نعم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. قال الشيخ المسعدي رحمه الله تعالى في الفصل السادس هو من ذلك ان يوسف صلى الله عليه وسلم جمع لهم بين تعديل رؤيا الملك وبين ما ينبغي له من يفعلون ويدبروه في سنين الخصم للاستعداد للسنين الجذب. وحين قال له الملك انك اليوم لدينا مكين امين. اي تتمكن من امور المملكة يا مفوض اليه الامور لامانته وكفاءته وكمال الثقة به. فالملك هو الذي ابتدع توليته وتفويض الامور اليه وهو الذي اقترح ان يكون على خزائن الارض وجبايتها وتصريفها لاجل عموم المصلحة. ولهذا قال اجعلني على خزائن خزائن الارض اني حفيظ عليم. اي احفظ الحاصلات والغلات واعلم كيف يتم تصريفها وتدبيرها. فحين اذ اعتنى في سنين الخصم بزروعات هائلة في مخازنها في سنبلها واجتهد في الاقتصاد في اكلهم ايام السنين الخصيبة لتتوفر الغلال. ويكون لها النفع العام حين جاءت السنون المجذبات وعم الجذب للاقطار المصرية وما جاورها وفني ما عند الناس جعلوا يقصدون مصر من كل جهد فجعل لهم كاين العدل والاقتصاد بحسب الحاجة لا يزيد كل واحد على حمل البعير خوفا من ان لا يجتاحه المحتكرون ويحصل الظرر على المحتاجين المعوزين. ولهذا من جملة ما عالج اخوة يوسف اباءهم لانسان ابن امين معهم او قالوا فنزداد كيل فاذا كان معنا خوفا من ايش خوفا من ان يجتاحه المحتكرون. نعم انت. ايه هذي غلط خوفا من ان يجتاحه المحتكرون احسن الله خوفا من ان يجتاحه المحتكرون ويحصل الضرر على المحتاجين المعوزين. ولهذا من جملة ما عالج اخوة وصفابهم لانسان بنيامين مع من قالوا ونزداد كيل بعير. اي اذا كان معنا حصل لنا زيادتك لبعير لان عائلة يعقوب كثيرون يحتاجون الى ميرة كثيرة فحصل لهذه الاعمال الجليلة على يد يوسف ونفع للخلق عظيم وازالة ضرورات ودفع حاجات تهويل للشدات والكربات ومنها المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا سادسا نظم فيه جملة من فوائد قصة ليوسف عليه الصلاة والسلام صدرها ببيان ما وقع من يوسف عليه الصلاة والسلام من الجمع بين حسن التعبير وحسن التدبير. فقد احسن في من تعبير رؤيا الملك وبين ما ينبغي لهم ان يفعلوه خلال سنين الخصب والجذب ثم احسن عليه الصلاة والسلام سلام التدبير بعد ان فوض اليه الملك لامانته وكفاءته وكمال الثقة به. واختار يوسف عليه الصلاة والسلام ان يكون على خزائن الارض وذلك لحفظه وعلمه فهو له قدرة في حفظ تلك الغلات وله علم في تصريفها فلما وقع ما وقع من السنون المجدبات احسن يوسف عليه الصلاة والسلام تصريف ما خزن في السنوات الماضيات على الناس فعم الرخاء والسعة على الخلق جميعا فكان كل احد يأخذ بحسب حاجته ولهذا طلب اخوة يوسف من ابيهم ان يرسل معهم باليمين ليستكثروا من الاخذ لان كل قدر محدود بحسب عدد من ترون من تلك الميرة الكثيرة ويتزودون بما يؤتيهم يوسف عليه الصلاة والسلام نعم ومنها مشروعية الضيافة وانها من سنن الرسل وقررتها هذه الشريعة لقول يوسف الا ترون اني اوفي الكيل وانا خير ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثانية من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي مشروعية الضيافة وانها من سنن المرسلين. وقد قررتها هذه الشريعة والشاهد فيها قول يوسف عليه الصلاة والسلام وانا خير المنزلين. يعني خير المضيفين وقد وقع هذا من نبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام كما في قوله تعالى هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين الى اخر للايات مقررات هذه الشريعة كما جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفة نعم ومنها ان استعمال الاسباب الواقية من العين او غيرها غير ممنوع بل جائز ومستحب بحسب حاله وان كانت جميع الامور بقضاء الله وقدره لكن الاسباب بقيت الدافعة من قضاء الله وقدره. بشرط ان يفعلها العبد وهو معتمد على مسببها لان يعقوب عليه السلام حين اراد ان يوصي بني لما ارسل ابن امين معهم قال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من ابواب متفرقة ما اغني عنكم من الله من شيء ان الحكم الا لله عليه توكلت. واخبر تعالى ان مبتذل وامرأ بهم وان هذا الامر لم مشان الله حادثا في نفس يعقوب قضاها وان هذا الامر لم يغني شيئا الا حادثا في نفسه عقب قضاء وهو شفقة الوالد على اولاده والشريعة جاءت باثبات الاسباب النافعة الدينية والدنيوية والحث عليها مع الاستعانة بالله كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل فائدة ثالثة من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام هي ان استعمال الاسباب الواقية من العين او غيرها غير ممنوع بل جائز ومستحب بحسب حاله وان كانت جميع الامور بقضاء الله وقدره ثم ذكر الدليل على ذلك وهو ما امر به يعقوب عليه الصلاة والسلام بنيه فقال لهم لا تدخلوا من باب واحد وهذا اتخاذ للسبب وقد ينفع هذا الاتخاذ وقد يقضي الله عز وجل امرا كان مفعولا والذي حمل يعقوب وعلى ما فعل شفقته على اولاده وخوفه ان تصيبهم العين فارشدهم الى سبب يكون واقيا باذن الله عز وجل من وقد جاءت هذه الشريعة باثبات الاسباب النافعة الدينية والدنيوية والحث عليها مع الاستعانة بالله كما في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فارشد الى ثلاثة امور عظيمة تحصل بها تحصيل المطلوب كما بيناه في مقام سابق. نعم. ومنها جواز استعمال الحيل والمكائد التي توصلوا بها الى حق من الحقوق الواجبة والمستحبة او الجائزة كما استعمل يوسف ذلك مع مع اخيه. حيث وضع السقاية في رعل اخيه مؤذن مؤذن بعد رحيلهم ايتها العير انكم لسارقون الى قوله فبدأ باوعيتهم قبل وعاء اخيه ثم استخرج وعاء اخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ حافدين الملك فعمل مع اخيه هذا العمل ليتوصل به الى بقائه عنده من غير شعور منهم. فلما تقرر عندهم انه هو الذي اخذ الصواع استفتاهم عن حكم السارق في دينهم فقالوا من وجد في رحله فوجزاؤه. كذلك نجزي الظالمين. اي جزاء السارق ان يتملكه المسروق منه فحكموا على انفسهم هذا الحكم الذي هو المقصود ليوسف ولو اجرى عليه حكم ملك مصر لكان له حكم اخر ويسر الله هذا العمل وهذا الحكم ليبقى اخوه عنده والحيل التي على هذا النوع لا حرج فيها وانما المحرم الحيل والمكائد التي يتوصل بها الى احلال المحرمات او اسقاط الواجبات ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة رابعة نظمها في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة سلام هي جواز استعمال الحيل والمكائد الموصلة الى حق من الحقوق والمراد بهذه الحيل المأذون بها الحيل التي لا تشتمل على مخالفة الشريعة اما الحيل التي يتوصل بها الى احلال المحرمات او اسقاط الواجبات فانها محرمة على كل حال وهذا باب عظيم من ابواب الفقه قد افرده جماعة بالتصنيف منهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وقد بين رحمه الله تعالى هو وتلميذه ابن القيم في الطرق الحكمية واعلام الموقعين في اخرين ان الحيل تنقسم الى هذين النوعين الاثنين واولهما الحيل المشروعة وهي التي لا تخالف الشريعة والثاني الحيل الممنوعة وهي المخالفة للشريعة وقد استعمل يوسف عليه الصلاة والسلام حيلة في استخلاص اخيه بنيامين من بين اخوته وذلك انه وضع اصواع الملك يعني الصاع الذي يكال به وضعه في رحل اخيه ثم استخرجه من وعاء اخيه فكان ذلك سببا لاخذ يوسف عليه الصلاة والسلام لاخيه بنيامين جزاء له بعد ان قرر اخوته على الحكم فاخبروا ان جزاءه من وجد في رحله فهو جزاؤه يعني جزاؤه ان يتملكه الملك ويضمه اليه فتملكه يوسف عليه الصلاة والسلام بهذه الحيلة وضمه اليه نعم ومنها استعمال المعاريض عند الحاجة اليها فان في المعاريض ممدوحة عن الكذب وذلك من وجوه منها قوله ثم استخرج ولم يقل سرقا كذلك قولوا معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده فلم يقل من سرق متاعنا واذا قيل ان هذا اتهام للبريء قيل انما فعل ذلك باذن اخيه ورضاه. واذا رضي زال المحظور ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة خامسة من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام هي استعمال المعاريض عند الحاجة والمراد بالمعايير الكلام الذي يرسل فيتوهم منه سامعه شيء ويريد به المتكلم شيئا اخر وهو الذي يسميه علماء البلاغة بالتورية وانما اذن بالمعاريظ لما فيها من الدفع والتوسعة والاغناء عن الكذب وقد روي هذا مرفوعا وانما يثبت موقوفا من كلام جماعة من السلف ان في المعاريض ممدوحة عن الكذب ووقع التعيظ في الكلام في قوله ثم استخرجها من وعاء اخيه ولم يقل سرقها وكذلك قال من وجدنا متاعنا عنده ولم يقل من سرق متاعنا فان السامع انما يفهم معنى السرقة واما المتكلم فلم يرد هذا المعنى نعم ومنها ان الانسان لا يحل له ان يشهد الا بما يعلم لقولهم وما شهدنا الا بما علمنا فان العلم يحصل باقرار انا على نفسي وبوجودي المسروق ونحوه معه وفي يده او رحله ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثالثة ان من اصول الشهادة الا يشهد الانسان الا على ما يعلمه متيقنا منه كما ذكر الله عز وجل ها هنا وما شهدنا الا بما علمنا والفقهاء رحمهم الله تعالى يذكرون في ذلك الحديث المروي عند ابن عدي وغيره واسناده ضعيف ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يشير الى الشمس على مثلها فاشهد. واسناده ضعيف. والمقصود ان الانسان لا يشهد الا بعلم وهذا اصل ثابت بادلة كبيرة نعم وفيها ان وجود المسروق بيد السارق بينة وقليلة على انه السارق ولذلك حكم حكموا على اخيه يوسف بحكم السارق ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة سابعة ترجع الى الاخذ بالقرائن الذي تقدم وهو ان وجود المسروق بيد السارق بينة وقرينة يعني حجة ودليل يرشد الى ان ذلك الاخذ هو السارق له. ولهذا اجتمع في الحكم بالسرقة على اخي يوسف اجتمع عليه حكم يوسف عليه الصلاة والسلام وحكم اخوانه وكان حكم يوسف في ظاهر السرقة وفي الباطن خلاف ذلك. واما اخوة يوسف فانهم توهموا السرقة من اخيهم بنيامين ومن ذلك بريء. نعم ومنها هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه ويعقوب عليه السلام حيث قضى بالفراق بينه وبين يوسف هذه المدة الطويلة التي يغلب على الظن انها تبلغ ثلاثين سنة فاكثر من ذلك انه بقي مدة في بيت العزيز قبل السجن في الامكان او تكون من سبع سنين الى العشية او نحو ذلك على وجه الخرس والحزر. ثم مكث بضع سنين في السجن والاكثر انها سبع سنين. ثم بعد خروجه دخلت السبع سنين المصيبات وهذه نحو احدى وعشرين سنة. ثم دخلت السبع وتردد اخوة يوسف اليه مرات. فالظاهر ان اللقاء كان في اخر هذه تقارب الثلاثين ونحوها وهو في هذه المدة لم يفارق الحزن قلبه وهو دائم البكاء حتى ابيضت عينه من الحزن وفقد بصره وصابر لامر الله محتسب الثواب عند الله قد وعد من نفسه الصبر ولا شك انه وفى بذلك ولا ينافي ذلك قوله تفيه حزني الى الله فان الشكوى الى الله لا تنافي الصبر وانما ينافي الصبر الشكوى الى المخلوق ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثامنة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي المحنة العظيمة التي ابتلي بها نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام اذ قضى مدة طويلة تبلغ ثلاثين سنة فاكثر كما قدره المصنف وهو مفارق لابنه يوسف عليه الصلاة والسلام. وفي تلك الحال لم يفارقه الحزن والبكاء حتى ابيضت عيناه وذهب بصره وهو صابر لامر الله محتسب للثواب عند الله سبحانه وتعالى ثم بين رحمه الله تعالى من خبر يعقوب انه كان يبث شكواه وحزنه الى الله سبحانه وتعالى. والشكوى الى الله لا تنافي الصبر وانما الذي ينافي الصبر الشكوى الى المخلوق. والمراد بالشكوى الى المخلوق ذكر المصاب على وجه التسخط الجزع اما اذا ذكر المصاب دون سخط ولا جزع فان ذلك لا يكون من جملة الشكوى المذمومة فيجوز للعبد ان يخبر عن حاله من غير جزع ولا تسخط ولا يكون فعله من جملة الشكوى الى غير الله سبحانه وتعالى نعم. ومنها ان الفرج مع الكرب فانه لما اشتد الكربى قال يا اسفا على يوسف قال يا بني اذهبوا فتحسسوا مني من رح الله الا القوم الكافرون. وهم حين دخلوا على يوسف ووقفوا بين يديه موقف فقالوا يا ايها العزيز مسنا واهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجة اي قليلة حقيرة لا تقع الموقع فاغفر لنا الكيل وتصدى علينا ان الله يجزي المتصدقين. فحينئذ لما بلغ الظلم انتهاه من كل وجه عرفهم بنفسه فحصل بذلك البشارة الكبرى لابنائي واخوتي واهلي ما زال عنهم الضر والبساء وخلقه السرور والفرح والرخاء. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة تاسعة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي ان الفرج مع الكرب وهذا اصل عظيم مقرر في الشريعة وسيأتي بيانه في كتاب نور الاقتباس لابي الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى فانه كلما اشتد الكرب كلما قرب الفرج ولما اشتد الكرب بيعقوب وابيضت عيناه وقال يا اسفا على تفجأ الفرج من الله سبحانه وتعالى ولما اشتد الكرب بابناء يعقوب عليه الصلاة والسلام ولحقهم الضر وبلغ بهم العوذ اشد المبلغ جاءهم الفرج فعرفهم يوسف بنفسه فحصل لهم بذلك الخير الكثير نعم ومنها ان الله يبتلي انبيائه بالشدة والرخاء والسرور والحزن واليسر والعسر ليستقيد منهم عبوديته في الحالين الشكر عند الرخاء والصبر عند الشدة والبلاء. فتتم عليهم بذلك النعماء كما ابتلى يعقوب ويوسف وكذلك غيرهم من انبيائه واصفيائه قال المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة عاشرة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي ان الله عز وجل يبتلي انبياؤه واصفيائه بشدة والرخاء والسرور والحزن ليستخرج منهم عبوديتين اثنتين احداهما عبودية الشكر في الرخاء والثانية عبودية الصبر عند البلاء. ولا يمكن من ذلك الا للعبد المؤمن كما جاء في صحيح مسلم من حديث صويب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لاحد الا للمؤمن. وقد اذا هذا ظاهرا في حال يعقوب ويوسف عليهما الصلاة والسلام ومنها جواز اخبار الانسان بما يجد وما هو فيه من مرض او فقر او غيرهما على غير وجه تسخط قول اخوة يوسف ومسنا واهلنا الضر واقرهم على ذلك ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الفائدة الحادية عشرة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي جواز اخراج الانسان بما يجد لا على وجه التسخط والجزع وذلك لا يكون من الشكوى لغير الله سبحانه وتعالى كما سلف قريبا. نعم. ومنها فضيلة التقوى والصبر وان كل خير في الدنيا من اثارهما وان عاقبة اهلهما احسن العواقب لقوله قد من الله علينا وان اخبار العبد من نفسه بحصول التقوى والصبر اذا كان صدق وفي ذلك مصلحة من باب التحدي بنعمة الله. قال الله تعالى واما بنعمة ربك فحدث. وهي تشمل نعم الدنيا ونعم الدين ان الله يجمع للمتقين بين خير الدنيا والاخرة كما في هذه الاية والاية السابقة وهي قوله اصيبوا برحمتنا من نشاء ولا نضيع اجرا المحسنين ولا اجور الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون. وانه ينبغي للعبد ان يتذكر في حاله وخير السرور حالة الحزن والشدة ليزداد وشكر وثناء وعلى الله ولهذا قال يوسف فقد احسن بي اذا اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الفائدة الثانية عشرة من فوائد هذا الفصل المتعلقة بقصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي فضيلة التقوى والصبر ان كل خير في الدنيا والاخرة من اثارهما وان عواقب اهلهما احسن العواقب. وفي ذلك ايات واحاديث كثيرة ثم ذكر ان اخبار العبد عن نفسه بحصول التقوى والصبر اذا كان صدقا وفي ذلك مصلحة هو من باب التحدث بنعمة لله فلا بد من اجتماع شرطين اثنين ذكرهما المصنف احدهما ان يكون خبره صادقا فلا يصف نفسه بالتقوى صبر الا مع الصدق في ذلك. والثاني ان يكون في ذلك مصلحة راجحة. ويبقى شرط ثالث وهو امن العبد على نفسه الفتنة فان اجتمعت هذه الشروط الثلاثة ثم ذكر العبد ما ذكر عن نفسه من تقوى وصبر كان ذلك من جملة التحدث بنعمة الله المأمور بقوله واما بنعمة ربك فحدث وهذا يشمل نعم الدنيا ونعم الاخرة. ثم ذكر انه ينبغي للعبد ان يتذكر في حال في الرخاء والسرور حال الحزن والشدة ليزداد شكره لربه وثناؤه عليه ومنها انه ينبغي للعبد ان يتضرع الى الله دائما في تثبيت ايمانه ويعمل الاسباب لذلك ويسأل الله حسن خاتمته تمام النعمة ويتوسل بعمله الحاصلة الى ربه ان يتمها عليه ويحسن له العاقبة كما قال يوسف صلى الله عليه وسلم وعلمتني من تأويل الاحاديث. فاطر السماوات والارض انت وليي في الدنيا والاخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين وليس هذا من يوسف تمنيا للموت كما ظنه بعضهم بل هو دعاء لله ان يحسن خاتمته ويتوفاه على الاسلام كما يسأل العبد ربه ذلك الهامش الذي عندكم ويتوسل بنعمه الحاصلة مكتوب رقم اثنين نعم هذا ليس موضعه هنا موضعه في الصفحة التي تليها في السطر الثاني عند كلمة ووعد في المستقبل هذا محل الهامش تنقلونه هناك حتى يفهم الكلام ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الفائدة الثالثة عشرة المنتظمة في هذا الفصل من فوائد السورة قصة يوسف عليه والسلام وهو انه ينبغي للعبد ان يتضرع الى الله دائما في تثبيت ايمانه ويأخذ بالاسباب الموصلة اليه ويسأل ربه حسن الخاتمة وتمام النعمة كما وقع ذلك من يوسف عليه الصلاة والسلام اذ قال توفني مسلما والحقني بالصالحين الحين وليس هذا من يوسف تمنيا للموت وانما سؤالا لله عز وجل ان يثبته على الاسلام حتى يتوفاه عليه. وكما كان هذا يقع من نبينا صلى الله عليه وسلم كما روى الترمذي وغيره بسند حسن من حديث ام سلمة رضي الله عنها لما سئلت ما اكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ثم ذكرت انها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما اكثر دعاءك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. فقال ان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن فمن شاء اقام ومن شاء ازاغ فينبغي ان يكون من دعاء العبد الذي يلهج به كثيرا دوام سؤال الله عز وجل ان يثبت قلبه وعلى الدين نعم ومنها ما من الله به على يوسف من حسن عفوه عن اخوته وانه عفا عما مضى وانه عفا عما مضى وعدد المستقبل الا يفرد عليهم ولا كرة منه شيئا لانه يجرحهم ويحزنهم. وقد بدأوا الندامة وقد ابدؤوا الندامة التامة ولاجل هذا قال بيني وبين اخوتي ولم يقل من بعد ان مرزقهم بل اضافوا الفعل الى الشيطان الذي فرق بينه وبين اخوته وهذا من كمال الفتوة والتمام بالمروءة ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الفائدة الرابعة عشرة المنتظمة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي ما اتفق ليوسف عليه الصلاة والسلام من نعمة الله عز وجل عليه اذ احسن في العفو عن اخوته فعفا عما مضى ووعدهم الا يثرب عليهم ولا يدخل شيئا يؤذيهم ويحزنهم من بعد ان نزغ الشيطان بينهم ثم تلطف في العبارة اذ قال من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي فلم يقل من بعد ان نزغهم الشيطان بل اضاف الفعل الى الشيطان سعيا في تطمين نفوسهم وابعادهم عن ذكر ما كانوا قد الموا به من ذنب وهذا من كمال الفتوة يعني من كمال مكارم الاخلاق وتمام المروة. نعم ومنها ما في هذه القصة العظيمة من البراهين على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قص على الوجه المطابق وهو لم يقرأ من الكتب بسابقة شيئا ولا زالت من له معرفة بها ولا تعلم من احد ان هو الا وحين اوحاه الله اليه ولهذا قال ذلك من انباء الغيب نقص اليك ما كنت تعلم وانت ولا قومك من قبل هذا. كما ذكر الله هذا المعنى في قصة موسى وغيره من الانبياء لان الغيوب نوعان. امور سابقة درس علمها نبهه الله بها امور مستقبلة قد نبهه الله بها قبل ان تقع فوقعت. ولا تزال تقع شيئا بعد شيء مطابقة لما اخبره مطابقة لما اخبر به صلى الله عليه وسلم في كتاب الله وفي سنة رسوله وكلها براهين على رسالته ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الفائدة الخامسة عشرة وختم بها الفصل الثالث وفيها بيان ما اشتملت عليه هذه القصة من دليل من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لانه اورد هذه القصة على الوجه المطابق لواقعها من غير ان يكون قد قرأ في كتاب سابق ولا جالس احدا له معرفة بالكتب وبالسابقة ولا تعلم منه وانما هو وحي اوحاه الله سبحانه وتعالى اليه فاخبر صلى الله عليه وسلم عن غيب سابق ما وقع منه الاخبار عن غيب مستقبل وكل هذا من دلائل النبوة