بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين اجمعين. هذا هو الدرس التاسع عشر من شرح نظم زبدة البلاغة وما زلنا في الباب الثالث قال في مطلعه الاصل في المعلوم ان يعرف ثم البليغ ينتقي ليتحف هذا ما اخذناه في الدرس الماضي ثم قال ضمير غائب وهذا متصل بالبيت السابق ثم البليغ ينتقي ليتحف. ينتقي ماذا انتقي ضمير غائب. ضمير غائب لئلا يوحش وعلى من يثني به او يفحش. فذكر في هذا البيت الذي سنأخذه في هذا الدرس الفائدة من اختيار المتكلم او البليغ ضمير الغائب او العلم. وطبعا الاغراض كثيرة جدا لا تحصر هنا ولا في كثير من مسائل البلاغة. وانما اقتصرت على شيء مناسب للمبتدئ. فلماذا يختار ضمير الغائب قال ضمير غائب لئلا يوحش. احيانا يكون الكلام شديد الوقع على السامع وانت تتكلم عن نفسك او توجه خطابا الى من امامك. فيكون استخدام ضمير الغائب لتخفيف وقع ذلك الكلام حتى لا تحصل وحشة وحتى لا يتضايق او يتأذى السامع ومن امثلته قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما اراد ان يشير الى قرب اجله ان عبدا خيره الله. خيره هذا ضمير غائب. مع انه به نفسه صلى الله عليه وسلم. وكان الاصل ان يقول ان الله خيرني او قد خيرني الله لكنه قال ان عبدا خيره الله. لاحظ استخدم ضمير الغائب مع انه يتحدث عن نفسه لماذا؟ لان الموضوع مؤلم وهو الاشارة الى قرب اجله صلى الله عليه وسلم مؤلم لاصحابه كيف لا وسيفارقهم خاتم رسل الله ان عبدا خيره الله بين ان يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبينما عنده فاختار ما عنده. لو قال ان الله خيرني او قد خيرني الله او ونحو ذلك لصح الكلام. لكن جاء التعبير بالضمير بضمير الغيبة. لان لا يوحي بكلامه قلوب الصحابة رضوان الله عليهم. وقريب منه قوله تعالى عبس وتولى ولو قال عبست وتوليت لصح الكلام لكن قوله عبس وتولى ابعد عن الايمان حاشي وعن مواجهة بالعتاب. فترك المواجهة يلحظ في التعبير بضمير الغيبة عندما يمكن التعبير الخطاب مثلا. والحقيقة ان هذا الباب بالذات باب التعريف والتنكير واسع جدا وكما قلت اكتفيت باشارات خفيفة لذلك لا اطيل قال في الشطر الثاني وعلما يثني به او يفحش اي ان البليغ ينتقل العالم ليحصل بانتقائه او بمن تقاه ثناء او ذم وهذا معنى يفحش اي يأتي بفاحش من القول او بنوع من الذنب كيف يكون هذا انتم تعرفون العلم الموضوع للذات وقد يكون اسما قد يكون كنية وقد يكون لقبا قد تكون فيه اشارة الى مدح او ذم. لو ان رجلا كنيته ابو الفضل. هذه الكنية في فيها نوع من الاكرام والتشريف والمدح. مع ان الكنية عموما فيها نوع تلطف عند العرب. ولكن ابو الفضل فيها مزيد تلطف او مزيد ثناء فلو ان شخصا اسمه ابو الفضل واسمه اقصد كنيته ابو الفضل واسمه الذي سمي به يوم كان صغيرا ضفيد. وهذا اسم معروف في بعض المناطق وهذا الاسم ليس فيه مدح بل فيه ما يشعر بعكسه اذ ضفيد تصغير ضفدع فاذا اراد الشخص المتكلم البليغ ان يثني على هذا الرجل فانه سينتقي تار الكنية ابو الفضل يقول جاء ابو الفضل اهلا بابي الفضل ونحو ذلك. ولكنه اذا اراد ان ليس له القول يقول اخرج من اخرج من عندي يا ضفيدة. هنا لن يقول يا ابا الفضل وجاء مثله في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما خالف المعتاد من حديثه مع ابي ذر فالعادة ان يقول يا ابا ذر ولكن جاء في حديث وفي صحته آآ خلاف انه قال لما رأى ابا ذر مضطجعا ضجعة مذمومة في الشرع قال يا جنيدب فترك الكنية التي فيها اكرام الى لفظة فيها شيء من الذم. اذا ينتقي البليغ ضمير الغائب حتى لا يوحش المخاطب وهذا بالطبع وكما هو ظاهر ليس في كل مقام لكن احيانا يكون في في ضمير الخطاب او التكلم نوع من الايحاش. فيتجنبه باختيار وانتقاء ضمير الغائب ويختار وينتقي العلم لانه قد يشتمل على مدح او ذم فيتوسل ذلك لتحقيق غرضه من الكلام من مدح او ذم. اكتفي بهذا القدر واصلي على رسول الله والحمد لله اولا اخرا وظاهرا وباطنا