شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم. دروس من الحرم مصطلح المقاصد الشرعية علم المقاصد الشرعية ركيزة اساس ورافد مهم في استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها ومصطلح المقاصد الشرعية يراد به الحكم والاسرار والغايات من تشريع الاحكام. ورغم قدم تقرير المقاصد وتأصيلها في الاصوليين منذ امام الحرمين الجويني فتلميذه الغزالي رحمهما الله ثم من تلاهما حتى مجيء امام علم المقاصد الشاطبي رحمه الله في كتابه الفذ الموافقات. الا انهم لم يحرروا تعريفا دقيقا لمصطلح المقاصد الشرعية. وكانت عنايتهم بوصفها وتقسيمها وترتيبها والتمثيل لها اعظم من الاشتغال بصناعة حدها وتعريفها حتى صاغ لها بعض معاصرين نحوا من التعريف المذكور انفا. فقال الطاهر بن عاشور رحمه الله. مقاصد التشريع العامة هي المعاني والحكم ملحوظة للشارع في جميع احوال التشريع او معظمها. وقال علان الفاسي رحمه الله المراد بمقاصد الشريعة الغاية منها والاسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من من احكامها. وهذه المقاصد الشرعية على مرتبتين. مقاصد عامة في التشريع كافة لا يختلف فيه باب من الشريعة عن باب. وتلك هي المقاصد الخمس الكبرى حفظ الدين والنفس العقل والنسل والمال فانها اسس المصالح الشرعية التي جاءت الشريعة بتحصينها للعباد ودرء المفاسد عنهم. والمرتبة الاخرى هي المقاصد الخاصة او الجزئية تلك التي تختص بباب بعينه من ابواب الشريعة اكثر من غيره. مما لا يخرج في الكلية عن تلك المقاصد الكبرى. لكنه قصد موسع منها ومندرج فيها. كمثل مقصد كمثل مقصد تحقيق التقوى من الصيام كما قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعل تتقون. وفي احد تلك المقاصد ما يتضح بالمثال لكلا المرتبتين. فتحقيق العبودية لله تعالى مثال المقاصد العامة التي تشترك فيها كل ابواب التشريع بلا استثناء. العبادات والمعاملات والاطعمة والحدود والقصاص نعم وتطهير النفس وتطهير النفس من الشح وتنمية المال وحلول البركة فيه مثال مثال لمقصد خاص بعبادة الزكاة التي يتحقق فيها هذا المعنى. اجل وعند ذلك سيتضح ما اسلفناه قبل قليل في اهمية العناية بالمقاصد في العبادات مهم ان تتعلم صفة الصلاة ومهم ايضا ان تتعلم روحها وهو الخشوع. مهم ان تتعلم صفة الحي ومهم ايضا ان تتعلم روح الحج ومقاصده. مهم ان تتعلم احكام الصيام والمفطرات فيه. ومهم ايضا ان تعلم جوهر الصيام وسر وهو حقيقته فهذا اذا تكامل ايها الكرام في تعلم الاحكام الشرعية للعبادات. هذا التكامل جزء غير منفك رعاكم الله لاجل ماذا؟ لاجل ان يأتي المتعبد بعبادته الا كما اراد الله. في هذا يقول امام الحرمين الجويلي رحمة الله عليه يقول ومن لم يتفطن لوقوع المقاصد في الاوامر والنواهي يقول ومن لم يتفطن لوقوع المقاصد في الاوامر والنواهي فليس على بصيرة في وضع الشريعة هذا لم يرزق البصيرة التامة لان الشريعة ما اتت باوامر ونواه فقط. اوامر ونواهي تلزم الامتثال في التكليف لكن من وراء هذه الاوامر والنواهي مقاصد. يقول من لم يتفضل لها فليس على بصيرة في وضع الشريعة. هذه العناية بالمقاصد جعلت اماما من المتقدمين وهو الامام ابن ابي جمرة رحمه الله ابو محمد عبدالله ابن سعد ابن سعيد الاندلسي الذي اختصر صحيح البخاري وترجمه وينقل عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله كثيرا في فتح الباري والمتوفى سنة ستمائة وتسعة وتسعين. ماذا يقول رحمه الله؟ كما نقل عنه تلميذه ابن الحاج في المدخل يقول وتأمل للعبارة كلام امام فقيه. يقول وددت انه لو كان من فقهاء من ليس له شغل الا ان يعلم الناس مقاصدهم في اعمالهم. ويقعد للتدريس في اعمال النيات ليس الا فانه ما اتى على كثير من الناس او ما اوتي على كثير من الناس الا من تضييع ذلك الباب. فهذا التفات ايضا قديم لاهل العلم في الامة ان العناية بهذا الباب ينبغي ان تأخذ حظها الوافر. وينبغي ان يتصدى طائفة من اهل العلم والفقهاء من يعلم الناس مقاصدهم في العبادة. لم؟ لان العناية كما قلت بهيئة العبادة الظاهرة مستوفى في كتب الفقهاء مصنفاته وكلامهم وفي جهود الائمة والعلماء والدعاة وفي الخطب وفي تعليم الناس لكن الذي يحتاج حقيقة ان يصرف اليه الجهد ان يعلم الناس كيف يصلي بخشوع. كيف يصوم مهذبا صومه من كل ما يجرحه ويخدشه يبعد عنه تحقيق التقوى كيف يحج فيجعل نصب عينيه اثناء الحج هذه المقاصد العظمى والله يا اخوة ان سلم لنا وتم لوجدنا في حجنا معنى غير الذي يعيشه بعض الحجيج اليوم. اليوم وانا وانت ربما حججت اكثر من مرة الذي تراه وتعيشه في الحج مظهر الحقيقة ليس هو المقصد الشرعي في الحج. الذي يغلب على بعض الحجيج هو ان ان الحج عنده نوع من الاستنفار للجهد والوقت والمال. ثم يغلب عليهم في حجهم شعور الرغبة في الانتهاء من اعمال الحج وكأنه عبء كبير. فترى المزاحمة والمدافعة وترى الاستباق الى انجاز اعمال الحج وتمامها هي التي تغلب على التفكير وذهن المتعبد في الحج. فاذا جاء يقف بعرفة فالغالب عليه اذا ما خصص اوقاتا للدعاء والتضرع الى الله عز وجل يغلب عليه التفكير في الوصول الى عرفة والخروج منها وبلوغ مزدلفة. فاذا اتى مزدلفة ايضا كان همه الاكبر كيف يصل منى يرمي الجمر ثم يغلب على ذهنه متى يطوف في الافاضة متى يسعى كيف يفعل في الرمي ايام التشريق فينصرف كيف يطوف للوداع فتمضي عليه اعمال الحج والذي يغلب على ذهنه والذي يسيطر على اعماله واقواله في الحي وتتابع هذه الاعمال والذهن منشغل وممتلئ بهم كبير يحمل له تفكيرا عظيما. كيف يؤدي اعمال الحج؟ نعم. مع حرصه فيما ترى انه لا يريد ان يفسد حجه. وحرصه ايضا على ان يكون حجه صحيحا كحجة المصطفى صلى الله عليه وسلم. لكن السؤال الاكبر هلا التفتنا ايضا الى حقيقة الحج ونحن وقوف في عرفة ونحن بائتون بمنى ونحن نرمي الجمرات بل حتى ونحن نطوف حتى في الزحام وحتى في اختناق الانفاس وحتى في الانتظار سواء انتظار السيارات في الشوارع او انتظار الممرات او انتظار الحجيج في المخيمات في منى كل موقف اذا ازدحم فيه الناس من عاش استشعار مقاصد الحج نأى ارتفع عن تلك المظاهر التي يراها فيزدحم اليها الناس وربما سبب بينهم الشيطان شيئا من الخصومة والشحناء والاحتكاك كل ذلك سيترفع عنه الحاج لو التفت الى المقاصد العظمى الى ما يريد منه الاسلام ان يكون كذلك. يا اخوة بسؤال بدني يسير عبادة في الاسلام اراد الله ان تكون ركنا يعني لا يتم الاسلام الا به. ثم سبحانه وتعالى عبادة لا يؤديها العبد الا ها هنا في بيت الله الحرام عند كعبته المعظمة. فيوجب السفر سبحانه تعالى والارتحال وقطع المسافات وتحمل الاسفار وبذل الاموال بالله عليك اتظن ان ليس من وراء حكمة الهية جليلة. اتظن ان الله عز وجل يشق على العباد تكليف حكمه في الاسلام؟ حاشى والله انما هناك هدف كبير نعم لمن استطاع اليه سبيلا. لكن هذا المستطيع لماذا لا يحج في بلده كما يصوم في بلده وكما يزكي في وكما يصلي في بلده لماذا الحج؟ لماذا هو المفارقة بين الاوطان والبلدان والاهل والخلان؟ لماذا الاتيان الى هنا؟ لامر عظيم يراد تحقيقه ثم لاحظ معي انه يوجب مرة واحدة في العمر. وكأن الاسلام ينظر الى ان الحج ولو مرة واحدة كفيلة باصلاح العبد من رأسه الى اخمص قدميه. وان يعيد فيه صياغة معنى العبودية لله تماما. وان يعيده عبدا صالحا تقيا وان يعود الى حياته ليس هو كالذي جاء قبل الحج. هذا معنى مقصود يا اخوة رجع كيوم ولدته امه. هو ميلاد جديد هذه الحكم والاسرار والله جليلة اجل من ان نقتصر في نظرتنا الى الحي في تعاملنا مع الحج في ادائنا للحج انه ازدحام بشري وانه اختناق انفاس وانه تنافس في انهاء اعمال الحج ورغبة في الخلاص كيفما اتفق حاشا والله نربأ بانفسنا عن ان نقع في عبادة عظيمة له مقصد كبير ولها اسرار عظيمة ان يؤديها في هذه ليلة الظاهرة بهذا التهاون في تحقيق المقاصد. كذلك هو الاسلام يا اخوة. فالذي يحج بيت الله الحرام ويأتي الى ها هنا فيعلق بيته بهذه المال فيعلق قلبه بهذه المعاني العظيمة والله ان حجه لكفيل ان يجعله صدقا ان يرجع كيوم ولدته امه وان يبيض صفحته من جديد وان يحجز مقعده في الجنة. من اتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجعت ام ولدته امه الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة. هذه المعاني الكبيرة تحتاج منا حقيقة. ان نلتفت اليها والله من الغضب ان يتعب الحاج ويبذل مالا سعى في جمعه طيلة عمره حتى انحنى ظهره وشابت لحيته وفنيت حياته من اجل ان يقدم الى هذه البقاع. ثم هو يقتصر على اداء الهيئة الظاهرة للعبادة. هذا فوات عظيم نحن بحاجة يا اهل الاسلام يا طلبة العلم معشر الدعاة وكل من له صلة بحج بيت الله الحرام ان نلقي نظرة فاحصة وفقها عميقا لمقاصد الحج. نعلم انفسنا اولا. نحج بيت الله الحرام محققين. لهذه المقاصد كما اراد الله ثم ندل الناس من ورائنا ونفتح الابصار على هذا الباب العظيم في الشريعة الذي هو العناية بمقاصد الحج. نعم اهمية المقاصد في العبادات. اولا لكل عبادة شرعها الله تعالى لعباده جانبان. ظاهر وباطن فالظاهر هيئة العبادة باقوالها وافعالها اركانا وواجبات وشروطا وسننا. والباطن حكمها واسرارها ومقاصدها والغايات منها ولا تتم العبادة على الوجه الكامل كما اراد الله الا بتحقيق الجانبين معه. فاحدهما عبادة قلبي والاخر عبادة الجوارح. والاقتصار على احدهما جنوح عن عن مسلك العبودية الصحيح. ولمزيد من الايضاح نقول ان اهمال الهيئة الظاهرة للعبادة او استبدالها بغير ما شرع الله بدعوى الاقتصار على تحقيق مقصدها ضلالة مبين لا امتراء فيه. كمن يترك الصلاة او الصيام او يستبدلهما بطقوس اخرى يزعم انها تحقق مقاصد الصلاة والصيام سواء بسواء لانه عبث صريح بصفة التشريع في العبادات وعدول عن شرعة الله لعباده. وهذا كحال غلاة المتصوفة الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم. بزعم ان التكاليف وضعت وضعت لتقريب العباد الى ربهم وانهم قد وصلوا الى الى الولاية فلا حاجة لهم الى الاقتراب. فيسقطون التكاليف بهذا الزعم الفاسد. هذه غفلة ومحاولة للتلبيس والعبث يقولون طالما كان مقصد العبادة التقرب فنحن لم نقترب نحن وصلنا. ولذلك قال قائلهم خضنا بحرا الانبياء بساحره. فاذا رأوا انهم قد وصلوا الى الصلة المباشرة بمقام الالوهية فهم اعلى من ان يتعبدوا الله بعبادات ظاهرة وهذا ولا شك ضلال مبين. هذا اذا كنا نقتصر على المقاصد والايغال واهمال العبادات. كذلك هو الحال عكس وكذلك تماما اختزال العبادة في هيئتها الظاهرة دون مقاصدها الشرعية المنصوصة او المعلومة باستقراء او اشارة ونحوها فانها ايضا لون من العبث بشريعة الله. وسيكون اداء تلك العبادة المجردة عن مقاصدها الاساسي كعدمها كما اشار اليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصيام الذي اختزله صاحبه في الصورة المجردة دون رعاية مقصده من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. فليس لله فليس لله حاجة في ان دعا طعامه وشرابه. ثانيا كلما عظم شأن العبادة في الاسلام وتكاثرت النصوص الشرعية في بيان اهميتها واحكام الفقهية وتعددت مسائلها اضطرد معها عظمة مقاصدها وجلالتها. ولذلك كان للعبادات الكبرى كاركان الاسلام من المقاصد جلالا وعظمة ما ليس لغيرها من عبادات الاسلام. والحج ركن عظيم وعبادة كبرى ذات احكام ومناسك كعظيمة متعددة الانحاء زمانا ومكانا. فكان لها من عظمة المقاصد ما يوازي ذلك عظمة وجلالا. نعم ما ثقل وزن العبادة في الشريعة عظمت مقاصدها في الشريعة. الصلاة مثلا عبادة عظيمة ثقيلة في ميزان العبادة عند الله عز وجل. فمقاصدها ايضا عظيمة. الصلاة اتصال. ولهذا جاءت الصلاة بمعانيها واسرارها يا اخوة لون عظيم من التقرب الى الله. اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. يقول عليه الصلاة والسلام واما التعظيم اما الركوع فعظموا فيه الرب فمنوا ان يستجاب لكم. يقول في صلاة ركعتين من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه. فجليلة هي الصلاة وعظيم قدرها ووزنها في الاسلام فيترتب بناء على ثقل وزن الصلاة عظمة مقاصدها. وكذلك الحي لما تأتي الى عبادة شرع الله تعالى فيها مراحل اولا من الميقات فله احرام واحكام ثم القدوم الى بيت الله الحرام ثم اتيان منى عرفة مزدلفة منى ثم بيت الله الحرام ثم المغادرة وطواف الوداع. كل هذه العبادة لما تشتمل على اماكن متعددة وافعال متعددة اختلفت زمانا ومكانا كلما ثقل وزن العبادة ايضا عظم مقصدها هذا تمهيد لان نقول ان مقاصد عظيمة كما هو الحج عبادة عظيم. فكلما عظم شأن العبادة ايضا اضطرد معها عظمة المقاصد. التي يريد تحقيقها. نعم. ثالثا اذا كان اهمال مقاصد العبادات خللا عمليا بينا في اداء العبادات. فانه يقابله خلل علمي في بيان وتعليم وارشاد العباد في احكام تلك العبادات. حينما يوغل اهل العلم والدعاة في تفقيه الناس وتعليمهم وافتائهم في احكام العبادات وهيئاتها الظاهرة. مع نقص حاد في العناية بجانب المقاصد. وابراز اهمية وبيان احكامها ودلالة العباد الى سلوك مسالكها. وليس هذا الملحظ حديث النشأة فقد ذكر ابن الحاج في المدخل عن ابن ابي جمر رحمه الله قولا وددت انه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل الا ان يعلم الناس مقاصدهم في اعمالهم فيبقى السؤال الان في خاتمة هذا المدخل كيف السبيل الى ان نقول هذا من مقاصد الحج؟ ضربت مثالا قبل قليل بقول الله سبحانه ليشهد نافعة لهم ويذكروا اسم الله اللام للتعليم. وجاءت عقب قوله تعالى واذن في الناس بالحج. فكأن الاية تقول وضوح انما امر الله بالاذان في الحج امر ابراهيم الخليل عليه السلام بالاذان في الحج من اجل تحقيق هذه المعاني تأتي العباد الى يوم القيامة فيشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله. هذه طريق ان يأتي النص الشرعي واضحا اللام بالتعليم. فاذا الشرع في نص الكتاب او السنة علل العبادة بمنصب هذا واضح لان تقول هذا من مقاصد العبادة. وطريق اخرى تنبضها استنباطا ومثال ذلك الامر بتحقيق التقوى. جاء كثيرا في ايات الحي. وانا سأرجع هذا للحديث عن كل مقصد من المقاصد تفصيلا وسيأتينا وضوحه وبيانه لكني اقول هنا الامر بتقوى الله جاء مبثوثا في كل سياق ايات الحج في القرآن في سورة البقرة في سورة الحج في سورة المائدة هذا ملحظ واضح اذا تحقيق التقوى مقصد اخر من مقاصد الحج. في الحج يقول الله عز وجل للحجيج وتزودوا اذا اراد الحاج ان يخرج من بلده يريد مكة والمشاعر خذ زادك خذ امتعتك طعامك اكو شرابك ونفقتك قال وتزودوا ثم يأتي السياق مؤكدا فان خير الزاد التقوى. واتقوني يا اولي الالباب. ثم ياتي الامر بتحقيق التقوى كثيرا في الحج يقول الله في ايامنا فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه. ومن تأخر فلا اثم عليه. لمن اتقى. تعجل ان شئت في ايام منى او تأخر لا اشكال انما المطلوب ان تحقق التقوى. حقق التقوى وتعجل في يومين ان شئت. او حقق تقوى وتأخر في ثلاثة ان شئت لمن اتقى وهكذا هذا ما هو؟ هذا ليس تصريحا لكون تحقيق التقوى مقصدا للحج لكن النظر والتأمل والاستقراء لنصوص الشريعة التي عرضت احكام الحج تمبيك ان هذا مقصد عظيم. اذا هما طريقان ومسلكان لاهل العلم في ذكر مقاصد العبادات ليس الحج فقط. الحج مثال له. المسلك الاول التصريح بذلك في نصوص الشريعة. والمسلك الثاني الاستنباط من خلال التأمل والاستقراء والبحث المتتابع يكتشف اهل العلم ان هذا امر ارادته الشريعة ان يكون مقصدا من تلك العبادات. نعم. مسالك اثبات المقاصد في الحج وامثلتها. تقررت مقاصد الحج في نصوص الشرعية التي قررت احكام مناسكه الفقهية بجلاء. وقد جاء هذا التقرير في صورتين التصريح والاستنباط وهذه امثلته الف التصريح بالمقاصد كما في مقصد تحقيق اقامة ذكر الله تعالى من خلال مناسك الحج. بمعنى ان يرتبط الحاج في حجه بهذا الاصل العظيم في العبودية ليرجع من حجه وقد الف الاكثار من ذكر الله وتعليق القلب به وتحصيل طمأنينة العين من خلاله ويتحقق له بذلك جماع شعائر الاسلام. كما في حديث عبد الله بن موسى رضي الله عنه ان رجلا قال يا رسول الله ان شرائع الاسلام قد كثرت علي فباب جامع نتمسك به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانك رطب من ذكر الله عز وجل فهذا المقصد قد جاء تقريره صريحا في اكثر من نص مثل قوله تعالى واذن في الناس بالحج رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات فان اللام في قوله تعالى ليشهدوا ويذكروا للتعليل. وهو صريح بان فرض الحج ونداء الخلق اليه لتحقيق هذا المقصد العظيم وتأكد هذا المقصد الصريح بصريح قوله صلى الله عليه وسلم انما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لاقامة ذكر الله. فاذا ربطنا هذا التصريح بمقصد تحقيق ذكر الله تعالى في الحج بكثرة ما ورد من الامر بالذكر في نصوص الحج وربط المناسك به تأكد ذلك جدا. فان ذكر الله تعالى قوام الحج وصلبه في الطواف والسعي والمبيت بمنى ورمي الجمرات والاكثار من التلبية حال الاحرام. ومن التكبير والتهليل بعد التحلل. وفي اعظم اركان الحج وهو الوقوف بعرفة لا افضل للحاج من قوله. لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا مثال ضربته لكيف نقف على مقصد من مقاصد الحج كما صرحت به النصوص الشرعية. واخذنا لذلك بتحقيق ذكر الله تعالى. نعم. باء استنباط المقاصد وذلك باستقراء نصوص الحج والتأمل فيها على تنبيهات واشارات الى بعض مقاصد الحج. لم يأتي التصريح بها كما في السورة الاولى. بل بالتأمل والتتبع. ومثال ذلك مقصد تحقيق تقوى الله في الحج. فان التقوى ذروة سنام الصلاح ومنتهى امال الصالحين وباب ولاية رب العالمين ويراد للحاج ان يحقق التقوى من حجه وان يعود بعد الحج عبدا تقيا. قد تشرب قلبه وكيانه معنى تقوى وحقيقة وحقيقتها من خلال مناسك الحج وعباداته الظاهرة. وهذا المقصد لا نجده منصوصا صريحا في ايات الحج كما وجدناه في مقصد اقامة ذكر الله تعالى. بل بالتأمل في النصوص وجدنا الامر بتقوى الله ارتبط بآيات الحج بشكل عجيب ففي سورة البقرة ختمت اولى ايات الحج بالامر بتقوى الله. واتقوا الله واعلموا ان الله شديد العقاب. كما ختمت اخر ايات الحج في السياق ذاته في سورة البقرة بالامر بتقوى الله كذلك. واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون وخلال السياق تكرر الامر بتقوى الله باكثر من اسلوب يستدعي التأمل والتدبر. ففي الامر بالتزود للسفر في الحج واخذ اسباب وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقوني يا اولي الالباب. وفي المبيت بمنى ليالي ايام التشريق بين التعجل تأخر ترتبط المسألة بتحقيق التقوى لله تعالى. فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه. ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى وفي سورة الحج يرتبط مقصد عظيم اخر وهو تعظيم شعائر شعائر الله بمقصد التقوى. ذلك ومن تعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. وكذلك الشأن في كفارة الصيد في الحج التي ختمت اياتها. بعد بيان الكفارة وانواعها بقوله تعالى واتقوا الله الذي اليه تحشرون. فيتأكد لدينا ان تحقيق تقوى الله المقاصد التي يراد للحجيج كل عام تحقيقها من حجهم لبيت الله الحرام. والا يقتصروا في حجهم على الشعائر ظاهرة ما لم تخالط شغاف قلوبهم فتثمر التقوى في دواخلهم. وان يكون هذا القصد حاضرا في نفوسهم وهدفا منصوبا يسعون الى تحقيقه مع كل خطوة في اداء مناسكهم. بلا مبالغة نريد ان نقول نحتاج ان نصل بانفسنا حين نحج وباخوتنا الحجيج عندما نعينه على اداء الحج ان يكون هذا المعنى على سبيل المثال حاضرا في الذهن حقيقة هل يشعر احدنا عندما يحرم منذ ان يقول لبيك اللهم لبيك انه الآن ساع في رحلة نحو تحقيق التقوى وان يرجع من حجه عبدا تقيا تعرف ما معنى عبدا تقيا؟ يعني ينطبق على حياته وتصرفاته وسلوكياته ما نقرأ عنه في اخبار السلف من العلماء والاتقياء. تظن ان باب التقوى لله مرحلة اغلقت وصفحت من التاريخ قد طويت؟ لا والله. جعل الله باب التقوى مفتوحا للعباد. ويمكنني انا وانت ايضا اذا ما حججنا بيت الله الحرام ان نتعلم معنى التقوى وهذا مطلوب يريده الاسلام فقط نحتاج ان نسعى الى تحقيق هذا الهدف وان نجعله نصب اعيننا والا يكون شغلنا الشاغل متى انتهي؟ كيف ارمي متى اغادر؟ متى اخلص من المناسك؟ متى نجحنا في التخلص من شعور الرغبة فقط في الانتهاء من اداء المناسك والخلاص كيفما اتفق سنغوص حقيقة في جوهر العبادة ونستمتع ونحن نؤدي المناسك ونتلذذ والله في كل خطوة من خطوات الحج ولو كانت الظروف من حولنا لا تهيئ حر شديد وزحام طويل وازدحام خلق وتنافس انفاس كل ذلك حتى لو كان من حولهم لا يهيئ لك الا انك بما تعيش من الاستغراء في التلذذ بالعبودية ينسيك هذا المعنى. هذا يا اخوة ليس نوعا من الاغراق في خيالات وليس تحريقا في عبارات عائمة. لكن حقيقة هو موجود في نصوص الشريعة. مرة اخرى ساعود الى مثال نبينا صلى الله عليه وسلم صلاة الليل. تقول عائشة رضي الله عنها يقوم حتى تتفطر قدماه. تخيلت ما معنى ان نتفضل القدمان وفي بعض الالفاظ حتى ترم القدمان. تتورم يعني تنتفخ القدم من طول القيام ثم ثم يصيب هذا الانتفاخ تشقق وانت تجزم ان من وراء ذلك الم لا يطاق. صاحب هذا الالم بالله هل يستطيع ان يقف على قدميه نصف ساعة وقدم منتفخة وقد اصابها التشقق ابدا ما التقوى على ان تقف عشر دقائق والالم يقطع قدميك. اذا تورم القدمين وانتفاخهما وتشققهما كل ذلك الم ما وجده عليه الصلاة والسلام. لانه كان مستمتعا بعبوديته وقيامه لله. فانساه ذلك الالم وعاش متلذذا بعبوديته لله عز وجل وهو قائل يصلي لابي وامه عليه الصلاة والسلام حج صلى الله عليه وسلم على رحل رث وقطيفة لا تساوي اربعة دراهم. القطيفة التي فرشها على ظهر البعير يركبه ليرتحل في اعظم حجة حجها انسان لله عز وجل وهو يقول اللهم حج لا رياء فيه ولا سمعة. سبحان الله اقطيفة باربعة دراهم يمكن ان تكون مدخلا للرياء؟ لكن هو القلب المتعلق بالله. يريد ان يجرد كل ما يعمل في عبادته فيجعله في قالب الاخلاص. وينظر في عبادته كيف يصل الى تحقيق رضا الله في الحج. وان يقبله ربه سبحانه وتعالى والله كان يعلمنا والامة من ورائه الى قيام الساعة عندما تريد ان تحج اجعل صلة قلبك بربك التفت الى تحقيق مرضاته ان يكون مقاصد الحج حاضرة عند احدنا منذ ان يحرم. منذ ان يرتحل ومنذ ان يتوجه الى بيت الله الحرام الى عرفة الى منى الى مزدلفة. اياك وما يغلب على سائر الناس من الازدحام وللتعجل والرغبة في الانتهاك كيفما كان هذا شعور يفقدك لذة العبادة. هذا شعور يجعلك تخسر حقيقة الوصول الى مقاصد العبادة. الاستمتاع يحتاج منا ان نغوص في معانيه. وان نبحر في اسراره وان نتلمس مقاصده. مقاصد الحي علم شرعي يتعلم جاءت به النصوص الشرعية. ليس ضربا من خيال ولا تكهنا بشيء لا صلة له بعلم الشريعة لا. وفيك كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ثم تقرأ في اخبار الصحابة والتابعين وسلف الامة هذا المعنى العظيم الذي جعلهم معنى الحد منذ ان يحرم احدهم. زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب. رضي الله عنه وعن ابيه وعن جده. كان اذا حرام وارتدى اللباس واتى الميقات وشرع في التلبية يريد ان يقول لبيك اللهم لبيك يصفر لونه ويرتعد ويتلعثم لسانه فما يقوى على اكمال التلبية رجل عاش المعنى ولما يقول لبيك اللهم لبيك شعر بما تقوله العرب بكلمة لبيك وان الانسان العربي يقول لبيك اجابة لشخص يناديك تقول يا فلان فيقول في الاجابة لبيك وعادة هذه الكلمة يقولها الرجل من هو اعلى منه مرتبة يقولها العبد لسيده يقولها الابن لابيه لامه يقولها تلميذ لشيخه واستاذه على سبيل التأدب والاحترام يقول في الاجابة اذا نادى يقول لبيك ومعنى لبيك عند العرب اجيبك مرة بعد مرة. تأدبا تذللا خضوعا احتراما توقيرا انت في الحج لما تقول في الاحرام لبيك اللهم لبيك. سواء في احرام الا الميقات بالعمرة او في احرامك بالحج. من الذي حتى تقول لبيك لمن تقول لبيك؟ تقول لبيك اللهم بالله عليك هل ناداك الله؟ هل دعاك؟ الجواب نعم اما قال علي اما قال سبحانه لابراهيم عليه السلام مؤذن في الناس بالحج؟ قال ابن عباس فقام الخليل ابراهيم عليه السلام فاذن لما قال ابراهيم عليه السلام قال اي ربي وما يبلغ صوتي؟ قال اذنوا علينا البلاغ. فقام ابراهيم عليه السلام فاذن بالحج. قال ابن عباس فانفذ الله صوته في اصلاب الاباء وارحام الامهات. فما يجيب عبد ذلك النداء الى قيام الساعة الا اصابته دعوة الخليل ابراهيم عليه السلام. هذا المعنى استشعره زين العابدين لما كان يحرم فيرتعد ويصفر لونه وينعقد لسانه خشوعا خشية وهيبة لانه شعر انه يقول يا رب اجبت دعوتك وانا قادر اليك. فلما عاش زين العابدين رحمة الله عليه هذا المعنى واستشعر هذه الامور بكل تفاصيلها ومعنى الاستجابة والتلبية جعله يعيش هذا الشعور فكان رحمة الله عليه يصيبه هذا الحال من الوجل من الهيبة قشعريرة البدن وانعقاد اللسان واصفرار اللغو فلما سئل رحمه الله عن الذي يصيبه هذا عندما يحرم بالتلبية قال كلمتين اثنتين. قال لانه يقول لبيك اللهم لبيك. قال اخشى ان يقول لي لا لبيك عاشوا هذا المعنى بقلوبهم والله يا اخوة فلما عاشوه كذلك صدرت عنهم في مقام العبودية لله احوال صرنا نقرأها او نتعجب منه كيف عاشوها وكيف صدرت عنهم والسبيل لي ولك الى ان نصل الى ما وصلوا اليه والعناية بهذا الباب مقاصد العبادات. ما زال حديثنا متصلا ايها الكرام في ذكر هذه المقاصد اهميتها وجوب العناية بها. اثرها على تعبد احدنا عندما يتعبد لله ثم الواجب من وراء ذلك كله في تعليم الحكيم وتوعيتهم وارشادهم كما نعلمهم احكام العبادات وهيئاتها الظاهرة سواء بسواء ينبغي ان نعلمهم ايضا مقاصد الحج. وما ينبغي ان يراعوه في في مناسكه في كل ركن وواجب مما يؤدوه في مناسك العمرة والحج على السواء هي عبادة عظيمة والا والله ما جعل الله الله الحج والعمرة كفارة ومحطات يغفر فيها للعباد سبحانه وتعالى. ثم هي المغفرة من اوسع ابوابها الى العمرة مكفرات لما بينهما اذا اجتنبت الكبائر. تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي خبث الحديد والذهب والفضة. هذه التصفية العظيمة في الحج والعمرة ما جاءت من فراغ. لكن لعظيم ما اشتملت عليه هذه المناسك من صياغة قلوب العباد واعادة صهرهم في قوالب جديدة تحقق فيه المعنى العبودية لله. اتقياء اصفياء ابرياء واطهارا من كل وزر وخطيئة لانهم جاؤوا فقصدوا بيت الله الحرام. وهذا القصد ينبغي ان نستشعره وان في كل خطوة من اداء المناسك هذه المعاني العظيمة التي نؤديها تقربا لربنا سبحانه وتعالى. نقف ها هنا لنكمل الغد ان شاء الله تعالى تتمة هذه المقدمة والشروع في مقاصد الحج واحدة تلو الاخر بعون الله والله اعلم شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائم بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم