نعم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله تعالى الفصل السابع وفي قوله تعالى ان النفس لامارة الا ما رحم ربي دليل على ان هذا وصف النفس من حيث هي وانها لا تخرج عن هذا الوصي الا برحمة من الله وعناية لان الناس ظالمة جاهلة ثم الظلم والجهل لا يأتي منهما الا كل شر فان رحم الله العبد ومن عليه بالعلم النافع وسلوك طريق العدل في اخلاقه اعماله خرجت نفسه من هذا الوصف وصارت مطمئنة الى طاعة الله وذكره. ولم تأمر صاحبها الا بالخير ويكون مآلها الى فضل الله وثوابه. قال تعالى الا يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي على العبد ان يسعى باصلاح نفسي واخراجه من هذا الوصف المذموم وهو انها امارة بالسوء. وذلك بالاجتهاد وتخلقها باحسن الاخلاق. وسؤال الله الدوام والدعاء المأثور. اللهم اهدني باحسن الاعمال والاخلاق لا يهديني احسنها الا انت. وافرض عني سيء الاعمال والاخلاق لا افرض عني سيئها وفي تضاعف قصة فضيلة العلم من وجوه كثيرة وبيان انه سبب الرفعة في الدنيا والاخرة المصنف رحمه الله تعالى هنا فصلا نظم فيه جملة من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام قدرها ببيان ما اتصفت به النفس من الامر بالسوء وانها لا تخرج عن هذا الوصف الا برحمة الله عز وجل ذلك ان النفس مطبوعة على الظلم والجهل. كما قال الله عز وجل وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا ومن كان متصلا بالظلم والجهل فانه لا يأتي منه الا الامر السيء. الا ان يتداركه الله عز وجل برحمته فيخرجه من الظلم الى العدل ومن الجهل الى العلم فاذا اجتمع بالقلب العلم والعدل خرج الانسان من ظلمة امر نفسه له بالسوء الى نور هدايتها الى الخير فاطمأنت نفسه بذكر الله سبحانه وتعالى بطاعته. فالعبد بمأمور ان يسعى في فكاك نفسه من هذا الوصف وان يصلحها باخراجها من هذه الحال بطريق العلم والعدل التخلق باحسن الاخلاق وسؤال الله عز وجل ودعائه على الدوام والاكثار من الدعاء المأثول الذي ذكره المصنف نعم وفي تضعيف قصة فضيلة العلم من وجوه كثيرة وبيان انه سبب رفعتي في الدنيا والاخرة وسبب صلاح الدين والدنيا فيوسف صلى الله عليه وسلم لم ينل ما نال الا بالعلم ولهذا قال له ابوه وكذلك يجتديك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث ان عليه وقت مفتي عند عزيز مصر بالتجربة والعلم وحاز مقام الاحسان بالعلم وخرج من السجن في حال العز وكرامته بالعلم. وتمكن عند مليك مصر لنفسه حين كلمه وعرف ما عنده من العلم. ودبر احوال الخلق في الممالك المثلية باصلاح دنياهم وحسن تدبيره في حفظ خزائن الارض وتصريفه وتوزيعها بالعلم وعند نهاية امره توسل الى ربه ان يتولاه في الدنيا حيث قال ربي قد اتيتني من الملك وعلمتني من تأويل هذه فاطر السماوات والارض ان توليه في الدنيا والاخرة توفى لمسلما والحقني بالصالحين. ففضائل العلم وثمراته الجليلة العاجلة والآجلة لا تعد ولا تحصى. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل فائدة ثانية من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام هي بيان عظيم رتبة العلم وجليل فضيلته وهذه الفائدة مستنبطة من وجوه كثيرة في هذه السورة ذكر المصنف رحمه الله تعالى طرفا منها يجب ان يوسف عليه الصلاة والسلام خرج من احوال التردي الى احوال الكمال بالعلم خروجه عليه الصلاة والسلام من السجن والاسر الى الامن والاطلاق وخروجه عليه الصلاة والسلام من الرق والذل الى العز والملك في احوال اخرى وقعت له عليه الصلاة والسلام ترقى بها الى المقامات العالية وكان السبب الذي تعلق به فاوصله اليها هو العلم. وفضائل العلم لا تعد ولا تحصى وقد صدر ابن القيم رحمه الله تعالى كتابه مفتاح السعادة باب طويل الذيل عظيم الفائدة ذكر فيه فضيلة العلم من وجوه كثيرة تزيد عن اربعين بعد المئة كلها دالة على فضيلة العلم وعلو رتبته وفضائل العلم لا تعد ولا تحصى كما قال المصنف وفيها ان شفاء الامراض كما تكون بالادوية الحسية تكون باسباب ربانية بل يحصل بهذا النوع من انواع الشفا ما لا يحصل بغيره فيعقوب السلام من الحزن وذهب بصره فجعل الله شفاءه وابصاره بقميص يوسف حين القاه على وجهه فارتد بصيرا بما كان فيه من رائحته يوسف الذي كان زار عينيه من حزنه عليه فصار شفاؤه الوحيد مع لطف الله في قميص جسده. ومن قال ان القميص من الجنة وما من قال ان القميص من الجنة فليس عنده بذلك دليل. والله قادر على ان يشفيها ومن دون سبب ولكنه حكيم جعل الامور تجري باسباب ونظام قد تهتدي العقول الى ما لبثها وقد لا تهتدي ونظير ذلك ايوب صلى الله عليه وسلم وصل به المرض واضربه الى حالة تعذر منها الاطباء فحيث اراد الله شفاؤها مروى ان يركض برجله عينا باردة وامره ان يشرب منها ويغتسل فاذهب والله ما في باطني وظاهره من هذا الضرر وعدك احسن ما ان ترى. قال تعالى اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشرب ادوية واسباب حسية باسباب ربانية معنوية. وان يمسسك الله بضر فلا كان شجره الا هو. فمعنى الله تعالى يوجد نفسها باسباب معلومة وباسباب ربانية لا تهتدي العقول اليها ما في معجزات الانبياء وكرامات الاولياء وايات النفسية والكونية وهو المحمود على هذا وعلى هذا. ذكر المصنف رحمه الله تعالى في بهذه الجملة فائدة ثالثة منتظمة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي الارشاد الى تعاطي الاسباب الربانية التي تحصل بها دفع الامراض والشفاء من العلل. فانه كما تشفى الامراض بالادوية الحسية فان هناك اسبابا ربانية وفق اليها كانت سببا لشفائك كما وقع ليعقوب عليه الصلاة والسلام اذ جعل الله شفاءه بقميص يوسف حين القي على وجهه فوجد ريح يوسف فارتد بصيرا. وقد عقد ابن القيم رحمه الله وتعالى فصولا نافعة في تقرير هذا الامر في الجزء الرابع من زاد المعاد وهو الذي يطبع مفردا باسم الطب النبوي فذكر جملة من الادوية الالهية التي يستشفى بها من العلل ومنها جواز سؤال الخلق خصوصا الملوك عند الضرورة لقول اخوة يوسف يا ايها العزيز مسنا واهلنا الضر وجئنا ببضاعة فاوف لنا الكيل وتصدق علينا ان الله يجزي المتصدقين. فان انساني محاباة في المعاملة والصدقة عوض وانما قلت خصوصا الملوك لانهم لا يسألون من اموالهم الخاصة وانما يسألون من بيت المال الذي هو للمصالح العمومية نيتها اهم المصالح دفع ضرورة المضطرين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة رابعة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي جواز سؤال الخلق خصوصا الملوك عند الضرورة كما وقع من اخوة يوسف. فان الاصل ان العبد مستغل بسؤال الله عن لسؤال خلقه كما ارشد نبي الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس الى ذلك كما في الحديث المخرج عند الترمذي في وصيته وفيه اذا سألت فاسأل الله. وسيأتي تقرير هذا المعنى في نور الاقتباس باذن الله تعالى. وانما اذن في سؤال الملوك لانهم لا يسألون من اموالهم الخاصة وانما يسألون من بيت المال الذي هو موضوع في هذه الشريعة وغيرها من المصالح التي تعم الناس جميعا. واهم المصالح دفع ضرورة المضطرين نعم فمن فوائد قصتها ان نلجأ لك ما يطلق على عدم العلم فانه يطلق على عدم الحلم وعلى ارتكاب الذنب لقوله تعالى والا تصرف اليهن وكن من الجاهلين. واما قوله هل علمتم ما فعلتم به صباحه اية جاهلون؟ ليس المعنى في لذلك عدم العلم وانما وعدم العمل به واقتحام الذنوب. ومنه قول موسى صلى الله عليه وسلم اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين فقوله وقوله انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم توبون من قريب. فكل من عصى الله فهو جاهل باعتبار عدم العمل بالعلم لان العلم الحقيقي ما زال به الجان واوجب العمل. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة خامسة من فوائد سورة قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي تحقيقه معنا ثان للجهل يخفى على كثير فان يطلق في الشرع على معنيين احدهما عدم العلم والاخر ترك العمل بالعلم. فان كل لله سبحانه وتعالى جاهل بهذا المعنى وقد نقل ابو العالية الرياحي ثم شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في صدر اغاثة الله فان اجماع الصحابة على ان كل من عصى الله سبحانه وتعالى فهو جاهل. يعني باعتبار تركه العمل بالعلم فترك العمل بالعلم جهل كما ان عدم العلم جهل ايضا نعم ومنها قوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم استدل به على ثلاثة ابواب من ابواب العلم باب الجعالة وباب ربما وباب كفالة لان قوله ان يجعل شيئا معلوما او مقاربا للمعلومة حمل البعير الى انه متعارف لمن يعمل له عملا معلوما وعملا مجهولا. وهي جائزة لما فيها من مصلحة الجاهل والعامل عن ابيه الزعيم ضامن وكفيل وهو من وهي من عقود التوثيقة بالحقوق التي يتم بها توسيع المعاملات واصلاحها ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة سادسة منتظمة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي ان اية من سورة يوسف استدل بها على ثلاثة ابواب من ابواب العلم يعني الاحكام الشرعية هي باب الدعالة والضمان والكفالة. فقد انتظم في هذه الاية الدليل لهذه الابواب جميعا فقوله تعالى ولمن جاء به حلم البعير من نوع الدعالة يعني ما يجعل لاحد في مقابل فعل يفعله كما ان في قوله تعالى وانا به زعيم دليل للضمان والكفالة والضمان للحق والكفالة لصاحب الحق فهو اما ان يضمن الحق الذي على غيره واما ان يكفل بدن المضمون فيكون كفيلا له ومنها ان العمل بالشريعة فيه اصلاح الارض والبلاد واستقامة الامور والعمل بالمعاصي من سرقة وغيرها فيه فساد. اذا ذلك لقول والله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الارض وما كنا سارقين. وكم في القرآن من التصريح ان العمل بمعاصي مخالفة الرسل ساجدا للارض والمتابعة والرسل هو الصلاح المطلق صلاح الدين والدنيا ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة سابعة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام هي ان العمل بالشريعة فيه اصلاح للارض والبلاد واستقامة للامور وان المعاصي بضد ذلك فاذا فشت المعاصي بين الناس كان ذلك افسادا للارض كما قال الله عز وجل ظهر الفساد في البر والبحر يعني بفعل المعاصي. فكما ان الملوثات الطبيعية تفسد على الناس حياتهم فكذلك ذلك فان المعاصي والسيئات تفسد على الناس حياتهم والفرق بينهما ان الاول افساد حسي والثاني افساد معنوي ولا ريب ان الافساد المعنوي اعظم من الافساد الحسي. وبضد ذلك فان الحسنات سبب لصلاح حال الناس في دنياهم واخراهم. نعم ومنها الدلالة على الاصل الكبير الذي اعاده الله وابداه في كتابها ملك لنفس ما كسبت من الخير والثواب وعليها ما اكتسبت من الشر والعقاب وانه لتزر وزرة باخرى لقوله معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده اما اذا لظالمون ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثامنة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهو تحقيق قوله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة. فكل عامل ملتهن بما عمله من عمل ان خيرا فخير وان شرا بشر نعم ومنها الحث على فعل الاسباب الجامدة للخيرات والحافظة من الكريهات وفي القصة مواضع تدل على هذا الاصل الكبير. وتمام ذلك ان يقوم بالاسباب مستعينا بالله واثقا به وقد عمل يعقوب عليه السلام الاسباب التي يقدر عليها استحفاظ اولاده ليوسف ثم لاخيه حين ارسله معهم قال مع ذلك فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين. وكذلك على العبد اذا امته المصائب وحلت به النكبات عليه ان يصبر فبالله على ذلك قال يعقوب صلى الله عليه وسلم حين عمل اخوة يوسف ما عملوا بيوسف وحنت به المصيبة الكبرى. والله على ما تصفون. وذلك ان الصبر على الطاعات والصبر عن المحرمات والصبر على المصيبات لا يتم وينجح صاحبه الا بالاستعانة العبد الا وان لا يتكل العبد على نفسه. قال يوسف والا تصرف عني كيدهن الجاهلين. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة تاسعة ختم بها هذا الفصل فيها بيان ان من مقصود الشرع عند الحث على فعل الاسباب الجاربة للخير الحافظة من الكريهات ان يستعين العبد بربه سبحانه وتعالى في تتميم هذه الامور. كما عمل يعقوب عليه الصلاة والسلام الاسباب التي يقدر عليها باستحفاظ اولاده اليوس ثم لاخيه وقال مع ذلك فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين فاستعان بربه وكذلك لما وقع ما وقع من اخوة يوسف مع اخيهم قال والله المستعان على ما تصفون. فلا يتوصل العبد الى ما يريده من خير. او ودفع ما يخشاه من ضر وشر بعد بذل الاسباب الا بصدق الاستعانة على الله سبحانه وتعالى وتفويض الامر اليه الفصل الثامن من فوائد القصة الارشاد الى طريق نافع من طريق الجدعان والمقابلة بين الحق والباطل وهو بيان ما في الحق من الخيل والمنافع العاجلة اجلة وما في الباطل من ضد ذلك. قال تعالى في دعوته سبل التوحيد يا صاحبي السجن اارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار. فذكر ما في الشرك من القبح وسوء الحال واتباع الظنون الباطلة. وان كل طائفة من المشركين لهم معبود اما وصنمنا وقبرنا وملكنا وميتنا وغير ذلك من المعبودات المتفرقة التي لا تملك لنفسها ولا لاهلها نفعا ولا ضرا فلا ولا حياة ولا نشورا. وكل طائفة تضلل يقرأ كلهم ضالين الكون فيها هذه الارباب والمعبودات خير ام الله الواحد القهار فذكر له ثلاثة اوصاف عامة عظيمة انه الله الذي لولا اسمائه والصفات العليا ومن النعم كلها وبذلك استحق ان يكون الله المعلو لا اله اهل الارض واهل السماء وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله وانه الواحد المتفرد بكل صفة كمال المتوحد بنعوت الجلال الجمال الذي لا شريك له بشيء من الافعال وانه القهار لكل شيء. فجميع العالم العلوي والسفلي كلهم مقهورون بقدرته خاضعون بعظمته متذللون لعزته وجبروا فيه فمن هذه صفاته العظيمة؟ هو الذي لا تنبغي العبادة الاله وحده لا شريك له. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا حصنا ثامنا نظم فيه جملة من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام صدرها رحمه الله تعالى ببيان طريق نافع في الجدال والمقابلة بين الحق والباطل. وهو بيان ما في الحق من الخير والمنافع العاجلة والاجلة وما في الباطل من ضد ذلك. وقد ذكر هذا الطريق قبل المصنف رحمه الله تعالى المقبلي وفي ايثار الحق على الخلق. فذكر ان مما يزيد الامر الشريف شرفا ذكر خسة ما يقابله. ومما يزيد حق قوة ذكر ضعف ما يقابله من الباطل. ثم استدل على تقرير ذلك بهذه الاية من سورة يوسف انا الله سبحانه وتعالى قرر قبح الشرك وسوء حاله بذكر عظيم ما يقابله ومن اوصاف للرب سبحانه وتعالى توجب توحيده. فاتصف الله عز وجل بكونه الها واحدا قهارا. وهذه الاوصاف عظيمة كما بينها المصنف رحمه الله تعالى توجب شرف التوحيد ورفعة الحق الذي فيه و يقابل ذلك بيان خسة الشرك وبطلان ادلتي اهلي ووهائي شبهاتهم نعم. ومنها ان الدين المستقيم الذي عليه جميع الرسل اتباعهم هو عبادة الله وحده لا شريك له لقوله ان الحكم الا لله. امر الا فاعبدوا الا اياه ذلك الدين القيم. فهو الدين المستقيم المقيم للعقائد والاخلاق والاعمال الذي لا تستقيم امور الدين والدنيا الا به ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثانية فيها بيان ان الدين المستقيم الذي عليه جميع الرسل واتباعهم هو عبادة الله وحده لا شريك له. كما قال الله عز وجل ان الحكم الا لله امر الا تعبدوا الا اياه ذلك الدين القيم يعني المستقيم المقيم للعقائد والاخلاق والاعمال التي لا تستقيم امور الدنيا والدين الا بها. ونظير هذه الاية قوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة الزكاة وذلك دين القيمة يعني وذلك هو الدين المستقيم ومن اوجب الاعتراف بنعم الله الدينية والدنيوية لقوله ذلك من فضل الله علينا فهو الذي من بالعافية والرزق والثواب ولذلك وهو الذي من بنعمة الاسلام والايمان والطاعة وتوابع ذلك فعلى العبد ان يعترف بهذا قلبه. ويتحدث بها ويستعين بها على اطاعة المنعم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثالثة منتظمة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف. وهي وجوب الاعتراف بنعم الله الدينية والدنيوية كما قال هنا ذلك من فضل الله علينا. وهذا ركن من اركان شكر الله عز وجل فيجب على العبد ان بما اوصى الله عز وجل عليه من النعم. وبما من عليه من الفضائل كما قال الله عز وجل اعملوا ال داوود شكرا وقليل من عبادي شكور ومنها ان الاحسان في عبادة الله والاحسان الى العباد سبب ينال به العلم وتنال به خيرات الدنيا والاخرة لقوله حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين وقوله نصيب برحمة من نشاء ولا نرضى اجر المحسنين ولا اجر الاخرة خير للذين امنوا وكانوا يتقون فجعل الله الاحسان سببا لنيل هذه المراتب العالية. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة رابعة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام تضمنت بيان سبب ينال به العلم وخير الدنيا والاخرة وهو الاحسان في عبادة الله عز عز وجل والاحسان الى العباد. وتقدم ان معنى الاحسان كله يرجع الى الاتقان. فاذا اتقن العبد عبادة ربه واتقن معاملته لخلقه كان ذلك من اسباب اصول الخير اليه من جملته العلوم الشرعية. نعم ومنها ان النظر الى الغايات المحبوبة يهون المشاق المعترضة بوسائلها فمتى علم العبد عاقبة الامر وما يؤول اليه من خير الدنيا والاخرة كانت هذه المشقة واتسلى بالغاية لقوله تعالى وهم لا يشعرون واوحى الى يوسف في هذه الحالة المزعجة ان الامر سيكون الى خير وساعة وبعد هذه نهاية الصابرة من اخوتك لك. ستكون لك الاثر والعاقبة الحميدة باعذابنا اللطف والتسلية فهو تخفيف البلاء. ما هو من اعظم نعم الله على العبد ولهذا المعنى الجليل يذكر الله عباده عند شاكر الامور المزعجة ما يترتب على ذلك من الثواب والخير والطمع في فضله. قال تعالى فهم يألمون كما تعلمون وترجون من الله ما لا يرجون. وقوله تعالى واجمع وان يجعلوا في غيابه دليل على كلهم الى رجل من قال لا تقتلوا سم والقوه بغيابة الجب. كما ان قوله والا تصرف عني كيدهن اصلي انكم من الجاهلين فاستجاب له ربه فخاف ان يطيدهن. دليل على ان النسوة ساعدنا امرأة العزيز على يوسف يبرينه بهذا العمل. فبعد ما رأينا من جمال يوسف الباهي لما رأينا اصبحنا لامرأة العزيز مساعدات بعد ان كنا قبل ذلك عليها مبين ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة خامسة منتظمة في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام. وهي ان النظر الى الغايات المحبوبة يهون المشاق التي تعرض في الطريق فان العبد في سيره الى ربه سبحانه وتعالى قد يعرض له من المشاق ما يكون شديدا لكنه اذا ذكر اية المآل وغاية الوصول الى مرضاة الله عز وجل والفوز برضاه هون عليه ذلك هذه المشاق. وقد وقع هذا ليوسف عليه الصلاة والسلام فانه لما ذكر ما يؤول اليه امره من الرفعة كان ذلك مهونا لمشاق سيره الى ربه عز وجل وتقلبه بما اصابه من البلاء ابتداء من ابعاده عن ابيه حتى رفعه الله عز وجل ملكا في مصر. وذكر المصنف رحمه الله عز وجل فبذلك قول الله عز وجل ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون. فسل المؤمنين فيما يصيبه من الالم بان الكفار يألمون كما تألمون وانكم تزيدون عليهم بانكم ترجون من الله مثوبة وجزاء لا يرجوه اولئك وبقية الكلام وقوله تعالى واجمعوا ويجعلوه في غيابة الجب الى اخره لا يظهر له تعلق بالكلام السابق ولا بديتي ما تركزون له تعلق ولا ما يتعلق بالفائدة؟ نعم انا اظن هذا الكلام انا استشكلته لما قرأت وذكرت شيء يأتي بالمستقبل تكلم عن المشورة حتى في الشرق الذي يظهر ان هذا الكلام متعلق في في المشورة في الشر وستأتي معنا ففي وضعه هنا اشكال اما ان تراجع النسخة المخطوطة او تراجع النسخة التي طبعت قديما حتى يتبين معناه نعم ومنها ان العقوبة تنعقد بم يدل عليها من قول لا فرق بين عقود التبرعات وعقود المعارضات لان يوسف صلى الله عليه وسلم من لك اخوته بضاعة هم التي اشتروا بها مئة من حيث لا يشعرون. ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم في رحالهم الاية وذلك من دون ايجاب قبول قولي بعد يدل على ذلك ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة سادسة تتعلق بالعقود بين فيها ان العقد ينعقد بما دل عليه من قول وفعل لا فرق بين عقود التبرعات التي تكون في غير مقابل ولا عقود المعارضات التي تشتمل على العوض والمجازاة كما وقع من يوسف عليه الصلاة والسلام فانه رد بضاعتهم اليهم ووضعها برحالهم فانعقد العقد بينه وبينهم من غير وجود ايجاب وقبول قوله فكان الفعل مغنيا في صحة العقد عن القول