بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الجلال الاكرام كتب وفرض على عباده حج بيته الحرام واذن لمن اذن له ان يقدم الى مكة والمشاعر العظام. احمده جل جلاله. واشكره ولا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى صلوات ربي وسلامه عليه خير من صلى وصام وطاف وحج واعتمر بالبيت الحرام صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام حجاج بيت الله الحرام ففي سلسلة الحديث عن معاني الحج يبرز مقصد جليل ومعنى كريم. تضمنته الاية الكريمة في الاذان للناس بالحج في سورة الحج فان الله سبحانه وتعالى لما امر الخليل ابراهيم عليه السلام ببناء الكعبة ثم امره بالاذان بالحج قال عز اسمه واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق يأتوك رجالا اي ماشيين على ارجلهم مما قرب او بعد من المسافات عن البيت الحرام وعلى كل ضامر ان يأتون راكبين على كل ناقة وابل ضامر اصابها الظمور. وهو الجوع والتصاق البطن بما عليها من شدة التعب والمسير والجهد وبعد المسافات من كل فج عميق. هذا الاذان في الناس بالحج الذي امر به الخليل ابراهيم عليه السلام كان معللا بما نصت به الاية صراحة فقال سبحانه ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام اللام للتعليل وهذا صريح في ان بناء الكعبة وان الاذان في الناس بالحي هو لتحقيق هذا المعنى لاقامة هذا المقصد الجليل وهو مشتمل على امرين سنقتصر على احدهما في مجلس الليلة ونرجئ الاخر الى مجلس يختص به ان شاء الله تعالى ليشهدوا منافع لهم هو عنوان مجلسنا الليلة. وهو الذي ينبغي ان يكون واضح المعنى بجلاء عند كل اجيج لانه ما قدم حاج يقول لبيك اللهم لبيك الا جاء يريد اداء هذه الفريضة. ويجيب النداء الكريم واذن في الناس بالحج. اذا ما جئنا لمقاصدنا ما جئنا لاغراضنا ما جئنا لاهواء نفوسنا. جئنا لهذا المعنى الذي امر الله تعالى به فحقيق علينا اذا ان نتبين المعنى اللي من اجله امرنا الله بالقدوم فقدمنا واذن الخليل ابراهيم عليه السلام فاجبنا ونودينا فلبينا. جئنا لنحقق المعنى اي معنى ليشهدوا منافع لهم هذه الاية الكريمة التي نتوقف معها الليلة ونتأمل في معانيها ونتلمس طرفا من انحائها راميها من اجل ان نعيش في رحلة حجنا معشر الحجيج تحقيق هذا المعنى الكريم ليشهدوا منافع لهم. منذ متى قدم تمكت عبد الله وانت والثالث منذ اليوم او يومين او ايام او اكثر انما جئت لتحقق هذا المعنى ليشهدوا منافع لهم. اشهدت المنافع قبل ان تقول نعم او ان تقول لا نحتاج الى معرفة معنى الاية. ما شهود المنافع التي اراد الله جل جلاله ان يكون بناء الكعبة والاذان في بالحج من اجل تحقيقها ليشهدوا منافع لهم. ما هي المنافع نقل المفسرون عن كبار ائمة السلف من التابعين فمن بعدهم في تفسير معنى قوله تعالى ليشهدوا منافع لهم جملا عديدة لكنها تدور على معان متقاربة مؤتلفة وليست مختلفة. ليشهدوا لهم فمنهم من قال المنافع هنا المناسك كعرفات والمشعر الحرام وقيل المنافع التي ان نشهدها ونحضرها بالحج هي العفو والمغفرة التي يكتبها الله لعباده الحجيج. ومنهم من قال المنافع والمقصودة في الاية هي التجارة والبحث عن المكاسب والارباح وتحصيل البيع والشراء. كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم يعني في اداء المناسك بالحج والمنصوص هناك انها التجارات والارباح والاموال فليس يتعارض شيء من ذلك مع قصد الحج الاعظم وهو ابتغاء الطلب ابتغاء المغفرة وطلب العتق من النار. ارأيتم هذه المعاني المتعددة التي ينقلها ائمة العلماء من المفسرين عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم يجمع ذلك كما قال ابن العربي رحمه الله يجمع ذلك كله من نسك وتجارة ومغفرة ومنفعة دنيا واخرى ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله ناقلا عن ترجمان القرآن وحبر الامة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال ليشهدوا منافع لهم منافع الدنيا والاخرة منافع الدنيا والاخرة. اما منافع الاخرة فما هي ما هي رضوان الله عز وجل والعفو والمغفرة والعتق من النار وقبول الحج والرجوع كيوم ولدته امه وليس له جزاء الا الجنة. قال رحمه الله ناقلا عن ابن عباس رضي الله عنهما اما منافع الاخرة فرضوان الله واما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والربح والتجارات. وكذا قال مجاهد وغير واحد انها منافع الدنيا والاخرة كقوله تعالى ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم تأملوا عباد الله بان المقصود انا وانت. جئت للحج عن اي شيء تبحث جئت لمراد الله والله يقول ليشهدوا منافع لهم. هل وجدت المنافع؟ هل اصبتها؟ هل حصلتها؟ ان كان نعم فازدد منها وان لم تكن فاقبل عليها اما منافع الدنيا يا كرام، فمتعددة الانحاء ابرزه او اوضحها منافع الدنيا من التجارات والاموال والارباح فلا شك ان من قدم للحج قدم ومعه مال هي نفقة حجه وربما قدم الحجيج ببضاعة من بلدانهم يبيعونها يبتغون بها منفعة وربحا وما لم يقتاتون في رحلة حجهم او ينفقونه على انفسهم او يستبدلون ذلك بهدايا وشراء يرجعون به الى ديارهم كل ذلك مباح اما ترى جموع الحجيج تبيع وتشتري في الاسواق؟ اما ان يشتري حاجة او يبيع حاجة قدم بها من بلده. فتعمر مكة حرسها الله ايام الموسم. بازدهار والبيع والشراء وحركة الاسواق. لان هذا جزء من معنى الاية الكريمة ليشهدوا منافع لهم. ثم انظر كيف جعل الله عز وجل هذا المعنى لتحيا مكة. بلد الله الحرام ويتحقق فيها وعد الله الكريم ابنته العظمى. اولم نمكن لهم حرما امنا يشبى اليه ثمرات كل شيء. رزقا من لدنا ولكن اكثرهم لا جعل الله البضاعات تجبى اليها والثمرات تجبى اليها مما يحمل الناس في ايديهم ومما يسوقه التجار في قوافلهم فتبقى مكة على مدار العام وافرة كالارزاق عامرة الخيرات. لانه لم ينقطع عنها وفود الحجيج والمعتمرين طيلة العام. فطالما بقي هذا البيت وطالما بقيت العمرة وبقي الحج وبقي من يقول في الدنيا لبيك اللهم لبيك محرما يأتي مكة يتحقق المقصد العظيم اشهدوا منافع لهم فتبقى الحياة قائمة بقيام هذا البيت العتيق وبلد الله الحرام هذا معنى اذا التجارات والمنافع والارباح فلا يقعن في نفس حاج شيء من الحرج ان يأتي ليبيع ويشتري في حجه باحثا عن ربح وتجارة ومكسب. لا حرج. جئت ببضاعة من بلدك تبيعها تبحث عن ربح فيها لا شيء يمنعك. ولا تظن ان عبادة الحج تتناقض مع ابتغائك شيئا من مكاسب الدنيا والارباح والتجارات ورفعا لهذا الحرج جاءت الاية الكريمة في سورة البقرة ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم. فاذا افضتم من فاذكروا الله عند المشعر الحرام. فابتغاء الربح والتجارة والاموال مطلب لا حرج فيه ولا يتنافى. مع مقصد الاعظم الذي جاءت به الحجيج تلبي الى بيت الله الحرام حجاج بيت الله الحرام. المنافع التي نبحث عنها في حجنا في جزء من معناها المنافع الدنيوية بهذا المعنى فمن باع ثيابا واشترى عسلا وباع تجارة وبضاعة واجهزة واشترى مثلها او غيرها في رحلة حجه يبحث عن ربح يرجع به الى البلد وتجارة يترزق بها ويقتات منها. كل ذلك لا حرج فيه. وهو جزء من معنى الاية ليشهدوا منافع لهم. اذا هذا من المنافع الدنيوية وحتى لا تظن ان المنافع الدنيوية منحصرة في التجارات والارباح والمكاسب فان من المنافع الدنيوية فيحصل بين الناس في موسم الحج من تعارف ولقاءات ينشأ عنها تصاهر وارحام او ينشأ عنها تجارة وشراكات. فهي ايضا من المنافع الدنيوية. تأتي رحلة الحج فتسوقك الجموع الى التعرف على اخوانك المسلمين من هنا وهناك وتنشأ تجارة وشركة وعلاقة او مصاهرة وزواج ورحم تقوم بين هذا وذاك. فتعود جموع الحجيج من مكة وقد قامت بينهم اواصر التراحم والتصاهر والتعارف الذي اشتد به هذا المعنى وهو جزء من المنافع الدنيوية الا وان من اجادل المنافع الدنيوية من اجل المنافع الدنيوية التي نبحث عنها في حجنا ونقيمها في حجنا هذا الاجتماع الاخوي الكبير هذا التلاقي هذا التعارف هذه الوشائج الاخوية التي تربط المسلم من اقصى الارض الى غربها فيأتي الناس من كل انحاء الدنيا عربهم وعجمهم. ابيضهم واسودهم صغيرهم وكبيرهم. رئيسهم ومرؤوسهم يجتمعون الان وانت جالس اخي عبد الله تلفت يمنة ويسرة لترى اخوانك من حولك من كل لون من كل بلد من كل ثقافة من كل لغة هذا والله يا اخوة معنى عظيم يبعث في نفوس المؤمنة عزة الاسلام وعظمة الاسلام. اما عزة الاسلام فلانك تعرف عندما تأتي للحج وترى اخوانك يحوطون بك من حولك في الكعبة عند الطواف وفي الصفوف في الصلاة وعند رمي الجمرات وعلى صعيد عرفات وفي كل منسك من مناسك الحج وفي كل الاودية والطرقات تشعر انك تنتمي الى امة عظيمة. ليس يحدها جنس ولا لون ولا لغة ولا ثقافة. فاذا بالمسلمين امة واحدة تفيء تحت راية واحدة. طالما قسمتنا الحدود الجغرافية وطالما اشتعلت بينهم الخلافات السياسية ومزقتهم الوقائع الحالية. لكن يأتي الحج ليثبت ان الامة نسيج واحد متعدد الاشكال والالوان والاجناس والثقافات واللغات. اختلفوا في كل شيء لكنهم اجتمعوا في امر واحد عظيم هو هذا الدين الكريم الذي جعلهم الله عز وجل به اخوانا. وجعلها نعمة يمتن بها عليهم سبحانه وتعالى واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام يا ايها النبي يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ويقول مذكر له بهذه النعمة هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين. والف بين قلوبهم لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم انه عزيز حكيم هذا التآلف هذا الاجتماع يجعلنا نعيش في رحلة حجنا تراحما تآخيا تعاطفا مودة ننثرها على بعضنا البعض اجتماع كبير يجمع بعضنا ببعض لم نكن نعرفها من قبل. بل ترى وجوها واخوة لك من بلدك الذي جئت منه ما رأيتهم الا هنا في رحاب مكة وعند الكعبة ما جمعتكم دولة تجتمعون تحت جنسيتها ولا بلد تنتمون اليه جمعكم موسم حج عظيم جزء من معنى الاية الكريمة ليشهدوا منافع لهم. امة الاسلام. هذا المعنى في الحج معنى جليل والله تقشعر له الابدان وتلتفت له الانظار ليست امة الاسلام فحسب بل والله