فصل ومن انفع الاسباب لزوال القلق والهموم اذا حصل على العبد من النكبات ان يسعى في تخفيفها بان يقدر اسوأ الاحتمالات التي ينتهي اليها الامر ويوطن على ذلك نفسه فاذا فعل ذلك فليسعى الى تخفيف ما يمكن تخفيفه بحسب الامكان. فبهذا وبهذا السعي النافع تزول همومه وغمومه. ويكون بدل ذلك السعي في جلب المنافع وفي دفع المضاد المنشورة للعبد فاذا حلت به اسباب الخوف واسباب الاسقام واسباب الفقر والعدم مما يحبه من المحبوبات المتنوعة. فليتلق وذلك بطمأنينة وتوطين للنفس عليها بل على اشد ما يمكن منها. فان توطين النفس على احتمال المكاره يهونها شدتها وخصوصا اذا اشغل نفسه بمدافعتها بحسب مقدوره فيجتمع في حقه توطين النفس مع السعي النافع الذي يشغل عن الاهتمام بالمصائب ويجاهد نفسه على تجديد قوة المقاومة للمكاره مع اعتماده في ذلك على الله وحسن الثقة ولا ريب ان لهذه الامور فائدتها العظمى في حصول السرور وانشراح الصدور مع ما يؤمله العبد من وبالعاجل والعاجل وهذا مشاهد مجرب. ووقائعه ممن جربه كثيرة جدا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا سببا ثامنا من اسباب السعادة وهو ان يسعى الانسان في تعويد نفسه على تصور ما ينتهي اليه الامر من الغاية وان يوطن نفسه على معاملة الكائن الذي يكون حينئذ فان الانسان اذا روض نفسه هذه الرياضة كان فيها قدرة على احتمال الواردات فمثلا الاقدار المؤلمة اذا لم يروض الانسان نفسه على الصبر على القدر اليسير المؤمن فانه لا يستطيع ان يوطن نفسه بالصبر على القدر العظيم المؤلم. ومن لم يوطي نفسه على الصبر في عثرة قدم فان لا يقدر على الصبر فيما هو اشد من ذلك من الالم. فاذا توطن الانسان على ان يصبر نفسه على هذه الامور اليسيرة فان ذلك يرجع عليه بان يتحمل في الامور العظيمة. فينبغي ان يكون من دأب العبد اذا ضربت اصبعه او عثرت قدمه او ارتطم رأسه ان يعود نفسه على هذا الصبر. وان يتوك التأوه او التعلم الزائد عن قدر الطبيعة حتى اذا ورد والد عظيم يكون عنده من القدرة النفسية ما يستطيع به تحمل هذا الوالد فانه حينئذ عنه القلاقل والبلابل واسباب الخوف واسباب السقم فصل ومن اعظم العلاجات لامراض القلب العصبية بل وايضا للامراض البدنية. قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعال الاوهام والخيالات التي تجلبها الافكار السيئة لان الانسان متى استسلم للخيالات وان فعل قلبه للمؤثرات من الخوف من الامراض وغيرها ومن الغضب التشوش من الاسباب المؤلمة ومن توقع حدوث المكان وزوال المحاب يلقاه ذلك في الهموم والغموم. والامراض القلبية والانهيار العصبي الذي له اثاره السيئة. التي قد شاهد الناس مضارها الكثيرة. ومتى اعتمد القلب على الله وتوكل عليه ولم يستسلم للاوهاب ولا ملكته الخيالات السيئة ووثق بالله وطمع في فضله اندفعت عنه بذلك الهموم والغموم وزالت عنه كثير من الاسقام البدنية والقلبية وحصر القلب من القوة والانشراح والسرور ما لا يمكن التعبير عنه. وكمل مستشفيات ومن المرضى الاوهام والخيالات الفاسدة. وكم اثرت هذه الامور على قلوب كثير من الاقوياء. فضلا عن الضعفاء. وكم مادة الى الحمق والجنون والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الاسباب النافعة المقوية للقلب. الدافعة قلقه. قال تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه. اي كافيه جميع ما يهمه من امر دينه ودنياه اكثروا على الله قوي القلب لا تؤثر فيه الاوهام ولا تزعجه الحوادث لعلمه ان ذلك من ضعف النفس ومن الخور والخوف الذي لا حقيقة له وهو يعلم مع ذلك ان الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة. فيثق بالله ويطمئن لوعده فيزول همه وقلقه ويتبدل عسره يسرا وترحه فرحا وخوفه امنا فنسأله تعالى العافية وان يتفضل علينا بقوة القلب اته بالتوكل الكامل الذي تكفل الله لاهله بكل خير. ودفع كل مكروه وضيق. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا السبب التاسع من اسباب السعادة وهو ان يكون القلب قويا غير ضعيف لا ينزعج بالاوهام العاطلة خيالات الباطلة التي تجلبها واردات الوسوسة بل لا ينفعلوا بما يحرك ذلك من الغضب والحقد واشباه ذلك فيتبع هذه الواردات عنه. واذا قوي القلب كان في ذلك سعادته قد افسد الى هذا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم ان النبي صلى الله الله عليه وسلم قال المؤمن القوي خير واحب الى الله من المؤمن الضعيف. واعظم قوة المؤمن هي قوة قلبه وانما تحصل للعبد قوة القلب بامتلاء القلب بمحبة الله والاعتماد عليه والتوكل عليه سبحانه وتعالى وكمال التأله عز وجل كما سبق ذكره في درس كتاب التوحيد للحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى. فمن توكل على الله ولم يكن في قلبه سواه كان قلبه قويا ثابتا غير متزعزع مع الواردات واثقا بوعد الله محسنا للظن بربه سبحانه وتعالى فتزول همومه وتتبدل غمومه وتنقلب مضرته الى نفع وعسره الى يسر وترحه الى فرح خصمه في قول النبي صلى الله عليه وسلم الا يكفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها خلقا اخر. فائدة عظيمتان احداهما الارشاد الى معاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل وكل من بينك وبينه علاقات واتصال وانه ينبغي ان توطن نفسك على انه لابد ان يكون فيه عيب او نقص او امر تكرهه. فاذا وجدت ذلك فقارن بين هذا وبين ما يجب عليك او من قوة الاتصال والابقاء على المحبة. لتذكر ما فيه من المحاسن والمقاصد الخاصة والعامة. وبهذا الافظاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن تدوم الصحبة والاتصال وتتم الراحة وتحصل لك. الفائدة الثانية وهي زوال الهم والقلق الصفاء والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة. وحصول الراحة بين الطرفين ومن لم يسترشد بهذا الذي النبي صلى الله عليه وسلم بل عكس القضية فلحظ المساوئ وعمي عن المحاسن فلا بد ان يقلق ولابد ان يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة ويتقطع كثير من الحقوق التي على كل منهما المحافظة عليها. وكثير من الناس ذوي الهمم العالية والطنون انفسهم عند وقوع الكوارث والمزعجات على الصبر والطمأنينة لكن عند الامور التافهة البسيطة يقلقون. ويتكدر الصفاء والسبب وفي هذا انه مبطنوا انفسهم عند امور الكبار وتركوها عند الامور الصغار فضرتهم واثرت في راحتهم فالحازم على الامور القليلة والكبيرة. ويسأل الله الاعانة عليها. والا يكله الى نفسه طرفة عين. فعند ذلك يسر عليه الصغير كما سهل عليه الكبير ويبقى مطمئن النفس ساكن القلب مستريحا. فصل العاقل يعلم ان حياته صحيحة حياة السعادة والطمأنينة. وانها قصيرة جدا. فلا ينبغي له ان يقصرها بالهم والاسترسال مع الاكذار فان ضد الحياة الصحيحة فيشح بحياته ان يذهب كثير منها نهبا للهموم والاكتار. ولا فوق في هذا بين البر والفاجر ولكن مؤمنا له من التحقق بهذا الوصف الحظ الاوفر والنصيب النافع العاجل والاجل. وينبغي ايضا اذا اصابه مكروه او خاف منه ان يقال بين بقية النعم الحاصلة له دينية او دنيوية وبينما اصابه من مكروه فعند المقارنة يتظع كثرة ما هو فيه من النعم واضمحلا لما اصابه من المكارم. وكذلك يقارن بينما يخافه من حدوث ظرر عليه. وبين الاحتمالات الكثيرة بالسلامة منها فلا يدع الاحتمال الضعيف فيغلب الاحتمالات الكثيرة القوية. وبذلك يزول همه وخوفه اعظم ما يكون من الاحتمالات التي يمكن ان تصيبه. فيوطن نفسه لحدودها ان حدثت ويسعى في دفع ما لم يقع منا وفي رفع ما فوقع او تخفيفه. ومن الامور النافعة ان تعرف ان اذية الناس لك وخصوصا في الاقوال السيئة لا تضرك بل تضرهم الا ان اشغلت نفسك في الاهتمام بها وسوغت لها ان تملك مشاعرك. فعند ذلك تضرك كما ضرتهم فان انت لم تضع لها بالا لم تضرك شياع واعلم ان حياتك تبع لافكارك فان كانت افكارا فيما يعود عليك نفعه في دين او دنيا. فحياتك طيبة سعيدة والا فالامر بالعكس. ومن انفع الامور طرد الهم ان توطن نفسك على الا تطلب الشكر الا من الله. فاذا احسنت الى من له حق عليك او او من ليس له حق فاعلم ان هذا معاملة منك مع الله. فلا تبالي بشكر من انعمت علي. كما قال تعالى في بحق خواص خلقه انما نطعمكم لوجه الله. لا نريد منكم جزاء ائنوا على شكورا. ويتأكد هذا في معاملة الاهل والاولاد ومن قوي اتصالك بهم. فمتى وطنت نفسك على القاء الشر عنهم فقد ارحت واسترحت. ويتأكدوا هذا. ويتأكدوا هذا في معاملة الاهل اولادي ومن قوي اتصالك بهم فمتى وطنت نفسك على القاء الشر عنهم؟ فقد ارحت واسترحت. اليس ليس للشر هنا مدخل؟ وانما لعلها عليه. نعم. هذا هو الذي يصدقه اول كلامي واخره. نعم. ومن دواعي الراحة اخذ الفضائل والعمد عليها بحسب الداعي النفسي دون التكلف الذي يقلقك وتعود على ادراجك خائف من حصول الفضيلة. حيث سلكت الطريق الملتوي من الحكمة وان تتخذ من الامور الكدرة امورا صافية حلوة. وبذلك يزيد صفاء اللذات وتزول الاكدار اجعل الامور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها. ولا تلتفت الى الامور الضارة لتلهو بذلك عن الاسباب الجالبة للهم والحزن واستعن بالراحة واجماع النفس على الاعمال المهمة. ومن الامور النافعة حسم الاعمال في الحال والتفرغ في المستقبل ان الاعمال اذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الاعمال السابقة وانضافت اليها الاعمال اللاحقة وطأتها فاذا حسمت كل شيء بوقته اتيت الامور المستقبلة بقوة تفكير وقوة عمل. وينبغي ان تتخير من اعمال نافعة الاهم بل الاهم فالاهم وميز بين ما تميل نفسك اليه وتشتد رغبتك فيه فان ضده يحدث والملل والكدر واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة فما ندم من استشار وادرس ما تريد فعله غرسا دقيقا فاذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى تسعة اسباب من اسباب السعادة ختم كتابه هذا بذكر تسع قواعد من قواعد السعادة اولها انه ينبغي على الانسان ان يوطن نفسه على انه لابد ان يكون في من يعامله من الخلق عيب او نقص او امر يكرهه منه واكد ما يكون هذا فيما يكون قريبا من الانسان كاخ او زوجة او قريب او صاحب فانه اذا علم ان الانسان لا يسلم من عيب او نقص فانه عند ذلك لا يشتغل قلبه ولا يضيق صدره بما اتى به من خطأ في حقه والقاعدة الثانية ان من اعظم اسباب زوال الهم والقلق وبقاء الصفاء والمداومة القيام بالحقوق الواجبة تحبه بين المتعاملين من الخلق فان الله سبحانه وتعالى قد رتب بين الخلق حقوقا واجبة ومستحبة فمن قام لهذه الحقوق واعطى كل ذي حق حقه نال من السعادة على قدر ما يؤديه. القاعدة الثالثة ان يعلم الانسان ان حياته صحيحة هي حياة السعادة والطمأنينة. وانها قصيرة جدا فلا ينبغي ان يكدرها بالاحزان وشقاء والهم والغم. وقد عد بعض الملوك السابقين ايام الامس في ولايته. فلن تجاوز احد عشرة يوما فيعلم الانسان ان حياته التي ينبغي ان تكون هي حياته هي حياة الهناء والسعادة. فيحرص عليها ولا لما يشوبها. القاعدة الرابعة انه ينبغي على الانسان اذا اصابه مكروه او خاف منه ان يقارن ان هذا المكروه لوالدي عليه وبين النعم الحاصلة له. فان المقارنة بينهما حينئذ تدفع عن نفسه ما يكون فيها من تشوش ويضمحل اثر ما اصابه من مكروه. ومن رجع الى نفسه بالنظر في نعمة الله عز وجل عجز عن عدها كما قال الله عز وجل وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها القاعدة الخامسة ان تعرف ان اذية الناس لك وخصوصا بالاقوال السيئة لا تضرك شيئا بل تضرهم الا اذا اشتغلت بها فانها عند ذلك تؤثر على قلبك وتشوش خاطرك وتزعج صدرك وتجعله ضيقا حرجا بل ما وردك من هذا الكلام فاعرض عنه ولا تجعل اذنك مفتوحة لاستقبالك. فان الاشتغال بذكر الناس واقوالهم داء يضعف سير الانسان الى الله سبحانه وتعالى القاعدة السادسة ان تعلم ان حياتك تبع لافكارك. فاذا كانت افكار الانسان فيما يعود عليه بالنفع فحين اذ تكون حياته طيبة سعيدة واذا كانت افكاره فيما لا يعود عليه بالنفع صارت حياته تعسة شقية. وهذه القاعدة تتعلق بما سبق ذكره من حراسة في الخواطر فان الانسان اذا لم يحرص خواطره وصارت هذه الخواطر مقلبة فيما لا يحبه الله سبحانه وتعالى ولا يرضاه ولا يأذن به لخلقه فحين اذ تتشوش عليه حياته. القاعدة السابعة ان من انفع الامور لطرد الهم ان يوطن الانسان نفسه على ان لا يطلب من احد من الخلق شكرا فان اكثر الخلق يكفر النعمة التي توصل اليه ويمتنع من الاقرار بالاحسان الذي ارسل عليه. ولذلك كانت علامة العارف كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية انه لا يطالب ولا يعاتب ولا يغالب. فينبغي الا ننتظر شكرا من احد بل تعمل العمل قربة الى الله سبحانه وتعالى. كما جاء في وصف العاملين لله سبحانه وتعالى من خواص خلقه ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا. ثم ذكر الحامل لهم على ذلك بقوله انما نطعمكم لوجه الله. لا نريد منكم جزاء ولا شكورا فمن اعظم ما يطمئن به قلبك وينشرح صدرك الا تنتظر الشكر من احد كائنا بل تنتظر الشكر من ربك سبحانه وتعالى القاعدة الثامنة ان يجعل الانسان نصب عينيه الامور النافعة وان يعمل على تحقيقها ولا يلتفت الى الامور الضارة التي تقطعه عنها ومما يستعين به الانسان للثبات على الامور النافعة ان يتم نفسه ويريح بين الحين والحين فان اجمام النفس اصل من الاصول العظيمة واذا غفل الانسان عن ادمام نفسه فانه يضل ويشقى لان النفس لا تحتمل الثقل عليها فان القلب له قوة كقوة البدن. فكما ان الانسان لا يستطيع ببدنه مثلا ان يرفع اثقالا كثيرة فكذلك قد لا يستطيع بقلبه ان يحمل امورا عظيمة حتى يريح هذا القلب بين مرة واخرى فتحصر له او قوة بهذا الاجمام ومما ينبه اليه ان الاجمام الذي يحصل للنفس به نفع ونحن في طليعة هذه الاجازة هو الاجمام بما اذن الله عز وجل به شرع اما ما يعمل بعض الناس من اجمام نفوسهم فيما يفعلون بالسفر الى بلاد الكفر او فعل المحرمات والموبقات كالاجتماع للمسرحيات المحرمة والاغاني الماجنة والمجامع التي فيها المعاصي ظاهرة كشواطئ بعض البلدان فهذا اتمام يعود على القلب بالالم والعذاب والشقاء. فينبغي ان الانسان ربه عز وجل فيما قصد به من الاجماع وفي بلادنا هذه بحمد الله مرافع خصبة لما يحصل به الانسان لنفسه للثبل الى المناطق الجميلة فيها او المواضع المقدسة كمكة والمدينة فان ذلك فيه خير القاعدة التي تليها ان من الامور النافعة في تحصيل السعادة ان يحسم الانسان الاعمال في الحال. ولا يكون ذا تردد تفرغت لاعمال المستقبل كما قال الشاعر اذا كنت ذراع فكن ذا عزيمة فان فساد الرأي ان تتردد لان متردد تتكاثر عليه الاعمال ولا يستطيع انجاز بعضها على بعض بسبب تأخيرها جميعا. فينبغي ان عود الانسان نفسه بان يبادر الى قضاء ما عليه من اعمال حتى يتفرغ للاعمال المستقبلة الا تكثر عليه القاعدة الاخيرة وعليكم العدل القعيدة الاخيرة انه ينبغي ان يتخير الانسان من الاعمال النافعة الاهم فالمهم فيبتدئ بالامور العظيمة التي يحصل بها صلاة كهذه الاجازة فليس من الامور العظيمة فقط الاجمام كما يبتدع الناس هذه الاجازة بالاجماع ولا يجعلوا في اذهانهم طول هذه الاجازة الا طلب الاجماع فان هذا وقت عظيم. بل ينبغي ان يشتغل الانسان في هذه الاجازة في اوقات كثيرة منها لحفظ شيئا من كتاب الله او كلام النبي صلى الله عليه وسلم او التفقه في الدين ولا يخلي نفسه من الاجمام المأذون به شرعا ثم ان يحمل نفسه على ما يرى انه صالح لها من الاعمال مما تحبه النفس وتميل اليه فان ذلك يدفع عنها التأمة والكدر. اما اذا حملها على شيء لا تستطيعه فانها عند ذلك تسأم وتمل وتتكدر. ويستعين الانسان بمعرفة ينبغي ان يكتبه للاعمال او يصلح له يستعين على ذلك بالفكر الصحيح والمشهورة لاهل العقل الراجح ففي ذلك خير كثير فانه ما ندم من استخار الخالق واستشار المخلوق. فالانسان في اعماله بين استخارة للخالق للمخلوق فالخالق سبحانه وتعالى له العلم بالامور الباطنة التي لا ندركها والمخلوق له العلم بالامور الظاهرة التي يدركها فاذا صار الانسان جامعا بين استخارته لخالقه واستشارته لمخلوقه استقام له امره وهذا اخر التقرير على هذه الرسالة النافعة العظيمة التي انصح كل انسان في هذا المسجد طالب علم او غيره بان يقرأها مرارا وان رأى على اهله وان يأمرهم بقراءتها وهي رسالة الوسائل المفيدة للحياة السعيدة للعلامة عبدالرحمن ابن ياسر ابن سعدية علماء يعني من رحمه الله تعالى جعلنا الله واياكم جميعا من السعداء وبعد بيننا وبين اسباب الشقاء وتولانا برحمته برعايته وهذا اخر تقرير على هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين