اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله تعالى. الفصل الاول واما رجل حيث قال احدهما اني اراني اخر خمرا. وقال الاخر اني اراني احمل فوق رأسي خبزا تاكل الطير منه نبئنا تتلطف ليوسف ان ينبئهما بتأويل رؤياهما لما شاهدوا من احسانه للاشياء واحسانه الى الخلق فبصر يا من رأى انه يغفر خمرا انه ينزع من سجنه. ويعود الى مرتبته وخدمته لسيده. فيغفر له العنب الذي قولوا الى الحمد وفسر رؤيا الاخر فيقتل ثم يصلب. فتأثر الطير من رأسه والاول رؤياه جاءت على وجه الحقيقة اخروا رؤياه جاءت على وجه المثال فانه يقتل ومع قتله يسلب ولا يدفن حتى تأكل الطيور من رأسه. وهذا من الفهم العجيب توصيل المعاني الدقيقة وذلك ان العادة ان في الحال ولا تتمكن السباع والطيور من الاكل منه. ففهم ان هذا سيقتل ولو يدفن سريعا حتى يصل الى هذه الحال. وفي هذا من فضيحته وخزيته من مصيره الدنيوي ما تقشعر منه الجنود. وحيث وعلم ان هذه الرؤية صحيحة لابد من وقوعها قال لهما قضي الامر الذي فيه تستفتيان وهذا من كمال علمه للتعبير الذي لا عبروا عن ظن وتوهم وانما يعبر عن علم ويقين. واما المناسبة في ذلك ان الطيور لا تقرب الحي وانما تتناول الميت فاذا لم يكن عنده احد. وهذا انما يكون بعد قتله وصلبه ومن كمال يوسف المصنف رحمه الله تعالى هنا من جملة في فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام ما اتفق له مع الفتيين اللذين رأى كل واحد منهما رؤيا فقصها على نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام اما احدهما فرأى انه يعصر خمرا. واما الاخر فرأى انه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ثم جاء تفسير هذه الرؤيا باعتبار مسلكين اثنين احدهما باعتبار صيرورة الرؤيا في عالم الغيب الى ما هي عليه في عالم الشهادة. فان الاول رأى انه يعطر خمرا في حال الغيب للمنام ثم وقع له هذا في حال الشهادة وصار خادما للملك يعصر له الخمر ويسقيه اياه والاخر ما وقع على وجه المثال المضروب. وعامة الرؤى من هذا الجنس فضرب له مثل في حاله اذ رأى انه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه وقد علم يوسف عليه الصلاة والسلام انه يقتل ولا يدفن سريعا لان الطير لا تقربوا من الحي وانما تكون قريبة من الميت. وانما تقرب الطير من ميت قد بقي بعد موته فلم يدفن فاخبره يوسف عليه الصلاة والسلام بمآله عن طريق العبور من ضرب المثال الى مآل هذه الرؤيا الذي لتكون عليه في عالم الشهادة والاول من مآخذ الرؤيا سهل ميسور في الغالب الاعم فان الانسان يرى شيئا على حقيقته من بغير غموض فيه ثم يتبدى في علم الشهادة في ذكر تلك الرؤيا ويعرف ان ما وقع له حقيقة هو تأويل تلك الرؤيا واما الثاني وهو ضرب المثال فانه يعسر ويغبط لان المثال فيه اماء واشارة وفهم الاشارة والاماء لا يتمكن منه كل احد. وانما يتمكن منه من اجتمعت له الخصال التي اجتمعت يوسف عليه الصلاة والسلام وكلما كان الانسان مكملا لحاله بمثل حال يوسف من العلم النافع والعمل الصالح كان تفسيره للرؤيا اصح واصوب فاللائق الا يسأل في هذا الباب الا من جمع الاوصاف التي تكون بها الة تعبير الرؤيا من العلم النافع والعمل صالح اما من عرف بقلة علمه ورقة دينه وسوء عمله فانه لا يسأل عن ذلك ولو اتفق انه عبر اشياء فوقعت كذلك فان هذا من جنس ما يخبر به الكهنة فيقع كذلك ابتلاء وفتنة للناس وقد عظمت الفتنة في هذا الباب باخرة. ومن انواع تزيين الشر من الشياطين للابل ان تغلب عليهم الاحلام ويشتغلون بتفسيرها ويتعلقون بها. والصالحون يعلمون ان هذه المنامات مهما صدقت فانها لا تخرج عن كونها سرورا لا يولد غرورا. كما جاء عن ما لك ابن احمد ابن حنبل وقد ذكر لكل واحد منهما رؤيا حسنة في حياته فقال الرؤيا تسر والمؤمن ولا تغره نعم ومن كمال يوسف ونصحي وفطنته العجيبة انهما على ما عليه رؤياهما كأن في تعبيرها ووعدهما بتعبيرها باسرع وقت وقال لا يأتيكما طعام ترزقانه الا نبأتكما بتأويله قبل علي ياتيكما. فوعدهما بتعبير اول طعام ياتيهما من خارج السجن ليطمئن ويشتاق الى تعبيرها وليتمكن من دعوتهما ليكونا دعا لقبول الدعوة والله لان الدعوة لهما الى الله اعظم من تعبير رؤياهما. فدعاهما الى الله بامرين احدهما بحاله وما هو عليه من الوصف الجميل الذي وصله الى هذه الحالة الرفيعة بقوله ذلكما مما علمني ربياني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالاخرة كافر واتبعتم اللة ابائي ابراهيم واسحاق ويعقوب ما كان لنا ان نشرك بالله من ذلك من فضل الله علينا على الناس ولكن اكثر الناس لا يشكرون. الامر الثاني دعاهما بالبرهان الحقيقي الفطري فقال يا صاحبي السجن اارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار. ما تعبدون من دونه الا اسماء ثم اباؤكم ما انزل الله بها من سلطان. ان الحكم لا لله امر الا اتعبدون الا اياه؟ ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون. وان من توحد بالكمال من كل وجه وبالقهر بالعالم العلوي والسفلي مستحقا للالوهية الكاملة. الذي خلق الخلق لعبادته وامرهم بها ولا يلحقوا على عباده في الدنيا والاخرة هو الذي لا تنبغي العبادة الاله وحده دون المعبودات الناقصة. المتفرقة التي كل قوم يدعون الهيتها وليس فيها من معان الهية شيء ولا استحقاق وانما هي اسماء اصطلحوا على تسميتها اسماء معاني اسماء بلا معاني فرأى صلى الله عليه وسلم دعوتهما الى الله ولا بالتقديم على تفسير رؤياهما وانفع لهم ولغيرهما. ذكر المصنف رحمه الله تعالى من جملة فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام بيان كمال حاله ونصحه وفطنته وذكر من ذلك انه لما قص عليهما انهما لما قص عليه الرؤيا تأنى في تعبيرها ووعدهما بتعبيرها برعيوا ووعدهما بتعبيرها قبل اول طعام. وانما اخر ذلك ليشتاق الى تعبيرها ويطمئن الى ذلك ووقع منهما قصد يوسف عليه الصلاة والسلام بتفسير هذه الرؤيا فيما يظهر والله اعلم انه كان معروفا بذلك بين اظهرهم فانه لما رؤي عليه الصلاح وكمال الحال رصد بذلك فصار محلا للسؤال عن هذه الامور فاخبرهما عليه الصلاة والسلام انه يعبر لهما هذه الرؤيا قبل اول طعام ليطمئن ويشتاق الى تعبيرها وليتمكن من دعوتهما الى الله سبحانه وتعالى. فنقلهما الى امر اعظم من الامر الذي اشتغل به. فانهما اشتغل بطلب تفسير الرؤيا التي رأى كل واحد منهما في منامه فرفع همتهما الى امر اعظم يتعلق في الاولى والاخرى وهو دعوتهما الى الله سبحانه وتعالى. وفي هذا تنبيه الى انه ينبغي لمن وقف نفسه على تفسير الرؤيا ان يتنبه الى تقديم الاعظم والاهم. فليس الامر في كل حال ان يكون الاهم وان تفسر لطالب التفسير لرؤياك ان تفسر له تلك الرؤيا وانما قد يكون هناك ما هو اعظم مما اشتملت عليه حاله فدعا يوسف عليه الصلاة والسلام هذين الرجلين الى الله وكان السبيل الذي سلكه في ذلك تنبيههما من الدعوة الى الله عز وجل ووحدانيته بشيئين احدهما بحاله وما كان عليه صلوات الله وسلامه عليه من الوصف الجميل الذي اوصله الى هذه المنزلة الرفيعة ولذلك قال ذلكما مما علمني ربي. ثم بين ان هذا التعليم اوجبه توحيده لربه سبحانه وتعالى فقال اني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالاخرة هم كافرون الى اخر الايات. وفي هذا اعلام بان مفتاح كمال هو توحيد الواحد المتعال. وكلما زاد قلب العبد توحيدا لله سبحانه وتعالى. وتوثقت صلته به واستمسك بالعروة الوثقى كان ذلك اكمل لحاله في كل شيء. ولهذا فان الموحد في علمه وعمله وقاله وفعاله اكمل حالا من غيره. وكلما زاد العبد توحيدا زاد كمالا. ومن هنا قال امام الدعوة رحمه الله تعالى في كشف الشبهات والعامي من الموحدين يغلب الفا من علماء المشركين انتهى كلامه. وانما وقعت الغلبة ببال ما هو عليه من توحيد الله سبحانه وتعالى اما الامر الثاني فهو دعوتهما بالبرهان الحقيقي الفطري. الذي قطرت عليه النفوس. فان النفوس مفطورة على اعتقاد الوحدانية والصمدانية في موجب هذا الكون. فليس نفس الا وهي مفطورة على ان مدبر هذا كون ومكونة واحد. اما الارباب المتفرقون فان النفس تتشوش بوجودهم. ولا تقنع بكون هذا دون هذا ولذلك قال يوسف عليه الصلاة والسلام اارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار؟ فوصف ربه بثلاث صفات هي الالوهية والوحدانية والقهرية كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى فيما تقبل ومن كان على هذه الحال من الكمال والقهر للعالم العلوي والسفلي وتوحده بصفات الكمال والعلو فهو الذي يستحق العبادة دون غيره نعم في الفصل الثاني واما رؤيا الملك فانه رأى شباب يأكلهن سبع بقرات عجاف وسبعة بولات خضر يأكلهن عليهم سبع سنبلات يابسات ضعيفات. فهانت وجمع لها كل من يظن فيه المعرفة فلم يكن عند احد منهم علم وقالوا اضعف احلامي وما نحمل تأويل الاحلام بعالم. وبعد هذا تبطل الذي خرج من السجن لحالته وما هو عليه من العلم العظيم والعلم بالتعبير. وتفطن لوصيته التي انساه الشيطان ذكر ربه لحكمة قد فصح امرها وانه لا يخرج من السجن الا بعد اجتهاده وتميزه العظيم على الناس كلهم بتعبير رؤيا الملك. فطلب هذا الرجل من الملك ان يرسله الى يوسف وانه كفيل بمعرفة تفسيرها. فلما جاء فلما جاء يوسف قال له يا يوسف فقال يأكلهن فان الملك والناس معه ارسلوني اليك بتفسيرها لهم وهم بانتظار ذلك متشوقين اليه غاية التشوق ولهذا قال لعلي ارجع الى الناس لعلهم يعلمون. ما الهم ما الهم الملك وان تجول عهد. ففي الحال فسره يوسف صلى الله عليه وسلم وبعدهم مع التفسير حسن العمل بها وحسن التدبير. فاخبرهم ان البقرة سمان والثنابل السبع الحاضرات هي سنين رخاء المتواليات تتقدم على السنين المجذبات وان البقر العجاف والسنابل اليابسات سنون جذب تليها. وان بعد هذه السنين من المجذبات عام في فانه ينبغي السنين المقصدات ان ينتهزوا فرصته ويعدوا العدة للسنين الشديدة فيزرع نزره عنها الى التنازل يد بكثير من المعتاد ولهذا قال تزرعون سبع سنين دأبا. ومن المعلوم ان سنين يزرع الناس لكنه اراد منهم ان يزرعوا زروعا كثيرة ويبذلوا قواهم في كل ما يقدرون عليه وانهم يحتاطون في الغلة اذا حصلت في التحسين والاقتصاد فقال فما حصدتم ثغري الا قليلا مما تأكلون. اي احفظوا الحاصلات من لن تسلم به من الفساد والسوس بان تبقى في سنابلها. ويقتصدون في هذه المدة مدة وخائف لا يسرفوا في الانفاق بل ياكلون القليل ويحفظون الكثير وان بعد هذه السنين المقبلات سيأتي سبع سنين مجهدات شديدات تشمل الديار المصرية وما وانها تأكل ما قدم لها مما حفظ في سنين الخصم الا قليلا مما تحسنون فوجه مناسبته انه كما تقدم ان الرؤية تعبر بحال راعيها والمناسبات المتعلقة بها كالرأي الملك الذي تتعلق به اركانه امورها ولهذا كانت رؤياه ليست خاصة لو بل تشمل الناس والرعية ووجه المناسبة في تفسير البقرات والسنابل بالسنين ظاهر في البقر من وجهين. احدهما انها هي التي في الغالب يخاف عليها الارض والخروج والزروع وتوابعها تبع للسنين في خصرها والوجه الثاني البقر من المواشي التي سمنها وعزفها تضع للسنين ايضا فاذا اخطبت سمية اذا جذبت عجل فتعزلت وكذلك السنابل من الزروع وتكمن وتنمو مع كثرة الماء والسنين المفسدات وتضع فئتين بس مع السنين المجذبات. فكانت رواه في البقرة والسنابل لمن اوصى بالسنين واثارها او من ذكر الوسائل والغايات. فالحرص للاراضي وسيلة ونمو الزرع وحصول السنن في المواشي هو الغاية من ذلك والمقصود واما قوله ثم يأتي من بعد ذلك عام اي يحصل للناس به غيث مغيث تعيد الاراضي خصلة ويزول عنها جدبا. ويزول عنها جدبها وذلك مأخوذ من فقيه بالسنين المجذبات بالسبع. فدل هذا القيد على انه يلي هذه السبعة ما يزيل شدتها ويرفع جذبها. ومعلوم ان تواني سبع سنين مجذبات لا يبقي في الارض من اثار الخبز نحو لا قليلا ولا كثيرا ولا يرفع هذا الجذب العظيم الا غيث عظيم وهذا ظاهر جدا اخذه من رؤيا الملك ومن العجب ان جميع التماثيل التي وقفت عليها لم يذكروا هذا المعنى مع وضوحه فالقانون ان يوسف صلى الله عليه وسلم جاءه خاص في هذا العام في هذا العام الذي فيه يغاث الناس وفيه اخرون. والامر لا يحتاج الى ما ذكروا بل هو ولله الحمد ظاهر المفهوم العدد وايضا وايضا ظاهر من السياق بانه جعل هذا التعبير والتسيير توضيحا لرؤيا الملك. ثم اعلم ان رؤيا الملك وتدبيره ذلك التدبير العجيب من رحمة الله العظيمة على يوسف وعلى الملك وعلى الناس فلولا هذه الرؤيا وهذا التقدير والتدبير لهجمت قال الناس السنون المجذبات وقبل ان يعدوا لها عدة. فيقع الضرر الكبير على الاقطار المصرية على ما جاورها. وصار ذلك رحمة بهم من الخلق وشامل البلاد الشامية وفلسطين وغيرها قد تحتاج الى الاكتيال من مصر واحفادها يوسف ان يقدر للجميع ويوزع عليهم توزيع عادلا فيه الرفق بالجميع والابقاء عليهم. فكان هذا العلم العظيم من يوسف وهو السبب الاعظم في خروجهم من السجن وتقريب الملك له من اختصاصه به. وتمكينه من الارض يتبوأ منها حيث يشاء. وهذا من احسانه الله لا يضيع اجر المحسنين ومع هذا الفضل وفضل الله اعظم من ذلك يصيب برحمته من يشاء ممن يختار ويقتصر ويجمع له خير الدنيا والاخرة اخرة ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل اصلا ثانيا من اصول تعبير الرؤيا الواردة في سورة يوسف وهو ما وقع من رؤيا الملك ملك مصر اذ رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات. واحتار ذلك الملك في تأويل رؤياه. فقصها على على اعوانه في بلده عثر عليهم تفسيرها وعجزوا عن تأويلها وقالوا اضغاث احلام وما نحن بتأويل الاحلام بعالمين. ولم ما اشتدت الحال بهم وعظم الخطب عليهم تفطن صاحب يوسف الذي كان معه في السجن الى حال يوسف عليه الصلاة والسلام من العلم العظيم ومعرفة تعبير الرؤى. فعند ذلك جاء اليه عليه الصلاة والسلام وقص عليه تلك الرؤيا ففسرها يوسف عليه الصلاة والسلام وهذا التأخير من التذكر من صاحب يوسف عليه الصلاة والسلام انما جرى ليحصل بذلك اشهار امر يوسف فانه تأخر عليه الصلاة والسلام في السجن حتى وقعت هذه الرؤيا عند الملك فحينئذ ذكره اصاحبه فذكر حاله للملك وقص عليه الرؤيا فبصرها فاشتهر يوسف عليه الصلاة والسلام بين اظهر الناس في مصر بانه الرجل الذي فسر رؤيا الملك وكان هذا التفسير موجبا لاختصاص يوسف بذلك وكونه من ارفع الناس عنده كما ذكر المصنف في اخر كلامه وهذه الرؤية التي رآها الملك هي من جنس ضرب المثال فانه رأى امثالا تضرب له بسبع بقرات ثمان تأكلهن عجاف يعني ضعاف ورأى سبع سنبلات خضر واوفر يابسات. ففسرها يوسف عليه الصلاة والسلام بسبع سنين تكون فيها حال الناس في خصب وسعة حال وزيادة رزق ورفاهية عيش ثم ما يخلفها سبع سنوات عجاف ومأخذ يوسف عليه الصلاة والسلام من هذه القصة في تفسير الرؤيا انه رأى في البقر والسنابل اشارة الى الزرع والرزق فان البقرة هي التي يحرث عليها الناس اكثر من غيرها في مصر. ولا يزال هذا الى اليوم ثم السنابل هي التي يقتات بها الناس في تلك الديار واخضرارها دال على سعة العيش ويمسها دال على تضييق العيش كما ان سمن البقر اشارة الى السعة وعجبها وضعفها اشارة الى ضيق العيش فاستدل يوسف عليه الصلاة والسلام من الاشارة المومة اليها في هذه الرؤيا الى تعبيرها وتأويل كما ذكر ثم ارشد يوسف عليه الصلاة والسلام الى الواجب على الناس في ذلك. وانه ينبغي عليهم ان يعتنوا في السنوات التي يوسع فيها عليهم برزق ان يعتنوا بزرع الارض وان يجتهدوا في العمل دأبا يعني متتابعا متواليا فان تلك السبع تخلفهن سبع عجاف تأتي على ارزاق الناس ثم بعد ذلك يوسع على الناس كما قال ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون للناس غيث مغيث يعيد للارض خصبها وزينتها ويزيل عنها جذبها ويرفع الشدة عن الناس وقد استنبط المصنف رحمه الله تعالى علم يوسف بهذا العام الذي يغاث به الناس استنبطه من تقييد تنين الجذب والضعف بسبع واذا قيد العدد بوصف علم ان ما بعده يكون مخالفا له في الوصف. فاذا كانت تلك السنين السبع سنين جدب علم ان بعدها لابد ان يكون مخالفا لها. والا كان ثامنة من ضمنها. فلما قيدت الرؤيا بسبع علم ان السنة التي دليها يرفع الوصف السابق. ولا يرفع وصف الجدل والضعف الا بغيث عظيم. لان الارض اذا مرت عليها مثل هذه المدة من الجذب والضعف صوح نبتها وذهبت قدرتها واضمحلت بركتها ولا تعودوا الى سابق عهدها من الزينة والبهجة والتوسيع على الناس الا بغيث عظيم. فهذا مأخذ معرفته صلوات الله وسلامه عليه بذلك العام لا كما قاله بعض المفسرين بان يوسف عرف هذا بوحي خاص او بالهام معين. ثم بين المصنف رحمه الله تعالى ان رؤيا الملك وتعبير يوسف لها وما دبر فيها فمن العمل وقع رحمة من الله سبحانه وتعالى لنبيه يوسف ولذلك الملك وللناس جميعا فصار رحمة عليهم في تلك البلاد اذ وفقوا الى معرفة ما ينبغي تدبيره في السنوات المجذبات بعد السنوات المخصبات وهذا من احسان الله سبحانه وتعالى اليهم وفضله عليهم. نعم