ان امم الارض اليوم قبل مسلمها يندهش مما يرى من هذا الاجتماع والحشد البشري الهائل الذي يجمع امة الاسلام كل عام في مكة ايام الحج واذا بالمليونين والثلاثة ملايين يلتقون في مكة والله ما قدموا لتجارة يبحثون عنها. ولا مصالح يرتجونها ولا شيء من امور الدنيا وحظوظها العاجلة جاءوا يحرصون عليها. انما جاؤوا قد تركوا دنياهم وتجارتهم واموالهم وبلدانهم جاؤوا يعلنون ايمانهم لله. واستقامتهم على دينه والتزامهم بامره واقامة الاركان في حياتهم جاءوا يعلنون انهم امة مهما ضعفت او استضعفت لا تزال فيها جذوة الاسلام حية في القلوب تعظم شعائر الله وتؤم بيت الله وتطلب ما عند الله منظر يثير الدهشة والاعجاب وترصده اعين العالم كله وترقبه العدسات وتتابعه الملايين خلف فالشاشات ما هذا الاجتماع البشري الهائل؟ امواج من البشر تطوف عند الكعبة ومثلها تسعى بين الصفا والمروة واضعافها تلتقي على صعيد واحد في عرفات كالتجردت كشفت رؤوسها عرت اجسادها تحفت بقطعتين ازار ورداء في مظهر في مظهر ينضح والله تعظيما لله واجلالا وافتقارا لرب الارض والسماء. عظمة للاسلام تظهر في ذلك الموقف. عظمة تعود علي وعليك وعلى كل مسلم ان دينا عظيما كهذا الف الله عليه قلوب البشر فائتلفت وعرفت حقيقة حقه فقبلت وصدقت واقبلت عظمة والله يا اخوة لهذا الدين لا تحتاج فيه الى اثبات البينات واقامة حجج والبراهين صدقني هذه البشرية التي اختلفت في جنسياتها ولغاتها وثقافاتها اختلفت في مذاق السنتها في طعامها وشرابها. طعام اهل الصين لا يناسب اهل الباكستان وطعام اهل الجزيرة العربية او الخليج لا يناسب اهل افريقيا واهل افريقيا يأكلون طعاما لا يناسب اهل اوروبا وقل ما شئت ومثل ذلك في اللباس نختلف في الوان الالبسة في مذاقات الاطعمة نختلف في العادات والتقاليد نختلف في انماط الحياة نختلف في كل شيء لو اردت ان تجمع اهل بلدين او ثلاثة او عشرة دول مسلمة على لباس واحد يتحدون عليه لعجزت ولو اردت ان تجبرهم على طعام واحد يكون قوتا لجميعهم لن يقبلوا تدري ما هو الاصعب؟ ليس ان تجمعهم على الطعام والشراب واللباس الاصعب حقيقة ان تجمعهم على القيم والمبادئ والعقائد هذه والله الصعبة ومع ذلك جمعهم الله عز وجل لا يقبلون لا يقبلون الاجتماع على لباس واحد وطعام واحد واجتمعوا على ما هو اصعب واعظم اجتمعوا على عقيدة واحدة تقول لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليست عظمة والله لو كان في الاسلام مثقال ذرة من ريب او باطل او شك لافتضح بين الخلائق لانكشف عند تلك البشرية على اختلاف عقولها ثقافاتها اهتماماتها. يا رجل يدخل في الاسلام كل امم الارض وفيها الحضارات الزاهرة وفيها التاريخ البشري العريق اين انت عن حضارة الصين؟ عن حضارة الهند اين انت عن حضارة العرب في العراق والجزيرة العربية والشام اين انت عن حضارة الفرس؟ اين انت عن حضارة الروم عن حضارة مصر والفراعنة عن حضارة عن حضارة كل شعوب الارض تاريخها العريق وحضاراتها الممتدة في في اعماق التاريخ لم تجد لم تجد موضع ابرة تشك فيه في دين الاسلام. فاقبلت واذا بك ترى المسلمين من كل تلك دول والثقافات والحضارات قبلت بهذا الدين واقبلت قف هنيهة اين انت الان اين انت الان؟ اين انت جالس انت في المسجد الحرام بينك وبين الكعبة رمقة بصر واذا هي حولك هناك تقام الصلاة فتتجه اليها ونصطف صفوفا مستديرين حولها قبل الف واربع مئة واربعين سنة بالظبط خرج نبيكم صلى الله عليه وسلم من هنا مهاجرا ما قبلته مكة ولا امنت به ولا صدق به الناس بالله من كان يظن انه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. الذي خرج بصحبة صاحبه الصديق ابي بكر رضي الله عنه ثاني اثنين اذ هما في الغار. ثاني اثنين اذ هما في الغار. اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا. خرج اثنين الله ثالثهما. من كان يظن انه يأتي اليوم لتأتي الملايين ليس من خارج مكة من كل انحاء الدنيا. تشهد انه رسول الله حقا وانه نبي الله صدقا. وتشهد انه ادى الرسالة وبلغ الامانة وجاهد في الله حق الجهاد حتى اتاه اليقين. بل تأتي تأتي تبحث عن خطواته في الحج اين مشى؟ كيف وقف؟ كيف رمى؟ ماذا قال حين دعا؟ تاتم به صلوات الله وسلامه عليه والقلوب ترف شوقا اليه. والعين تفيض دمعا والله حبا له وحنينا اليه. عليه صلاة الله وسلامه ارأيت ارأيت انها عظمة الدين لو قلت لبعض عتات قريش ذلك اليوم قبل الف واربعمئة واربعين سنة لو قلت لابي لهب او ابي جهل او عقبة ابن ابي معيط او ابي ابن خلف او امية ابن خلف وغيرهم من فراعنة مكة وعتات قريش وصناديدها لو قلت لهم مهلا هذا الذي خرج طريدا اليوم ستأتي البشرية كلها معظمة مؤمنة صادقة موحدة تأتي هنا تقتفي اثره تطوف بالكعبة على التوحيد ويعود هذا الدين من بيت الله الحرام. بالله اكان يصدق اولئك العتاة الطغاة لا والله. لكنها دارت الايام ليس الى الف سنة بل بعد ثمان سنوات من هجرته عليه الصلاة والسلام قد مكة فاتحا يقود معه عشرة الاف انسان يؤمنون به ومكة كلها بجمعها واحليفها واحزابها يوم الخندق بالكاد بلغت عشرة الاف وصحابته المؤمنون به في فتح مكة بلغوا عشرة الاف بعد سنة واحدة في السنة التاسعة اقبلت الوفود فاسلمت الناس. في السنة العاشرة بعد سنتين فقط من فتح مكة قدم معه مئة وعشرون الفا ويمر الزمان وتتسع دائرة الاسلام اين الذين يحاربون الدين ويناهضون الاسلام ويريدون ان يطفئوا نور الله اين هم؟ لقد بادوا وذهبوا. بقي الاسلام وساد. يا رجل اعتز بدين تنتمي اليه اكرمك الله به هو الاسلام وارفع رأسك بكل عظمة فانت مسلم تنتمي الى دين عظيم. جاء بالخير للانسانية وبالرحمة لها وباستنقاذ من ظلمات الجهل والكفر الى نور الهدى والحق يخرجهم من النار الى جنة عرضها السماوات والارض. لا يضر ظنك يوم يستضعف فيه الاسلام. ولا تظنن انك ذليل لانك مسلم. يأتي الحج فيبعث فيك معاني العزة من جديد. وترى الامة كلها قد اجتمعت. اعلم والله ان في الامة جراحا نازفة وان فيها بؤرا لا زالت تنضب الما. وتنطق جرحا ولا زال فيها من مواطن الذل والاضطهاد حتى يكشف الله ما بالامة من البلاء لكن يأتي الحج فيذكي في النفوس روح العظمة والاعتصام بهذا الدين والثبات عليه لا يظرنا فيها عداوة العدو ولا جهالة الجاهل ولا بغي الباغي بل لا يزيدون ذلك على ديننا الا استمساكا لا ثبات استضعف قبلنا الصحابة بمكة. اما شعرت ان رحلة الحج رسالة تقول لك عندما تأتي البيت الحرام وتطوف بالكعبة ها هنا كان يعذب المستضعفون الاوائل بمكة ها هنا ضرب عبدالله بن مسعود لانه جهر بالقرآن حتى سقط مغشيا عليه ها هنا سجد صلوات الله وسلامه عليه اكرم انسان طاف وسعى وقبل الحجر وطاف بالكعبة يسجد فيضع ويضع اشقى القوم سلا الجزور على ظهره الشريف وهو ساجد صلى الله عليه وسلم. تأتي فاطمة تبكي اباها تمسح بيديها ما على ظهره وهي تبكي حزنا على ابيها نبي الله عليه الصلاة والسلام. من كان يظن انه سيأتي اليوم تأتي هذه الملايين محتشدة تعظم رسول الله وتحبه وكلها بلسان واحد تعلن الفداء لرسولها عليه الصلاة والسلام. والاستمساك بسنته والثبات على دينه الذي لقي الله عليه وقد بلغ الرسالة وادى الامانة. حج عام حجة الوداع ووقف عليه الصلاة والسلام يخاطب الامة وهو يقول عليه الصلاة والسلام الا هاتقا بلغت؟ الا هل بلغت؟ فيقولون نعم فيرفع اصبعه الى السماء ثم ينكتها يقول اللهم فاشهد اللهم فاشهد اشهد وتشهدون والله انه بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق الجهاد حتى اتاه اليقين. مات صلى الله عليه وسلم. وقد تركنا على محجة البيضاء ليلها ونهارها سواء لا يزيغ عنها الا هالك ولا يحيد عنها الا مغبون جان على نفسه. ليشهدوا منافع لهم من اجل المنافع التي لنشهدها امة الاسلام في حجنا كل عام احياء هذا المعنى العظيم من عظمة الاسلام في نفوسنا. عظموا دينكم في في نفوسكم لتعظمه امم الارض من بعدكم. لكن والله لن تقوم للاسلام قائمة العظمة. اذا لا يزال فينا معشر المسلمين من يعشق من يشعر في دينه بانتقاص وازدراء ودون. اياك ثم اياك ان يشعرك الشيطان انك ضعيف لانك مسلم وانك مضطهد لانك مسلم هو ابتلاء من الله. والله قد قال عن اصحاب الاخدود وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد ماذا حصل؟ مات اصحاب الاخدود احرقوا جميعا حفر لهم النمرود اخاديد في الارض فاشعلها نارا والقى فيها كل من امن بالله وبسم الله وبرب الغلام ثم كان ماذا عاش النمرود ومات اهل الاخدود واحرقوا جميعا جاءت الاية ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق انتهت القصة هنا لكنها في ميزان القرآن ما زالت باقية. ان الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الانهار ذلك الفوز لي كبير ما وصف الله في القرآن فوزا بالكبير الا هنا اي فوز اي فوز وقد احرقوا جميعا. اي فوز هذا فوز الثبات على المبدأ وعلى الدين هم في حسابات الدنيا خسروا المعركة خسروا الجولة احرقتهم النار لكنه في ميزان القرآن حققوا الفوز الكبير. تدري ما الفوز الكبير؟ ان تأتي امم البشرية من بعدهم الى اليوم ونحن في القرآن نقرأ او قصتهم فنستلهم منهم معنى الثبات على الحق والاستمساك بالدين وان الهزيمة في المعركة لا تعني خسارة القضية وانها لا تزال قائمة ولا يزال الله عز وجل يجعل في هذه الامة بقية باقية تثبت على الحق لا يضرهم من لهم. هكذا وعد وبشر النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال في الامة طائفة منصورة ظاهرة باقية على الحق مستمسكة بالدين لا يضرها من خذلها من خالفها لا يعنيها كيد الاعداء ولا عداوة من عاداها وكاد لها طالما وثقت بدينها وبربها جل جلاله. يا قوم في المحج نستلهم هذه المعاني من جديد. نعيشها هي جزء من معنى ليشهدوا منافع لهم. هذه المنافع التي نعيشها ليست باقل من المنافع الاخروية التي تملأ نفوس وقلوبهم ونياتهم ومقاصدهم. اعلم والله ما حج حاج ولا لبى ملبي ولا قدم مسلم ولا مسلمة الى بيت الله الحرام الا وقد تعبوا وجهدوا. اعلم انه في الامة من عاش حتى شابت لحيته واحدودب ظهره يجمع القرش على القرش والدرهم على الدرهم ليجمع نفقة الحج فجاء يحج واعلم انه لا يزال من ينتظر في الامة اضعاف من حضروا. لا يزالون ينتظرون متى يأتيهم هذا الوعد الكريم. ويتحقق لهم اكتحال اعينهم رؤية الكعبة وزيارة بيت الله الحرام ومسجد رسوله عليه الصلاة والسلام. تعلم ان ذلك كله يحدوهم فيهم شوق عظيم الى امر جعله الله خصيصة في بيته الحرام. هي دعوة الخليل ابراهيم عليه السلام. لما جعل زوجه هاجر وابنه الرضيع اسماعيل عليه السلام وحدهما في هذا المكان في هذا الوادي الذي لم يكن فيه بيت ولا انس ولا شيء. وزوجه وتسأل االله امرك بهذا؟ فيقول نعم. فتقول اذا لن يضيعنا. يمضي عنهم خطوات خليل الله عليه السلام فلما يتوارى عن انظارهم شفقة عليهم وعلى ما يمكن ان تعتري الحالة البشرية من الخوف من المجهود والقلق بما ليس معلوما ان يلتفتوا فيقول ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم تركهم لله فساق الله لهم الدنيا اليهم. ساق الحياة اليهم نشأت هنا حياة من عدم قامت حياة لان بيت الله بني هنا. قامت حياة فجاءت البشرية. خرجت الناس من دورها من بلدانها تؤم بيت الله الحرام هي دعوة الخليل فاجعل افئدة من الناس قال مجاهد وعكرمة وغيرهم من المفسرين. قال الله فاجعل افئدة من الناس ولو قال فاجعل افئدة الناس لهوته اليهود والنصارى. وقدم اليه كل البشر. لكن الله قال من الناس فكانت اهواء افئدة المسلمين فحسب دون غيرهم من اصناف البشر يحب الناس مكة والحرم وليس لهم فيه بيت ولا دار ولا عمل ولا تجارة. يقضون اياما بمكة فلما تحين ساعة الوداع تفيض عيونهم حزنا. على ماذا على بلد عاشوا فيه عشر سنين من حياتهم على شباب قضوه في بلد يوشك ان يغادروه على اموال وتجارة تمتعت بها ارواحهم وحياتهم على شيء من الدنيا سيخسرونه اذا فارقوا لا والله. يحزنون على فراق بيت تعلقت به القلوب. فاجعل من الناس تهوي اليهم لو رأيت جموع الحجيج وانت احدهم عندما يحين طواف الوداع والله ان دموعهم لتغسلوا وجوههم وصدورهم حزنا على فراق بيت الله الحرام اشد مما حزنوا لما فارقوا الزوجات والاولاد في بلدانهم عند قدومهم للحج وان تعجب فلا تعجبن من امر جعله الله ركيزة في قلوب عباده من اجل ان تبقى لهذا البيت ارواح المسلمين تهفو اليه وتحن اليه. قال الله عز وجل واذ جعلنا البيت مثابة للناس. وامنا. مثابة معك مكانا تسوب اليه النفوس فلا يملون. ويحنون ويشتاقون اليه كلما غادروه. تظن انك ستشبع من مكة انت لو جلست فيها زيادة اي تظن انك تشبع من مكة لو كتب لك الحج مرة واثنين وخمسا وعشرة والله لن تشبع. ولو حججت ستين سنة لن تشبع ولو مكثت فيها عمرك كله والله لن تمل لان الله قد اجاب دعوة الخليل. فقال سبحانه واذ جعلنا البيت مثابة الناس وامنا لا يملون منه يترددون على الدوام ونفوسهم تزداد اليه شوقا كلما تكرروا عليه ليشهدوا منافع لهم. ان كانت هذه منافع الدنيا وجعل الله بها قيام الحياة في مكة وملء النفوس بهذه المعاني. فتأتي مشاعر الحج وشعائره لتجعل في النفوس المسلمة مزيدا من الاعتزاز بدينها. مزيدا من الاستمساك بعظمة ما اكرمها الله به من هذا الدين فان المنافع الاخروية هي التي تتفجر لها الاشواق في النفوس والتي تحمل على تحمل المصاعب وكل المتاعب وما يجده الحجيج في رحلة حجهم يبذلون من اموالهم واحدهم يؤثر هذا المال ليكون نفقة الحج. وقد كان بوسعه ان يكتري بها تجارة. ويشتري بها دارا. وان يوسع به في المتاع في منافع حياته لكنه استقطعها من حر ماله على حب ورضا واختيار لانه يأتي لحج بيت الله الحرام عما قد يجد في رحلة حجه من تعب ونصب من طول انتظار او مشقة سفر من ارهاق واعياء واغماء وجوع وعطش كل ذلك عندهم محتمل. تدري لم؟ لانهم يبحثون عن اجور عظام. اعظمها اعظمها. انهم يكملون اركان دينهم فطالما صلى احدهم وصام وزكى وطالما فعل الاركان ما بقي له الا الحج. فاذا اتى يشعر انه قد اقام دينه على اركانه الخمسة فتمت له حياته في الاسلام على اركانها على التمام. وينتظر ايضا بشغف في رحلة حجه ان الوعود الكريمة في مثل قوله صلى الله عليه وسلم العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. ما جاء والله الا للجنة. ولا يريد الا الحصول عليها ولا يطمع الا في ان يكتبه الله من ساكنيها ثم لا عليه بعد ذلك ان يرجع الى دنياه فليبقى من عمره ما بقي. طالما اصاب حجا مبرورا والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة وفي وعد اخر يقول عليه الصلاة والسلام من حج وفي لفظ من اتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولده امه ينتظر تبييض الصفح والخروج بسجل ابيض ناصع ليس فيه ذنوب الامس ولا معاصي الماضي ولا السيئات الصغائر ولا الكبائر ولا الفواحش التي اصابها والم بها يخرج ابيض نقيا كيوم ولدته امه في تشبيه عجيب ابن بديع فيه البراءة من الذنب فيه الاقبال على حياة جديدة ملؤها الطهر والصفاء والنقاء والعفة والرضا من اكرم الاكرمين. ينتظر الحجيج من المنافع الاخروية اجورا عظاما. اجل والله فان المقدم على رحلة الحج واقف على بحر لا ساحل له من الاجور والحسنات