بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ايها الاخوة الكرام حجاج بيت الله الحرام فان من المعاني العظام التي يتلمسها الحاج في حجه ومن المقاصد التي يلتفت اليها في اداء المناسك شعار الحج التلبية. لبيك اللهم لبيك التي هي اولى خطوات الحج يشرع بها الحجيج عند احرامهم من الميقات يهلون بالتلبية يعلنون دخولهم في هذا النسك قاصدين بيت الله الحرام بعمرة متمتعين بها الى الحج او بعمرة مقارنة للحج او بحج وحده وكيفما كان الدخول في النسك عند الاحرام به حجا او عمرة فانه يشرع للمحرم ان يهل بالتلبية اسوة برسول الله صلى الله عليه واله وسلم تقدم معكم في مجلس سابق ان التلبية شعار الحج وزينته. وانها ايضا مظهر من مظاهر الاعلان بالتوحيد لله جل جلاله. واعلان وتعظيم ربنا الكريم في اداء المناسك. والاقبال عليه والاعلان بهذا الاصل العظيم والقصد الكريم في توحيد لرب العالمين بالاعتراف له بالحمد والمجد والثناء والملك جل في علاه مجلس الليلة يا كرام نقضيها مع هذه الجملة المباركة مع شعار الحج لبيك اللهم لبيك. فانها من المعاني العظام قلما يلتفت اليها الحجيج فتراهم في الغالب يزهدون في الاكثار منها ويستقلون. وترى كثيرا منهم لا يكاد يلبي الا اذا سمع جموعا من حوله تلبي فشاركهم والا في ظل ساكتا. وترى كثيرا ممن يلبي لا يكاد يلتفت الى ما تحمله هذه الجمل العظيمة من جلال ومعنى كبير يراد ان تعيشه القلوب وهي تحج بيت الله الحرام. وبين يدي الحديث عن معاني التلبية وما تحمله في داخلها من مضامين وحكم ومقاصد واسرار ومعان بليغة يحسن الوقوف عندها فان بين يدي هذا ها هنا حديثا يبين لنا شرفها وفضلها وتلبيتها. وقد جاء في السنة جملة من الاثار والاحاديث عن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم تبين مكانة التلبية وعظيم شأنها لمن اقبل على بيت الله الحرام بحج او بعمرة. في الحديث في الصحيح قول المصطفى صلى الله عليه واله وسلم افضل الحج العج والثج العج بالعين رفع الصوت بالتلبية واستج اراقة الدماء بالنسك هديا واضحية هديا واجبا او هديا مستحبا. وكذلك الدماء التي تذبح في مناسك فانها من الثج التي تراق فيها الدماء. يقول عليه الصلاة والسلام فيما اخرج الترمذي وحسنه الالباني افضل الحج العج والثج. اذا في حجك من افضل اعمالك التي تتقرب بها الى الله ان ترفع صوتك بالتلبية التلبية التي هي خير ذكر للحاج حال احرامه. فاذا احرمت في العمرة من الميقات او ستحرم بعد غد او بعده ان شاء الله بالحج من مسكنك الذي انت فيه. فان خير ما تشغل به وقتك ذكر تتقرب به الى ربك طالما بقيت محرما. حتى تتحلل يوم العيد برمي جمرة العقبة هو ان تكثر من التلبية قائما وقاعدا داخلا وخارجا مصبحا وممسيا مقبلا ومدبرا تقولها في الطرقات على الفراش وفي المسجد وفي الاسواق تعلنها ترفع بها صوتك رغبة في حصول هذا الاجر والخير والفضل العظيم في الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم كما اخرج اصحاب السنن وصححه الترمذي والحاكم وابن خزيمة انه قال عليه الصلاة والسلام ان جبريل امرني ان امر اصحابي ان يرفعوا اصواتهم بالتلبية. وذلك لما احرم عليه الصلاة والسلام من الميقات. فلما كان بذي الحليفة واتاه هذا التوجيه الكريم. حث اصحابه فرفعوا اصواتهم بالتلبية سيأتيك هدي السلف في هذا الباب. قال فما بلغوا الروحاء وهو موضع قرب المدينة. حتى بحت اصواتهم رضوان الله عليهم اخرج الترمذي عن حديث سهل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يلبي وليس يلبي الا المحرم في احرامه الحاج والمعتمر يقول عليه الصلاة والسلام مبينا طرفا من اجرها وفضلها في ميزان الحجيج والمعتمرين يقول صلوات الله وسلامه عليه ما من مسلم يلبي الا لبى من عن يمينه وشماله من حجر او شجر او مدر حتى تنقطع الارض من ها هنا وهاه هنا يعني يلبي كل شيء من خلق الله يمينا وشمالا شجر وحجر ومدر كله سيجاوبك التلبية لان هذا الشعار تستجيب له مخلوقات وتلبي معك لله عز وجل فتشهد معك وتكون في صحيفتك. ارفع صوتك ليبلغ مدى صوتك ما شاء الله من خلقه فتلبي تلك المخلوقات معك. لا تهمسن همسا. والكلام للرجال فان السنة في حقهم ان تضج الفجاج والطرقات الحافلات والمخيمات ان تضج باصوات الحجيج يجأرون بالتلبية لرب البيت العتيق. واما النساء فان انهن يخفظن اصواتهن كما جرت احكام الشريعة للنساء بالحشمة والخفض والقرار عفة لهن وصونا التلبية رفع الصوت بها من خير اعمال الحجيج. ومن اعظم ما يتقربون به الى الله. وما زلت اقول مؤسف هو الاستقلال من التلبية. بعضنا اذا احرم تكاد تحصي كم مرة لبى. وتكاد تعدها عدا وحقها ان يملأ بها وقته فلا تمر عليه الدقائق والنصف ساعة الاولى والساعة والثنتان وان يمر يومه وليلته وهو في حجه الا وقد ملأ صحيفته تلبيا. الا وقد اسمع الكون والافق علوا وسفلا تلبيته. فيلبي منعا وعن شماله كما سمعت في قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انما كانت التلبية يا كرام بهذا المعنى العظيم. لانها كما يقول السلف. يقول مجاهد رحمه الله التلبية شعار حج لكل شيء شعار شعار الحج ليس راية ترفع ليست جملا تردد تنتمي الى ولاءات واحزاب ومذاهب وافكار. شعار الحج الذي يشترك فيه المسلمون عربا وعجما. صغارا وكبارا فقراء واغنياء. شعار واحد ان يقول الكل لبيك اللهم لبيك. هكذا فهم السلف انها كلمة يقولها العربي ويقولها الاعجمي. ويقولها الاسيوي الافريقي والاوروبي والامريكي والاسترالي وكل شعوب الدنيا. كل خلق الله انسا وجنا يقولون هذه الكلمة. فاصبحت شعارا للحج اذا اقبلوا الى بيت الله الحرام. يقول مكحول رحمه الله التلبية شعار الحج فاكثروا من التلبية عند كل بشرف وفي كل حين. الشرف المكان المرتفع. اذا فسرت في طرقات فعل بك الطريق بين جبلين او في مرتفع قال فاكثروا من التلبية عند كل شرف وفي كل حين. واكثروا من التلبية واظهروها. يقول عبدالله بن الزبير رضي الله عنه وعن ابيه التلبية زينة الحج فاي حج هذا الذي تغيب فيه زينته حج بلا زينة لا تملؤه تلبية لا يكون احرامك هذا قد ملئ تلبية حتى ترمي جمرة العقبة فتحل احرامك وتستبدلها بتكبير اي زينة لك في حجك ليست زينة الحج بلباس فكلنا سيرتدي الازار والرداء ليس في نفسه فاخر ولا في زينة نتعاطاها قد حرم علينا في الاحرام الطيب ولبس المخيط. فباي شيء تتزين ايها الحاج بكثرة تلبيتك لربك وانت محرم في حجك. لكان سعيد بن جبير سيد التابعين رحمه الله كان يوقظ ناسا في المسجد ويقول قوموا لبوا فان زينة الحج التلبية كان يعظهم يذكرهم انه لا ينبغي لحاج ان يظل صامتا ان يكون ساكتا فظلا عن ان يستبدل هذه الكلمة العظيمة بامور اخرى من الانشغال بالاحاديث والقيل والقال. نعم. ليس لاحدنا غنى عن كلام مع عن صديقه ورفيقه ومن يجاوره ومن يصاحبه في رحلة حجه لكن ليكن كلاما بقدر الحاجة ليكن بقدر ما تحتاج ان تؤدي به غرضا ومقصدا. وباقي الوقت ايها الحجيج املؤوه رعاكم الله بما يحب وان يسمعه منكم الله جئت بيته اسمع ربك ما يحب حتى يؤتيك ما تحب اما تريد اشياء اليس في نفسك مطالب الست تحمل في قلبك دعوات وقد عزمت ان تنثرها في عرفات وان تسكبها عند الجمرات وان تقولها في الطواف والسعي وقد قصدت الا يكون موضع لك في منى ومزدلفة وعرفات الا شهد وقفتك ويشهد لك يوم القيامة انك اتيت وافرغت فيها دعوات قبل ان تطلب من ربك ما تحب. اسمع ربك ما يحب في الاحرام يحب منك الله هذه الجمل العظام. لماذا التلبية؟ لماذا سماها السلف زينة الحج لماذا سموها شعار الحج؟ لماذا كانت اول شيء نفعله عند الاحرام؟ لبيك اللهم حجا او لبيك اللهم عمرة ثم تظل تقول لبيك اللهم لبيك حتى تملأ بها وقتك. تدعو عند الطواف وفي المسعى لكنك تمزج ذلك بتلبية جليلة عظيمة تملأ بها ليلك ونهارك وتجعلها ديدنك صبحا ومساء. السلف كانوا يعيشون معاني التلبية كانوا ارادوا ان يشعروا انفسهم والناس من حولهم ان التلبية استجابة. انها معنى عظيم يعيشه الحجيج. ومن هنا قال بعض فقهاء ان التلبية للمحرم حال احرامه هو خير انواع الذكر وافضله الذي يتقرب به الى الله. بل قال بعضهم هي له في ذاك الوقت خير له من قراءة القرآن. والقرآن كلام الله ليس لشيء الا لان هذا وقت تلك العبادة. والعبادة ان خصت بوقت وتقيدت به كانت افضل من غيرها ولو كان غيرها افضل منها اطلاقا. من حيث الجنس. لكن العبادة التي تخص في مكان معلوم وزمان معلوم تبقى الاولوية لها والفضيلة لها ولو كان غيرها من العبادة في الجملة افضل منها. هذا فهم دقيق يا كرام، ولنعش معاني التلبية التي نريد ان نقف عندها. التلبية عند العرب تقول لبيك. يعني اجبتك مرة بعد مرة كلمة تقال عندما يناديك احد باسمك يقال لك يا فلان او يا ابا فلان عند العرب ستقول نعم للمنادي او تقول له ماذا تريد لكن الاعظم والاكثر ادبا من كل ذلك ان تقول لبيك لبيك فيها ادب فيها اجابة فيها احترام فيها تعظيم للمنادي ولهذا فان لبيك عند العرب يقولها العبد لسيده يقولها الولد لابيه وامه يقولها التلميذ لاستاذه وشيخه فاذا نودي احد من هذه المقامات الرفيعة ناداه ابوه امه استاذه وشيخه ناداه آآ نادى مثلا السيد عبده فيقول لبيك ولا يتجرأ ان يقول نعم ادبا واحتراما فيها معنى الادب والاحترام وفيها معنى تكرار الاجابة تقول اجبتك مرة بعد مرة يعني نعم بعد نعم والف نعم يعني انا بين يديك فاطلب ما تريد اجبتك لبيك ما طلبك انا رهن اشارتك. هذه المعاني الممتلئة ادبا واحتراما تحملها كلمة لبيك. والسؤال هو لما تقول انت عند الاحرام لبيك. من ناداك هل سمعت اسمك ما ناداك الله الذي نادى ابراهيم الخليل عليه السلام لانه امتثل امر الله الذي قال له واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا يعني يأتون على ارجلهم كما قلنا غير مرة. وعلى كل ضامر يعني راكبين يأتون ماشيين وراكبين يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم فمن اين جاء لبيك وكانك عندما تأتي عند الاحرام في الميقات وتقول لبيك اللهم انت تقول لبيك يا ربي هل ناداك الله؟ هل دعاك؟ الجواب نعم ناداك فاجبت دعاك فقلت لبيك هذا النداء الابراهيمي الذي اذن به الخليل عليه السلام وفي اثار عجيبة تصف لك هذا المعنى الذي لو فطنت له والله لقشعر بدنك. وانت تعقل معنى التلبية عند الاحرام في العمرة من الميقات او عندما تحرم بعد غد بالحج اسمع رعاك الله. اخرج الامام الطبري في تفسيره بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما فرغ ابراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له اذن في الناس بالحج قال ربي وما يبلغ صوتي اذا كان سيؤذن كيف يسمع الناس والله يقول واذن في الناس. قال ربي وما يبلغ صوتي؟ قال اذن وعلي البلاغ. فنادى ابراهيم عليه السلام ايها الناس كتب عليكم الحج فحجوا. قال فسمعه ما بين السماء والارض وفي رواية ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما الا ان ربكم قد اتخذ بيتا وامركم ان تحجوه. قال استجاب له ما سمعه من شيء من حجر وشجر واكمة او تراب او شيء لبيك اللهم لبيك تجاوبت معه المخلوقات فنطقت وانطقها الله لبيك اللهم لبيك. وفي رواية مجاهد قال فاسمع الله، عز وجل، صوت ابراهيم عليه السلام لما اذن بالحج قال فاسمع من في اصلاب الرجال وارحام النساء. فاجاب من امن ممن سبق في علم الله ان يحج الى يوم القيامة لبيك اللهم لبيك. يعني انت لبيت لما كنت في اصلاب اجدادك وارحام امهاتك. لما اذن الخليل عليه السلام وها انت اليوم لما خلقك الله واخرجك الى الوجود وشركه فعبدا تمشي على رجليك وتقوم بحياتك اتيت تحقق ذلك النداء الذي اجبت به لبيك اللهم لبيك. قال قام ابراهيم عليه السلام على المقام. حين امر ان يؤذن في الناس بالحج فقالوا لبيك اللهم لبيك فمن حج اليوم فهو ممن اجاب ابراهيم عليه السلام حينئذ منذ الاف السنين لما اذن الخليل ابراهيم عليه السلام وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال خفضت له الجبال رؤوسها ورفعت فاذن عليه السلام في الناس بالحج. كل ذلك اية. اراد الله بها ان تكون قصة بناء الكعبة والاذان في الناس بالحج امرا عجيبا ومعجزة ربانية كريمة حتى يقوم الحج. ومنذ ذلك اليوم ما وقف الحج ولا انقطع الحجيج الى بيت الله الحرام. نعم اعترى بعض ذلك في بعض الازمنة اعتراه شيء من دنس الجاهلية وتلطيخها بالوثنية ونصب الاصنام حول الكعبة وعند الصفا والمروة. لكن الحج ما انقطع حج العرب على الجاهلية في شركهم بالله. وكانوا يقولون لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك. ومع ذلك من قطع الحج حتى جاء نبينا صلى الله عليه وسلم فطهر البيت وامتثل امر الله واعاده الى الطهر الذي كان زمن جده الخليل ابراهيم عليه السلام. هذه التلبية يا كرام التي ينادى بها ويستجيب لها الحجيج كل عام. وقد اخرج القرطبي ايضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال فاجاب من كان في اصلاب الرجال وفي ارحام النساء لبيك لبيك اسمع يقول فمن اجاب يومئذ حج على قدر الاجابة ان اجاب مرة حج مرة وان اجاب مرتين فمرتين وجرت التلبية على ذلك ان من كتب الله له ان يحج مرة او مرات فهو بقدر ما اجاب في الازل لما كان نطفة في عالم الغيب وقال لبيك اللهم لبيك عند اذان ابراهيم والخليل عليه السلام صعد ابراهيم عليه السلام كما قال ابن كثير. قام على المقام وقيل على الحجر يعني الحطيم او حجر اسماعيل. وقيل وقف على الصفا وقيل على جبل ابي قبيس. هذه الاثار التي في سردها المفسرون الائمة الطبري والقرطبي وابن كثير عن هؤلاء السادة من السلف من الصحابة والتابعين ابن عباس وابن جبير ومجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم كثير توقفك على جلالة اللفظة التي تقولها عند الاحرام لبيك اللهم لبيك انت تجيب ذاك النداء وتقول اتيتك يا رب قصدتك توجهت اليك ثم انت تحث الخطى قادما الى مكة وتحس الخطى غدا الى منى مزدلفة عرفات. وكأنك تقول اتيتك يا رب وعزتك اني مقبل على طاعتك. تقولها بكل شرف وفرح وفخر يا اخوة هذا المعنى ينبغي ان تمتلئ به القلوب عند التلبية. التلبية لله حبا التلبية لله ادبا. التلبية لله خضوعا واستكانة ارجوكم ليست نشيدا يعزف على الالسنة لا والله هي كلمات تقطر تعظيما واجلالا وخشية. ليست طربا تتمايل معه الرؤوس وتهتز معه الابدان. هي كلمة انت تقولها يا رب ها انا ذا اليوم في بيتك الحرام ها انا مقبل على المشاعر العظام اتيتك يا رب باحثا عن رظاك ورحمتك طامعا في فضلك وعفوك وعافيتك تأتي معلنا خروجك من الدنيا وتثبت ذلك فتنزع لباسا وتكشف رأسك تظهر فقرك ومسكنتك وتقول لبيك يا رب ولسان حالك يا رب تجردت تعريت اقبلت جئتك يا رب فقيرا من كل شيء متجردا من كل شيء معلنا الانطراح بين يديك تعلنها تعظيما لله فلما يقول احدكم في احرامه لبيك اللهم لبيك فلينطق بها قلبه. وليخفق بها صدره قبل ان يتحرك بها هي كلمة والله في غاية العظمة وتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت كذلك لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك حفيظ الصحابة تلبيته فعاشوا بها ورفعوا اصواتهم واسمعوا الدنيا كلها تلبية التوحيد والاعتراف. هذا ادب هذا حب لله اذا التلبية ايضا يا كرام هي اعتراف واخبات لله جل جلاله. في تلبيتنا نحن نحن نوحد الله عز وجل. اما قلنا فيها لا شريك لك ثم ننسب كل ذلك لله وحده. ان الحمد نعمة لك والملك لا شريك لك فتعلن تجردك لله وانقطاعك لله وتبرؤك من كل شيء فتنسب كل شيء الى الله وتقول ليس لك من نفسك شيء هذا التوحيد الخالص هي كلمة التوحيد وقد مضى في مجلس قبل ليال ان واحدا من اعظم قضايا الحج التي جئنا لاجل بها نحج كما قال الله للخليل عليه السلام الا تشرك بي شيئا. اقامة التوحيد واعلانه. عبارات التلبية من شعارات التوحيد من كلماتها العظام من جملها الكبيرة التي يجب الا تقف على حد الالسنة ولا تقف محبوسة في الافواه بل ينبغي ان تخالط القلب. وان تمتزج بالدماء فاذا قلت لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك اعلنها خالصة انك تعلن توبتك ندمك انقطاعك من كل لوثة قد تكون اصبتها في حياتك لا ينظر الله الى قلبك تلك الساعة فيرى شيئا تعلق به قلبك سواه سبحانه لا السحرة ولا الكهنة ولا الدجاجلة ولا خرافاتهم ولا اساطيرهم ولا التمسح والتبرك بالاضرحة والقبور للصالحين والانبياء والاولياء. والاعتقاد ان وليا او اماما او شيخا او وعالما يمكن يمكن ان ينفعك او يضرك من غير الله. انزع كل ذلك ولا يرى الله في قلبك الا صدق اقبال عليه فالتلبية اعلان لا تقلها وحالك يخالف ما يقوله لسانك. ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. اعلان بتوحيد خالص التلبية ليست توحيدا وادبا فحسب. التلبية ايضا تمجيد لله. فانت تنسب له الحمد تنسب له النعمة تنسب سبله الملك والله عز وجل يحب يحب سبحانه ان يحمد ويحب ان يثنى عليه نحن نصلي خمس مرات كل يوم وليلة ونركع فيها سبع عشرة ركعة على الاقل في الفرائض. سبع عشرة ركعة والفاتحة ركن لا تصح الصلاة الا بها. واول اياتها الحمدلله رب العالمين ثم تمجده وتثني الرحمن الرحيم. ما لك يوم الدين. هذه انت ان تقولها كل يوم على الاقل سبع عشرة مرة فضلا عما يزيد معك في النوافل والسنن والمستحبات يركع امامك في الصلاة في رفع ويقول سمع الله لمن حمده هذا اوان ان تحمد ربك فيسمعك سبحانه وتعالى. فتنطلق الالسنة وجموع المصلين. ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد يقول عليه الصلاة والسلام والحمد لله تملأ الميزان املأ ميزانك يوم القيامة بحمدك لربك. ارأيت ربك يحب الحمد ويوم القيامة ياتي الحمادون المكثرون من الحمد لله في زمرة كريمة مباركة يرفع لواءها سيد الحماديين صلى الله عليه وسلم. وهو قائل وبيدي لواء الحمد يوم القيامة كن تحت لواء المصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم ولن تكون تحت لوائه مع الحماديين الا اذا حمدت الله اما شعرت انك في تلبيتك تقولها كثيرا؟ ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك له تحمد الله اي والله تحمده على ماذا او ماذا تنهال عليك عظائم النعم وصغائرها كبيرها وصغيرها دقيقها وجليلها فلا تدري ما الذي تحمده وما الذي تنساه اتحمده ان خلقك سويا؟ اتحمده ان جعلك مسلما؟ اتحمده ان عافاك؟ اتحمده ان اتاك الصحة والمال تحمده ان اوفدك واتى بك الى بيته الحرام اتحمده انك اليوم بين جموع الحجيج اتحمده انك غدا معهم في صعيد عرفات اتحمدهم انك في ذلك المشهد وذلك الموكب الذي ينال الفخر ويباهي الله بهم ملائكة السماء. على ماذا او على ماذا اتظن انك لما حججت حججت بقدرتك وكدك واجتهادك وعرق جبينك اتظن انك جئت تحج لانك امتلكت مالا او واسطة او جاها او معرفة سعى لك حتى جئت تحج ووجدت تأشيرة او نفقة الحج او طريقا او معرفة لا والله ايها الحاج. والله ما جئت تحج الا لفضل الله عليك ان الحمد والنعمة لك والملك. والله لو اوتيت ملك قارون واموال الدنيا وما كتب الله لك ان تحج والله لن تحج لا تظن ان المسألة عائدة الى تعبك الى تدبيرك الى تخطيطك الى مالك الى قدرتك كلا والله والسبب انك ترى بعينيك ان في الامة من هو اغنى مني ومنك ولم يحج حتى اليوم. المسألة ليست بالمال وفي الامة من هو اصح عافية مني ومنك. ومع هذا لم يحج الى اليوم وفي المس امة من هو اكثر جاها وقدرة وعلاقة مني ومنك ومع هذا لم يحج اما ترى يا اخي المسألة عائدة الى فضل الله وحده سبحانه بالله عليك قلها بقلبك لما تلبي ان الحمد والنعمة لك والملك والله ستبكي على نفسك انك عبد ما قمت بحق ربك عليك من حمده والثناء عليه ستخجل من ضعف حمدك امام عظيم فضله عليك ما يزال يغدق ويعطي جل جلاله وما زلنا مقصرين والله لتعلم انك عندما تحمد الله في التلبية قائلا ان الحمد والنعمة لك والملك فلا والله لست تقوم ولا بعشر معشار بحق ربك العظيم من الحمد والنعم الذي لا حد له ولا منتهى له. وكما قال في الاثر عن داوود عليه السلام قال اي ربي كيف اشكرك وشكري لك نعمة تستوجب شكرا يقول يا رب انا كيف اصل الى منتهى الحمد وانا لو قلت الحمدلله اشكرك يا رب توفيقك لي للحمد هي نعمة تستحق الشكر فمع ذلك انت لن تبلغ حق الله يا رجل افتح عينيك وابصر الملايين في الامة في البشرية اليوم امة تائهة ضائعة على ضلال على عقائد محرفة. فمن الذي هداك من بينهم من الذي اتى بك من بينهم؟ يا اخي كل منكم في بلده كم ترك وراءه هناك خلف الحدود؟ من الملايين التي تتمنى تبكي شوقا الى البيت الحرام. كم تركت وراءك ما الذي بينك وبينهم؟ الانك اعز عند الله منهم؟ اه لانك اكرم عند الله؟ الانك بينك وبين الله عز وجل شيء يخصك؟ والله ليس هو الا محض فضل الله والنعمة له سبحانه وكل شيء سوى ذلك اسباب. ليست الا اسبابا نبذلها ونسعى فيها ولكنه والله لولا امر الله وفضل الله واذن الله لك والله ما تم لك امر ولا تحقق لك مقصود حجك وحده قصة حكاية تحمل الاف المواضع التي تحمد فيها ربك عليها كم خطوة خطوت في حجك؟ كم نفسا تنفست؟ كم لقمة اكلت؟ كم شربة شربت كم هو حجم حق الله عليك؟ وما زلت حتى الساعة تتردد انفاسك الى صدرك ولو شاء سبحانه لحبسها ولو شاء لحال بينك وبين القدوم ولو شاء لصرفك عز وجل ولاغلق في وجهك الباب افلا يستحق ان تحمده كل هذا في كفة وما يعيشه الحجيج في رحلة حجهم متنقلين. بين تلك المشاعر العظام تغشاهم الرحمة والسكينة والعفو والمغفرة وينالون العتق من النار. ذاك موضع اشد والله ان يحمد الله فيه. وان نكون لاهجين بالشكر والثناء لله عز عز وجل عرفت الان لماذا قال السلف؟ انها زينة الحج. انها شعار الحج هي ينبغي ان تصحبك مع كل نفس في حجك الا تفتر ان لا تمل ان لا تسكت اجعل حجك يقطر تلبية لله. تشعر ان الكون من حولك يشاركك في هذه التلبية الا لبى ما عن يمينه وعن شماله من شجر وحجر ومدر حتى تنقطع الارض من ها هنا ومن ها هنا كما قال صلوات الله وسلامه عليه. تلبيتنا اذا توحيد لله عز وجل. تلبيتنا ادب وسرعة استجابة. ودوام التزام تلبيتنا تمجيد وثناء على ربنا الكريم. تلبيتنا شكر واعتراف بالنعم العظيمة التي انعم الله تعالى بها سبحانه وتعالى كان الملبي كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه كما اخرج الامام البخاري رحمه الله في الصحيح كان الصحابة في رفقتهم لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم في رحلة الحج يشعرون انها لا ينبغي ان تخلو فيها صحائفهم من ملئها تلبية لله جل جلاله. وكانوا يتقفون اثره عليه الصلاة والسلام يسمعون منه جملا في التلبية حفظوها. وبعضهم كان يزيد عليها ما كتب له ان يزيد. كان عليه الصلاة والسلام ربما قال لبيك وسعديك والخير في يديك لبيك. والرغباء اليك والعمل. هذه تلبية اثرت عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول لبيك وسعديك انظر كيف عقلت قلوبهم هذه المعاني فطفقوا يعبروا عنها بكل الادب بكل التعظيم بكل الحب والاجلال لله. عرفوا ما معنى التلبية؟ يقول ابن عمر لبيك وسعديك لبيك والخير في يديك لبيك. والرغباء اليك والعمل. يعني رغبتنا اليك يا رب. وعملنا خالص لوجهك يا رب بيك وسعديك يعلنها فرحة سعادة في اقباله على ربه عز وجل. في الحديث ايضا قال والناس يزيدون. لبيك المعارج والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا. اذن لهم في تلك العبارات ان يقولوا ما به عن تمجيد وثناء لربهم سبحانه. ربما خلطوا التلبية بتكبير. فلم يكن ذلك عندهم في حرج. وقد سمعت كان ملبي يلبي والمكبر يكبر فلا ينكر عليهم. تلبية النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر في الصحيحين جابر في حديث صحيح مسلم وعائشة ايضا في الصحيحين هي التلبية التي يقولها الحجيج كلهم اليوم. لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه الصيغة المشهورة التي رواها من الصحابة عدد كابن عمر وجابر وعائشة رضي الله عنهم جميعا. في تلبية ايضا رواها عمر رضي الله عنه قولوا لبيك اللهم لبيك لبيك وسعديك والخير كله بين يديك. لبيك والرغبة اليك والعمل كما عند مسلم من حديث ابن عمر قال ابن المنذر ورؤيت عن عمر ايضا وعنه ايضا رضي الله عنه لبيك ذا النعماء والفضل والثناء الحسن. يثني على الله بانك النعمة له وهو المستحق للثناء. قال لبيك مرغوبا ومرهوبا اليك. يعلنون في تلبيتهم ما يعبرون به عن معاني قدورهم في سنن ابي داوود من حديث جابر قال ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته التي سمعتم قبل قليل قال والناس كانوا يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام. والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئا هذه التلبية يا كرام حج بها الانبياء عليهم السلام. وكانوا في تلبيتهم مقبلين على هذه المعاني العظيمة يعلنونها اخباتا واقبالا على ربهم سبحانه وتعالى كان السلف رضي الله عنهم يعيشون ايضا هذه المعاني العظيمة. اسمع رعاك الله عن يعقوب ابن يزيد قال كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبلغون الروحاء حتى تبح اصواتهم. وفي صحيح البخاري من حديث انس رضي الله عنه قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر اربعا وصلى العصر ركعتين بذي الحليفة يعني عند الميقات لما جاء يحرم قال وسمعتهم يصرخون بها جميعا. يعني التلبية بالحج والعمرة. سمت تلبية صراخا. لانهم سمعهم يهلون بها يرفعون اصواتهم رفعا. وحديث قد تقدم بكم قال جاء جبريل عليه السلام. فامرني ان امر اصحابي ان يرفعوا اصواتهم بالتلبية. اخرج ابن ابي شيبة في المصنف ايضا بسند صحيح. عن بكر المزني قال كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما فلبى حتى اسمع ما بين الجبلين. يعني حتى ملأ صوته الوادي عندها لم تكن تكن مكبرات الاصوات ولم تكن الميكروفونات تساعد على اسماع الافاق لكن كانوا يشعرون انهم ما بلغت حناجرهم من القوة في رفع قوت بها فانهم لا يبخلون بها وعن المطلب بن عبدالله قال كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون اصواتهم بالتلبية حتى احا اصواتهم وهذه البحة التي تكون منهم رضوان الله عنهم في حجهم انما كانت على هذا المعنى العظيم في اعلان تلبيتهم لربهم الكريم سبحانه وتعالى. التلبية يا كرام كما في حديث ابن عباس وقد اخرجه البزار في مسنده بسند حسن هي ميراث الانبياء. وقد حج النبيون جميعا وما بعث الله نبيا الا حج بيته الحرام. يقول ابن عباس كما اخرج البزار بسند حسن. يقول رضي الله عنهما كانت تلبية موسى عليه السلام لبيك اللهم لبيك عبدك وابن عبديك وكانت تلبية عيسى عليه السلام لبيك عبدك وابن امتك وكانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك في الحديث الصحيح الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فاجابوه وسألوه فاعطاهم اليست رحلتكم هذه معشر الحجيج وفادة كريمة عند اكرم الاكرمين. تدري ما الوفادة؟ الوفادة قدوم في ضيافة واحتفاء انت وافد كريم على الله. جئت اليه تؤم بيته الحرام. وتقصد غدا المشاعر العظام. جئت وملئ الاعظام والاجلال لرب كريم دعاك دعني اقرب لك الصورة ماذا لو احتفى بك احد العظماء والكبراء؟ ماذا لو استضافك ملك من الملوك؟ امير من الامراء وزير من الوزراء كبير من كبراء البلد. بالله عليك حدثني عن شعورك ان وجه اليك الدعوة لك ان تخصك وناداك بضيافته في مأدبة طعام غداء او عشاء ولو لم يكن فيها شيء الا استضافته لك والله لتشعرن بالفخر ان اصحاب الجلالة والفخامة والعظمة والسلطان والجاه دعوك فاجبت دعوتهم فتأتي تأتي في كامل احترامك وادبك وتدخل مكان استضافتك وانت وانت تنطق كل شعرة فيك عن امتنانك لمثل هذه الضيافة وتشعر بكرم الوفادة. ان قدم لك طعاما وشرابا. ومهما وجدت من ابهة الضيافة وفخامة الاستضافة وكرم الحفاوة سيزداد فرحك وسرورك والله لتعيشن فرحتها اياما وربما شهورا يا رجل اين انت عن ضيافة رب الاربى؟ وملك الملوك جل في علاه. ويدعوك الى بيته الحرام وتكتحل عينك برؤية الكعبة وبالطواف وبالسعي بين الصفا والمروة. ثم يأذن لك سبحانه ان تقتفي اثر الخليل ابراهيم عليه السلام فتذهب لترمي الجمرات. ويأذن لك سبحانه ان تكون اليوم في امة الاسلام بين اثنين مليار مسلم تقريبا الفي مليون يأذن الله لك ان تكون واحدا منهم. تأتي لتحج لتقف ليكتب اسمك في ديوان اجيج هذا العام هذا الشرف ملك به هذا الكرم كيف يحتمله قلبك؟ هذه الوفادة الكريمة كيف ستحدث بها نفسك لا تحدث احدا. اسمع ربك تلبية تقول فيها لبيك. تعلن فيها فرحتك استجابتك. لو ان احد العظماء وجه اليك الدعوة وينتظر اجابتك والله لتجيبنه في لمح البصر من ذا الذي سيتأخر عن ضيافة فيها اكرام وحفاوة ووفادة عند العظماء والكبراء والرؤساء والملوك. اين انت في دعوة جريمة ينادى بها الحجيج والعمار. الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فاجابوه. ارأيت؟ اجبت انت تقول لبيك اللهم لبيك الذي نقصده يا كرام ان تكون تلبيتنا حافلة بهذه المعاني. ان تكون مدركة لابعاد هذه القضايا وان تكون مستوعبة لعمق ما فيها من الدلالات رجاء حتى نتجاوز بتلبيتنا العبارات الجوفاء ان تكون كلاما يقال باللسان في سهو وغفلة وشرود ذهن ان تكون من اقل ما نعمله في حجنا فلا نقولها الا مرات. وننتظر رفع صوت مناد يقولها في مكبر الصوت فنتبعه وننساق له فان قال قلنا وان سكت سكتنا اجعل تلبيتك في حجك شكرا لله ولو نطقت بها صبح مساء وانت نائم على الفراش ما احصيت حقها ربك الكريم اجعل تلبيتك لربك اعترافا وازعانا ادبا واحتراما حبا واجلالا وربك يستحق ذلك واعظم. فاجعلها غير منقطع بها نفسك رعاك الله. وانت محرم في رحلة حجك اجعلها معك في منى في مزدلفة في عرفات في الطرقات في الحافلات في المخيمات على الفراش في الممرات اجعل كل شيء ان يشهدوا لك يوم القيامة انك قلت هنا لبيك اللهم لبيك. اجعل كل شيء يسمعك يشهد لك انك ناديت انك رفعت صوتك انك جهرت انك اسمعت الدنيا كلها لبيك اللهم لبيك مشهد تعيشه الامة كلها قطرة من بحر هي الجموع التي جاءت تحج ما المليونان والثلاثة مليون في وسط الفي مليون مسلم في امة الاسلام اليوم؟ والله انهم ليرصدونكم من اراء الشاشات وينظرونكم في القنوات. يرون اجتماعكم عند الكعبة في الصلوات ويرونكم في صعيد عرفات ويرونكم عند الجمرات والله قلوبهم تتقطع شوقا واعينهم تبكي دمعا يتمنون ساعة مما انتم فيه يتمنون لحظة من الكرم الذي يحيط بكم في تلك المواقف فمعاذ الله ان يكون احدنا في غمرة تلك المواقف غافلا غير مدرك عظيم الحفاوة عظيم الكرم واسع العطاء الذي يحيط به عن يمينه وعن شماله وهو يعيش معاني الحج في هذه الرحلة العظيمة لبيك اللهم لبيك والله كلمة كريمة عظيمة لو شعرها المؤمن حقا لادركته من الاحوال ما ادركت السلف. رضوان الله عليهم والذي ادركهم يا اخوة والله يقشعر له البدن وتنتفض له النفوس كان انس رضي الله عنه اذا احرم لم يتكلم في شيء من امر الدنيا حتى يتحلل من احرامه. ما يتكلم يرى انه لا يليق به من الادب ان يراه الله منصرفا الى غيره يتكلم مع هذا ويخوض مع ذاك او يجادل او يخاصم او يقضي وقته وهو محرم في غير تلبية هذا انس رضي الله عنه قال سفيان بن عيينة حج علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه وعلي بن الحسين زيد العابدين هو علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وعن ابيه وعن جده اسمع يقول سفيان حج علي بن الحسين زين العابدين فلما احرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع ان يلبي انعقد لسانه فلما سئل قال اخشى ان يقال لي لا لبيك ولا سعديك يا اخي يعيشون انهم يناجون الله وان احدهم اذا قال لبيك يسمع ربه فيخاف ان يكون في احرامه ليس كما ينبغي فترد عليه تلبيته في وجهه هذا على رغم ما كانوا عليه من ذروة الصلاح والتقى والسيادة التي اموا بها الدنيا في حياتهم. لكنها القلوب الحية اليقظة التي تستشعر ان التلبية ليس اعزوفة تنشد في الحج لا هو كلام هو مشاعر قلب يعبرون به حال احرامهم ووقع فلما سئل قال اخشى ان يقال لي لا لبيك ولا سعديك. قال ووقع من راحلته ولم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه ما زال يصحبه ذلك الشعور حتى اتم الحج كان شريح رحمه الله اذا احرم كانه حية صماء من كثرة الصمت والتأمل والاطراق لله عز وجل الحية الصماء التي لا تتحرك ولا يبدو منها شيء فكأنه حية صماء من صمته واطراقه الناس من حوله تتكلم والحياة من حوله تتحرك لكنه شعر انه في موقف خرج فيه من حياته محلقا في اتصاله بربه عز وجل كان جعفر الصادق لما حج اراد ان يلبي فتغير وجهه فقيل له ما بالك يا حفيد بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اريد ان البي واخاف ان اسمع غير الجواب صدقا والله كانوا يعيشون انهم يناجون الله بالتلبية انهم يخاطبون خالقهم انه دعاهم فقالوا لبيك وينتظر احدهم ان يعيش هذه المعاني. كانوا في تلك المواقف صدقا يعيشون انهم يقبلون على رب كريم. وان عظمة بهم سبحانه التي ملأت قلوبهم ما كانوا يطيقون بها ان تمر بهم مواطن العبادة في الحج الا بقلوب قد تشربت من تلك المعاني العظام. اين انا وانت ما حالنا اذا لبينا؟ كيف تلبيتنا في الحج؟ كيف زينته؟ كيف شعاره في نسك احدنا لا بأس فيما مضى ستقبلون معشر الحجيج بعد غد على الشروع في نسك تحرمون به لربكم تعلنون به تلبية من جديد لبيك اللهم حجا فاسمعوا الدنيا وايقظوا بها قلوبكم وحركوا بها السنتكم بمشاعر صادقة لان التلبية لله استجابة كريمة. وشرف عظيم ووفادة مباركة يقدم بها احدكم على ربه وخالقه ومولاه في الحج نعيش هذه المعاني العظام. فنقبل على رب كريم نرجو ما عنده. وان جئنا نحمل عيوبا وتقصيرا وتفريطا. لكن حسن ظننا بالله الذي قلنا له لبيك اللهم لبيك. وجميل تعلقنا بفضل الله الذي جئنا فرفعنا له اليدين. وحسن وظننا بعفو ربنا وكرمه الذي ينال جموع الحجيج في الحج يجعلنا اكثر طمعا في ان نقبل في حجنا طامعين فيما عند الله ملتفتين الى قصورنا نعم الى اسرافنا على انفسنا نعم لكننا ننظر بالعين الاخرى الى عظيم فضل الله. والى عظيم كرمه وعطائه والى عظيم ما عنده مما ايكرم به عباده في الحج ليست امة الاسلام وحدها في حجها من جموع الحجيج هي التي تلبي. كل عبد لله اذا استشعر هذا المعنى فهو ملبي كل عبد قائم على طاعة الله مستقيم على امر الله ملتزم بشريعة الله هو في معنى التلبية لله لبيك ربنا وان لم اكن بين الزحام ملبيا لبيك ربنا وان لم اكن بين الصفوف محرما. لبيك ربنا ولو اكن بين الطائفين واحدا منهم لبيك ربنا وان لم اكن في جموع الحجيج وموكبهم لا طائفا ولا ساعيا. كل مسلم في اي مكان هو قائم على اجابة دعوة ربه وامتثال امره واجتناب نهيه. يا كرام حجنا والله عبادة عظيمة. تحرك في النفوس معاني الايمان من جديد الى ربها. الحج مدرسة تسهر فيها القلوب. وتعاد صياغتها من جديد لتمتلئ ايمانا ومعرفة بالله لتكون اكثر قربا من الله لتعيش جموع الحجيج في رحلة حجها. منعطف خير تعود به الى الاستقامة الى الكرامة التي ارادها الله لامة الاسلام. هنا تدركون لما اوجب الله الحج في العمر مرة واحدة لان المرة الواحدة كفيلة اذا اقمنا حجنا كما ينبغي. فالمرة الواحدة كافية وكفيلة بان تعيدك من جديد الى طريقك نحو الله والدار الاخرة. تعرفك الطريق وتلزمك المنهج السوي. وقد احيت في داخلك هذه ما احرانا يا كرام ان نبث تلك المعاني في جموع الحجيج من حولنا ان نسوقهم باستشعار هذه المعاني فنذكر بها. ان نجعل تلبيتنا في الحج ايمانا اسمعوا الدنيا لتعلم الدنيا باسرها اليوم ان ملايين المسلمين في مكة والمشاعر امة مباركة امة حمد وتمجيد امة ثناء وتعظيم امة ادب وخضوع واستكانة لرب العالمين. اعلنوها للدنيا كلها اننا احرى الامة احرى الامم بنيل كرامة الله في الدنيا والاخرة. واننا اوفر الامم وفاء بحق الله العظيم. بالعبودية التي من اجلها خلقنا رب العالمين اعلنوا للدنيا كلها اسمعوا السماء والارض والافق وليجعلوا كل من حولنا يعلم ان امة الاسلام في حجها في اداء المشاعر والمناسك. امة جليلة مهابة. وقمة هيبتها في العبارات التي تسمعها الدنيا تلبية لله عظمة هي والله. التلبية شعار عظمة. ينتمي اليها المسلم بدينه. وهو اليوم في اداء النسك يعيش هذه العظمة في اوجهها فيعلنها تعظيما ويشعر معه بعظمة دين اكرمه الله به. وعبادة اذن الله تعالى له الاتيان اليها فهو اليوم حاج بين الحجيج. اليوم انت حال. وغدا لا تدري اين تكون. كتب لك ان تحج هذا العام. وقد لا يكون لك في مستقبل في العمر ولا الايام لا مرة ولا ثنتين. وقد تكون اخر حجة لك في حياتك فاجعل لك فيها اثرا شاهدا اجعله حجا ناطقا اجعله عامرا بذكر وتلبية تملأ بها حجك لتكون عبدا اقبل بقلبه به بباطنه وظاهره نبض فيك كل عرق وجرى فيك كل نفس وتحركت معك كل شعرة تلبي معك استجيبوا لك في هذا الحج الكريم وهذه العبادة العظيمة. كل خطوة في مناسك حجك عبادة كل خطوة في مناسك حجك عبادة فاجعلها عامرة بذكر الله بطاعته بالقرب منه بالاعلان بالاذعان لا بأس لا عليك والله ان تجعل رحلة حجك كلها دموعا وخضوعا بكاء تبكي فرحا بالله تارة وخوفا من الله تارة وشوقا الى الله والجنة تارة وخوفا من العذاب والسخط تارة. اجعل مشاعرك الممتزجة تخالط ايامك في حجك تملأ دقائقك وساعاتك هي رحلة يراد لك ان تعيشها بهذه المشاعر. ليست رحلة جوفاء ليست جافة ليست جامدة رحلة يراد بها ان تحج فينا القلوب قبل الابدان. وان تتحرك بها المشاعر قبل الاقدام وان تكون فيها انفاسنا ان تكون انفاسنا فيها حافلة عامرة مليئة بكل ما يقربك الى الله عز وجل. اكرمك الله وانت لا زلت على الباء فناداك واجبت فكيف بكرمه سبحانه وانت في بيته؟ كيف بكرمه عليك وانت واقف في صعيد عرفات كيف بك وانت عند الجمرات وانت تحلق رأسك وتنحر هديك وانت في منى والمزدلفة. يا قوم والله انها مواقع عظام وايام عظام واعمال عظام ومشاعر عظام. بقي ان تكون انت عظيما وعظمتك كما قلنا. انما هي في قمة افتقار الى الله واظهار ذلك وخضوعك ومسكنتك امام الله في تلبيتك تعلن هذا المعنى بجلاء. فقرك انت واعترافك واذعانك وخضوعك لربك مع تمجيد عظيم وثناء كريم يستحقه اكرم الاكرمين فاجعلوها رحلة حج تمتلئ وتقتل تعظيما لله جل جلاله. اللهم فانا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى ان تكتبنا في خيرة عبادك الصالحين وحزبك المفلحين واوليائك المتقين. اللهم لك لبينا واليك اتينا والى بيتك الحرام والمشاعر العظام نقصد حج بيتك هذا العام. اللهم فيسر للحجيج حجهم وتمم لهم بخير اداء نسكهم يا اللهم تقبل من الحجاج حجهم واجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا يا اكرم الاكرمين ثم كما اكرمتنا واياهم فاوفتنا واوصلتنا واتيت بنا. اللهم فانا نسألك ان تتم علينا من كرمك وجودك وفضلك واحسانك ما نتم به اداء المناسك في يسر وسلامة وعفو وعافية. اللهم انا نعوذ بك من والخذلان. نسألك يا رب حياة لقلوبنا تملؤها تعظيما واجلالا لك يا اكرم الاكرمين. اللهم اجعلنا في اقرب من تقرب اليك واوجه من توجه اليك واخصهم زلفى لديك يا رب العالمين. ربنا وخالقنا الهنا ومولانا حجاج بيتك الحرام قد اتوك من كل فج عميق. يحبونك يا رب ويعظمونك ويشهدون ان لا اله الا انت. وان والنعمة لك والملك لا شريك لك. اللهم فاجعل ذلك في ميزان الحسنات ثقيلا يوم الغقاب. واجعله يا ربي شاهدا لنا على حسن ايماننا وطاعتنا لك يا رب العالمين. اللهم فاجعلنا يا ربي في جموع من سألك فاعطيته ودعاك فاجبته واستهداك فهديته واستنصر بك فنصرته. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق ان مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا. اللهم ارحم موتانا واشف واهد ضالنا وتقبل منا واهدنا الى سواء السبيل يا رب العالمين نعوذ بك ربنا من الكفر والضلال والزيغ بعد الاستقامة. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا. وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. اللهم طهر قلوبنا من النفاق ولساننا من الكذب. واعيننا من الخيانة واعملنا من الرياء يا رب العالمين لا اله الا انت سبحانك وبحمدك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين