الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واقتفى اثره الى يوم الدين وبعد. فلا تزال هذه المجالس مستمرة بعد ان انهينا رسالة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمة الله عليه وابتدأنا في عرض بعض الموضوعات الاصولية متنوعة الابوام في الاصول مختلفة الكتب التي نقرأ منها ايضا اللقاءات الثلاثة السابقة تناولنا فيها موضوعات مختلفة. احدها كان يتعلق بدلالة المنطوق والمفهوم بانواعه واستعرضناه من كتاب ارشاد الفحول للامام الشوكاني ثم اخذنا مسألة تتعلق باجماع اهل المدينة او الاحتجاج بعمل اهل المدينة وعرضنا فيه ما سطره الامام ابو الوليد الباجي رحمه الله في كتابه احكام الفصول في احكام الاصول وثالث اللقاءات الاسبوع الماضي عرظنا لما يتعلق بتقسيم الدلالات واعتبارات التقسيم عند الحنفية عرضا لما ذكره الامام البزدوي في اصوله آآ وما قرره ايظا الشاري عبد العزيز البخاري في كتابه كشف الاسرار. لقاء الليلة سنتناول فيه مسألة اخرى ومذهبا اخر وكتابا اخر اخر ايضا بما اننا عرظنا مسألة تتعلق بالمالكية واخرى عند الحنفية وثالثة تتعلق بالدلالات فيما لم يورده الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالته مسألة الليلة تتعلق بمذهب الظاهرية في كتاب الاحكام في اصول الاحكام للامام ابن حزم الظاهري رحمة الله على الجميع وحيثما يذكر الظاهرية في الاصول فام المسائل التي يخالفون فيها الجمهور هي مسألة القياس والاحتجاج به. وما اردته الليلة هو ان نستعرض موقف الظاهرية من الاحتجاج بالقياس موقفهم الرافض الشديد تماما للاحتجاج به. مأخذ هذا الرفض هو عدم الاحتجاج ما هو؟ الموقف ايضا الذي ينبغي ان يكون من ادلة الجمهور القائلين بالاحتجاج به وكيف يجيبون عنها الادلة والنصوص التي جاءت فيما يستشهد به للاحتجاج بالقياس ما الموقف منه؟ واخيرا ماذا يقول الظاهرية في تلك المسائل التي يثبت فيها الحكم قياسا وهم ينفونه. فما موقفهم من مثل هذه المسائل والاحكام هذه كلها يمكن ان نريدها من خلال درس الليلة ان شاء الله تعالى. لكن قبل البدء تحسن الاشارة الى امور. اولها ان مذهب الظاهرين في الاصول كما تقدم سابقا ومضت الاشارة اليه اثناء دروس شرح اصول الشيخ ابن عثيمين هو ان الظاهري يفترقون عن جمهور الفقهاء والاصوليين في مذاهبهم الاربعة وغيرها لا يفترقون عنهم الا كما تفترق ذاهب فيما بينها من حيث الموافقة او المخالفة. يعني ليسوا مذهبا يستقل باصوله التي يستند اليها لكن اشهر المسائل واكبرها التي من اجلها نشأ الخلاف بين الظاهرية والجمهور هو الاحتجاج بالقياس وما سمي الظاهرية بالظاهرية الا لانهم يقصرون الاحتجاج على ما جاء في ظاهر النص فما نطق به ظاهر اللفظ اخذوا به. ولا يتجاوزون ذلك الى المعاني والعلل. فمن ثم سموا بالظاهرية لاحتجاجهم بظاهر وهنا يجب ان تفهم حفظك الله ان الاحتجاج بظاهر النص ليس مذهبا يستقل به الظاهرية. يعني حتى لا تفهم بالمخالفة ان الائمة الاربعة لا يرون الاحتجاج بظاهر النصوص والالفاظ ليس هذا المراد لكن المراد هو التشبث الشديد بظاهر النص على حساب الغاء المعنى والعلة هذا الذي يتميز به الظاهرية وينفردون به عن باقي المذاهب. والا فائمة الاسلام كلهم بلا استثناء. المذاهب الاربعة كلهم يرون تعظيم النص موجبا للاخذ بظاهره. ولا احد يخالف في هذا لكن ما الاثر الذي يمكن ان يعمله الفقيه عندما ينظر في معنى النص وعلته وحكمته ليكون ذلك مؤثرا في ظاهره هذا هو الخلاف الذي ينتصب جليا بين الظاهرية وغيرهم. اذا فسموا بالظاهرية للايغال في الاخذ طهر النص او بظاهر اللفظ على حساب المعنى او العلة هذا اولا اما ثانيا فان مذهب الظاهرية في الاصول لم يحظ بكبير خدمة في تدوينه وحفظه وذكر المآخذ والاستدلال كما فعل الامام ابن حزم رحمه الله يعني لم ليس بالظاهرية في الاصول كتاب يوثق المذهب ويشيد اركانه وينتصر له ويحتج له ويبين موقف من اب سائر ابواب الاصول الا في كتاب الاحكام لابن حزم. ومن هنا تظهر اهمية هذا الكتاب. لانه يمثل مذهب ظاهرية في الاصول. لان امام المذهب داوود الظاهري نفسه رحمه الله صنف رسائل في الاصول وله فيها كتب ولابنه ايضا ابي بكر لكنها لم تبقى بين ايدينا اليوم ولم نظفر بها فربما كانت حبيسة الارفف في المخطوطات الدفينة ربما عدت عليها اعواد الزمن ففقدت فيما فقد من تراث الامة وتركتها العلمية الظخمة وايا كان فاصبح كتاب الاحكام لابن حزم رحمه الله هو المرجع الذي يلجأ اليه الباحث عن مذهب الظاهرية في باب ما لابن حزم ايضا رحمه الله بعض الرسائل منها كتاب مصنف مستقل في ابطال القياس والرأي والتعليل وعدم به واظهار بطلانه على مذهبه كما يرى رحمه الله في رسالة مطبوعة في ثلاثة اجزاء تمثل قطعة الكتاب وليس الكتاب كاملة لكنه الموجود من الكتاب وما عدا ذلك فان كتاب الاحكام لابن حزم كان ولم يزل ثروة علمية كبيرة ضخمة ثالثا مما يميز كتاب الاحكام لابن حزم عن سائر كتب الاصول بلا استثناء. يعني هذه ميزة لا يشاركها فيها غيره من كتب الاصول ان الامام ابن حزم رحمه الله فقيه محدث اصولي عنايته بالحديث مع زمنه المتقدم في اواخر القرن الخامس وفاته اربع مئة وثلاثة وستين للهجرة. اه تقدم زمنه وقربه من زمن الرواية اه جعله رحمه الله من المحافظين على رواية الحديث بالسند واراده ايضا في مصنفاته كذلك فان فتحت المحلى لابن حزم وهو كتاب فقه كما يعرف كلكم. ويذكر فيه خلاف الفقهاء ويستشهد ويستدل فلا يورد حديثا ولا اثرا موقوفا او منقطعا الا باسناده منه الى الراوي وهذه ميزة لا توجد لا اقول في كتب الفقه لكن كتب الاصول على وجه الخصوص لست تجد كتاب اصول يعتني بالحديث رواية كما فعل ابن حزم رحمه الله فعناية ابن حزم بالحديث جعلته يهتم به فلا يورد حديثا ولا يستشهد لمسألة الا ويسوق فيه سنده الى الحديث الذي يريده كما سيأتي ثم يتكلم على الحديث من حيث هو علم تضعيفا وتصحيحا وجرحا وتعديلا وقبولا ورفضا ثم يواصل احتجاجه وكلامه على الدليل كما يقرره الاصوليون. فهذه ميزة جليلة جدا ايضا ان تكون في كتاب للامام ابن حزم رحمه الله يعتني بذكر الاحاديث والاثار موصولة السند الى من يرويه عنه. واخيرا فان كتاب ابن حزم رحمه الله اعني الاحكام مثله مثل سائر كتب ابن حزم وربما كان المحلى على وجه الخصوص يعرف فيه طريقة الامام ابن حزم بلفظه يعني بوسع طالب العلم لو قرأ قطعة من كتاب او صفحة صفحة ساقطة من كتاب بوسعه ان يعرف انها لابن حزم رحمه الله من اسلوبه وعبارته ونمطه وطريقته في سياق الجملة وتركيبها الذي عرف به ابن حزم رحمه الله باسلوبه الشديد والعبارة القاسية التي يصوغها رحمه الله في موقفه من المذاهب المخالفة خصوصا اذا كانت من المسائل التي مفصل الخلاف الجوهري بينه وبين غيره من المذاهب كالقياس مثلا. وستسمع الان عبارات فيها هذا النمط من الامام ابن حزم رحمه الله آآ غلبة هذا الاسلوب على كتابات الامام ابن حزم رحمه الله اثرت نفرة بينه وبين المعاصرين له ومن اهل العلم من كبار اهل اهل العلم ولا يعني ذلك انه رحمه الله فقد حظه من العلم كلا وحاشا لكن اقول هذا النمط الذي عرف به ابن حزم رحمه الله في قوة العبارة وشدتها وصياغة الجمل القاسية التي يقولها في خلافه مع المخالف في مختلف المسائل كانت عائقا دون ان يكون لابن حزم رحمه الله انتشار لكتابه ومؤلفاته وعباراته التي قرر بها كثيرا من المسائل على نحو متين آآ سلاطة عبارات ابن حزم وقوتها وشدتها جعلت بعضهم يقولون ان ابن حزم رحمه الله في عباراته وحدته في اوساط اهل العلم لا يوازيها لا يوازيها الا شدة الحجاج بن يوسف الثقفي في سيفه وتسليطه ايضا على رقاب المسلمين. فغدت العبارة المشهورة ان سيف وقلم ابن حزم رحمه الله في حدة واحدة وعلى كل فالمقصود ان نستعرض المسألة الان وقبل ذلك من المهم ان نقول ان المدخل الكبير الذي يعرفه كلكم في الاحتجاج بالقياس انه احد الادلة الشرعية المعتبرة التي يقول بها الائمة من مختلف المذاهب فلا الحنفية ولا المالكية ولا الشافعية ولا الحنابلة ولا غيرهم حتى من المذاهب غير المتبوعة والسائدة. كلهم يقول بالاحتجاج بالقيام على خلاف بينهم في كثير من مسائله وابوابه لكنهم في الجملة يرونه دليلا شرعيا تستنبط منه الاحكام وتبنى عليه كثير من مسائل الفقه. الامام ابن حزم رحمه الله فيما ستسمعون الان من عبارات من كتابه الاحكام يورد هذا الخلاف ثم يسوق ادلته ثم يجيب عنها بما يراه مذهبا يقول رحمه الله تعالى في الباب الثامن والثلاثين في ابطال القياس في احكام الدين قال ابو محمد علي ابن احمد رضوان الله عليه ذهب طوائف من المتأخرين من اهل الفتيا الى القول بالقياس في الدين وذكروا ان مسائل ونوازل ترد لا ذكر لها في نص كلام الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اجمع الناس عليها فقالوا فننظر الى ما يشبهها مما ذكر في القرآن او في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحكم فيما لا نص فيه ولا اجماع بمثل الحكم الوارد في نظيره في النص والاجماع هو هكذا المذهب اليس كذلك؟ طيب يقول رحمه الله. فالقياس عندهم هو ان يحكم لما لا نص فيه ولا اجماع بمثل الحكم فيما فيه نص او اجماع. لاتفاقهما في العلة التي هي علامة الحكم هذا هو قول جميع حذاق اصحاب القياس وهم جميع اصحاب الشافعي وطوائف من الحنفيين والمالكيين وقادة طوائف من الحنفيين والمالكيين لاتفاقهما في نوع من الشبه فقط. يعني دون العلة ما مر ذكره ان من انواع القياس عند بعضهم قياس الشبه وهو اضعف الانواع يقول رحمه الله وقال بعض من لا يدري ما القياس ولا الفقه من المتأخرين وهو محمد بن الطيب الباقلاني. يشير للامام ابي بكر الباقلاني. الذي هو احد ائمة القرن الرابع الهجري والخامس واحد اعمدة اركان العلم لكن العبارة يسوقها بقدر كبير كما ترى من الشدة يقول وقال بعض من لا يدري ما القياس ولا الفقه من المتأخرين وهو محمد بن الطيب الباقلاني القياس هو حمل احد المعلومين على الاخر في ايجاد بعض الاحكام لهما او اسقاطه عنهما من جمع بينهما بامر او بوجه جمع بينهم له ما فيه. قال علي يعني ابن حزم نفسه وكثيرا ما يصدر العبارة اذا انتهى من نقل وبتستأنف كلاما يذكر اسمه او يذكر فيقول اما قال ابو محمد او يقول قال علي قال علي وهذا كلام لا يعقل وهو اشبه بكلام الممرورين منه بكلام غيرهم وكله خبط وتخليط. ثم لو تحصل منه شيء وهو لا يتحصل لكان دعوة كاذبة بلا برهان واطرف شيء قوله احد المعلومين فليت شعري ما هذان المعلومان ومن علمهما ثم ذكر ايجاب بعض الاحكام او اسقاطه وهما ضدان. ثم قال من جمع بينهما بامر او بوجه جمع بينهما فيه وهذه لكنة عين وتخليط. ونسأل الله السلامة وانما اوردناه ليقف على تخليطه كل من له ادنى فهم ثم نعود الى ما يتحصل منه معنى يفهم وان كان باطلا من اقوال سائر اهل القياس وبالله تعالى التوفيق وقال ابو حنيفة الخبر المرسل والظعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اولى من القياس. ولا يحل القياس مع وجوده. قال والرواية اية عن الصاحب الذي لا يعرف له مخالف اولى من القياس. قال ولا يجوز الحكم بالقياس في الكفارات ولا في الحدود ولا في المقدرات وقال الشافعي لا يجوز القياس مع نص قرآن او خبر صحيح مسند فقط واما عند عدمهما فان القياس واجب في كل حكم. وقال ابو الفرج القاضي وابو بكر الابهري المالكيان. القياس اولى من خبر الواحد والمرسل وما نعلم هذا القول عن مسلم يرى قبول خبر الواحد قبلهما وقسموا القياس ثلاثة اقسام. فقسم هو قسم الاشبه والاولى وهو ان قالوا اذا حكم في امر كذا بحكم كذا فامر كذا اولى بذلك الحكم وذلك نحو قول اصحاب الشافعي. اذا كانت الكفارة واجبة في قتل الخطأ وفي اليمين التي ليست غموسا فقاتلوا العمد وحالفوا اليمين الغموس اولى بذلك واحوج الى الكفارة كقول المالكي والشافعي اذا فرق بين الرجل وامرأته لعدم الجماع فالفرقة بينهما لعدم النفقة التي هي اوكد من الجماع اولى واوجب وكقول الحنفي والشافعي والمالكي اذا لزمت المظاهر بظهر الام الكفارة فالمظاهر بفرج امه اولى وقسم ثان وهو قسم المثل وهو نحو قول ابي حنيفة ومالك اذا كان الواطئ في نهار رمضان عمدا تلزمه الكفارة فالمتعمد الاكل مثله في ذلك واذا كان الرجل يلزمه في ذلك الكفارة فالمرأة الموطوءة باختيارها عمدة في وجوب الكفارة عليها مثل الرجل. وكقول من قال من ومن بعدهم الى ان قال رحمه الله قال ابو محمد فهذه اقسام القياس عند المتحذلقين القائلين به وذهب اصحاب الظاهر الى ابطال القول بالقياس في الدين جملة وقالوا لا يجوز الحكم البتة في شيء من الاشياء كلها الا بنص من كلام الله تعالى. او نص كلام النبي صلى الله عليه وسلم. او بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من فعل او اقرار او اجماع من جميع علماء الامة كلها متيقن انه قاله كل واحد منهم دون مخالف من احد منهم او بدليل من النص او من الاجماع المذكور الذي لا يحتمل الا وجها واحدا. والاجماع عند هؤلاء راجع الى توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولابد لا يجوز غير ذلك الاصلى وهذا قولنا الذي ندين الله تعالى به. ونسأله عز وجل ان يثبتنا فيه ويميتنا عليه بمنه ورحمته امين قال رحمه الله وشغب اصحاب القول بالقياس باشياء موهوا بها ونحن ان شاء الله تعالى ننقض كل ما احتجوا به ونحتج لهم بكل ما يمكن ان يعترضوا به ونبين بحول الله تعالى وقوته بطلان كل ما بطلان تعلقهم بكل ما تعلقوا به في ذلك. ثم نبتدأ بعون الله عز وجل بايراد البراهين الواضحة الضرورية على ابطال القيام ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. كلامه في هذا استغرق صفحات طويلة من هذا الجزء. انا سانتقي منها بعض المواضيع. قال رحمه الله فمما شغبوا به ان قالوا؟ قال الله عز وجل ولا تقل لهما اف فوجب اذ منع من قول اف للوالدين ان يكون ضربهما او قتلهما ايضا ممنوع لانها اولى من قول اف وقال تعالى واتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا قالوا فوجب ان ما فوق القنطار وما دونه داخل كل ذلك في حكم القنطار في المنع من اخذه. وقال تعالى وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها قالوا فعلمنا ان ما دون مثقال حبة وما فوقها داخلان في حكم مثقال حبة الخردل انه يأتي بها وقال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. فعلمنا ان ما فوق مثقال الذرة وما دونها يرى ايضا وقال تعالى ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار ثم ساق جملة من استدلالات الجمهور بالقياس على نحو ما مر ذكره قبل قليل. قال ابو محمد قال الله عز وجل ام للانسان ما تمنى وكل ما ذكروا فلا حجة لهم فيه اصلا بل هو اعظم حجة عليهم لانه ينعكس عليهم في القول بدليل الخطاب. فانهم على ما ذكرنا في بابه في هذا الديوان يقولون ان ما عدا المنصوص فهو مخالف للمنصوص. في مفهوم المخالفة يعني فيلزمهم على ذلك الاصل ان يقولوا ها هنا ان ما عدا اف فانه مباح جمهورا يقولون بهذا يعني فلا تقل لهما اف مفهوم المخالفة عند الجمهور ان ما عدا اف مباح وهكذا يورد الاعتراض رحمه الله. يقول فيلزم من فيلزمهم على ذلك الاصل ان يقولوا هنا ان ما عدا اف فانه مباح. وما عدا الدينار والقنطار والاكل ومثقال الخردلة والذرة وخشية عملاق بخلاف حكم ذلك. فقد ظهر تناقضهم وهدم مذاهبهم بعضها لبعض. ثم نعود فنقول وبالله التوفيق. اما قول الله تعالى ولا قل لهما اف فلو لم يرد غير هذه اللفظة لو لم يرد غير هذه اللفظة لما كان فيها تحريم ضربهما ولا قتلهما. يقول لو لم يرد في الشريعة الا قوله فلا تقل لهما اف فلا حرام الاف ولا تستطيع ان تستدل بتحريم الضرب ولا القتل لان النص اقتصر على قولة اف قال رحمه الله ولما كان فيها الا تحريم قول اف فقط ولكن لما قال الله في الاية نفسها وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. اقتضت هذه الالفاظ من الاحسان والرحمة والقول الكريم وخفض الجناح والذل والرحمة لهما والمنع من انتهارهما. واوجبت ان يؤتى اليهما كل كل بر وكل خير وكل رفق فبهذه الالفاظ وبالاحاديث الواردة في ذلك وجب بر الوالدين بكل وجه وبكل معنى والمنع من كل ضرر وعقوق باي وجه كان. لا بالنهي عن قول اف وبالالفاظ التي ذكرنا وجب ضرورة ان من سبهما او تبرم عليهما او منعهما رفده في اي شيء كان من غير الحرام فلم يحسن اليهما ولا خفض لهما جناح الذل من الرحمة. ولو كان النهي عن قول اف مغنيا عما سواه من وجوه الاذى لما لذكر الله تعالى في الاية نفسها مع النهي عن قول اف النهي عن النهر والامر بالاحسان وخفض الجناح والذل لهما ما كان له معنى فلما لم يقتصر تعالى على ذكر الاف وحدة بطل قول من ادعى ان بذكر الاف علم ما عداه. وصح ضرورة ان كل ان لكل لفظة من الاية معنى غير معنى سائر الفاظها. ولكنهم يعني الجمهور جروا على عادة لهم ذميمة من الاقتصار على بعض الاية والاضراب عن سائرها. تمويها على من اغتر بهم لله تعالى بما لا يحل من التدليس في دينه. كما فعلوا في ذكرهم في الاستنباط قول الله تعالى لعلمه الذين يستنبطونه منهم واضربوا عن اول الاية في قوله ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم اولو الاية مبطل للاستنباط. وكما فعل من فعل منهم في قوله تعالى واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون. واضربوا ما بعدها من قوله واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين استمر رحمه الله يذكر يعني موقفه من مثل هذا الاستدلال انتقل الى قوله رحمه الله وهو يتكلم في موضع اخر قال رحمه الله واحتجوا بقوله تعالى ان تأكلوا من بيوتكم او بيوت ابائكم او بيوت امهاتكم الى اخر الاية. قالوا ولم يذكر تعالى بيوت الاولاد ما ذكر الاولاد قال فوجب اباحة الاكل من بيوت الاولاد قياسا على الاباحة من بيوت الاباء قال ابو محمد وهذا في غاية الفساد والكذب ومعاذ الله ان تكون الاباحة للاكل من بيوت الاولاد قياسا قياسا على اباحة ذلك من بيوت الاباء والاقارب وما ابحنا الاكل من بيوت الاولاد الا بنص جلي وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اطيب ما اكل احدهم من كسبه وان لدى احدكم من كسبه فبهذا اباحنا الاكل من بيوت الاولاد. ولكن يلزمهم اذا فعلوا ذلك قياسا بزعمهم على بيوت الاباء. يلزمهم ان يسقطوا الحد عن الابن الواطئ امة ابيه. كما اسقطوا الحد عن الاب اذا وطأ امة ولده. ولزمهم ان يسووا في جميع الاحكام بين الابناء والاباء وسائر القرابات كما فعلوا ذلك قياسا على الاكل والا فقد تناقضوا وتركوا القياس الزام ما لم يلزم في صنيع ابن حزم رحمه الله في مثل هذه المواطن هو الذي جعل المدخل الكبير في البناء العلمي الذي يسوقه رحمه الله للاستدلال او الاحتجاج او الجواب عن الاعتدال لا يقول الجمهور كذلك ان تأخذ القياس على الاولاد والاباء في موطن ما لعلة ظاهرة ينص عليها ثم تريد ان تلزم بناء على ذلك التسوية بين الاباء والابناء في كل احكام الشريعة وفي كل ابوابها على اختلاف المعاني والعلل فهذا ما لا يقوله حتى القائلون بالقياس ولهذا ليس لم يكن لابن حزم رحمه الله في مثل هذا الاسلوب من الجواب والاعتراض والاجابة عن الاشكالات لم يكن له كبير عناية من الاجابة عنها من قبل الجمهور لانها ليست اشكالات علمية تحتاج الى بيان وايظاح ومما قاله ايضا رحمه الله واحتجوا بقول الله تعالى حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم الاية. قالوا فادخلتم بنات البنين وان سفلن وبنات البنات وان سفلن والجدات وان علونا وعمات الاباء والاجداد وخالاتهم وعمات الامهات والجدات وخالاتهن وان بعدن في التحريم وان لم يذكرنا في اية التحريم قالوا وهذا قياس وكذلك ادخلتم تحريم ما نكح الاجداد وان علوا وبنوا البنين وان سفلوا قياسا على تحريم ما نص عليه من نكاح نساء الاباء وحلائل الابناء. قال ابو محمد وهذه دعوة فاسدة بل هذا نص جلي. وبنو البنين وبنوا البنات وان سفلوا وبنات البنين وبنات البنات وان سفلن فانه يقع هن في اللغة بنص القرآن اسم البنين والبنات. قال الله تعالى يا بني ادم فجعلنا بنين له وبنو البنين بنون والجد والجدة وان بعد فاسم الاب والام يقع عليهما كما قال تعالى كما اخرج ابويكم من الجنة يعني ادم وحواء وهكذا القول يعني فيمن سفل من اولاد الاخوة والاخوات ومن علا من الاعمام والاخوال والعمات والخالات المستمر رحمه الله الى ان انتقل الى الاحتجاج بالسنة في بعض المواضع قال رحمه الله وقد ساق ايضا بعض ادلة الجمهور في احتجاجهم في بعض نصوص السنة مما اوردوه للاحتجاج بصحة القياس والاعتبار به. وعادة ما يريدون بعض النصوص مثل قياس النبي صلى الله عليه وسلم بعض الاحكام في حديث للاعرابي لما سأل عن الابل لما سأل عن عن امرأة عن انه ولد له غلام اسود وقاس له النبي عليه الصلاة والسلام على الابل ونحوها من النصوص وقوله للمرأة التي سألت عن حج ابيها او امها وانه قاسه على ديون الادميين. قال رحمه الله اه بعد ان ساق صفحات بالعشرات قال فهذا كل ما شغبوا به من القرآن ووضعوه في غير مواضعه. قد اوردناه وبينا لكل ذي حس سليم انه لا حجة لهم في شيء منه وان اكثره مانع من القول في الدين بغير نص من الله تعالى واحتجوا من الحديث بما كتب به الي يوسف ابن عبد الله النمري من يوسف ابن عبد الله الامام ابو عمر ابن عبدالبر قرين ابن حزم وصديقه وكانا صاحبين حميمين خالصين وابن عبدالبر امام من ائمة المالكية صاحب التمهيد والاستذكار وشرح الموطأ وابن حزم قرينه وكان جميعا في الاندلس. وتزامن في الطلب وتصاحب وكانت بينهما الفة شديدة. على اختلاف كبير بينهما في المذهب هذا مالكي وهذا ظاهري لكن الالفة والصداقة والمودة تذكر بينهما في كثير من المواطن وقد روى ابن حزم كثيرا من الحديث رواية عن صديقه وصاحبه الامام ابن عبدالبر قال واحتجوا من الحديث بما كتب به الي يوسف بن عبدالله النمري قال حدثنا سعيد بن نضر قال حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح لاحظ ان النمط في سياق الحديث بسنده. قال حدثنا ابو بكر ابن ابي شيبة قال حدثنا شبابة ابن سوار المدائن عن الليث ابن سعد عن بكير ابن عبد الله بن الاشج عن عبدالملك بن سعيد الانصاري عن جابر بن عبدالله عن عمر بن الخطاب قال هششت الى المرأة فقبلتها وانا صائم فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اتيت امرا عظيما قبلته وانا صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارأيت لو مظمظت بماء وانت صائم؟ قلت لا بأس. قال ففيم حديث اخرجه ابو داوود وغيره قلب محمد لو لم يكن في ابطال القياس الا هذا الحديث لكفى لان عمر ظن ان القبلة تفطر الصائم قياسا على الجماع فاخبره عليه السلام ان الاشياء المتماثلة والمتقاربة لا تستوي احكام وان المضمضة لا تفطر ولو تجاوز الماء الحلق عمدا لا فطر وان الجماع يفطر والقبلة والقبلة لا تفطر وهذا هو ابطال القياس حقا ولا شبه بين القبلة والمضمضة فيمكنهم ان يقولوا انه عليه السلام قاسى القبلة على المظمظة. لانهم لا يرون القياس الا بين شيئين مشتبهين وبظرورة العقد والحس نعلم ان القبلة من الجماع اقرب شبها لانهما من باب اللذة. فهذا اقرب شبها من القبلة مضى ثمان هذا الحديث عائد على المالكيين لانهم يستحبون المضمضة للصائم في الوضوء ويكرهون له القبلة. فقد فرقوا باقرارهم بينما زعموا انه عليه السلام سوى بينهما. وفي هذا ما فيه. فبطل شغبهم بهذا الحديث وعاد عليهم حجة والحمد لله رب العالمين ننتقل للحديث الاخر يقول واحتجوا ايضا بقوله عليه السلام للخثعمية وللمستفتية التي ماتت وعليها صوم وهو حديث مشهور رويناه من طرق ومن بعضها ما حدثناه الله بن يوسف عن احمد بن فتح عن عبدالوهاب بن عيسى عن احمد بن محمد عن احمد بن علي قال حدثنا مسلم بن الحجاج قال حدثنا احمد بن عمر الوكيعي قال حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن سليمان الاعمش عن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ايا رسول الله ان امي ماتت وعليها صوم شهر افاقضيه عنها؟ قال لو كان على امك دين اكنت قاضيه عنها؟ قال نعم. قال فدين الله احق ان قال الاعمش فقال الحكم ابن عتيبة وسلمة ابن كهيل جميعا ونحن جلوس حين حدث مسلم هذا الحديث فقال سمعنا مجاهدا يذكر هذا عن ابن عباس ومنها ما حدثناه عبد الله بن ربيع وساق بسنده قال رجل يا نبي الله ان ابي مات ولم يحج افاحج عنه؟ قال ارأيت لو كان على ابيك دين اكنت قاضيه؟ قال نعم. قال فدين الله احق وساق ايضا حديث المرأة التي نذرت ان تحج فماتت فاتى اخوها النبي صلى الله عليه وسلم فلما سأله قال ارأيت لو كان على اختك دين ان كنت قاضيه؟ قال نعم. قال فاقض الله فهو احق بالوفاء قال ابو محمد وهذا من اعجب ما احتجوا به واشده فضيحة لاقوالهم. وهتكا لمذاهبهم الفاسدة اما الشافعيون والحنفيون والمالكيون فينبغي لهم ان يستحيوا من ذكر حديث الصوم الذي صدرنا به. لانهم عاصون له مخالفون لما فيه من قضاء الصيام عن الميت. فكيف يصوغ لهم او تواتيهم السنتهم بايجاب القياس من هذا الحديث ليس فيه للقياس اثر البتة. ويقدمون على خلافه فيقولون لا يصوم احد عن احد. واما المالكيون والحنفيون فانهم زادوا اقداما فلا يقولون بقضاء ديون الله تعالى من الزكاة والنذور والكفارات من رأس مال احد ويقولون ديون الناس احق بالقضاء من من ديون الله تعالى واقضوا الناس فهم احق بالوفاء. وان ديون الناس من رأس المال وديون الله تعالى من الثلث ان اوصى بها. والا فلا تؤدى البتة لا من الثلث ولا من غيره. والله ان الجدود لتقشعر من ان يكون الرسول صلى الله عليه وسلم. يقول اقضوا يقول اقضوا الله فهو احق بالوفاء ودين الله حق ان يقضى. فيقول هؤلاء المساكين بآرائهم المخذولة تقديدا لمن لم يعصم من الخطأ ولا اتته براءة من طهي بالصواب من ابي حنيفة ومالك واصحابهما دعوا كلام نبيكم صلى الله عليه وسلم ولا تلتفتوه وخذوا قولنا فاقضوا ديون اسف دينهم احق من دين الله تعالى. قال ابو محمد ما نعلم في البدع اقبح من هذا ولا اشنع منه. لان اهل البدع لم الاحاديث فهم اعذروا في تركها وهؤلاء يقولون بزعمهم بخبر الواحد العدل وانه حق لا يجوز خلافه وليس لهم في هذه انيدي مطعم ثم يقدمون على المجاهرة بخلافها. والذي لا يشك فيه ان من بلغته هذه الاثار وصحت عنده ثم استجاز خلاف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعا لقول ابي حنيفة ومالك فهو كافر مشرك حلال الدم والمال لاحق باليهود والنصارى. واما من صحح مثل هذا الاسناد وحكم به في الدين ثم قال في هذه لا يصح فهو فاسق وقاح قليل الحياء. بادي المجاهرة نعوذ بالله تعالى من كلتا الخطيتين فهما خطتا خسف ثم تركوا كلهم ان يقيسوا الصوم عن الميت. وان اوصى به على الحج عنه اذا اوصى به وهم يدعون انهم اصحاب قياس. فهم اول من ترك قياس في الحديث اللي احتجوا به مع تركهم بحديث الصوم وقياسهم عليه وهم لا يأخذون به. ثم نقول وبالله التوفيق انه ليس في هذا الحديث قياس اصل ولا دلالة على القياس ولكنه نص من الله جلي لان الله اخبر في اية المواريث من بعد وصيته يوصى بها او دين فعم الله عز وجل الديون كلها وبضرورة العقل علمنا ان ما اوجبه الله علينا في اموالنا فانه يقع عليه اسم دين بلا شك ثم بالنصوص علمنا وبضرورة العقل ان امر الله تعالى اولى بالانقياد له واحق بالتنفيذ واوجب علينا من امر الناس. وكان السائل والسائلة للنبي صلى الله عليه وسلم مكتفيين بهذا النص لو حضرهما ذكره فاعلمهما بان كل ذلك دين وزادهم علما بان دين الله تعالى احق بالقضاء من ديون الناس وهذا نص لي فاين للقياس ها هنا اثر او طريق؟ لو ان هؤلاء القوم انصفوا انفسهم ونظروا لها. ولكن ما في المصائب اشنع من قول من قال اذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بان بان يصام عن الميت ويحج عنه. واخبر انه دين لله تعالى وهو احق بالقضاء من سائر ديون الناس فترك ذلك واجب. ولا يجوز ان يصام عن ميت. ولا يستعمل هذا الحديث فيما جاء فيه لكن منه استدلنا على ان بيع العسل في غيره بعسل في قيره لا يجوز. او ان بيع رطل لحم تيس برطلي لحم ارنب لا يجوز. او ان رطل قطن برطلي قطن لا يجوز. تبارك الله. ما اقبح هذا واشنعه لمن نظر بعين حقيقة ونعوذ بالله من الخذلان هذا النفس الذي يسوق به ابن حزم رحمه الله طريقته في الرد وذكر الخلاف والاحتجاج هي التي جعلت كتاباته كما قلت بهذا النفس من الحدة فيجعل التابعين لسائر المذاهب يقفون موقف النفرة والابتعاد. ولهذا لا تجدوا في كتب الفقهاء عادة عناية بذكر احتجاجات ابن حزم ولا الاجابة عنها الا شيئا يسيرا. لكن المسألة لما تتعلق باصل من الاصول الكبيرة فيكون الجواب عنها قدر كبير ايضا من الاخذ بظاهر العبارات وعدم التعرظ لاصل المعنى الذي هو محل الاستدلال ومنشأ الكلام في القضية كل كل ذلك يوهن كثيرا من بناء ابن حزم رحمه الله تعالى لطريقته في الاستدلال او الاحتجاج. ثم استمر رحمه الله يسوق في هذا بابا طويلا اردت فقط ان ابين امرين اولهما انه اذا اردنا ان نقف على طريقة الظاهرية في القياس وموقفهم منه فيمكن من كلام ابن حزم رحمه الله في الاحكام ان يتبين لطالب العلم موقف الظاهرية من القياس موقفهم ايضا من ادلة الجمهور القائلين بالاحتجاج بالقياس ومأخذهم وهذا المهم. مأخذهم في الاستدلال للاحكام التي يقول فيها الجمهور بالقياس. مر بك الان كيف يثبت ان ان ما عدا اف من من اذية الوالدين محرمة شرعا بطريقة اخرى من الاستدلال. وهذا مهم لان بعض طلبة العلم يستشكل كيف لا يقولون بالقياس ثم ها هنا احكام كثيرة يوافقون فيها الجمهور. والجواب انهم يجيدون الاستبدال بطريقة اخرى نحو العمومات مثلا لكن ثمة ابواب يغلقون فيها الباب تماما واشهر ذلك مسائل مسائل الربا فان الحديث الذي ذكرت فيه الاصناف الربوية نصت على ستة انواع الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ففتح الجمهور باب القياس في هذه الاصناف الربوية وقاسوا غيرها عليها. وجعلوا هذه الاصناف الستة تنقسم الى نوعين نوع يتعلق بالنقد والاثمان وهما الذهب والفضة والنوع الاخر يتعلق بالمطعومات. فذاك يكال وهذا يوزن ثم اوجدوا علة يجرون عليها احكام الربا في سائر الاصناف التي تقاس على الاصناف الستة المذكورة الظاهرية عندما يغلقون باب القياس فانهم لا يجيزون جريان احكام الربا في شيء غير الستة المذكورة. وهذا مما لا يدخله القياس ولا يستطيع ايجاد دليل عليه سوى القياس على هذا الحديث. ومن اقوى ما يقف فيه الظاهرية في حديث الربا مثلا من الاجابة او الاعتراض على مذاهب الجمهور ان المذاهب الاربعة مختلفة في تعليل الربا في الاصناف الستة فمنهم من يقول هو الطعام ومنهم من يقول الكيل والوزن ومنهم من يقول الاقتيات مع الطعم ومنهم من يقول ان يكون مدخرا ومنهم من يجمع بين علتين ويقول هي مركبة. يقول ابن حزم وهذا من اكبر الدلائل على بطلان مذهب القياس جملة. لانهم اختلفوا في التعليل فلم يتفقوا على علة يجرون بابا كبيرا وباب الشريعة وهو الربا. وتحريمه ظاهر جليل. الى اخر ما هنالك. الامر الاخر الذي كنت اقصده من خلال مثل هذا ارض هو انه ينبغي ان نعرف تماما انه حيثما وجد مخالف في مسألة ما مهما كان الخلاف ومهما بعد عن وجه الصواب او استبعدناه نحن عن وجهة نظرنا من الصواب يجب ان تفهم ان قدرا من الاحترام لقول القائل ايا كان ضعفه ومأخذه وبعده وقربه يورثك فائدة ولابد. فانت تجد في كلام المخالف مهما كان كما قلت مهما بعد مأخوذه مهما ضعف دليله وحجته ستجد فيه قدرا من الفائدة ولابد وموطنا تستطيع ان تناقش فيه خذ وتعطي. اما الاستخفاف والاستهانة بقول المخالف ايا كان مرة اخرى. فان ذلك ليس من سمت اهل العلم اولا ويفقد طالب العلم جانبا من الصوام في التعامل مع المسائل والحكم عليها وبناء القرار او الموقف الصحيح الذي يرجحهم بين الاقوال. هذا كله يجده طالب العلم بالممارسة والنظر مستمر والمتابعة لاقوال الفقهاء والاخذ والعطاء فيها. نسأل الله تعالى ان يفتح علينا وعليكم ويرزقنا واياكم فهما في دينه وعلما من اصول هذا العلم واستنباط الاحكام الشرعية يقول لماذا لم يذكر الحنابلة في كتابه آآ يعلم كلكم ان ذكر الحنابلة كمذهب فقهي لم يأتي محل اهتمام في كتب الفقهاء الا من بعد القرن الخامس وما يليه لان المذهب الحنبلي من حيث هو مذهب له كتب فقهية وبناء متكامل انما كان متأخرا عن سائر المذاهب لاسباب مقررة في مواضعها اشهرها ان الامام احمد رحمه الله نفسه كان يأبى تماما ان تدون مسائله او ان تروى عنه احكام فقهية اما الفتاوى التي كان يستفتى فيها فتجمع ما نشط لها طلابه فجمعوها كان ذلك متأخرا. اذا حتى مات الامام احمد رحمه الله ليس له كتاب ينسب اليه فيما يتعلق باحكام الفقه المذهبي وكان يرفض رحمه الله من طلابه ان يكتبوا هذا عنه. ثم جمعت بعض اشياء عند تلاميذه. ثم لم ينشط الجمع الا في طبقة تلامذة تلاميذ ميدي على يد غلام الخلال ابي بكر ثم لما نشط يجمع ذلك فانت تتكلم اذا على مضي جيلين بعد الامام احمد واذا كان الامام احمد هو رابع الائمة في الترتيب الزمني فانك تتكلم ان بداية ظهور كتب الحنابلة مذهبا فقهيا تصنف لها الكتب كانت متأخرة جدا عن كتب الائمة ثلاثة مالك وابي حنيفة والشافعي. فتقدم هؤلاء تقدم كتب الفقه المروية عنهم والمسائل. وتأخر هذا في احمد مع تأخره الزمني جعل عدم عناية الفقهاء في ذكر مذهب احمد مذهبا فقهيا منصوصا او يشار اليه موافقة او مخالفة جعله واظحا في كتب الفقه وهذا تفسيره والله اعلم ما قول ابن حزم في الغناء موقفه معروف وليس هو قال ابن حزم وحده لكنه لعدد من اهل العلم كانوا لا يرون النص صريحا في تحريمه ويضعفون الحديث الذي ساقه البخاري تعليقا والحجة الواردة في هذا عند اهل العلم الاخرين تصحيح رواية الحديث وصحة سنده من وجوه عدة معتبرة ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ومن ثبت عنده الدليل وجب ان يقول به لكن دعني اختم فاقول ان كان ابن حزم رحمه الله يرى اباحة استماع الغناء فلا يقع في قلبك مثقال ذرة شيء من التهمة بالفسق او قلة الدين لامام علم كابن حزم رحمه الله. شتان يا اخوة بين صاحبي هوى صاحبي هوى يتبع ما تتوق له نفسه وما تشتهيه فيتمسك بادنى شبهة واقل مأخذ فصاحب الهوى صاحب هوى. وان ساق لك ايات القرآن كلها احتجاجا يبقى صاحب هوى فرق بين هذا المسلك ومسلك العلماء اهل الدين المعتبرين. الذين ينصبون الدليل قبلة لهم وحجة فيسيرون حسب ما يتضح لهم ويظهر فما ساقه اجتهاد احدهم اليه واداه البحث والنظر فهو مذهبه المعتبر وان كان في نظرك قولا يفارق حكم الشريعة لكن في نظره هذا هو حكم الله. وحكم رسوله عليه الصلاة والسلام. فمثل هذا لا يجوز ولا يسوغ اطلاقا ان يتهم الامام العالم القائل به بانه قليل دين او صاحب هوى او متبع لما تمليه عليه نفسه من شهواتها لا بد ان نفرق وبين هذين المسبقين الكبيرين فاقول ان كان ابن حزم رحمه الله يقول مثل ذلك. او قال غيره بعدم وجوب تغطية المرأة وجهها في الحجاب فهذه المآخذ التي يقول بها اهل العلم اعتبارا بدليل يرونه حجة يدينون الله تعالى به. لا يجوز ان انسب اليهم وانا قولوا بخلاف هذين القولين لا يجوز ان انظر اليهم موقف المتساهل في احكام الشريعة المتراخي عن تطبيق ما نصت عليه الادلة او المتبع للهوى او الفاتح لابواب الشهوات حاشا فقل نفرق بين مواقف اهل العلم المعتبرين ومواقف اصحاب الهوى الذين يلتقطون الرخص ويبحثون عن الابواب التي توافق اهواءهم فهذا باب وهذا باب يجب التفريق بينهما بجلاء والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين