الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فان للناس بعد مواسم الطاعات واوقات الخيرات حالان اثنان. ينتحل كل واحد منهم هما فئام كثير من الناس. احداهما حال الاضطراب. والاخرى حال الانكسار فاما حال الاضطرار فالمراد بها ان العبد يستكثر ما قدمه من عمل. فيصير منتفشا به متكبرا على غيرك. فهو ينظر لنفسه بالزهو والفخر. انه عمل وعمل عمل فصام وقام وقرأ وتصدق واعتمر وينظر الى غيره بالازدراء والعين بانهم مفرطون ومقصرون ولم يعملوا كما عمل وانهم بعيدون عن ربهم سبحانه وتعالى وهذه الحال حال مذمومة. وقد حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا لا تغتروا اي لا ينبغي للعبد ان يغتر في كل ما يتعلق به. ومن جملة ذلك اعماله الصالح فاعماله التي قدمها في مواسم الطاعات من صيام وقيام وصدقة وقراءة للقرآن قال وذكر لله ودعائه واستغفاره لا ينبغي ان يغتر بها. لانها وان كثرت فهي ففي حق الله سبحانه وتعالى قليلا. وعاقبة الاغترار وخيمة. وفي سنن ابي داوود ان رجلا عابدا قال والله لا يغفر الله لفلان. يعني رجلا اسرف على نفسه بالذنوب. فقال الله من ذا الذي يتألى عليه؟ لقد غفرت له. ثم قال خذوا عبدي الى النار. اي خذوا العابد الذي اغتر بما هو عليه من الحال ورأى ان منزلته الجنة وان منزلة غيره النار فصار متحكما في خلق الله في عواقبهم فعاقبه الله سبحانه وتعالى بان ادخله النار. وقد قال سعيد بن جبير ان الرجل ليعمل الحسنة يدخل بها النار. ان الرجل ليعمل الحسنة يدخل بها النار ووجه ذلك ان عامل الحسنة فرح بها وتكبر وصار يمنها على وعلى خلقه فهو اذا جاء موسم من مواسم الطاعات قال قد صمنا رمظان اذا قيل له صوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده قال قد صمنا رمظان. واذا قيل له تصدق في كذا وكذا قال قد تصدقنا في رمضان. واذا قيل له لماذا لا تقرأ شيئا من القرآن؟ قال قد قرأنا في رمضان فهو لا يزال يذكر اعماله يمن بها على ربه سبحانه وتعالى ويمن بها على خلقه ويرى ان له حقا ومنزلة وركبة. فهذه الحال المرذولة المخذول صاحبها عاقبتها وخيمة. لانها بصاحبها الى النار ينبغي ان يحذر العبد من ان يكون مغترا بعمله. وان يعلم ان عمله الذي قدم هو نزر يسير من قدر كتير. واجب للغفور الكبير سبحانه وتعالى. فالاعمال التي نعملها لا تقابل النعماء التي نحن فيها. فالمرء اذا نظر الى نفسه وكيف ركب الله عز وجل صورته؟ وما جعل له من الآلة من سمع وبصر وعقل وما اتاه من لسان وما متعه فيه من مال وزوجة وبنين الى غير ذلك من انواع النعماء الخاصة والعامة عرف ان هذا شيء يسير. واحدنا يعمل في دائرة حكومية او اهلية ساعات طويلة. ليأخذ في شهره عشرة الاف او عشرين الف او تلاتين الف ويكون عمله عادة من ثمان ساعات الى عشر ساعات. هذا عملك لخلق الله فكيف عملك لله؟ وكيف ينبغي ان يكون لك من العمل عنده حتى تأخذ من الجزاء منه سبحانه وتعالى فكما تنصب في طلب الدنيا في وظيفة ثماني ساعات وعشر ساعات هل تنصب لله سبحانه وتعالى ساعتين من يوم كل احد اعلم بنفسه لكننا مهما اوتينا من عمل لا نقابل نعماء الله سبحانه وتعالى علينا واما الحال الثانية فهي حال الانكسار. بان ينكسر العبد لله. وان يعلم ان ما هو فيه من الخير كله من الله. فالذي اجلسك وهيأك للاقبال على الصلاة. وحضور مجالس الذكر والقدرة على الصيام هو الذي خذل اخرين منعوا منها. ففي رمضان يفطر اناس لا وفي رمظان ينام اناس لا يصلون. وفي رمظان يجاهر اناس بالفحش الكبائر. فمن الذي فرقك عن هؤلاء وميزك بينهم؟ هو فضل الله سبحانه وتعالى. لو شاء كنت ايضا مثلهم. فالقلب بين اصابع الرحمن. فالله عز وجل الذي جعلك في هذه الحال من الاقبال عليه ورجاء ما عنده والمسارعة الى طاعته والحرص على ابواب الخير في موسم البركات ينبغي ان خسر له وان تعرف انه بعونه وفضله ورحمته تيسر لك هذا الخير. وان هذا الخير ينبغي ان تقابله بالرغبة والطمع فيما عنده والا ترى لنفسك شيئا. ولذلك كان كمل الخلق من الانبياء يقرون بحال الانكسار لله عز وجل. فالابوان ادم وحواء عليهما الصلاة والسلام لما وقع منهما ذنب واحد قال ربنا انا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. هذا ذنب واحد استحضر هذا المعنى من الانكسار لله. ونحن الذين لنا ذنوب وذنوب هل نشهد هذا المعنى فنكون منكسرين لله سبحانه وتعالى لذنوبنا التي اقترفناها وسيئاتنا التي اتيناها وموسى عليه الصلاة والسلام قال ربي اني لما انزلت الي من خير الفقيه ربي اني لما انزلت الي من خير فقير. فاقر بفقره وحاجته وعوزه الى الله سبحانه وتعالى فيما انزله من الخير. وهذا الخير ليس مجرد ما يكون الانسان فيه من متاع الحياة الدنيا اعظم الخير ان جعلك الله عبدا له. جعلك مسلما موحدا لم يجعلك يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وثنيا ثم قل بعد هذا ما شئت من الخير. فكل هذا الخير الذي انت عليه ينبغي ان تكون موسى عليه الصلاة والسلام من الانكسار في افتقاره وحاجته لله سبحانه وتعالى. والعاقل اذا زاده الله خيرا ازداد لله انكسارا. اذا زادك الله خيرا من الاقبال عليه ومناجاته والحرص على الصلوات الخمس ورواتبهن والصيام والقيام وقراءة القرآن والصدقة والذكر والدعاء والاستغفار ينبغي ان تظهر لله حاجتك وفاقتك وانك لا غنى لك عن الله طرفة عين وقل مثل هذا فيما انت فيه من خير مادي من صحة وعافية وامن ورخاء وغير ذلك من انواع الآلاء الظاهرة والباطنة التي ينبغي ان تجعل العبد منكسرا لله عز وجل محمد صلى الله عليه وسلم وهو اعظم الناس انكسارا لربه وتواضعا له كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه اي اذا ثم تقول له عائشة يا رسول الله لقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول يا عائشة افلا اكون عبدا شكورا يعني مهما بلغت من محبة الله والاقبال عليه واظهار طاعته منكسرا له ينبغي ان تتذكر ان انه ينبغي عليك ان تزيد وان تكون عبدا شكورا لله. وهذه المرتبة مرتبة الشكور قليلة ولذلك قال الله عز وجل انا خلقنا الانسان من نطفة امشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. انا هديناه السبيلا اما ايش؟ شاكرا واما كفورا. شاكر ليس شكور اكثر الناس شاكر ولذلك قالوا وقليل من عبادي الشكور. لكن لما ذكر الكفر قال كفورا. يعني كثير منهم يكفرون نعمة الله سبحانه وتعالى. والشاكر قليل واقل من القليل الشكور. وهو الذي لا يزال يتصل لله. بعضه ببعض ويعلم انه مهما شكر لله فحق الله سبحانه وتعالى اعظم. فينبغي للمرء ونحن على مشارف انقضاء رمضان اعاده الله علينا وعليكم بالعفو والعافية والصحة والايمان ونحن على مشاربه ينبغي ان ينكسر الانسان لله. والا يغتر باعماله ان يعلم ان ما هو فيه من الخير ومن الله. وان هذا الخير الذي هو فيه يقتضي ان يكون مقرا لربه بنعمته معترفا بها. سائلا الله الزيادة منها. حريصا عليها. مبقيا لها في نفسه وفي زوجه وفي اهله. فالتلذذ بالطاعات والثبات عليها يفوق كل نعمة في الدنيا واذا اوصلك الى هذا الله عز وجل هذه النعمة فكن لها منكسرا فكن له منكسرا وعليها حريصا ومنه سائلا الزيادة واياك والاغترار باعمالك. اياك ان تعد اعمالك. كان ابن مسعود يقول عدوا سيئاتكم وانا كفيل بان يعد الله حسناتي. يعني انت عد سيئاتك لتبكي عليها وتستغفر منها لن تضيع ابدا. قال الله تعالى ان الله لا يظلم مثقال ذرة. الذرة لا تظلم وان تك حسنة يضاعفها. ويؤتي من لدنه اجرا عظيما. فلا تحملوا هم حسناتكم. واحملوا هم سيئاتكم ومن حمل هم السيئات انكسر ولم يغتر كما قال ابن مسعود ان الفاسق او قال المنافق يرى ذنبه كذباب وقع على انفه فقال بيده هكذا. وان المؤمن يرى ذنبه كجبل يخشى ان يقع عليه. يخاف ذنبه هذا الذي فعله ان يكون سببا لغضب الله سبحانه وتعالى عليه. والعبد ما يدري متى يؤاخذ بذنوبه ومتى تخذله ذنوبه ولذلك من واقع ذنبا وكل ناداك لا يزال يحرص على الاستغفار والتوبة وقد قال الله في الحديث القدسي يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار. وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم. فبين اننا نواقع الذنوب لكن قال لنا فاستغفروني امرنا بالاستغفار ثم وعدنا بالمغفرة فقال اغفر لكم مهما بلغ الانسان من السيئات فمغفرة الله عز وجل اعظم. وفي قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم اراد ان يتوب فسأل عن احد يسأله فدل على عابد. فقال له هل لي توبة؟ قال لا قوة له. فقاتله فكمل المئة. مئة مئة نفس وقتل النفس كبيرة من الكبائر. هل اذا كانت نفس واحدة فكيف اذا كانت مئة نفس؟ ثم دل على رجل اخر وكان عالما فقال هل لي من توبة؟ قال ومن يمنع فمن التوبة ثم امره ان يتحول من قريته لانها قرية سوء الى قرية اخرى. فخرج الرجل قاصدا القرية الاخرى فلما كان في الطريق جاءه الموت. فمات وهو في الطريق. فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. يعني الملائكة اختصموا هذا الرجل الذي اصاب قتل مئة نفس. هل حقه العذاب؟ فتأخذه ملائكة العذاب؟ او حقه الرحمة؟ لانه اراد ان يتوب لكنه لم يصل الى القرية التي تكمل توبته فيها. فاتفقوا على ان يقيسوا ما بين القريتين فالى ايهما اقرب تأخذه الملاهي؟ فاذا صار اقرب الى القرية الفاسقة اخذته ملائكة العذاب واذا كان اقرب الى القرية المطيعة اخذته ملائكة الرحمة. فقاسوا ما بين القريتين فوجدوه اقرب الى قرية الطاعة بدفعة صغيرة. يعني بصدره يوم دفعت لما جاه الموت ودفع صدره. يعني اقل من صار اقرب فاخذته ملائكة الرحمة ورحمه الله سبحانه وتعالى. هذا هو قتل مئة نفس لكن عقد النية على ان يتوب الى الله سبحانه وتعالى. وصدق مع الله عز وجل. وهكذا ينبغي ان نكون نحن لا نغتر باعمالنا ونخاف من ذنوبنا ونرجو رحمة الله سبحانه وتعالى. قال تعالى انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا خوفا وطمعا وقال تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع ويدعون ربهم خوفا وطمعا. ينبغي ان يحرص الانسان على ان يجمع هذين امرين يخاف الله ويطمع في رحمته. لا يغتر باعماله وينكسر لربه. فيجد الخير في الدنيا والاخرة. اسأل الله سبحانه وتعالى ان يرزقنا خيره وان يهدينا سبله وان يوفقنا لطاعته. اللهم حبب الينا الايمان زينه بقلوبنا وكره بين الكفار والفسوق والعصيان واجعلنا من عبادك الراشدين. اللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها. انت وليها ومولاها. اللهم وكما قربتنا من تمام هذا الشهر فارزقنا ختامه. اللهم بلغنا ختامه. اللهم بلغنا ختامه. اللهم اجعلنا ممن صامه ايمانا واحتسابا وجعلنا ممن قامه ايمانا واحتسابا واجعلنا ممن قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا. اللهم اجعلنا ممن ختم له رمضان بالجنة والنجاة من النيران والحمد لله رب العالمين