والهبات تفرقت نصوصها وما زال الاسلام يغرينا. والنبي عليه الصلاة والسلام يحثنا ويحفز في النفوس المؤمنة مزيدا من الاجر والثواب عبد الله تعرف انت تحج ما لك من الاجر عند الله تعرف ما ثواب طوافك تعرف ما ثواب سعيك بين الصفا والمروة تعرف ما لك وانت تصلي عند الكعبة تعرف ما اعد الله لك وانت تحلق رأسك وانت ترمي وانت تذبح الهدي وانت تقف بعرفة يا كرام النصوص في هذا وافرة جاءت متفرقة متناثرة حسب منها ما اعد الله لاهل الموقف يوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس ما من يوم اكثر من ان يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وانه ليدنو ثم يباهي بهم فيقول ما اراد هؤلاء اظهارا لعظمتهم يباهي الله بنا اهل الموقف ملائكة السماء. يباهي بنا خلقا من خلقه لا يعصون ان الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون. ونأتي انا وانت اصحاب الذنوب والخطايا والصغائر والكبائر واللمم. المقصرون المفرطون الضعفاء الحقراء. ثم نبلغ موقفا عظيما يوم عرفة ان الله يباهي بنا ملائكة السماء. سبحان الله ينتظر الحجيج ذلك اليوم رجاء العتق والعفو والمغفرة. رجاء نيل ما عند الله فيخرجون بعفو وصفح قد بدلت سيئاتهم حسنات واستبدلوا من حياتهم صفحات بيض فاقبلوا على رب كريم وعفو ومغفرة. ليس هذا فحسب. النصوص المتناثرة في فضائل حجي وما اعد الله لاصحابه جاءت على كثرتها مجموعة في حديث اخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه الالباني رحم الله الجميع. في حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد منى فاتاه رجل من الانصار ورجل من ثقيف فسلم ثم قال يا رسول الله جئنا نسألك فقال ان شئتما اخبرتكما بما جئتما تسألان عنه فعلت وان شئتما امسكوا وتسألاني فعلت فقال اخبرنا يا رسول الله نزدد ايمانا ويقينا يعني بل انت اخبرني ونعلم ان الله يخبرك ويطلعك. فليكن اخبارك لنا عما جئنا نسأل وغيبنا في صدورنا لنزداد ايمانا ويقينا فقال الثقفي للانصاري سل. فقال اخبرني يا رسول الله. يعني اخبرني ماذا كنت اريد ان اسألك فقال عليه الصلاة والسلام جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام. وما لك فيه وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما وعن رميك بالجمار وما لك فيه وعن نحرك وما لك فيه وعن حلقك رأسك وما لك فيه وعن طوافك بالبيت بعد ذلك وما لك فيه. يعني طواف الافاضة قال والذي بعثك بالحق نبيا لعن هذا جئت اسألك. صلى الله عليه وسلم فقال صلوات الله وسلامه عليه واسمعوا معشر الحجيج وافرحوا وحق لكم ان تفرحوا. وطيبوا نفسا بهذه العظام وابشروا بخير عظيم من رب كريم. يا قوم انتم ضيوف عند الله في بيته انتم وفد قادم على رب كريم في رحاب بيته. والرجل من البشر الكريم المعروف بالبذل والعطاء والسخاء. اذا دخلت الناس داره فلا يخرجون والله صفر اليدين. هذا وهو مخلوق مثلهم كريم معروف بالبذل والعطاء. فما ظنك بالخالق جل جلاله؟ باكرم الاكرمين بملك الملوك. تدخل عليه وتأتي بيته الحرام ثم تخرج خالي الوفاق. لا والله ما احسن عبد ظنه بالله ان كان يظن ان شيئا من مطالبه وحاجاته ومقاصده ستبقى تبقى محروما من منها ولم يصبها وقد جاء ودخل بيت الله الحرام الحجاج والعمار وفد الله. يقول عليه الصلاة والسلام الحجاج والعمار وفد الله. انت حاج انت معتمر هنيئا لك والله لقب هو اشرف لقب تحمله في حياتك صدقني ان علت بك المناصب وارتفعت بك المراتب وتبوأت في الدنيا اجل الوظائف واعلاها واشرفها والله لا تساوي لا تساوي شرف اللقب بان تكون يوما من وفد الله يقول الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فاجابوه. لما قال واذن في الناس بالحج. فاجابوه فقالوا لبيك واقبلوا. لبيك اللهم لبيك. دعاهم فاجابوه قال وسألوه فاعطاهم هذا وعد يا حاج هذا وعد من الله ان يعطيك ما سألت في رحاب بيته الحرام. قال وسألوه فاعطاهم انظر الى كرم الله يعطيك ويبذل ويسخر لك ويهيئ لك ويمنحك الصحة والعافية والمال ويسخر لك الاسباب. ثم تأتي فيجعل هذا عملا لك يشكرك عليه يقول دعاهم فاجابوه والله لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء سبحانه الفضل فضله والخير خيره والامر امره والعبد عبده لكن الله كريم يعطينا ويسخر لنا ويأذن لنا ان نقدم ثم يشكرنا سبحانه. لانهم اجابوا قال دعاهم فاجابوه وسألوه فاعطاهم كانه يقول لك كما اجبتني عبدي واجبت دعوتي اجيب دعوتك اذا سألتني دعاهم فاجابوه وسألوه فاعطاهم. فاسمعوا الى اجور عظام تبتهج لها النفوس وتستروح وتعظم حقيقة عظيم ما حباها الله تعالى به في رحلة الحج. هذا جزء من معنى ليشهدوا منافع لهم. هذه المنافع الاخروية التي يبحث عنها الحاج في حجه وينشدها في رحلته ويبحثها في كل خطوة من خطوات مناسكه. يقول صلوات الله وسلامه عليه فانك اذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام فلا تظع ناقتك خفا ولا ادفعوا الا كتب الله لك حسنة ومحى عنك به خطيئة يوم كانت الناس تحج على الجمال من ابعد المسافات ما رفع