نعم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات. قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله تعالى. الفصل الرابع ومنها ان لله تعالى اكبر الاسباب لحصول كل خير وانتفاع كل شر كما قال تعالى. فذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين. وفي القراءة الاخرى المخلصين اي الذين اخلصهم الله بخالصة ذكر الدار. فهما دلوقتي يعني فاخلصهم لاخلاص له فمن اخلص لله اخلصه وخلصه من الشهور وعصمه من السوء والفحشاء ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فصل رابعا جمع فيه جملة من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام صدرها بفائدة عظيمة هي ان الاخلاص لله تعالى اكبر الاسباب لحصول كل خير واندفاع كل شر. كما قال تعالى كذلك لنصرف عنه الفحشاء انه من عبادنا المخلصين. وفي القراءة الاخرى المخلصين وكلاهما قراءتان صحيح من القراءات العشر فاذا اخلص العبد اوجب اخلاصه خلاقه. كما قال بعض الصالحين الخلاص بالاخلاص. فمن اخلص لله سبحانه وتعالى خلصه الله عز وجل من كل شر ووجهه الى كل خير وسبق ان ذكرنا ان الاخلاص هو تصفية القلب من قصد غير الله سبحانه وتعالى. ونظمناه في قولنا اخلاصنا تصفية للقلب من قصد لغير الله فاحفظ يا فطن ومنها ما دلت عليه القصة من العمل بالقرائن القوية من عدة وجوه منها حين ادعت امرأة العزيز ان يسفراء ودعا. وقال ان يرى عن نفسي فشهد شاهد من علي اي حكم حاكم بهذا الحكم الواضح. وكانت قد انشقت قبيلة يوسف واقتسم مراودتها اياه ان كان قميصه قد من قبل فصدقة وهو من الكاذبين. لانه يدل على اقباله عليها. وان المراوغة وان المراودة صادرة منه وان كان قميص قدم من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فكان هذا كان هذا هو الواقع لانها تريده. وهو يفر منها ويهرب عنها فقدت قميصه من خلفه. فتبين لهم انها هي المراودة في تلك الحال وبعد ذلك اعترفت اعترافا تاما حيث قامت الان حصحص الحق وانا راودت عن نفسي وانه لمن الصادقين ذلك ليعلم اني لم اقل بالغيب وان الله لا يهدي كيد الخائنين. ومن العمل بالقرائن وجود الصواع في رحل اخيه علي باحكام السرقة لهذه القرينة القوية؟ ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل فائدة ثانية من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي صحة العمل بالقرائن القوية فان القرائن التي تحيط بامر ما قد توجب الاخذ به في حكومة او فصل بين خصومة وقد ذكر هذا المعنى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم في الطرق الحكمية فلما وقعت القرينة في الحال الاولى بقتل القميص من دبر علم ان المرأة كاذبة وان يوسف صادق ولما وجد الصواع يعني الصاع في رحل اخي يوسف حكم عليه بحكم السرقة لهذه القرينة القوية فالقرائن معتد بها معول عليها في الاحكام والخصومات في اصح قول اهل العلم رحمهم الله تعالى ومنها انه ينبغي للعبد ان يبتعد عن اسباب الفتن ويهرب منها عند وقوعها كما فعل يوسف حين راودت امرأة العزيز. واعلم ان كثيرا من الذين ذكروا في تفسير البرهان الذي رآه يوسف وحين اعتصم عن الفاحشة اسرائيليات تنافي العقل والدين وتنافي ما عليه الرسل من الكمال حيث قال بعضهم تبدى له جبريل في الهواء او تبدى له يعقوب عاظم ابهاميه او ما اشبه ذلك من الامور التي لو حصلت على افجر الناس لامتنع من كلها باطلة وكذلك من الاقوال الباطلة ما قاله بعضهم في قوله ولقد همت به وهم بها اي هم ان ما هو هذا تحريف ظاهر وصاحب هذا القول اراد الفرار من الهم المعروف خشية ان يكون فيه نقص وتنقيص الانبياء محظور في ذلك فان الهم والهوى وهما اذا قاومه العبد وقدم عليه الخوف والايمان فهو كمال. كما قال تعالى ولمن خاب مقام ربه جنتان. وكما ثبت في مرفوعا من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة فانه من تركها من جراء اي تركه لها لاجل الله خوفا من عقابي ورجاء لثوابي من اكبر العبادات والله اعلم. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثالثة منتظمة في فوائد هذا من قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهو انه ينبغي للعبد ان يبتعد عن اسباب الفتن ويهرب منها عند وقوعها كما فعل يوسف حين راودته امرأة العزيز ففر عليه الصلاة والسلام منها وقد بوب البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الايمان من صحيحه باب من الايمان الفرار بالدين من الفتن ثم ساق اسناده في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوشك ان ليكون خير ما للعبد المسلم غنم يتبع بها مواقع القطر وشعف الجبال يفر بدينه من الفتن. فالعبد مأمور ان يفر بدينه من فتن الشبهات والشهوات الا يعرض قلبه لذلك لان القلوب ضعيفة والشبهات خطافة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى ما قاله كثير من المفسرين في تفسير البرهان الذي رآه يوسف حين اعتصم عن الفاحشة واخبر بان هذه الاقوال منقولة من كتب بني اسرائيل وهي التي يشير اليها العلماء رحمهم الله تعالى باسم اسرائيليات فالمراد بالاسرائيليات الاقوال المنقولة عن كتب بني اسرائيل كالتوراة والانجيل فذكر بعضهم ان جبريل تبدى له في الهواء وهو ينهاه عن ذلك او تبدى له يعقوب عاضا ابهاميه او ما اشبه ذلك من الامور التي لو حصلت لافجل الناس لامتنع من فجوره والصحيح ان البرهان اسم يعم كل ما ذكره هؤلاء من غير بينية على تحديد واحد دون اخر فالبرهان الذي رآه يوسف هو اية عظيمة تبدت له حالت بينه وبين مواقعة الذنب ولم يثبت شيء في تعيين هذه الاية. واختار هذا القول شيخ المفسرين ابو جعفر ابن جرير ثم ابو الفداء ابن كثير رحمهما الله. وشبيه الاقوال الباطلة المذكورة في هذا البرهان. ما ذكره بعضهم من تفسير الهم الوارد في قوله تعالى ولقد همت به وهم بها فذكر بعضهم انه هم ان يضربها وهذا تحريف ظاهر فان صاحب هذا القول اراد الفرار من الهم المعروف وهو ما يجري في القلب من ارادة الشيء. ففر منه توهم كونه نقصا ولا نخفى في ذلك بل ان الفرار من الهم الفاسد مما يمدح به العبد كما قال الله عز وجل ولمن خاف مقام ربه جنتان يعني من عظم الله سبحانه وتعالى فمنعه تعظيمه من مواقعة الخطيئة وكما ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له حسنة كاملة لانه تركها لاجل الله سبحانه وتعالى ومما ينبه اليه ان كثيرا من الايات اشكل تفسيرها على كثير من الناس لاستسلامهم لما نقل فيها الاسرائيليات كما وقع في كلام كثير من المفسرين في تفسير اية سورة البقرة المتعلقة بهاروت وماروت في قوله تعالى واتبعوا ما تتل الشياطين على ملك سليمان الى اخر الاية فان كثيرا من المفسرين نقل صفحات طويلة من كلام بني اسرائيل حالت بينهم وبين فهم هذه الاية وهذه الاية ظاهرة المعنى من السياق فان الله عز وجل انزل ملكين في صورة بشرية لامتحان الناس وانزال الملائكة بالصور البشرية ثابت في القرآن والسنة. وامتحان الناس بذلك ثابت في القرآن والسنة هذا معنى الاية كما يدل عليه السياق من غير حاجة الى النظر في المنقولات عن بني اسرائيل. والمقصود ان يتنبه طالب العلم الى خطر الاسرائيليات في الحيلولة بين معرفة العبد التفسير الصحيح للقرآن الكريم ومنها ما عليه يوسف صلوات الله عليه من الجمال الظاهر الذي اخذ بلب امرأة العزيز وشغفها حبا. وحين رأته النسوة قطعن ايديها الله اكبرناه وقلنا حاشا لله ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم. ومن الجمال الباطن وهو العفة اخلاص الكامل والصيانة. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة رابعة منتظمة بهذا الفصل. من فوائد سورة يوسف عليه الصلاة والسلام وهو ما كان عليه صلوات الله وسلامه عليه من الجمال الظاهر الذي اخذ بلب امرأة العزيز وشغفها حبا ومعنى شغفها حبا يعني لامس شغاف قلبها اي باطنه وحين رأته النسوة قطعن ايديهن واكبرنه وقلن حاشا لله يعني معاذ الله كما قال مجاهد وغيره. ثم اخبرنا عن مرتبة هذا الرجل في هذه الصورة فقلنا ان هذا الا ملك كريم يعني هذه حال الملك الكريم. وقد ثبت في صحيح مسلم ان يوسف عليه الصلاة والسلام اوتي شطر الحسن ومن كان على هذه الحال فان رؤيته تأخذ بالالباب ومحبته تلامس شغاف القلوب. ولم يكن الجمال الذي اوتيه يوسف جمالا ظاهرا يتبدى على البدن يضمحل مع الايام والسنين. بل قد اوتي عليه الصلاة والسلام الجمال الباطن ايضا وهو العفة والاخلاص الكامل والصيانة والعبد مأمور بتحصيل هذا الجمال اعظم من الاول. لان الاول جمال الاضطراري والثاني جمال الاختيار فان جمال الظاهر مرده الى تقدير الله سبحانه وتعالى فيما يصور العبد عليه واما الجمال الباطن فان العبد يتجمل بالاخلاق الكاملة والخصال الفاضلة فيتبوأ عند ذلك مقام ومن حسن ومما يجمل التنبيه اليه في هذا المقام ان كثيرا ممن يتقدمون لخطبة النساء ثم يطلبون رؤية المرأة التي يخطبون لا يقع في قلوبهم الا طلب الجمال الظاهر. ويغفلون عن ان قصد الشرع من الابل برؤية مخطوبة ليس الاول فقط بل الاول فقط يمكن فيه الاكتفاء بالنقل عن مخبر صادق يخبر عن صفات المرأة بانها كيت وكيت. اما الجمال الباطن فلا يتوصل اليه برؤية العين الباصرة التي تكون مفتاحا لتلاقي الروح. وقد ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان رواح جنود مجندة فاذا حصلت الرؤية بالعين الباصرة عند ذلك حصل تلاقي الارواح فاما ان تتعارف انت الف واما ان تتناكر فتتخالف. فيكون هذا مقصودا في الشرع كما ان الاول مقصود نعم ومنها انه ينبغي للعبد ان يلتجأ الى الله عند حوض الوقوع في فتن المعاصي والذنوب مع الصبر والاجتهاد في البعد عنها كما فعل يوسف ودعا ربه قال والا تفرض عني الجاهلين. وان العبد لا حول ولا قوة ولا عصمة له الا والعبد مأمور بفعل المأمور وترك المحظور والصبر على المقبول مع الاستعانة بالملك الشكور ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا الفصل فائدة خامسة من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهو انه ينبغي للعبد ان يلجأ الى الله سبحانه وتعالى عند خوف الوقوع من فتن المعاصي والذنوب مع الصبر واجتهاده في البعد عنها كما دعا يوسف ربه سبحانه وتعالى واخبر عن حاله والا تصرف عني كيدهن اصبو اليهن يعني اميل اليهن واكن من الجاهلين يعني ممن على خلاف العلم كما سيأتي بيانه في كلام المصنف رحمه الله تعالى وسيأتي ان شاء الله تعالى لابن رجب في كتابه نور الاقتباس كلام حسن في هذا المقام فان مما يتخلص العبد من المعاصي والذنوب ان يصدق في استغاثته بربه سبحانه وتعالى والتجائه اليه فيقدر الله عز وجل له من الحال ما ينقل قلبه عن التوجه الى تلك المعصية الى الاستغناء بما احل الله سبحانه وتعالى له ولا حول ولا قوة للعبد الا بعصمة من ربه سبحانه فالعبد مأمور بفعل المأمور وترك المحظور يعني الممنوع وان يصبر على اقدار الله عز وجل مستعينا بربه سبحانه وتعالى كما قال الله عز وجل اياك نعبد واياك نستعين الفصل الخامس ومنها فضل الايمان الكامل واليقين والطمأنينة بالله وبذكره حين صلى الله عليه وسلم له الثبات في اموره كلها والاشتغال فيما هو بصدده من وظائفه الحاضرة وهو في احواله وتنقلا في مطمئن القلب ثابت النفس. ليس عنده وكل بعده عن ابيه واحبابه مع ما يعلمه من شدة الشوق والحب المفرق بينه وبين والديه خصوصا ابوه وهو يعلم المكان الذي هو فيه من مراسلتي ولكني اقتربت حكمة الله الا يحصل اللقاء الا في تلك الحال التي اشتدت مشقتها وعظمت شدتها فاعانه الله وان له بروح منه وهذا من اجل ثمرات الايمان ذكر المصنف رحمه الله تعالى هناك فصلا خامسا نظم فيه جملة من الفوائد صدرها ببيان فضل الايمان الكامل واليقين والطمأنينة بالله سبحانه وتعالى بذكره فان الاتصاف بهذه الصفات اوجب ليوسف عليه الصلاة والسلام الثبات على دين الله سبحانه تعالى ولذلك قال الله عز وجل مقررا هذا المعنى قال يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة فذكر الله عز وجل الوصف الذي يحصل به الثبات وهو الايمان فلم يذكر الله سبحانه وتعالى ان احدا من خلقه يثبت لاجل جمال صورته او حسن بيانه او قوة جنانه او سلالة نسبه وانما يثبت وعلى قدر ايمانه فكلما قوي ايمانه كلما ثبته الله عز وجل على الحق في الدنيا والاخرة وكلما ضعف الايمان تشوش ثبات العبد على هذا الطريق وهذا ما وقع ليوسف عليه الصلاة والسلام فانه لما كان ايمانه كاملا ويقينه راسخا وقلبه مطمئنا بذكر الله سبحانه وتعالى ثبت الله سبحانه وتعالى قلبه فلم يتلذذ خاطره ولم تتشوش حاله بسبب بعده عن ابيه واحبابه مع شدة الشوق اليهم والحب لهم. نعم ومنها انه لا بأس باستعانة بالمخلوق في الامور العادية التي يقدر عليها بفعله او او قوله واخباره. كما قال يوسف للذي ظن انه اجن منهما اذكرني عند ربك. ومنك مال اخلاص يوسف وكمال خلقه انه لم يعاتب. هذا الذي اوصاه ان اذكره عند ربه فنسي وجاء وسألوا عن رؤيا الملك فاجابه ولم يعاتبه او يعنفه او يعامله بسوء خلق وبحسن الخلق تحصل تحصل للعبد الحياة الطيبة العاجلة والآجلة ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثانية في هذا الفصل من فوائد قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي انه لا بأس بالاستعانة بالمخلوق في الامور العادية التي يقدر عليها بفعله او قوله واخباره. كما وقع من يوسف عليه الصلاة والسلام فانه استعان بالرجل الذي ظن انه ناج منهما وهو الذي رأى انه يعصر خمرا استعان به في سبيل تخليصه من بلاء السجن فقال له اذكرني عند ربك يعني اخبر الملك بقصتي واطلب السعي في تخليص من هذه البلوى التي انا فيها ثمان ذلك الرجل نسي حتى وقعت رؤيا الملك ولما جاء الى يوسف كان من كمال اخلاص يوسف لربه وكمال خلقه انه لم يعاتب هذا الذي اوصاه ان يذكره عند ربه وجاءه يسأله عن رؤيا الملك فاجابه ولم يعاتبه او او يعامله بسوء خلق. وهذا من كمال توحيد الله سبحانه وتعالى. فان العبد وان امر باتخاذ الاسباب فان منهي عن التعلق بها والتعلق بالسبب اذا عظم كان من جملة الشرك الاصغر. ولما كان توحيد عليه الصلاة والسلام كاملا لم يتعلق بهذا السبب فلما قدم عليه الرجل كان المظنون ان يكون اول امر يسأله عنه عتابه ان لم يذكره عند ربه ولم يسعى في تخليصه من السجن فلم يواجهه يوسف عليه الصلاة والسلام بل استقبله وفسر له الرؤيا ثم كان هذا سببا لتخليص يوسف من السجن ومنها من سند وجهت له تهمة هو بريء منها لا ينام على طلب الطرق والوسائل التي يحصل بها الوضوح والبيان العام للناس فما فعل يوسف صلى الله عليه وسلم مع طول مسلم لما جاءه الرسول يستدعي للحضور عند الملك قال ارجع الى ربك فاسأله ما بال سورة التي قطعن ايديهن الى اخر الاية حيث قال لكل احد براءته التامة التي لا شبهة فيها فلن يخرج من السجن في مواجهة الملك الا في حالة براءته وهيبته ورفعته وتعظيم منهم لعلمه وفضله ونزاهته عليه الصلاة والسلام. ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا فائدة ثالثة ختم بها هذا الفصل وهو ان المتهم اذا كان بريئا من التهمة التي القيت عليه فانه لا يلام اذا طلب طريقا من الطرق التي تحصل بها اظهار براءته ودفع التهمة عنه كما فعل يوسف عليه الصلاة والسلام اذ طالب ذلك الرسول الذي استدعاه للحضور عند الملك ان يرجع للنظر فيما وقع من اولئك النسوة فينظر في تلك المسألة السابقة حتى تظهر براءة يوسف عليه الصلاة والسلام فلم يخرج من السجن لمواجهة الملك الا في حال براءته وهيبته ورفعته. وهذا الامر بالمصالح والمفاسد عند العقلاء. فاذا كان الامر يقتضي اظهار هذه البراءة بطريق من الطرق مشتملة على مصالح عظيمة مخلصا من مفاسد ضارة فحينئذ لا بأس في سلوكه. واما ان كان مشتملا على حدوث مفاسد ربما وازنت المصالح التي في مقابله من اظهار البراءة فان الاولى وأد ذلك امر في مهاده والغفلة عنه والركون الى مدافعة الله سبحانه وتعالى عن عباده المؤمنين كما قال الله عز وجل ان الله ندافع عن الذين امنوا وفي القراءة الاخرى ان الله يدفع عن الذين امنوا فمن رضي بدفع الله سبحانه وتعالى عنه كفاه الله سبحانه وتعالى طلب هذه الطرق وفي سيرة الامام احمد رحمه الله تعالى ان ابنه عبد الله ذكر اناسا يتكلمون فيه وسأله ان يرد عليهم فقال الامام احمد بلسان عباد الله المتقين يا بني الله يكفي فمن اكتفى بدفاع الله سبحانه وتعالى كفاه الله عز وجل الشرور