قال المؤلف رحمه الله تعالى قوله تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون اشتملت على فوائد عديدة او والثانية ان القرآن كلام الله غير مخلوق. وان الله تعالى علي على خلقه وهذا مأخوذ من قوله نزلنا الذكر انه نزل به جبريل من الله العزيز العليم فكونه نازلا من عند الله يدل على علو الله وكونه ايضا من عنده يدل على انه كلام الله فان الكلام صفة متكلمي ونعت من نعوته. وهاتان الفائدتان ظاهرتان. لان النزول انما يكون من علو الى سفل. فاذا كان القرآن من الله فهذا دال على علو الله عز وجل وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في اجتماع الجيوش الاسلامية وغيره ان في القرآن الكريم والسنة النبوية والاجماع والعقل والفطرة المستقيمة اكثر من الف دليل تدل على علو الرب سبحانه وتعالى من جملتها هذه الاية ووجه الاستدلال بها مطرد في ايات اخر. كما ان في هذه الاية الاعلام بان القرآن كلام الله لان نزل من عنده فهو منه كما قال الله عز وجل ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث. ومن هنا دالة على ابتداء فابتداء القرآن كان من الرب عز وجل مما يدل على ان القرآن هو كلامه سبحانه وتعالى الثالثة عظمة القرآن ورفعة قدره وعلو شأنه حيث اخبر تعالى في هذه الاية بما اخبر انه الذي تولى انزاله وحفظه ولم يكن ذلك الى احد من خلقه ولذلك حصل الفرق بين كتب اهل الكتاب وهذا الكتاب العظيم والقرآن المبين. فان الله عز وجل تكفل بحفظ القرآن في قوله انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. واما كتب اهل الكتاب فان وكلت اليهم كما قال الله عز وجل والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء. فلما وقع وكل الكتب السابقة الى اهلها حصل فيها التبديل والتغيير واما القرآن الكريم فلما تكفل الله بحفظه بقي محفوظا لا يلحقه تحريف ولا تبديل وقد ابدى هذا المعنى من القدماء ابو محمد سفيان ابن عيينة رحمه الله تعالى ثم تبعه جماعة وهو هو ظاهر من هذه الاية مع اختها. نعم الرابعة ان القرآن مشتمل على كل ما يحتاج العباد اليه من امور الدنيا وامور الدين ومن الاحوال الظاهرة والباطنة فان معنى الذكر انه متضمن لتذكير العباد وتنبيههم لكل ما يحتاجون اليه وتتعلق به منافعهم ومصالحهم والامر كذلك فانه مشتمل على امور الدين والدنيا ومصالحهما على اكمل وجه واشمله. بحيث لو تذكر الخلق بتذكيره ومشوا على الارشادية لاستقامت لهم جميع الامور ولا اندفعت عنهم الشرور. ولهذا اكثر الله في القرآن من حث العباد على الاهتداء به في كل شيء تفكر وتدبر لمعانيه النافعة ويترتب على هذا المعنى الفائدة الخامسة هذه الفائدة الرابعة يصدقها قول الله سبحانه وتعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى مين فكل امر من امر الدنيا والدين فان بيانه في القرآن الكريم كما قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد العلم فليثور القرآن. وقال مسوق رحمه الله تعالى ما شيء نسأل عنه اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الا وهو في القرآن لكن علمنا قصر عنه وينسب الى ابن عباس رضي الله عنه انه كان ينشد جميع العلم في القرآن لكن تقاصروا عنه افهام الرجال. فما من ابدة من الاوابد ولا امر من الامور ولا نازلة من النوازل تتعلق بامور الناس في دينهم او دنياهم الا وهي في القرآن الكريم علمها من علمها وجهلها وفي هذا تنبيه الامة عموما الى الفزع الى تتبع هدي القرآن الكريم في اصلاح جميع احوالهم في جميع ميادين حياتهم وان القرآن الكريم كفيل بذلك. وفيها التنبيه خصوصا على طلبة العلم بان اعظم العلم النافع هو ما جاء في القرآن الكريم. ولذلك قال ابن مسعود كما تقدم من اراد العلم فليثور القرآن. وانما جاء النبي صلى الله الله عليه وسلم من ربه بالقرآن الكريم والسنة تابعة له فانهما يجتمعان في كونهما وحيا ومدح من اراد الله وبه خيرا بالتفقيه بالدين فجاء كما في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا في الدين فاعظم الهمم هي همة طالب العلم المشتغل بتفهم القرآن والسنة كما ذكر ابن القيم في كتاب الفوائد الفائدة الخامسة وهي ان من قام بالقرآن وتذكر به كان رفعة له وشرفا وفخرا وحسن ذكر وثناء. وبهذا اول قوله الا وانه لذكر لك ولقومك اي شرف ورفعة لمن تذكر به واستقام عليه يعني ان من قام بالقرآن الكريم وتذكر به فانه يناله نصيب من رفعة هذا القرآن. فلما كان القرآن شريفا مرفوعا معظما فكذلك الاخذ للقرآن يعظم ويشرف كما قال الله عز وجل وانه لذكر لك يعني شرف ورفعة لك ولقومك. فاكثر الناس شرفا واعظمهم مقاما هم اهل القرآن لانهم اخذوا بارفع ما جاء من عند الله عز وجل من الحق وهو القرآن الكريم. وفي صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله يرفع بهذا القرآن اقواما ويضع به اخرين. ورفعته لاقوام به ووضعه لاقوام لاعراضهم عنه. ولذلك حصلت الرفعة للنبي صلى الله عليه وسلم لانه اعظم الناس اخذ لن للقرآن كما قال الله عز وجل ورفعنا لك ذكره فارتفع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لانه انزل عليه الذكر فكان صلوات الله وسلامه هو اعلى الناس حظا من الذكر فكان جزاؤه ان يكون ارفع الناس مقاما في الدنيا والاخرة السادسة ان التذكير بغيره غير مفيد ولا مجد على صاحبه نفعا لانه اذا ثبت وتقرر انه مادة التذكير لجميع مناطق علم ان ما ناقضه وخالفه وبضد هذا الوصف ولهذا اتى بالالف واللام المفيدة للاستغراق والعموم. ومن هنا تعلم ان جماع التذكير النافع هو التذكير الذي من مشكاة القرآن والسنة. ولهذا قال الله عز وجل في سورة قاف بعد ان ذكر اهوالا عظيمة وشدائد كثيرة قال في اخيها فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. وانما امر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا لان ابلغ الذكر امضاها في النفوس والينها للقلوب هي ذكر القرآن الكريم. ومن لم ينتفع بتذكير القرآن الكريم فانه لا ينتفع بتذكير غيره. ولهذا قال ابو زرعة الرازي رحمه الله تعالى من لم يعظه الكتاب والسنة فلا وعظه الله لهذا تعلم ان اعراض كثير من المتصدرين للوعظ عن الوعظ بالقرآن والسنة الى القصص وذكر احوال الناس وتغيراتهم وما يلحقهم من الامور انه ضعف في التذكير فان ابلغ التذكير هو ان يذكر الانسان بقال الله قال رسوله قال الصحابة هم الاخيار رضي الله عنهم وارضاهم. واذا كان تذكير العبد بهذا فانه يحصل له القبول. ولذلك قال عبد الله ابن ابو بكر لابيه بكر ابن عبد الله المزني يا ابتي ما لك تعظ الناس فيبكون ويعظهم غيرك فلا يبكون. فقال يا بني ليست النائحة التكلى كالنائحة المستأجرة لان من يصدق في وعظه ليس كغيره. ومن جملة الصدق في الوعظ ان يعظ الانسان بالقرآن والسنة. فان النفس قد تتوق الى ذكر لان الناس في الظاهر يرتفع عندهم من يذكر القصص بانه مطلع على احوال الناس خبير بها او يطيب للنفس ان تردد قصيدة وعظية بصوت شجي فيتوهم هذا الواعظ انه اذا وعظ بمثل هذا حصل بذلك نفع وكل هذا من تلبيس الشيطان على الناس بوعظهم لان كلامك وكلام غيرك من البشر ليس له سلطان على القلوب. واما القرآن الكريم فان من صفته ان الله عز وجل جعله مهيمنا فهو مهيمن على ما مضى من الكتب باحكامها واخبارها وهو على القلوب فان القرآن الكريم اذا لامس شغاف القلوب كان اثره فيها اكثر من كلام غير الرب سبحانه وتعالى من فينبغي للواعظ ان يجتهد في ان تكون عظته بالقرآن والسنة. قال بعظ السلف ان هذا الامر جد. فمتى خلقتموه الهزل مجته قلوب الناس. لان قلوب الناس مجبولة على فطرة غرسها الله عز وجل فيهم. فاذا جاء داع من القرآن والسنة يحيي هذه الفطرة استيقظت. واذا كان الداعي غير القرآن والسنة كقصة مضحكة او مبكية فانه لا يكون اثرها في استجابة الداعي واذعانه وقبوله وانقياده كاستجابة من يدعى بالكتاب والسنة. ولهذا انظر حال الصحابة رضوان الله عليهم من الاخبات والخشوع والقبول والانقياد والتسليم لامر الله. مع انهم ليس بينهم وبين الجاهلية الا وقت وترى احوال كثير من الناس تصلح امورهم في الظاهر لكنهم لا يقيمون اصلاح قلوبهم على القرآن والسنة وانما يصلحون قلوبهم اما بالسماعات المحدثة او بالقصص التي تفعل فعلا يسيرا لكن فعلها سرعان ما يذهب اذا ذهب عن الانسان الواعظ اما القرآن والسنة فانه يبقى مهيمنا على النفس مطيعة له منقادة له ومن وعى هذا الامر علم ان الاشتغال بوعظ الناس بالكتاب والسنة اعظم نفعا وارفع قدرا من اشغال الناس بقصص وحكايات واجيب ربما يكون بعضها ثابتا ويكون بعضها غير ثابت. وانظر الى قدر ما في القرآن والسنة من القصص وانظر الى قدم فيها من التذكير بغير قصص فان التذكير بالقصة حق لكن ليس على هذا الوجه الذي ال اليه امر الناس ان تجد جميع الموعظة من الى اخرها يسرد فيها قصص كثيرة ولا تذكر فيها الا اية او ايتين وربما كان من المواعظ من لا يسمع فيه اية فبالله عليكم كيف يعظ الناس؟ من لم يجد اثرا للقرآن الكريم والسنة النبوية بنفسه حتى يخرجه للناس وهذه احوالهم نسأل الله ان يصلح احوال المسلمين السابعة انه اتى بما يوافق العقل الصحيح والفطر المستقيمة فليس به شيء مخالف ولا مناقب للمحسوس ولا معاكس الصحيح ولا مضاد للعدل والقسط والميزان والحق لان الله سماه ذكرا. والذكر هو الذي يذكر العباد ما تقرر من فطرهم السليم قتلوا عقولهم الصحيحة من الحق والحث على الخير والنهي عن الشر فهو مذكر لهم ما عرفوه مثملا ولم يهتدوا الى كثير من تفاصيله به تزداد العقول وتتفتق الاذهان وتزكو الفطر لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا المعنى كتاب موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح يصدق هذه الجملة من كلام الله عز وجل قوله تعالى في سورة الاسراء ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم. فالقرآن الكريم يهدي للتي هي اقوم في الاقوال. ويهدي للتي هي اقوم في الاعمال ويهدي للتي هي اقوم في الاحوال فيكون موافقا للعقل الصحيح والفطر المستقيمة فليس في القرآن الكريم شيء مخالف ولا مناقض للمحدوث ابدا ولا معاكس للقياس الصحيح. وكلما ازداد اقبال الانسان على القرآن فانه عندئذ يزداد عقله ويتفسق ذهنه وتقوى ملكة حفظه وفهمه ومن جرب هذا عرف وذلك ان الله قال كما تقدم في بفضل هذه المجالس واذكر ربك اذا نسيت. واعظم الذكر لله عز وجل قراءة القرآن. فيكون من جزاء الذاكر لله عز وجل بقراءة القرآن وتكراره ان يوفقه الله عز وجل الى تنمية قدره العقلية سواء في الفهم او الحفظ. ولهذا رأينا وراء الناس ان المقبل على الاعتناء في مبادئ سنه على حفظ القرآن الكريم تقوى ملكته في الحفظ وتجوز. لانه اخذ سبب عظيم وهو القرآن الكريم. فينبغي لطالب العلم ان لا يغفل الاهتمام بالقرآن الكريم في كثرة قراءته وحفظه لان ذلك من اعون اسباب التي تفتق ذهنه وتقوي ملكته. واكثر الناس يسلبون بالثواب الخادع كقراءة الكتب المصنفة او حفظ المتون من القصائد العلمية او غيرها ويغفل عن حفظ القرآن والسنة مع ما فيها من عظيم النفع يظنون ان هذه تزيد طالب العلم علما وفي الحقيقة لا يزيدك علما الا العلم الصحيح وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الثامنة ان الله تكفل بحفظه حال ايزانه فلا يمكن ان يقربه شيطان في غيره ويزيد فيه وينقصه ويختلط بغيره هذه القوية الامين جبريل على قلب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. القلب الذكي الذكي الذي هو اكمل قلوب الخلق على الاطلاق وضمن لرسوله وقرآنه وبيانه. فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثمان علينا ديانة وهذا المعنى الذي ذكره المصنف رحمه الله تعالى في تكفل الله بحفظه حال انزاله وانه لا يقربه شيطان ابدا ظاهر من قوله تعالى وانا له لحافظون فان الرب سبحانه وتعالى تكفل بان يحفظ القرآن الكريم. فيحفظه سبحانه وتعالى من ان يقربه اي شيطان سواء كان من شياطين الانس ام من شياطين الجن؟ فان الله عز وجل يدفع شرهم عنه لان الله عز وجل تكفل بذلك من بدء انزاله بالروح الامين عليه الصلاة والسلام الى النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى في سورة الشعراء نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين. ثم اخبر الرب سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بكيفية تلقيه فقال فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم انا علينا بيانه. فامر النبي صلى الله عليه وسلم بان يتبع الهيئة الواردة في قراءة القرآن الكريم وكما ان هذا امر للنبي صلى الله عليه وسلم فانه امر لنا كما قال في المراقي لنا ما امر الرسول سوى ما خصه الدليل فالافظ ان كل ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم فنحن مأمورون به فكما امر النبي صلى الله عليه وسلم بان يقرأه على هذا النحو فاننا مأمورون بان نقرأه على هذا النحو وهذه الاية من اظهر الادلة على وجوب الترتيل الذي بعظه ما يسمى بتجويد القرآن الكريم. لان الله عز وجل تكلم بالقرآن على هيئة مخصوصة فقال ورتلناه ترتيلا. ثم امر النبي صلى الله عليه وسلم بان يقرأه على تلك الهيئة فقال ورتل القرآن ترتيلا ثم اكد هذا بقوله في هذه الاية فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم انا علينا بيانا. ويدل على هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه اقرأوا القرآن كما علمتم. فلا يجوز للانسان ان يقرأ القرآن بوجه لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم. اما اذا اذا قرع بوجه قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم فانه لا يكون اثما في ذلك. كبعض اوجه الاداء في القراءة لحفظ او لغيره تكون عند حفظ ولا تكون عند غيرك فلو ان عاميا من الذين يقرأون القرآن مثلا قرأ بهذا الوجه الذي لا يقرأ به حفص لكنه محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة اخرى صحيحة فان التالية للقرآن لا يكون اثما. كغنة الادغام مثلا عند الياء والواو. فان حظ يدغمه بغنة وغيره لا يدغمها بغنة فلو ان احدا تلا القرآن الكريم من غير ايجاد هذا الادغام بغنة فانه لا يكون اثما وان كان وتلقي القرآن الكريم ان يقرأه على وجه واحد تلقاه هو قراءة عفط عند عموم الناس في هذه البلاد. نعم. التاسعة تكفل الله ايضا بعد ما نزل او تقرر فاكمله الله تعالى واكمل به على عباده النعمة واستحفظه لهذه الامة على اختلاف طبقات علمائها وائمتها فوكلهم به وائتمنهم عليه فكل قرن حمل عدوله وازكيائه الذين ضمن الله لهم العصمة عند اتفاقهم الفاظه معانيه غضبة طرية لا تغيير فيها ولا تبديل. وكل من اراد ادخال شيء فيه او اخراج شيء منه قيد الله من يذب عنه ويحفظه وهذا الاكبر ويؤيد هذا يعني ان من حفظ القرآن الكريم ان الله عز وجل يقيم في كل قرن من قرون الامة من يحفظ القرآن الكريم سواء كان ذلك الحفظ حفظ مبنى او كان حفظ معنى او كان حفظ رعاية. فحفظ المبنى وما يتعلق بتلقي القرآن الكريم وضبطه. وحفظ المعنى هو ما يتعلق بتفسير القرآن الكريم. وحفظ الرعاية هو ما يتعلق عملي بالقرآن الكريم وتحسينه. فاما الامر الاول وهو تلقي القرآن الكريم فانك تجد الامة على تطاول قرونها ان خبى في بلد من بلدانها العناية بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتلقيا فان الله عز وجل يقيمه في بلد اخر كما نراه اليوم في بعض البلاد الاسلامية التي ظلت لقرون طويلة ذات عناية مشهورة بالقرآن الكريم وقراءته وتلقيه فلما ضعفت الحال فيها تحولت هذه العناية الى بلدان اخرى. وكذلك القرآن الكريم محفوظ حفظ معنى وهو ما يتعلق بتفسيره فلا يزال الله عز وجل يظهر في كل قرن من له يد طولى في تفهيم القرآن الكريم وحل مبانيه والوقوف على معانيه واستجلاء مقاصده واما حفظ الرعاية فان الله عز وجل لا يزال يبقي في هذه الامة من يعمل بالقرآن الكريم سواء في خاصة ناس ام في عمومهم فتجدوا في كل قرن من قرون الامة دولة قامت على تحكيم شرع الله. ولهذا فانه لا يفقد لواء تحكيم شرع الله في بلد من بلدان الارض الا ويظهر الله سبحانه وتعالى دولة اخرى ترفع لواء تحكيم القرآن قال لان هذا من حفظ القرآن بالرعاية والعمل ومن قرأ تاريخ الدول الاسلامية وجد صحة هذا وكل هذا مندرج في قول الله عز وجل ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدخر؟ فان الله عز وجل يسر هذا للناس فوقع لهم حفظه مبنا ومعنى ورعاية وعملا. ومن لطيفه ما يذكر ها هنا ان هذه الطبعة جاءت فيها كلمة عدوله. مقسومة الى هكذا عنده فكيف تقرأ عدو له وهذا من اقبح التصنيف ولذلك فان احد الزنادقة استعدى على الصالحين في التحذير منهم بالحديث المشهور. الا انه قرأه خطأ استدل به خطأ فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له. فاراد ان يدلل ان قرون الامة لا تخلو ممن ينتسب الى العلم وهو عدو له. والجاهل اتي من جهله في معرفة كيفية نقل السنة النبوية. والا فان الحديث وان كان ضعيفا يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله. نعم. ويؤيد هذا الفائدة العاشرة ان هذا من ادلة صدقه وصدق ما اشتمل عليه وصدق ما من جاء به وهو محمد صلى الله عليه وسلم فانه تعالى خبر بانه انزله وانه حافظ له فوقع كما اخبر الله تعالى فقال هذا اية وبرهان على صدقه وصحة ما جاء به كما اشهد بذلك الواقع يعني ان من ادلة صدق النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل السنين المتتابعة اذكروا ان هذا الكلام جاءه من ربه. والله مع ذلك يؤيده وينصره. ولو كان هذا الرجل كاذبا لم يمكن له الله عز عز وجل تصحيح هذه الدعوة ويظهر هذا قول الرب سبحانه وتعالى في السورة الحاقة ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين. فمن دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم انزال القرآن عليه