الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه لمشايخه وللمسلمين اجمعين. وباسنادكم حفظكم الله تعالى الى شيخ الاسلام احمد بن عبدالحليم ابن تيمية رحمه الله انه قال في كتابه مقدمة في اصول التفسير. بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر واعن برحمتك. الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما. اما بعد فقد سألني بعض الاخوان ان يكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه والتمييز في منقول ذلك ومعقوله بين حق وانواع الاباطيل والتنبيه على الدليل الفاصل بين الاقاويل. فان الكتب المصنفة بالتفسير مشحونة بالغث والسمين. والباطل الواضح بالحق المبين والعلم اما نقل مصدق عن معصوم واما قول عليه دليل معلوم. وما سوى هذا فاما مزيف مردود واما وقوف لا يعلم انه بهرج ولا منقود وحاجة الامة ماسة الى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم. الذي لا تزيغ به الاهواء ولا يلتمس به الالسن ولا يخنق على كثرة الترديد ولا تنقضي عجائبه. ولا يشبع منه العلماء. من قال به صدق ومن عمل ومن حكم به عدل ومن دعا اليه هدي الى صراط مستقيم. ومن تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى اضله الله. قال تعالى فان يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا قشطة ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى تني اعما قد كنت بصيرا. قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى. وقال تعالى جاءكم وسننا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب واعفو عن كثير. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم. وقال تعالى الف لام راء. كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد الله الذي لهما في السماوات وما في الارض. وقال تعالى وكذلك اوحينا اليك من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا. ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء ومن عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم. صراط الله الذي لهما في السماوات وما في الارض انا الى الله تصير الامور. وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من املاء الفؤاد الى سبيل الرشاد ابتدأ المصنف رحمه الله كتابه بالبسملة والحمدلة ودعاء الله وذكر الشهادتين لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ووقع في كلامه التفريق بين الدعاء والشهادة. فدعا بالجمع قائلا نستعينه نستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وذكر الشهادة مفردة فقال واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. تبعا للوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطوة الحاجة عند اصحاب السنن والنكتة الداعية الى هذا ان الدعاء يقبل النيابة فيدخل العبد فيه غيره. واما الشهادة فلا تدخلها النيابة فلا يدخل العبد فيها معها غيره. والداعي الى هذا ان الدعاء يقبل النيابة فيدخل معه فيه المرء غيره. واما الشهادة فانها لا تقبل النيابة. فلا يدخل العبد فيها غيرة. فيدعو لنفسه وغيره قائلا نستعينه ونستغفره. ويذكر الشهادة ذكره المصنف نفسه فيما نقله عنه صاحبه ابو عبد الله ابن القيم في تهذيب بسنن ابي داوود ثم ذكر في دباجة كلامه ان هذه المقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن الكريم. وهذه القواعد المشار اليها مندرجة في علم التفسير لكن الناس يتنازعون في محلها منه فمنهم من يعدونها في اصوله. فيقولون هي في اصول التفسير ومنه تسمية هذا الكتاب بمقدمة في اصول التفسير فان هذا الاسم لم يكن من وضعه رحمه الله. وانما اثبته اسما له ناشر الكتاب الاول من علماء ال الشرط ثم شهر هذا الكتاب باسم المقدمة في اصول التفسير ومن الناس من يعد هذه القواعد المذكورة في هذا الكتاب من قواعد التفسير فيجعلها من جملة ما يرجع الى قواعده لا الى اصوله والفرق بين المقامين ان اصول التفسير هي المعاني التي اشيد عليها هي المعاني التي يشيد عليها فهي الاسس التي يفضي اعمالها الى المكنة في تفسير القرآن فهي الاسس التي يفضي اعمالها الى المكنة في تفسير القرآن. واما قواعد التفسير فهي النتائج المنتجة من اعمال اصول التفسير واستقرائه كله. واستقرائه كله مجموعة فيما يدل عليها ويرشد اليها حذو المعنى الموجود عند الفقهاء في اصول الفقه وقواعد الفقه وهم اتم نظرا في الفصل بين العلمين فالاصول مقدمات والقواعد نتائج واما في علم اصول التفسير واما في علم التفسير فلم تزل انظار اهله تنتاب هذا المورد فتارة تجعله اصولا وتارة تجعله قواعدا. واعمال النظر الدقيق الذي به الفقهاء يفضي الى الفصل بينهم. وان اصول التفسير بمنزلة الالة التي تعمل فيه لاستخراج معانيه وان قواعد التفسير هي ما ينتج من اعمال تلك الالة واستقراء بعد فمثلا قوله تعالى ان الانسان لفي خسر يقال وفق اصول التفسير ان تدل على العموم فهي الاستغراق افراد الجنس فمعنى الاية جميع جنس الانسان في خسر فاعمال تلك الالة افضى الى التعريف بمعنى تلك الاية ويقال مثلا بما صح عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال كل ما في قرآني سلطان فهو حجة. كل ما في القرآن سلطان فهو حجة. رواه وغيره واسناده صحيح فان الجملة المذكورة من كلام ابن عباس رضي الله عنهما حقيقة بان يطلق عليها انها قاعدة من قواعد التفسير لان اعمال اصول التفسير في تلك الاية المشتملة على كلمة سلطان ثم اقراء نتائجها وجمعها في صعيد واحد افضى الى هذه القاعدة من قواعد التفسير وهي ان كل سلطان ان في القرآن حجة. والمذكور في هذا الرسالة يكون تارة من اصول التفسير ويكون تارة من قواعده. فاشبه شيء ان المصنف لم يرد بقوله قواعد تعين على فهم القرآن ما يراد بمعنى القاعدة اصطلاحا. وانما اراد انها اسس عامة تعين في فهم القرآن الكريم. ترجع تارة الى اصول التفسير وترجع تارة اخرى الى قواعد التفسير. ولم يزل هذا العلم بكرا ليس في تصانيف اهله الحسم في تمييز اصوله عن قواعده. وقديما ذكر الزركشي في كتابه في قواعد الفقه لما عدد العلوم ان علم التفسير علم لم انضج ولم يحترق. وذكر المصنف رحمه الله في جملة ما ذكر ان العلم اما نقل عن معصوم اي محفوظ فالعصمة هي الحفظ. واما قول عليه واما قول عليه دليل معلوم وما سوى هذا فاما مزيف مردود واما موقوف لا يعلم انه رجل ولا منقود. والبهرج هو الشيء الرديء هو الشيء الرديء فما لم يعلم كونه صحيحا ولا مردودا فانه يتوقف فيه لانه لا يطلع على رداءته بكونه بهرج ولا على جودته بكونه منقودا ثم ذكر رحمه الله نعوتا لكتاب الله سبحانه وتعالى. جاءت في حديث علي رضي الله عنه وسيأتي ذكره في موضع مستقبل من كلامه. منها قوله لا تزيغ به الاهواء. اي لا تميل به اهواء اي لا تميل به اهواء الخلق ومنها قوله ولا تلتبس به الالسن. اي لا تختلط به الالسن ومنها قوله لا يخلق عن كثرة الترديد اي لا يبلى فتذهب جدته كلما ما ردد اي لا يبلى فتذهب جدته كلما ردد. بل هو بترديده يزداد بهاء وثناء تمام