نعم الفصل الثالث في بيان اضرار شهادة الزور في الشاهد نفسه وفي الهيئة الاجتماعية قد عرفنا مما تقدم ما لشاهد من الوعيد الشديد والعقاب الاكيد في هذه الدنيا وفي الاخرة والعذاب الاخرة اشد وابقى. ونحن الان نبين في هذا الفصل ما نشاهد الزور من الاضرار في ما لشهادة الزور من الاضرار في نفس شاهدها وفي الهيئة الاجتماعية التي يعيشها يرتاع فيها وهذه الاضرار امور معقولة يدركها كل من تأملها تأملها وامعن في حال من يقترب تلك الجريمة الفظيعة. فاولها انه يتصف بالكذب ويوسم بمسام الافتراء وكفى بهما خزيا ونكانا فان الانسان مفطور على الخير والصدق. فاذا ما لا الى عكسهما فلا تسأل عما يعتوره من الالام والمؤديات لا سيما اذا حاق به سوء عمله فهناك الخسران المبين. وثالثها انه يجب انه يجد من ضمير مطبخا له على فساد عمله ومؤنبا شديدا يقرعه على ما اجرم واقترف. وربما اعترف بما ارتكبه وقاد نفسه الى تحمل العقوبة حتى يخلصها حتى حتى يخلص من تقريع ضميره والى هذا يشير يكاد والى هذا يشير يكاد المريب ان يقول خذوني. ومن اسرار التي اوعد اودعها الله في كل انسان انه يجد هذا الوازع في نفسه كلما اقدم على امر امر فاسد. تنبه الى خطأ ويعيط ينبهه الى خطأه ويعرفه سوء منقلبه. فمن صادفته العناية العناية وكان قلبه اميل الى الصفاء والخير تفا عنه ارتفع عن غيه ارتدى عن غيه ورجع الى رشده واقنع عن قصده. والى هذا الوازع والى هذا الوازع النفسي الموجود في كل انسان قد اشار شاعر الحكيم لا ترجع الانفس عن غيها ما لم يكن ما لم يكن منها لها زاجر. ومن الناس من يسيء الى النداء يعدل عن قصده الفاسد والاضرار بالناس بعد ان يهم بذلك. وكثيرا ما يظهر هذا في شاهدي الزور اذا كانوا ممن لم تسبق لهم جراءة على ذلك فان الوازع النفسي ربما يردهم الى الرشد لا سيما اذا اذا غمرت قلوبهم خشية الله سبحانه وتعالى. وتذكر الشخص منهم انه يفتضح بين الناس وتحل به العقوبة فتراه يتزلزل ويضطرب فيعدل عما صمم عليه من الشهادة الباطلة. ويرجع عما قصد اليه واما من طغى وبغى على قلبه شر وفسد وفسد مزاجه. فيضعف فيه هذا الوازع وربما انطفأت شعلته من نفسه. فاذا لم تتداركه العناية الى اية كان من الخاسرين والعياذ بالله تعالى. وثلثها ان شاهد الزور يحس بخذلانه بين قومه وذويه ويفقد الثقة منهم كفى بذلك خسران مبينا. فان الثقة بين الناس عليها مدار حياتهم وتبادل منفعة فيما بينهم. وطالما رأينا وطالما رأينا انا لا مال عندهم ولا رياش ولكن ما للناس فيهم من اغناهم عن الغنى وبسط لهم يد الميسرة والنفوذ. فهم اغنياء واعزاء وان كانوا في هيئة الفقراء والبؤساء. ورابعها انه يكون في نفسه ماهينا محتقرا وفي اعين الناس اشد اهانة واحتقارا وهذا امر محسوس معروف حتى اشد الناس احتقارا لشاهد الزوري من شهد لاجله. وقد اشار الى هذا المعنى الامام الحكيم ابو محمد علي ابن حزم الاندلسي في كتاب الاخلاق كتابه الاخلاق والسير. بقوله واول من يزهد في الغادر من غادر له الغادر. واول من يمقت الشاهد الزور من شهد له به وخامسها ان شاهد الزور يكون جرثومة من جراثيم الفساد في جسم الامة. ينخر عظمها ويمتص دمها. فيضعف شأنها بوجود امثال المحاربين لفطرهم الداعين الى الشر والفتنة فتتزعزع اركانها ويتهدم بنيانها ويكون عليه وزر عمله ووزر من عمل مثل عمله كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الامام ابن ماجه عن منذر ابن جرير عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن سنة الحسنة تنفع عمل بها كان له اجرها ومثل اجر من عمل بها لا ينقص من اجورهم شيئا. ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزرها من عمل بها من بعده لا ينقص من اوزارهم شيئا. وسادسها اذا فشت شهادة الزور بين الناس تسبب عنها ضعف ثقتهم ببعضهم بعضا. وذا عاطفة الاطمئنان من نفوسهم فتفتر عزائمهم عن الاعمال الخيرية والمشروعات المفيدة للنوع الانساني. ويستولي عليهم اليأس والقنوط فلا يلوي احد على احد ولا يتألم لما يصيبه ولا يمد يده لمساعدته. وهنالك البلاء العظيم هو الخطب الجسيم. واذا فشى الكذب افتراء في امة تفككت منها عرى الوحدة وطغت روابط الاتحاد وهيهات يرجى لها نجاح ابدا. دين في كتمان شهادة الصدق اتضح لك مما تقدمه المفاسد. دين بدون دين. احسنت. اقول بدون هذه. هذه الزيادات نبهنا نميم من الكتب فما تقرأ. اللي بين الاقوال احسن الله اليك دين اتضح لك مما تقدمه للمفاسد التي تترتب على شهادة الزور في نفس شاهدها وفي في مجموع الامة الذي هو احد اعضاء ولما كانت هذه الخلة الشنعاء احد طرفي رذيلة الكذب كان طرفها الاخر هو كتمان شهادة الصدق. لانه ان كانت شهادة لترمي الى احياء الباطل فكتمان شهادة الحق يؤدي الى اماتة الحق. وانت ترى ان كليهما في المضرة والافساد سواء. من اجل ذلك لم تكن عناية الشريعة المطهرة باتخاذ من هذه اقل منها بالتنفيذ من تلك. وقد ورد النهي عنها في محكم التنزيل في مواضع متعددة لمناسبات مختلفة كقوله تعالى ومن اظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وقوله ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه اثم قلبه وقوله واقم شهادتان الله وقوله ولا تكتموا الشهادة وغير ذلك وقد جاء في تفسيره ولا تكتموا الشهادة انها ندب من الله تعالى الانسان الى السعي احياء الحق الذي يراد جحده والشهادة به لصاحبه. ونهي عن كتمان الشهادة والسواء عرفها صاحب الحق او لم يعرفها. وشدد في ذلك بان جعل كاتمها اتيما قلبه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر يدل على صحة هذا التأويل وهو قوله. خير الشهود من شهد قبل ان يستشهد تذنيب من هو شاهد الزور قد يخير للانسان ان شاهد الزور انما هو الذي يقف امام المحكمة ويقول في قضية ما غير الحق سلبا او ترى هل انحصرت هذه الرذيلة في مثل ذلك الانسان المسلوب الوجدان؟ اللهم لا واذا انحصر ضررها ولم يتطاير شررها كي نخطبوها عم والمصيبة اجل لسريان هذه العلة القتالة الى مجموع الامة من مصدر اخلاقي. قل لا يخلو عنه انسان يعد في الناس انه يمازجها احيانا شيء من ارادة الخير او تخفيف الشر. وهو القليل النادر. وانت ترى ان تلك العاطفة لا تصح هذرا عنها تلك المخالفة اما الغالب شيء يتجرد عن مثل هذه الارادة. فما هو الا تنافس في باطن او عناد لمناظر؟ او جر لمغنم او دفع لمغرم او من دنيء الاغراض يدوس مبتغيه الحق وصدقا يدركها وما ادراك ما ادراك ثم ما ادراك ما ادراك حطة في نفسه وخذلان في امته وذلك هو الخسران المبين. لعلك تبينت من الوصف المتقدم انه ينضوي تحت هذا النوع من شهداء الزور اهل الدواوين والوجهاء. بل وذوي والحيثيات من السوقة الذين يؤدون الشهادات الخطية بالمعارض الخاصة او العامة في حق خادم غير امين من خدام الامة او عامل غير صالح من عمال الحكومة او بالعكس. وناهيك بالاضرار الجسيمة والمفاسد العميمة التي تترتب على ذلك بحيث يتضائل في جنبها كل ما يترتب على شهادة الزور فالدعوة الخاصة من الضرر الخاص ما كان عظيما. الاوان ضعف الادارة الذي كان يهون امر على صاحبه بما يقوم له من الاعذار واهية كمقتضيات المركز وضروريات الاحوال وعدم حصول نتيجة للمخالفة او تأكد في حصول مقصود الطالب شهد له ام لم يشهد واشباهها مما يصم النفس عن سماع صوت الضمير ويميل بالقلب عما يميل اليه من الحق. لم ينقال محلني الان وقد اباحت الحرية لكل فرد جهر برئيف العموميات فضلا عن الخصوصيات. ولو من حراسة الدستور العدل ما يدرأ عنه عدوان ظالمين وظلم المفسدين والله من ورائهم محيط. ذكر المصنف رحمه الله تعالى ها هنا في الفصل الثالث شهادة الزور في الشاهد نفسه وفي الهيئة الاجتماعية للامة وهذا من غوالي المباحث التي اشتملت عليها هذه الرسالة فان الفحص عن النظام الاجتماعي في الاسلام ببيان العلل التي اوجبت احكام من تتعلق باصلاح حياة الناس قل المتكلم فيه. فان المتكلمين في مقاصد الشريعة عامتهم يتكلمون عن مقاصد الشرع في العبادات. اما مقاصد الشرع مثلا في ابواب القضاء والدعاوى والبينات او في ابواب الانكحة والطلاق والحضانة والنفقات فانه قل من يتكلم فيها هذا المعنى فضل كتاب النظام في الاسلام للعلامة الطاهر ابن عاشور. لانه تصدى لبيان مقاصد الشرع في الاحوال الاجتماعية وعامة من تكلم في المقاصد لم يحم حول الحمى الذي كتب فيه رحمه الله وما ها هنا هو قبسة شبيهة بما افاض فيه العلامة الطاهر ابن عاشور هناك فانه بين ها هنا اضرار شهادة الزور في الشاهد نفسه وفي الامة مجتمعة. فذكر ان من اضرارها اتصاف الشاهد بالكذب وهو اسمه بميسم الافتراء وهذا من اعظم الخزي والنكال له وينشئ من الالام النفسية والاحوال القلبية والضيق في نفسه ما لا يحصره لسان متكلم. ثم ذكر ثانيها انه يجد من ضميره موبخا له وعلى فساد عمله ومؤنبا شديدا يقرعه على ما اجرم واقترف وربما اعترف بما ارتكبه وقاد نفسه الى تحمل العقوبة حتى يخلص من تقريع ظميره. ثم نبه الى امر شرعي وهو ما اودعه الله سبحانه وتعالى في الناس من وازع يمنعهم من الوقوع في مثل هذه الجرائد والذنوب فان الله سبحانه وتعالى ركب في الخلق ما يمنعهم وهو الذي عبر عنه الفقهاء باسم الوازع وجاء ذلك في حديث في مسند احمد واسناده صحيح. وفيه قوله صلى الله عليه وسلم فذلك وازع الله في قلب كل والمراد بالوازع هو ما يدعو العبد الى الكف عن الذنوب والاخلاق الردية. والفقهاء رحمهم الله تعالى قد ذكروا في مجموع كلامهم ان الوازع ينقسم الى ثلاثة اقسام. هي ها عبد الكريم مو بالطبيعي طبعي دايم وزن فعيلة او فعيلة يصير فعيلة فعلي وعيلة فوعلي فطبيعة يصير طبعي الوازع الديني يسمى بالوازع الايماني والثاني الوازع الطبعي قال ابن سعدي في نظم القواعد في اخرها هو الوازع الطبعي عن العصيان كالوازع الشرعي بلا نكران. بقي الثالث. مربط الفرس وسبق اني ذكرت لكم ان هذه فائدة عزيزة ها يا فؤاد ما هو هذا الوازع العرفي؟ ها يا احمد؟ احسنت من اللي ذكره؟ ايه الثالث الوازع السلطاني ذكر العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى في النظام الاجتماعي للاسلام. فصارت الوازعات من مجموع كلامهم وازع شرعي وهو الوازع الايماني ووازع طبعي يرجع الى الطبع ووازع سلطاني وهو متصل بالعرف لان عرف الناس لا يتسق نظامهم الا بسلطان. وقد اشرت الى هذا المعنى بقولي قد جعل الله للعباد ما يزع المرء عن الفساد قد جعل الله للعباد ما يزع المرء عن الفساد. من وازع في الطبع والايمان من وازع في الطبع والايمان ووازع يرعى من السلطان قد جعل الله للعباد ما يزع المرء عن الفساد من وازع في الطبع والايمان ووازع يرعى من السلطان. ثم اتبع ذلك بذكر ضرر ثالث وهو ان شاهد الزور يحس بخذلانه بين قومه وذويه ويفقد الثقة بينهم اتبعه مائة ضرر رابع وهو ان يكون في نفسه مهينا محتقرا وفي اعين الناس اشد اهانة ثم ذكر من كلام ابي محمد في كتاب الاخلاق والسير قوله اول من يزهد في الغادر من غدر له الغادر واول من يمقت شاهد الزور من شهد له به وكتاب الاخلاق والسير لابي محمد ابن حزم من الكتب العظيمة في فلسفة الاخلاق. وهو كتاب يحتاج ان يقرأه فيقف مع كل جملة مدة. كقوله رحمه الله تعالى بطالة ساعة تفسد رياضة سنة. بطالة ساعة تفسد رياضة سنة. يعني ان الانسان قد يعود نفسه ويروضها في امر ما ثم يمارس البطالة والفراغ في ساعة واحدة فتذهب رياضة السنة كلها. وهو كتاب نافع لكنه يحتاج الى قراءته بامعان النظر ثم ذكر الضرر الخامس وهو ان شاهد الزوري يكون جرثومة من جراثيم الفساد يعني اصلا من اصول الفساد في جسم الامة عظمها ويمتص دمها ثم اتبعه بخطورة فشو اشهادة الزور بين الناس وان هذا يضعف ثقة بعضهم ببعض رابطة الاخوة بينهم ويمنعهم من التعاون على البر والتقوى. ثم بين ان شهادة الزور يقابلها ايضا كتمان شهادة الصدق فان الله سبحانه وتعالى حذر من كتم شهادة الصدق. فكما ان شاهد الزور يجني على الخلق ببذل شهادة لا اصل لها فكذلك من كتم شهادة هي شهادة حق فهو جان على غيره. وذكر المصنف من الاي والحديث ما يدل على ذلك واورد فيه حديث خير الشهود من شهد قبل ان يستشهد وعزاه المعلق الى ابن ماجة وهو في مسلم بلفظ اخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل ان يسألها. ثم اتبعه بتدنيب بين فيه ان شاهد الزور لا يقتصر على من يقف امام المحكمة ويقول في قضية ما خلاف الحق سلبا او ايجابا بل يدخل في قادة الزور كل متزلف الى مقصر في حق الامة. اما بالثناء عليه ومدحه او على المتولين فوقه بانه يصلح لهذا المحل مع عدم صلاحيته. او بضد ذلك بان يتسلط على رجل صالح ولاه ولي الامر تدبير ولاية ثم يتعدى عليه في الكذب والزور ليصرفه عن تلك الولاية. نعم الفصل الرابع في التنفير من الكذب والاعصام بالصدق وذكر بعض الايات والاحاديث في ذلك. لما كانت شهادة الزور من انواع الكذب ناسب ان نورد بعض والاحاديث الواردة في في التنفير منه والبعد عنه وما وعد الله به الكاذبين. ونتبع ذلك بلمعة في فضيلة صدق وما اعد الله وللصادقين قال الله تعالى في سورة النعل انما يبتغي الكذب الذين لا يؤمنون لا يؤمنون بايات الله واولئك هم الكاذبون. وقال تعالى الم ترين الذين يزكون انفسهم بل لا يزكي من يشاء ولا يظلمون بديلا. انظر كيف يفترون على الله الكذب. وكفى به اثما نبينا وقال عز وجل ولا تقولوا لما تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب. ان الذين يفترون على الله الكذب متاع قليل ولهم عذاب اليم. وروى الخطيب البغدادي في المتفق عن عبد الله ابن جراد قال قال ابو الدرداء يا رسول الله هل يكذب مؤمن قال لا يؤمن بالله ولا باليوم الاخر من اذا حدث كذب. وفي رواية ان ابا الدرداء سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل يكذب المؤمن؟ يكذب المؤمن قال لا ثم اتبعها نبي الله صلى الله عليه وسلم حيث قال هذه الكلمة انما يبتلي الكذب الذين لا يؤمنون وروى ابن ماجة والنسائي عن اوساط ابن اسماعيل قال سمعت ابا بكر الصديق رضي الله عنه يخطب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عام الاول. ثم بكى وقال اياكم والكذب فانه مع الفجور وهما في النار وقال ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. وعن قيس ابن ابي حازم قال سمعت ابا سمعت ابا بكر رضي الله عنه يقول اياكم والكذب فان الكذب فان الكذب مجانب للايمان. وعن سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال قال اياكم والكذب فان الكذب يهدي الى النار. وقال بعض الحكماء الكذب لص لان اللص يسرق ما لك والكاذب يسرقه وعقلك وقال الامام ابو محمد علي ابن حزم الاندلسي في كتاب الاخلاق والسير ما نصه لا شيء اقبح من الكذب وما ظنك عيب يكون الكفر نوعا من انواعه. فكل كفر كذب فالكذب جنس والكفر نوع تحته. والكذب متولد من الجور والجبن والجهل. لان الجبن نولد مهانة النفس والكاذب مهين النفس. بعيد عن عزتها المحمودة. الاعتصام بالصدق. قال الله قال الله تعالى في سورة التوبة يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. وقال عز وجل في سورة الاحزاب يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما. وقال صلى الله عليكم بالصدق فانه ويدين البر وقال صلى الله عليه وسلم اذا اراد الله بعبد خيرا فتح له قفل قلبه وجعل فيه اليقين والصدق وجعل قلبه واعيا لما سلك وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا وخلقه وخلقت وخليقته مستقيمة وجعل اذنه سميعة وعين مو بصيرة. وقال صلى الله عليه وسلم تحروا الصدق وان انتم تحروا الصدق وان رأيتم ان فيه الهلكة فان فيه النجاة واجتنبوا الكذب وان رأيتم فيه النجاة فان فيه الهلكة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال للحسن بن علي رضي الله عنهما دع ما يريبك الى ما يريبك فان الصدق طمأنينة وان الكذب ريبة. وقال بعض الادباء لا سيفك الحق ولا عونك سنق وكذلك قيل من قل صدقه قل صديقه وقال الله تعالى هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم وقال عز وجل من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء او يتوب عليهم ان الله كان غفورا رحيما ويجمل بنا ان نذكر نبذة في الصدق او اوردها الامام شمس الدين ابن شمس الدين شمس الدين محمد بن قيم الجوزية في كتاب زاد المعاد في خير العباد صلى الله عليه وسلم. وهي ان الله عظم مقدار الصدق وعلق سعادة الدنيا والاخرة والنجاة من من شرهما ابيه انجى الله من انجى فما انجى الله من انجى الا بصدق ولا اهلك من اهلكه الا بالصدق. ولا وما اهلك من اهلكه الا بالكذب. وقد امر الله سبحانه وعباده المؤمنين ان يكونوا مع الصادقين فقال يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين. وقد قسم سبحانه الخلق الى قسمين سعداء اشقياء فجعل السعداء هم اهل الصدق والتصديق والاشقياء هم اهل هم اهل الكذب هم اهل الكذب والتكذيب. وهو تقسيم حاصر مطرد منعك فالسعادة دائرة مع الصدق والتصديق والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب. واخبر سبحانه وتعالى انه لا ينفع العباد يوم الا صدقهم وجعل علم المنافقين الذين الذي تميزوا به هو الكذب. في اقوالهم وافعالهم فجميع ما نعاه عليهم اصله الكذب في القول والفعل فالصدق فالصدق بريد الايمان ودليله ومركبه وسائقه وقائده وحلته ولباسه. بل هو لبه وروحه الكذب بريد الكفر والنفاق ودليله ومركبه وسائقه وقائده وحلته ولباسه. ولبه فمضادة الكذب للايمان كمضادة الشرك للتوحيد فلا يجتمع الكذب والايمان الا ويطرد احدهما صاحبه ويستقر ويستقر موضعه والله سبحانه عند الثلاثة بصدقهم واهلك غيرهم من المتخلفين بكذبهم. فما انعم الله على عبد بعد اللسان بنعمة افضل من الصدق الذي هو الاسلام وحياته ولا ابتلاهم ببنية اعظم من الكذب الذي هو مرض الاسلام وفساده. انتهى ببعض تصرف. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا الحصن الرابع من فصول كتابه في التنفيذ من الكذب. والاعتصام بالصدق وذكر بعض الايات والاحاديث في ذلك لان شهادة الزور انما تنشأ من تغلغل الكذب في نفس العبد حتى يسهل عليه اقامة الشهادة بها واذا تزايد مقدار الصدق في نفسه كفه ذلك عن تلك الشهادة. فاورد المصنف رحمه الله تعالى ثلاث ايات في تقبيح الكذب والتحذير منه ثم اتبعها بحديث عبد الله ابن جراد قال قال ابو الدرداء يا رسول الله الى اخره ثم اتبعه برواية ثانية للحديث وهذا الحديث اسناده ضعيف ثم اتبعه بحديث ابي بكر رضي الله عنه اياكم والكذب فانه مع الفجور وهما في النار عند ابن ماجة والنسائي واسناده صحيح. ثم تبعه بحديث ابن مسعود لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا وهو في الصحيحين. ثم باثر ابي بكر اياكم والكذب فان الكذب مجانب للايمان وهو صحيح ايضا ثم اتبعه باتل اخر في معناه عن عمر ابن خطاب ثم ذكر كلام بعض الحكماء في تقبيح حال الكذاب ثم نقل من كلام ابي محمد ابن حزم في كتاب بالاخلاق والسير ما هو في هذا المعنى من تقبيح الكذب. ثم اتبع ذلك بالمدح للصدق والحث عليه ذكر فيه ايتين عظيمتين وفي الاية الاولى تنبيه الى حاجة المتقي الى الكون مع الصادقين فان الله عز وجل امر العبد بان يتقيه فقال يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ثم نبه ان التقوى لا تتم للعبد الا بكونه مع فان المرء اذا صحب اهل الصدق والصلاح ثبت التقوى واذا خلط غيرهم ربما زاغ قلبه ثم اتبعها باحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم اولها في صحيح مسلم ثم الحديث الثاني بعده حديث ضعيف كذلك الثالث. ثم اورد حديث الحسن بن علي الذي اخرجه الترمذي والنسائي بسند صحيح. وفيه قول النبي صلى الله الله عليه وسلم فان الصدق طمأنينة وان الكذب ريبة. يعني ان الصدق يورث استقرار النفس. والكذب يورث ترددها لان اصل الريبة تردد وتغير. ثم ذكر ايتين في هذا المعنى واورد كلاما حسنا قيم رحمه الله تعالى في الصدق هو من الفصول المتفرقة في كتاب زاد المعاد التي ذكر فيها ابن القيم جملا من ابواب السلوك والاخلاق عظيمة النفع هذا احدها ومنها كذلك ما ذكره قبل ذكر الزكاة لما ذكر اسباب انشراح الصدر فانه تكلم بكلام قل نظيره. فهذه الفصول من الفصول النافعة التي ينبغي ان يطالعها طالب العلم وهي من انفاس النفائس في تأليف الكتب المطولة. نعم البيت ابن سعدي تذكرت اننا لما اقرأنا شرح منظومة ابن سعدي قلنا لو انه قال كذا وجمعناها في بيت واحد قلنا لو قال والوازع الطبعي عن العصيان كالوازع الشرعي والسلطاني. قلنا جمع الثلاثة. هو قال والوازع الطبع عن العصيان كالوازع الشرعي بلا نكران ولم يذكر السلطان. لكن لو قال والوازع الطبعي عن العصيان كالوازع والسلطان لا كمل البيت بظم الانواع الثلاثة. نعم. ينبغي للمسلم ان يكون همه وقصده دائما في جميع طاعته لله ورضوانه والبعد عما يدنسه من المعاصي والموبقات وان يعمل لاتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويجتنب الابتداع فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع. ويلزم التقوى فانها المعاد والسبب فانها ما هو السبب الاقوى؟ وهي وصية الله الينا والى الامم من قبلنا. قال الله قال تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله. واعلم يا اخي ان ان جماع الخير كله في تقوى الله عز وجل. اجتماع بالكسل نعم يا اخي ان جماع ان جماع الخير كله في تقوى الله عز وجل واعتزال شرور الناس ومن حسن اسلام لترك ما لا يعنيه وقد قيل ان العاقل لا ينبغي ان يرى الا سعيا في تحصيل حسنة لميعاده. او او درهم معاشه فكيف فكيف فكيف به مع ذلك اذا كان مؤمنا عالما بما اعده الله له من ثواب وعقاب على الطاعة والمعصية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره ان يكون اعز الناس فليتق الله. ومن سره ان يكون اغنى الناس من يكن بما في يد الله اوثق منه بما في يده. ومن سره ان يكون اقوى الناس فليتوكل على الله وقال سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه من سره الغنى بالامان والعز بلا سلطان والكثرة بلا عشيرة فليتخرج من فليخرج من ذل المعصية الى عز طاعته. فليخرج من ذل معصية الله اعز طاعته فانه واجد لذلك كله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرني ربي بتسع الاخلاص في السر والعلانية والعدل في الغضب والرضا. والقصد في الفقر والغنى وان اعفو عمن ظلمني واصل من قطعني واعطي من حرمني وان يكون نطقي ذكرا وصمته فكرا. ونظري عبرة. ومن كلام امامنا الشافعي رضي الله عنه من لم تعزه التقوى فلا عز له. ورحم الله القائل لكل شيء اذا ضيعته عوض وليس لله ان ضيعت من عوض والقائل اذا اذا ابت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بضائر اذا ابقت الدنيا. ولا خير في حياة لا تصرف البيت وقال واذا ابقت اذا ابقت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس ولا خير في حياة لا تصرف في طاعة الله والعمل لما يرضيه. وواجب على اهل العلم ان يصدعه بالحق ويقود الناس الى طريق الرشاد ويقف في سبيل المنكرات والمفسدات ويحذر الناس مما يضرهم ويهلكهم ومن شيم العالم ان يكون عارفا بزمانه مقبلا على شأنه. وكل ما لا يشعر من نفسي في اي عمل في اي في عمل كان انه مرتبط بامة يسعد بسعادتها ويشقى بشقائها. فهو اما مفرط او اوغاش او مقصر وقد قال سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي عنه. من قصر في العمل ابتلي بالهم اي الحسرة على فوات اي الحسرة على فوات الثمرة. ولا حاجة لله فيمن ليس لله في ماله ونفسه نصيب وقال رضي الله عنه قيمة كل امرئ ما يحسنه. وقفنا الله جميعا وفقنا. وفقنا الله جميعا لما خير الامة والعمل لما يصلحها ويرقيها امين. اللهم امين. ووافق الفراغ من هذه الرسالة الضحى يوم يوم الجمعة العشرين من ذي القعدة عام الف وثلاثمائة وسبعة وعشرين من الهجرة النبوية. والحمد لله بنعمته تتم الصالحات. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا لما كان منشأ الخيرات هو التقوى وفواتها والوقوع في الخطيئات بحسب قلة حظ العبد منها ختم المصنف بهذه الخاتمة في الحث على لزوم التقوى التي يجمع الخير كله فيتخلص العبد بها من الوقوع في الذنوب والردائل. وذكر في ذلك حديثين ضعيفين لا يصحان واوردا من كلام اهل العلم رحمهم الله تعالى ما يبين به التقوى وان العز كائن بها وان المرء اذا فرط في جناب ربه سبحانه وتعالى فانه لا بما بقي له من حطام الدنيا. ومن لزم التقوى وراقب الله سبحانه وتعالى وخافه في سره وجهره فان الله سبحانه وتعالى يذيقه لذة الايمان ويشمه رائحة الروح والريحان يرفعه في معارج الايمان والعرفان. فينبغي ان يحرص المرء على ملء قلبه بهذه المعاني العظيمة وان يتعرف الى السبل الموصلة الى بلوغ الدرجات العلا من تقوى الله عز وجل فانها اعظم امر يتفاوت فيه الناس فان الناس لا يتفاوتون بالاموال والصور والانساب والاحساب بل تفاوتهم عند الله عز وجل هو بالتقوى كما قال الله عز وجل ان اكرمكم عند الله اتقاكم وهذا اخر التقرير على هذا المجلس والله اعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد واله وصحبه اجمعين