قال المؤلف رحمه الله تعالى قوله تعالى والذين هم لامانتهم واجلهم راعون ان يكونون لذلك رعاة متعاهدين مجتهدين في كل سبب تقوم به الامانات والعهود وتكمل وتتم مبعدين عن كل سبب يناقب ذلك وكذلك قوله. والذين هم بشهادات قائمون تقدم هذا المعنى وذكرنا ان رعاية المنى وذكرنا ان رعاية المؤمنين لاماناتهم اوجبت لهم المديحة عند ربهم فمدحهم بقوله عز وجل يوفون بالنذر فالمراد بالنذر هنا ما التزموه عامة والزموه لانفسهم وهو الدخول في الاسلام قوله تعالى ام يقولون به جنة بل جاءهم بالحق واكفرهم بالحق كارهون ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض ومن فيهن بلاء غلان دلت على ان مخالفة للرسول صلى الله عليه وسلم لاجل ما جاء به من الحق مخالف لاهوائهم. وان اهواء ام فاسدة يمتنع ان يرد الحق ان يرد الحق بما يوافقها ان يرد الحق بما يوافقها لان الحق هو صلاح السماوات والارض ومن فيهن ولو وافق اهواءهم لفسدت السماوات والارض وما فيهن فدل هذا على ان الحق جاء بما تشهد العقول الصحيحة والفطر المستقيمة بصحته واعتداله وكماله وان من خالف الحق فلتساد في عقله. وانحراف في فطرته وانه اختار الضار على النافع. فلهذا قال بين المصنف رحمه الله تعالى ها هنا قاعدة كلية تتعلق بمعرفة الحق وان الحق هو وما كان فيه مخالفة للهوى. ولذلك لما كان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مخالفا لاهواء المشركين الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولو وافق الحق اهواءهم لفسدت السماوات والارض لان اهواءهم مطبوعة على ما يخالف العقول الصحيحة والفطر المستقيمة. اما الحق الثابت الذي لا يتغير فهو المخالف للهوى الذي تشهد الصحيحة والفطر المستقيمة بصحته واستقامته واعتداله وكماله لولا فضل الله ورحمته لما شرع لعباده الاحكام ولولا فضله ورحمته لما فصلها وبينها فلولا فضله ورحمته ان الله تواب حكيم لما الضحى ما يحتاج اليه العباد ويسره غاية التيسير. ولولا فضله ورحمته لما شرع اسباب التوبة والمغفرة ولما تاب على التائبين ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم. كما فسر ذلك في صدر سورة النور من مقامات امتنان الله سبحانه وتعالى على عباده تذكيرهم بفضله ورحمته في ايات كثيرة يبين بها الله سبحانه وتعالى نعما وصلت اليهم فضلا من الله ورحمة. ففي فضل الله ورحمته شرعت الاحكام. وبفضل الله وفصلت شرائع الاسلام وبفظل الله ورحمته وفق الله التائبين الى التوبة وقبلها منهم. ولذلك فان اولى امر يفرح به الانسان هو فضل الله ورحمته. وقد قال الله عز وجل منبها الى هذا في سورة يونس قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون الاتيان باللفظ العام في قوله ولا يأتنون فهو الفضل منكم والسعة ان يؤتوا اولي القربى والمساكين والمساكين والمهاجرين في سبيل لله وليعفو وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم الله غفور رحيم مع انها نزلت في شأن ابي بكر الصديق رضي الله عنه حين تألى الا ينفق على مسطح حين شائع اهل الاثم مما يحقق ان القرآن العظيم نزل بداية عامة وانه يتناول ماء ملل وانه يتناول من لم ينزل على من لم ينزل عليهم من الامة ومن نجاتهم موجودون ومن كان له سبب بنزول يا وغيره وهكذا يقال في جميع الايات التي نزلت في قضايا جزعية خاصة ولفظها يتناول القضايا الكلية العامة. وبهذا ونحوه تعرف ومعرفة اسباب نزول الايات وان كان نافعا فغيره انفع واهم منه فتدبر الالفاظ العامة والخاصة والتأمل في سياق الكلام والاهتمام بمعرفة مراد الله بكلامه وتنزيله على الامور كلها. والامر الاهم وهو المقصود وهو الذي تعبد الله العباد به وهو الذي يحصل به العلم والايمان. ومما يدل على ان معرفة اسباب النزول ليس كمعرفة معنى ما اراد الله كلامه انه لا يتوقف معرفة معاني القرآن على معرفتها ولذلك تجد المفسرين يذكرون في اسباب النزول اقوالا كثيرة مختلفة لا يهتدي الانسان الى معرفة ففي الصحيح من ابي الغالب وكذلك المعتنين بها تضعف معرفتهم بتفسير القرآن كما ينبغي ولست اقول ان الاعتناء باسباب النزول ليس بنافع هنا قد يتوقف فهم كمال المعنى عليه. وانما قولي ان الاعتناد بتدبر الالفاظ والمقاصد هو الاهم ومع ذلك فاذا عرض للانسان سبب نزول سبب نزول بعض الايات ببعض الواقعات فلا يذهب همه اليه وحده بل يكون مرجعه الى هذا الاصل كبير فيعرف ان القضية التنفيزية التي نزلت الاية فيها بعض المعنى وفرد من افراده والمعنى قاعدة كلية يدخل فيها افراد كثيرة من جملة تلك الافراد تلك الصورة والله المستعان في جميع الامور. المرجو لتسليم كل صعب والاعانة على كل شديد. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة قاعدة جليلة من قواعد التفكير وهي انه ينبغي ان يكون للناظر في معاني القرآن الكريم ان يرقب مقاصد الالفاظ ومعانيها والا يقف عن مجرد ما تبادروا منها بسبب نزول او نحوه فقد تكون الاية نزلت لاجل شيء لكنها عممت من جهة الالفاظ لان قاعدة الشريعة انها تبني الاصول الكلية الجامعة العامة. ولا تعتني ببيان الافراد الجزئية الخاصة لان الدين جاء للناس جميعا ومما يعين على بيانه للناس جميعا ان تعلم ان ما نزل من الايات بسبب من اسباب النزول فان فهم ما جاء في هذه الايات لا يوقف عند سبب النزول بل ينبغي ان يتطلع المستشرف الى معاني ما جاء في ومقاصدها فمثلا سورة الاخلاص جاء من حديث ابي وهو حسن على طريقة اهل التفسير لانه مروي بنسخة تفسيرية ان المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك يعني بين لنا نسبه فنزلت هذه الاية قل السورة قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد. فلا تقف عند فهم ان هذه السورة فيها مجرد بيان نسب الرب سبحانه وتعالى وانه الواحد الاحد. بل في هذه الصورة من المعاني العظيمة ما جعلها ثلث القرآن كما اخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله قل هو الله احد ثلث القرآن. وقد صنف ابو عباس ابن تيمية رحمه الله تعالى رسالة مفردة في بيان ما تضمنته سورة الاخلاص من المعاني العظيمة. فاذا رقب المطالع للتفسير والمعتني ببيان معاني القرآن هذه القاعدة وكانت بين ناظريه فتح الله عز وجل له موارد من الفهم لم يكن ان يقف عليها اذا قصر نظره عند مجرد سبب النزول كهذه الاية من سورة النور فان نزولها فليقم بابي بكر رضي الله عنه وصاحبه مسطح رضي الله عنه اما اللفظ فانه عام يشمل هذه الصورة وما كان في الاتيان بقوله يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا. احسن من قوله تستأذنوا لانها تستأنس وتتضمن تتضمن الاستئذان وزيادة التعليل وان الحكمة التي شرع الله الاستئذان لاجلها هي حصول الاستئناف من عدم الوحشة ويدل ذلك ايضا على انه الاذن والاستئذان بكل ما يدل عليه عادة وعرفا لكن قد يقال ان الاستئذان ايضا يدخل في قد يقال ايش عندي في ترتيب لكن قد يقال لكن قد يقال ان الاستئناف لانها ايراد ولا يمكن ان يكون بمعنى الاستئذان. لكن قد يقال ان الاستئناف. نعم لكن قد يقال ان الاستئناس ايضا يدخل فيه الاستئذان اللفظي والعرفي والله اعلم هذه الجملة مبنية على القاعدة التي تقدمت غير مرة وهي ان العدول عن لفظ الى لفظ اخر يكون فيه معنى مستكن ان الله عز وجل عدل عن قوله حتى تستأذنوا الى قوله حتى تستأنسوا لان تستأنسوا تتضمن شيئين اثنين احدهما طلب الاذن بالدخول وهو الاستئذان والثاني زيادة التعليل للاستئذان وهو حصول الانس وزوال الوحشة فان المقصود من الاستئذان البلوغ الى هذا المقام الحميد وهو الانس وعدم الوحشة قوله تعالى وانكحوا الايام منكم والصالحين من عبادكم واولائكم يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانكم فكاتبوهم ان علمتم بهم خيرا واتوا مما لله الذي اتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فان الله من بعد والله ان غفور رحيم ثمرت هذه الايات على الامر بالسعي بالاسباب المباحة التي ينال بها الرزق كالنكاح ونحوه. وفي معناه قوله تعالى في سورة الملك هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه. فذكر المشي في مناكب الارض ارشاد الى السعي الى اسباب الرزق المباحة وعلى ان من لم يحصل له ساعة فليلزم تقوى الله تعالى والكف عن محارمه وينتظر وينتظر فضل الله ورزقه وغناه. وفي معناها قوله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. فاذا اتقى العبد ربه فان الله عز وجل يفتح له ابواب بوابة من الرزق لم تكن في خلده لان الله هو الرزاق كما قال تعالى ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين. وقال تعالى نحن نرزقك والعاقبة التقوى وعلى تحريم الصعيد الاسباب المحرمة في قوله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء والله اعلم ولم لما كان التوكل به حياة الاعمال والاقوال وجميع الاحوال وبه كمالها قال تعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت فامر بالتوكل والاعتماد على الحي من الحياة فاذا حقق العبد التوكل على الحي الذي لا يموت احيا الله له اموره كلها وكملها واتمها. فهذا من المناسبات الحسنة التي ينتفع العبد استحضارها وثبوتها في قلبه فنسأل الله تعالى ان يرزقنا توكلا يحيي به قلوبنا واقوالنا وافعالنا ودنيا ودنيانا ولا يكلنا الى انفسنا ولا الى غيره طرفة عين ولا اقل من ذلك انه جواد كريم. وهذه الاية فيها معنى لطيف فان الله عز وجل امر بالتوكل على الله عز وجل بذكر اسم من اسمائه بمعنى مراد فقال وتوكل على الحي الذي لا يموت اعلم ان من يموت لا يصلح التوكل عليه. وهذه الاية قاطعة لدعوى صحة التوكل على المخلوقين. فمن يصحح قول قائل توكلت على الله وعليك او قوله توكلت على الله ثم عليك فانه معارض بهذه الاية التي بينت ان التوكل لا يكون الا على الحي الذي لا يموت لان حقيقة التوكل هي تفويض العبد الامر واعتماده في من يسنده اليه عليه. ولا يكون هذا صالحا الا في حق الرب سبحانه وتعالى فهو الحي الذي لا يموت والجن والانس يموتون قوله تعالى ولم يكن لهم اية ان يعلمه علماء بني اسرائيل تدل على ان اهل العلم بهم يورثوا الحق من الباطل والحلال ومن الحرام الوسائل بين الله وبين عباده. ولهذا استشهد الله بهم على التوحيد وعلى النبوة وعلى صحة القرآن كما في هذه الاية. وعلى التوحيد في قوله الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم. وعلى القرآن في قوله بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وتدلها هذه الايات على ان العلم الحقيقة هو ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب فما فرق بين الحق والباطل فما سوى ذلك وان كان يستحق صاحبه ان يكون من اهل العلم الذين امر الله بالرجوع اليهم فانما هو من اهل الذكر الذين قال الله فيهم فاسألوا عن الذكر ان كنتم لا تعلمون تتبع ايات القرآن وتصفحها دل على الاستشهاد لاهل العلم في مقامات ثلاث المقام الاول الاستشهاد بهم فيما يتعلق بالمنزل وهو الرب سبحانه وتعالى فاستشهد الله عز وجل بالعلماء على توحيده. وثانيها الاستشهاد بهم فيما يتعلق وبالمنزل وهو القرآن فاستشهد الله عز وجل بالعلماء على صحة القرآن. وثالثها الاستشهاد بهم فيما بالمنزل عليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم فاستشهد الله بالعلماء على تصحيح نبوته ورسالته فقير بمن من الله عليهم بشيء من العلم ان يكونوا اسرع الناس قيادا للحق وابعد الناس عن الباطل ولهذا شدد الله الظن بمخالفة هذين امرين على اهل العلم كقوله الم ترين الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجدس والطاغوت وقوله الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يشترون دون الضلالة وقوله الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكموا بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون جدير باهل العلم كما ذكر المصنف ان يكونوا اسرع الناس انقيادا للحق وابعد الناس عن الباطل لان هذا هو الذي يوجبه العلم فان المراد بالعلم هو ايصال العبد الى المقامات المحمودة من العمل والدعوة الى الله عز وجل والصبر على ذلك كله ومن فارق هذا الاصل فانه يكون ممن اوتي نصيبا من العلم لكنه لم يتحقق بالعلم كلية والمتحقق بالعلم كله نية هو الذي يبلغ منزلة الفقيه. ولهذا اجمع السلف رحمهم الله تعالى كما نقله ابن القيم في مفتاح دار السعادة اما الفقه لا يقع الا على من جمع مع العلم العمل فانه هو الفقيه حقا لانه ضم الى علمه عملا صالحا اما من كان العلم على لسانه ولم يخالط الايمان قلبه فلم تكن اعماله موافقة لما يحمله من العلم فهذا انما اوتي نصيبا من الكتاب كلما ازداد العجز قربا من الله بالايمان به والتحقق بحقائقه ومعرفته بالله ومحبته والانابة اليه واخلاص العمل له. حصل له الخير والسرور وانواع الشرور وزالت عنه المخاوف وتساولت عليه صعاب الامور. وهذا هو المعنى الذي اراد الله بقوله لموسى لا تخف اني لا يخاف لدي المرسل الا من ظلم ثم بدل حصنا بعد سوء ويدل على هذا قوله لا يخاف لدي ولم يقل لا يخاف مني اي لا خوف عليه باكمله الحالات واشرف المراتب وهي الرسالة ولكل مؤمن نصيب من هذا بحسب ما قام به من اتباع المرسلين. ويدل ايضا عن ان المراد هذا المعنى العام ايضا ان المراد وهذا المعنى ويدل ايضا ان المراد هو هذا المعنى العام الحسن الجليل لان السياق والقرينة تدل عليه دلالة بينة فان الخوف الصادر من موسى انما ولما رأى صوته تهتز كانه جامد فخاف حينئذ من تلك الحية بحسب الطبيعة البشرية فعلمه الله تعالى ان هذا محل القرب والله لا يليق ولا يكون فيه خوف وانما في اعلامه التام. ولهذا قالت الاية الاخرى اقدم ولا تقل انك من الامنين. ويدل على هذا المعنى ما دل استثناء في قوله ان من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فانه غفور رحيم فان الاستثناء ميزان العموم والاصل ان يكون من جنس المستثنى منه. فالمعنى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. فان انفسهم ثم رجعوا الى ربهم وضدوا سيئاتهم حسناتهم رجعوا الى مرتبتهم وازال عنهم الغفور الرحيم موجب الظلم واساءتي والله اعلم ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة ان ازدياد العبد قربا من ربه عز وجل بالايمان والتحقق بحقائقه يبلغ العبد معية الله عز وجل التي يحصل بها على الامن ولذلك فذكر الله عز وجل كثيرا من الاعمال الصالحة ثم كان الجزاء فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فانهم لما خوفهم من الله عز وجل كان امنهم عنده سبحانه وتعالى. والجزاء من جنس العمل. والله سبحانه وتعالى خابوا منه فمن خاف منه لم يخف لديه. ومن لم يخف من الله عز وجل فانه يكون عليه الخوف يوم القيامة. ولهذا من خيف منه فر منه الا الله سبحانه وتعالى فانه اذا خيف منه فر اليه كما قال الله عز وجل الى الله. قال بعض السلف من خاف الله فر اليه ومن خاف غيره فر عنه. ولاجل هذا من خاف الله عز وجل في الدنيا واحسن عمله كان الجزاء انه امن يوم القيامة لا خوف عليه. كما قال الله عز وجل الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم المهتدون. فلهم امن كامل ولهم اهتداء كامل بحسب كمال ايمانهم مهما تنقلت بالخلق الاحوال واعطوا الاسباب العظيمة من التمكين في الارض والاقتدار على مصالحها فما بلغوا ولا يبلغون ما بلغه سليمان عليه السلام من الريح التي غدوها شهر ورواحها شهر وتجري بامره رخاء حيث اصاب. ومن تسخير الشياطين كل بناء وغواص واخرين مقرنين في في الاسفل ومن تسهيل الاسباب التي تدرك فيها المطالب قال قال يا ايها الملأ ايكم يأتين بعرشها قبل ان يأتوا من المسلمين قال افريتم من الجن انا اتيك قبل ان تقوم من مقامك واني علي لقوي امين قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني ااشكر ام اكثر؟ ومن الطين والوحوش وتعلم المنطقها مما هو من اعظم الادلة على ان هذا امر سماوي ليس في قدر المخلوقات استطاعته هذه الجملة ذكر فيها المصنف رحمه الله تعالى الحالة التي كان عليها سليمان عليه الصلاة والسلام من الملك الكامل وهذه الحال تورث العبد شيئين اثنين احدهما تعظيم الخالق فان العبد اذا نظر الى عظمة ما اوصل الى هذا المخلوق من المكنة والقدرة كان في ذلك ارشادا له على ان عظمة الرب سبحانه وتعالى فوق ذلك فلا لو خذوها كما قال الله عز وجل وما قدروا الله حق قدره. وثانيها تحكير النظر الى المحدثات والصنائع ما بايدي اهل الكفر والشرك من الصنائع التي بلغوا بها علما عظيما فانها مهما عظمت لن تبلغ شيئا عند المكنة التي كانت عند سليمان فان الله سبحانه وتعالى اتاه ما لم يؤت احدا من العالمين. الا ان الفرق بينهم وبين سليمان ان هؤلاء اي يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة والمغافلون. واما سليمان عليه الصلاة والسلام فقد كان له علم من الاخرة وعلم من الدنيا ما يجري على الاخيار يحصل لهم فيه النفع خصوصا ولغيرهم عموما وهذا من بركة الله لهم وبركته فيهم ومن مسحهم للخلق. ولهذا لما رأى سليمان عليه والصلاة والسلام على سبأ مستقرا عنده قد احضر في اسرع وقت قال هذا من فضل ربه ليبلوني اشكر ام اكفر ومن شكر فانما يشكر ومن كفر فان ربي غنيا كريم. الا تراك اذا اعترف بفضل الله ان شكر الله على ذلك واقر لله تعالى بالحكمة. واخبر عن كرم الله كان في ضمن كلامي هذا الحظ للعباد على هذه الامور. وبهذا اتى بالنفل العام ومن شكر ومن كفر فاذا تأملت جميع القضايا التي تجري على الانبياء واتباع ما ورثتهم وجدتها بهذه الحالة ينتزعون بها وينفع الله بها الخلق بسببهم. فنسأل الله تعالى ان يبارك فكرة نادية ما طال من نعم الدين والدنيا فان بركة الله لا نهاية لها وجوده لا حد له. والقليل اذا بارك الله فيك صار كثيرا يا قليل في نعم ربنا فله الحمد والشكر بجميع انواعها حمدا على ما له من انواع الكمالات وشكرا على ما اسدى الى الخلق من صلاة واجبات في القلب واللسان والجوارح كثيرا طيبا مباركا فيه. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الجملة منفعة من منافع صحبة الاخيار وذلك انهم اذا جرى عليهم نفع فانه يعم غيرهم كما اتفق هذا انبياء الله ومن جملتهم سليمان عليه الصلاة والسلام في هذه القصة فانه اعترف بفضل الله وشكر الله على ذلك ثم ثم حظ غيره على شكر الله عز وجل وحذره من كفره فاخبر ان من شكر شكر لنفسه ومن كفر فانما يكفر عليها ال داوود ممن جاءت فيهم الايات المتعلقة بالشكر وابلغها قول الله عز وجل اعملوا ال داوود شكرا وقليل من عبادي يشتكون لان الشكر من اعظم المقامات القلبية التي يحاز بها الخير. فلما كان اهل ذلك البيت على هذا المقام برعاية رتبة شكر بلغهم الله عز وجل من النعم والالاء ما لم يكن لغيرهم كما وقع لداوود وسليمان عليهما الصلاة والسلام ومن جملة هذا ما وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم فان كل ما اورده الله عز وجل عليه من الخير العميق والفضل العظيم صار اثره على جميع المسلمين فهذا من بركة الله لهم وبركته فيهم صلوات الله وسلامه عليهم