدها تعبا وجهدا. فكان لهم ما ارادوا حين دعا كل منهم بما عمله بشدة اخلاصه فيه به سبحانه ايها الصالحون ومن اسباب مضاعفة ثواب العمل الصالح عند ربنا الكريم الجواد سبحانه صحة العقيدة وسلامتها من شوائب والمنكر وقوة الايمان بالله وباسمائه وبصفاته فان ذلك يثمر تعلقا للعبد بربه ومزيد اذا له في حبه سبحانه وقوة في ارادة العبد ورغبة في الخير. وكلما كان العبد اعرف بربه كان ومحبا له وخضوعا وخشية وخوفا. وتلكم اركان العبادة التي ينال بها العبد عفو خالقه ورضاه. فالعالم حق العلم باسماء الله وصفاته. العارف بربه جلت قدرته يضاعف عمله مضاعفة كبيرة لا يحصل مثلها ولا قريب منها لغيره. فانه لعلمه بربه ينال من محبته وخشيته واستشعار اثار اسمائه وصفاته ما يجعله قريبا منه مختصا محتفيا به فلن يعمل العبد عملا صالحا بهذه المثابة الا وهو محبوب عند ربه مقبول لديه سبحانه وذلك قوله عز وجلي انما يخشى الله من عباده العلماء. وقوله تبارك اسمه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون فهذا باب عظيم من ابواب القبول من الخالق جل وعلا غفل عنه كثير من الخلق فاضحت عبادات بعضنا لا تعني شيئا سوى رسوم ومظاهر جوفاء. لا يحس احدنا بها قربا من الله ولا مزيدا في رصيد ايمانه. وانما يصل العبد بعمله الصالح الى باب مولاه. اذا عرف الطريق اليه. فدونكم عباد الله معرفة ربكم وخالقكم. هذه اسماؤه الحسنى وصفاته العلى مبثوثة في الكتاب والسنة لتدبرها وتأملها والعمل بمقتضاها الا وان من اسباب مضاعفة العمل الصالح عند الله عباد الله. عظم وقعه واثره وعموم نفعه وغنائه للاسلام والمسلمين اجل فكلما كان العمل الصالح اعظم نفعا واثرا كان اعظم عند الله ثوابا واجرا في الحديث الحسن الذي اخرجه عبدالله ابن الامام احمد يقول نبينا عليه الصلاة والسلام احب العباد الى الله تعالى انفعهم لعياله وفي الاخر الذي روى الطبراني والدار قطني والبيهقي خير الناس انفعهم للناس وقد اخرج ابن ابي الدنيا والطبراني بسند حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احب الناس الى الله انفعهم. واحب الاعمال الى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم او تكشف عنه كربة او تقضي عنه دينا او تطرد عنه جوعا ولان امشي مع اخي المسلم في حاجة احب الي من ان اعتكف في المسجد شهرا هذا العمل اليسير الذي ينفع عموم الخلق يعظم اجره بعظم اثري. وان رجلا غفر الله له ذنبه وادخله الجنة. بازاحته غصنا لا شوك من طريق الناس كان يؤذيهم فاي عمل خير ينفع المسلمين من طعام وشراب وكسوة وقضاء دين وتفريج كرب ونحو ذلك باب من ابواب مضاعفة الاجور. ورأس ذلك واعظمه اثرا للاسلام والمسلمين. الجهاد في سبيل الله بانواعه سواء كان جهاد سيف للكفرة الصادين عن سبيل الله او جهاد قلم ولسان بنشر العلم والدعوة الى الله لدلالة الناس على الخير ونصحهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فان دليل الخير كفاعله كما قال عليه الصلاة والسلام ومن دل على هدى كان له من الاجور مثل اجور من عمله. فكم يكتب الله من الحسنات والاجور لاولي العلم والدعاة والناصحين. بعدد من تعلم منهم واستفاد وانتصح واهتدى فرب عمل يسير في هذا الباب لا يلقي العبد له بالا ينال به رضا رب العالمين. بهدية يسيرة ونصيحة صادقة وكلمة خالصة وامثال ذلك من يسير العمل في عنائه وتكلفته في غنائه ومثوبته ويبقى عباد الله يبقى اغتنام شرف الزمان والمكان كالاوقات الفاضلة مثل رمضان والاشهر الحرم والاماكن المباركة كمكة والمدينة. باب من ابواب المضاعفة والمباركة في ثواب العمل الصالح فيها. فصلاتكم يا اهل مكة بمائة الف صلاة فيما سوى المسجد الحرام وعملكم الصالح كله ان صدقت نيتكم لله وصحت متابعتكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه من الثواب ما ليس لغيركم الا فاغتنموا ما كتب الله لكم من شرف الجوار وسكن البلد الحرام واستبقوا الخيرات فانما تعملون يوم عظيم دقيق الحساب يقول فيه الرب جل جلاله يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم ثم اوفيكم اياها فمن وجد خيرا فليحمد الله. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه اقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات وتوبوا اليه انه هو الغفور الرحيم الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي الى رضوانه. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد اخوة الايمان فلان كان مضاعفة ثواب العمل الصالح محض فضل من الله ورحمته واحسانه بخلقه الضعفاء المحاويج فاعلموا ان من اعظم الابواب التي يوصل بها الى نيل ذلك الفضل وتلك الرحمة هو احسان العبد ظنه بربه تعالى وتمام تعويله على منه وكرمه ان يقبله بقبول حسن ويكرم مآله ويحسن عاقبته وان يجزي مثوبته ويضاعف له حسناته. فالله عند ظن عبده به فليظن العبد بربه ما شاء قلبك عبد الله بصدق الحاجة الى خالقك. وعظيم افتقارك الى جوده وفضله. فانه لب العبودية لله رب العالمين وقليل عمل قليل عمل مع كثير من الفقر والمسكنة والذل خير من اعمال كالجبال مع اغترار العبد بما عمل واعجابه بما قدم بئس العبد عبد من نان على الله مذل بعمله على ربه. والله قد قال يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين عباد الله ان لنا ربا كريما غاية الكرم محسنا منتهى الاحسان يثيب على الطاعة ويرضى عن عبادي مع غناه جل جلاله عن عبادة العباد وطاعة الطائعين. ومن شكر فانما يشكر لنفسه وهو سبحانه الغني الشكور. ومن عظيم احسانه وجوده لعباده. ان يثيب على الحسنة بعشر امثالها يضاعفها الى سبعمائة ضعف واكثر. قال ربنا سبحانه من جاء بالحسنة له عشر امثالها وفي الحديث الذي اخرج الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله كتب بل الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وان هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة فاقبلوا ايها الصالحون على الرب الكريم. الجواد ذي الجلال والاكرام. واستبقوا الخيرات. ولا يحقرن احد احدكم من المعروف شيئا ولو ان يلقى اخاه بوجه طلق. اخلصوا النيات واقتفوا السنن واحسنوا الظن بربكم واعمروا اوقاتكم بطاعته. واعملوا ليوم ينصب فيه الصراط ويوضع الميزان. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. ويومئذ احوج ما يكون فيه الى حسنة ترجح بها كفته ثم صلوا وسلموا على الهادي البشير والسراج المنير. وقد قال ربكم سبحانه ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. وان من فقه هذا اليوم ايها العباد ان تعلموا ان من اعظم ما يضاعف به الاجر يومكم هذا كثرة الصلاة والسلام على النبي المصطفى. فان لكم بكل صلاة عشر صلوات من ربكم جل في علاه. فالسعيد من اغتنم خيرا وسابق فيه ونافس. والمغبون الذي مضت ساعات جمعته. فلم يدرك منها الا اليسير. والباب مفتوح وفضل الله يغدو ويروح فاللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد اعظم صلاة واكمل تسليم. وارضى اللهم عن ال بيته وصحابته والتابعين اللهم ارضى عنا معهم بعفوك وكرمك يا اكرم الاكرمين اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة الابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية يا رب العالمين اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين اللهم احفظ علينا امننا وايماننا واسلامنا وسلامتنا ووفقنا لما تحب وترضى. الهنا وخالقنا وربنا ومولانا من ارادنا واراد الاسلام والمسلمين بسوء فاشغله يا ربي بنفسه. واجعل كيده في نحره واجعل دائرة السوء عليه يا قوي يا عزيز. نعوذ بك اللهم من شرورهم. ونبرأ بك في نحورهم فاكفناهم بما شئت يا حي يا قيوم اللهم عليك بكل من اعتدى واراد الالحاد ببيتك الحرام. اللهم استأصل شأفتهم وانزل عليهم عذابك ورجسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين. اللهم كن لاخواننا وابنائنا المرابطين على الحدود والثغور. ثبت يا رب اقدامهم وسدد رمي وافرغ عليهم صبرا وانصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم احفظهم واخلفهم في اولادهم واهل بيوتهم بخير انت خير حافظا وانت ارحم الراحمين. اللهم وفق عبدك خادم الحرمين بكل خير وهدى وسداد ورشاد. اصلح يا رب له النية والبطانة والقول والعمل. اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارحمهم احياء وامواتا. اللهم ارفع درجاتهم سيئاتهم وارزقنا برهم في الحياة وبعد الممات اله الحق يا سميع الدعاء. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله ان الله يأمر بالعدل. والاحسان وايتاء ذي القربى. وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا المولى الجليل يذكركم. واشكروه على فيض الائه يزدكم ذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون