احسن الله اليكم قال رحمه الله فصل في نوعين اختلاف في التفسير المستند الى النقل والى طريق الاستدلال. الاختلاف بالتفسير على نوعين منهما هو منهما مستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك اذ العلم اما نقل مصدق واما استدلال محقق والمنقول اما عن المعصوم واما عن غير المعصوم والمقصود بان جنس المنقول سواء كان عن المعصوم او غير المعصوم وهذا هو النوع الاول فمنه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه. وهذا القسم الثاني من المنقول وهو ما لا طريق لنا الى الجزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه. والكلام فيه من فضول واما ما يحتاج المسلمون الى معرفته فان الله تعالى نصب على الحق فيه دليلا فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلاف في لون كلب اصحاب الكهف. وفي البعض الذي ضرب به قتيل موسى من البقرة وفي مقدار سفينة نوح وما كان كان خشبها وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك. فهذه الامور طريق العلم بها النقل فما كان من هذا منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى انه خضر فهذا معلوم وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن اهل الكتاب كالمنقول عن كعب ووهب ومحمد ابن اسحاق وغيرهم ممن يأخذ عن اهل الكتاب فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه الا بحجة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فاما ان يحدثوكم بحق فتكذبوه واما ان يحدثوكم بباطل فتصدقوه وكذلك ما نقل عن بعض التابعين وان لم يذكر انه اخذه عن اهل الكتاب فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض اقوالهم حجة على بعض وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس اليه اسكن مما نقل عن بعض التابعين. لان احتمال ان يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم او من بعض من سمعه منه اقوى ولان نقل الصحابة عن اهل الكتاب اقل من نقل التابعين. ومع جزم الصاحب بما يقوله كيف يقال انه اخذه عن اهل الكتاب وقد عن تصديقهم والمقصود ان مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيده حكاية الاقوال فيه هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته وامثال ذلك واما القسم الاول الذي يمكن معرفة الصحيح منه فهذا موجود فيما يحتاج اليه ولله الحمد فكثيرا ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي امور منقولة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء صلوات الله عليهم وسلامه والنقل صحيح يدفع ذلك بل هذا موجود فيما مستنده النقل وفيما قد يعرف بامور اخرى غير النقل. المقصود ان المنقولات التي يحتاج اليها في الدين قد نصر الله عز وجل الادلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره. ومعلوم ان المنقول بالتفسير اكثره كالمنقول في المغازي والملاحم. ولهذا قال الامام واحمد رحمه الله ثلاثة امور ليس لها اسناد. التفسير والملاحم والمغازي ويروى ليس لها اصل اي اسناد. لان الغالب عليه المراسيم مثل ما يذكره ابن الزبير والشعبي والزهري وموسى بن عقبة وابن اسحاق ومن بعدهم كأحد بن سعيد الاموي. والوليد ابن مسلم ونحوهم في الموازي. فان اعلم الناس الموازي اهل المدينة ثم اهل الشام ثم اهل العراق فاهل المدينة اعلم بها لانها كانت عندهم واهل الشام كانوا اهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد اختيار ما ليس لغيرهم ولهذا عظم الناس كتاب ابي اسحاق المزاني الذي صنفهم في ذلك وجعلوا الاوزاعي اعلم بهذا الباب من غيره من علماء الامصار واما التفسير سيروا فان اعلم الناس به اهل مكة لانهم اصحاب ابن عباس رضي الله عنهما كمجاهد وعطاء ابن ابي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وغيره من اصحاب ابن عباس سعيد بن جبير وامثالهم وكذلك اهل الكوفة من اصحاب عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه ومن ذلك ما تميزوا به على غيرهم. وعلماء اهل المدينة بالتفسير زيد ابن اسلم الذي اخذ عنه مالك التفسير واخذه عنه ايضا ابنه عبدالرحمن وعنه عبد الله ابن وهب والمراسيم اذا تعددت طرقها وخلت عن قصدا او اتفاقا بغير قصد كانت صحيحة قطعا فان النقل اما ان يكون صدقا مطابقا للخبر واما ان يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب او اخطأ فيه. فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ ان كان صدقا بلا ريب فاذا كان الحديث جاء من جهتين او جهات وقد علم ان المخبرين لم يتواطؤوا على اختناقك. وعلم ان مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتفاقا بلا قصد علم انه صحيح. مثل شخص يحدث عن واقعة جرت ويذكر تفاصيل ما فيها من الاقوال والافعال. ويأتي شخص اخر قد علم انه لم يواطئ الاول في ذكر مثل ما ذكره الاول من تفاصيل الاقوال والافعال في علم قطعا ان تلك الواقعة حق في الجملة فانه لو كان كل منهما ما كذب بها عبدنا واخطأ لم يتفق من عادته ان يأتي كل منهما بتلك التفاصيل التي تمنع العادة اتفاق الاثنين عليها بلا مواطأة من احدهما لصاحبه. فان رجل قد يتفق ان ينظم بيتا وينظم الاخر مثله او يكذب كذبة ويكذب الاخر مثلها. اما اذا انشأ قصيدة طويلة ذات فنون على قافية الم تجن العادة بان غيرهم ينشئ مثلها لفظا ومعنى مع الطول المفرط بل يعلم بالعادة انه اخذها منه وكذلك اذا حدث حديثا طويلا فيه فنون تتأخر بمثله فانه اما ان يكون وطأه عليها واخذه منه او يكون الحديث صدقا. وبهذه الطريق يعلم صدق عامة ما تتعدد جهاته المختلفة على هذا الوجه من المنقولات وان لم يكن احدهما كافيا اما لارساله واما لضعف ناقله. لكن مثل هذا لا تغبط به الالفاظ والدقائق التي لا تعلم بهذه الطريق بل يحتاج ذلك الى طريق يثبت بها مثل تلك الالفاظ والدقائق. ولهذا ثبتت غزوة بدر بالتواتر وانها قبل احد. فليعلم قطعا ان حمزة وعليا وابا عبيدة رضي الله عنهم برزوا الى عتبة وشيبة الوليد. وان عليا قتل الوليد وان حمزة قتل قدمه ثم يشك في هل هو عتبة ام شيبة؟ وهذا الاصل ينبغي ان يعرف فانه اصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات بالحديث والتفسير والمغازي. وما ينقل من اقوال وافعالهم وغير ذلك. ولهذا اذا روي الحديث الذي يتأتى فيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهيه. مع العلم بان احدهما لم يأخذ وعن الاخرين جزم بانه حق لا سيما اذا علم ان نقالته ليسوا ممن يتعمد الكذب. وانما يخاف على احدهم النسيان والغلط. فان من عرف الصحابة كابن مسعود ابي بن كعب وابن عمر وجابر وابي سعيد وابي هريرة رضي الله عنهم وغيرهم علم يقينا ان الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلا عن من هو فوقهم. كما يعلم الرجل من حال من جربهم وخبره خبرة باطنة طويلة انه ليس ممن يسرق اموال الناس ويقطع طريق ويشهر بالزور ونحو ذلك. وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة فان من عرف مثل ابي صالح السمان والاعرج وسليمان ابن يسار وزيد ان يسلموا امثالهم علم قطعا انهم لم يكونوا ممن يتعمدوا الكذب في الحديث. فضلا عن من هو فوقهم مثل محمد ابن سيرين والقاسم ابن محمد او سعيد ابن المسيب او عبيدة السلمانية وعلقمة او الاسود او نحوهم. وانما يخاف على الواحد من الغلط فان الغلط والنسيان كثيرا ما يعرض للانسان. ومن فاظما قد عرف الناس بعده عن ذلك جدا كما عرفوا حال الشعبي والزهري وعروة وقتالة والثوري وامثالهم لا سيما الزهري في زمانه والثوري في زمانه فانه قد يقول القائل ان ابن شهاب الزهري لا يعرف له غلط مع كثرة حديثه وسعة حفظه والمقصود ان الحديث الطويل اذا روي مثلا من وجهين مختلفين من غير مواطئة امتنع عليه ان يكون غلطا كما امتنع ان يكون كذبا. فان الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وانما يكون في بعضها فاذا روى هذا قصة طويلة متنوعة ورواها الاخر مثلما رواها الاول من غير مواطئة الغلط في جميعها كما امتنع الكذب في جميعها من غير مواطئة. ولهذا انما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة مثل حديث الشراء النبي الله عليه وسلم البعير من جابر فان من تأمل طرقه وعلم قطعا ان الحديث صحيح وان كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن وقد بين ذلك البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه فان جمهورنا في البخاري ومسلم مما يقطع بان النبي صلى الله عليه وسلم قاله لان غالبه من هذا النحو ولانه قد تلقاه اهل العلم والتصديق والامة لا تجتمع على خطأ. فلو كان الحديث كذبا في نفس الامن والامة مصدقة او قابلة له. لكانوا قد اجمعوا على تصديق ما هو في نفس الامر كذب وهذا اجماع على الخطأ وذلك ممتنع. وان كنا نحن بدون الاجماع نجوز الخطأ والكذب على الخبر فهو كتجويزنا قبل ان نعلم الاجماع على العلم الذي ثبت بظاهر او قياس ظني ان يكون الحق في الباطن بخلاف ما اعتقدناه فاذا اجمعوا على الحكم جزمنا بان الحكم ثابت باطلا وظاهرا. ولهذا كان جمهور اهل العلم جميع الطوائف على ان خبر الواحد اذا تلقته الامة بالقبول تصديقا له او عملا به انه يوجب العلم في اصول الفقه من اصحاب ابي حنيفة ومالك والشافعي واحمد الا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من اهل الكلام انكروا ذلك ولكن كثيرا من اهل او اكثرهم يوافقون الفقهاء واهل الحديث والسلف على ذلك وهو قول اكثر من اشعريتك ابي اسحاق وابن فورك. واما ابن الباقلاني الذي انكر ذلك وتبعه مثل ابي المعالي وابي حامد وابن عقيل وابن الجوزي وابن الخطيب والامجي ونحو هؤلاء. والاول هو الذي ذكره الشيخ ابو حامد ابو الطيب ابو اسحاق وامثاله من ائمة الشافعية وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب وامثاله من المالكية وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي وامثاله من الحنفية وهو الذي ذكره ابو روي على بن الخطاب وابو الحسن الزاوني وامثالهم من الحنبلية واذا كان يجمع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار في ذلك باجماع اهل العلم بالحديث كما ان الاعتبار بالاجماع على الاحكام باجماع اهل العلم بالامر والنهي والاباحة. والمقصود هنا ان تعدد الطرق مع عدم التشاعر او الاتفاق في العادة يوجب العلم اما بمضمون المنقود لكن هذا ينتفع به كثيرا في علم احوال الناقلين. وفي مثل هذا ينتفع برواية المجون والسيء الحفظ وبالحديث المرسل نحو ذلك ولهذا كان اهل العلم يكتبون مثل هذه الاحاديث ويقولون انه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره قال احمد رحمه الله قد اكتب حديث الرجل يعتبره ومثل ذلك بعبدالله ابن لهيعة قاضي مصر. فانه كان من اكثر الناس حديثا ومن خيار الناس. لكن بسبب احتراق كتبه وقع في حديثه متأخر يا غلط فصار يعتبر بذلك ويستشهد به. وكثيرا ما يقترنه هو والليث ابن سعد والليث حجة ثبت امام وكما انهم يستشهدون ويعتبرون بحديث النبي فيه سوء حفظ. فانهم ايضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط اشياء تبين لهم غلط فيها بامور بها ويسمون هذا علم علل الحديث وهو من اشرف علومهم بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه وغلط فيه عرفت اما بسبب ظاهر كما عرفوا ان النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وانه صلى الله عليه وسلم صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس تزوجها حراما وكونه لم يصلي مما وقع فيه الغلط. وكذلك انه اعتمر اربع عمر. وعلموا ان قول ابن عمر رضي الله عنه انه اعتمر في رجب مما وقع فيه الغلط. وعلموا انه صلى الله عليه وسلم تمتع وهو امن في حجة الوداع. وان قول عثمان رضي الله عنه لعلي كنا يومئذ خائفين مما وقع فيه الغلط وان ما وقع في بعض طرق البخاري ان النار لا تمتنع حتى ينشئ الله عز وجل لها خلقا اخر مما وقع فيه الغلط وهذا كثير والناس في هذا الباب طرفان طرف من اهل الكلام ونحوه ممن هو بعيد عن معرفة الحديث واهله لا يميز بين الصحيح والضعيف فيشك في صحة احاديث او في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند اهل العلم به. اطراف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به كلما وجد لفظا في حديث قد رواه ثقة او رأى حديثا باسناد ظاهره الصحة يريد ان يجعل ذلك من جنس ما جزم اهل العلم من صحته حتى اذا عارض الصحيح المعروف اخذ يتكلف له التأويلات الباردة او يجعله دليلا في مسائل العلم. مع ان اهل العلم بالحديث يعرفون ان مثل هذا غلط. وكما ان على الحديث ادلة يعلم بها انه صدق يقطع بذلك فعليه ادلة يعلم بها انه كذب ويقطع من ذلك. مثل ما يقطع من كذب ما يرويه الوضاعون من اهل البدع والغلو في الفضائل. مثل حديث يوم عاشوراء وامثاله مما فيه ان من صلى ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبيا. وبالتفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي مثل الحديث الذي يرويه الثعلب هو الواحد والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سوى. فانه موضوع باتفاق اهل العلم والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع. والواحد يصاحبه كان ابصر منهم العربية. لكن هو ابعد عن السلامة واتباع السلف والبغوي تفسيره مختصر عن الثعلبي لكنه صان تفسيره عن الاحاديث الموضوعة والاراء المبتدعة. والموضوعات في كتب التفسير كثيرة منها الاحاديث كثيرة الصريحة بالجهل بالبسملة وحديث علي رضي الله عنه الطويل في تصدقه بخاتمه في الصلاة فانه موضوع باتفاق اهل العلم ومثل ما روي في قوله تعالى ولكل قوم هادئ انه عليم. وقوله وتعيى اذن واعية. اذنك يا علي بعد ان بين المصنف رحمه الله جريان الاختلاف في التفسير بين السلف وان عامته من اختلاف التنوع وذكر انواعه عقد هنا فصلا رام فيه الايقاف على اسباب الاختلاف في التفسير عقد هنا فصلا رام فيه الايقاف على اسباب الاختلاف في التفسير مبينا مبينا منشأه ومثاره الذي اوقع فيه من اوقع فجرى الكلام بينهم على وجه الاختلاف ورد تلك الاسباب الى نوعين الاول اسباب تتعلق بالنقل اسباب تتعلق بالنقل وهي المستندة الى الرواية والاثر وهي المستندة الى الرواية والاثار والثاني اسباب تتعلق بالاستدلال اسباب تتعلق بالاستدلال وهي المستندة الى الدراية والنظر وهي المستندة الى الدراية والنظر والنقل باعتبار من يعزى اليه نوعان. والنقل باعتبار من يعزى اليه نوعان. احدهما النقل عن المعصوم وهو النبي صلى الله عليه وسلم الناقل عن المعصوم وهو النبي صلى الله عليه وسلم والمراد من عصمة لهذا المحل عصمة خبره عن الله عز وجل. والمقصود بالعصمة في هذا هل عصمة خبره عن الله عز وجل فان التفسير خبر عن مراد الله. فان التفسير خبر عن مراد الله. والاخر النقل عن غير اصوم وهو كل من سوى النبي صلى الله عليه وسلم وهو كل من سوى النبي صلى الله عليه وسلم كما ان النقل باعتبار ثبوته له نوعان. كما ان النقل باعتبار ثبوته له نوعان احدهما ما تمكن معرفة الصحيح منه والضعيف. ما تمكن معرفة الصحيح منه والضعيف والاخر ما لا تمكن معرفة ذلك فيه. ما لا تمكن معرفة ذلك فيه. وهذا القسم الثاني عامته لا فائدة منه. وهذا القسم الثاني عامته لا فائدة منه. وهو من فضول كلام واكثر ما فيه مأخوذ عن اهل الكتاب واكثر ما فيه مأخوذ عن اهل الكتاب. والاصل في اخبارهم عن كتبهم والاصل في اخبارهم مما جاء في كتبهم قوله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوه لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا امنا بالله وما انزل الى اخر الاية. رواه بخاري في صحيحه. اما اللفظ الذي ذكره المصنف وعزاه الى الصحيح فقال ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا حدثكم اهل الكتاب فلا تصدقوهم فهذا الحديث ليس في الصحيح. وانما رواه ابو داوود من حديث رجل من الانصار وصححه ابن حبان. واللفظ الوارد في الصحيح هو ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم. وقولوا امنا بالله وما انزل الينا. ثم ذكر المصنف رحمه الله ان المنقولات في التفسير الغالب عليها المراسيل كالمغازل. الغالب عليها المراسيل اي عامة ما فيها مما يضيفه التابعون الى النبي صلى الله عليه وسلم والمراسين لكثرتها في التفسير تشارك باب المغازي. فان عامته ايضا من المراسيل ومنشأ وقوع الامر كذلك انهما من النقل العام الذي لا يفتقر الى خبر خاص انهما من النقل العام الذي لا يفتقر الى خبر خاص. فيكون من الامر المنقول الشائع بين الناس فيكون من الامر المنقول الشائع بين الناس الذي لا يحتاج الى عزوه عن احد بعينه الذي لا يحتاج الى عزوه عن احد عينه فاخبار المغازي النبوية شائعة منشورة في الناس. فاخبار البغازي النبوية شائعة منشورة في الناس ومعاني ايات القرآن شائعة منشورة في الناس. فكان التابعون يخبرون بها مرسلة تبعا لكونها من النقل العام الذي لا يختص باحد معين. ثم ذكر المصنف رحمه الله مراتب الناس في العلوم ومن جملة ذلك مراتبهم في علم التفسير. فبين ان اعلم الناس في التفسير في الصدر الاول هم اهل الحجاز مكة والمدينة. فاهل مكة كاصحاب فاهل مكة اصحاب ابن عباس كمجاهد وطاووس وعطاء وعكرمة واهل المدينة هم اهل الدار الذين نزل فيها كثير من القرآن وفيهم منشأ الاسلام. ومن علماء زيد ابن اسلم وعامة علمه عن ابن عمر وابي هريرة وابيه وعطاء ابن يسار. وعنه اخذ الامام ما لك. وعنه اخذ الامام ما لك. واخذ عنه ايضا ابنه عبدالرحمن ابن وزيد ابن اسلم وكذلك اهل الكوفة من اصحاب ابن مسعود كعلقمة والاسود وابي وائل وعبدالرحمن بن يزيد ثم ذكر المصنف قاعدة في تقوية المراسيل في التفسير وغيره اذا اقترنت بامور متى وجدت ادخلت تلك المراسيل في جملة الصحيح وعدت منه وتلك الامور ثلاثة الاول تعدد تلك المراسيم وكثرتها تعدد تذكر تلك المراسيل وكثرتها فتكون اثنين فاكثر. فتكون اثنين فاكثر والثاني تباين مخارجها تباين مخارجها اي اختلافها. اي اختلافها بحيث يغلب على الظن ان المخبر ليس واحد بحيث يغلب على الظن ان المخبر ليس واحدا فتتعدد بلدان الموصلين تعددوا فتتعدد بلدان المرسلين. فيكون احدهم شاميا ويكون احدهم مكيا ويكون الاخر عراقيا فتباينوا بلدانهم واختلافها متباعدة مع ارسالهم تلك الاحاديث يغلب على الظن ان من اخبر هؤلاء ليس واحدا فكل احد كل واحد احد منهم يأثر خبره عن احد وان لم يسمه. والثالث وجود معنى كلي يجمع بينها تتلاقى عليه. وجود معنى كلي يجمع بينها تتلاقى فاذا وجدت هذه الامور الثلاثة تقوت المراسين وادخلت في جملة الحديث الثابت تقوت المراسيل وادخلت في جملة الحديث الثابت. والثابت هو المعنى كل الذي تجتمع عليه والثابت هو المعنى الكلي. الذي تجتمع عليه دون تفاصيل ما ينفرد به كل طريق عن الاخر دون تفاصيل ما ينفرد به كل طريق عن الاخر فالمراسيل مثلا في فتح مكة في احاديث مختلفة ينفرد كل واحد منها عن الاخر بتفاصيل ليست في غيره لكنها جميعا تجتمع في قصة فتح مكة فيكون الثابت عن طريق تلك المراسيل هو المعنى الكلي الذي تجتمع عليه. اما التفاصيل من فرض به واحد منها عن غيره فهو يبقى على الاصل في المرسل وهو الضعف وهذا الاصل كما قال المصنف ينبغي ان يعرف فانه اصل نافع في الجزم بكثير من في التفسير والحديث والمغازي وهو جادة من طرائق اهل العلم فيما اثبتوه من المنقولات في هذه الابواب وغيرها فلا يليق ترك جادتهم بالتشدد في تلك الاخبار ومحاقتها الى القواعد التي جعلها المحدثون لما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق خاص وتعدد الطرق مع تباين المخارج مما يقوى به الخبر فاذا تعددت الطرق فصارت طريقين فاكثر واختلفت بلدانها كان هذا ادعى الى قوة الخبر المخبر به ولا اذا غلب ان المخبرين لا يتعمدون الكذب. وانما يخشى عليهم الخطأ والنسيان جمهور ما في البخاري ومسلم كما ذكر المصنف مما يقطع ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله لان غالبه على هذا النحو فاخبر به رواة لا يتعمدون الكذب وانما قد يقع من الخطأ والنسيان. وتلقاها اهل العلم بالقبول والتصديق. والامة لا على خطأ ثم قال المصنف ولهذا كان جمهور اهل العلم من جميع الطوائف على ان خبر الواحد اي احاد اذا تلقته الامة بالقبول تصديقا له او عملا به انه يوجب العلم. لان من اهل العلم من المتكلمة من قال انه يوجب علم الى اخر الظن الى اخر كلامه رحمه الله في الصحيح ان خبر الاحادي اذا احتف به شيء من القرائن المؤكدة افاد العلم. ومن جملة تلك القرائن ان تتلقاه الامة بالقبول والتصديق او بالعمل به كما قال المصنف. فالعمل يقع موقع التصديق فان المنقول في الامة من دينها تارة يروى باسانيد صحيحة تدل عليه وتارة يروى بعمل شائع مستفيض فيها لا نكير عليه في طبقات الامة ثم صار في الناس من المتأخرين من ينكر اشياء في باب الخبر او باب طلب جرى عمل السلف على تلقيها بالقبول. وان كان المروي فيها مسندا ضعيفا او لا يوجد فانك تجد احكاما خبرية او طلبية عمود ما فيها مما تبنى عليه هو قولوا المستفيض الذي لم يزل في الامة ولا تجدوا في قدماء العلماء وجهابذة الحفظ والمعرفة من يوهنه او يضعفه او يرده او يبطله او يعده بدعة او خطأ. وانما نشأ هذا عند طائفة من المتأخرين الذين نظروا الى الدين نظرا واحدا جعلوا طريقه فقط هو طريق الاسناد الذي يروي فيه راو عن غيره حتى يسنده الى النبي صلى الله عليه وسلم او غيره وليس دينك ذلك فان من خبر الدين يجد معاني كثيرة منه في باب الخبر او الطلب اكتفي فيها بالنقل العامي المستفيض لشيوعها في الامة وعدم احتياجها الى نقل خاص وهذا موجود في صدر الصحابة فضلا عن من بعده. فمثلا اذا التمست في باب نقض الوضوء بغسل الميت لا تجد عند الحفاظ حديثا صحيحا فيه كما قال البخاري واحمد في اخره. وان كان من المتأخرين من يصحح هذا الحديث وله نظره. لكن الحفاظ الاولين ضعفون تلك الاحاديث وتجد في اثار الصحابة نقض الوضوء بغسل الميت كما ثبت عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما فهذا الباب في ابطال عبادة من العبادات وهو الوضوء ليس فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وانما فيه اثار عن الصحابة فمن بعدهم. ومنشأ هذا عدم الاحتياج فيه الى خاص عنه صلى الله عليه وسلم لان هذا الامر تكرر عليهم في حياته صلى الله عليه وسلم عشرات المرات اومئين من المرات من الصحابة رضي الله عنهم الذين ماتوا في حياته فغسلوا فجروا اهذا الحكم بينهم شائعا مستفيظا؟ ومثله كذلك التكبير في ايامه العشر او غيره فلا تجد فيه حديثا ثابت وتجد فيه اثار الصحابة رضي الله عنهم وتارة لا تجد حديثا ولا اثارا عن الصحابة وان انما تجد فيه اشياء عن التابعين. ثم تجد علماء اهل الحديث كالشافعي واحمد واسحاق يقولون بهذا ولا يقولون بغيره. فلا يمكن ان يكون الدين في هذا شيئا يعرفه المتأخرون لا يعرفه السلف الصالحون وائمة الدين فمن وعى هذا وجعله اصلا ثم سبره في باب الخبر وهو الاعتقاد او وفي باب الطلب وجد شيئا من هذا الضرب الذي ذكرناه. ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ان تعدد مع عدم التشاعر والاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول ان تعدد الطرق مع عدم التشاعل او الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول. والمراد بقوله عدم التشاعر اي عدم شعور بعضهم ببعض واطلاعه عليه. عدم شعور بعضهم ببعض واطلاعهم عليه ونبه المصنف الى انه في مثل هذا ينتفع برواية المجهول وسيء الحفظ وبالحديث المرسل لان بعض بعضها يقوي بعضا وعلى هذا جرى عمل اهل الحديث فانهم يستشهدون ويعتبرون بالحديث الذي سوء حفظ ويقوون بعضه ببعض وكذلك هم يضعفون من حديث الثقة الصدوق ما تبين له لهم غلطه فان الضعيف قد يثبت خبره بمتابعة غيره له وكذلك الراوي الثقة او الصدوق قد يضعف حديثه للاطلاع على خطأه مخالفته لما رواه غيره من الثقات. ولهذا فان اهل الحديث لا يطرد قولهم بان كل حديث رواه ثقة او صدوق انه حديث صحيح او حسن. بل يعتبرون حديثه بحديث غيره يعارضون حديثه بحديث الثقات فربما ضعفوا حديثا رواه ثقة او صدوق لاجل غلطه وهذا هو الذي يسمونه عندهم بعلم العلل وهو اشرف علومهم. وقد ذكر المصنف ان الناس في في هذا الباب طرفان فطرف من اهل الكلام ونحوهم ممن هم بعيد عن معرفة الحديث يشك في بصحة احاديث او القطع بها مع كونها معلومة مقطوعة. مما رواه الثقات كفقه موسى عليه الصلاة والسلام عين ملك الموت فان هذا مما رواه الثقات واخرجه الائمة في احاديثهم. واذا عرض على اهل الكلام ومن يجري مجراهم في زمان في العلوم العقلية كالمنطق والفلسفة زعم ان هذا مما لا يقبل وهذا من الجهل البالغ. لان طريق نقله مما لا يشك فيه من رواية الثقات. ويقابل هؤلاء قوم كلما وجدوا لفظا في رواه ثقة باسناد ظاهره الصحة التزموا صحته وقد يكون غلطا فكما يحفظ الضعيف حديثه تارة ويعلم ذلك بمتابعة غيره من الثقات له فان الثقة يخطئ تارة ويطلع على خطأه بمخالفة الثقات. فليس كل حديث رواه ثقة يكون حديثا صحيحا كما ذكر المصنف فقال كما ان على الحديث ادلة يعلم بها انه صدق وقد يقطع به فعليه ادلة يعلم بها انه كذب ويقطع بكذبه. فتحيط بالحديث اشياء تدل تارة على صدقه والقطع به وان النبي صلى الله عليه وسلم قاله. وتحيطه تارة وتحيط به تارة مرة اخرى اشياء تدل على ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول مثله والمكنة في هذا انما تكون حال الامتلاء من معارف الشرع. فاذا امتلأ صاحب العلم من علم شرع وعرف مدارك الاحكام فيه وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته وسيرته فانه ما كان صحيحا وما كان ثابتا ما كان صحيحا وما كان واهيا بالنظر الى معانيه. فيقول ان هذا الحديث معناه ملاحظ في الشريعة وانه جاء في باب كذا وباب كذا وشاهده بالقرآن كذا وفي الصحيح عند البخاري او مسلم كذا. ويقول ايضا ان هذا الحديث لا لا يمكن ان يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وان صححه من صححه فانه يخالف الاصل المقرر في الدين انه كذا وكذا فهو بقوة مكنته في العلم يميز المعاني. وللمصنف رحمه الله كلام نافع في علامات الحديث الموضوع ذكره في منهاج السنة النبوية مما يدرى بالنظر الى متنه انه حديث لا يقول النبي صلى الله الله عليه وسلم مثله. ولصاحبه ابي عبدالله ابن القيم كتاب نافع جدا في هذا. اسمه نار المنيف في معرفة الحديث الضعيف. جمع فيه جملة من العلامات التي يدرى بها عدم ثبوتها الحديث بالنظر الى متنه. ثم ذكر المصنف ان الموضوعات في كتب التفسير كثيرة مثل لها باحاديث كقوله منها الاحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة الى اخر ما ذكر تعلم الحاجة الى رعاية الاخبار في التفسير. من جهة انه لا يتشدد في نقدها لكن يتفطن الى ما جس فيها من الاحاديث الموضوعات والاخبار الاسرائيلية. ويجري ملتمس العلم في هذا بما جرى عليه المصنفون الاوائل من ائمة الحديث في من ففي التفسير كعبد ابن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن ابي حاتم في اخر فان هؤلاء ينزهون غالبا كتبهم عن الاحاديث الموضوعة والاخبار الاسرائيلية. ولا يوجد عندهم شيء الا مما جرى به كلام السلف رحمهم الله فانهم يسندون غالبا ما يذكرونه في معاني الاية اما في حديث مرفوع واما باثر موقوف عن صحابي او بشيء عن التابعين رحمهم الله تعالى وكمال تصرفهم في العلم بهذا الذي ذكرناه هو الذي ينتفع به في التفسير. اما ما الذي يأتي الى هذه الكتب ثم تجده تحت تفسير اية يضع ضربا على كل ما فيها وانه ضعيف لا يصح فهو يشهد على هؤلاء بالجهل فان هؤلاء يعلمون من معرفة الحديث والرواة وعلله ما لا انت ولا اضرابك ولا ملء الارض مثلك. فاعلم انهم تصرفوا جريا على اصل عام. فانهم قد دون ما ضعف لصحة معناه. فان كثيرا من اخبار السلف تكون تارة موافقة للمنقول في السيرة او في الاحكام عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يرجع الى هذه الاية. ويكون تارة اخرى مما يوافق اللغة. فحين اذ يكون المنقول فيه وان ضعف اسناده فان معناه صحيح. وانما قل الاعتداد بكتب السلف في تفسير القرآن الكريم لما عظم في قلوب الناس التفاسير المتأخرة. فزهدوا في تفسير هؤلاء الائمة. ثم قبح زهدهم فيها تعديهم عليهم بانتقاصهم في صنعة الحديث حتى ان احدهم ربما اخرج لك في تفسير سورة طويلة مما يثبت عنده من الاثار مجرد اثر او اثرين او عشرة. وكأن هذا امام الحافظ الذي اورد عشرات الاحاديث والاثار لا يعي من الحديث ما يعيه هذا. فذلك الحافظ وان قال بضعف ما ضعفته لكنه اخرجه بالنظر الى معناه. والمقصود في التفسير هو المعاني. نعم