بعيرك خفا ولا وضع اخر الا كان بك به حسنة يمحو الله عنك به خطيئة. اليوم لا جمال نركبها ولا خفاف ترفعها الابل. لكنها مسافات بعيدة وطائرات واموال تبذل تظن ان لا اجر لك بها عند الله فظن انك ما انفقت وما ركبت وما ذهبت وما اتيت ليس يحسب لك عند الله ان كان بعير في رحلة الحج يرفع خفا ويضعها في كتب الله لك بها اجرها. فما ظنك بالمشاق بالمتاعب بالمصاعب بالاجراءات بالساعات التي انتظرت بالمحطات التي فيها وقفت بالاموال بكل ما اتظن انه يظيع اجرك عند الله يقول صلى الله عليه وسلم فانك اذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام فلا تظع ناقتك خفا ولا ترفعه الا كتب الله لك حسنة ومحى عنك به خطيئة قال في رواية واما طوافك بالبيت فانك لا تضع رجلا ولا ترفعها الا كتب الله لك بها حسنة ومحى عنك بها سيئة ورفع بك بها درجة. كم خطوة خطوت في طوافك في سبعة اشواط اتتعب ان طفت من بعد بالكعبة فطال بك الطواف اتظن ان المشقة زادت وطال الوقت لتنهي سبعة اشواط لا تمل. كل خطوة ترفعك درجة. وتحط عنك كخطيئة وتكسبك حسنة. وفي حديث اخر صحيح يقول عليه الصلاة والسلام من طاف بهذا البيت اسبوعا ثم صلى ركعتين. اسبوعا يعني سبعة اشواط. كان له اجر عتق رقبة. قال هنا في واما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من ولد اسماعيل عليه السلام. وهو انفس الرقاب واعلاها واعظمها اجرا يكتب الله لك بها اجرها بعد فراغك من الطواف بصلاة الركعتين. يقول صلى الله وعليه وسلم واما طوافك بالصفا والمروة فكعتق سبعين رقبة واما وقوفك عشية عرفة فان الله تعالى يهبط الى السماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول هؤلاء عبادي جاؤوني شعثا من كل فج عميق يرجون وفي رواية يرجون جنتي يرجون رحمتي ومغفرتي فلو كانت ذنوبكم عدد الرمل او كعدد القطر او كزبد البحر لغفرتها. وفي رواية فلو كان عليك مثل رمل عالج او مثل ايام الدنيا او مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وفي رواية اخرى واما وقوفك بعرفة فان الله عز وجل يقول لملائكته يا ملائكتي ما جاء بعبادي قالوا جاؤوا يلتمسون رضوانك والجنة يقول الله عز وجل فاني اشهد نفسي وخلقي اني قد غفرت لهم ولو كانت ذنوبهم عدد ايام الدهر وعدد رمل عالج. افيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له قال صلى الله عليه وسلم واما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات وفي رواية واما رميك الجماع قال الله عز وجل فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء ام بما كانوا يعملون واما نحرك فمذخور وفي رواية مدخور لك عند ربك. يعني لا تسأل عن ثوابي انه يرتجى لك يوم تلقى الله كرامة وجزاء عظيما عند الله. قال واما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة. ومحى عنك خطيئة قالوا يا رسول الله فان كانت الذنوب اقل من ذلك يعني ماذا لو كانت ذنوب احدنا اقل من السيئات التي يمكن ان يصيبها بعدد شعره ووقوفه وطوافه قواته قالوا يا رسول الله فان كانت الذنوب اقل من ذلك. قال اذا يدخر لك ذلك في حسناتك. لا يضيع كشيء عند الله في رحلة حجك انت وافد كريم على اكرم الاكرمين سبحانه وتعالى قال عليه الصلاة والسلام واما طوافك بالبيت الحرام بعد ذلك يقصد طواف الافاضة عليه الصلاة والسلام فانك قال واما طوافك بالبيت الحرام بعد ذلك فانك تطوف ولا ذنب لك لانه قد قدم من عرفة واتى يوم النحر وخرج مغفورا له. قال فانك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يده بين كتفيك ثم يقول اعمل لما ستقبل فقد غفر لك ما مضى وفي رواية فاذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك امك رواه الطبراني في المعجم الكبير والبزار وفي مسنده واللفظ له. وقال وقد روي هذا الحديث من وجوه ولا نعلم له احسن من هذا الطريق قال الحافظ المنذري وهي طريق لا بأس بها رواتها كلهم موثقون. ورواه ابن حبان في صحيحه. وذكره الالباني رحمه الله الله في صحيح الترغيب والترهيب. وقال حسن لغيره يا كرام ليشهدوا منافع لهم منافع دنيا ومنافع اخرى تجتمع لكم في رحلة حجكم اراد الله ان تكون رحلة فريدة تصيب به من مقاصد دنياك واخراك عبد الله تحصل بها لدنياك واخراك ما لا تجده في رحلة اخرى في الحياة الناس في رحلات الحياة اما لاستجمام وترويح واما لتجارة وادخار واما لبحث عن علاج او لدراسة او حصول على شهادة او شيء ما من مقاصد الدنيا فربما اجتمع للواحد في رحلته في سفرته قصدان او ثلاثة زواج وتجارة. دراسة ونكاح وشيء من ذلك اجتمعوا هنا وهناك لكنه لا والله لا يجتمع لعبد في رحلة على وجه الارض في الدنيا شيء يجتمع له من الدنيا ومنافع الاخرة كمثل ما يجتمع في رحلة الحج. اشعرت عبد الله انك لما ارتحلت من دارك من من دولتك واقبلت الى بيت الله الحرام انك تشهد رحلة فريدة في عالم الاسفار انك تشاهد بعين وتلمس بيديك وتخط بقدميك بابا عظيما فريدا لا يعرفه الانس والجن. لما لا وهي رحلة الى حج بيت الله الحرام فيها قصد للكعبة وطواف بها. فيها سعي بين الصفا والمروة. فيها وقوف بالمشاعر العظام حيث وقفوا الانبياء ونبينا صلى الله عليه وسلم فيها طلب العفو والمغفرة فيها الاستمتاع بلذة العبادة بين يدي رب الارض والسماء فيها عبادة تجتمع فيها العبادات في الحج نصلي ويصوم من صام ثلث هذه الايام المعلومات ويتصدق من تصدق ثم يحج ويطوف ويسعى يجتمع في الحج امهات اركان اداكي تماما فيجعل الحاج في حجه نصب عينيه انه في رحلة حجه في غمرة يتقلب فيها عبودية لله بما احب الله من العبادات ثم هو لا يكتفي بذلك فيملأ ما بين الاركان والواجبات ذكرا كثيرا لله واستغفار عظيما وتسبيحا وتهليلا وتكبيرا وتحميدا. ينغمس في رحلة حجه في ايام معدودات ينغمس في منبع من الخير والبركة من العبودية لله حقه والله ان يخرج من رحلة حجه عبدا تقيا نقيا طاهرا صافيا. لم لا؟ وقد شهد في رحلة الحج او خاض بحرا من الحسنات لا ساحل له يقبل فيغترف حسنات من هنا وهناك يمنة ويسرة قائما وقاعدا هو في كل باب في كل لحظة في كل خطوة يعيش موسما عظيما حافلا. مهما قلنا يا كرام في معنى شهود المنافع فالمقصد الاكبر ان تبقى القلوب منفتحة مستشعرة انها في رحلة حجها تعيش سموا والله وارتقاء تعيش كرامة من الله واكراما. يجعلك تعيش ايامك التي تقضيها بجوار البيت الحرام. او بجوار مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام تعرف انك تعيش انفاسا نفيسة وساعات شريفة وانك تمر بك لا مثلها في الحياة ابدا والله مهما امتدت بك الحياة اذهب وتعال وتنقل في كل مراحل الدنيا بكل خيراتها بكل حسناتها لن تجد متعة في الحياة كمتعة في حجك الى بيت الله الحرام. عش هذه المتعة بكل احاسيسك. واجعل قلبك ينبض تعظيما لرب اكرمك. واتى بك واوفدك واكرم عليك وانعمك ويسر لك وهيأ لك. ثم ها هو سبحانه وتعالى يغريك بالحسنات الاجور العظيمة. ويجعل لك في كل شيء تبذله في نفقتك في ذكرك في خطواتك في رميك في حركاتك في سكاناتك. يجعل لك بكل شيء تفعله في حجك اجرا وثوابا. يريد الله لك ان تنصرف بذنب مغفور بحسنات كالجبال لا عد لها ولا حصر. يريد الله لك ان تنصرف وقد غفر لك. وعفا عنك لانه اكرمك واتى اتظن انه اكرمك واتى بك ليحرمك؟ لا والله لو اراد ان يحرمك لمنعك من القدوم. لما اذن لك بالمجيء تفاءلوا واقبلوا وابشروا فانتم في رحاب بيت الله الحرام وانتم قرب كعبته المعظمة فاجعلوا هذا نصب اعينكم وليكن كل هذا معشر الحجيج عونا لكم على غلبة شيطان اي والله ان يدحر الشيطان في مثل هذه الايام في مثل هذه المواقع في مثل هذه البقاع. اخرجوه من حياتكم وانزعوا خطواته من طريقكم واستبدلوا خطة حياتكم بما هو اجل واكرم واعظم. ربك الذي هيأ لك واعانك وفرح بك واتاك وباهى بك سبحانه جل وعلا. هو يأمرك ان تعصي الشيطان وان تخالف الهوى والنفس الامارة بالسوء. لا يكونن احدكم بعد ذلك كله في رحلة حجه لا يزال للشيطان موضع حظ من ذنوب ما زال قائما عليها وخطايا لا زال يلم بها. اعرف اننا لن نعيش معصومين. لكن ان لم تكن فرصة الايام التي يقضيها الحاج في رحلته مكة ان لم تكن منعطف خير يعود به على نفسه لينزعها من هواها فهذه قوة ايمان يستعري به اليوم على كل شيء اضعفه في طريقه الى الله. وينزع من قلبه كل شهوة حرام من حياته كل مكسب حرام ويعلنها توبة صادقة لله وقد اكرمه الله. وقد جاء به الى بيته الحرام فيجعل ذلك عونا له على الثبات في الخير وعلى النزوع عن طريق الظلالة والشر والغواية. ومع ذلك يسأل ربه مزيدا من الثبات قامة والعون والخير اللهم فانا نسألك باسمائك الحسنى وصفاتك العلى كما اكرمتنا وهيئت لنا ويسرت لنا واعنتنا واوفدتنا الى بيتك الحرام ان تعيننا الهنا وخالقنا ان تعيننا وانت اكرم الاكرمين وان تيسر لنا على اتمام الحج بيسر وخير وعفو وعافية. اللهم اتم لعبادك الحجيج حجهم. ويسر لهم بخير اتمام نسكهم. اللهم تقبل منا ومنهم واعنا واعنهم ويسر لنا ولهم. اللهم من اكرم وفدك فاكرمه. ومن اعانهم فاعنه. ومن حفظهم فاحفظه ومن يسر عليهم فيسر عليه يا ذا الجلال والاكرام. اللهم هؤلاء حجاج بيتك الحرام قد اتوك من كل فج عميق يشهدون ان لا اله الا انت وان محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم. اقبلوا ملبين خاشعين. ضارعين مخبتين مفتقرين اللهم فاتي كل سائل منهم سؤله وحقق لكل مؤمل فيك ما امله اللهم اشرح لنا ولهم الصدور، ويسر لنا ولهم الامور. اللهم اعنا واياهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اجعله يا ربي حجا مبرورا لا رياء فيه ولا سمعة. واجعله يا ربي حجا عامرا بتعظيمك وقلوبا خاشعة لجلالك وعظمتك اللهم اكرمنا فيمن اكرمت من حجيجك هذا العام. واقبلنا في المقبولين منهم يا حي يا قيوم. لا تصرفنا ربنا بالرحاب بيتك الحرام والمشاعر العظام الا وقد غفرت ذنوبنا ومحوت اوزارنا وبيضت صحائفنا وثقلت موازيننا يا كريم ما اعظمك يا جليلا ما ارحمك يا عليما ما اعظمك اللهم ما عبدناك حق عبادته اللهم لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا. ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك