بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين. وعلى اله وصحبه اجمعين. هذا هو الدرس الخامس عشر في شرح نظم زبدة البلاغة. وكنا قد وصلنا الى البيت الخامس عشر وهو متصل بما قبله فان في البيت السابق وارعى ما اصف مقام تطويل فمقام متصل متعلق بالبيت السابق. وراء ما اصف مقام تطويل ثم عطف عليه وحب الذكر. فلا بد ان تراعي مقام التطويل. وآآ مقام رغبتي المتكلم في ذكر الشيء. فاذا كان المقام مقام تطويل بانك قد تذكر المعلوم. ومن مقامات التطويل مقامات الايقاظ من الغفلة. لمن اشتد غفلته خذ مثلا قوله تعالى افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون. او امن لاحظ امن هنا الثانية. امن فامن الذين افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون اوامن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون افأمنوا مكر الله فلا يأمنوا مكر الله الا القوم الخاسرون. كان يمكن اختصار الكلام والاكتفاء بالفعل امن في المرة الاولى. ولكن المسند ذكر مرات بعد ذلك مع انه معلوم ولم يحذف على الاصل. لان المقام مقام تطويل وايقاظ من الغفلة فيقتضي التركيز والتكرير لما هو محل الانكار وهو الامن من مكر الله سبحانه وتعالى ومقامات اطالة الكلام متعددة يدركها الانسان بفطنته وذكائه وتذكر في بعض المطولات ايضا ينص على بعضها. اما الامر الثاني الذي ينبغي ان يراعى آآ في الذكر فهو رغبة السامع في ذكر الشيء وهو الذي عبر عنه وحب الذكر فمثلا اذا قيل لمسلم بعد غزوة بدر ما فعل ابو جهل بدر الاصل ان يقول قتل ولا يذكر اسمه ابو جهل لماذا؟ لاننا قلنا ان الاصل حذف المعلوم. ولكن وقع امر يخالف هذا الاصل وهو اقوى منه وهو ان المتكلم يحب ان يسند وقوع القتل على او ان يوقع القتل صراحة على ابي جهل فيقول ابو جهل قتل يوم بدر شر قتلة. اطال الكلام. بل لم يكتفي بالمسند والمسند اليه بل ذكر امورا اخرى هذا لانه يحب الذكر وتصور ما لو كان بالعكس ولعله يأتي في في الشطر الثاني لانه في الشطر الثاني قال وعكسه تدركه بالفكر. راعينا مقام التطوير. فخالفنا الاصل وراعينا حب الذكر فخالفنا الاصل وعكس ذلك وهو مقام الايجاز او عدم بالرغبة في الذكر وقد يكون بغض الذكر وهذا يعني امران تدركهما بادراك مقام التطويل وحب الذكر فاذا كان مقام تطويل يدعوك لذكر المعلوم فان مقام الايجاز يدعوك احيانا الى حذف المجهول. واذا كان حب الذكر يدعوك الى ذكر فان عدم الرغبة في الذكر قد يدعوك الى حذف المجهول. واقول قد لان الاحوال تتعدد وهناك كلمة ينبغي ان تحفظ وانني لا اريد الاطالة. كلمة تقال في البلاغة يقال قواعد البلاغة هادية لا حاكمة. فهي تهديك وتساعدك والا فان الاحوال لا يمكن ان تحصر قال وعكسه تدركه بالفكر يحتاج هذا الى مثال من امثلة مقام الايجاز اذا كان الشخص مريضا قال الشاعر قال لي كيف انت قلت عليلو فعليل خبر لمبتدأ محذوف. لماذا حذف؟ هنا اجتمع امران حذف لانه معلوم لانه يسأله في السؤال يقول كيف انت؟ فالتقدير انا عليل. حذف لانه معلوم وهذا على الاصل ولكن جاء مع الاصل امر يؤكد ضرورة الحذف وهو ان المقام مقام توجع والم هذا يناسبه الايجاز فالمقام في الحقيقة مقام ايجاز. واما الرغبة في عدم الذكر فمن امثلته ان تقول الام للاب كسر اناء فاشتري لنا غيره. الذي كسر الاناء مجهول للسامع وهو الاب فلماذا لم تذكره؟ لم تذكره لانها لا تحب ذكره. او تحرص على عدم ذكره لان في ذكر الذي كسر الاناء وهو ابنها الصغير تعريضا له لاذى او ضرب من ابيه مثلا. فتقول كسر الاناء ولو قالت كسر الولد الاناء ها؟ لربما ضربه الاب. فهي صارت في حالة لا ترغب فيها في ذكر الامر مع انه مجهول كان الاصل ان يذكر. وهذا يؤكد لك ان الاحوال تتعدد والتأمل في كلام الناس يكشف كثيرا من الاسرار اعتذر ان حصل شيء من الاطالة واسأل الله ان يجعل هذه الكلمات نافعة لي ولكم وان يرزقنا القبول وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين