في اخر ليلة من ليالي شهر ذي الحجة الحرام ليلة التاسع والعشرين لعام الف واربعمئة وخمسة وثلاثين للهجرة نستأنف الليلة بعون الله وتوفيقه دروس اصول الفقه التي كانت قد ابتدأت مع مطلع او مع منتصف شهر محرم من العام المنتهي الحالي وكانت قد ابتدأت بجملة من اللقاءات اشتملت على مقدمات لعلم الاصول مهمة لطالبه مفيدة في تصور اطراف هذا العلم واركانه ومحتواه ائتمن تلك المقدمات على جملة من المعلومات التاريخية والعلمية ونشأة هذا العلم ومراحله والمصنفات فيه ومناهج الاصوليين التي تسلك بحث مسائله وخوض غماره ثم لما تم تلك المقدمات شرعنا في دراسة رسالة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمة الله عليه استغرقت دراسة الكتاب اسابيع الفصل الدراسي الثاني من العام الدراسي المنصرم وبعد ان تم لنا الكتاب بعون الله وحمده وفضله ومنته ختمنا سلسلة اللقاءات تلك قبل رمضان ايضا بجملة من الموضوعات الاصولية المتنوعة التي عمدنا فيها الى اختيار ما لم يتطرق له العلامة العثيمين رحمه الله في رسالته موجزة الصغيرة ثم صار التوقف بسبب رمضان وما بعده والحج وقد وعدنا في ذلك الوقت ان نستأنف بعد موسم الحج مع مطلع العام الهجري الجديد وها نحن بفضل الله تعالى وحمده الذي فسح لنا في الاجل وامد بالعافية واطال في العمر حتى نستأنف درسا علميا جديدا في هذا العلم الجليل وارى اننا في هذا المقام في غنية تامة عن اعادة ما تقدمت الاشارة اليه في تلك السلسلة من المقدمات ومن رغب في شيء من تلك الموضوعات المتقدمة سواء في تصور طبيعة هذا العلم او محتواه او تاريخ نشأته او مراحله التي مر بها او المناهج العلمية التي حكمت مسالك الاصوليين ومصنفاتهم في دراسة ومباحثة مسائل هذا العلم ترى انه نستغني عن تكرار ذلك بالرجوع الى ما تم تسجيله قبل. والافادة منه ان كان فيه شيء مفيد واما هذا المقام فنحن نستأنف فيه مرحلة اخرى. وارى اننا اه نتناول طورا بعد طور في دراسة هذا العلم ونحن نترقى في مدارسة مسائله المقدمات تلك كانت بمثابة المداخل المهمة التي لا يستغني عنها دارس علم الاصول سواء كان مبتدأ او متوسطا او متقدما في دراسة هذا العلم وغالبا ما يكون احاطة طالب العلم ببوابات ومداخل وممهدات العلم تكون عونا كبيرا له على فهم مسائل اليه وادراك ابعاد المباحثة فيه لان من يلج في العلم مباشرة في غفلة عما يتعلق بتصور العلم وابعاده ومداخله ربما شاب دراسته كثير من الخلل او شيء من الارتباك او عدم تمييز بعض مواقع المسائل عن بعض فهذه الدراسة الوصفية التاريخية او العلمية في مجملها عن هذه المسائل المتعلقة باي علم من العلوم ليست ندبا ولا فضلة ولا كمالا يدعى اليه طالب العلم وهو بصدد دراسة اي علم. بل هي عتبة اساس ومدخل لا غنى عنه لطالب العلم في اي علم من العلوم فتلك المقدمات التي بلغت فيما اظن عشرة لقاءات عشرة دروس هي متاحة ومحفوظة مسجلة العودة اليها نافعة والرجوع اليها لما نستغني عن تكراره ايضا مفيد في الجملة ولاننا نرتقي طورا بعد طور فقد تناولت تلك المقدمات ما نحتاج اليه كما اسلفت. ثم عمدنا الى دراسة متن. كان الاختيار لمتن الشيخ العثيمين رحمه الله بحكم انه مناسب تماما للمبتدئ في هذا العلم. يحيط بجملة اصول مسائل هذا العلم مع قدر لا بأس به من ذكر المسائل كانت الدراسة فيما تذكرون مطعمة كثيرا بالتطبيقات والنظر في الادلة ومحاولة توظيف قواعد العلم التي درسناها من خلال النصوص الشرعية. لمحاولة اختبار اسلوب الفهم ومداه في مثل هذه المرحلة ينبغي ان يكون الطور التالي هو الانتقال الى متن اكثر سعة واكثر عمقا وان يكون تحرير المسائل فيه على نحو ادق هي المرحلة التي تسبق تماما دخول المطولات الرجوع الى متن متكامل محكم في هذا العلم. بحيث يكسب دارسه الاحاطة الجيدة بمسائل العلم وليس الاكتفاء بالمسائل الكبار كما حصل في اصول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. بل يتجاوز ذلك الى الى الى ما يتفرع عن تلك المسائل وما يحتاج اليه الاصولي في الجملة. فالمسائل الكبار واصول الابواب بالاضافة الى ثنايا مسائل ما تتضمنته نقاشات الاصوليين وما يوظفه الفقهاء في استدلالاتهم وترجيحاتهم. هذه يحكمها عادة متن متكامل في علم من العلوم ونحن كذلك نفعل في علم الاصول دراسة مثل هذا المتن في هذه المرحلة تجعل الدارس ملما بمباحث العلم. عارفا ببناء بعض المسائل على بعض وعلاقتها ايضا وترابطها وتسلسلها ببعض المتن المتكامل يجمع بين حسنيين الاحاطة بمسائل العلم وضبط ذلك بجملة من العبارات او الالفاظ فحفاظ المتون نظما كانت او نثرا يفيدون اي ما افادة من خلال حفظ المتن عن طريق استظهار العبارات واستحضار الجمل التي تحوي حكاية الاقوال ونسبتها الى اصحابها فيستغني بذلك عن الرجوع ومكاشفة الكتب وتصفح المراجع كانت ولا زالت المتون بهذه المثابة منجما متدفقا ونبعا متتابعا يرجع اليه حفاظ المتون في اي علم من العلوم حفظ المتن او لم يحفظ يبقى ضبطه واتقانه محصلا للفائدة الكبرى التي اشرت انك لا تسترسل مع عبارات يطول شرحها ولا است دلالة تطول ايضا جملها ولا مناقشات ومداخلات يتيه بك اخرها عن اولها بقدر ما تضبط من المتن عبارة حتى لو غاب عنك كحفظها لن يغيب عنك فهم مقصودها ودلالتها في الجملة. فهذا هو الذي جعل العلماء سلفا وخلفا يعولون على دراسة الموت تون والرجوع اليها واختيارها منهجا علميا لطلاب العلم في مختلف المراحل تفاوت المتون صغرا وكبرا وعمقا واكتفاء ايضا باصول المسائل في كل علم من العلوم. لما يناسب كل مرحلة من مراحل الطلب. وعليه فان اختيار في مثل المرحلة التي نحن فيها يتحتم فيه ان يكون متنا يرتقي عن الاكتفاء باصول المسائل التي ربما كانت تكتفي اه ابواب محدودة ومسائل معدودة. ولذلك لن يكون الاختيار مثلا لمتن كالورقات على شهرته وعلى اه سعة صيته وعمق انتشاره بين ايدي طلبة العلم ولا على نظمه لسبب ذاته انه لا يزال في هذه المرحلة مقتصرا على جملة من المسائل بعيدا عن كثير من التي يحتاج اليها طلاب العلم. ولا ينفع ان يدرس طالب العلم مثلا الورقات بعد ان درس كتابا اكبر منه او اوسع منه واشمل بل عليه ان يرتقي ويتطور وينتقل الى مرحلة اعلى كتاب اكثر منه افادة واكثر احتواء للمسائل اه لقاء الليلة مدخل نتحدث فيه عما سنشرع فيه بدءا من الاسابيع المقبلة ان شاء الله الكتاب سنة سيكون اختياره في متن اصولي حنبلي وسبب ذلك اننا نعمد كما قلت الى ضبط اصول المذهب والعناية بمسائله والتبويب الذي يحيط بمسائل الاصوليين جملة ليتبين منها موقع مذهب احمد رحمة الله عليه وعلى سائر ائمة الاسلام وقبل الحديث عن الكتاب وما نحتاج اليه وما نتكلم عنه. هذه مقدمة تنتظم نقاطا ثلاثة اولها الحديث بايجاز سريع مجمل عن اصول الفقه داخل المذهب الحنبلي ثم الحديث ايضا عن الكتب والمصنفات فيه ومواقعها وتعويل علماء المذهب عليها. واخيرا عما نحتاج الى الحديث عنه في بالمتن المختار ان شاء الله تعالى اما النقطة الاولى المتعلقة باصول الفقه لدى الحنابلة فان ذلك يجمله تصور عام في من يعرف نشأة المذاهب الفقهية وموقع مذهب احمد رحمة الله عليه منها فانه اخرها فان احمد رحمه الله رابع الائمة الاربعة واخرهم وفاة ومذهبه واقع في سلم الترتيب الرابع بين المذاهب الاربعة ولتقدم فقه ابي حنيفة ومالك والشافعي رحمة الله على الجميع. صار فقه احمد رحمه الله آآ له شيء من الوصف الذي يغاير اوصاف المذاهب الثلاثة. كلكم يعلم ان احمد رحمه الله نشأ نشأة حديثية فهو من حفاظ الحديث وحملته ورواته بل وائمة الاسلام فيه. سعة في الحفظ والرواية وامامة ايضا في النقد والجرح والتعديل ورحمة الله عليه وسائر الائمة احد اعمدة هذا العلم ومناراته التي لا تخفى على طلاب العلم ونظرا لذلك فان عناية الامام احمد رحمه الله بالفقه هي فقه الحديث في الجملة ونشأ رحمه الله كذلك وكانت العمدة والتعويل في فتواه على النصوص الشرعية وكان لهذا اثر في اصول مذهبه التي قام عليها لما كان المذهب بهذه المثابة وتعلمون حرصه رحمة الله عليه من عدم تدوين مسائله وعدم آآ كتابة ما ينقل عنه من فتاوى نهي عن ذلك حرص طلابه على جمع ما سمع من فتاوى في مجلسه والمسائل التي كانت تعرض عليه. واما هو فلم يصنف مصنفا في الفقه فضلا عن اصوله وكانت هذه بمثابة جمع اولي. وما جمع فقه احمد الا من خلال المسائل التي رواها تلاميذته. وتلامذة تلامذته عنه حتى جاء الخلال حتى جاء ابو بكر الغلام الخلال فجمع او صنف كتاب الجامع وحوى فيه المسائل التي رواها تلامذة احمد ورواة الناقلون عنهم ثم صار هذا المجموع الجامع هو المنجم الذي يعود اليه فقهاء المذهب للاغتراف منه واستخراج فتاوى الامام احمد رحمه الله منه وبناء المسائل عليه جاءت مرحلة تأصيل تأصيل فقه المذهب. وهي مرحلة تالية فاذا كانت المسألة كما علمت تأخرا في تدوين الفقه التي هي المسائل والمرويات في فقه الامام فان تأخر تأصيل المذهب سيكون متحتما عن تأخر الفقه وجمع الفقه بخلاف المذاهب الاخرى فان مالكا رحمه الله وابا حنيفة والشافعي جمعت مسائلهم وفقههم وفتاويهم بل صنف بعضهم كمالك صنف الموطأ والشافعي صنف الرسالة. فكان هؤلاء الائمة هم من دون مذهبه بيديه او من املاه على تلامذته كابي حنيفة رحم الله الجميع فصار حفظ مذاهب الائمة واصولهم قريبا عهده تماما من عهد الائمة اصحاب المذاهب انفسهم ففقه ابي حنيفة دون في حياته واصول فقهه تلت ذلك مباشرة فليس بين حياة ابي حنيفة وبين جمع فقهه وتأصيل لفقهه يعني في مدونات اصولية توضح اصول المذهب لم يكن بينها مسافة زمنية. كذلك الشأن في الامام مالك رحمه الله الذي فالموطأ فكان يحتوي في تراجمه جملة من فقه الامام. وعمد اصحابه في المرويات المنقولة في المدونة وغيرها. الى جمع هذا مع عاداك وبناء فقه مالك ثم تأصيل مذهبه ايضا فلم يكن ذلك ببعيد عن حياة الامام نفسه رحمه الله. واما الشافعي رحمه الله فان وقد اورث اتباع مذهبه ثروة اصبحوا ما اقول في غنى عن اي مجموع علمي بعده لكن الرجل صنف فقهه وبيديه في كتابه الام. وصنف اصول مذهبه ايضا بيديه في كتابه الرسالة فاغنى من يأتي بعده ان يتكلف فهم اصول مذهبه. فكان بذلك اوفر الائمة الاربعة حظا في تصحيح اصول مذهبه وربما اقول وربما كان هذا سببا في وفرة تصانيف اصول الفقه التي نتجت عن ارباب المذهب الشافعي اكثر من غيرهم فان الثروة الاصولية والمكتبة العلمية التي ازخرت بها ارفف علم اصول الفقه كان لاصحاب المذهب الشافعي فيه اليد طولى اقول ربما كان المذكور ذلك سببا في هذا ويبقى الامام احمد رحمه الله الذي كان اخرهم ترتيبا زمنيا وكان اقلهم حظا من العناية بتدوين فقهه بل وامتناعه رحمه الله من ذلك ثم محاولة الائمة من بعده الى جمع مرويات مسائله ثم تأخر فيما بعد الى محاولة تأصيل مذهبه تعجب ان عرفت ان اول محاولة لتدوين وصول فقه الامام تأتي بعد وفاته بنحو مئتي سنة فيما يعرف بين ايدي الناس من اه اصول مذهب احمد رحمه الله مئتا سنة قرنان من الزمان مسافة زمنية ليست باليسيرة لمن يحاول ابتداء ان يضع مصنفا اصوليا على غرار ما يصنعه اصحاب المذاهب الاخرى. لمحاولة اثبات اصول مذهب الامام من اصول فقهه لانه لم يبح رحمة الله عليه بشيء من ذلك صراحة. ولم ينقل عنه ايضا في فقهه مسائل مبوبة مرتبة كما حصل في ذاهب الثلاثة الاخرين. فاعوز ذلك الى مدة من الزمن ان تجمع فيها المرويات والمسائل والفقه نفسه. ثم مسألة مرحلة زمنية اخرى ان يقرأ هذا الفقه وينثر ويغربل ثم تستخرج منه اصول الاستنباط وقواعد الاستدلال حتى يصاغ من ذلك اه اصول يصح ان ينسب الى احمد رحمه الله تعالى القاضي ابو يعلى الفراء الحنبلي رحمة الله عليه اربع مئة وستة وخمسين وفاته وكما قلت يعني ان تتكلم على ما حوالي مئتي سنة بعد وفاة الامام احمد رحمه الله. ليخرج كتاب العدة القاضي ابو يعلى معدود في رأس طبقة المتوسطين في المذهب فان تنقرض طبقة المتقدمين ولا يوجد في خلالها مجموع اصولي يصف او يجمع اصول الامام فقه الامام احمد رحمه الله فان هذا ما اقول غياب مؤثر لكنها مرحلة تأخرت كثيرا في مئة وستة وخمسين القرن الخامس كانت مصنفات الاصول عند المالكية مثلا عند الشافعية عند الحنفية قد بلغت ذروتها وقد خلصت من جملة من المحاولات حتى ارسلت اركان علم الاصول وانت تلاحظ يعني في مقولة ابن خلدون وغيره ان اصول كتب اعمدة كتب الاصول عند الاصوليين الاربعة لما ذكر العمدي القاضي عبدالجبار والمعتمد القاضي ابي الحسين البصري والبرهان لامام الحرمين الجويني مستصفى للغزالي فيعد اربعة كتب يعدها اركان علم الاصول فلا تعجب ان وجدت اربعتهم شافعية لانهم قد ظفروا بتوقيت مبكر في تدوين علم الاصول فما كانوا يحتاجون الى مائتي سنة حتى ينضج هذا العلم تماما. يقوى على ايديهم تحريرا وتبويبا وارساءا شامخا لهذا العلم بالكبير بخلاف ما حصل فان تأتي الى مرحلة من الزمن يعني الغزالي خمس مئة وخمسة امام الحرمين اربع مئة وسبعة وثمانين. هذا المرحلة التي وصل فيها اصول اصولي الشافعية الى مرحلة اكتمال البناء كانت هي بداية التصنيف عند الحنابلة في علم الاصول بخروج كتاب العدة للقاضي ابي اعلى اه هذا التأخر ربما كان سببا في تفسير غياب غياب ايراد المذهبي الحنبلي في مناقشة الاصوليين في اختلاف المذاهب وهو تفسير منطقي مقبول جدا يعني يعجب بعض الناس يقول اجد في المستصفى او في البرهان او اجد عند القاضي عبد الجبار او عند ابي الحسين البصري اجد مناقشة للمذاهب و محجة واختلافا ومرويات وترجيحات يقول اجد في ذلك قدرا كبيرا من ايراد المذاهب. فيورد مذهب مالك ويورد مذهب الشافعي ولا ذكر لمذهب احمد عدم ايراد مذهب احمد مفهوم تماما منطقيا لتأخر تدوين علم اصول الفقه عند مذهب الامام احمد رحمه الله. فكيف تنتظر ان يورد امام الحرمين او ابو الحسين او القاضي عبدالجبار ان يورد احد اه نسبة لاصول مذهب احمد رحمه الله موافقا او مخالفا ليثبت مذهبه او يناقشه او يخالفه. اذا كانت ما خرجت المصنفات الاصولية الا في القرن الخامس الهجري. على كل انا اريد فقط قد ان تتصور الان نشأة هذا العلم. ما قبل القاضي ابي اعلى ليس الا محاولات صغيرة ورسائل لا ترقى الى تدوين اصولي. وعلى صغر حجمها فانهم يعدون رسالة صفة الفتوى والمستفتي لابن حامد شيخ القاضي ابي يعلى وهو خاتمة طبقة المتقدمين يعدونها والمحاولة على الاقل ايضا فيما بين ايدي الناس. اول محاولة حاول فيها ائمة المذهب الحنبلي اظهار وابراز وانتزاع وصول مذهب امامهم من خلال فتاويه وهي رسالة صغيرة جدا وقد اتصلت على جانب الفتوى واصول مذهب احمد رحمه الله في الجملة ومحاولة تفسير جملة من الفاظه عندما يستعملها في الافتاء نحن لا يعجبني واكره كذا ولا ارى به بأسا ونحو هذه من العبارات فجاء كتاب العدة محاولة اولى اه ما بعد العدة وانا الان في صدد الحديث عن العلم الاصول داخل المذهب الحنبلي وسآتي الى النقطة الثانية في المصنفات فيه ما بعد القاضي بيعلى نشاطت حركة التأليف وتتابع اصولي الحنابلة كسائر الاصوليين من سائر المذاهب في متابعة التأليف والتدوين والجمع في اصول المذهب اه انتقلت هنا مرحلة الى الكتب الكبار ثم دخل المذهب الحنبلي في الطريق كما يقال مع باقي المذاهب وايراد الاقوال والمناقشة تقدم لكنها كانت مرحلة قد فرغ فيها الوصوليون من من تصنيف وتحرير الكتب المعتمدة في الفن. في الاصول ولم يكن بينها ايراد ذكر الحنابلة. فلما يأتي المتأخرون ويناقش تجد ذكر الحنابلة وموقفهم الاصولي عند المتأخرين. ممن حاول ان يصنف على طريقة جمع المذاهب اصول الفقه المقارن. الكتب التي جمعت اصول المذاهب المختلفة واوردتها على طريقة الخلاف. ومناقشته وترجيح الراجح منها ثم استمرت هكذا حتى جاء آآ ابن قدامة رحمه الله في روضة الناظر واختصر المستصفى او هذبه او سار على منواله او قل ما شئت كما سيأتي وصفه بعد قليل ثم جاءت المختصرات يبقى جملة مصنفات الاصوليين الحنابلة اقل بكثير مما هي عند الشافعية مثلا وهذا وجه ذكرت به سبب ذلك وعلاقته في الجملة اه سانتقل الى نقطة ليست باقل من سابقتها في تفسير هذا الوضع الاصولي عند الحنابلة غير مسألة تأخر التصنيف وتأخر ابتداء محاولة في جمع الاصول عند الحنابلة. الا وهي مسألة الاقتراب الشديد بين فقه الحنابلة وفقه الشافعية. واعني بالاقتراب الشديد الموافقة الكثيرة في كثير من المواضع اصولا وفروعا فجعل ذلك المذهب الحنبلي قريبا الى حد كبير من المذهب الشافعي وحتى ان لم تقل قريبا او مشابها لكن ان لم تكن العبارة دقيقة فادق منها ان تقول ان اقرب المذاهب الثلاثة الى مذهب احمد ومذهب الشافعي. والعبارة هذه لن يخالف فيها احد يعني ليس اقتراب مذهب احمد في اصوله وفروعه ليس فهو في اقترابه من مذهب الشافعي ليس هو ابدا باكثر مما هو في الحنفية او في المالكية. هو اقرب بكثير واختلاف ما بينه وبين الحنفية واختلاف ما بينه وبين المالكية اوضح واجلى بكثير مما بين الشافعي واحمد ربما كان من اسباب ذلك تلمذة الامام احمد على يد الشافعي رحمة الله عليهما فان الامام احمد التقى به ابان قدوم الشافعي رحمه الله بغداد والتقى به بل وافاد منه وتتلمذ على يديه. لم يكن احمد رحمه الله انذاك صغير السن بل كان كبيرا علما اماما محدثا لكن ورود الشافعي الاول الى بغداد والتقاؤه هناك باهل العلم وصحبة احمد رحمه الله له افادت علما كثيرا. نقلت عبارات عن احمد رحمه الله تفيد الاثر العظيم الذي اثر به الشافعي على احمد رحمة الله على الجميع مثل عبارته لما سأله ابنه عبد الله قال يا ابتي اراك تدعو كثيرا في سجودك للامام الشافعي فاجاب رحمه الله بما يبين عظيم حق الشافعي عليه فكان من جملة قوله قال يا بني ان الشافعي رحمه الله كالعافية للبدن وكالشمس للدنيا فهل لهذين من عوض يعني لا يستغني بدن الانسان عن عافية يقوى بها ولا تستغني الدنيا عن شمس تضيئها فيقول هو هكذا الشافعي بالنسبة اليه رحمه الله كان كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن فكان هذا سببا حمله على حفظ حقه وذكر جبين اثره العلمي عليه. وهذا ثابت ومقرر تماما في تاريخ الائمة الاربعة الامر المؤكد لهذا ان احمد رحمه الله يثبت فضل الشافعي عليه في مسألة الفقه على وجه التحديد فانه رحمه الله اعني احمد كانت عنايته منصرفة الى الى همة المحدثين في جمع الرواية وانتقائها وتبويبها والتصحيح والتضعيف وما هو صنيع المحدثين الباهر في الامة في حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكان احمد رحمه الله في الجملة مشتغلا بهذا الطريق مع عناية بالفقه مع تصديه للافتاء رحمه الله مع مجافاته عن ذلك لكنه كان يقصد فتوى فكان يستفتى فيفتي رحمه الله مع التحفظ الشديد ومع منع نقل ذلك او كتابته او حفظه عنه او اثبات ذلك مكتوبا عنه لكن في الجملة كان له مشاركة فقهية وكان له ايضا عناية بالفقه. الا انه مع ذلك يثبت رحمه الله ان صلته بالامام الشافعي كانت ذات اثر عظيم بطريقة الفهم والاستنباط ولا عجب فالشافعي امام. وكون الرسالة كما تقدم في احدى المقدمات السابقة في لقاء خاص عن الرسالة اثرها ما صنعته في الساحة الاصولية ما يغني عن تكراره هنا امام كالشافعي رحمه الله وتتلمذ امام كاحمد عليه رحمه الله اثر فيه تأثيرا كبيرا. بل يعني في عبارات مقاربة يكاد يقول احمد رحمه الله ما كنا نعرف الفقه حتى قدم الينا الشافعي. يعني ما نكاد نعلم الفقه. يقصد الفقه الحقيقي على اصوله بالاستنباط والفهم وجمع الادلة واستخلاص الحكم الراجح ومعرفة الموقف الفقهي من اختلاف الروايات او تعارضها او الصحيح منها والضعيف. عبارة ايضا مشابهة في العموم والخصوص ويقول يعني لان العموم الخصوص في مباحث العلم الاصولي بمثابة عنق الزجاج الذي لا لا تسلم منه اية او حديث الا ويمر بها فيقول ما كنا نعرف شيئا من ذلك يعني على التحرير والدقة والتمييز حتى قدم الينا الشافعي. لما يتكلم احمد رحمه الله عن امامة الشافعي واثره العظيم عليه. هذا يفسر لك اقترابا كبيرا ايضا من اصول فقه احمد رحمه الله باصول فقه الشافعي. لا يعني هذا المطابقة التامة بحال كما انه لا يعني المفارقة التامة بحال. لكن يعني التقارب الشديد والتأثر العظيم من احمد رحمه الله بامامه وشيخه واستاذه الشافعي هذا التأثر الكبير اظهر اثرا ولا شك على فقه احمد. لكنه ليس ايضا على وجه المطابقة. ينفرد احمد بمسائل يفتي بمسائل يتوجه الى مسائل في عبارة ايضا لطيفة ان الشافعي رحمه الله يثبت لاحمد رحمه الله امامته في الحديث وعنايته بالرواية وحفظه للسنة بما لم يسع للامام الشافعي ان يحيط بمثلها فحديثيا وفرة رواية الامام احمد ومجموع ما حصل في عمره من الرواية والتحصيل والسماع هو اوفر بكثير وبمراحل من وفرة الامام الشافعي في هذا الباب وللشافعي مسند لطيف. لكنه لا يرقى الى تلك الالوف المؤلفة في الرواية التي دونها احمد رحمه الله في المسند في احدى المجالس يروي الشافي عبارة لطيفة يقول فيها للمحدثين كاحمد واصحابه يقول لو كان لي من الرواية في الحديث مثل ما لكم ما غلبني احد يعني يقصد انه لو جمع له من العناية بالسنة وجمع الفاظها ورواياتها لبلغ الامام. لان الالة وهي الاستنباط والفقه السديد واصول الفهم موجودة لديه. فان كان شيء يعوزه فهو الاستيعاب في الرواية. والوقوف على النصوص. في وقت لم تكن فيه الحواسيب ولا مصنفات انما هو الحفظ لا غير وما تحويه الرؤوس وما تحفظه الصدور لا غير. فعندئذ سيكون الاكثر حفظا هو الاكثر احاطة بالسنة ومروياتها فكان هذا الذي يثبته الشافعي رحمه الله لاصحابه المحدثين على كل هذا كان سببا اضافيا مؤيدا ومعضدا لما ذكرت في النقطة الاولى تتلمذ احمد على الشافعي تأخره رحمه الله جعل ذلك ايضا سببا في ما اقول استغناء الحنابل عن التجويد لكن اصول الفقه قريبة جدا من اصول فقه وما يرد في كتب الشافعية من تأصيل الاصول وقواعدها فيه موافقة كبيرة بين المذهبين. فكان هذا ايضا سببا في عدم استقلال الحنابلة بمؤلفات اصولية في وقت مبكر الى حد ما. هذا في الجملة ما يتعلق بعلم الاصول داخل المذهب الحنبلي. هذه بدايته فاين كانت نهايته ليست هناك نهاية لعلم ولا لمصنفات علم. لكن النشأة المتأخرة لنهضة العلوم وبعثها ومحاولة اه انتصاب اصحاب كل مذهب للعناية بمذهبهم فقها واصولا وابراز مصنفاته واخراج اه ثروة هذا المذهب فقها واصولا شارك فيه الحنابل كما شارك غيرهم. لكن الصنيع المتأخر كما تعلمون يتجه في الغالب الى الجمع والاستقصاء ومحاولة لملمة ما خلفه السابقون وما جمعوه وما دونوه. فيأتي المتأخرون في جمع حاوي لذلك. حصل مثل هذا عند الحنابلة. وجاءت الكتب الكبيرة جاء مثلا كوكب المنير وشرحه ليحوي ايضا هذا كل التركة كلها باضافة الى مواقع مذهب آآ اصول مذهب احمد رحمه الله مع المذاهب الاخرى قبل شرح الكوكب يأتي امام كابن القيم رحمه الله في مرحلة ليست متأخرة جدا وليست متقدمة. وقد وجد هذه المحاولات من كتب الاصول عند الحنان فعمد رحمه الله الى محاولة ارساء وصول مذهب احمد رحمه الله واستنباطها فقعد جملا عظيمة في هذا الباب واصل اصولا عزيزة ايضا في هذا الباب حاول فيه ان يقرأ خلاصة ما دونه اصولي الحنابلة فجاء في كتابه الفذ اعلام الموقعين فارسى جملا واضحة تماما يحكي فيها اصول مذهب احمد رحمه الله ويستدل. خرج في مجملها بصبغة ان مذهب احمد رحمه الله بحكم الصبغة الحديثية لامام المذهب غلب عليه جانب تعظيم النص والعناية بالفاظه وعدم العدول عنه قدر المستطاع المروي عند اصحاب الحديث مرفوعا كان او موقوفا له حظوا في نفوس اصحاب الحديث. واقصد بذلك ان له مكانة ومهابة عظيمة فرتب الامام ابن القيم رحمه الله اصول احمد كالتالي الكتاب السنة الاجماع القياس. لكنه كان يرى رحمه الله ان عناية واحتفاء الامام احمد بالسنة جعلته يحتفي بالسنة احادها ومتواترها وتقديمه على كثير من الاصول. فلا تقديم للقياس على خبر الواحد عنده ولا ترك لخبر واحد ان عمت به البلوى ولا يقدم على خبر الواحد اصول متعارضة معه. كما لا يرضى رحمه الله بترك الحديث وان ضعف فيجعله على القياس ولو كان ضعيف الرواية والسند. هذه كلها شيء ربما اصله احمد رحمه الله اكثر من غيره. من الائمة فارسى فيه جملا العناية بالاثر حتى الموقوف صارت له مكانة. فتأتي عناية احمد رحمه الله بالمنقول عن الصحابة. وفقهم وارائهم وفتاويهم في ابواب الفقه كيف يجعلها اصلا يرجع اليه؟ ثم تجد كما كبيرا في فتاوى احمد ومسائله لما يسأل عن المسألة بعينها ولا يجد فيها مرويا فيبدأ ويحكي ما يحفظه من مرويات الصحابة يقول ابن مسعود قال كذا. والمروي عن عمر كذا ويقف عنده فان لم يجد عند الصحابة نزل الى كبار ائمة التابعين في نقل مثلا عن عطاء في المناسك وعن الحسن وينقل عن كثير من ائمة الاسلام يعني مثلا في اه الوقوف بعرفة يسأل رحمه الله عن موقفه بمعرفة مغمى عليه هل يعتبر هذا وقوفا مجزئا؟ فيقول اه كان عطاء اه لا يرى به بأس والحسن لا يرى له حجا. ينقل موقف اثنين مختلفين في مسألة ثم يشير الى توقفه لان المسألة ليست فيها نص وليس فيها اثر صحابي يركن اليه ثم يجد عن كبار التابعين والفقهاء والائمة اثرين فيرويهما ويكتفي في هذا اكتفاء الامام احمد رحمه الله في الفتوى بنص المروي والتعويل عليه دون اضافة كثيرة. اه يعني اورثت عند فقهاء المذهب هذا الاصل العظيم هذا فيما يتعلق باصول مذهب احمد رحمه الله في الجملة او اصول الفقه عند الحنابلة داخل البيت الحنبلي. حتى جاء المتأخرون فنشطت الدراسات المعاصرة في محاولة تحرير مذهب الائمة اه الاربعة جميعا ومواقفهم من المسائل افردت الدراسات في اصول كل امام افردت الدراسات في المسائل بعينها في كل مذهب افردت الدراسات في تحرير بعض القضايا افردت دراسات في محاولة استقصاء مذهب واقوال وفتاوى امام من الائمة لمحاولة استنباط مدى قرب ذلك وبعده من فقه الامام. يعني عند المالكي مثلا يجردون فتاوى الامام في مسألة الاحتجاج بعمل اهل المدينة. ويريدون كل المسائل التي يقولها فقهاء المالكية ان مالكا رحمه الله قال بكذا احتجاجا بعمل اهل المدينة. فيأتي البحث ثم استقصد كل مسألة قيل فيها بذلك داخل المذهب المالكي. ووضع ذلك في الميزان واستقرائها ومعرفة الى اي اثر كان لهذا الدليل او لهذا لهذه القاعدة اثرا في فقه مالك رحمه الله. قل مثل ذلك عند الحنفية في قطعية العام وظنيته. قل مثل ذلك عند في تقديم خبر الواحد على القياس او العكس. كل هذه وجدت كما وجد عند الحنابلة ايضا سواء بسواء في احد الدراسات المتأخرة المعاصرة اصول فقهي او اصول مذهبي الامام احمد رحمه الله. الدراسة التي آآ تقدم بها معالي الشيخ الدكتور عبدالله التركي امين عام الرابطة فكانت هي بحثه المقدم للدكتوراة قبل يعني اكتر من ثلاثين اربعين سنة فحاول في وقت مبكر لانه لم يجد دراسة فجمع رحمه الله الكتب التي صنفها الحنابلة قديما وحديثا وحاول ان يبول فيها اصول مذهب اهل احمد رحمه الله هذا ما يتعلق باصول الفقه في الجملة داخل المذهب الحنبلي. اما المصنفات فربما كانت الاشارة في هذا مغنية عن تكرار شيء منها. لكن كن على عجالة كتاب العدة للقاضي ابي يعلى هو اولى المحاولات المتكاملة ورسالة شيخه ابن حامد ابي عبد الله الحسن ابن حامد لم تكن متكاملة وليست رسالة اصولية لكنها في تفسير عبارات احمد رحمه الله التي يفهم منها موقفه في الفتاوى فجاءت محاولة القاضي ابي يعلى في كتابه العدة وتميزت بعدة مزايا اولها السبق والمبادرة التي لم يسبقها كتاب اصولي دي كبير وثانيها الجمع الغزير لمرويات احمد رحمه الله داخل الكتاب وثالثها حرصه الشديد رحمه الله اعني القاضي ابا يعلى انه لا يريد ان يبين عن مذهبه هو وترجيحه واراد ان يثبت مذهب احمد فيبوب التبويب الاصولي المعتاد ياتي في دلالات الالفاظ او في الادلة. فاذا ما جاء وعنون بمسألة الذي يهمه بالدرجة الاولى ان يظفر بمسألة وفتوى عن الامام احمد تبين موقفه من هذه القاعدة فيصوغ الرواية مباشر ولذلك الكتاب احد مظاني الروايات عن احمد فيورد الرواية ويستخرج منها ما يفهم منها هو ان احمد رحمه الله يقول مثلا بتقديم العام على الخاص او يقول بان الامر المطلق يدل على الوجوب او يرى ان الامر بعد النهي يقتضي الاباحة هو هكذا وعمدته في ذلك المرويات ثم هو يشركك يضع الرواية امامك ويقول انظر كيف اجاب وقال كذا. اذا مذهبه كذا وهذا يدل على كذا قد توافقه وقد تخالفه وقد يبدو لك انت شخصيا فهم من الرواية غير ما اثبته هو لكن هذا الصنيع وحده كان الحقيقة آآ كان اظافة علمية كبيرة في ساحة الاصول داخل المذهب الحنبلي. هي محاولة مبكرة ولهذا اصبح الكتاب يعني ذا اثر ووزن كبير جدا عند الاصوليين الحنابلة. وكانوا ولا يزالوا يرجعون اليه فهو يمثل ثروة الامام وفقه نعم ويوصل لمذهبه يأتي بروايته ويستخرج منها ما يدل على انه انما افتى بكذا لانه يرى ان القاعدة كذا ويحاول ان يسوق لك ذلك ويبين فهمه. ربما شفع ذلك رحمه الله بشيء من الاقوال الاخرى وحاول ان يورد ذلك. كل من جاء بعد ابو يعلى بعد القاضي ابي يعلى كان عالة عليه فيورد نقلا عنه ويورد الرواية التي اوردها ويحاول تحرير مذهب الامام رحمه الله قد يوافق وقد يخالف لكن صار شغل الشاغلين فيما بعد عند الحنابلة هو كتاب العدة للقاظي ابي اعلى لما استفتح القاضي ابو يعلى هذا الباب بكتابه العدة جاءت المحاولات بعده متتابعة نشط اثنان من تلامذته وهما القاضي ابو الخطاب الكل وذاني في كتابه التمهيد في اصول الفقه وتلميذه الاخر ابو الوفاء ابن عقيل في كتابه الواضح في اصول الفقه التمهيد والواضح كونهما الاثنين من تلامذة القاضي ابي يعلى فانها تعني ايضا محاولة لفتح هذا الباب العجيب ان ليس شيئا من التمهيد ولا الواضح له اثر لا في التبويب ولا في النتائج ولا في الاستقراء عما صنعه شيخهما القاضي ابو يعلى. فمن يقرأ التمهيد كانك تقرأ لجيل مختلف تماما مختلف التبويب مختلف الترتيب مختلف في ايراد المسائل. لا يظهر فيه الاثر الواضح لشيخه الا في ايراد الروايات التي اوردها عن الامام في في العدة فيريدها القاضي ابو الخطاب في التمهيد. كذلك يصنع ابو الوفاء ابن عقيل في الواضح في اصول الفقه. تبويبه مختلف وترتيبه مختلف وتناثرت فيه مسائل علم الاصول وليس هناك التبويب الذي يجمع كل مسائل الامر في جهة وكل مسائل النسخ في جهة وكل مسائل القياس في جهة بل هي متناثرة وعليك ان تبحث ولذلك لا يستغني المتصفح لكتاب الواضح عن العودة الى الفهارس ليعرف موقع المسألة التي يريد بحثها التمهيد والواضح اصبحت اضافات علمية وبالتالي في جيل واحد على الاقل بين القاضي ابي اعلى وتلامذته كالقاضي ابو الخطاب القاضي ابو الوفاء ابن عقيل. في جيل واحد تأتي هذه الثلاثة الكتب الكبار. لما اقول كبار يعني حتى في حجمها التمهيد مطبوع في اربعة اجزاء العدة مطبوع في خمسة اجزاء. الواضح مطبوع في اربعة اجزاء فهي ضخمة من حيث الحجم. وضخمة ايضا من حيث المحتوى وضخمة ايضا من حيث امامة هؤلاء فهم ائمة المذهب في ازمانهم. القاضي ابو يعلى ليس شيخ الحنابلة في زمنه بل شيخ الطبقة وامام المتوسطين عند الحنابلة القضاء وتوريثه العلم للاسرة بيعلى او اسرة الفراء كانت هي ايضا محل عناية فكان هذا محاولة مبكرة جدا هذه الكتب المتتابعة بدءا بالقاضي ابي يعلى وانتهاء بابي الوفاء ابن عقيل رحمة الله على الجميع جعلت محاولات الوصول في تبويب وترتيب وتعيين مذهب الحنابلة اصبحت بابا مفتوحا فتتابعت المصنفات وثمة كتب كثيرة بين متوسط وصغير وبين متن وبين شرح. جاءت متتابعة في هذه المرحلة اه كان من ابرز المحاولات التي حظيت ايضا بعناية اهل العلم صنعة الامام ابن قدامة رحمه الله ابي محمد عبد الله بن احمد بن قدامة صاحب المغني المشهور وصاحب عمدة الفقه وصاحب الكهف وصاحب المقنع. الامام الذي يعتبر مجدد الفقه عند الحنابلة في تلك المرحلة آآ ابن قدامة جمع له الامامة في العلم الامامة في الديانة والصلاح والتقوى. الانتساب الى اسرة عريقة بالعلم مشهورة عند الحنابلة بيت مقدسة وعنايتهم بالعلم اخوته وابناء اخوته اقواله اصحاب فقه واصحاب قضاء في المذهب الحنبلي واصحاب عناية آآ من اراد ان ان يعرف بابن قدامة يكفيه ان ينسبه لكتاب المغني حتى يعرف وزن الامام رحمه الله ليس في المذهب بل بين فقهاء نعم قاطبة فلما يأتي امام جبل وعلم كابن قدامة ويكون له كتاب اصولي كان له وزن كبير عند الحنابلة ولا شك. كتابه المشهور روضة في الناظر وجنة المناظر كان هو محاولة ايضا وكتابا وعملا علميا جليلا في هذه المرحلة. روضة الناظر لابن قدامة بناه على كتاب المستصفى للغزال واقصد بالبناء عليه النقاط التالية. اولا انه تبعه في التبويب والترتيب والغزالي رحمه الله له آآ منهج خاص وله طريقة في ترتيب مسائل العلم عرف بها وتميز واشتهر بها رحمه الله فجاء ابن قدامة فسلك مسلك الغزالي في التبويب الى الحد الذي عاتب فيه ابن قدامة رحمه الله لما تبع الغزالي حتى في ايراد المقدمة المنطقية قبل مسائل علم الاصول فان الغزاني اول من صنع هذا بين اهل الاصول قاطبة. ولا يعرف قبل الغزالي كتاب في الاصول جعل المقدس المنطقية جزءا من الكتاب لكن الغزالي صنع هذا واورده فجاء ابن قدامة رحمه الله فتابعه عليه فكان هذا اقصد من شدة موافقة ابن قدامة للغزالي ومتابعته في الترتيب انه اورد حتى المقدمة التي ما صنعها احد الغزالي وحتى زمن بعيد بعده ايضا لم يتابعه عليه احد. فكان هذا ايضا مسارا لشدة العلاقة بين المستصفى وبين روضة الناظر ابن قدامة النقطة الثانية التي ظهر فيها عظيم الموافقة هي ان ابن قدامة رحمه الله لما اورد اه لما الف كتابه روضة الناظر على خطى وعلى منوال المستصفى فانه تبعه ليس في التبويب بل حتى في الصياغة وايراد العبارة فان في تطابقا كبيرا وتشابها كبيرا في كثير من المواضع احيانا يختصر الكلام فيريده اجمالا واحيانا يريده على وجه التقارب العبارات والالفاظ فهل معنى هذا ان ابن قدامة في الروضة كان نسخة مهذبة من المستصفى؟ الجواب لا بدليل انه صنعه او الفه او انشأه لبيان المذهب الحنبلي واصول المذهب فان ابن قدامة لمن يقارن بين الكتابين يجده يورد خلاصة ما اورده المستصفى في الفصل او في الباب او في المسألة ثم يحرص على اظهار مذهب احمد رحمه الله ومكانة المسألة عنده في المذهب وماذا يقول فيها ويريد على ذلك الادلة فهذا وجه يختلف فيه المستصفى عن الروضة فليس في المستصفى للغزالي ذكر لمذهب احمد رحمه الله في الابواب ولا الفصول والمسائل بخلاف الروضة التي انما بنيت والفت اساسا لبيان وصول مذهب الامام احمد. لكنه كانه جاء بالمستصفى فافرغه ثم ابرز في كل باب وفصل مذهب احمد رحمه الله فصار ضمنا بين المسائل التي ذكرها المستصفى مذهب احمد رحمه الله في كل قضية ومسألة النقطة الثالثة فيما بين المستصفى والروضة ان الامام احمد رحمه الله لما نقلت عنه المسائل وابتدأ القاضي ابو يعلى فمن بعده بتأسيس وايضاح وبيان مذهب الامام احمد رحمه الله كان من بعده حريصون على ايراد ذلك في كتبهم. جاء ابن قدامة فجاء بالمستصفى واورده وضمنه مذهب احمد رحمه الله. كان حريصا على نقل اختلاف الروايات ايضا عن احمد اذا احتاجت المسألة فيرد الخلاف مما تميز به ابن قدامة في الروضة عن الغزالي في المستصفى مخالفته في الترجيح في عدد من المسائل ليس بالقليل. وهذا ايضا يؤكد غلط دعوى من يرى ان ان الروضة لا يعدو ان يكون نسخة مكررة من المستصفى للغزالي. فانه خالفه في جملة من المواضع ابرز في كثير من المواقف خلافه بل احيانا كان يشير الى ترجيح مرجوح عنده رجحه الغزال يعني لما يأتي لفصل فيرجح الغزالي فيه مذهبا فيشير لابن قدامة الى تضعيف هذا فيقول ورجح بعضهم كذا ويقصد الغزالي في المستصفى ثم يرفض هذا الترجيح ويرى ما يذكر ما يراه راجحا مخالفة ابن قدامة للغزال في المستصفى دعت الباحثين الى محاولة استقراء الكتابين والمقارنة بينهما فخرجت دراستان علميتان لما خالف فيه ابن قدامة الغزالي في المستصفى وخرجت مبوبة ومبحوثة في مسائل الكتاب من الاول الى الاخر كانت احدى القسمين او كانت احدى الدراستين من نصيب معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس ايضا في رسالته الماجستير فانه عمد الى وجه قارن بين ابن قدام وبين الغزالي في المستصفى ثم اكملت الدراسة حتى خرجت كاملة لاثبات الفروقات والمخالفات كانت لاثبات ان روضة الناظر ليس نسخة من المستصفى وان كان متأثرا به تأثرا كبيرا في التبويب في العبارات في ايراد الادلة ربما ايضا في الاقتصار على ما يريده لكن تأتي لمسائل فينشط ابن قدامة لايراد الادلة فيما يراه راجحا خارجا عما ذكره الغزالي في المستصفى اردت فقط ان اشير الى ان روضة الناظر لابن قدامة حظيت باهتمام كبير في اوساط الحنابلة لكون امام كون مؤلفه اماما ذا مكانة عالية عند الحنابلة وهو ابن قدامة وان صنعة الفقه العظيمة عند ابن قدامة وبرزت في المغني وغيره من المصنفات. ايضا كانت معززة لان يكون كتابه الاصولي كتابا عظيما ثقيل الوزن. ولما ربطه بالمستصفى ايضا كان له الاثر الكبير بعد ابن قدامة في الروضة جاءت محاولات وجاءت متابعات كان من اشهرها مختصر الروضة واختصره اكثر من واحد منهم البعلي في مختصر روضة الناظر ومنهم الطوفي نجم الدين في البلبل وهذه المختصرات تظهر عناية الحنابل المتأخرين بروضة الناظر لابن قدامة فلما اعتنوا بها حاولوا الاهتمام بذلك جعلت الشروحات وجعلت بعض الاعمال العلمية بناء على كتاب روضة الناظر. لكن يعني للحق يقال امامة ابن قدامة التي تبهر طلاب العلم في المغني ليست هي الموجودة في روضة الناظر بل دعني اقول ان من يقرأ بعمق عبارات ابن قدامة في المغني واستدلاله المتين واراده القواعد والاحتجاج بها في المغني يجدها اقوى بكثير من تقريره للمسائل في كتاب اصول متخصص كروضة الناظر يعني نفس المسألة الاصولية وتقريرها والاحتجاج بها والبناء عليها صنيع ابن قدامة وتعامله معها في المغني اعمق واقوى بكثير مما هي روضة الناظر لعل سبب ذلك هو ارتباط او ربطه للكتاب بالمستصفى فصار كالمقيد بالكتاب التي لا تجعله ينطلق في تقرير العبارة ولا في تحريرها ولا في بنائها ولا في صياغتها على وجه مستقل تماما. ليس هذا قدحا لكن مقارنة بين صنيعين فمن يقرأ صنيع ابن قدامة في المغني واستدلاله بالقواعد الاصولية واراده وتطبيقه لها يقف على فقه عظيم ويقف على امامة ايضا بالغة لهذا الامام الجامع بين الفقه والاصول. فهو كذلك يعني ما يتأتى لفقيه ان يتسنم ذروة الفقه ويتربع على عرشه في امامة الفقهاء في زمنه الا وهو قوي البضاعة كثير المتانة في علم الاصول لانه اصول هذا العلم وقواعده التي يبنى عليها بما بعد جاءت الكتب المتأخرة التي هي كما قلت محاولة لجمع الجهود السابقة شرح الكوكب المنير وصولي بن مفلح ومن جاء بعدهم هي محاولات جمع اصول هذا المذهب وقواعده الفت المختصرات ايضا مختصر ابن اللحام غير مختصر الروظة مختصر من اللحام مختصر مستقل جمعه في اصول مذهب احمد قواعد الاصول قواعد الفصول ومعاقد الاصول كتاب اخر اه شرح غاية السوء لابن المبرد هي كذلك جملة من الكتب الاصولية التي الفها الحنابلة ووضعوها لمحاولة الاحتفاظ اصول مذهب احمد رحمه الله النقطة الاخيرة في لقاء الليلة هو المتن المختار بعد هذا العرض من خلال ما تبين وجدت بعد تأمل انه ربما كان الانسب لنا اختيار متن مختصر الروضة روضة الناظر للامام نجم الدين الطوفي مختصر البلبل في اصول الفقه للاعتبارات التالية اولها انه يحقق ما اسلفت الاشارة اليه في صدر الحديث من اهداف درسنا في هذه المرحلة ولاننا اتفقنا على اننا مرحلة ارتقينا فيها مرحلة المقدمات ومرحلة التأسيس والتصور المجمل وقد تقدم هذا كله. فنحن في مرحلة فيها ان تكون دراستنا على نوع شمولي تؤسس لمسائل هذا العلم ويكون فيها ما اقول حصر واستقراء لكن مرور بمسائل هذا العلم المهمة التي لا يستغني عنها فقيه فتلد المسائل اصولها وفروعها وتلد النقاشات وترد الاحتجاجات. ويرد لك التبويب في في الادلة وفي الاستدلالات وسائر ما يعتني به الاصوليون بحيث لا يبقى بينك وبين المطولات الا مرحلة المطولات التي تتسم بالاسترسال حتى مع الدقائق والحواشي والاستدراكات والتعليقات تلك التي تحتاج الى نفس يقوى فيه طالب العلم على خوض غمار هذه المرحلة بعد تأسيس هذه الارضية الصلبة. فنحن في مرحلة بناء الدور الاول بعد الارض يعني اذا كان قد تأسست التصور المجمل فالان البناء الجيد المتين لتأسيس هذا العلم ومواقع المسائل بعضها مع بعض. كتاب آآ متن البلبل آآ مناسب جدا في هذه المرحلة السبب الثاني او السمت الثاني لهذا الكتاب هو علاقته بالروضة كما قلت قبل قليل كتاب روضة الناظر حظي باهتمام كبير في اوساط الحنابلة. لما اسلفت من امامة ابن قدامة رحمه الله. ومن عظيم العناية بثروته ومؤلفاته العلمية وكتاب الروضة واحد منها لما وقع في الروضة شيء من آآ ما اقول عدم التحرير لكن ليست المتانة المعهودة عن الامام ابن قدامة كما هو الحال في المغني جعل ذلك بعض الحنابلة يعمدون الى محاولة اه اعادة ترتيب الروضة او بلاش نقول اعادة ترتيب محاولة انشاء مشاريع علمية تقوم على روضة الناظر يعني ما الذي حدى بالحنابلة ان يؤلفوا مختصرات للروضة؟ اكثر من مختصر السبب الاول هو محاولة صياغة عبارة الروضة بطريقة اكثر الى الاختصار واقرب الى لملمة الانتشار ومحاولة الاقتصار على مذهب احمد رحمه الله. من جاء بعد ابن قدامة في عمل يحاول ان يخدم روضة الناظر اتجه تماما الى هذا المعنى فجمع بين المحافظة على ما صاغه ابن قدامة في الروضة من اصول مذهب احمد رحمه الله وتضمينه في كل الابواب والفصول موقف احمد من المسائل وبالاختصار يحاولون في تلافي شيء تلافي شيء مما قد يكون آآ صعبا في الفهم او فيه شيء من الارباك. كما حصل مثلا في مطلع باب القياس في الروضة. فان ابن قدامة رحمه الله اورد نقلا على اختلاف النسخ فيه لا يزال مرتبكا آآ امر اخير ان آآ نسخ الروضة متفاوتة كثيرة جدا النسخ المخطوطة وكل طبعات روضة الناظر حتى التي خرجت الى اليوم مع جهد المحققين فيها واختلاف الجهود المتبعة ووقوفهم على اكثر من نسخة مخطوطة لا تزال دون المستوى الذي يقف معه قارئ الروضة على انه هي هذه عبارة ابن قدامة لفظه وهذا اصوب في اللفظة هذي وفي السياق وهذي الجملة هي المحررة هنا. والسبب على كثرة اختلاف على كثرة تعداد نسخ روضة ناظر الى انها كثيرة الخطأ ان كثيرة الاختلاف والتفاوت فيجهد الباحثين والمحققين ان يقفوا على المحرر في العبارة ومع اختلاف النسخ يعجزك ان تختار منها ما تراه وابو ادق فتبقى روضة الناظر مع اختلاف النسخ ومع اختلاف الجهود العلمية لا تزال ما اقول مربكة لكن ليست المحررة تماما يعزو بعض الباحثين ذلك الى ان ابن قدامة لم يتسنى له رحمه الله قبل مماته اعادة النظر مرة اخرى في الروضة بعد الفراغ منها وتحريرها على وجه محبر. بحيث يكون مغنيا لجهد يأتي من بعده. وهذا سبب التفاوت في خلاف النسخ المخطوطة على كل فكان سبب اخر لاختيار متن مختصر الطوفي هو ارتباطه بكتاب الروضة وقد علمت مكانته ومنزلته عند الحنابلة سبب ثالث ان متن الروضة كما ان متن المختصر مختصر الروضة للطوفي كما سيأتيك في الدرس اللاحق ان شاء الله جمع بين حسنيين الاولى انه اختصر روضة الناظر والثانية انه لم يلتزم في اختصاره معنى الاختصار بمعنى الاقتصار على عبارة ابن قدامة لا بل هو انشأه صياغة جديدة من جديد فالعبارة عبارة الطوفي لا عبارتني قدامى وطريقته واستدلاله حافظ فيه على ما اورده ابن قدامة في الكتاب فهو جمع بين الابقاء على ما اورده ابن قدامة من قواعد من مذاهب من احتجاجات من ادلة من ترجيحات الا انه صاغه بعبارة وهذه الحسنى الثانية التي جعلت الطوفي بهذه المثابة في مختصر البلبل متميزا جعلته رحمه الله ايضا يحاولوا ترتيب الكتاب بطريقة لا يخرج بها عن البناء الاساسي للروضة. ومحاولة اعادة المسألة الى موقعها الصحيح. فتراه ربما خالف ابن القدامى في شيء من الترتيب والتبويب. فيأتي لمسألة في باب من الابواب فيأخذها من موضعها ويريدها في موضع اخر هو اليق بها هذا التفاوت اليسير بينما صنعه الطوفي في المختصر مع الروضة الاصل ما اراد به ان يخرج تماما. بالمناسبة يقول بعضهم حتى التسمية يعني مختصر روضة ابن قدامة ومختصر روضة الناظر وتسميته بالبلبل كما ارتضاه مصنفه الامام الطوفي رحمه الله. ايضا له علاقة فبلبل وروضة روضة يعني بستان وحدائق غناء فاتى ببلبل من هذه الروضة فاراد ان يشير قالوا ان صح هذا التفسير ان ان يشير الى ان ان اختصاره منقح لطيف كما هو تغريد البلبل الانيق المشنف للاذان فهو لا يخرج عن سياق الكتاب ولا عن نمطه بل فيه تحسين وفيه لطافة وفيه شيء من التحبير الذي يجعل المتن افضل واجمل اخيرا من المزايا التي جعلت اختيار متن الروضة متن مختصر الروضة للطوفي هو ان المتن مختصر الروضة للطوفي الحقيقة يعد من افضل كتب الاصول تحريرا للعبارة وهذه ميزة مهمة للغاية مختصر الروضة للطوفي ليس عند الحنابلة فقط بل بين مختصرات الاصول. يعتبر من اجودها وامتنها لانه جمع بين تحرير العبارة يعني ليست هناك عبارات عائمة وليست هناك الفاظ تحتاج الى اصلاح واستدراك وليس شيء يستدرك عليه الا كتاب الله ولكن الكتاب محكم فالعبارات الاصولية للطوفي في المختصر قوية متينة محكمة بحيث ان حتى والتحريرات التي يريدها والاستدراكات متينة للغاية بالاضافة الى ذلك فانه رحمة الله عليه يعني عمد الى تبويب المسائل وتنقيحها واختيارها ثم اختيار الانسب والاليق حتى التعريفات التي يريدها ابن قدامة في الروضة يعدل عليها الطوفي الى ما هو اجود وما هو اقل اعتراضا وما هو اسلم وحتى الادلة يختار ما هو اقوى وربما اضاف شيئا في الحقيقة ومختصر لكنه محكم. فاحد مزايا مختصر الروضة احكام العبارة. ودقتها ومتانتها هذه الدقة والمتانة والاحكام لم تصل الى حد اغلاق العبارات كما هو سمت كثير من مختصرات الاصول يعني مختصر كمختصر ابن الحاجب على الرغم من يعني انتشاره وصيته وكثرة وقوعه فاذا اضطرب سلفا وخلفا الا انه كتاب الغاز مختصر يعني من يقرأ العبارة هو لغز عليك ان تفكه وعليك ان تفهمه ولابد ان تفتح شرحا. يعني بالكاد بالكاد ان تفهم عبارة فهما مستقلا من غير الى شرح هذا الاختصار الذي يبلغ حد الايجاز ما وقع ابدا في مختصر روضة الطوفي لكنه عبارة مفهومة الا انها قوية البناء محكمة. يحاول جاهدا ان تكون مستوعبة مؤدية للمعنى غير مستطردة لما يتطرق اليه الخلل وان كان في مناقشات ولا يخلو كتاب كما قلت آآ امامة الطوفي هو الذي سيأتي الحديث عنه في الاسبوع القادم ان شاء الله. جعلت الكتاب ايضا محل اعتناء وللحق يقال ان اماما كالطوفي يعتبر في المتأخرين يعني الطوفي وفاته سبع مئة وسطعش بالمتأخرين تتكلم على عالم من علماء القرن الثامن الهجري. وعلم الاصول قد استوى على سوقه. وبلغ نضجه منذ القرن الخامس واواخر الرام فيأتي واحد بعد اربعة قرون عامة الاصوليين من جاء بعد القرن السادس يعني بعد المحصول للرازي وبعد احكام الامدي كما مضى هذا في المقدمات السابقة. عامة من جاء بعد يدور في فلكهم ولذلك اصبحت مسالك الاصول بعدهم في الغالب تتجه اتجاهين اما فلك المحصول للرازي او فلك احكام الامدي. فجاء مختصر ابن الحاجب وكل الجهود علمية وهي في فلك احكام الامدي. وجاء مختصر البيضاوي وشروح متتابعة وهي في فلك محسود الرازي. فصارت الجهود العلمية الاصولية كلها تدور حول هذين المسارين فقل ان تجد عند المتأخرين بعد القرن السابع بعد القرن السادس والسابع قل ان تجد بينهم اماما محررا محققا يعني ان ان يأتي بما بشيء يخالف من سبقه في في تقرير مسألة او في ترجيح او في ابداء دليل او في اظهار قاعدة يختلف عما سبق هذا قليل جدا واحد من القلائل والامام الطوفي بلا مبالغة الذي تجد عندهم في شرحه تجد عنده اضافات علمية وتحريرات نفيسة وتقرير لقواعد لطيفة قد لا تقف عليها بعباراتها عند من سبق اه سم به ان شئت فتحا الاهيا واسمه توفيقا. اسميها امامة ومتانة في العلم هذا وارد. واحد من هؤلاء القلائل عند المالكية مثلا الامام القرافي رحمه الله هذا من القلائل الذين جاءوا في تلك المرحلة ممن عنوا ففتح الله عليهم في تقرير قواعد وتحرير مسائل واظهار استدلالات عزنا غيرها في من سبق واحد من هؤلاء القلائل عند الحنفية مثلا كمال ابن الهمام صاحب التحرير. واحد من هؤلاء القلائل داش الدين السبكي ووالده تقي الدين. هؤلاء القلائل الذين جاءوا الحقيقة ائمة ائمة مبرزين في الفقه والاصول وصنعتهم تدل على استقلال في الفهم واستنباط جيد وجودة اذهان ولم يكون اسرى لكتب او مصنفات او مؤلفات. نعم في الامة كثير من العلماء البحار وكثير من الافذاذ. لكن ان غاب هذا العمق العلمي لما اصبحوا اسرى لمتون وصار يشتغل في فلك كتاب فصار مقيدا بعبارته مقيدا بطريقته مقيدا باستدلاله فان خرج خرج ليبدي شيئا من الذي لا يخرج في الجملة عن هذا السياق بخلاف في الائمة التي ذكرتهم قبل قليل. واحدة من مزايا اختصار متن مختصر الروضة للطوفي ان الطوفي نفسه شرحه وصاحب الكتاب صاحب البيت كما يقولون ادرى بما فيه. ودائما شراح المتون على تفاوتهم فاولى الشروح بالافادة من المتن وشرح صاحب بالمتن نفسه فان الطوفي رحمه الله مع اختصاره الجميل الجيد المتقن للروضة فانه شرح مختصره وهو المطبوع في ثلاثة اجزاء شرح مختصر للروضة للطوفي اصبح ثروة علمية. واصبح كتابا جميلا ومعتبرا به ومعدودا في الكتب المهمة في ميدان علم الاصول عند الحنابلة متداول من جاء بعد الطوفي الحقيقة افاد كثيرا اصول ابن مفلح تحرير ابن الهمام آآ شرح الكوكب المنير لابن النجار. كل هؤلاء اصبحوا يعودون الى شرح مختصر الطوفي. وآآ يحاولون الاخذ منه الافادة عنه والاشارة الى ما يرجح ما يقرره. فصار فعلا اقول منعطفا مهما في تاريخ اصول الحنابلة شرح مختصر الروضة للامام الطوفي نجم الدين سليمان ابن عبدالقوي رحمه الله هذا الكتاب الذي صنعه الطوفي والفه صار مرجعا مهما. فقل لهذا السبب ولغيره من الاسباب صار اختيار متن كتاب مختصر روضة ابن قدامة للطوفي احد الاختيارات التي قامت الاسباب التي قام عليها هذا الاختيار. اذا هو كتاب اه محرر اه مختصر لكتاب معتبر عند الحنابلة مخدوم بشرح من نفس صاحب المتن وفي النهاية ايضا امامة المصنف صاحب المتن والشرح جعلت اختيار هذا الكتاب آآ محلا للدراسة لنا ان شاء الله في الاسابيع المقبلة قبل ان اختم هذه النقطة علي ان اقول ان كتاب روضة الناظر بالاعمال العلمية المتتابعة عليه كلها تكون خادمة لمن يريد ان يشتغل على مختصر الروضة للطوفي. يعني شخص قرب وان يدرس متن البلبل فارتباط البلبل بروضة الناظر توسع لك مجالات البحث والتحظير والدراسة والبحث للكتاب. لم؟ لان