بسم الله الرحمن الرحيم حمدا لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. حمدا يملأ الأرض والسماء ويملأ ما بينهما. ويملأ ما شاء ربنا ما من شيء بعد فله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. ثم الصلاة والسلام الاتمان على امام الهدى وسيد الورى سيد ونبينا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد ايها الاخوة الكرام فقد تقدم في مجلس البارحة مطلع الحديث عن جزء من معنى قوله تعالى فيه ايات بينات الايات البينات التي جعلها الله جل جلاله في رحاب بيته الحرام. تبقى ايات بينة تحمل الهداية والخير دلالة على عظيم ما جعل الله تعالى في بيته الحرام من الكرامات والايات البينات. ايات تقذف الهداية في قلوب اهل اهل الاسلام ايات تدلهم على مراد الله من خلقهم وايجادهم في هذه الحياة. ايات تثبت اقدامهم على طريق الايمان والعمل الصالح ايات تجعل من الحجاج والمعتمرين القاصرين الى بيت الله الحرام على الدوام يجدون بغيتهم من الهداية التي جعلها الله تعالى في هذا البيت العتيق. ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا للعالمين ايات فيها من بركة الثواب وبركة العمل وبركة المجاورة والمقام. ما يجعل القاصدين الى بيت الله الحرام حرام لهم حظهم من الاكرام والحفاوة بما يليق بكرم اكرم الاكرمين جل جلاله. تقدم في مجلس البارحة ايها الكرام بعض هذه الايات البينات وان اعظمها اطلاقا بيت الله العتيق والكعبة المعظمة. ويدخل في الايات ضمنا ما كان في اجزائها مما خص بالفضل والمكانة والشرف مثل الركن اليماني والحجر الاسود ومثل الملتزم والحطيم او حجر وتقدم الكلام ايضا عن مقام ابراهيم عليه السلام. وكان ختام ذلك في مجلس البارحة الحديث عن الصفا والمروة فيما اسمى الله من شعائر الله سبحانه وتعالى. فاصطفا والمروة من شعائر الله والطواف والعمرة والطواف مع السعي جزئان يتم بهما النسك في حج او عمرة لكل من قصد بيت الله الحرام. ايها الاخوة الكرام من الايات البينة في هذا البيت الحرام ماء زمزم الذي قد تقدم بكم قصته في نبعه زمن هاجر وابنها اسماعيل عليه السلام زمزم هي البئر التي تقع شرق الحجر الاسود في البيت الحرام قريبا من الكعبة. وقد تقدم ان اهاجر لما تركها ابراهيم عليه السلام وترك معها وصغيرها جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء حتى نفد ما فيهما من التمر والماء قامت تبتغي لصغيرها الذي اصبح يتلوى من الجوع. فصعدت جبل الصفا ووجدته اقرب مرتفع يليها وتطلعت هل ترى احدا؟ ثم هبطت منه حتى سعت في الوادي واتت المروة وصعدت المروة تنظر وهل ترى احدا فعلت ذلك سبع مرات؟ فبينما هي على الصفا في المرة السابعة اذ سمعت بصوت فقالت صه تريد نفسك تسمعت ثم قالت اسمعت ان كان عندك غواث فاذا هي بالملك جبريل عليه السلام عند موضع زمزم ثم بحث بعقبه حتى نبع الماء وفار فاقبلت عليه تجمع من الماء في السقاء وتحوظه فجعلت له حوضا وهي تقول زمي زمي قيل فسميت زمزم لاجل ذلك. وقيل سميت زمزم لاجل الصوت الذي كان يتدفق به الماء وهو فوروا فجمع بعد ذلك الماء. قال النبي عليه الصلاة والسلام يرحم الله ام اسماعيل. لو تركت الزم لكانت عينا معينا. يعني لو لم تحوظ عليه بالحوض الذي احاطت به الماء. وهو يتدفق وينبع من ذاك بئر لكانت زمزم عينا جارية الى ما شاء الله لكنها بقيت بئرا ينزع ماؤه بالدلاء لا ينفد ولا ينقض على مر السنين فكان بين هذا الحدث العظيم بداية الحياة التي ارادها الله لهذا البلد الحرام. نشأت الحياة عندما كان هذا الموضع واديا غير ذي زرع كما قال الله في كتابه الكريم. فنبع ماء زمزم ودبت الحياة. لم تكن حياة لهاجر وصغيرها اسماعيل عليه السلام. فحسب بل لهم وللامة من بعدهم. بدأت الحياة تتسع جرهم التي مرت بهم رفقة منهم فاستأذنوا في النزول عندها والفى ذلك انس ام اسماعيل فوافقت فنزل عندها ثم استنزلوا اهليهم ومن كان معهم حتى كانت بضعة ابيات جاوروا عند هذا الماء. فانظر كيف اراد الله ان تدب الحياة بهذا الماء بالوادي. فاجتمعت الابيات وتكاثر الناس شب اسماعيل عليه السلام وتزوج منهم واعجبه وانفسهم وتعلم العربية منهم. لما كانت الحياة متسعة ما زالت في ازدياد واستمرار حتى اذن الله لهذه الكعبة ان تبنى. وامر الخليل ابراهيم عليه السلام بالبناء واسماعيل عليه السلام يعاونه حتى تم البناء واذن في الناس بالحج. هناك ابتدأت حياة جديدة اما الحياة الاولى فكانت نواة لايجاد مجتمع بشري تدب فيه الحياة في هذه البقع. فلما كان بيت الله الحرام كانت الحياة العالمية لجميع من خلق الله في هذا المكان. دبت الحياة بالدعوة الى قصد هذا البيت العتيق حجا وعمرة اتت الانبياء فحجوا عليهم السلام. واتوا الى بيت الله الحرام وما زال هذا البيت العتيق ما هو افئدة الناس؟ مستجابا لدعوة ابراهيم الخليل عليه السلام. هذا ماء زمزم اذا هو نشأة الحياة فكان ماء مباركا في حرم الله الامن على ماء زمزم قامت الحياة في مكة وعمرت سنين عديدة. شاء الله فيما بعد ان اندرست البئر واندثرت وانقطع ماؤها وخفي موضعها ولم تعد العرب تعرف شأن زمزم لما اراد الله في زمن ما ثم قدر الله ان يجري هذا الماء المبارك مرة اخرى ويتدفق على يدي جد رسول الله صلى الله عليه وسلم المطلب ابن هاشم ابن عبد مناف. فانه كان لسيادته في قريش. وسؤدده وعزه ومجده. كانت له الكلمة الله على يدي عبد المطلب حفر بئر زمزم مرة اخرى. فاخرج ما كان فيها من الدفن. ومن دفن فيها وما رمي فيها عاد الماء للنبع مرة اخرى جاءت نصوص شرعية كثيرة يا كرام تدل على فضل هذا الماء وبركته من ذلك انه الماء الذي جعله الله غسولا لصدر نبيه صلى الله عليه وسلم. في حادثة شق صدر نبينا عليه الصلاة والسلام الثابتة في السيرة النبوية. وقد ثبت حادثة شق الصدر اكثر من مرة. منها المرة التي كان فيها نبي صلوات الله وسلامه عليه طفلا مسترضعا في بني سعد. لما اخذته حليمة السعدية الى ديار بني سعد. فكان عندهم هناك يتربى بينهم ثم كانت القصة التي تحكيها كتب السير ان جيء به برجلين فاخذاه فطرا وشق صدره ثم قام عليه الصلاة والسلام فزعا فكان هذا سببا جعل حليمة السعدية تعود به الى اهله خوفا عليه ان يصيبه مكروه عندها وحادثة اخرى في قصة الاسراء والمعراج. وانها ايضا سبقت بشق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي كلتا الحالة وقد قيل انها ثلاث مرات وقال بعض اهل العلم بل بلغت اربعا من حوادث شق صدره عليه الصلاة والسلام في كل تلك التي كان قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم يغسل وينقع في طست بماء زمزم لبركته فنزعت منه علاقة هي حظ الشيطان منه. فصفى الله قلب نبيه عليه الصلاة والسلام. وكانت هذه التصفية والتنقية تهيئة يراد له من الامور العظام. فكان قلبه عليه الصلاة والسلام قلب بشر لكنه متهيأ لما لا يتهيأ له باقي البشر فكان يتحمل الوحي ويقابل الانبياء والملائكة عليهم السلام فكان هذا تثبيتا لفؤاده صلى الله عليه واله وسلم في صحيح البخاري من حديث ابي ذر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حادثة الاسراء فرج وانا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري. يعني فتحه ثم غسله بماء زمزم ثم ما جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وايمانا فافرغها في صدري ثم اطبقه ثم اخذ بيدي فعرج الى السماء الدنيا الى اخر حديث قصة الاسراء والمعراج. فدل الحديث على غسل صدره عليه الصلاة والسلام. في حادثة الاسراء كان شق صدره الشريف صلوات الله وسلامه عليه. وغسله بماء زمزم ونقعه في ما ملئ ايمانا وحكمة لاجل ان يتقوى على ما هو ملاق له في تلك الرحلة عظيما. لقد بلغ سدرة المنتهى وبلغ موضعا عظيما وكلمه ربه فاوحى اليه بالصلوات. فكان هذا المقام عظيم يحتاج الى تهيئة عظيمة تناسب ذلك الحدث فسبقت بهذا الامر الذي جعله الله لنبيه عليه الصلاة سلام. هذه واحدة من فضائل زمزم وخصائصها التي جعلها الله فيها. وثانيا يبقى زمزم هذا الماء طعام طعم وشفاء سقم كما وصفه عليه الصلاة والسلام. فيما اخرج الامام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن الصامت عن ابي ذر رضي الله عنه قال في قصة اسلامه وابو ذر لمن لم يعرف قصة اسلامه جاء مكة قبل الهجرة باحثا عن الحق فبقي متخفيا في يخشى ان تعلم به قريش فتؤذيه او تضطهده كما حصل مع المسلمين الاوائل بمكة. المستضعفين. جاء ابو ذر وفي قصة اسلامه لما التقى برسول الله صلى الله عليه وسلم واسلم وامن سأله النبي عليه الصلاة والسلام والحديث في صحيح مسلم متى كنت ها هنا يعني منذ متى وصلت مكة؟ قال ابو ذر قد كنت ها هنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم يعني قرابة الشهر قال له عليه الصلاة والسلام فمن كان يطعمك قال ابو ذر رضي الله عنه ما كان لي طعام الا ماء زمزم. فسمنت حتى تكسرت عكن بطن وما اجد على كبدي سخفة جوع هذا يقوله ابو ذر رضي الله عنه مكث ثلاثين بين يوم وليلة ليس له طعام سوى شرابه من ماء زمزم وانتم تعلمون انه لا يقوى بدن انسان على الاستكفاء بالماء يشربه دون طعام يقيم به صلب بدنه. لكن هذه زمزم يقول ابو ذر فسمنت حتى تكسرت عكن بطني يعني لم يظهر فيها اثر الجوع. بل ظهر فيه اثر السمن وامتلاء الجسد. ليس من لحم ولا خبز لا حب ولا شيء من الطعام واقتصر على ماء زمزم لاجل تخفيه رضي الله عنهم. قال وما اجد على كبدي سخفة جوع قال النبي صلى الله عليه وسلم انها مباركة. انها طعام طعم. يعني هي طعام لمن اتخذه عاما واكتفى به فانه مجزئ يكفيه ولا يجد فيه اثرا لحاجة الى طعام او جوع. وروى الطبراني في معجمه الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه الالباني رحمه الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ماء على وجه الارض ماء زمزم. فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم فهذه فائدة اخرى ان زمزم ليست طعاما فقط يتقوى به البدن بل هو شفاء من الاسقام والادواء والامراض قال مجاهد رحمه الله ماء زمزم لما شرب له. ان شربته تريد شفاء شفاك الله وان شربته لظمأ ارواك الله. وان شربته لجوع اشبعك الله. وهي هزمة جبريل عليه السلام به يعني ضربه بعقبه او بجناحه حتى نبع الماء من تحت الارض. قال وهي هزمة جبريل بعقبه وسقيا تالله اسماعيل عليه السلام يبقى السؤال زمزم لما شرب له يقول مجاهد ان شربته لظمأ ارواك الله ان شربته لجوع اشبعك الله ان شربته كما قال تريد شفاء شفاك الله وكثير من الناس يشربه لظمأ وعطش فيحصل له مراده مما شرب فيرتوي ويزول عنه عطشه وظمأه. يقول ابن القيم رحمه الله وقد جربت انا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم امورا عجيبة. واستشفيت به من عدة امراض فبرئت باذن الله. وشاهدت من يتغذى به قيام ذوات العدد قريبا من نصف شهر او اكثر ولا يجد جوعا. ويطوف مع الناس كاحدهم ان يتخذ ماء زمزم يا كرام لهذا المعنى العظيم لهذا المعنى الكبير وهو صدق النية في شربه. لمن شربه قال عليه الصلاة والسلام طعام من الطعم وشفاء من السقم من يستشفي به من الامراض والادواء وجد مراده في نيته الصادقة بشرب زمزم. وربما قال بعض الناس لكن اني شربته فما وجدت اثرا وشربته ولا يزال المرض باقيا. وشربته ولا تزال العلل ما بارحت الجسد والجواب يا كرام ان الفرق الكبير بين من يشربه تجربة ومن يشربه يقينا صادقا من لم يقتنع ويوقن ويجزم قلبه بهذا المعنى فسيشرب زمزم كالمجرب تدري كيف يعني تجربة يعني يشرب وينتظر النتيجة. وبعد ما يشرب كأسا وكأسين يقول ما يزال الم البطن باقيا ولا يزال صداع الرأس ما ذهب ولا تزال الاسقام والادواء من جرب في امور الايمان والغيبيات والعقائد وكل الى تجربته نحن في الايمان والعقيدة مع الله لا نجرب. نحن ينبغي ان نجزم ونوقن شتان بين هذا وبين من شرب زمزم يقينا صادقا ان فيه مبتغاه كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لسنا بحاجة الى ان نقول ان بعض من يئسوا من الحياة من المعاصرين في الحياة المعاصر وليست من قصص السلف ممن ابتلي بامراض مستعصية كالسرطان اجاركم الله واخبروا من الاطباء ان حياتهم في الباقي من زمنهم ايام معدودة فجاءوا منقطعا كل امل منهم بالطب والدواء والعلاج. وايقنوا انه بقي من عمرهم ايام فوق الشهر او دون الشهر وحصل لبعضهم ان جاء مكة مودعا الدنيا يريد ان يطوف ويسعى ويعتمر ويغادر الحياة ويطلب العفو والمغفرة فربما جاور بعضهم بمكة اياما لكنه من شدة يأسهم من الحياة وانقطاع املهم من الطب والدواء والعلاج لما جاءوا الى بيت الحرام جاءوا والقلوب ممتلئة يقينا وصدق توكل وثقة بما عند الله فافضت صدورهم بصدق فلما دعوا دعوا بيقين ولما شربوا زمزم شربوا بيقين كانت العجائب ليست في قصة ولا اثنتين ولا ثلاثا ولا عشرا احدهم ينتظر الموت فما مات. انتهى الشهر وما زال يعيش في قيد الحياة. عاد الى بلده واعاد الفحوص واذا بالاطباء يجدون ان لا اثر بمرض كان موجودا يعاني منه احدهم منذ سنين. لسنا بحاجة الى سد القصص لاثبات صدق وحق ووعد يخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى. لكن لو شئت ان اضرب لك مثلا فانك عندما تشتكي من صداع الرأس فانك تعمد الى بعض الادوية والاقراص العلاجية فتأخذ تلك الحبوب المسكنة التي تزول بها الام الرأس والصداع. بنادول وفيفا دول واخواتها ما الذي يحصل عندما تبتلع القرص من هذا الدواء فانك تشعر بزوال الصداع منذ بلع حبة الدواء. اليس كذلك تشعر بالصداع بدأ يزول منذ اول دقيقتين مع ان مفعول الدواء طبيا ما بدأ فما الذي حصل؟ الذي حصل يقين عندك ان هذا دواء لهذا. فلما شربته وانت موقن انه علاج له شعرت عافية فرق يا كرام بين من يتداوى بالادوية الشرعية التي اخبر بها الشرع مجربا ينظر هل يرى من شيء من فعلها موقنا جازما ان الله عز وجل جاعل فيها حظه من اليقين بالشفاء والعلاج وذهاب السقم والادوار هذا كان ثانيا اما ثالثا فان ماء زمزم خير ماء وبئرها خير بئر. هكذا اخبر عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس قال خير ماء على وجه الارض ماء زمزم اذا كان هذا الماء مباركا وهو خير ماء على وجه الارض فلا مانع ايها الكرام مما يتحرج منه بعض الحجاج. فيسأل احدهم هل يجوز التوضأ من ماء زمزم هل يجوز الاغتسال به؟ هل يجوز الطبخ به؟ وصنع الشاي منه؟ هل يجوز غسل الثياب به؟ كل ذلك لا يمانع منه. فكونه ماء لا يمنع من شربه والتوضأ منه والاغتسال به ولا حتى الطبخ به. لكن يبقى ماء مالحا فلا ادري كيف يصنع الشاي به انما من حيث الجواز لا شيء يمنع هو جائز شرعا ولا مانع منه كونه ماء مباركا لا يمنع من شيء من ذلك. لان بعض يجد حرجا اريد ان اغتسل بزمزمة واتحرج من ادخاله الحمام اكرمكم الله. فكيف اغتسل به؟ كل ذلك لا مانع منه ويبقى ايضا من خصائص هذا الماء المبارك مشروعية التظلع منه. ومعنى التظلع شدة الشرب منه والاستكثار حتى تبرز اضلاع الصدر. من شدة امتلاء الجوف من شرب زمزم. اسمع رعاك الله يقول صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح الذي اخرج ابن ماجة والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى يقول عليه الصلاة والسلام ان اية ما بيننا وبين المنافقين انهم لا يتضلعون من ماء زمزم ان اية ما بيننا وبين المنافقين انهم لا يتضلعون من ماء زمزم. وقد مر بك ان معنى التضلع هو كثرة الشرب منه الى حد امتلاء الجوف بحيث تبرز اضلاع الصدر. يقول بعض اهل العلم لماذا كان هذا اية على الايمان ومفارقة النفاق ولماذا لا يقوى اهل النفاق على التضلع من ماء زمزم هم يمكن ان يشرب احدهم ماء زمزم لكنه لا يقوى على التضلع منه. قال بعض اهل العلم ربما كان ذلك لان ماء زمزم ليس عذبا حلوا بل يميل الى الملوحة قليلا. فالانسان المؤمن عندما يشرب زمزم ويستكثر منه وهو مع كونه يميل في طعمه الى الملوحة. لا يستكثر من شربه استعذابا له ولا استطابة له بل يقوده في ذلك ايمانه ورغبته في الوصول الى ما حف به هذا الماء المبارك من البركات فيكون التظلع منه دليلا على الايمان هذا وجه حسن في بيان المعنى هل يجوز اخذ ماء زمزم ونقله خارج مكة والسفر به الى البلدان والاقطاع يسأله ايضا بعض الناس ولا حرج فيه وقد ثبت كأن عائشة رضي الله عنها كانت تحمل ماء زمزم يعني خارج مكة وتخبر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل فعلوا ذلك كما اخرج الترمذي والبيهقي في السنن الكبرى وصححه الالباني. ماء زمزم يا كرام بهذه البركات هذه الخيرات الذي اكرم الله تعالى به ليس مكة البلد الحرام بل جعلها لكل المسلمين. فيبقى القادمون الى مكة يجدون هذه الاية البينة اية ان يحفر زمزم وينبع ماؤه منذ الاف السنين فلا ينظر وما زالت البحوث المعاصرة تفيد العجب العجاب في شأن هذه البئر المباركة فانها على قربها من الكعبة وكون هذا البيت الحرام في قعر واد بين جبال مكة واوديتها. وكونها ايضا مهبطا لملتقى الاودية ويبقى زمزم شيئا عجيبا في نبعه درست البئر وفحصت واجتهد البحث المعاصر في استكشاف عجيبة تركيبة ماء زمزم. فاذا هو شيء فريد لا يساويه شيء من مياه الدنيا ولو كانت من انقى انواع المياه واعذبها ماء زمزم حسبك انه ماء جعله الله الله عز وجل لهذا البيت الحرام سقيا لقاصد البيت الحرام فلا يظمأ من ورد البيت الحرام. وها هنا وجه معنوي بديع يا كل من اتى مكة وقصد البيت الحرام ولبى واتى من قريب او من بعيد. لا يمكن ان يظمأ وزمزم عنده الكعبة لا يمكن ان يعطش والماء بحضرته. هذا المعنى الحسي فيه ارتباط بمعنى معنوي بديع. ان كان هذا محسود فيرتوي الظمآن القادم الى بيت الله الحرام. فالشأن ايضا اعظم ان يرتوي المؤمن ايمانه وحكمة ويقينا وقد قصد بيت الله الحرام. لن ينصرف العبد ظمآنا من البيت الحرام اينصرف محروما بائسا وقد مد يديه وسأل ربه وهو يطلب الرحمة والعفو والمغفرة وحسنة الدنيا وحسنة الاخرة كرم الله عز وجل الذي اشبع واروى قاصدي بيته الحرام لهو الظن ايضا ان يشبع قلوب عباده التي تطلعت الى رحمته ويملأها بعفوه وفضله وكرامته. هذا الظن بربنا الكريم سبحانه وتعالى. هذه جملة الايات البينات ايها الحجاج والعمار في بيت الله الحرام. ويبقى من اتصال الكلام بالكلام. ان الاتي الى لبيت الله الحرام تبقى من الشعائر العظيمة التي يمر بها ويغشاها ويتعبد لله جل جلاله فيها عرفة ومزدلفة ومنى وثلاثة وجاءت في الكتاب الكريم. وفي سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فاضحت هذه المشاعر العظام عرفت ومزدلفة ومنى اضحت من الشعائر وهي داخلة في قوله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. وليس يعرف الناس عرفة الا يوما في العام. ومزدلفة الا ليلة في العام ومنى الا اياما معدودات في السنة كلها. ثم تبقى فارغة لا حياة فيها. ولا شيء من مظاهر حياتي تدب فوقها هو يوم واحد بل نهار في عرفة فتجتمع فيه الخلائق صحيح ان عرفة باقي ايام السنة لا حياة فيها لكن نهارا واحدا فيها يكتب الله فيه حياة من جديد لالوف مؤلفة. فينصرف الحجيج كانما ولدتهم امهاتهم من جديد. عجيب هو شأن هذه المشاعر العظام التي جعلها الله قرب بيته الحرام. منى مزدلفة داخلان في حد الحرم. واما عرفات فخارج حد الحرم. فعرفات مشعر وليست من الحرم بخلاف المزدلفة ومنى قال الله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم. فاذا افضتم من عرفات فسمى الله عرفات في الاية في سورة البقرة فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام. والمشعر الحرام هو الجبل الذي اقيم بجواره مسجد مزدلفة المشعر الحرام هو مزدلفة. فذكرت مزدلفة ايضا ها هنا في الاية الكريمة ثم قال ثم افيضوا من حيث افاض واستغفروا الله. يقول ابن كثير رحمه الله كأنه تعالى امر الواقف بعرفات ان يدفع الى المزدلفة ليذكر الله عند المشعر الحرام وامره ان يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات كما كان جمهور الناس يصنعون. يقصد قوله تعالى ثم قيموا من حيث افاض الناس. ما معنى الاية؟ يقول ابن كثير رحمه الله يقف مع جمهور الناس بعرفات كما كان جمهور الناس يصنعون يقفون بعرفات الا قريش فانهم لم يكونوا يخرجون من الحرم فيقفون في طرف الحرم عند ادنى الحل. ويقولون نحن اهل الله في بلدته وقطان بيته. كانت قريش في جاهلية اذا خرجت في الحج كل قبائل العرب يقفون بعرفة الا قريشين فاين يقفون؟ قلنا لكم عرفة خارج الحرم فكانت قريش تأتي مزدلفة الى اخر طرف مزدلفة لانها حرم. فيقفون هناك ويقولون نحن اهل الحرم في الحج ما نخرج من الحرم نحن قطان البيت وساكنوا الحرم فلما جاء الاسلام الغى هذا الطقوس الجاهلية ثم افيضوا من حيث افاض الناس وكانوا يسمون الحمس ونبينا صلى الله عليه وسلم لما حج قبل الاسلام قبل النبوة ما كان يوافق قريش كان يخرج مع العرب فيقف بعرفات ويعرفه الناس فيقولون هذا من الحمس يعني من قريش فما شأنه يقف معنا ها هنا؟ كان عليه الصلاة والسلام يتقفى خطى جده ابراهيم عليه السلام ولم يكن يوافق قريشا فيما تنحرف به عن الحنيفية او تضل به فيما اورثتها عاداتها الجاهلية. يقول ابن كثير رحمه الله قال البخاري حدثنا هشام عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت قريش ومن دان دينها ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وسائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الاسلام امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم ان يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله ثم افيضوا من حيث افاض الناس. وكذا قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وقتادة والسدي وغيرهم. واختاره ابن وحكى عليه الاجماع انتهى قوله تعالى. هذه عرفات ومزدلفة في ايات البقرة. فاين من؟ لم تسمى منى باسمها في لكن الله قال واذكروا الله في ايام معدودات. فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه. ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى التعجل والتأخر اين يكون يكون في منى في ايام التشريق فالايام المعدودات المقصودة في الاية هنا هي ايام التشريق. وايضا قال الله تعالى واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام من معلومات على ما رزقه من بهيمة الانعام. فالايام المعلومات هي ايام منى لا خلاف بين العلماء ان المعدودات في الاية هي ايام منى وايام التشريق والمعلومات تدخل فيها ايام منى او بعضها على الخلاف في تفسيرها منن ومسجد الخيف بها. مسجد عظيم تتابع فيه الانبياء. يقول ابن عباس رضي الله عنهما فيما اخرج غني وغيره واسناده حسن. يقول صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا ممن تتابع على الحج على مر الانبياء عليهم السلام ولا يصح ما يقال شائعا عند بعض العوام ان مسجد الخير فيه قبر سبعين نبيا. او ما يقول بعضهم ان الحطيم او واسماعيل في الكعبة دفن فيه ايضا سبعون نبيا. ليست مقبرة لا في الحطيم ولا في مسجد الخير. لكنها اماكن معظمة امها سادات البشر وصفوة الرسل من الانبياء عليهم السلام. هذه المواقع كلها عرفت ومزدلفة ومنى في السنة صريحة باسمها والنبي عليه الصلاة والسلام قد اتاها ووقف بها وبات بها ورمى بها ودل الامة على سلوك هديه وقام لتأخذ خذوا عني مناسككم. في حديث عبدالرحمن بن يعمر رضي الله عنه ان اناسا من اهل نجد اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فامر مناديا ينادي الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر ليلة جمعه ليلة مزدلفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد ادرك الحج. ايام منى ثلاثة. فمن تعجل في يومين لا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه. هكذا اخرجه اصحاب السنن واللفظ للترمذي واسناده صحيح. هذا الحديث جمع المشاعر كلها عرفة ومزدلفة ومنى. قال صلى الله عليه وسلم فيما اخرج ابو داوود بسند صحيح ايضا كل عرفة موقف وكل منن منحر وكل مزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق هذه السعة وقف عليه الصلاة والسلام بعرفة عند الجبل. وقال وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف اتى المشعر الحرام في مزدلفة ودعا عنده وقال وقفت ها هنا وجمع كلها موقف يعني المزدلفة ونحر عليه الصلاة والسلام بمنى وقال منى كلها منحر يعني مكان ينحر فيه ثم قال وفجاج مكة وكل فجاج مكة طريق ومنحر. لان مكة حرم. فحيث ما ذبح الحاج هديه او المضحي اضحيته في مكة او منى فهي في الحرم والرخصة في هذا واسعة هذه المناسك المكانية عرفة ومزدلفة ومنى يأتيها الحجيج معظمين ما عظم الله. فان الله قال ان الصفا والمروة من شعائر الله قالوا ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. فالصفا والمروة وعرفة ومزدلفة ومنى. كل تلك من شعائر والمطلوب تعظيمها. تعظيم عرفة لما كنت واقفا بها. وتعظيم مزدلفة لما مررت وبت بها. وتعظيم منى لم ما بت ورميت بها ما التعظيم؟ كما قلنا مرارا. ليس التعظيم هناك بان تأخذ من تربتها. ولا ان تحمل من حجارة ولا ان تمسح ثيابك تبركا بها. التعظيم فيها ان تكون في قلبك تلك المواضع عظيمة. لان الله عظمها وجعلها مواضع لعبادة عظيمة هي ركن الاسلام وحج بيت الله الحرام. فلا يراك الله في تلك البقاع مستخفا بعظمتها ما الاستخفاف ان تجاهر بالمعصية ان تستخف بالذنب والخطيئة وانت في تلك البقاع. تعظيمك لتلك البقعة ان تكون في معظما بطاعتك لله. ان تجاهد نفسك في الانكفاف عن الحرام. الا يوقعك الشيطان في زلة ومعصية وخطيئة فتكون بتعظيمك لله حاجزا نفسك عن الحرام والذنب والخطيئة. ان تكون معظما لما عظم الله فتقبل على طاعته وذكره ودعائه والانكسار بين يديه واظهار الذل والبكاء والخضوع هذا التعظيم هو المطلوب من جموع الحجيج في تلك المشاعر العظام من اقام ذكر الله وادى المناسك فعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى تلك البقاع فماذا كان هدي الحبيب عليه الصلاة السلام ماذا كان يغشاه ما مظهره؟ ما هيئته في تلك البقاع؟ ما رؤي الا ناسكا باكيا داعيا خاشعا ذاكرا ما رؤي عليه الصلاة والسلام في تلك كالبقاع الا منغمسا في معاني العبودية لله جل جلاله. هو الذي علمنا كيف نعظم تلك البقاع. وقال لتأخذوا عني مناسككم هذا دليل يا كرام على ان تعظيم تلك البقاع ينبغي ان تكون بملئها طاعة وقربة لله وان يشعر المرء فيها بانه في موضع عظيم والله قد اكرمه فاتى به وحج واتى به فلبى واتى به واحرم. فحاله في تلك المواقف ان يقدر عظيم نعمة عليه فيجتهد في الاقبال على ربه دعاء تضرعا عبادة. وان يكون ايضا مجاهدا نفسه في الابتعاد عما يزين له به الشيطان او يوسوس له به من المعاصي والاثام ذلكم هو التعظيم الحقيقي تقدم ان مكة ايضا وهي بلد الله الحرام وهي البيت العتيق هي ايضا موضع كريم. والنبي عليه الصلاة والسلام قال الواحد والله انك لخير ارض الله واحب بلاد الله الى الله ولولا اني اخرجت منك ما خرجت فكيف بمن جاء مكة وحج واعتمر. فكيف بمن اكرمه الله فمشى فوق ثراها ونام عليها واستظل بسمائها انتم ايها الحجاج والمعتمرون لكم كرامة عند الله ان اتى بكم فوطئتم باقدامكم ارض البلد الحرام ومشيتم فوق مهادها تنقلتم بين ربوعها وسلكتم بين فجاجها وشعابها. شعور المرء بشرف المكان. يجعله يعيش اعظم ايام على الاطلاق في بلد الله الحرام ان اكرمه الله فعاش هنا ومشى وتردد وذهب وجاء واتى شعورك انك تعيش فوق اطهر بقعة وتحت اشرف سماء في بلد الله الحرام ولو كانت اياما معدودات بل لو كانت والله ساعات محدودة كنت فيها عابرا اتيت مكة فدخلت وصليت وانصرفت وخرجت منها وغادرت حسبك ان تدرك انك اتيت ببقعة قد ملؤها الايمان والبركة وباجواء ملئت من اصداء الوحي على مدى ثلاث عشرة سنة تنزل فيها جبريل عليه السلام بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يا كرام يراد لكل المسلمين رجالا ونساء عربا وعجما صغارا وكبارا يراد لهم كلما دخل احدهم مكة ان يمتلئ صدره تعظيما ادبا اكراما لهذا البلد الحرام. هذا والله يا اخوة من شأنه ان يبعث في داخلك في قلبك في نفسك حبك لله. وتعظيمك لربك العظيم. ان يبعث في داخلك دماءك لهذا البلد الحرام والبيت العتيق وانك ابن من ابناء الاسلام وهذا بلد الاسلام. انك ابن من امة القرآن وهذا تهبط الوحي والقرآن وانك فرد من امة محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا مولده ومنشأ صباه وطفولته ها هنا نزل عليه الوحي واصبح نبيا ها هنا قضى صلى الله عليه وسلم اشق ايام الدعوة والنبوة وهو يجاهد اصبر ويحتمل كل ما وجد من الاذى والعنت وصار في قريش واذاها وعدوانها تدري لم؟ لاجل ان يأتي يوم انا وانت فيه نكون مسلمين نقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش حياته تضحية وفداء وصبرا واحتمالا. ودعوة واجتهادا وجدا. والله ما لحق بالرفيق الاعلى عليه الصلاة والسلام الا وقد بلغ الرسالة وادى الامانة وجاهد في الله حق الجهاد. اشهدوا وتشهدون على ذلك فصلى الله ربي وسلم عليه. يا اخي ما شعورك؟ ما احساسك؟ ما ايمانك؟ يوم ان تدخل بلدا ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودرجة فيه في طفولته وعاش اربعين سنة من حياته في منتهى الاخلاق والصدق والامانة حتى لا تسميه قريش الا بالصادق الامين انت الان في بلده عليه الصلاة والسلام في مولده عليه الصلاة والسلام في مرتع صباعه صباه وطفولته انت في الذي نزل فيه الوحي اول مرة فاشرقت شمس الارض بنور الهداية والاسلام. انت في بلد اشرقت فيه شمس النبوة قيل له عليه الصلاة والسلام اقرأ باسم ربك الذي خلق ونزل فيه قوله يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا وامره الله يا ايها المدثر قم فانذر وجلس سنين يدعو سرا حتى قال الله له فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين كل تلك المعاني تنبعث في داخلك وانت تعيش بمكة ما شاء الله لك ان تعيش يوما عشرة ايام اسبوعا والله ينبغي لك ان تمتلئ فيها ايمانا ونور الوحي هنا تجده في كل بقعة وبيت الله الحرام والكعبة المعظمة عليك هل لاح بخاطرك؟ هل طاف باحساسك ومشاعرك وانت تطوف بالكعبة ان ها هنا مشى رسول الله عليه الصلاة والسلام وخطب قدميه الشريفتين طاف قبل الهجرة وكان يؤذى وصناديد قريش يهزؤون به ويسخرون وهم يحاولون الاعتداء والله عز وجل يعصمه. ثم طاف فاتحا عليه الصلاة والسلام وطاف في حجه وعمرته عليه الصلاة والسلام. وتسعى بين الصفا والمروة مستشعرا انك في ركاب امته ما حظيت بصحبته لكن الله شرفك فصرت من امته وجئت اليوم بعد الوف السنين تقفوا اثره وتتبع سنته وتمشي خلف خطواته عليه الصلاة والسلام هذا الا يملأ صدرك ايمانا وفخرا؟ وعزا وشرفا؟ الا يجعلك اقوى بايمانك فتغلب شيطانك؟ الا يجعلك اقوى في بدين ربك وهدي نبيك عليه الصلاة والسلام. والله يا اخوة هذه قطرة من بحار معنى مباركا وهدى للعالمين هذه الهداية التي جعلها الله في بيته الحرام. اخبرني بموضع فيه من البركات والايات على وجه الارض كما في مكة بلد الله الحرام يطوف السائحون ويسافر المسافرون يطوفون الارض شرقا وغربا يبحثون عن المتاحف والاثار وعن المدن ذات التواريخ البشرية العريقة. ويرون المتاحف والقصور والاثار وحضارات الامم البائدة. فينبهرون يندهشون ان هذا بناء عمره كذا وكذا الف سنة. وان هذا قصر وهذا هرم وهذا قبر وهذا شاهد وهذا كذا وهذا كذا يا اخي جعل الله تعالى في بيته الحرام في البلد الحرام الكعبة المعظمة بعد ان كانت واديا غير ما اراد الله ان تكون مكة حافلة لا بشلالات جارية ولا بانهار عذبة ولا بخضرة ونظرة ولا بجو عليم ولا ولا بطقس بديع ما جعل الله في هذه البلد شيئا من متع الدنيا وزينتها ما جعل فيها شيئا. لكن جعل فيها بيته الحرام فلا والله ما يساويها في بلاد الدنيا شيء ان فخرت البلاد وتفاخرت بالشلالات والانهار تفخر مكة بزمزم خير ماء على وجه الارض عندما يتحدث المسلم عن مكة لا يتحدث عاطفة وحمية فحسب. لكنها كما قال الله فيه ايات بينات. تبقى الشواهد والدلائل والاثار القائمة على مر الزمان اننا امة تنتمي الى الانبياء الكرام. هذا مقام ابراهيم وهذا بناء الخليل عليه السلام ها هنا كانت هاجر ها هنا نبع زمزم جاء جبريل عليه السلام هنا سعت بين الصفا والمروة هنا تتبع الشيطان اللعي ابراهيم عليه السلام عند الجمرات وابراهيم عليه السلام يرجمه يطرده وهو يتقوى بايمانه يمتثل امر ربه. قال يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى. قال يا ابتي افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين. يحج احدنا حين يحج متنقلا بين الكعبة الصفا المروة منى مزدلفة عرفات. في غاية من العظمة يعيش موكبا ايمانيا حافلا كل ما حوله هنا ناطق ان العظمة ان البركة ان الايات البينات من تشد من ازرك ينبغي ان تقوي ايمانك وان تثبت قدميك على طريق الطاعة. فطوبى لعبد حج كانت حياته بعد حجه حياة مختلفة ورحم الله امرأ حج فكان بعد حجه مستنيرا بنور الايمان. فان سأله احد ما شأنك؟ ما حالك؟ اختلفت غيرت ما عهدنا عنك كذا. فلا حرج ولن يسأل احد او يتعجب احد. ها هو قد جاء للتو من بلد الله الحرام. كان بمكة عاش بها ابصرت عيناه الكعبة. فما العجب؟ شرب من زمزم فما العجب؟ تنفس من هواء مكة فاين العجب؟ يا اخي حق عليكم والله وقد اكرمتم بكل تلك الكرامات ان تمتلئ الصدور ايمانا وحكمة. وان تعرف القلوب الطريق الى خالقها وان تستمسك بشريعة ربها ارجعوا رعاكم الله من حجكم كما انتم تحسنون الظن بمغفرة الذنب بحياء وتبييض الصحائف ارجعوا رعاكم الله دلال خير مصابيح هداية دلوا الناس على ما اكرمكم الله به من معاني الهدايا والايمان في بيت الله الحرام. هنا تتحقق العالمية ويكون بيت الله الحرام هدى للعالمين كما قال الله ولم يكن للمسلمين فقط للعالمين مثلهم وكافرهم لبسهم وجنهم للعالمين. جعل الله وهذا البيت الحرام هداية فطوبى لعبده وهنيئا له والله وبشراه ان كان حجه حقيقة منعطف خير في حياته وصفحة فاصلة في تاريخهم وان يكون قد عرف فيه الطريق ثم ها هو يجدد حياته من جديد كما جدد الله ميلاده بحجه. فيعود من جديد يصحح الخطأ يقوم الخلل يصوب الانحراف لانه قد حج وحق عليه وقد اكرمه الله بالحج ووقف بتلك المشاعر وعاش تلك البركات وابصر من تلك الايات ما يعرف به كيف يختم بقية عمره؟ وكيف يمضي تمام حياته تكون البركة ليست قاصرة عليه وعلى نفسه وحياته بل على زوجه واولاده واسرته وقريته وعشيرته ومجتمعه وامته يرجع كل عام من مكة الالوف المؤلفة الى ديارهم واقطارهم بعد تمام الحج فيعودون وقد اغترفوا من تلك المعاني. فماذا لو عاد كل حاج بما حمل معه من قطرات الهداية ومن بحور المعرفة والبركة والمغفرة والرحمة التي تقلب في اكنافها بمكة وبتلك المشاعر. ماذا لو عاد كل واحد فسقى من حوله من تلك الهدايات. وعمهم بتلك الرحمات والبركات. والله لخير يعم بلاد الاسلام. اما ان من الحجيج من اكرمه الله فوصل مكة فادركته المنية قبل الحج فمات ودفن بمكة ومنهم من حج وادى المناسك ثم مات ودفن بمكة ولا نزال نصلي على الجنائز حتى المغرب وربما صلينا عليها بعد العشاء يا اخي اما شعرت ان هؤلاء اقوام ساقهم الله من بلدانهم لتكون منيتهم وقبض ارواحهم هنا في بلد الله الحرام ثم يأذن الله لك ببقية من عمر لترجع الى بلدك اترجع ولا اثر لك اتعود الى اهلك الى اسرتك الى حيك الى قومك الى مجتمعك. ولا شيء يمكن ان تحمله من قبس الخير والهداية والبركات التي الفيتها هنا في البيت الحرام حق علينا والله يا اخوة لكل من احب دينه وحمل هم امته ان يسعى ولو بايسر اليسير قل للقليل في بث الهداية والاغتراف من الرحمات والبركات ونشرها ونثرها في الافاق. تدري ما اضعف ذلك؟ وما اقله؟ وما ايسره على كل واحد فينا ان يصلح حاله نعم ان يصلح شأنه وان تكون سيرته وحياته بعد حجه خلاف ما كانت عليه قبل الحج. ان كان على خير من قبل ازداد خيرا وان كان على تقصير وتفريط وشيء من الخلل عاد فاستقام وعرف الطريق وثبت انت هكذا والله ترسل رسالة وانت صامت لن تصعد منبرا ولن تخطب خطبة ولن تنصح ولن تعظ لكن والله ما ان يبصر الناس فيك تغيرا للافضل واختلافا نحو الاحسن الا وقال قائلهم في نفسه هذا لانه حج فهنيئا له. ولعل الله ان يكرمني مثله بالحج فاحج فاعرف كيف اقيم حياتي هكذا تكون رسالة كل من حج الى بيت الله الحرام واكرمه الله فاتى. يا كرام جزء من معنى تعظيمنا لما عظم الله ان يظهر اثر ذلك في دواخلنا في بواطننا في قلوبنا ان نعيش الايام التي نقضيها بمكة ورحاب بيتي الحرام وما حوله من المشاعر العظام مستشعرين عظمة هذه البقاع ان يحجبوا انفسهم نحجم بانفسنا عن الذلل والخطأ ونرتقي بها بالايمان والعمل الصالح فيكون لذلك اثره كان السلف الصالح اذا قدموا مكة عاشوا من معاني التعظيم شيئا يظهر في حياتهم باثر عجيب. حتى ان من من كان يخرج من مكة ولا يطيق سكناها ويستطيب غيرها خشية من ان يقع في معصية فيكون مستخفا بتعظيم حرمة الكعبة كانوا يرون الوقوع في المعاصي بمكة امرا عظيما. يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله كان جماعة من السلف كان جماعة من الصحابة يتقون سكن الحرم خشية ارتكاب الذنوب فيه وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لان اخطئ سبعين خطيئة يعني بغير مكة احب الي من ان خطيئة واحدة بمكة كانوا يتأملون قول الله تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابغض الناس الى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ في الاسلام سنة الجاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه. اخرجه البخاري. وفي حديث ابن مسعود ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم. يقول لو ان رجلا هم هم فيه بالحاد وهو بعدم ابين لاذاقه الله عذابا اليما مجرد الهم لو عزم على ان يرتكب الالحاد في الحرم لكان لاحقا به هذا الوعيد ولو كان في اقاصي بلاد الدنيا اهل الجاهلية يا امة الاسلام كفار قريش لانهم كانوا جيران الحرم على كفرهم وجاهليتهم وعدم ايمانهم بالله كانوا يعظمون الحرم وكان لهم تعظيم لهذه البقعة نعم كفر ومشركون ووثنيون لكن كانوا يستشعرون حق البيت الحرام ومكانته من امثلة ذلك ما قال الحموي قال حرب بن امية دعا الحضرمي الى نزول مكة وكان الحظرمي قد حالف بني نفاسة وهم فئة من حلفاء حرب بن امية فاراد ان ينزل خارجا من الحرم وكان يكنى ابا مطر فقال حرب ابا مطر هلم الى الصلاح فيكفيك النداما من قريش وتنزل بلدة عزت قديما وتأمن ان يزورك رب جيش فتأمن وسطهم وتعيش فيهم ابا مطر هديت بخير عيشي من مظاهر تعظيمهم للكعبة ما مر بكم البارحة لما ارادوا بناء الكعبة وتنادوا الا يجمعوا فيها الا درهما من حلال. قال ابو وهب بن عمرو بقريش لا تدخلوا فيه من بكم الا الطيب. يا رجل اي طيب وهم اهل ربا وجاهلية ووأد بنات وكل خطيئة ومكارم كانوا يأنفون عنها لكن انظر كيف جعل الله في قلوبهم تعظيم البيت الحرام؟ نادى فيهم يا قريش لا تدخلوا من كسبكم الا الطيب ولا تدخلوا فيه مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة لاحد من الناس. من اجل ذلك قصرت بهم النفقة عن اكمال بناء الكعبة فجعلوا جزءا منه محاطا بهذه الحجارة المسمى بحجر اسماعيل. وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة ان قومك قصرت بهم النفقة عن البيت الى اخر الحديث من مظاهر تعظيمهم وهذه من غرائب اخبار قريش بمكة. فرضوا على العرب اذا جاءوا للحج على كل قبائل العرب قاطبة اذا اتت الى الحج وقدمت مكة ان يطرحوا ازواج الحل اذا دخلوا الحرم ومعنى الازواج كل ما كانوا يحملونه ومعهم من زاد في السفر. يطرحونه خارج حد الحرم اذا ارادوا دخول حد الحرم الى مكة. يطرحوا الحلم وان يخلوا ثياب الحل ويستبدلوا بها بثياب الحرام فلا يرضون لاحدهم ان يطوف بالثياب التي جاء بها من بلده ويرون هذا لا يليق بتعظيم الحرام فكيف يفعل؟ اما يشتري شراء ثيابا من الحرم من اهل مكة او يأخذها عارية او او يعطى اياها هبة وكانت قريش تفعل فاما ان تبيع الثياب واما ان تهبها واما ان تعطيه عارية يطوف وينتهي ويرد الثوب فان لم يجد طافوا بالبيت عرايا لم يكن طوافهم بالبيت عرايا دعارة ولا كان مجونا ولا فحشا لكن كان ينصب الى شيء من تفكيرهم بنوع من التعظيم للبيت الحرام وانه لا ينبغي ان يطوف بثياب الحلة التي جاء بها من بلده هذا تعظيم بغض النظر عن صوابه من خطأه. ولهذا لما ارسل النبي عليه الصلاة والسلام ابا بكر رضي الله عنه اميرا على الحج سنة تسع قبل حجته عليه الصلاة والسلام امره ان ينادي في الناس الا يطوف بالبيت عريان ولا يحج بعد العام مشرك فتبدلت القوانين وعادت شريعة الله هي الحاكمة لبيت الله الحرام. هذه امرأة في الجاهلية كانت توصي ابنها بتقديس الحرب وتعظيم حرمته فتقول ابني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير ابني من يظلم بمكة يلقى افات الشرور ابني قد جربتها؟ فوجدت ظالمها يبور. كانت هذه ثقافتهم. هذا تعظيمهم للبيت الحرام يا اخي ان كانوا اهل جاهلية وقلوبهم تمتلئ تعظيما. بالله ما حالنا اهل الاسلام؟ امة الدين. من اكرمها الله فعرفت ربها وعظمت دينها ومشت خلف سنة نبيها صلى الله عليه وسلم. يقول القرطبي رحمه الله في الجاهلية من دخله ولجأ اليه امن من الغارة والقتل. كان الرجل ربما يرى قاتل ابيه عند الكعبة فلا يثأر منه الا اذا خرج الى الحين تعظيما للكعبة وللبيت الحرام. قال الله عز وجل ومن دخله كان امنا طهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرم ومكة من كل صور الجاهلية ولوثاتها وابقى تعظيمها عظيما في قلوب اهل الاسلام وما نزال امة الاسلام نتعاقب على هذا البيت الحرام جيلا بعد جيل. فلنزرع في قلوبنا وقلوب اولادنا اذا رجعنا اليهم وابناء الامة كلها ان هذا بيت حرام. وان هذه الكعبة هي البيت العتيق. وان الله جعل لها من الحرمة والمكانة والتعظيم ما ينبغي ان نعظم به انفسنا وديننا وعبادتنا ونسكنا وحياتنا كلها. لك ان تتخيل معي حاجا قدم مكة فادرك مكة اياما قبل الحج وايام الحج واياما بعد الحج. فاجتمعت له ايام قضاها بمكة والله لو انه عاشها تعظيما عظيما لخرج منها عبدا تقيا. اي والله سيربي نفسه على الصلاح والتقى على العفة والطهارة على النقاء والصفاء سيرجع من حجه كما اراد الله ان يرجع عبدا تقيا لانه عرف الطريق والذي اعانه على ذلك تعظيمه العظيم لهذه البقعة وتقديسه لحرمة البيت. هكذا هو المراد ان تدخل مكة فتخرج منها انسانا اخر. ان تأتيها في حج او عمرة فتشعر ان ما فيها من الايات والخيرات والبركات كفيل بان يزيدك وان يملأك وان يعينك. اياك ان يأتيك الشيطان ليجعلك تنظر الى من هو غير مكترث بحرمة البيت ولا عظمة مكة. فيقول لك لكنهم يفعلون ويفعلون ويشير اليك ببعض النقائص مما يصدر عن بعض من جهل هذا المعنى او غاب عنه هذا المفهوم. فيهون عليك شأن الاستخفاف والتساهل في مجاهدة نفسك. اياك ان وقع غيرك في الخطأ فلا تتبعنه فيه. ان تساهل غيرك او جهل او استخف تعظيم البيت فانت اولى ان تحجم وان تمسك وان تلزم ملزم التعظيم للبيت الحرام. هكذا يا كرام في الافاق معنى تعظيم هذا البيت. ومعنى قداسته وحرمته. دعوا الدنيا كلها ترى امة الاسلام في مكة تعيش طهارة وتعظيما واجلالا. دعوا موسم الحج يرجع فيه الحجيج بعد حجهم قد ملئت صدورهم تعظيما. قد عرفوا حق الله وحق بيته الحرام هذا حري والله ان يصبح كثيرا من الخلل في منظومة الحياة. وان يعيدنا الى سلوك الصراط المستقيم. اللهم ثبت قلوبنا على الايمان والهدى والزمنا طريقة السلامة والنجاة يا اكرم الاكرمين. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية يا سميع الدعاء واجعل لنا الهي ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل ضيق ان مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين حججنا ربنا بفضلك وادينا المناسك بعونك فتقبل منا انك انت السميع العليم. وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم سبقنا فضلك واحسانك فاردفنا يا ربي بمثله فضلا منك واحسانا. اللهم الائك علينا كثيرة ونعمك لا تحصى فاذي يا ربي شكرها واجعلنا مستقيمين عليها يا رب العالمين. اللهم ات نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت ايها ومولاها اجعلنا يا ربي في خيرة عبادك وخير من تقرب اليك. وصل يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى نبي مجتبى رسولك محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين