قال المؤلف رحمه الله تعالى فائدة عظيمة لما كان الدعاء نقص العبادة ولبها وخالصها لكونه متضمنا للافتقار التام لله والخشوع خظوعي بين يدي وتنوع عبوديات القلب وكثرة المطالب المهمة كان افضله واعلى ما كان انفع للعبد واصح من غيره مع لكل خير وتلك ادعية القرآن التي اخبر الله بها عن انبيائه ورسله وعباده الاخيار التي كان سيد المرسلين يختارها على غيرها ولم ما كان من شروط الدعاء وادابه حضور قلب الداعي حضور قلب الداعي واستحضاره لمعاني ما يدعو به احببت ان انبه تنبيه لطيفنا على معاني ادعية القرآن يسر استحضارها انتباه العبد بها تأملوا ادعية القرآن وافرضها قوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. اي علمنا يا ربنا والهمنا ووفقنا اه وفعله على وجه الكمال وعلم ما يكره الله ورسوله ويغضبه وتركه من كل وجه وحقيقة ذلك ان الداعي بهذا الدعاء. نسأل الله تعالى ان يهديه الصراط المستقيم. المتضمنا الحق والعمل به وجنبه طريق المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه وطريق وطريق الضالين الذي اتاه عن الحق فلم يعرفوه. ولجلالة لكن هذا الدعاء كان هذا الدعاء فرضا فيجب على كل مصل ان يدعو به في صلاته. ووجه الافتقار اليه ان العبد لا يزال مفتقرا الى هداية الله عز وجل فهو وان هدي الى جملة الصراط الا انه يحتاج الى الهداية في تفاصيل الصراط الهداية الى الصراط متفاوتة فهناك هداية جملة هي الهداية الى الصراط المستقيم. وهناك هداية تفصيلية وهي هي الهداية في الصراط المستقيم. فالعبد مفتقر الى تجدد هذه الهداية في كل لحظة من لحظاته. فانه ان لم يكن مهديا لم يكن عمله صالحا ولا متقبلا فكان ارضاءه بهذا الدعاء وكثرة ترديده تنبيه الى هذا الاصل العظيم وهو الاستقام والى هداية الله عز وجل في تفاصيل الصراط المستقيم ومن اجمل ادعية انفعها دعاء ارباب الهمم العالية الذي نجمع الله لهم بين خيري الدنيا والاخرة. قال تعالى ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا احسنت وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار فصدروا دعاءهم بقولهم ربنا وذلك متضمن لاستحضارهم معنى تربية الله العامة وهو الخلق والتدبير وايصال ما به تستقيم الابدان والتربية الخاصة لخيار خلقه. الذين رباهم بلطفه واصلح لهم دينهم الدنيا وتولاهم فاخرجهم من وهذا متضمن لافتقارهم الى ربهم وانهم لا يقدرون على تربية نفوسهم من كل وجه فليس لهم غير ربهم يتولاهم ويصلحوا امورهم لهذا كانت اغلب ادعية القرآن مفضلة بالتوسل الى الله بربوبيته لانها اعظم الوسائل على الاطلاق التي تحصل بها المحبوبات وتنتفع بها المكروبات وحسنة الدنيا اسم جامع للعلم النافع والعمل الصالح وراحة القلب والجسم. والرزق الحلال للطيب من كل ماكل ومشرب وملبس ومن كان ومسكن ونحو لحسن الاحوال وسلامتها من كل نقد. واما حسنة الاخرة فهي كل ما اعده الله لاوليائه في دار كرامة مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ولما كانت حسنة الدنيا والاخرة تمامها وكمالها الحفظ من عذاب النار والحفظ من اسبابها والذنوب والمعاصي قالوا وقنا عذاب النار. فاشتمل هذا الدعاء على كل خير ومطلوب محمود ودفها ودفع كل من شر وعذاب. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء كثيرا. اغلب ادعية القرآن جاءت مصدرة بقول الداعي ربنا كقول الداعي ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا. وقول الداعي ربنا اغفر لنا ذنوبنا. في اية اخر وانما صدر الدعاء بهذا الاثم لان من اعظم الوسائل الى اجابة الدعاء التوكل الى الله عز وجل ربوبيته وقد ذكر هذا المعنى ابو العباس ابن تيمية والحفيد رحمه الله تعالى ثم تبعه جماعة ثم هذه الادعية التي جيء فيها بالدعاء ربنا لم يأتي في شيء منها يا ربنا بل كل الايات التي تضمنت الدعاء بقول داعي ربنا جاءت خلية من اداة الندائية. وفي ذلك فائدتان اثنتان كما ذكر الشاطبي رحمه الله تعالى في كتاب موافقات اولهما ان ياء انما تستعمل لداء البعير. والله قريب غير بعيد. كما قال الله عز وجل واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان. فكان من اظهار هذا القرب ان لا يقدم بين يدي يا الدالة على البعد لان الله عز وجل قريب من داعيه. والثاني لما فيه من حسن الادب مع الله عز وجل بعدم تقديم شيء عليه. فيقدم ذكر الرب سبحانه وتعالى وتلغى اداة النداء المقدرة. فيقول الداعي ربنا اغفر لنا وان كان التقدير يا ربنا اغفر لنا فلاجل هاتين الفائدتين جاءت ادعية القرآن على هذه السورة ربنا ليس في شيء منها يا ربنا ومن جملتها هذا الدعاء ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وهو جامع ولذلك دعا به النبي صلى الله عليه وسلم في مقامات عدة وجمعه من الجهة التي بين فيها المصنف رحمه الله تعالى معنى الدنيا وحسنة الاخرة ومنفعة الدعاء بعدهما بقوله وقنا عذاب النار ومن ذلك الدعاء الذي في اخر البقرة الذي اخبر الله على على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم انه قبله من المؤمنين حين دعوا به ربنا لا فاخذنا ان نسينا واخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا اللهم انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. ولما كان اخلال العبد بامر الله قد يكون عمدا على وجه العلم. وقد يكون وقطعا وكان نحن غير ناش عن عمل القلب الذي هو محل الاثم وعدمه ربهم ان لا يؤاخذهم بالنسيان والقطع وذلك عام في جميع الامور. قال الله وتعالى قد فعلت يعني كما ثبت في الاحاديث الصحاح ان الله عز وجل قال حينئذ قد فعلت كما في الصحيح من حديث ابن عباس. ولما كانت بعض افعالي فيها شدة ومشقة واصال واغلى لو كلف العباد بها لاحرى الا يقوموا بها. اسأل الله تعالى بان لا يحملهم اياهم ولا اياها اه ولا يكلفهم بما لا طاقة لهم به. ليسهل عليهم امر ربهم وتخف عليهم شرائعهم. وقال الله تعالى قد فعلت. ولما كانت النتيجة رعاها الله لعباده لابد ان يحصل منه التقصير فيها اما بفعل محظور او بترك مأمور وذلك موجب للشر والعقوبة ان لم يغفره الله ان لم يغفره الله وينزله قالوا اعف عنا واغفر لنا وبهذه الامور تندفع فبهذه الامور تندفع المكروهات والشرور كلها ثم سألوا الله بعد ذلك الرحمة التي يشاء عليها كل خير في الدنيا والاخرة. فلما كان امر الدين والتمكين من فعل الخير وترك الشر لا ولا يتم الا بولاية الله وتوليه وتوليه ونصرته على الاعداء الكافرين من الشيطان والجنود قالوا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. قال تعالى قد فعلت. فالله تعالى تولى ابدأ وييسر اوليسر بجميع الامور فيدفع عنه الشرور فهو نعم المولى ونعم النصير. ومن هذا دعاء ومن هذا فدعاء الراشدين في العلم بعد الثناء عليهم بالايمان التام. ربنا لا قلوبنا بعد ان هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. فسألوا ربهم وتوسلوا عبوبيتي في حصول افضل الوسائل وهو استقامة القلوب على ما يحبه الله ويرضاه والثبات على ذلك وعدم جميعها عن هذه الهداية واجل مقاصد ووصول رحمة الله تعالى التي يحصل معها خير الدنيا والاخرة. وخدموا دعاؤهم بالتوسل الى ربهم باسم الوهاب الكثير العطايا واسع كرمك فمن كرمك يا وهاب نسألك الاستقامة وعدم زيغ القلوب وانت هب لنا من لدنك رحمة لان الرحمة التي من لا يقادر قدرها ولا يعلم ما فيها من البركات والخيرات ولا يعلم ما فيها من البركات والخيرات الا الذي وهبهم اياها ويشبه ان يكون قولهم ربنا انك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ان الله لا يخلف الميعاد توسل الى ربهم بايمانهم بهذا اليوم وتصديق في وعدي ووعيده فان التوسل الى الله بالايمان ومنع منة الله به من الوسائل المطلوبة. فيكون هذا من دعائهم كذلك دعاء المتقين الذين اعد لهم الجنة وما فيها الذين يقولون ربنا اننا امنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار فتوسلوا بربوبي الله لهم وبايمانهم ان يغفر لهم الذنوب وان يقيهم عذاب النار. واذا غفر او غفرت ذنوبهم وقاهم الله عذاب النار عنهم الشر باجمعه اللهم الخير باجمعه لان الادعية هكذا تارة تأتي مطابقة لجميع مطالب العبد وتارة يذكر نوعا ما يذكر نوع منها الباقي بالهجوم كهذا الدعاء ومما اتى به الدعاء بجميع المطالب على وجه المطابقة دعاء اولي الالباب وخواص الخلق حيث قالوا بعدما تذكروا بها في ملكوت الله لنا ما خلقنا ذا باطلا سبحانك وقنا عذاب النار. ربنا انك من تدخل النار فقد اخزيته وما للظالمين من انصار. ربنا اننا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الابرار ربنا واتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخجلنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد. فتوسلوا بربوبية الله وكرروا هذا التوسل اراهم بحكمة الله وصدق وعده ووعيده وايمان برسل الله حين دعوهم الى الايمان ومنة الله عليهم بالمبادرة بذلك ان يقيهم عذاب النار وان ذنوبهم الكبار ويكثر عنهم سيئاتهم الصغار معظم العقوبات وهو عذاب النار ويزيل عنهم اسباب الشرور كلها وهي الذنوب وان يرزقهم الله ويوفقهم لاعمال البر كلها فيصير بذلك من عباد الله الابرار. وان يثبتهم عليها حتى يموتوا عليها ادخلوا في معية الابرار وان يؤتيهم ما وعدهم على السنة رسله وذلك شامل لعطايا الدنيا وخيراتها وعطايا الاخرة وكراماتها كده معهم في يوم القيامة ولا يخزيهم. وحقيقة وحقيق بقوم دعوا بهذه الادعية الجليلة بحيث ما بقي خير الا سألوه ولا شر الا ادفعوا ان يسميهم الله اولي الالباب فهذا من لبهم وعقلهم وتمام فطنتهم. نسأله تعالى ان يوفقنا لما وفقهم له انه جواد كريم ومن ذلك دعاء اتباع الانبياء في مواطن الشدائد وانواع المحن. فما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا على القوم الكافرين فاتاهم الله ثواب الدنيا حسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين. فدل على هذا ان هذا الدعاء من الدعاء الذي استجابه والله عمان ومحسنون فيه. وذلك انهم توسلوا الى الله بربوبيته فافتقروا اليه وطلبوا ان يريهم بما يصلح بما يصلح احوالهم وان يغفر لهم الذنوب والمعاصي المستقلة اشرافنا في امرنا وان يتعدي ما حد للعبد ونهي عن مجاوزته. فكما ان التقصير يلام عليه الانسان كذلك المجاوزة للحج وان يثبت اقدامهم فيرزقهم الصبر والثبات والقوة التي هي معادك النصر. وان يمدهم بمدده الالهي وهو نصره القوم الكافرين فسألوا رب فسألوا ربهم زوال المانع من النص وهي الذنوب والاسراف. وحصول سبب النصر ونوعان. سبب داخلي وهو ثبات الاقدام والصبر عند الاقدام وسبب خارجي وهو نصره وان يكون قولهم على القوم الكافرين توسل الى الله واننا يا ربنا امنا وبك واتبعنا رسلك وحاربنا اعدائك الذين كفروا بك وبرسلك ومعاداتنا لهم وقتالنا اياهم لاجله وفي سبيلك من صلى عليهم لقولنا من حجك وجندك وهم جنود عدوك الشيطان الرجيم ومن ذلك دعاء عباد الرحمن الذين وصفهم الله بكل خلق جميل واعد لهم منازل العالية فدعوا بدعوتين دعوة استجيبت لجميعهم كامل ومن دونه فدعوة استجيبت لخواصم وائمتهم وقدوتهم. قال تعالى وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هم يجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنهم عذاب جهنم انا بعدها كان غراما فتوسلوا بربوبية الله لهم وايمانهم وخوفهم من عذاب ان يقيهم عذاب النار واذا وقاهم الله عذاب النار كان من لازم ذلك مغفرة ذنوبهم في روسياتهم ودخولهم الجنة. وقال تعالى عنهم والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة عين واجعلنا للمتقين اينما تتوسلوا بربوبية لا ان يهب لهم من ازواجهم وقرنائهم وذرياتهم ما تقر اعينهم به. وهو ان يكونوا مطيعين لا يعاملين بمرضاته وذلك دليل على ان طاعة الله قرة اعينهم ومحبته نعيم قلوبهم فقويت هذه الحالة يا نسأل الله تعالى ان يجعل قرناؤهم بهذه الحالة الكاملة وذلك من فضل الله عليهم فان الله اذا اصلح قرنائهم عاد من هذا الخير عليهم شيء كثير مالي هذا من مواهب ربهم فقالوا ربنا هب لنا الى اخره فلما كان غايتك ما للانسان لله وان يكون قليلا قرينا للمطيعين. سألوا ربهم اعلى المراتب واجلها وهي الامامة بالدين وان يكونوا قدوة للمتقين وذلك ان يجعلهم علماء ربانيين واثقين في العلم في تعلمه وتعليمه والدعوة اليه وان يكون علمهم صحيحا بحيث ان من اقتدى بهم فهو من المتقين. ان يرزقهم من الاعمال الظاهرة والباطنة ما يصيرون به ائمة للمتقين وجماع ذلك الصبر على محبوبات الله وثبات النفس على ذلك والايقاظ بايات الله وتمام ايديها. قال تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون من هنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون. فالحاصل انهم سألوا ربهم ان يكونوا كاملين مكملين مكملين لغيرهم. هادين مهتدين هذه اعلى الحالات فلذلك اعد الله اعلى غرف الجنان اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحيته وسلاما فيها حسنت مستقرا ومقاما ومن ذلك دعاء ادم عليه السلام حين تاب الى الله وتلقى من وادي الكلمات هو وزوجه قال قال ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. فتوسلا بربوبية الله واعترافهم بالظلم واقرارهم بالذنب ان يغفر لهما قيل عنهما المكاره كلها وان يرحمهما فيعطيهما انواع المطالب وانه لا وسيلة لهما ولا ملجأ منه الا اليك وانه وانه ان لم يرحمهما ويغفر لهما خسر الدنيا والاخرة فقبل الله دعائهما وغفر لهما ورحمهما ومثل قول نوح لما لامه الله بسؤال ذات ابنه الكافر الذي ليس من اهله وان هذا عمل غير صالح فقال قال ربياني اعوذ بك ان اسألك ما ليس لي والا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين. فتوسل بربوبية الله واستعاذ به ان يسأله سؤالا ليس له به علم. وانما حمله على مجرد محبة النفس الى ارادة رضا الله واعترف بان هذا الذي جرى منه يوجب التضرع والاستغفار وانه ان لم يغفر له ربه ويرحمه كان فمن الخاسرين فالناس قسمان رابحون وهم الذين تغمدهم الله بمغفرته ورحمته وخاسرون وهم الذين فاتتهم المغفرة رحمته لا يحصل ذلك الا بالله ومن ذلك دعاء ابراهيم خليل الرحمن وابنه اسماعيل وما يرفعان قواعد البيت ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين من ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم. فتوضأ الى ربهم في قبول الله عملهما ان يكون كافرا ان يكون كاملا من كل وجه وتحصى منه الثمرات الناجعة وتوسلا اليه بانه السميع لاقوالهما العليم بجميع ولما دعوا بهذا الدعاء الخاص بقبول عمله ما سأل الله اجل الامور واعلاها. وهو ان يمن الله عليهما وعلى من شاء من ذريته الاسلام لله ظاهرا وباطنا والعمل بما يحبه ويرضاه وان يعلمهم العمل الذي شرع فيه ويكمل لهما مناسكهما علما ومعرفة وعملا وان يتوب ان تتم امورهما من كل وجه فاستجاب الله هذا الدعاء كله. وبارك به وحقق ودائهما. والله ذو الفضل العظيم. فكذلك دعاء يوسف عليه السلام ربي قد اتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث باطر السماوات والارض انت وليه في الدنيا والاخرة مسلما والحقني بالصالحين تتوسل الى الله بربوبيته وبنعمة الله عليه بنعمة الدنيا وهي الملك وتوابعه ونعمة الدين وهي العلم وهي العلم الكامل. وبولاية الله وابطالنا غيره وتولي الله له في الدنيا والاخرة ان يثبته على الاسلام الظاهر والباطن حتى يلقاه عليه فيدخله في قلة من الصالحين ومن ذلك دعاء سليمان عليه السلام ربي اورجاني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والديك كل لي برحمتك في عبادك الصالحين وتوسل الى الله بربوبيته وبنعمته عليه وعلى والديه ان يوزعه ان يلهمه ويوفقه لشكر هذه بها ومحبته لله عليها والثناء عليها والاكثار من ذكره وان يوفقه وعملا صالحا يرضى ويدخل ويدخل في هذا ويدخل في هذا جميع الاعمال الصالحة ظاهرها وباطنا وان يدخلهم برحمته في جملة عباده الصالحين. وهذا الدعاء شامل لخيري ابن خير الدنيا والاخرة فمثل هذا الدعاء الذي بلغه الله واشده وبلغه وبلغه اربعين سنة ومن عليه بالانابة اليه فقال نشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضى واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين فتوسل بربوبية ربه له وبنعمته عليه وعلى والده وبالتزام ترك ما يكرهه ربه وبالثوب التوبة وكان ما يحبه من الاسلام ان يموت يعني بالشكر المتضمن لاعتراف القلب وخضوعه ومحبته للمنعم والثناء على الله مطلقا ومقيدا. وان يوفقه لما يحبه الله ويرضاه ويصلح له يتوب هذا دعاء محتوي على صلاح العبد واصلاح لا اله امورا كلها. واصلاح ذريته في حياته وبعد مماته وهو دعاء حقيق بالعبد بخصوصا اذا بلغ الارض من ان يداوم عليه بظله وافتقار لعله ان يدخل في قوله اولئك الذين نتقبل عنهم احسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم باصحاب الجنة وهذا الصبغ الذي كانوا يوعدون. قوله تعالى ثم تولى الى الظل مستريحا لذلك الظلال هذا التعذيب قال في تلك الحياة مسترزقة. فاني مفتقر للخير الذي تسوقه الي وتيسره فهذا سؤال منه بحالي والسؤال بالحال قد يكون ابلغ من السؤال بلسان المقال فلن نزل في هذه الحالة راضيا ربه متملقا مفتقرا اليه معلقا رجاءه بالله وحده حتى فرج الله حتى فرج كربه وجل همه. والله هو الرزاق. ومن ذلك الادعية امر الله بها رسولا وعباده المؤمنين فقال وقل ربي اغفر وارحم وانت خير الراحمين. فهذا توسل الى الله بربوبيته ورحمته الواسعة لحصول الخير ودفع الشرك اللي هو هي المغفرة التي تنتفع بها المكروهات والرحمة التي تحصل بها جميع المحبوبات. وكذلك قول وقل ربي ادخل قال صدقي واخرجني مخرج صدقي واجعلني من لدنك سلطانا نصيرا فهذا توسل الى الله بربوبيته ان تكون مداخل العبد ومخارجه كلها صدقا وذلك ان تكون صالحة خالصة لوجه الله مقرونة بالاستعانة بالله والتوكل عليه وذلك يستلزم ان تكون حركات العبد كلها ظاهرها وباطنها طاعة لله وعملا بما يحبه ويرضاه هذا هو الكمال من جهة العمل واما الكمال من جهة العلم فانه يجعل الله له سلطانا نصيرا اي حجة ظاهرة ناصرة وقوة يحصو بها الحق يراقب الباطل فيحصل باستجابة هذا الدعاء العلم النافع والعمل الصالح والتمكين في الارض وقال تعالى لرسوله وقل رب زدني علما فالعلم ادل ما شاء وبه تعرف جميع الاشياء منه من الظلمات على السائلون. ومن اجمع الادعية واحسن ان يتوسع دعاء موسى عليه السلام حين الى ربه فقال انت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الاخرة انا اهدنا اليك. فتوسل الى وليه بولايته لعبدي وحدي تدبيري وتربيتي على حصول المغفرة والرحمة. وكذلك توسل بكمال مغفرة الله وسعة جوده على هذا ورتب على هذا حصول حسنة الدنيا والاخرة فان اذا حصلت المغفرة زادت الشرور كلها والعذاب كله واذا حصلت الرحمة حل الخير وحسنات الدنيا والاخرة سيكون قوله اكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الاخرة نظير قوله ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة مع زيادة التوسل بولاية الله وكمال غفرانه ومع طلب مغفرته ورحمته الذين بهما تنال حسنة الدنيا والاخرة. ثم ختم دعاءه بالتوسل الى ربه بالاقبال الى مثلي والتذلل لعظمتي فقال انا هدنا اليك اي رجعنا اليك في مهماتنا وامورنا لا نرجع الى غيرك لعلمنا انه لا يكشف السوء ولا يجيب مضطر الا انت رجعنا اليك في عباداتنا الظاهرة والباطنة ومن ذلك دعاء اصحاب الكبد فروا الى الله بدينهم فقالوا ملتقين ربنا اتنا في اتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من امرنا رشدا فتضرعوا اوتيهم من لدنه رحمة بحيث اذا حلت عليهم ثلثم لهم دينهم وحفظ وحفظهم من الفتن وانالهم بها الخير وان يهيئ لهم من امرهم ان ييسر امر يسرا وسائر لهم الامور ويرشدهم الى ارفق الاحوال فاستجاب لهم هذا الدعاء ونشر عليهم رحمته وحفظ اديانهم وابدانهم جعل فيهم بركة على انفسهم وعلى غيرهم. ومن ذلك دعاء حملة العرش ومن حوله من الملائكة المقربين حين دعوا للمؤمنين ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم وهذا دعاء جامع وتوسل نافع فتوسلوا بربوبية الله تعالى المتضمن علمه بحال المؤمنين وما خلقهم عليه من الضعف رحمته اياه لكونه جعل الايمان اعظم وسيلة تنال بها رحمته ان يغفر للمؤمنين الملتزمين للايمان وهم الذين تابوا مما يكرهه الله واتبع او سبيله بالتزام ما يحبه ويرضاه فيغفر ذنوبهم ويقيهم اشد العذاب وهو عذاب الجحيم وهو دخول الجنة وعدهم على السنة رسله وتمام باجتماعهم بابائهم وازواجهم وذرياتهم الصالحين ثم توسلوا بكمال عزة الله وكمال حكمته. لان المقام وهذا فمنك من عزتي واقتبالي ان يحفظهم ويحول بينهم بين السيئات ويصرف عنهم السيئات ويني لهم انواع المثوبات ومن كمال حكمته ان صلاتهم اهل لان يغفر لهم. ان يغفر لهم ويرحمهم ويدفع عنهم الاجر. فلما داوى ان يغفر لهم السيئات التي فعلوها ويجعلهم من الراشدين وانا من لزم وقاية السيئات ينصروا رحمة الله وهذا دعاء عظيم صادر من اعظم الخلق معرفة بالله وصف الله من حسرة او هذه الامور بالفوز بكل مطلوب والنجاة من كل مرهوب فقال ذلك هو الفوز العظيم. وكذلك دعاء الذين اتبعوا المهاجرين والانصار باحسان حيث قال تعالى والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم فتضرعوا الى ربهم وتوسلوا اليه بربوبيته ونعمته عليهم بالايمان وبسعة رحمته ورأفة ان يغفر لهم ولجميع اخوانهم الذين سبقوك بالايمان وان يصلح الله قلوبهم باجتماع على الايمان ومحبة بعضهم بعضا. والا يزال في قلوبهم ادنى ذل لكل من اتصلوا بالايمان وهذا الدعاء يتضمن حصول الخير لهم ولاخوانهم ودفع الشر عنهم وعن اخوانهم. فقد اخبر الله ان انبيائه تضرعوا اليه في طالبة خاصة ومطالب عامة. وتوسلوا بك ما باسماء وصفاته وبما من الله عليهم به من الايمان والنعم الدينية والدنيوية وبما كانوا عليه من فقر الضعف وشدة الضرورة الى ربهم في جميع امورهم. فهذه الادعية التي امر الله بها وحث عليها ومدح اهلها هي لا دين النافعة التي لا يليق بالعبد ان يختار عليها غيرها من الادوية المصطلحة والالفاظ المخترعة التي لا نشتت لها الى هذه الالفاظ قرآنية ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوى من الاعمال والاقوال الباطنة والظاهرة ومن ذلك الادعية. وكم في السنة من النووية مما يوافق الادعية القرآنية. فنسأله تعالى ان يهدينا لاحسن الامور ويصرف عنا جميع الشروط اوداد كريم رؤوف رحيم. هذه الجملة المطولة من كلام المصنف رحمه الله تعالى فرد فيها طائفة مستكبرة من الادعية القرآنية. وهي الادعية التي تبرع بها كمل الخلق من النبيين والصالحين الملائكة الى ربهم سبحانه وتعالى في مطلوباتهم. ويجمع هذه الادعية امران اثنان. اولهما ان هذه الادعية جاءت مصحوبة بما فيه توكل الى الله عز وجل وتضرع اليه يوصل الى قبولها وابلغ ذلك التوسل اليه سبحانه وتعالى بالاذعان لربوبيته والثاني ان هذه الادعية جاءت مكروهة في المقامات العظيمة والمطالب العالية فليس في شيء من دعاء هؤلاء ثم المستردد ولا مستحقر بل لم يدع الرب سبحانه وتعالى الا بشيء عظيم كدخول الجنة ومغفرة السيئات والنصر على الكافرين وهكذا ينبغي ان يكون دعاء العبد جامعا لهذين الامرين العظيمين. وما احسن ما ختم به المصنف رحمه الله تعالى هذا الفصل من الانباه الى ان اختيار الادعية القرآنية وما يوافقها من الادعية النبوية افضل للعبد واعظم نفعا من ان يحيد ويميل الى الادعية التي اصطلح عليها الناس والالفاظ التي اخترعوها فانه لا نسبة اين هذه الالفاظ الى الالفاظ القرآنية والنبوية