قال المؤلف رحمه الله تعالى قوله تعالى رب السماوات والارض وما بينهما فاعبدوا الصبر لعبادته هل تعلموا له سميا اشتملت على اصول عظيمة على توحيد الربوبية وانه تعالى رب كل شيء وخالقه ورازقه ومدبره. وهذا ظاهر من قوله الا رب السماوات والارض وما بينهما فان كونه ربا يقتضي انه سبحانه وتعالى يوحد توحيد الربوبية وتقدم ان توحيد الربوبية هو افراد الله بافعاله وعلى توحيد الالوهية والعبادة وانه تعالى الاله المعبود على ان ربوبيته موجبة لعبادته وتوحيده ولهذا اتى فيه بالفائق في ولهذا اتى فيه بالفاء في قوله ولهذا اتى فيه بالفاء في قوله فاعبده الدالة على السبب اي فكما انه رب كل شيء فليكن هو المعبود حقا فاعبده هذه الاية دالة ايضا على توحيد الالوهية والربوبية وسبق ان عرفت ان توحيد الالوهية هو افراد الله بالعبادة. ووجه الدلالة منها ذلك ان الله عز وجل بعد ان بين ربوبيته قال فاعبده. والفاء هنا للسببية. يعني لاجل كونه ربا له الربوبية الكاملة والملك التام النافع فانه يجب ان يكون هو المعبود. ومن اوسع طرائق القرآن في تقرير في توحيد الالوهية هو ذكر توحيد الربوبية. وقد ذكر ابن الوزير رحمه الله تعالى في كتاب ترجيح اساليب القرآن على اساليب اليونان عن صاحب كتاب مذاهب السلف ان في القرآن الكريم خمس مئة اية تدل على الربوبية انتهى كلامه ولم يحشر هذا القدر من الايات الا لكون الربوبية معراجا الى الالوهية. فاذا ايقن العبد وانقاد واذعن من ربوبية الله لزمه ان يكون هذا الرب هو المالوه المعبود لا سواه ومنه الاصطبار لعبادته تعالى وهو جهاد النفس وتمرينها وحملها على عبادة الله تعالى فيدخل في هذا اعلى انواع الصبر وهو الصبر على الواجبات والمستحبات والصبر عن المحرمات والمكروهات بل يدخل في ذلك الصبر على البليات فان الصبر عليها وعدم تسخطها والرضا لله بها من اعظم العبادات بقوله والصبر لعبادته. من الاصول العظيمة التي دلت عليها هذه الاية الامر بالاصطبان لعبادة الله عز وجل لقوله تعالى واصطبر بعبادته. والزيادة في الوزن تدل على الزيادة بالمعنى فان الاصطبار غير الصبر والفعل من الصبر قولك اصبر والفعل من الاصطبار قولك صبر فان الانسان يحتاج لبلوغ هذه المرتبة وهي الاصطبار ان يكابد مشقة هوى النفس وعنتها ولا في منازعة معها ومثل هذا قوله عز وجل في اخر سورة ال عمران يا ايها الذين امنوا اصبروا وصابروا فجاء صابروا الدال على المفاعلة فقاتلوا الدال على المقاتلة ونحو ذلك. فالمرء لا يمكن من هذا المقام العظيم وهو هو المثابرة والاستمار الا بمشقة. والعبد دائر بين مأمور يفعله. ومحظور يتركه وقدر انزلوا عليه ولا تستقيموا حاله الا بالتدرع بالصبر في تعاطي هذه الامور الثلاثة فيصبر على فعل المأمور اصبر على ترك المحظور ويصبر على نزول المقدور. واشتملت على ان الله تعالى كامل الاسماء والصفات عظيم النعوت جليل القدر وليس له في ذلك شبيه ولا نظير ولا سمي. بل قد تفرد بالكمال المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات ودل على ودل على هذا اكبر الادلة يرى انه الذي لا تنبع العبادة الظاهرة والباطنة القلبية والبدنية والمالية الا لوجهه الكريم خالصة مخلصة كما والخلوي الكمال والعظمة والكبرياء والمجد والجلال بين المصنف رحمه الله تعالى في هذه الاية ان من الاصول العظيمة التي قررتها هذه الاية بيان كمال اسماء الله عز وجل وصفاته وعظيم نعوله وجليل قدره لانه سبحانه وتعالى لا ثني له. فلا كفؤ له ولا ند له ولا مثل له سبحانه وتعالى وهو المستحق للعبادة. ولا يكون مستحقا للعبادة حتى يكون كاملا في اسمائه وصفاته. فتوحيد الوهية متضمن لتوحيد الاسماء والصفات. فان المألوه المعبود يجب ان يكون على اكمل وجه في اسمائه وصفاته. ولذلك جاء صفات اسمائه بالحسنى كما قال الله عز وجل ولله الاسماء الحسنى للدلالة على كمالها. وجاء وصف صفاته بالعليا كما قال الله عز وجل ولله المثل الاعلى يعني الوصف الاعلى كما قال ابن عباس رضي الله عنه في اخرين من اهل العلم فصفات الله عز هي الذروة بالوصل كما ان اسمائه هي الذروة في الحسن ومنها بطلان الشرك عقلا ونقلا فكيف يليق بالعاقل ان يجعل المخلوق الناقص الذي لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورن الذن لمن لا كفؤ له ولا سمي ولا مشابه بوجه من الوجوه. بل هذا فهل هذا الا من السفه والضلال والجهل المفرط كل الوجوه مما يدل على بطلان الشرك عقلا ونقلا الفرق بين الخالق والمخلوق. وهذا الطريق من اعظم الطرق التي جاءت في القرآن الكريم لابطال الشرك فالتفريق بين صفات المخلوق وصفات الخالق يبين ان المخلوق لا يستحق شيئا من العبادة. وان الخانق سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة جميعا. ولذلك قال تعالى ايشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون الى اخر الايات من سورة الاعراف. فبين الله عز وجل ظعف هذه المعبودات لكونها مخلوقات. وما كانت عليه من الصفات لا يوجب لها استحقاق العبودية. واما سبحانه وتعالى فلكمال صفاته واسمائه وافعاله عز وجل فهو سبحانه وتعالى المستحق للعبادة وحده ودلت على ان الشرك قد تقرر في العقل قبحه وان التوحيد قد تقرر في العقل حسنه فكما لا سمي لله فلا احسن من عبادته واخلاص ليلة ولا امثال العبد من ذلك ولا اصلح ولا ازكى ومن المتقرب شرعا ان الاحسان في عبادة الله تعالى الذي هو سبب كل خير اجل واجل بل سبب لاعلى المراتب واكمل الثواب هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تراه فانه يراك فكلما حقق العبد هذا الامر كان له نصيب وافر من العبادة بل هو اهم الامور. ولهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل ان يسأل الله تعالى ان يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته وهذا امر يقل من الخلق من يحققه ويتصل به على وجه الكمال لمشقة ذلك على النفوس. فاذا امتثل العبد لامر ربه بالاستدانة وحبس النفس وتوطينها على احسان العبادة خصوصا افضل العبادات واعظمها وهي الصلاة كما امر الله بالاصطبار عليها خصوصا فقال فامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها استنار قلبه بالايمان وباشر حلاوته فانجذب الى عبادة الله واخلاص العمل له وعلم ان هذا هو الفلاح الدائم والربح المتضاعف الذي لا خسارة به فصبر نفسه قليلا احد اعظم اللذات طويلا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. كما تضمنت هذه الاية من الاصول تقريرا قبح الشرك في العقل فانها قد دلت على حسن التوحيد في العقل. فاذا كان الله سبحانه وتعالى لا ثني له والعبد مأمون بعبادته في قوله تعالى فاعبده واصطبر لعبادته فانه لا انفع للعبد من القيام بعبادة ربه سبحانه وتعالى. وكل كما ازداد المرء ترقيا في هذه العبادة ازداد كمالا. قال ابو العباس ابن تيمية الحفيد رحمه الله تعالى من اراد السعادة الابدية فليلزم عتبة العبودية. ومن هنا يعلم المرء ان اعظم التوفيق هو توفيق العبد لعبادة ربه سبحانه وتعالى وان اكرم الخلق على الله هم الموفقون الى هذه العبادة. قال ابو العباس ابن تيمية الحديث رحمه الله تعالى اعظم والكرامة لزوم الاستقامة. وقال بعض المتأخرين لزوم الاستقامة اعظم من الف كرامة. ووجه ذلك ان الكرامة فمطلوب النفس والعبادة مراد الرب وانقياد العبد لمراد الرب سبحانه وتعالى بعبادته هو اعظم من انقياد النفس لمطلوبها وهو الكرامة الا ان العبد لا يتحقق بهذه اللذة حتى يحسن هذه العبادة بان يأتي بها على اكمل وجه وهو المقام الذي ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل وفيه ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. فاذا بلغ العبد هذه وحسنت عبادته عند ذلك استحالت استيعاب الشاقة على النفوس في حقه هينة يسيرة سهلة. وبهذا تعلم الفصل بين حالنا وحال من تقدمنا كما قال ابن المبارك لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم ليس الصحيح اذا مشى كالمقعد فان الناس في هذه الاعصان مثلا يستعظمون ما صح عن عثمان رضي الله عنه انه قرأ القرآن الكريم كله في ركعة واحدة في ليلة واحدة وذلك انه كثرت قلوبهم وحجبت عن كمال العبادة واحسانها لله رب العالمين فعند ذلك شق عليها الاتيان بهذه الاعمال ونظائرها. اما الصحابة فانهم لما كملت احوالهم استحالت هذه العبادات التي نراها في انفسنا خيالا استحالت عندهم حقائق سهلة عليهم رضوان الله عليهم قوله تعالى ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى التنزيل في الدنيا وان غبارتها وحسنها الذي متع به المترفين اليس لكرامتهم عليه وانما ذلك للابتلاء وان نظارته صلى الله عليه وسلم وان نضارتها وحسنها الذي متع به المترفين ليس لكرامتهم عليه وانما ذلك للابتلاء والاختبار لينظر ايهما احسن عملا وايهما ولعقلا فان العاقل هو الذي يؤثر النفيس الباقي على الدني الفاني ولهذا قال ورزق ربك اي الذي اعده للطائعين الذين لم يذهبوا مع اهل اسرافهم ونبغضهم رونق الدنيا وبهجتها الزائلة بل نظروا الى باطن ذلك حين نظر الجهال الى ظاهرها وعرفوا المقصود ومقدار التفاوت ودرجة الامور احنا قلنا ما متع به اهل الدنيا فزهرة الحياة الدنيا تمر سريعا وتذهب جميعا. ولهذا نهى الله ورسوله ان يمد عينيه الى ما متع به هؤلاء ومد العين ومد العين ومد العين هو تطلع وتشرف لذلك لا مجرد نظر العين وانما هو نظر القلب. ولهذا لم يقل ولا تنظر ما متعنا به ازواجا الاية فمد العين متضمن لاستحسان القلب وتطلعه الى ذلك. هذه الاية تخرج من قاعدة التفسير المتقدمة وهو ان العدول عن لفظ الى لفظ اخر يشتمل على معنى مستكن فيه. فلم يقل الله عز وجل ولا تنظر بعينيك ولكن الله عز وجل قال في هذه الاية ولا تمدن عينيك. ليعلم انه ليس المراد بالنهي مجرد النهي الى النظر بالعين وانما المراد بالنهي تطلع القلب وتشوهه الى هذه الزينة من زهرة الحياة الدنيا. فاذا اكتمل نظر العبد الى تطلع قلبه في مباح من المباحات فانه ينهى عن ذلك. فاذا نظر العبد الى المراكب الفارهة والقصور الشاهقة نظرا كان فيه تطلع القلب اليها وطمعه فيها ومحبته لها وتعظيمها فانه ينهى عن من هذا النظر لما فيه من افساد قلبه. واما النظر المجرد اليها من غير تطلع القلب او كان ذلك النظر مشتملا على احتقان والزهادة فيها فانه لا يمنع منه العبد وقد افتى ابن الرفعة رحمه الله تعالى وهو من علماء الشافعية وفيه يقول ابو العباس ابن تيمية لقد رأيت رجلا تتقاطر فروع الشافعية من لحيته. افتى رحمه الله تعالى بحرمة دخول القاهرة والنظر اليها لما بناها الجوهر الصقلي لان ذلك النظر اليها سيكون مشتملا على تطلع القلب اليها. فلما كان في نظر الناس اليها واعجابهم بها لقلوبهم عما فيه مصلحتها وافساد لها افتى رحمه الله تعالى بالمنع منها واطرد هذه القاعدة والفتية في كل امر ينظر اليه نظر تطلع وتشوف واعجاب به فانه يمنع منه حماية للقلوب من الفساد. ثم ذكر الله سبحانه وتعالى ما يسلي به النبي صلى الله عليه وسلم عند نهيه عن هذا المد في قوله تعالى ورزق ربك خير وابقى. فوصف ربي سبحانه وتعالى بامرين احدهما ان رزق الله سبحانه وتعالى خير من رزق غيره واضيف الرزق الى غيره وان كان الله هو الرزاق على الحقيقة لان ذلك الرجل مالك له. وقل هذه القاعدة في الاشياء التي تضاف الى المخلوقين فانه في الحقيقة الذي لا يملكونها ولا يرزقون بها فان المالك الرازق في الحقيقة هو الله ولكنها تضاف اليهم لانها بايديهم. فرزق الله عز خير والمراد بخير يعني اخير الا ان العرب درجت على اسقاط الف افضل من هذه الجملة كما قال في الكافية الشافية وربما اغناهم خير وشر عن قولهم اخير منه واشر. واما الامر الثاني فهو وصفها بان رزق الله عز وجل ابقى فكل نعيم من نعيم الدنيا يزول ولا يبقى واما النعيم في الاخرة الذي يتفضل الله عز وجل به على من يشاء من عباده فانه يبقى لا يتحول ولا يزول. مثل ذلك قوله وصل نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا فهذه الاية بينت المراد من تلك الاية وان نظر العين المقرون بارادة زينة الحياة الدنيا ونظير ذلك قوله تعالى ولقد اتيناك سبع من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين. فنبهه الله تعالى على الارتباط بما اتاه الله من المثاني والقرآن العظيم. وامتن عليه بذلك وانه الخير والفضل والرحمة الذي يحق الفرح والسرور به فان ذلك خير مما يجمع اهل الدنيا ويتمتعون به وانما الذين ينظرون ويغبطون هم المؤمنون. الذين لم يغتروا بما ولهذا قال واخفض جناحك للمؤمنين هذه الاية من سورة الكهف تعين على فهم تفسير اية سورة طه المتقدمة فان المد هو ما اشتمل على ارادة الحياة في الدنيا بتطلع القلب اليه ولذلك قال الله عز وجل في اية سورة الكهف ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا اذا كان القلب مشتملا على ارادة زينة الحياة الدنيا وزهرتها فانه عند ذلك يمنع من مد عينيه اليه. وتأمل في هذه الاية ان الله سبحانه وتعالى مع سابقتها من سورة طه ان الرب سبحانه وتعالى لما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم وامر بحبس نفسه عما فيه في الظاهر نعمة سلاه بذكر ما ينعم الله عز وجل به عليه. فقال له ورزقك ربك خير وابقى وقال له ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم تسلية له صلى الله عليه وسلم عن هذه النعمة التي ظنوا في الظاهر انها مفقودة وهذا نظير ما تقدم في درس الصباح من ان الله عز وجل اذا سلب العبد نعمة فانه ليصليه بغيرها كما اتفق هذا لموسى وابراهيم ونوح عليهم الصلاة والسلام كما ذكرناه بدلائله ومنه ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في هاتين الايتين قوله تعالى ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكب فيه والبعد ومن يرد فيه بالحاكم بظلم نذقه من عذاب اليم واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت الا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود فيه الذم للذين كفروا وصدوا عن بالحرام عباده المؤمنين من وجهين من جهة ان مختصوا به ومنعوا غيرهم مع ان الناس فيه سواء. ومن جهة ان المؤمنين احق به منهم في مرتبة ثانية فأباحوه للابعدين ومنعوه الاقربين. فان الله امر ابراهيم عليه السلام وان يطهره للطائفين والقائمين وكان سجود فهؤلاء احق الخلق بهما حزب الله واولياؤه. وما كان المشركون وما كان المشركون اولياءه. ان اولياءه الا المتقون هاتان الايتان قد تضمنتا الذم للذين كفروا وصدوا عن المسجد الحرام عباد الله المؤمنين من وجهين المصنف احدهما انه مختص به ومنعوه غيرهم مع ان الناس فيه سواء. فالناس فيه سواء. وانما كان هذا في حال تلك الجاهلية وليس الكافر احق من المشرك. اما بعد الاسلام فقد ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث في الحجة التي خرج فيها علي وابو بكر رضي الله عنهما قبل حجة الوداع بعث منادي ينادي الا يقول بالبيت عريان ولا يحج بعد اليوم مشرك. فصار المشركون ممنوعون من البيت الحرام بعد ان كان الناس فيه سواء والامر كما قال الله عز وجل انما المشركون نجت الاية والوجه الثاني ان المؤمنين احق بالبيت الحرام من المشركين ويدل على هذا قول الله سبحانه وتعالى ان اولى الناس بابراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين امنوا فأولى الناس بابراهيم وميراثه هم النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبع من المؤمنين ومن ميراثه صلوات الله وسلامه عليه بناء المسجد الحرام واقامة الشعائر المعروفة في دين الاسلام فيه فاولى الناس بنيل حيازة هذا البيت والقيام عليه ولبلوغه والوصول اليه هم المؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم وهم المتبعون لابيهم ابراهيم عليه الصلاة والسلام حنفاء غير مشركين. والى هنا ينتهي المقام تعليق والتقرير على المجلس الثاني من كتاب المواهب الربانية وسيهون الله عز وجل بفضله ومنه اكمال الكتاب لامرين اثنين. احدهما امر قدري وهو ان ليل الشتاء اطول من نهاره فسيتهيأ او ان شاء الله تعالى من القراءة في الليل ما لم يتهيأ في النهار والاخر امر من لطف الله عز وجل وهو ان هذا القدر من الكتاب المتقدم في هذين الثنتين اشتمل على والكليات واما ما سيأتي فانه من جنس ما يسمى بالتفسير الموضوعي. حيث سيذكر المصنف رحمه الله تعالى في طويلة شيئا مما يتعلق بالتفسير الموضوعي كصفات المؤمنين فانه ليس بها تقرير قاعدة وانما التنبيه الى رعاية في تفسير القرآن الكريم بتتبع المعاني التي جاءت متعلقة بموضوع من الموضوعات وكذلك في الادعية القرآنية فان رحاها دارت حول دعاء الله عز وجل باسمه الرب. وساق المصنف رحمه الله تعالى قطعة مستكثرة منها فسيهول هذا ان شاء الله تعالى قطع الكتاب وتتميمه وتكميله وقد قرأ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى صحيح البخاري قال على ابي عمرو الحيري النيتابوري في ثلاثة ايام فلله درهم رحمهم الله تعالى ما اقوى عزائمهم؟ وما ارفع هممهم؟ فليس بمستكثر علينا ان يتفق لنا ان نقرأ في مجلس واحد ستين صفحة فقد مضى اقوام يقرأون مئات الصفحات في مجلس واحد نسأل الله ان يسلكنا طريقهم وان يبلغنا منازلهم