الحمد لله ربنا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فهذا هو الدرس العشرون من دروس برنامج الدرس الواحد الاول والكتاب المقروء فيه هو الوصية الصغرى لشيخ الاسلام ابي العباس ابن تيمية الحفيدي رحمه الله تعالى ولابد قبل الشروع باقرائه من ذكر مقدمتين اثنتين المقدمة الاولى التعريف بالمصنف يا اخي لعلك تقرب منا اولا ولا تمد رجليك ثانيا المقدمة الاولى التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد المقصد الاول جر نسبه وهو العلامة بحر العلوم شيخ الاسلام احمد بن عبدالحليم ابن عبد السلام النميري الحراني الحنبلي يكنى بابي العباس ويعرف بابن تيمية وكما تقدم ان زيادة الحفيد في لقبه انسب ليتميز عن اسلافه من اهل العلم فان جده كان عالما وكذلك كان ابوه رحمهم الله جميعا فيقال ابن تيمية الجد وابن تيمية الاب وابن تيمية الحفيد ويلقب ايضا بشيخ الاسلام بحيث اذا اطلق المتأخرون من الحنابلة هذا اللقب لم يكن مرادا به الا هو رحمه الله رحمة واسعة المقصد الثاني تاريخ ولادته ولد عاشر ربيع الاول تنسا احدى وستين وست مئة المقصد الثالث تاريخ وفاته توفي رحمه الله في العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمئة وله من العمر سبع وستون سنة المقدمة الثانية التعريف بالمصنف وتنتظم في ثلاثة مقاصد ايضا المقصد الاول تحرير عنوانه ذكر هذه الرسالة ابن رفيق تلميذ شيخ الاسلام في كتابه الذي جمع فيه اسماء مؤلفات الشيخ رحمه الله وسماها وصية لابي القاسم يوسف التوجيبي السبتي وذكر قبلها وصية اخرى باسم وصية للتجيبي فلعلها هي وعرفت بالوصية الصغرى تمييزا لها عن الوصية الكبرى التي كتب بها ابو العباس رحمه الله تعالى الى اتباع الشيخ عدي ابن مسافر فصار لابي العباسي وصيتان اثنتان احداهما الوصية الصغرى وهي هذه التي كتبها لابي القاسم والاخرى الوصية الكبرى وهي التي كتبها لاتباع الشيخ علي بن مسافر من اهل العراق المقصد الثاني بيان موضوعه هذه الرسالة هي جواب عن سؤال تضمن اربعة امور اولها طلب السائل الوصية بما يكون فيه صلاح دينه ودنياه والامر الثاني رغبته في ارشاده الى كتاب يكون عليه اعتماده في علم الحديث. وكذلك غيره من العلوم الشرعية والامر الثالث تنبيهه الى افضل الاعمال الصالحة بعد الواجبات والرابع بيان ارجح المكاتب. وقد جاء جواب ابي العباس رحمه الله تعالى متضمنا لهذه الامور الاربعة المقصد الثالث توضيح منهجه لا يختلف القول في منهج هذه الرسالة عما سبق ان عرفته من منهج ابي العباس ابن تيمية رحمه الله وما اختص به من المعالم من كثرة الاستدلال وحسن الاستنباط وسعة الاطلاع المسلوك في صياغة وثيقة محكمة البناء تميزت بها طالبه رحمه الله تعالى عن تصانيف غيره من اهل العلم من متأخر الحنابلة خصوصا رحمة الله على الجميع نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين سؤال ابي القاسم المغربي يتفضل الشيخ الامام بقية السلف وقدوة الخلف يعلم من لقيت ببلاد المشرق والمغرب تقي الدين يا ابو العباس احمد ابن تيمية بان يوصيني بما يكون فيه صلاح ديني ودنياي ويرشدني الى كتاب يكون عليه اعتمادي في علم الحديث. وكذلك في غيره من العلوم الشرعية. وينبه على افضل الاعمال الصالحة بعد الواجبات. ويبين لي ارجح المكاسب كل ذلك على قصد الايماء والاختصار. والله تعالى يحفظه. والسلام الكريم عليه ورحمة الله وبركاته فاجاب الحمد لله رب العالمين. اما الوصية فما اعلم وصية انفع من وصية الله ورسوله لمن قالها واتبعها قال تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله ووصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لما بعثه الى اليمن فقال يا معاذ اتق الله حيثما كنت واتبع السيئات الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. وهذا الحديث وهو احد الاحاديث المشهورة اللي هو من جملة الاربعين النووية سائر طرقه ضعيفة لا يثبت منها شيء. الا ان من اهل العلم من يرى تقويته بمجموع طرقه ويعده في كابي عبدالله الذهبي رحمه الله وكان معاذ رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة عالية فانه قال له يا معاذ والله اني لاحبك وكان يردفه وراءه. وروي فيه انه اعلم الامة بالحلال والحرام وهذا الحديث المروي في السنن الصواب فيه الارسال ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد صنف ابو الفضل ابن حجر رحمه الله تعالى جزءا مفردا في بيان طرق هذا الحديث. وانه يحشر امام العلماء برتوة اي بخطوة ومن فظله انه بعثه روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق موصولة لا يثبت منها شيء. واصح ما في الباب مراسيل عن جماعة من التابعين ومن فضله انه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عنه داعيا ومفقها ومفتيا وحاكما من الى اهل اليمن وكان يشبهه بابراهيم الخليل عليه السلام. رحمه الله وكان يشبهه بابراهيم قليل عليه السلام ان صحت هذه النسخة فليس في شيء من الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تشبيه لمعاذ بابراهيم واظن صواب النسخة وكان يشبه بابراهيم الخليل عليه السلام وقد وقع هذا في كلام ابن مسعود من الصحابة رضوان الله عليهم كما سيذكره المصنف. اما في الاحاديث المرفوعة فلا اعلم شيئا صحيحا في ذلك وابراهيم امام الناس. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول ان معاذا كان امة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين تشبيها له بابراهيم. فمدحه ابن مسعود رضي الله عنه باربع خصال هي التي مدح بها ابراهيم. الخصلة الاولى انه امة. والامة هو القدوة. الذي يؤتم به ويقتدى والخصلة الثانية انه قانت لله والقنوت اسم جامع للطاعة. وقد روي عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل قنوت فهو طاعة ولا يثبت اسناده. لكن المعول عليهم لسان العرب. وفيه ان القنوت اسم جامع للطاعة ورجح هذا جماعة من المحققين منهم ابن القيم رحمه الله تعالى والخصلة الثالثة انه حنيف والحنيف هو المقبل على الله سبحانه وتعالى المعرض عما سواه. فالحنيفية تجمع معنيين اثنين. احدهما اقبال على الله بالاخلاص له وحده. والثاني الاعراض عما سواه بالبراءة من كل ما يعبد من دون الله عز وجل وهي مستكنة في كلمة الاخلاص لا اله الا الله. واما الخصلة الرابعة فهو الشهادة له بانه لم يكن من المشركين بل كان من جملة عباد الله الموحدين نعم ثم انه صلى الله عليه وسلم وصاه هذه الوصية فعلم انها جامعة وهي كذلك من عقدها مع انها تفسير الوصية القرآنية. يعني تفسير الوصية القرآنية الامرة بتقوى الله سبحانه وتعالى اما بيان جمعها فلان العبد عليه حقان حق لله عز وجل وحق لعباده ثم الحق الذي عليه لا بد ان يخل ببعضه احيانا. اما بترك مأمور به او فعل منهي عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت. وهذه كلمة جامعة وفي قوله حيثما كنت. تحقيق قل حاجتي الى التقوى في السر والعلانية. ثم قال واتبع السيئة الحسنة تمحها. فان الطبيب متى تناول المريض شيئا مضرا امره بما يصلحه. والذنب للعبد كانه امر حتم. قوله رحمه الله والذنب للعبد كانه امر حاتم يعني ان الذنب ملازم للادمية فكل بني ادم خطاء وقد روي هذا في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الا ان اسناده ضعيف ويغني عنه ما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي ذر الغفاري رضي الله عنه فيما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه انه قال يا عبادي انكم تذنبون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا. فقوله تعالى انكم تذنبون بالليل والنهار دليل على ان الذنب مقارن للادمية وليس اللوم على عبد يذنب ولكن اللوم على عبد يذنب ثم لا يتوب. قال ابو العباس ابن تيمية الحديث في التدميرية من اذنب فندم فتاب فقد اشبه اباه يعني ادم فقد اشبه اباه ومن اشبه اباه فما ظلم انتهى كلامه فالكيس هو الذي لا يزال يأتي من الحسنات بما يمحو السيئات. وانما قدم في لفظ الحبيب السيئة وان كان مفعولة لان المقصود هنا محوها لا فعل الحسنة فصار كقوله في بول الاعرابي صبوا عليه ذنوبا ان الذنوب هو الدلو العظيمة المملوءة ماء. نعم. وينبغي ان تكون الحسنات من جنس فانه ابلغ في المحو. والذنوب قوله رحمه الله وينبغي ان تكون الحسنات من جنس السيئات فانه ابلغ في نحو الحسنة المفعولة تفعل على احد امرين احدهما ان تفعل ابتداء ابتغاء التقرب لله سبحانه وتعالى. والثاني ان تفعل ابتغاء تكبيرها هذي سيئة وما كان من هذا الجنس فان المناسب كما ذكره اهل العلم ومنهم ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في هذا الموضع وحفيده بالتلمذة ابو الفرج ابن رجب في جامع العلوم والحكم ان المناسب ان تكون الحسنة المفعولة من جنس السيئة المفعولة مثاله من سرق مالا من انسان ثم ندم وتاب فان الحسنة المناسبة ان يتصدق بماله كي يكون ابلغ في التكفير واذا امكن ان يرد عين المال الى من سرق منه فلا شك انه ابلغ لكن اذا تعذر هذا فانه يتصدق بمثله ليكون ابلغ في محو السيئة والذنوب يزول موجبها باشياء احدها التوبة. والثاني الاستغفار من غير توبة. فان الله تعالى قد يغفر له اجابة لدعائه وان لم يتب. فاذا اجتمعت التوبة والاستغفار فهو الكمال. الثالث الاعمال الصالحة المكفرة اما الكفارات المقدرة كما يكفر المجامع في رمضان والمظاهر والمرتكب لبعض سورة الحج تارك بعض واجباته او قاتل الصيد او قاتل الصيد بالكفارات المقدرة وهي اربعة اجناس هدي وعتق وصدقة وصيام. واما الكفارات المطلقة كما قال حذيفة ثمرة فتنة الرجل في اهله وماله وولده يكفر الصلاة والصيام والصدقة. والصدقة والامر بالمعروف النهي عن المنكر وقد دل على ذلك القرآن والاحاديث الصحاح في التكفير بالصلوات الخمس والجمعة والصيام والحج وسائر الاعمال وسائر الاعمال التي يقال فيها من قال كذا وعمل كذا غفر له. او غفر له ما تقدم من ذنبه وهي كثيرة لمن تلقاها من السنن خصوصا ما صنف في فضائل الاعمال. هذه الامور الثلاثة التي ذكرها ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى هي من جملة مزيلات الذنوب وله رحمه الله قاعدة نافعة موجودة في جملة مجموع الفتاوى ذكر فيها عشرة انواع من مزيلات الذنوب ينبغي ان يراجعها العبد كي يكمل بها نقص عبوديته فانه ما منا احد الا وهو ذو ذنب والحكيم من تدارك سيئاته بالاعمال التي رتبتها الشريعة كي تكون مزيلة لها واعلم ان العناية بهذا من اشد ما بالانسان الحاجة اليه. فان الانسان من حين يبلغ خصوصا في هذه الازمنة ونحوها من ازمنة الفترات التي تشبه الجاهلية من بعض الوجوه. فان الانسان الذي ينشأ بين اهل علم ودين قد يتلطخ من امور الجاهلية بعدة اشياء فكيف بغير هذا؟ وهذا الذي ذكره ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى لا يبعد عن زماننا فان هذا الزمان من اجمل هذه الفترات التي عظمت فيها البلية باحوال الجاهلية وتسارع الناس الى ابواب الفتن فينبغي ان يتزوج العبد مما ذكر رحمه الله تعالى كي يسلك به طريق النجاة. وهذا اذا كان من ينشأ بين اهل علم ودين كاهل في هذه البلاد قد يتلطخ بعدة اشياء كما تراه فيهم. فما الظن بغيرهم من اهل الاسلام مما يبين افتقار الناس الى معرفة دينهم وان البلاء الا يندفعون الا بعلمهم بدينهم واذا جهلت الامة بدينها فانها لا تحوز نصرا ولا تحقق رفعة لها وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابي سعيد رضي الله عنه لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو قوله صلى الله عليه وسلم سنن فيه لغتان احداهما بفتح السين ويقصد بها الطريق والاخر بضمها ويقصد به جمع سنة. ومآل السنة الى الطريق. حتى لو دخلوا جحر هي ماذا؟ الريش الذي يكون في مؤخرة السهم. قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن هذا خبر تصديقه في قوله تعالى فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم خلاقهم وخضتم كالذي خاضوا. هذا نوع من العلم وهو ما جاء من الاحاديث النبوية وتصديقه في القرآن الكريم. وقد صنف اهل العلم في عكسه وهو ما جاء في القرآن وفسرته السنة او صدقته. اما العكس وهو ما جاء في السنة النبوية ثم صدقه القرآن انه لا يوجد من الكتب المصنفة فيه شيء بايدي الناس. وذكر في ترجمة بعض المغاربة انه جمع كتابا ذكر فيه الايات القرآنية التي تفسر وتصدق الاحاديث النبوية الواردة في صحيح مسلم لان اهل المغرب تعظم عنايتهم في صحيح مسلم ذكره الكتاني في كتابه الفارس نعم. ولهذا شواهد في الصحاح والحسان. وهذا امر قد يسري في المنتسبين الى من الخاصة كما قال غير واحد من السلف منهم ابن عيينة فان كثيرا من احوال اليهود قد قد ابتلي به المنتسبين الى العلم وكثيرا من احوال النصارى قد قد ابتلي به بعض المنتسبين الى الدين كما يبصر ذلك من دين الاسلام الذي بعث الله فيه محمدا صلى الله عليه وسلم. ثم نزله على احوال الناس. وقول ابن عيينة رحمه والله تعالى وغيره من السلف انهم قالوا من ضل من علمائنا ففيه شبه باليهود ومن ظل من عبادنا ففيه شبه من النصارى ولهذا فان اجواء هاتين الامتين الامة الغضبية والامة الضالة هي مخلوفة في هذه الامة فحظ العلماء اجواء القلوب التي كانت عند اليهود. وحظ العباد ادواء القلوب التي كانت عند النصارى والناجي من انجاه الله سبحانه وتعالى من هذه الاجواء. ومن تأمل القرآن الكريم وجد ان ما يذكر في ذم العلماء تكون الخلال فيه خلال اليهود. وما يذكر من ذم العباد يكون الخلال فيه خلال النصارى. نعم. واذا كان الامر كذلك فمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه وكان ميتا فاحياه الله. وجعل له نورا يمشي به في الناس لابد ان يلاحظ احوال الجاهلية وطريق الامتين المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى فيرى ان قد ابتلي ببعض ذلك. فانفع ما للخاصة والعامة. العلم بما يخلص النفوس من هذه الورطات وهو اتباع السيئات الحسنات والحسنات ما ندب الله اليه على لسان خاتم النبيين من الاعمال والاخلاق والصفات قوله رحمه الله والحسنات ما ندب الله اليه الى اخره مراده بندب المعنى اللغوي بل معنى الذي اصطلح عليه علماء الاصول وجماع حسنة ان الحسنة هي كل ما امر به سواء كان الامر بها امر ايجاب او امر استحباب. فعلى هذا مثلا الصلاة من الحسنات والصدقة من الحسنات وبر الوالدين من الحسنات واشباه هذا. ومما يزيل وجبت ذنوب المصائب المكفرة وهي كل ما يؤلم من همنا وحزن او اذى في مالنا وعرضنا وجسدنا وغير ذلك لكن ليس هذا من فعل العبد. هذا نوع رابع. مما تزال به الذنوب ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية هنا عقب تقدمت وهو المصائب المكفرة. والمقصود بالمصائب المكفرة الاقدار المؤلمة التي يجري على العبد. حتى الهم والحزن والاذى الذي يصاب به الانسان في ماله او عرضه او جسده او غير ذلك فان هذا كله مما يكفر الله سبحانه وتعالى به عنه السيئات فلما قضى بهاتين الكلمتين حق الله من عمل الصالح واصلاح الفاسد. قال وخالق الناس بخلق حسن وهو حق الناس وجماع الخلق الحسن مع الناس ان تصل من قطعك بالسلام والاكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه وزيارة له. وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال. وتعفو عن من ظلمك في دمنا انه مالنا وعرضه. وبعض هذا واجب وبعضه مستحب. هذا الذي ذكره ابو العباس كلام عظيم. في الخلق الحسن اذ قال ان تصل من قطعك بالسلام فليس الخلق الحسن ان تصل من وصله. ولكن الخلق الحسن ان من قطعك بالسلام والاكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له. وتعطي من حرمك من التعذيب والمنفعة والمال لا ان تعطي من اعطاك وتعفو عن من ظلمك لا من اكرمك بدم او مال او عرظ وهكذا كانت حالكم لعباد الله كالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين فكم ترى فيهم من كمال الحال رحمهم الله تعالى ورفع درجاتهم في عليين واذا تأملت سيرة ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وجدت ان من اعظم اسباب رفعته ليست زيادة علمه. فلقد كان في زمانه من يقرن به وهو تقي الدين السبكي حتى انهما كانا فرس رهان. ولكن شتان بين حال هذا وحال ذاك. فاليوم ومن قبل اليوم كان الشهرة لابي العباس ابن تيمية. واما السبكي فلا تكاد تسمع به الا على لسان احاد طلبة العلم. وما الامر الا لان الحالة التي كان عليها ابو العباس رحمه الله تعالى من متانة الديانة وكمال المراقبة لله عز وجل والاستمساك شريعة والدعوة الى الحق وحق حق النفس لم تكن عند غيره. ومن جملة ذلك مما يذكر عنه رحمه الله تعالى ان تلاميذه ومنهم ابن القيم دخلوا عليه يوما يبشرونه بموت ابن الزملكاني احد اعدائه فقال رحمه الله تعالى غاضبا تبشروني بموت مسلم؟ ثم قام رحمه الله تعالى الى اولاده فعزاهم وقال لهم انا لكم بعده وايما حاجة تحتاجونها فانا لكم بها كثير. وهذا هو الخلق الحسن الذي يرتفع به العبد في الدنيا والاخرة. واما التصنع ووصل من وصل واعطاء من اعطى فهذا شيء تستطيعه والنفوس جميعا ولكن الذي لا تستطيعه الا نفوسكم للعباد هو من يقابل فعل من اساء اليه بالاحسان اليه وفعل من ظلمه بالعدل معه. وقدح من قدحه بالثناء عليه بما هو فيه من الخير. ولا يصل المرء الى ذلك الا بكمال المراقبة لله سبحانه وتعالى. ويعلم ان حق الله عز وجل هو الحق الذي ينبغي ان يرعاه. فاذا ظلمك احد بقول فلن يأذن لك الشرع ان تظلمه بقول ولكن انظر الى ما امرك الشرع فقد يكون متأولا وقد يكون معذورا وقد يكون قاله غضبا ونظائر هذا مما يعذر به الشرع فالتقي النقي سليم القلب ينظر الى امر الشريعة ويكون تعظيم الشريعة في قلبه اعظم من الالتفات الى احوال الناس. فان الناس وان مدحوك ملء الارض ما نفعوك وان قدحوك ملء الارض ما ضروك. ولكن الذي ينفعك ويضرك هو محبة الله سبحانه وتعالى لك وبغضه اياه. فالسعيد من احبه الله والشقي من ابغضه الله. ولا يزيدك محبة الناس. ولا ينقصك براهية الناس. ولكن الذي يزيدك هو محبة الله سبحانه وتعالى لك. ولذلك في حديث سهل في الصحيحين لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لاعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. بات الصحابة ليلتهم يدكون. لا ينظرون من هذا الذي يحب الله ورسوله؟ فكلهم داء ولكنهم ينظرون ايهم الذي يحبه الله ورسوله نسأل الله العلي العظيم ان يجعلنا واياكم ممن يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. نعم. واما الخلق العظيم الذي وصف به محمدا صلى الله عليه وسلم فهو الدين الجامع لجميع ما امر الله به مطلقا. هكذا قال مجاهد وغيره. وهو تأويل القرآن قال كما قالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن وحقيقته المبادرة الى امتثال ما يحبه الله تعالى بنفسي وانشراح صدري. اصل هذه الجملة ان الخلق له شرعا معنيان اثنان. المعنى الاول معنى عام وهو المذكور في قوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم. قال مجاهد وجماعة من السلف الخلق العظيم الدين العظيم فيقع اطلاق الخلق ويراد به الدين كله. والمعنى الثاني معنى خاص. وهو ما يكون بين العبد وبين غيره من المعاملة وهو الذي سبق ذكره في كلام ابي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى واما بيان ان هذا كله في وصية الله فهو ان اسم تقوى الله يجمع فعل كل ما امر الله به واستحبابا وما نالوا تحريما وتنزيها وهذا يجمع حقوق الله وحقوق العباد لكن لما كانت تارتي يعني بالتقوى خشية العذاب خشية العذاب المقتضية للانكفاف عن المحارم جاء مفسرا في حديث معاذ وكذلك في حديث ابي هريرة رضي الله عنهما الذي رواه الترمذي وصححه قيل يا رسول الله ما اكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال تقوى الله وحسن الخلق. قيل وما اكثر ما يدخل الناس النار قال الاجوفان الفم والفرج. وفي الصحيح عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا. قوله رحمه الله الاجوفان الفم والفرج لا اظن ان كلمة الاجوفان في سياق الترمذي فتراجع وانما سياق الترمذي فيه الفم والفرج. نعم فجعل كمال الايمان في كمال حسن الخلق ومعلوم ان الايمان كله تقوى الله وتفصيل اصول التقوى وفروعها لا يحتمله هذا الموضع. فانها الدين كله لكن ينبوع الخير واصله اخلاص العبد لربه عبادة واستعانة كما في قوله اياك نعبد واياك نستعين وفي قوله فاعبدوه وتوكل عليه وفي قوله عليه توكلت واليه انيب. وفي قوله فابتغوا عند الله رزقا واعبدوا واشكروا هنا بحيث يقطع العبد تعلق قلبه من المخلوقين انتفاعا بهم او عملا لاجلهم. ويجعل همته ربه تعالى وذلك بملازمة الدعاء له في كل مطلوب من فاقة وحاجة ومخافة وغير ذلك. والعمل والعمل له لكل محبوب ومن احكم هذا فلا يمكن ان يوصف ما يعقبه ذلك. فلا يمكن ان يوصف ما يعصبه ذلك يعني ما يسمره ذلك ما يعقبه ذلك يعني ما يثمره ذلك اذا كان العبد دائم الصلة بربه سبحانه وتعالى متعلقا به همته ومراده ابتغاء مرضات الله سبحانه وتعالى فانه ينال سعادة الدارين. واما من كانت همته الدنيا فانه يبقى معذبا. ولذلك شتان بين همتين كما وقع في كلام ابن القيم رحمه الله تعالى في الفوائد همة تدور حول العرش وهمة تدور حول الحس يعني ان كانت الدنيا فينبغي ان يكون مراد العبد هو ابتغاء القربة الى الله سبحانه وتعالى وان تكون همته بحر ما يوصل الى مرضاته من الاعمال الموقفة على رضا الرب سبحانه وتعالى ومحابه. وهذا الذي ذكره ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فيما تقدم فيه اشارة الى تفجير التقوى وان كان رحمه الله تعالى اجمل مراعاة للحال فانها وصية كتبت على عجل لرجل كان قدم فتعله الوصية بما يصلح دينه ودنياه فما هو تعريف التقوى قال ابو عبد الرحمن ان التقوى من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية هي فعل المأمور وترك المحظور. حد عنده زيادة ان تجعل بينك وبين عذاب الله عز وجل وقاية. صار قولين من قل للجهة اليمنى وقل للجهة اليسرى التورع عن الشبهات ها الاخوان الجهاديين هذا قول ان تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وان تترك معصية الله تعالى نريد من الله فخافوا عذاب الله قال ذهبي لما ساقه سمع فابدع. نعم. هذا ايضا من جملة ما ما ذكر عن علي رضي الله عنه. الا ان هذا كله من افراد العالم افراد العبد بينه وبين الله وصاية. ايوا. امتثال امره واجتنابه. سبق ان ذكرنا ايوا اتخاذ العبد وقاية بينه وبين ربه بامتثال خطاب الشهر. اتخاذ العبد وقاية بينه وبين ربه بامتثال خطاب الشرع. قولنا اتخاذ العبد وقاية. اصح من القول المشهور ان يتخذ العبد وقاية بينه وبين عذاب الله. فان مقصود العبودية التي حقيقتها التقوى ليس مجرد دفع العذاب بل من مقصودها رفعة الدرجات والتزود من كل ما يقرب الى الله سبحانه وتعالى. فالتعبير بما ذكرنا اعم. وهو العبد وقاية بينه وبين الله. ولذلك جاء في القرآن الكريم يا ايها الناس اتقوا ربكم كما جاء فيه يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا فكله مما تطلب الوقاية منه. وايضا قولنا بامتثال خطاب الشرع اعم من قول كثيرين بفعل اوامره واجتناب نواهيه لان فعل الامر واجتناب النهي هو بعض خطاب الشرع لان الخطاب الشرعي نوعان. النوع الاول الخطاب الشرعي الخبري المقتضي للتصديق. كقول قوله تعالى ان الله كان سميعا بصيرا فهذا لا يدخل فيه فعل ولا ترك وانما يدخل فيه التصديق. والنوع الثاني الخطاب الشرعي الطلبي. ويندرج في ايه فعل المأمور واجتناب المحظور. فصار هذا التعريف جامعا سالما من كل معارضة نعم